ابن عجيبة ومنهجه في البحر المديد

إنضم
23/07/2007
المشاركات
522
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

من منطلق التعريف بكتب التفسير وعلمائه في المغرب – بغض النظر عن اتجاهاتهم – فهذا ملخص لمنهج ابن عجيبة في بحره المديد، كنت قد قدمته كعرض في مادة المكتبة التفسيرية التي كانت مقررة علينا في وحدة الدرس القرآني والعمران البشري بجامعة مولاي إسماعيل بإشراف أستاذي الفاضل الدكتور/ محمد بنصر، وأكتفي هنا بملخص بسيط، وتجدون في الرابط أدناه عرضا متواضعا أرحب بكل امتنان بتعليقاتكم الكريمة وملاحظاتكم القيمة عليه، ويمكن صياغة الملخص عن البحر المديد على النحو الآتي:

جمع البحر المديد بين التفسير بالمأثور وذكر كلام أهل الإشارة، وأغرق موغلا في الرمزية كما هو الحال في كلام الصوفية، ويُعد التفسير المغربي الوحيد الذي جمع بين التفسير بالظاهر والتفسير بالإشارة، يصل إلينا كاملا، وقد طغى الجانب الإشاري على تفسيره، وكان التركيز الأكبر عليه، ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أنه المراد في تفسيره، وعليه فإنا نجده يميل إلى الاختصار والتلخيص في جانب المنقول، بل متى ما استطرد في الحديث أثناء تفسيره بالظاهر..فإنه يلامس الجانب الإشاري، فينتبه .. فيحيل على باب الإشارة بقوله:" وسيأتي في الإشارة تحقيقه إن شاء الله".
نهج ابن عجيبة في البحر المديد منهج التفسير التجزيئي باعتباره يفسر القرآن سورة سورة وآية آية، وهو يوظف التناسب بين الآيات، فلا تمر آية إلا ويربطها بما قبلها أو بعدها، ومن ثم فإنه يركز – إلى حد ما – على الوحدة العضوية للسورة، ويمكن القول بأنه نهج في تفسيره تقسيما ثلاثيا في شكل فقرات.. الفقرة الأولى يستهلها بقوله:" قلت " يضمنها الجانب اللغوي عامة، وفي حالات كثيرة سبب النزول، أما الفقرة الثانية فيستهلها بقوله:" يقول الحق جل جلاله " ويضمنها معاني الآيات ومختلف النقول والتفسيرات الواردة عن السلف – رضي الله عنهم ورحمهم – أما الفقرة الثالثة فيبدأها بقوله : " الإشارة " وهي تشمل ما لاح له من خلال الآيات من إشارات دقيقة ولطائف صوفية رقيقة، بحسب زعمهم.

نموذج من تفسيره:
في قوله تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }( البقرة:13). يقول:
" قلت : الكاف من ( كما آمن ) صفة لمصدر محذوف، و( ما) مصدرية، أي: إذا قيل لهم آمنوا إيمانا خالصا من النفاق مثل إيمان المسلمين، أو من أسلم من جلدتهم. والسفه: خفة وطيش في العقل، يقال: ثوب سفيه، أي: خفيف.
يقول الحق جل جلاله: {وَإِذَا قِيلَ } لهؤلاء المنافقين من المشركين واليهود: اتركوا ما أنتم عليه من الكفر والجحود، وراقبوا الملك المعبود، وطهروا قلوبكم من الكفر والنفاق، وأقصروا مما أنتم فيه من العباد والشقاق و( آمنوا) إيمانا خالصا مثل إيمان المسلمين لتكونوا في أعلى عليين، " من أحب قوما حشر معهم". " المرء معا من أحب"،( قالوا) مترجمين عما في قلوبهم من الكفر والنفاق { أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء} الذين لا عقل لهم، إذ جلهم فقراء وموالي.
قال الحق تعالى في الرد عليهم وتقبيح رأيهم : { أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء } لا غيرهم،ـ حيث تركوا ما هو السبب في الفوز العظيم بالنعيم المقيم، وارتكبوا ما استوجبوا به الخلود في الدرك الأسفل من الجحيم، { وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }{ َسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }( الشعراء:227)، عبر الحق في هذه الآية بـ( لا يعلمون) وفي الأولى بـ(لا يشعرون) (الأعراف:95) لأن الفساد في الأرض يدرك بأدنى شعور، بخلاف الإيمان والتمييز بين الحق والباطل، فيحتاج إلى زيادة تفكر واكتساب علم، والله تعالى أعلم.
الإشارة: وإذا قيل لأهل الانكار على أهل الخصوصية القاصدين، مشاهدة عظمة الربوبية، قد تجردوا عن لباس العز والاشتهار، ولبسوا أطمار الذل والافتقار، آمنوا بطريق هولاء المخصوصين، وادخلوا معهم كي تكونوا من المقربين، قالوا: { أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء} ونترك ما نحن عليه من العز والكبرياء، قال الله تعالى في تسفيه رأيهم وتقبيح شأنهم{ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء } حيث تعززوا بعز يفنى، وتركوا العز الذي لا يفنى، قال الشاعر:
تَذَللْ لمن تهوى لتكسبَ عزه فكم عزة قد نالها المرء بالتذلل
إذا كان من تهوى عزيزا ولم تكن ذليلا له، فاقرَ السلام على الوصل
فلو علموا ما في طي الذل من العز، وما في طي الفقر من الغنى، لجالدوا عليه بالسيوف، { وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }".

