إنما الأدب .. أدب السجون

إنضم
28/07/2010
المشاركات
73
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
هل مَنَّ الله عليك بالسجن؟
ولو لم أُجربه ؛ فكيف أدعي أنني خبِرتُ الحياة ، وأعي قدر الحرية ، وأفهم نفوس البشر ، ومعاناة الوحشة والغربة ، ولواعج فقد المال والأهل والولد ، والشوق والمحبة والكره والكرب والصبر والعذاب الحسي والمعنوي.

ليست المعاناة في هذا القبر المظلم هو ما سبق!!
ولا حتى تلك الصراصير الملتصقة بالجسد ، ولا الفئران القذرة التي لا تكف عن الحركة
إنما العذابات في الظلم والظلم وحده....
ـــــــــــــ
بمثل هذه المعاني يصبح السجين أديبًا.
ـــــــــــــ
الإبداع يُولد من رحم المعاناة ، وتثور المعاني داخل الأديب عند اللحظات المؤثرة ، فتجيش خواطره ، ويسيل فكره وقلمه ، ومن عاش في المحبس فهو ذائق ذلك لا محالة ، والكتابة هي ممارسة للحرية ولو من خلف القضبان.
ومن أعظم لحظات المرء ؛ ساعة يُحبس فيها في سبيل الله ، يُعذب في جناب مولاه ، يتجرع الآلام لنصرة دينه.
وأحاول ههنا أن أُطلعكم على مشاهد من غيابات السجن ودياجير الظلام.
ولعل الإخوة والأخوات يُثرون الموضوع بتجارب أو مشاهدات أو قراءات أو خواطر.
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك ، وأتوب إليك.
 
لا شك أن المعاناة الشعورية سواء كانت بسبب السجن الحقيقي أو النفسي أو غير ذلك هي من أسباب قدح شرارة الإبداع في الأدب والشعر بفنونها، ولكن لا بد أن يكون من يعيش تلك التجارب شاعراً وأديباً قبل ذلك ، وإلا فلو كان كل من يدخل السجن سيصبح أديباً لكان عدد الأدباء في عالمنا كثيراً جداً .
ومن الطرائف أنه جاءني أحد الأحباب بقصيدة كتبها في سجنه لأسباب لا أعرفها ، فرايتُ قصيدة مهلهلة ضعيفة جداً، فقلت له مازحاً: هل سجنوك بسبب هذه القصيدة أم كتبتها في السجن ؟ فقال : كلا بل كتبتها في السجن من آثار المعاناة . فقلت: زادك الله حرصاً ولا تعد . فقال : إلى السجن أم إلى الشعر ؟ فقلت : أحدهما أو كلاهما ، وضحكنا حينها على بعض الأبيات حفظه الله ووفقه لكل خير وكافة الإخوة الفضلاء .
والحديث عن أثر السجن في جمال الأدب حديث ذو شجون، ولا يمكن إغفال قصائد علي بن الجهم في سجنه فهي من أجود ما اعتذر به المسجون في شعره عن سجنه ، فقد كان بارعاً في تحسين ما أجمع الناس على قبحه ، وهناك قصائد أبي فراس الحمداني ، وقصائد المعتمد بن عباد في سجونهم ، ومن أجمل القصائد المعاصرة قصيدة هاشم الرفاعي (أبتاه ماذا قد يخط بناني ...) .
وقد صنف عدد من الباحثين كتباً جيدةً عن الموضوع ، منها :
- (الأسر والسجن في شعر العرب : تاريخ ودراسة) للدكتور أحمد مختار البزرة ، مؤسسة علوم القرآن ببيروت ، 1405هـ .
- شعر الأسر والسجن في الأندلس ، جمع وتوثيق ودراسة ، لبسيم عبدالعظيم إبراهيم ، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الثانية 1417هـ .
- شعر الأسر بين أبي فراس الحمداني والمعتمد بن عباد : دراسة موازنة ، رسالة ماجستير للصديق العزيز الدكتور عبدالرحمن بن رجاء الله السلمي .

