إهداء إلى الدكتور مساعد الطيار ، مثال عزيز بخصوص مقالة له عن الإسرائيليات

أبو صفوت

فريق إشراف الملتقى العلمي
إنضم
24/04/2003
المشاركات
655
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
no
في مقال قديم للدكتور مساعد بعنوان :
قال - حفظه الله - ومن الأمور التي يحسن التنبه لها أنَّ رواية السلف للإسرائيلية ـ خصوصًا الصحابة ـ لا يعني قبول ما فيها من التفاصيل ،ومرادهم بها بيان مجمل ما ورد في القرآن بمجمل ما ذُكِرَ في القصة ، دون أن يلزم ذكرهم لها إيمانهم بهذه التفاصيل التي تحتاج في نقلها إلى سند صحيح ، وذلك عزيز جدًّا فيما يرويه بنو إسرائيل في كتبهم[/b]اهـ .
وقد علقت ساعتها على الموضوع باستغرابي لهذه الجزئية ، ولكني وقفت على مثال في تفسير ابن كثير يصدق ما قال الشيخ ، والشاهد فيه في صنيع ابن كثير - رحمه الله- قبل حكايته وبعد حكايته
ففي تفسير قوله تعالى ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ) سورة سبأ : 54
قال ابن كثير - رحمه الله - وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا أثرًا غريبا [عجيبا] (3) جدًا، فلنذكره بطوله فإنه قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا بشر بن حجر السامي (4) ، حدثنا علي بن منصور الأنباري، عن الشَّرَقيّ ابن قُطَامي، عن سعيد بن طريف، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس في قول الله عز وجل: { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } إلى آخر الآية، قال: كان رجل من بني إسرائيل فاتحًا -أي فتح الله له مالا-فمات فورثه ابن له تافه -أي: فاسد-فكان يعمل في مال الله بمعاصي الله. فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعذلوه ولاموه، فضجر الفتى فباع عقاره بصامت، ثم رحل فأتى عينا ثجاجَة فسرَح فيها ماله، وابتنى قصرًا. فبينما هو ذات يوم جالس إذ شمَلت عليه [ريح] (5) بامرأة من أحسن الناس وجهًا وأطيبهم أرَجا -أي: ريحًا-فقالت: من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت: فلك هذا القصر، وهذا المال؟ قال: نعم. قالت: فهل لك من زوجة؟ قال: لا. قالت: فكيف يَهْنيك العيش ولا زوجة لك؟ قال: قد كان ذلك. فهل لك من بَعل؟ قالت: لا. قال: فهل لك إلى أن أتزوجك؟ قالت: إني امرأة منك على مسيرة ميل، فإذا كان غد فتزوّد زاد يوم وأتني، وإن رأيت في طريقك هولا فلا يَهُولنَّكَ. فلما كان من الغد تزود زاد يوم، وانطلق فانتهى إلى قصر، فقرع رتاجه، فخرج إليه شاب من أحسن الناس وجهًا وأطيبهم أرَجًا -أي: ريحًا-فقال: من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا الإسرائيلي. قال فما حاجتك؟ قال: دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها. قال: صدقت، قال فهل رأيت في طريقك [هولا؟] (6) قال: نعم، ولولا أنها أخبرتني أن لا بأس عليّ، لهالني الذي رأيت؛ أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا بكلبة فاتحة فاها، ففزعت، فَوَثَبت فإذا أنا من ورائها، وإذا جراؤها ينبحن في بطنها. فقال له الشاب: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، يقاعد الغلام المشيخة في مجلسهم ويَبُزّهم حديثهم.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا بمائة عنز حُفَّل، وإذا فيها جَدْي يمصّها، فإذا أتى عليها وظن أنه لم يترك شيئًا، فتح فاه يلتمس الزيادة. فقال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، ملك يجمع صامت الناس كلّهم، حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئًا فتح فاه يلتمس الزيادة.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر، فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر، فأردت قطعة، فنادتني شجرة أخرى: "يا عبد الله، مني فخذ". حتى ناداني الشجر أجمع: "يا عبد الله، منا فخذ". قال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، يقل الرجال ويكثر (1) النساء، حتى إن الرجل ليخطب المرأة فتدعوه العشر والعشرون إلى أنفسهن.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل قائم على عين، يغرف لكل إنسان من الماء، فإذا تَصَدعوا عنه صَبّ في جَرّته فلم تَعلَق جَرته من الماء بشيء. قال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، القاص يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بعنز وإذا بقوم قد أخذوا بقوائمها، وإذا رجل قد أخذ بقرنيها، وإذا رجل قد أخذ بذَنَبها، وإذا رجل (2) قد ركبها، وإذا رجل يحلبها. فقال: أما العنز فهي الدنيا، والذين أخذوا بقوائمها يتساقطون من عيشها، وأما الذي قد أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقًا، وأما الذي أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه، وأما الذي ركبها (3) فقد تركها. وأما الذي يحلبها فَبخٍ [ بخٍ ] (4) ، ذهب ذلك (5) بها.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، وإذا أنا برجل يمْتح على قَليب، كلما أخرج (6) دلوه صبَّه في الحوض، فانساب الماء راجعًا إلى القليب. قال: هذا رجل رَدّ الله [عليه] (7) صالح عمله، فلم يقبله.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا برجل يبذُر بذرًا فيستحصد، فإذا حنطة طيبة. قال: هذا رجل قبل الله صالح عمله، وأزكاه (8) له.
قال: ثم أقبلت حتى [إذا] (9) انفرج بي السبيل، إذا أنا برجل مستلق على قفاه، قال: يا عبد الله، ادن مني فخذ بيدي وأقعدني، فوالله ما قعدت منذ خلقني الله فأخذت بيده، فقام يسعى حتى ما أراه. فقال له الفتى: هذا عمْر الأبعد نَفَد، أنا ملك الموت وأنا المرأة التي أتتك... (10) أمرني الله بقبض روح الأبعد في هذا المكان، ثم أصيره إلى نار جهنم قال: ففيه نزلت هذه: { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } الآية.
هذا أثر غريب (1) ، وفي صحته نظر، وتنزيل [هذه] (2) الآية عليه وفي حقه بمعنى أن الكفار كلهم يتوفون وأرواحهم متعلقة بالحياة الدنيا، كما جرى لهذا المغرور المفتون، ذهب يطلب مراده فجاءه الموت فجأة بغتة، وحيل بينه وبين ما يشتهي.
 
