إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ

إنضم
30/12/2011
المشاركات
80
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المغرب / الرباط
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله
وكافة المرسلين وعباده الصالحين

يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز

إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً

في هذه الآية الكريمة إثبات أنه تعالى هو القيّوم على السماوات والأرض لتبقَيَا موجودتَيْن فهو الحافظ بقدرته نظام بقائهما
فالزوال المفروض في قوله تعالى ( ولئن زالتا ) المراد به اختلال نظامهما الذي يؤدي إلى تلاشيه


ولا يستطيع أحد كائناً من كان إمساكهما وإرجاعهما

وفي ذكر إمساك السماوات عن الزوال بعد الإِطناب في محاجة المشركين وتفظيع غرورهم تعريض بأن ما يدْعون إليه من الفظاعة من شأنه أن يزلزل الأرضين ويسقط السماء كسفاً لولا أن الله أراد بقاءهما لحكمة
لذلك أتبع بالتذييل بوصف الله تعالى بالحلم والمغفرة لما يشمله صفة الحليم من حلمه على المؤمنين أن لا يزعجهم بفجائع عظيمة، وعلى المشركين بتأخير مؤاخذتهم فإن التأخير من أثر الحلم، وما تقتضيه صفة الغفور من أن في الإِمهال إعذاراً للظالمين لعلهم يرجعون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعل الله أن يُخرج من أصلابهم مَن يعبده ، لما رأى مَلَك الجبال فقال له: إن شئتَ أن أطبق عليهم الأَخشَبين

وبتأمل فاحص لنظام هذا الكون نجد أن
هناك قوى غير مرئية سواء كانت أجراما سماوية أو جسيمات نووية وهذه القوى عبارة عن جسيمات متفاعلة في محيطها ومجالاتها وهي التي تحفظ السماوات في موضعها وتحفظ صيرورتها حتى لا يتلاشى كل شيء ، كما أن هذا التوازن الدقيق يحفظ الأقمار والكواكب والنجوم والمجرات ومجاميع المجرات وأضعاف ذلك وكل يسبح في فلك معلوم وهذا التوازن الكوني (المسك) يحفظ حتى طبقات السماء الدنيا أي الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض والذي يحمي الأرض من أخطار الفضاء من أشعة ونيازك ( الشهب) ولذلك سمى الله عز وجل السماء الدنيا بالسقف المحفوظ ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) الأنبياء 32 ، وسماها سبحانه وتعالى ( بذات الرجع) الآية ، أي ترجع بخار الماء مطرا وترتد الأشعة تحت الحمراء فتدفئ الأرض ليلا ويستمر مسلسل هذا التوازن الحكيم الى الأرض التي ألقى فيها الله سبحانه الرواسي وهي الجبال التي تأخذ شكل الوتد المنغرس في باطن الأرض والتي ترسي وتتبث القشرة الأرضية وتكبح ما بداخلها من مصهورات وأبخرة ، وهذه التوازنات الدقيقة ضرورية ليكتمل البناء
وهذا التصوير المبدع لعملية المسك له علاقة أيضا بالزوال والفناء ( ولئن زالتا) الآية ، فلما بدأ العلم الحديث
بدراسة أعماق الذرة توصل الى حقائق
أربكت عقله ، والحقيقة أنه لا غرابة في علم الله الذي لا يضاهى فكل شيء خلقه الله بقدر موزون ، فالذرة وما تشمله من جسيمات خلقها الله أزواجا متفاعلة ومتألقة وفق غايات مسطرة، وهذا الجسيم المفترض الذي أكد وجوده العلم الكمي الحديث والذي يعد فرعا من فروع علم الفيزياء ما هو في الحقيقة الا حلقة مكملة لتصور أكبر عن هذا الخلق البديع و هذا النظام المتكامل في كل أسسه وجواهره المبني على السعة والرحمة ولا بد من وجوده لتكتمل المعادلة في الأذهان المستنيرة فينهج بذلك العلم نهجا سويا مطردا ويعترف حقا أن هذا الخلق المحكم هو لله تعالى الذي أتقن كل شيء صنعا .
 
