الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ...
أما بعد :
فيقول الله تعالى في سورة المائدة :
(( وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) ))
قال الشوكاني ( 1250 هـ ) في فتح القدير :
(( ...والربانيون : علماء النصارى ، والأحبار علماء اليهود ، وقيل الكل من اليهود لأن هذه الآيات فيهم ، ثم وبخ علمائهم في تركهم لنهيهم فقال : " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " وهذا فيه زيادة على قوله : " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " لأن العمل لا يبلغ درجة الصنع حتى يتدرب فيه صاحبه ، ولهذا تقول العرب : سيف صنيع إذا جود عامله عمله ، فالصنع هو العمل الجيد لا مطلق العمل ، فوبخ سبحانه الخاصة ، وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بما هو أغلظ وأشد من توبيخ فاعل المعاصي ، فليفتح العلماء لهذه الآية مسامعهم ، ويفرجوا لها عن قلوبهم ، فانها قد جاءت بما فيه البيان الشافي لهم بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها لا يسمن ولايغني من جوع ، بل هم أشد حالاً وأعظم وبالاً من العصاة ، فرحم الله عالما قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهو أعظم ما افترضه الله عليه وأوجب ما أوجب عليه النهوض به . اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم ، وأعنا على ذلك وقوِّنا عليه ، ويسره لنا ، وانصرنا على من تعدى حدودك ، وظلم عبادك ، إنه لاناصر لنا سواك ، ولا مستعان غيرك ، يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين . ))
وقبله قال الزمخشري ( 538 هـ ) في الكشاف:
(( ..." لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " كأنهم جعلوا آثم من مرتكبي المناكير ، لأن كل عامل لا يسمى صانعا ولا كل عمل يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه ، وكأن المعنى في ذلك أن مواقع المعصية معه الشهوة التي تدعوه إليها وتحمله على ارتكابها ، وأما الذي ينهاه فلا شهوة معه في فعل غيره ، فاذا فرَّط في الإنكار كان أشد حالا من المواقع ، ولعمري إن هذه الآية مما يقذ السامع وينعي على العلماء توانيهم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي أشد آية في القران. وعن الضحاك : ما في القرآن آية أخوف عندي منها . ))
و قال ابن الجوزي ( 597 هـ ) عن هذه الآية في زاد المسير :
(( وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإنكار في الذم . قال ابن عباس : ما في القرآن آية أشد توبيخاً من هذه الآية ))
وقال الغزنوي ( 1296 هـ ) في حاشيته على جامع البيان للإيجي تعليقا على تفسير هذه الآية :
(( فيه توبيخ العلماء والزهاد على السكوت ، قال السلف : ما نعلم آية أشد توبيخا للعلماء والزهاد على السكوت عن النهي عن المعاصي من هذه الآية ، والعمل لا يسمى صناعة إلا إذا تمكن صاحبها فيها وينسب إليه ، ففيه إشارة إلى أن ترك نهي المنكر عادة خواصهم . )) .
أما بعد :
فيقول الله تعالى في سورة المائدة :
(( وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) ))
قال الشوكاني ( 1250 هـ ) في فتح القدير :
(( ...والربانيون : علماء النصارى ، والأحبار علماء اليهود ، وقيل الكل من اليهود لأن هذه الآيات فيهم ، ثم وبخ علمائهم في تركهم لنهيهم فقال : " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " وهذا فيه زيادة على قوله : " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " لأن العمل لا يبلغ درجة الصنع حتى يتدرب فيه صاحبه ، ولهذا تقول العرب : سيف صنيع إذا جود عامله عمله ، فالصنع هو العمل الجيد لا مطلق العمل ، فوبخ سبحانه الخاصة ، وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بما هو أغلظ وأشد من توبيخ فاعل المعاصي ، فليفتح العلماء لهذه الآية مسامعهم ، ويفرجوا لها عن قلوبهم ، فانها قد جاءت بما فيه البيان الشافي لهم بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها لا يسمن ولايغني من جوع ، بل هم أشد حالاً وأعظم وبالاً من العصاة ، فرحم الله عالما قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهو أعظم ما افترضه الله عليه وأوجب ما أوجب عليه النهوض به . اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم ، وأعنا على ذلك وقوِّنا عليه ، ويسره لنا ، وانصرنا على من تعدى حدودك ، وظلم عبادك ، إنه لاناصر لنا سواك ، ولا مستعان غيرك ، يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين . ))
وقبله قال الزمخشري ( 538 هـ ) في الكشاف:
(( ..." لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " كأنهم جعلوا آثم من مرتكبي المناكير ، لأن كل عامل لا يسمى صانعا ولا كل عمل يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه ، وكأن المعنى في ذلك أن مواقع المعصية معه الشهوة التي تدعوه إليها وتحمله على ارتكابها ، وأما الذي ينهاه فلا شهوة معه في فعل غيره ، فاذا فرَّط في الإنكار كان أشد حالا من المواقع ، ولعمري إن هذه الآية مما يقذ السامع وينعي على العلماء توانيهم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي أشد آية في القران. وعن الضحاك : ما في القرآن آية أخوف عندي منها . ))
و قال ابن الجوزي ( 597 هـ ) عن هذه الآية في زاد المسير :
(( وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإنكار في الذم . قال ابن عباس : ما في القرآن آية أشد توبيخاً من هذه الآية ))
وقال الغزنوي ( 1296 هـ ) في حاشيته على جامع البيان للإيجي تعليقا على تفسير هذه الآية :
(( فيه توبيخ العلماء والزهاد على السكوت ، قال السلف : ما نعلم آية أشد توبيخا للعلماء والزهاد على السكوت عن النهي عن المعاصي من هذه الآية ، والعمل لا يسمى صناعة إلا إذا تمكن صاحبها فيها وينسب إليه ، ففيه إشارة إلى أن ترك نهي المنكر عادة خواصهم . )) .