عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) التوبة [36]
قوله «إن عدة الشهور عند الله»: أي: عدد الشهور المعتد بها للسنة.
قال النسفي: من غير زيادة والمراد بيان أن أحكام الشرع تبتنى على الشهور القمرية المحسوبة بالأهلة دون الشمسية.
قال الواحدي في الوجيز: لا كما يعده أهل الروم وفارس. ( التاريخ الإفرنجي ).
وقيل: يعني عدد الشهور التي وجبت عليكم الزكاة فيها اثنا عشر شهرا في كتاب الله.
حكاه السمرقندي.
قوله «اثنا عشر شهرا»: الأشهر العربية - الشهور الهلالية - التي جهلها كثير من المسلمين - فاحفظها يا عبدالله - وهي:
1- المحرم 2- صفر 3- ربيع الأول 4- ربيع الآخر 5- جمادى الأولى 6- جمادى الآخرة 7- رجب 8- شعبان 9- رمضان 10- شوال 11- ذو القعدة 12- ذو الحجة.
قال صديق حسن خان: وهي شهور العرب التي يعتد بها المسلمون في صيامهم ومواقيت حجهم وأعيادهم وسائر أمورهم وأحكامهم.
قوله «في كتاب الله»: اللوح المحفوظ.
قاله السمرقندي، والسيوطي، والثعلبي، وابن الجوزي، وغيرهم.
وقال السمعاني، والبغوي: أي في حكم الله.
قال السعدي: أي في حكمه القدري.
قال الراغب: أي: في حكمه. ويعبر بالكتاب عن الحجة الثابتة من جهة الله نحو: ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ).
وقيل: في قضائه الذي قضى يوم خلق السماوات.
حكاه الثعلبي.
قوله «يوم خلق السموات والأرض»: أي منذ خلق الأجرام والأزمنة وبيان أن هذا هو الذي جاءت به الأنبياء ونزلت به الكتب،
وأنه لا اعتبار بما عند العجم والروم والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها ويجعلون بعضها ثلاثين وبعضها أكثر وبعضها أقل.
قاله صديق حسن خان.
قوله «منها»: أي من تلك الشهور الاثني عشر.
قاله أبو السعود، وغيره.
قوله «أربعة حرم»: أي من الشهور أربعة محرمة؛ وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ ثلاثة متواليات ( وواحد فرد ):
كما بين النبي حيث قال: السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان.
شطر من حديث متفق عليه من حديث أبي بكرة.
قلت ( عبدالرحيم ): وقيل في الأربعة الأشهر بخلاف ما ذكر في الحديث فجعل قوم شوالا منها واخرجوا رجبا، لذا ضربت عنها صفحا؛ ولا يجوز المصير إلى غير ما ثبت وظهرت دلالته؛ إذ لا اجتهاد مع النص. انتهى
قال السعدي: وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها.
قال الواحدي في الوسيط: ومعنى الحرم: أنه يعظم انتهاك المحارم فيها بأشد مما يعظم في غيرها.
قوله «ذلك»: أي تحريمها.
قاله السيوطي.
قال أبو السعود: وما في ذلك من معنى البعد لتفخيم المشار إليه هو( الدين القيم ).
قوله «الدين القيم»: أي: المستقيم.
قاله مكي، والواحدي، والنسفي، والسيوطي، وغيرهم.
قال الإيجي الشافعي: أي: تحريم الأشهر الأربعة هو الدين القويم دين الأنبياء.
قال الطبري: هو الدين المستقيم.
قال الزمخشري: يعنى أنّ تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم. دين إبراهيم وإسماعيل.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا ): قال صديق حسن خان: ومعناه الدين المستقيم الذي لا عوج فيه. قال الأخفش: أي: مستقيما. وقال الزجاج، والنحاس: والقيم هو المستقيم. وقال ابن الهائم: أي قائما مستقيما. انتهى
وقيل قوله ( ذلك الدين القيم ) هنا: الحساب؛ ( أي: الحساب الصحيح المستقيم، والعدد المستوي، لا ما كان يفعله المشركون من تأخير بعض الأشهر الحرم إلى شهر آخر ).