وهذا من الأمثلة التي تبين أن المحررين من المفسرين كان لهم منهجية بحاجة أن تستجلى في إيراد الإسرائيليات ، وأنهم لم يكونوا يوردونها اعتباطا ، فأرجو ممن وقف على أمثلة أخرى تبرز تلك المنهجية أن يتحفنا به
 
وهذا من الأمثلة التي تبين أن المحررين من المفسرين كان لهم منهجية بحاجة أن تستجلى في إيراد الإسرائيليات ، وأنهم لم يكونوا يوردونها اعتباطا ، فأرجو ممن وقف على أمثلة أخرى تبرز تلك المنهجية أن يتحفنا به
بارك الله فيكم أخي العزيز ونفع بكم ، وما أحوجنا إلى التأمل والتأني في الحكم على صنيع المفسرين المتقدمين .
 
بورك فيكم شيخنا الكريم
وهاهو مثال آخر يجلي شيئا من المنهجية في إيراد الغرائب :
قال ابن عطية - رحمه الله -
وأما هل دام أهل الكهف وبقيت أشخاصهم محفوظة بعد الموت فاختلفت الروايات في ذلك فروي عن ابن عباس أنه مر بالشام في بعض غزواته مع ناس على موضع الكهف وجبله فمشى الناس إليه فوجدوا عظاما فقالوا هذه عظام أصحاب الكهف فقال لهم ابن عباس أولئك قوم فنوا وعدموا منذ مدة طويلة فسمعه راهب فقال ما كنت أحسب أن أحدا من العرب يعرف هذا فقيل له هذا ابن عم نبينا فسكت وروت فرقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليحجن عيسى ابن مريم ومعه أصحاب الكهف فإنهم لم يحجوا بعد .
قال القاضي أبو محمد وبالشام على ما سمعت من ناس كثير كهف كان فيه موتى يزعم محاويه أنهم أصحاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يسمى الرقيم ومعهم كلب رمة وبالأندلس في جهة غرناطة بقرب قرية تسمى لوشة كهف فيه موتى ومعهم كلب رمة وأكثرهم قد انجرد لحمه وبعضهم متماسك وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم إشارة ويزعم ناس أنهم أصحاب الكهف دخلت إليهم فرأيتهم سنة أربع وخمسمائة وهم بهذه الحالة وعليهم مسجد وقريب منهم بناء رومي يسمىالرقيم كأنه قصر محلق قد بقي بعض جدرانه وهو في فلاة من الأرض حزنة وبأعلى حضرة غرناطة مما يلي القبلة
آثار مدينة قديمة رومية يقال لها مدينة دقيوس وجدنا في آثارها غرائب في قبور ونحوها .
قال القاضي أبو محمد وإنما استسهلت ذكر هذا مع بعده لأنه عجب يتخلد ذكره ما شاء الله عز وجل
 
و هذا المثال الذي نقله ابن كثير عن ابن أبي حاتم يثير مسألة جديرة بالبحث وهي : التعبير بالنزول ودلالاته ومواطن استعماله عند المفسرين ، ومدى اتساع ذلك المصطلح لديهم ، وأثر تقييد من بعدهم لمصطلح النزول بالسبب أو إخراجه عنه إلى التفسير في حدود ضيقة جدا
 
بارك الله فيك..

فائدة جميلة كصاحبها وكالمرسلة إليه وكالمحتفين بها..(ماعداي حتى لا أزكي نفسي)
 
ازدادت جمالا بإطلالتك لا حرمني الله من نصحك ورؤيتك يا أبا فهر
 
عودة
أعلى