عمار الخطيب
New member
- إنضم
- 08/02/2005
- المشاركات
- 537
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 18
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر أخي البَحَّاثة الأستاذ فيصل المنصور – وفقه الله - سلسلة دروسٍ مفيدةٍ في الإملاء في ملتقى أهل اللغة ، وكان مما لفتَ نظري في أحد هذه الدروس قوله: " والياءُ صورتُها على التحقيقِ ( ي ) ، لا ( ى ) كما يَرسمُها بعضُ أهلِ الأقطارِ ، لأنَّها إذا كانت تُنقَط في الوصلِ ، فالقياسُ نَقطُها في الانفصال أيضًا . ولأنَّ في تركِ نَقطها التباسًا لها بالألف المقصورة ، والرسمُ مبنيٌّ على إزالةِ اللَّبسِ " .
فَهَاكَ تَحْشِيَةً على قول الأستاذ ، توضح غامضه ، وتُفَصِّلُ مُجْمَله ، وتُبْرِزُ فوائده من التلويح إلى التصريح.
اختلف علماء الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمُون في إعجام الياء وإهمالها إذا انفَصَلَتْ أَوْ تَطَرَّفَتْ ، وامتدَّ هذا الاختلاف إلى عصرنا الحاضر ، فتارة يرسمها بعضُ أهل الأقطار ياءً مُهْمَلَةً ( ى ) ، وهذا مذهب كثير من الناشرين والمُحَقِّقِينَ المصريين ، وتارة يرسمها آخرون ياءً مَنْقُوطَةً ( ي ).
وكان علماء الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمُون قد عَلَّلُوا استغناءهم عن نَقْطِهَا في حالة الإفراد والتطرف بمخالفتها غيرها في الصورة ، فالياء عندهم لا تشتبه بغيرها حينئذٍ ، قال الداني « المحكم ص36 »: " ورُوِيَ عن الخليل بن أحمد أنه قال:...والياء إذا وُصِلَتْ نُقِطَتْ تحتها اثنتين ، لئلا تلتبس بما مضى ، فإذا فُصِلَتْ لم تُنْقَطْ ".
وقال ابن درستويه « كتاب الكُتَّاب ص96 »: " ومنها ما اسْتُغْنِيَ عن نَقْطِهِ في حال انفراده لمخالفته غيره في الصورة عند انفراده ، وأُلْزِمَ النقط عند اتصال ما بعده لاشتباهه في هذه الحالة بغيره ، وذلك أربعة أحرف: الفاء ، والقاف ، والنون ، والياء ".
وقال القلقشندي « صبح الأعشى 3/ 159 »: " وأما الياء فإنها تنقط بنقطتين من أسفلها ، وإن كانت في حالة الإفراد والتطرف في التركيب لها صورة تخصُّها: لأنها في حالة التركيب في الابتداء والتوسط تشابه الباء ، والتاء ، والثاء ، والنون ، فيحتاج إلى بيانها بالنقط لتغليب حالة التركيب على حالة الإفراد كما في النون... ".
ومن الطَّرِيفِ أَنَّ الكُتَّابَ قديما كانوا يكرهون " الشَّكْلَ والإِعْجَامَ إلا في المواضع الملتبسة من كُتُب العظماء إلى مَنْ دونهم ، فإذا كانت الكُتُبُ ممن دونهم إليهم ، تُرِكَ ذلك في الملتبس وغيره ، إجلالا لهم عن أَنْ يتوهم عنهم الشك وسوء الفَهْم ، وتنزيها لعلومهم وعلوم معرفتهم عن تقييد الحروف " « الصولي: أدب الكُتَّاب ص57 » ، ورُوِيَ عن بعض الأدباء أنه قال:
" كَثْرَةُ النَّقْطِ في الكِتَابِ سُوءُ ظَنٍّ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ " « القلقشندي: صبح الأعشى 3/ 154 ».
والقياس أَنْ تُنْقَطَ الياءُ في الانفصال كما تُنْقَط في الوصل ، لئلا تلتبس بالألف المقصورة ، والنَّقْطُ وُضِعَ لِيَزُولَ اللبس ويَذْهَبَ الاشتراك ، وهو كما يقول ابن درستويه « كتاب الكُتَّاب ص94 »: " زيادةٌ تلحق الحرف فرقا بينه وبين غيره " ، وإذا كان " الكُتَّاب يزيدون في كتابة الحرف ما ليس في وزنه ، ليفصلوا بالزيادة بينه وبين المشبه له " « ابن قتيبة: أدب الكاتب ص213 » ، كما في نحو (أولئك) ، وَ(عمرو) ، و(مائة) ، فمن الأولى إعجام الياء في الإملاء الحديث فَرْقًا بينها وبين الألف المقصورة ، وإذا كان أهل عصرنا قد فسدت ألسنتهم ، ودخل اللحنُ على كثير منهم ، وصاروا لا ينطقون على سجيتهم ، فالأجود نَقْطُ الياء في جميع حالاتها ، فَصْلاًً بين مشتبهين ، دفْعًا للبس والوهم والخطأ ، وتيسيرا للقارئ ، وتحقيقا للمطابقة بين المنطوق والمكتوب.
والله أعلم.