وبه قال السمرقندي، والثعلبي، وابن قتيبة، والنحاس، والواحدي، والسمعاني، والبغوي، وابن الجوزي، وغيرهم.
قال السمرقندي: ذلك الحساب المستقيم، لا يزاد ولا ينقص.
قال النحاس: الدين ها هنا الحساب أي ذلك الحساب الصحيح والعدد المستوفى.
قال الواحدي: ومعنى الدين ههنا الحساب، ومنه يقال: الكيّس من دان نفسه. أي: حاسبها.
وقال مقاتل بن حبان: ذلك الدين القيم يعني: ذلك القضاء البين، وهكذا قال الضحاك.
حكاه السمرقندي.
قال ابن قتيبة: أي الحساب الصحيح والعدد المستوي.
قلت ( عبدالرحيم ): لأن المشركين كما سيأتي - إن شاء الله في تفسير النسيء- كانوا يأخرون ويأجلون الأشهر الحرم ليستحلوا فيها القتال ويحلوا ما حرم الله، فجعلوا حلالها حرامها، والعكس؛ الى أن استدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض كما نطق بذلك الذي لا ينطق عن الهوى – صلوات الله وسلامه عليه وصحبه - ولولا أن الله تمنن علينا وأعلمنا هذا فلكَ أن تتخيل ما سنكون عليه اليوم؛ في زمان مبدل مزور، قال ابن الجوزي: قال المفسرون: نزلت هذه الآية من أجل النسيء الذي كانت العرب تفعله، فربما وقع حجهم في رمضان، وربما وقع في شوال، إلى غير ذلك وكانوا يستحلون المحرم عاما، ويحرمون مكانه صفر، وتارة يحرمون المحرم ويستحلون صفر.
قال مجاهد: هذا في شأن النسيء، لأنه كان ينقص من السنة شهرا.
تفسير مجاهد.
قوله «فلا تظلموا فيهن»: أي في هذه الأشهر الأربعة.
قاله الجرجاني، والسيوطي، والثعلبي، وغيرهم.
ورواه الطبري عن قتادة.
قال النحاس: أكثر أهل التفسير على أن المعنى فلا تظلموا في الأربعة أنفسكم وخصها تعظيما.
قال السمرقندي: وإن كان الظلم على كل حال غير جائز، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء.
قال الزجاج: كما قال جل وعز: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) فالفسوق لا يجوز في حج ولا غيره، ولكنه عز وجل عرف الأيام التي تكون فيها المعاصي أكثر إثما وعقابا.
وقيل: قوله ( فيهن ): في أشهر السنة كلها؛ ليست الأربعة فقط. فيكون المعنى: فلا تظلموا أنفسكم في الشهور كلها.
فعن ابن عباس قال: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: في الشهور كلها.
رواه الطبري.
وعنه رضي الله عنه: ( فيهن ): يعني كلهن. وهو قول مقاتل بن حيان، والضحاك، جعلا الضمير يعود على: ( اثنا عشر شهرا ).
حكاه مكي في الهداية.
قلت ( عبدالرحيم ): فالمعنى - على هذا القول - لا تظلموا أنفسكم في أي شهر أو يوم من السنة، إذ المعاصي كلها بها يظلم العبد نفسه لقوله ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ).
وقال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باستحلال حرامها، فإن الله عظمها وعظَّم حرمتها.
قوله «أنفسكم»: بالمعاصي فإنها فيها أعظم وزرا.
قاله السيوطي.
قال السمعاني: وأما الظلم في هذا الموضع: فهو ترك الطاعة وفعل المعصية.
قال مكي في الهداية: أي لا تستحلوا ما حرم الله عز وجل.
قال الثعلبي: بالعمل بمعصية الله عز وجل وترك طاعته، وقال ابن عباس: استحلال القتال والغارة فيهن.
