الفجر الباسم
New member
- إنضم
- 27/02/2009
- المشاركات
- 405
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
إن مما يؤسف له أن تعايش أو تقرأ لمن لا يحترم ولا يقدر بل يسفه أراء السلف من الصحابة والتابعين وأئمة المفسرين وغيرهم ، فلا أدري من حاله هذا أهو متأثر بالدراسات الغربية أو هو مما جبلت عليه نفسه ، وانطوت عليه سريرته ؟.
إن ثُلة ممن يسمى بالمثقفين أو المتعلمين أو من تخطى أروقة الجامعات ودرس وعلم فيها ، لا يبالون في ألفاظهم ولا يحسنون التعامل مع المخالف وهم قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه من العلم أمر يستحق التأمل والبحث له عن علاج .
لأن المفترض بأمثالهم أن يكونوا قدوة في التعامل مع الناس العالم منهم قبل الجاهل ، لأن العالم قدره أرفع من الجاهل وفضل العالم على الجاهل لا يجهله أحد .
فكيف إذا وصلوا لهذا الحال من لمز العلماء وانتقاص مكانتهم والتعرض السيئ لكتبهم ، وليت شعري هل يريدون صد الناس عنهم ؟ أم التسلق على أكتافهم ؟ .
وإني لأشفق على هؤلاء حقاً ـ وأسأل الله تعالى أن يشفيهم ـ فهم ما أوتوا هذا وهم مصرين عليه ، وقد بين لهم ، إلا وفي أنفسهم شيء من الكبر يمنعهم من الحق ، ومثل هؤلاء يجب الرد عليهم ؛ لأن في هذا صونٌ لهذا الدين ودفاع عنه .
ولا أنسى يوماً ذهبت فيه للمكتبة قبل سنوات ووجدت كتاباً يتحدث فيه مؤلفه ـ ولا أذكر اسمه ـ عن المفسرين فلم يترك مفسراً ـ كابن جرير وابن كثير وغيرهم ـ إلا وشن عليه هجوماً عنيفاً ، وأذكر أنه وصف السيوطي العالم الجليل العجيب وقال عنه " ما هو إلا كحاطب ليل جمع الغث والسمين وما كان له من جهدٍ إلا النقل " أو كما قال.
واقرأ مثلاً لهذا الكاتب وهو يتحدث عن الإعجاز اللغوي والبياني للقرآن الكريم فيقول:
[ اسمح لي عزيزي القارئ أن أقف بك على جملة قرآنية من الآية هي قوله تعالى : ( ولا طائر يطير بجناحيه ) لننظر في هذه الإضافة الاحترازية، وهي قوله تعالى ( يطير بجناحيه ) . لقد مر عن هذه الجملة القرآنية كثير من المفسرين دون أن يتعرضوا لتفسيرها ولا بيان سبب ورودها ، واجتهد بعضهم في بيان سببها فجاء بأقوال لا تصح . ومن هؤلاء إمام المفسرين ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ حيث يقول : " فإن قال قائل: فما وجه قوله ( ولا طائر يطير بجناحيه ) ؟ وهل يطير الطائر إلا بجناحيه ؟ فما في الخبر عن طيرانه بالجناحين من الفائدة ؟ " . ثم يبين أن ذكرها إنما جاء من قبيل " إرادة المبالغة جريا على قول العرب في خطابهم : كلّمْته بفمي و ضربته بيدي " . وأما القرطبي في تفسيره فبيّن أنها جاءت : " للتأكيد وإزالة الإبهام ، فإنّ العرب تستعمل الطيران لغير الطائر : تقول للرجل : طِرْ في حاجتي " . ولا شك أن هذا التأويل بعيد .
ومع ذلك فإن وقوف الطبري عندها ، وغيره ممن حاولوا النظر فيها ؛ لدليل على فطنتهم وسعة فهمهم وعمق نظرهم ، وإن لم يدركوا سرها فإن ذلك لا ينقص بتاتا من قدرهم ولا يحط من مكانتهم ولا يهوّن من شأن علمهم ، لأن علمها في الحقيقة يتجاوز عصرهم ويمتد وراء آفاق مدركاتهم .