استدل ابن عطية باية {ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا} ونظائرها بان: السماوات بغير عمد في تفسير {الذي رفع السموات بغير عمد ترونها} على ان الضمير في ترونها عائد على السماوات؛ لان العمد يحتاج الى عمد ويتسلسل الامر فلا بد من الوقوف على القدرة، وان ذلك قول الجمهور.
بخلاف قول ابن عباس: مايدريك انها بعمد غير مرئي، وهولمجاهد وقتادة؛ والضمير في ترونها على هذا التاويل راجع الى العمد.
وقال ابن عطية: وهذا كله ضعيف، والحق ان لاعمد جملة والامر موقوف على القدرة.
 
إن الله تعالى يمنع السماوات من أن تنتقل عن مكانها فترتفع أو تنخفض

إن الله تعالى يمنع السماوات من أن تنتقل عن مكانها فترتفع أو تنخفض

الحمد لله وحده ،

تحية طيبة أخي الكريم مخلص وأنا جد متفق على ما جاء في
مداخلتك ، قال الزجاج: { يُمْسِكُ } بمعنى يمنع و { أن تزولا } مفعوله على الحذف والإيصال لأنه يتعدى بمن أي يمنعهما من أن تزولا، وفي «البحر» يجوز أن يكون { أن تزولا } بدل اشتمال من (السماوات والأرض) أي يمنع سبحانه زوال السماوات والأرض، وفسر بعضهم الزوال بالانتقال عن المكان أي إن الله تعالى يمنع السماوات من أن تنتقل عن مكانها فترتفع أو تنخفض ويمنع الأرض أيضاً من أن تنتقل كذلك، وفي أثر أخرجه عبد بن حميد وجماعة عن ابن عباس ما يقتضيه، وقيل: زوالهما دورانهما فهما ساكنتان والدائرة بالنجوم أفلاكها وهي غير السماوات، فقد أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وعبد بن حميد عن شقيق قال: قيل لابن مسعود إن كعباً يقول: إن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحى في عمود على منكب ملك فقال: كذب كعب إن الله تعالى يقول: { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } وكفى بها زوالاً أن تدور ، ولقد كشفت التجارب مدى سرعة تواصل الجزيئات الأصغر
من الذرة مع بعضها البعض ولعل هذا يفسرهذا العمد الغير المرئي المتماسك بقدرة الله
ولقد اكتُشف أن هذا الاتصال
سريع للغاية، وأنه أسرع حتى من سرعة الضوء، كما لو كانت الجزيئات "تعرف مصائر بعضها"

والحقيقة أن الجزيئات ليست في حاجة إلى أية إشارة أو ترابط من أجل التواصل مع بعضها، هذا ببساطة لأن الانفصال بينها هو مجرد وهم والانفصال الظاهر هو تصور من مستوى أعلى للحقيقة، وهو ما يسمى النظام المتضمَّن، حيث كل شيء مرتبط ببعضه وتتصرف الجزيئة كما لو كانت تعرف مصير الجزيئة الأخرى وذلك لأن لديها المعلومات الخاصة بالجزيئة الأخرى داخلها ، اذن فالعلم اشار الى الترابط الحقيقي والى الارتباط المطلق لكل شيء ببعضه بعضا
فحقا هذا ما أربك عقول العلماء داخل المختبر الكمي فهذه الحقيقة المضيئة أصبحت مكشوفة بالبرهان وهو أنه ببساطة أن الاعتقاد بانفصال خصائص مادون الذرة هو مجرد وهم لأن العلم الالهي قائم بشموليته بعلم محيط وقدرة مهيمنة مغمورة بعظيم لطفه ورحمته .


فهذا العالم من حولنا لا زلنا نجهل عنه الكثير وهو قائم بعلم الله الذي أتقن كل شيء صنعا ففي كل يوم تظهر براهين جديدة تزيدنا يقينا أن خلق السموات والأرض آية عظيمة من آيات الله ، وبرهان علمه قائم بمسك السموات والأرض أن تزولا وهذا فصل عميق في هذه الآيات البرهانية الجلية فهو سبحانه عليم بالسر وما أخفى من السر أحاط بأسس كل الترابطات للأجسام الذرية ماسك لما بينهما ببناء متماسك ومزدهى وقد أنطقها بالتسبيح بعدما علم كل تسبيحه في بحر محيطه بما غمرته أنوار آيات الله في خلقه بما جمع ووهب وسطره
سبحانه بعلمه المحيط

 
عودة
أعلى