وقال محمد بن إسحاق عن يسار: لا تجعلوا حلالها حراما ولا حرامها حلالا كما فعل أهل الشرك.
قوله «وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة »: جميعا.
قاله البغوي، والسيوطي، والنسفي، وغيرهم. ورواه الطبري عن ابن عباس، وقتادة.
وزاد البغوي: عامة.
وزاد السيوطي: في كل الشهور.
قلت ( عبدالرحيم ): قوله – رحمه الله – في كل الشهور؛ يعني قاتلوهم ولو في الأشهر الحرم، وهذا على القول بأن تحريم القتال في هذه الأشهر نسخ بقوله: ( وقاتلوا المشركين كافة ). كأنه يقول: قاتلوهم في الأشهر الحرم وفي غيرهن، قال أبو السعود: والجمهور على أن حرمة القتال فيهن منسوخة. قال البغوي: وهو قول قتادة، وعطاء الخراساني، والزهري، وسفيان الثوري، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم غزا هوازن بحنين، وثقيفا بالطائف، وحاصرهم في شوال وبعض ذي القعدة. وقال آخرون: إنه غير منسوخ. قال الإيجي الشافعي: فأولوا نهي الظلم بترك المعاصي. انتهى
قال الواحدي في الوسيط: قال ابن عباس: جميعا، يريد قاتلوهم كلهم ولا تحابوا بعضهم بترك القتال كما أنهم يستحلون قتال جميعكم.
قوله « واعلموا أن الله مع المتقين»: قال الزجاج: تأويله أنه ضامن لهم النصر.
المصدر:
غريب القرآن لابن قتيبة، التبيان لابن الهائم، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، معاني القرآن للأخفش، درج الدرر للجرجاني، تفسير مجاهد، تفسير السمرقندي، الكشف والبيان للثعلبي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير الطبري، تفسير القشيري، الوسيط للواحدي، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير السمعاني، الوجيز للواحدي، تفسير البغوي الكشاف للزمخشري، زاد المسير لابن الجوزي، تفسير الجلالين،تفسير السعدي.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
قوله «إن عدة الشهور عند الله»: أي: عدد الشهور المعتد بها للسنة.
قال النسفي: من غير زيادة والمراد بيان أن أحكام الشرع تبتنى على الشهور القمرية المحسوبة بالأهلة دون الشمسية.
قال الواحدي في الوجيز: لا كما يعده أهل الروم وفارس. ( التاريخ الإفرنجي ).
وقيل: يعني عدد الشهور التي وجبت عليكم الزكاة فيها اثنا عشر شهرا في كتاب الله.
حكاه السمرقندي.
قوله «اثنا عشر شهرا»: الأشهر العربية - الشهور الهلالية - التي جهلها كثير من المسلمين - فاحفظها يا عبدالله - وهي:
1- المحرم 2- صفر 3- ربيع الأول 4- ربيع الآخر 5- جمادى الأولى 6- جمادى الآخرة 7- رجب 8- شعبان 9- رمضان 10- شوال 11- ذو القعدة 12- ذو الحجة.
قال صديق حسن خان: وهي شهور العرب التي يعتد بها المسلمون في صيامهم ومواقيت حجهم وأعيادهم وسائر أمورهم وأحكامهم.
قوله «في كتاب الله»: اللوح المحفوظ.
قاله السمرقندي، والسيوطي، والثعلبي، وابن الجوزي، وغيرهم.
وقال السمعاني، والبغوي: أي في حكم الله.
قال السعدي: أي في حكمه القدري.
قال الراغب: أي: في حكمه. ويعبر بالكتاب عن الحجة الثابتة من جهة الله نحو: ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ).
وقيل: في قضائه الذي قضى يوم خلق السماوات.
حكاه الثعلبي.
قوله «يوم خلق السموات والأرض»: أي منذ خلق الأجرام والأزمنة وبيان أن هذا هو الذي جاءت به الأنبياء ونزلت به الكتب،
وأنه لا اعتبار بما عند العجم والروم والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها ويجعلون بعضها ثلاثين وبعضها أكثر وبعضها أقل.
