إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
بسم1
هل في الآية دليل على عذاب القبر ؟
أشار إلى هذا صاحب تفسير اللباب رحمه الله ..................

وهل في الآية مباهلة ....؟ أشار إلى هذا ابن كثير رحمه الله ..

قوله تعالى:{ قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) }

قال ابن كثير رحمه الله:
يَقُولُ تَعَالَى: {قُلْ} يَا مُحَمَّدُ، لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّهِمُ الْمُدَّعِينَ، أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّكُمْ عَلَى الْبَاطِلِ: {مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ} أَيْ: مِنَّا وَمِنْكُمْ، {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} أَيْ: فَأَمْهَلَهُ الرَّحْمَنُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ وَيَنْقَضِيَ أَجْلُهُ، {إِمَّا الْعَذَابَ} يُصِيبُهُ، {وَإِمَّا السَّاعَةَ} بَغْتَةً تَأْتِيهِ، {فَسَيَعْلَمُونَ} حِينَئِذٍ {مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا} أَيْ : فِي مُقَابَلَةِ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ خَيْرِيَّةِ الْمَقَامِ وَحُسْنِ النَّدِيِّ.
قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} فَلْيَدَعْهُ اللَّهُ فِي طُغْيَانِهِ. هَكَذَا قَرَّرَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَهَذِهِ مُبَاهَلَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى فِيمَا هُمْ فِيهِ ، كَمَا ذَكَرَ تَعَالَى مُبَاهَلَةَ الْيَهُودِ فِي قَوْلِهِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الْجُمُعَةِ: 6] أَيِ: ادْعُوا عَلَى الْمُبْطِلِ مِنَّا وَمِنْكُمْ بِالْمَوْتِ إِنْ كُنْتُمْ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ عَلَى الْحَقِّ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكُمُ الدُّعَاءُ، فَنَكَلُوا عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ "الْبَقَرَةِ" مَبْسُوطًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَكَمَا ذَكَرَ تَعَالَى الْمُبَاهَلَةَ مَعَ النَّصَارَى فِي سُورَةِ "آلِ عِمْرَانَ" حِينَ صَمَّمُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى الطُّغْيَانِ وَالْغُلُوِّ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ عِيسَى وَلَدُ اللَّهِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ حُجَجه وَبَرَاهِينَهُ عَلَى عُبُودِيَّةِ عِيسَى، وَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ كَآدَمَ، قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 61] فَنَكَلُوا أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ.
 
قال في اللباب :
{حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ} وهو الأسر , والقتل في الدنيا , و " إمَّا السَّاعةَ " يعني القيامة , فيدخلون النار.
وقوله : " وإمَّا السَّاعة " يدلُّ على أنَّ المراد بالعذاب عذاب يحصل قبل يوم القيامة , فيحتمل أن يكون المراد به الأسر والقتل كما تقدم , ويحتمل أن يكون عذاب القبر , ويمكن أن يكون تغير أحوالهم من العز إلى الذُّل , ومن الغنى إلى الفقر , ومن الصحة إلى المرض , ومن الأمن إلى الخوف.
" فَسَيَعْلمُونَ " عند ذلك " مَنْ هُو شرٌّ مكاناً " منزلاً , " وأضْعَفُ جُنْداً " أقل ناصراً , لأنَّهم في النار والمؤمنون في الجنة , وهذا ردٌّ عليهم في قولهم : " أيُّ الفريقَيْن خيرٌ مَقَاماً وأحْسَنُ نَدِيًّا ".
 
قال في المحرر الوجيز :
وأما قوله { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ } الآية فقول يحتمل معنيين ، أحدهما أن يكون بمعنى الدعاء والابتهال كأنه يقول الأضل منا أو منكم « مد » الله له أي أملى له حتى يؤول ذلك إلى عذابه ، والمعنى الأخر أن يكون بمعنى الخبر كأنه يقول من كان ضالاً من الأمم فعادة الله فيه أنه « يمد » له ولا يعاجله حتى يفضي ذلك إلى عذابه في الآخرة ، فاللام في قوله {فَلْيَمْدُدْ } على المعنى الأول لام رغبة في صيغة الأمر ، وعلى المعنى الثاني لام أمر دخلت في معنى الخبر ليكون أوكد وأقوى وهذا موجود في كلام العرب وفصاحتها .