عمار محمد الخطيب
2010-10-04
http://www.arrakem.com/ar/Index.asp?Page=270
نشر أخي البَحَّاثة الأستاذ فيصل المنصور – وفقه الله - سلسلة دروسٍ مفيدةٍ في الإملاء في ملتقى أهل اللغة ، وكان مما لفتَ نظري في أحد هذه الدروس قوله: " والياءُ صورتُها على التحقيقِ ( ي ) ، لا ( ى ) كما يَرسمُها بعضُ أهلِ الأقطارِ ، لأنَّها إذا كانت تُنقَط في الوصلِ ، فالقياسُ نَقطُها في الانفصال أيضًا . ولأنَّ في تركِ نَقطها التباسًا لها بالألف المقصورة ، والرسمُ مبنيٌّ على إزالةِ اللَّبسِ " .
فَهَاكَ تَحْشِيَةً على قول الأستاذ ، توضح غامضه ، وتُفَصِّلُ مُجْمَله ، وتُبْرِزُ فوائده من التلويح إلى التصريح.
اختلف علماء الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمُون في إعجام الياء وإهمالها إذا انفَصَلَتْ أَوْ تَطَرَّفَتْ ، وامتدَّ هذا الاختلاف إلى عصرنا الحاضر ، فتارة يرسمها بعضُ أهل الأقطار ياءً مُهْمَلَةً ( ى ) ، وهذا مذهب كثير من الناشرين والمُحَقِّقِينَ المصريين ، وتارة يرسمها آخرون ياءً مَنْقُوطَةً ( ي ).
وكان علماء الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمُون قد عَلَّلُوا استغناءهم عن نَقْطِهَا في حالة الإفراد والتطرف بمخالفتها غيرها في الصورة ، فالياء عندهم لا تشتبه بغيرها حينئذٍ ، قال الداني « المحكم ص36 »: " ورُوِيَ عن الخليل بن أحمد أنه قال:...والياء إذا وُصِلَتْ نُقِطَتْ تحتها اثنتين ، لئلا تلتبس بما مضى ، فإذا فُصِلَتْ لم تُنْقَطْ ".
وقال ابن درستويه « كتاب الكُتَّاب ص96 »: " ومنها ما اسْتُغْنِيَ عن نَقْطِهِ في حال انفراده لمخالفته غيره في الصورة عند انفراده ، وأُلْزِمَ النقط عند اتصال ما بعده لاشتباهه في هذه الحالة بغيره ، وذلك أربعة أحرف: الفاء ، والقاف ، والنون ، والياء ".
وقال القلقشندي « صبح الأعشى 3/ 159 »: " وأما الياء فإنها تنقط بنقطتين من أسفلها ، وإن كانت في حالة الإفراد والتطرف في التركيب لها صورة تخصُّها: لأنها في حالة التركيب في الابتداء والتوسط تشابه الباء ، والتاء ، والثاء ، والنون ، فيحتاج إلى بيانها بالنقط لتغليب حالة التركيب على حالة الإفراد كما في النون... ".
ومن الطَّرِيفِ أَنَّ الكُتَّابَ قديما كانوا يكرهون " الشَّكْلَ والإِعْجَامَ إلا في المواضع الملتبسة من كُتُب العظماء إلى مَنْ دونهم ، فإذا كانت الكُتُبُ ممن دونهم إليهم ، تُرِكَ ذلك في الملتبس وغيره ، إجلالا لهم عن أَنْ يتوهم عنهم الشك وسوء الفَهْم ، وتنزيها لعلومهم وعلوم معرفتهم عن تقييد الحروف " « الصولي: أدب الكُتَّاب ص57 » ، ورُوِيَ عن بعض الأدباء أنه قال:
" كَثْرَةُ النَّقْطِ في الكِتَابِ سُوءُ ظَنٍّ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ " « القلقشندي: صبح الأعشى 3/ 154 ».
والقياس أَنْ تُنْقَطَ الياءُ في الانفصال كما تُنْقَط في الوصل ، لئلا تلتبس بالألف المقصورة ، والنَّقْطُ وُضِعَ لِيَزُولَ اللبس ويَذْهَبَ الاشتراك ، وهو كما يقول ابن درستويه « كتاب الكُتَّاب ص94 »: " زيادةٌ تلحق الحرف فرقا بينه وبين غيره " ، وإذا كان " الكُتَّاب يزيدون في كتابة الحرف ما ليس في وزنه ، ليفصلوا بالزيادة بينه وبين المشبه له " « ابن قتيبة: أدب الكاتب ص213 » ، كما في نحو (أولئك) ، وَ(عمرو) ، و(مائة) ، فمن الأولى إعجام الياء في الإملاء الحديث فَرْقًا بينها وبين الألف المقصورة ، وإذا كان أهل عصرنا قد فسدت ألسنتهم ، ودخل اللحنُ على كثير منهم ، وصاروا لا ينطقون على سجيتهم ، فالأجود نَقْطُ الياء في جميع حالاتها ، فَصْلاًً بين مشتبهين ، دفْعًا للبس والوهم والخطأ ، وتيسيرا للقارئ ، وتحقيقا للمطابقة بين المنطوق والمكتوب.
والله أعلم.
عمار محمد الخطيب
2010-10-04
http://www.arrakem.com/ar/Index.asp?Page=270