قاله صديق حسن خان.
قوله «منها»: أي من تلك الشهور الاثني عشر.
قاله أبو السعود، وغيره.
قوله «أربعة حرم»: أي من الشهور أربعة محرمة؛ وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ ثلاثة متواليات ( وواحد فرد ):
كما بين النبي حيث قال: السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان.
شطر من حديث متفق عليه من حديث أبي بكرة.
قلت ( عبدالرحيم ): وقيل في الأربعة الأشهر بخلاف ما ذكر في الحديث فجعل قوم شوالا منها واخرجوا رجبا، لذا ضربت عنها صفحا؛ ولا يجوز المصير إلى غير ما ثبت وظهرت دلالته؛ إذ لا اجتهاد مع النص. انتهى
قال السعدي: وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها.
قال الواحدي في الوسيط: ومعنى الحرم: أنه يعظم انتهاك المحارم فيها بأشد مما يعظم في غيرها.
قوله «ذلك»: أي تحريمها.
قاله السيوطي.
قال أبو السعود: وما في ذلك من معنى البعد لتفخيم المشار إليه هو( الدين القيم ).
قوله «الدين القيم»: أي: المستقيم.
قاله مكي، والواحدي، والنسفي، والسيوطي، وغيرهم.
قال الإيجي الشافعي: أي: تحريم الأشهر الأربعة هو الدين القويم دين الأنبياء.
قال الطبري: هو الدين المستقيم.
قال الزمخشري: يعنى أنّ تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم. دين إبراهيم وإسماعيل.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا ): قال صديق حسن خان: ومعناه الدين المستقيم الذي لا عوج فيه. قال الأخفش: أي: مستقيما. وقال الزجاج، والنحاس: والقيم هو المستقيم. وقال ابن الهائم: أي قائما مستقيما. انتهى
وقيل قوله ( ذلك الدين القيم ) هنا: الحساب؛ ( أي: الحساب الصحيح المستقيم، والعدد المستوي، لا ما كان يفعله المشركون من تأخير بعض الأشهر الحرم إلى شهر آخر ).
وبه قال السمرقندي، والثعلبي، وابن قتيبة، والنحاس، والواحدي، والسمعاني، والبغوي، وابن الجوزي، وغيرهم.
قال السمرقندي: ذلك الحساب المستقيم، لا يزاد ولا ينقص.
قال النحاس: الدين ها هنا الحساب أي ذلك الحساب الصحيح والعدد المستوفى.
قال الواحدي: ومعنى الدين ههنا الحساب، ومنه يقال: الكيّس من دان نفسه. أي: حاسبها.
وقال مقاتل بن حبان: ذلك الدين القيم يعني: ذلك القضاء البين، وهكذا قال الضحاك.
حكاه السمرقندي.
قال ابن قتيبة: أي الحساب الصحيح والعدد المستوي.
قلت ( عبدالرحيم ): لأن المشركين كما سيأتي - إن شاء الله في تفسير النسيء- كانوا يأخرون ويأجلون الأشهر الحرم ليستحلوا فيها القتال ويحلوا ما حرم الله، فجعلوا حلالها حرامها، والعكس؛ الى أن استدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض كما نطق بذلك الذي لا ينطق عن الهوى – صلوات الله وسلامه عليه وصحبه - ولولا أن الله تمنن علينا وأعلمنا هذا فلكَ أن تتخيل ما سنكون عليه اليوم؛ في زمان مبدل مزور، قال ابن الجوزي: قال المفسرون: نزلت هذه الآية من أجل النسيء الذي كانت العرب تفعله، فربما وقع حجهم في رمضان، وربما وقع في شوال، إلى غير ذلك وكانوا يستحلون المحرم عاما، ويحرمون مكانه صفر، وتارة يحرمون المحرم ويستحلون صفر.
قال مجاهد: هذا في شأن النسيء، لأنه كان ينقص من السنة شهرا.
تفسير مجاهد.