يرحم الله صاحب رالمحرر الوجيز رحمة واسعة .... في قوله {لام رغبة }
 
قال السعدي رحمه الله :
لما ذكر أنه يمد للظالمين في ضلالهم، ذكر أنه يزيد المهتدين هداية من فضله عليهم ورحمته، والهدى يشمل العلم النافع، والعمل الصالح. فكل من سلك طريقا في العلم والإيمان والعمل الصالح زاده الله منه، وسهله عليه ويسره له، ووهب له أمورا أخر، لا تدخل تحت كسبه، وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصه، كما قاله السلف الصالح، ويدل عليه قوله تعالى { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا }
ويدل عليه أيضا الواقع، فإن الإيمان قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، والمؤمنون متفاوتون في هذه الأمور، أعظم تفاوت، ثم قال: { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ } أي: الأعمال الباقية، التي لا تنقطع إذا انقطع غيرها، ولا تضمحل، هي الصالحات منها، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وعمرة، وقراءة، وتسبيح، وتكبير، وتحميد، وتهليل، وإحسان إلى المخلوقين، وأعمال قلبية وبدنية. فهذه الأعمال { خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْر مَرَدًّا } أي: خير عند الله، ثوابها وأجرها، وكثير للعاملين نفعها وردها، وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل في غير بابه، فإنه ما ثم غير الباقيات الصالحات، عمل ينفع، ولا يبقى لصاحبه ثوابه ولا ينجع، ومناسبة ذكر الباقيات الصالحات-والله أعلم- أنه لما ذكر أن الظالمين جعلوا أحوال الدنيا من المال والولد، وحسن المقام ونحو ذلك، علامة لحسن حال صاحبها، أخبر هنا أن الأمر، ليس كما زعموا، بل العمل الذي هو عنوان السعادة ومنشور الفلاح، هو العمل بما يحبه الله ويرضاه.
 
قال في محاسن التأويل :
قال الكازروني في تفسيره: وقع البحث عند شيخنا العلامة الدوانيّ قدس الله سره في جواز المباهلة بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فكتب رسالة في شروطها المستنبطة من الكتاب والسنة والآثار، وكلام الأئمة، وحاصل كلامه فيها أنها لا تجوز إلا في أمر مهم شرعا، وقع فيه اشتباه وعناد لا يتيسر دفعه إلا بالمباهلة، فيشترط كونها بعد إقامة الحجة والسعي في إزالة الشبهة وتقديم النصح والإنذار وعدم نفع ذلك ومساس الضرورة إليها.
قال الإمام صديق خان في تفسيره: وقد دعا الحافظ ابن القيّم، رحمه الله، من خالفه في مسألة صفات الرب تعالى شأنه وإجرائها على ظواهرها من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل، إلى المباهلة بين الركن والمقام فلم يحبه إلا ذلك وخاف سوء العاقبة. وتمام هذه القصة مذكور في أول كتابه المعروف ب (النونية) - انتهى-
وقد ذكر في (زاد المعاد) في فصل فقه قصة وفد نجران ما نصه:
الْمُبَاهَلَةُ سُنّةٌ فِيمَنْ أَصَرّ عَلَى الْعِنَادِ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ :
وَمِنْهَا : أَنّ السّنّةَ فِي مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ حُجّةُ اللّهِ وَلَمْ يَرْجِعُوا بَلْ أَصَرّوا عَلَى الْعِنَادِ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الْمُبَاهَلَةِ وَقَدْ أَمَرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ رَسُولَهُ وَلَمْ يَقُلْ إنّ ذَلِكَ لَيْسَ لِأُمّتِك مِنْ بَعْدِك وَدَعَا إلَيْهِ ابْنُ عَمّهِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبّاسٍ لِمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الصّحَابَةُ وَدَعَا إلَيْهِ الْأَوْزَاعِيّ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ فِي مَسْأَلَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْحُجّةِ .
 
عودة
أعلى