وهو في تناوله للمأثور مقل في : ( تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة) واهتم بتفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين، واللغة العربية).

أما كيفية تعامله مع العلوم وثيقة الصلة بالتفسير : فقد اهتم بـ( علم القراءات، وعلوم القرآن، وبخاصة أسباب النزول، والمناسبات، فقد اولاهما عناية جيدة، والإسرائيليات إلا أنه يتساهل في كثير منها)، وبالمقابل فإنه مقل في استعمال( أصول الفقه، وعلم الفقه، ومسائل علم الكلام، وعلم البلاغة..)؛ وقد امتلئ البحر ببحور الشعر وقوافيه التي كان نصيب الأسد منها للشعر الصوفي، وخاصة شعر أرباب التصوف كالحلاج وابن عربي وةابن الفارض وغيرهم، وبالرغم م اهتمامه الكبير بالجانب اللغوي، إلا أن الملاحظ أنه قليل ما يأتي بالبيت الشعري كشاهد على المعنى ومبين له.
وهو لا ينفك يكثر المدح والترضي والاستشهاد بأقوال أرباب الغلو من الحلوليين وسلوكياتهم، وممن كفر أئمتهم كبار العلماء، وإن كان في بعض المواقف قد خرج عما ينبغي عليه الالتزام بما حدده هو لنفسه.. كاد أو اقترب من التفسير الصوفي النظري، إلا أن حسن الظن به ولما عرف به من سعة علم ونقاء سريرة وحسن نية في ابتغاء مرضاة الله، تجعلنا نعتدل في الحكم عليه، حملا على حال المؤمن على الصلاح، وكما قال الذهبي – رحمه الله – في معرض دراسته للتفسير الصوفي الإشاري :" وإذا رجعنا إلى أقوال العلماء التي قالوها في تفسير الصوفية، وجدناها جميعا تقوم على حسن الظن بهم" (التفسير والمفسرون : 2/ 242).
ولمزيد توضيح، ينظر في العرض المتواضع على الرابط الآتي: http://www.zshare.net/download/87302919a0c67a/
ووفق الله الجميع لكل خير
 
ولمن يشق عليه التعامل مع الروابط، يمكن التحميل من المرفقات أدناه.
 
ولمن يشق عليه التعامل مع الروابط، يمكن التحميل من المرفقات أدناه.

للأسف وجدت مشقة كبيرة في إرفاق المرفقات، ومر وقت طويل دون تمكني من ذلك. والرابط سهل في الوصول إلى الملف، وبارك الله في الجميع.
 
أخي الكريم الفاضل المفضال محمد عمر الضرير الجبلي
الرابط يعمل
ولك جزيل الشكر
وبارك الله فيك
وأحسن إليك
 
عودة
أعلى