نعرف عزيزي القارئ أن الطائر يتميز عن سائر الدواب بجناحيه الذين يمكنانه الطيران ، فإذا ذكر الطائر تبادرت إلى الذهن صورته بجناحين اثنين مطويين أو منشورين ، يخطر على الأرض أو يحلق في الفضاء . لذلك فإنّ ذكْر الطائر يغني عن ذكر جناحيه . فإذا ذكر الطائر وتلاه ذكر جناحيه فلا بد أن يكون وراء ذكرهما قصد مقصود وهدف منشود . فما هو القصد من ذكر الجناحين بعد ذكر الطائر في الآية السابقة ؟ لماذا قال تعالى ( ولا طائر) ولم يكتف بذكر الطائر بل جاء بعده بذكر صفته اللازمة قائلا ( يطير بجناحيه ) ؟
الجواب ـ والله أعلم ـ : لأن هناك ما يطير في الفضاء ويحلق في الأجواء ولكنه ليس أمما أمثالنا ، وإنما هو شيء مختلف وصنع مختلف ، لا يدركه الإنسان العربي القديم في عصره ، ولا يعرف عنه شيئا . أما إنسان عصر العلم والتكنولوجيا وغزو الفضاء ؛ فإنه يعرفه تمام المعرفة ، لأنه رآه بعينه وسمعه بأذنه ، وشاهد فعله وأثره ، وأدرك خيره وشره . ألا ترى عزيز القارئ كيف تحول الفضاء حول الأرض في هذا العصر إلى شبكة من الخطوط الملاحية التي تطير فيها الطائرات وتعبرها النفاثات محلقة في الفضاء ، مختصرة مسافات الأرض ، مختزلة أبعاد الزمان . ولكنها كلها تطير مدفوعة بقوة احتراق الوقود . فإذا لم تزود خزاناتها بالوقود النفاث ظلت جاثمة في أماكنها عاجزة عن الطيران . وإذا نفد وقودها وهي في الجو هوت ركاما وأمست حطاما . إن هذه الأجسام الطائرة في جو السماء لا تطير طيرانا ذاتيا بأجنحتها بل بقوة احتراق الوقود ، فهل هي أمم أمثالنا ؟
تتضح حكمة الله تعالى هنا ، ويبرز وجه الإعجاز البياني القرآني بذكر هذه العبارة التي استثنت من طيور السماء كل ما أخرجته مصانع الطائرات العسكرية والمدنية من وسائط النقل الجوي في هذا العصر . ولو لم تأت هذه العبارة الاحترازية الإعجازية ( يطير بجناحيه ) لكان لقائل أن يقول : إن القرآن لا يفرق بين الكائن الحي والجماد ولا بين الطائر الحقيقي والطائر الصناعي ، إذ كيف تكون الطائرات النفاثة والمروحية وغيرها أمما أمثال البشر ؟؟ إن هذا لمحال .
لقد كان كافيا للعربي زمن نزول القرآن ليدرك المعنى أن تأتي الآية من غير هذه العبارة التي تساءل عن سر ذكرها المفسرون ، ولكن القرآن لم ينزل للعرب فحسب ، ولا لذلك الزمان وحده ، وإنما نزل للعالمين وإلى يوم الدين . وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) ].
وأمثلة هذا الكاتب كثيرة جداً ولولا ضيق الوقت لأوردت أمثلة أخرى ولكن حسبي من هذا التذكير بأهمية هذا الأمر والوقوف عليه ـ كما قلت ـ للبحث عن الأسباب والعلاج ، خصوصاً وأن مثل هذا ممن يدرس في الجامعات ويخرج الأجيال ، فأي الأجيال تلك التي ستخرج لنا من تحت يديه ؟.
إن ثُلة ممن يسمى بالمثقفين أو المتعلمين أو من تخطى أروقة الجامعات ودرس وعلم فيها ، لا يبالون في ألفاظهم ولا يحسنون التعامل مع المخالف وهم قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه من العلم أمر يستحق التأمل والبحث له عن علاج .
لأن المفترض بأمثالهم أن يكونوا قدوة في التعامل مع الناس العالم منهم قبل الجاهل ، لأن العالم قدره أرفع من الجاهل وفضل العالم على الجاهل لا يجهله أحد .
فكيف إذا وصلوا لهذا الحال من لمز العلماء وانتقاص مكانتهم والتعرض السيئ لكتبهم ، وليت شعري هل يريدون صد الناس عنهم ؟ أم التسلق على أكتافهم ؟ .
وإني لأشفق على هؤلاء حقاً ـ وأسأل الله تعالى أن يشفيهم ـ فهم ما أوتوا هذا وهم مصرين عليه ، وقد بين لهم ، إلا وفي أنفسهم شيء من الكبر يمنعهم من الحق ، ومثل هؤلاء يجب الرد عليهم ؛ لأن في هذا صونٌ لهذا الدين ودفاع عنه .
ولا أنسى يوماً ذهبت فيه للمكتبة قبل سنوات ووجدت كتاباً يتحدث فيه مؤلفه ـ ولا أذكر اسمه ـ عن المفسرين فلم يترك مفسراً ـ كابن جرير وابن كثير وغيرهم ـ إلا وشن عليه هجوماً عنيفاً ، وأذكر أنه وصف السيوطي العالم الجليل العجيب وقال عنه " ما هو إلا كحاطب ليل جمع الغث والسمين وما كان له من جهدٍ إلا النقل " أو كما قال.