قوله «فلا تظلموا فيهن»: أي في هذه الأشهر الأربعة.
قاله الجرجاني، والسيوطي، والثعلبي، وغيرهم.
ورواه الطبري عن قتادة.
قال النحاس: أكثر أهل التفسير على أن المعنى فلا تظلموا في الأربعة أنفسكم وخصها تعظيما.
قال السمرقندي: وإن كان الظلم على كل حال غير جائز، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء.
قال الزجاج: كما قال جل وعز: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) فالفسوق لا يجوز في حج ولا غيره، ولكنه عز وجل عرف الأيام التي تكون فيها المعاصي أكثر إثما وعقابا.
وقيل: قوله ( فيهن ): في أشهر السنة كلها؛ ليست الأربعة فقط. فيكون المعنى: فلا تظلموا أنفسكم في الشهور كلها.
فعن ابن عباس قال: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: في الشهور كلها.
رواه الطبري.
وعنه رضي الله عنه: ( فيهن ): يعني كلهن. وهو قول مقاتل بن حيان، والضحاك، جعلا الضمير يعود على: ( اثنا عشر شهرا ).
حكاه مكي في الهداية.
قلت ( عبدالرحيم ): فالمعنى - على هذا القول - لا تظلموا أنفسكم في أي شهر أو يوم من السنة، إذ المعاصي كلها بها يظلم العبد نفسه لقوله ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ).
وقال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باستحلال حرامها، فإن الله عظمها وعظَّم حرمتها.
قوله «أنفسكم»: بالمعاصي فإنها فيها أعظم وزرا.
قاله السيوطي.
قال السمعاني: وأما الظلم في هذا الموضع: فهو ترك الطاعة وفعل المعصية.
قال مكي في الهداية: أي لا تستحلوا ما حرم الله عز وجل.
قال الثعلبي: بالعمل بمعصية الله عز وجل وترك طاعته، وقال ابن عباس: استحلال القتال والغارة فيهن.
وقال محمد بن إسحاق عن يسار: لا تجعلوا حلالها حراما ولا حرامها حلالا كما فعل أهل الشرك.
قوله «وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة »: جميعا.
قاله البغوي، والسيوطي، والنسفي، وغيرهم. ورواه الطبري عن ابن عباس، وقتادة.
وزاد البغوي: عامة.
وزاد السيوطي: في كل الشهور.
قلت ( عبدالرحيم ): قوله – رحمه الله – في كل الشهور؛ يعني قاتلوهم ولو في الأشهر الحرم، وهذا على القول بأن تحريم القتال في هذه الأشهر نسخ بقوله: ( وقاتلوا المشركين كافة ). كأنه يقول: قاتلوهم في الأشهر الحرم وفي غيرهن، قال أبو السعود: والجمهور على أن حرمة القتال فيهن منسوخة. قال البغوي: وهو قول قتادة، وعطاء الخراساني، والزهري، وسفيان الثوري، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم غزا هوازن بحنين، وثقيفا بالطائف، وحاصرهم في شوال وبعض ذي القعدة. وقال آخرون: إنه غير منسوخ. قال الإيجي الشافعي: فأولوا نهي الظلم بترك المعاصي. انتهى
قال الواحدي في الوسيط: قال ابن عباس: جميعا، يريد قاتلوهم كلهم ولا تحابوا بعضهم بترك القتال كما أنهم يستحلون قتال جميعكم.
قوله « واعلموا أن الله مع المتقين»: قال الزجاج: تأويله أنه ضامن لهم النصر.
المصدر:
غريب القرآن لابن قتيبة، التبيان لابن الهائم، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، معاني القرآن للأخفش، درج الدرر للجرجاني، تفسير مجاهد، تفسير السمرقندي، الكشف والبيان للثعلبي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير الطبري، تفسير القشيري، الوسيط للواحدي، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير السمعاني، الوجيز للواحدي، تفسير البغوي الكشاف للزمخشري، زاد المسير لابن الجوزي، تفسير الجلالين،تفسير السعدي.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424