وفقك الله أخي سامح ونفع بك .
 
أدب الحرية

أدب الحرية

أولا: (لا تتمنوا لقاء العدو،وسلوا الله العافية).
ثانياً: السلامة لايعدلها شيء.
ثالثاً: هناك من يعتقد أنه لا بد من السجن لإثبات المصداقية! ويسميها ترويجاً (مدرسة يوسف)!
رابعاً: أسف النبي لما حصل من طول مدة سجن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم عليهم السلام أجمعين.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله يوسف ، لو لم يقل : اذكرني عند ربك ، ما لبث في السجن طول ما لبث ).
خامساً: لا شك كما تفضل الأساتذة أن الإبداع وليد المعاناة.
سادسا: عبارة رائعة لشيخنا عبد الرحمن: وإلا فلو كان كل من يدخل السجن سيصبح أديباً لكان عدد الأدباء في عالمنا كثيراً جداً، وأقول: عالمنا العربي خصوصاً.
سابعا: عبارة رائعة للأخ حمودة: والكتابة هي ممارسة للحرية ولو من خلف القضبان.
ثامنا: أظن أن للدكتور عائض القرني شيئاً في هذا الأدب.
 
عشتُ دهرًا أنقبضُ وأنتفضُ من رؤية المساجين ،
تتزلزل نفسي عند سماع الحبس والأغلال والأصفاد ،
فلما صرتُ فيه ؛ علمتُ أني خرجتُ منه ،
وأنستُ به ، ورضيتُ عنه ،
وأيقنتُ أن المحبوس من حُبس قلبه عن ربه.
ـــــــــ
لمناسبة العيد ، أختار قصيدة معاصرة لتكون البداية يسيرة لغير المتخصصين في اللغة (من غيركم)

عيد في السجن
الطاهر إبراهيم

[poem=]
يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون =لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون
بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون= لذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون
وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون= أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون
زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين= ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون
العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين= أضحى هناك مصفدًا بالقيد يقبع في السجون
وضعوه في زنزانة صماء يعمرها السكون= ضربوه أدموا وجهه ورموه مخنوق الأنين
بالليل جاؤوا يا أحبائي وأنتم نائمون= ملؤوا الشوارع حولنا كمنوا بها يترقبون
وتسللوا عبر الأزقة كاللصوص المارقين= وتسوروا البيت الذي عشتم به عبر السنين
كسروا نوافذه ودكّوا الباب في حقد دفين= خدشوا الحياء وليس بدعا عندهم ما يفعلون
دخلوا ولم يستأذنوا من أهل بيت نائمين= هجموا على الغرفات ليلا بالسلاح مدججين
ألقوا عليه القبض واستاقوه معصوب الجبين= أخذوه لا ذنبًا جنته يداه في عرف ودين
إلا اتِّباع الحق والتقوى لرب العالمين= منعوه حتى أن يقول لكم وداعًا بالعيون
أخذوه فجر العيد والهفي على القلب الحنون= ليعيش هذا العيد معتقلا بسجن الظالمين
أصغى الصغار لأمهم تروي مخازي المجرمين= قالوا بصوت واحد بثبات أشبال العرين
شرف لنا أن كان والدنا على الحق المبين= أماه لا يحزنك ما فعل الطغاة الآثمون
فغدًا سيشرق فجر أمتنا وتنهدم السجون= ويخيم الأمن المكين على قلوب الخائفين
ويغرد العيد السعيد على شفاه المؤمنين= ويحق وعد الله للإسلام بالنصر المبين

[/poem]
2951alsh3er.gif
 
مما يدخل في باب "أدب السجون" الكتابة النثرية متمثلة في "الرواية"، وتوجد روايات كثيرة في هذا الباب، من أبشعها وأفضعها: رواية "القوقعة" لمصطفى خليفة، وأحسبها ترياقاً لمن ابتلي بكثرة النوم:)
ويمكن تحميلها من هنا:
مكتبة صيد الفوائد الاسلامية
 
عودة
أعلى