واقرأ مثلاً لهذا الكاتب وهو يتحدث عن الإعجاز اللغوي والبياني للقرآن الكريم فيقول:
[ اسمح لي عزيزي القارئ أن أقف بك على جملة قرآنية من الآية هي قوله تعالى : ( ولا طائر يطير بجناحيه ) لننظر في هذه الإضافة الاحترازية، وهي قوله تعالى ( يطير بجناحيه ) . لقد مر عن هذه الجملة القرآنية كثير من المفسرين دون أن يتعرضوا لتفسيرها ولا بيان سبب ورودها ، واجتهد بعضهم في بيان سببها فجاء بأقوال لا تصح . ومن هؤلاء إمام المفسرين ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ حيث يقول : " فإن قال قائل: فما وجه قوله ( ولا طائر يطير بجناحيه ) ؟ وهل يطير الطائر إلا بجناحيه ؟ فما في الخبر عن طيرانه بالجناحين من الفائدة ؟ " . ثم يبين أن ذكرها إنما جاء من قبيل " إرادة المبالغة جريا على قول العرب في خطابهم : كلّمْته بفمي و ضربته بيدي " . وأما القرطبي في تفسيره فبيّن أنها جاءت : " للتأكيد وإزالة الإبهام ، فإنّ العرب تستعمل الطيران لغير الطائر : تقول للرجل : طِرْ في حاجتي " . ولا شك أن هذا التأويل بعيد .
ومع ذلك فإن وقوف الطبري عندها ، وغيره ممن حاولوا النظر فيها ؛ لدليل على فطنتهم وسعة فهمهم وعمق نظرهم ، وإن لم يدركوا سرها فإن ذلك لا ينقص بتاتا من قدرهم ولا يحط من مكانتهم ولا يهوّن من شأن علمهم ، لأن علمها في الحقيقة يتجاوز عصرهم ويمتد وراء آفاق مدركاتهم .
نعرف عزيزي القارئ أن الطائر يتميز عن سائر الدواب بجناحيه الذين يمكنانه الطيران ، فإذا ذكر الطائر تبادرت إلى الذهن صورته بجناحين اثنين مطويين أو منشورين ، يخطر على الأرض أو يحلق في الفضاء . لذلك فإنّ ذكْر الطائر يغني عن ذكر جناحيه . فإذا ذكر الطائر وتلاه ذكر جناحيه فلا بد أن يكون وراء ذكرهما قصد مقصود وهدف منشود . فما هو القصد من ذكر الجناحين بعد ذكر الطائر في الآية السابقة ؟ لماذا قال تعالى ( ولا طائر) ولم يكتف بذكر الطائر بل جاء بعده بذكر صفته اللازمة قائلا ( يطير بجناحيه ) ؟
الجواب ـ والله أعلم ـ : لأن هناك ما يطير في الفضاء ويحلق في الأجواء ولكنه ليس أمما أمثالنا ، وإنما هو شيء مختلف وصنع مختلف ، لا يدركه الإنسان العربي القديم في عصره ، ولا يعرف عنه شيئا . أما إنسان عصر العلم والتكنولوجيا وغزو الفضاء ؛ فإنه يعرفه تمام المعرفة ، لأنه رآه بعينه وسمعه بأذنه ، وشاهد فعله وأثره ، وأدرك خيره وشره . ألا ترى عزيز القارئ كيف تحول الفضاء حول الأرض في هذا العصر إلى شبكة من الخطوط الملاحية التي تطير فيها الطائرات وتعبرها النفاثات محلقة في الفضاء ، مختصرة مسافات الأرض ، مختزلة أبعاد الزمان . ولكنها كلها تطير مدفوعة بقوة احتراق الوقود . فإذا لم تزود خزاناتها بالوقود النفاث ظلت جاثمة في أماكنها عاجزة عن الطيران . وإذا نفد وقودها وهي في الجو هوت ركاما وأمست حطاما . إن هذه الأجسام الطائرة في جو السماء لا تطير طيرانا ذاتيا بأجنحتها بل بقوة احتراق الوقود ، فهل هي أمم أمثالنا ؟
تتضح حكمة الله تعالى هنا ، ويبرز وجه الإعجاز البياني القرآني بذكر هذه العبارة التي استثنت من طيور السماء كل ما أخرجته مصانع الطائرات العسكرية والمدنية من وسائط النقل الجوي في هذا العصر . ولو لم تأت هذه العبارة الاحترازية الإعجازية ( يطير بجناحيه ) لكان لقائل أن يقول : إن القرآن لا يفرق بين الكائن الحي والجماد ولا بين الطائر الحقيقي والطائر الصناعي ، إذ كيف تكون الطائرات النفاثة والمروحية وغيرها أمما أمثال البشر ؟؟ إن هذا لمحال .
لقد كان كافيا للعربي زمن نزول القرآن ليدرك المعنى أن تأتي الآية من غير هذه العبارة التي تساءل عن سر ذكرها المفسرون ، ولكن القرآن لم ينزل للعرب فحسب ، ولا لذلك الزمان وحده ، وإنما نزل للعالمين وإلى يوم الدين . وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) ].
وأمثلة هذا الكاتب كثيرة جداً ولولا ضيق الوقت لأوردت أمثلة أخرى ولكن حسبي من هذا التذكير بأهمية هذا الأمر والوقوف عليه ـ كما قلت ـ للبحث عن الأسباب والعلاج ، خصوصاً وأن مثل هذا ممن يدرس في الجامعات ويخرج الأجيال ، فأي الأجيال تلك التي ستخرج لنا من تحت يديه ؟.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: