إعجاز آية النور في تشبيه زُجاجة المصباح بالكوكب الدُري، وبيان الفرق بينهما وبين الشمس والقمر والشهاب

إنضم
08/02/2024
المشاركات
139
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مصر، المنصورة
إعجاز آية النور في تشبيه زُجاجة المصباح بالكوكب الدُري، وبيان الفرق بينهما وبين الشمس والقمر والشهاب.

venus-saturn-neptune-moon-february-2025~3.jpg


شبه الله زُجاجة المصباح في سورة النور بالكوكب الدُري (الزُهرة)، بينما شبه النبي صورة أول زمرة تدخل الجنة بالقمر ليلة البدر، وثاني زُمرة بالزُهرة، فيبدو للوهلة الأولى أن هناك تعارض بين الآية والحديث، فالآية فضلت الزُهرة على القمر، بينما فضل الحديث القمر على الزُهرة، وكلاهما لا يذكر الشمس في المُقارنة، مع أنها أكبر وأنور. وهذا التعارض يزول، ويظهر الإعجاز إذا عرفنا أن زجاجة المصباح، ووجه المؤمن لا يُنتجان النور، فهما في ذلك مثل الزُهرة والقمر اللذان يستمدان النور من الشمس. وكوكب الزُهرة يملك غلاف غازي يشتت ويعكس الضوء أكثر من القمر بكثير، وهذه نفس صفة زجاجة المصباح التي تجعلها تضاعف النور فتبدو لامعة كالدُر. وأما صورة القمر ليلة البدر فتبدو من الأرض أكبر وأنور من الزُهرة، وهذا هو وجه التفاضل بين أول وثاني زمرة يدخلون الجنة، وإليكم التفصيل.

الدلالة اللغوية والعلمية في آية النور (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيّ، يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُور) [ النور: 35]

قال ابن كثير (ضوء الزجاجة المشرق يشبه كوكب من لؤلؤ لامع، ومضيء مُبين ضخم). وقال القُرطبي وغيره (الكوكب الدُري هو الزُهرة، والمصباح فيها أنور منه في غير الزجاج. وكأنها كوكب دُري أي في الإنارة والضوء، وذلك لصفاء الزجاجة وجودة جوهرها). وقال البغوي (الدُري؛ أي شديد الإنارة ، نُسب للدر في صفائه وحسنه، وقيل : الكوكب الدري واحد من الكواكب الخمسة العظام: زحل والمريخ ، والمشتري، والزهرة، وعطارد). واختار ابن عاشور أنه كوكب الزُهرة فقال (الكوكب الدري علم بالغلبة على كوكب الزهرة).

وهناك قراءة أخرى للفظة (دُري) وهي (درِيء)، وهو من الدرأ أي الدفع، وفُسرت بالشهاب يدفع الشياطين من السماء، أو بطلوع كوكب السماء إذا اندفع في مسيره من المشرق للمغرب، فيُقال درأ الكوكب، ودرأ فلان أي طلع وظهر. وأرى أن تفسير الكوكب الدُري بالشهاب خطأ لأن الشهاب مُضيء بذاته (يحترق في جو الأرض) كالشمس، والزُجاجة مُنيرة بضوء زيت المصباح، فلا يتفق المُضيء بذاته مع المُنير بغيره في التشبيه. والنبي وصف الكوكب الدُري بصفات تتوافق مع الزُهرة وليس الشُهب، فقال بأنه بعيد (غابر) في السماء، وله شروق وغروب، فقال في الصحيحين (إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ، كما يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ في الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أوِ المَغْرِبِ). كما أن العرب كانت تعرف كواكب المجموعة الشمسية، وتسميها النجوم الدراري (جمع دُري، وهي زُحَل، وعُطارِد، والمُشْتَري، وبَهْرام = المريخ، والزُّهرة)، وكان ألمعها وأضوءها، وابيضها عندهم هو كوكب الزهرة، بل هم من سموه بهذا الإسم، يقول مُعجم لسان العرب (الزُهرة كوكبٌ سَيَّارٌ أَبيضُ شديدُ اللمعان).

طبيعة أنوار الشمس، والقمر، وزُجاجة المصباح، والكوكب الدُري، والنجم الثاقب، والشهاب الثاقب.

قال الله عن الشمس (وجعلنا سراجاً وهاجا)، أي مُنتجة للضوء كالنار، فتضيء ما حولها فيُصبح مُنير، رغم أنه غير مُنتج للضوء. وقد فرق الله بين الشمس والقمر فقال (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا)، وقال (وجعل فيها سراجا، وقمرا منيرا)، فالقمر نور، ومُنير، أي مُستمد لنوره من مصدر آخر مُنتج للضوء، ولو أنتجه لسماه الله سراج، قال ابن كثير (جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء، وجعل شعاع القمر نورا ، هذا فن وهذا فن آخر ، ففاوت بينهما لئلا يشتبها). وقال ابن عاشور (وفِي جَعْلِ القَمَرِ نُور إشارة إلى أنَّ ضَوْءَه لَيْسَ مِن ذاتِهِ، فهو مُظْلِمٌ ويَسْتَضِيءُ بِانْعِكاسِ أشِعَّةِ الشَّمْسِ عَلى وجْهِهِ). ونفس صفة الشمس (سراج وضياء) موجودة في الشهاب الثاقب، والنجم الثاقب، فمعاني ثاقب تدل على إنتاج الضوء، قال الطبري وغيره (الثاقب؛ أي المُضيء، والذي يتوهَّج، والذي يُشعل ناراً، فالعرب تقول أثقب نارك: أي أضئها)، وأضاف ابن كثير (ثاقب أي مُحرق للشيطان)، وهذه الصفات تشبه الشمس وليس القمر.

وكما فرق الله بين الشمس والقمر، والنجم الثاقب، والشهاب الثاقب، فقد فرق بين ضوء زيت المصباح ونور زجاجة المصباح، ونور الكوكب الدُري، فاشتعال زيت المصباح يعطي الضوء كالنار، وكالشمس، وأما الزُجاجة حول المصباح فتستقبل النور فتعظم أثره، فتجعله نوراً على نور، وبذلك يمكننا القول بأن الزيت سراج وضياء، والزجاجة مُنيرة. وبذلك نفهم وجه الشبه بين الزحاجة والكوكب الدُري، فكما أن الزجاجة تستنير بضوء الزيت، فكذلك الكوكب الدُري يستنير بضوء غيره، فظهر الفرق بينه وبين الشمس، فالشمس سراج والكوكب الدُري نور، ومنير كزُجاجة المصباح، وكالقمر.

وجه الشبه بين تلألؤ زُجاحة المصباح والكوكب الدُري

بالإضافة للنفاذية للضوء، يمتلك الزُجاج حسب مادة صناعته وجودة صقله خصائص تعطيه لمعان وتألق كلمعان وتألق الماس، واللؤلؤ، وذلك بسبب إنعكاس وتشتت بعض الضوء على جدران الزُجاج، فالزجاج يتكون من السيليكا (الرمل) بنسبة 75 % تقريباً، مع بعض الشوائب، بالاضافة لأكسيد الرصاص في الزجاج الكريستالي، وهذه الشوائب والإضافات تعمل كجزيئات عاكسة ومُشتتة للضوء في إتجاهات كثيرة جدا، فتعطي الزجاج توهج وبريق إضافي عند التعرض للضوء، وذلك يجعل زجاجة المصباح تضاعف نور المصباح فيصير نور على نور، وقد يظن الرائي أن زجاجة المصباح هي التي تصدر الضوء، وخصوصاً في ظل نقاء وصفاء ضوء شُعلة زيت الزيتون الذي يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار.

وأما لمعان كوكب الزهرة بدرجة أكبر من باقي كواكب المجموعة الشمسية، وأكبر من القمر، فبسبب قربه من الشمس، وبسبب غلافه شبه الشفاف (translucent)، فالزهرة له غلاف غازي به سحب كثيفة من جزيئات حامض الكبريتيك، وهي جزيئات عاكسة ومشتتة للضوء، فيحدث انكسار وتشتت لأشعة النور الواصلة له من الشمس، في اتجاهات كثيرة جداً، وتعكس أغلب الاشعة الواصلة له من الشمس (75%)، مما يزيد من درجة إشراقه ولمعانه مُقارنة بالقمر الذي له غلاف رقيق جدا، وسطح صخري يمتص أغلب أشعة الشمس فلا يعكس إلا نسبة بسيطة (13%) من الأشعة الساقطة عليه. وهذا الفرق بين لمعان الزُهرة والقمر يُعرف علمياً باسم (العاكسية) أو (الألبيدو Albedo)، أو (الوضاءة والبياض)، والعاكسية تقيس قدرة الجسم على عكس نسبة معينة من الضوء الساقط عليه، وكلما زاد الضوء المنعكس كلما كان الجسم أكثر بياضاً وإشراقاً. وهذا اللمعان يختلف بعض الشيء حسب أطوار الزهرة (الهلال/الربع)، فيزداد اللمعان مع اندفاعها أثناء الطلوع من أُفق المشرق.

حديث زُمر الجنة في الصحيحين (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، والذينَ علَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السَّمَاءِ إضَاءَةً).

ظاهرياً يبدو هناك تعارض بين آية النور والحديث، فالآية فضلت الكوكب الدُري (الزهرة) على القمر، بينما فضل الحديث القمر على الكوكب الدُري، وكلاهما لا يذكر الشمس مع أنها أكبر وأنور. وهذا التعارض يزول إذا فهمنا مُراد التشبيهين، فالآية تصف قُدرة الزجاجة على التأثر بضوء المصباح لإنتاج لمعة شديدة البياض كاللؤلؤ، والزُهرة يلمع ويُنير بضوء غيره كالزُجاجة. وكما أن الزجاجة تضاعف الإنارة ودرجة اللمعان (نور على نور)، فأيضاً مادة الكوكب الدُري تُضاعف الإنارة، ودرجة اللمعان، فيكون بدرجة أكبر من القمر، وهذا هو علة تفضيل الآية للكوكب الدري على القمر.

وأما الحديث فيصف صور وجوه زُمر الجنة بحسب ما تظهر للعيون، أيها يبدو أكبر وأنور من الآخر، فناسبها المُقارنة مع حجم الصور الظاهرة للأجرام من الأرض، فصورة القمر ليلة البدر ظاهرياً من الأرض أكبر من الزُهرة. ومع أن الشمس أكبر وأنور من القمر والزُهرة إلا أن النبي لم يستخدمها للتشبيه، لأن وجوه المؤمنين لا تُنتج الضوء، بل تستمده من الوحي الرباني، بينما الشمس تُنتج النور. وعلمياً عندما نريد التفريق بين صور الأجرام السماوية أيها أكبر وأنور، وأيها أصغر، نستخدم مقياس اللمعان الظاهري (Apparent Magnitude): وهو مدى لمعان نور الجرم ظاهرياً كما يُرى من الأرض، ويعتمد على المسافة، والحجم الظاهري، والعاكسية. وهذه القيمة كلما كانت أقل، كلما كان الجرم أكبر وأنور، ولمعانه الظاهري أعلى. وقيمة اللمعان الظاهري للشمس = −26.73 ، واللمعان الظاهري للقمر في البدر = -12.7، واللمعان الظاهري للزهرة = -4.6. وعليه فاللمعان الظاهري لصورة الشمس أعلى من القمر، والقمر أعلى من الزهرة، وذلك بسبب قربه من الأرض (384,400 كم). وبذلك نفهم لماذا شبه الحديث صور وجوه زُمر الجنة بالصور الظاهرة للأجرام من الأرض، فالقمر أكبر وأنور من الزُهرة.

أوجه الإعجاز:

1. القُرآن يفرق بدقة بين "الضياء" و"النور"، فالضياء يُشير لمصدر مُنتَج للضوء مثل الشمس وزيت المصباح، بينما النور يشير لجسم لا يُنتج الضوء، ولكن يستمده من غيره، مثل القمر، وزجاجة المصباح، والكوكب الدُري (الزُهرة).

2. الإعجاز في استبعاد الشمس من التشبيه رغم أنها أكبر وأنور، لأنها مُنتجة للضوء، بينما الزجاجة، ووجوه المؤمنين، وكوكب الزهرة، والقمر لا يُنتجوا الضوء، بل يستمدوه من مصدر آخر. وأيضاً كانت التشبيهات مُعجزة حين استبعدت النجم الثاقب والشهاب الثاقب، فكلاهما منتج للضوء.

3. عندما شبه القرآن الكوكب الدُري بزجاجة المصباح المُنيرة، وليس زيتها المضيء، فقد سبق العلم في الإشارة إلى أن كوكب الزُهرة غير مُنتج للضوء مثل الزجاجة وأنه مُختلف عن الشمس التي تنتج الضوء، وبذلك يمكننا القول أن القُرآن لم يكتف ببيان الفرق بين الشمس والقمر كما يظن الغالبية، ولكن أيضاً أشار للفرق العلمي بين الشمس كنجم، والزهرة ككوكب، وذلك قبل أن يصل العلم لهذا التفريق.

4. إعجاز القُرآن في الربط بين نور الزجاجة ونور كوكب الزهرة، بدقة فيزيائية عجيبة، فكلاهما له القدرة على عكس وتشتيت النور الواصل لهما بواسطة جزيئات خاصة، مما يعطي لمعان (ألبيدو) عالي كالدُر، وأعلى من القمر وباقي كواكب المجموعة الشمسية، فكأنه تمت مُضاعفة النور، فتوافق ذلك مع قول الله "نور على نور".

5. لا يوجد تعارض بين آية النور وحديث زُمر الجنة، بل هناك توظيف مُعجز، فكل منهما يستخدم مقياس علمي مختلف، فالآية تفضل الزهرة للمعانها الذاتي (ألبيدو عالي)، بينما الحديث يفضل القمر لأول زُمر الجنة بسبب حجمه الظاهري الأكبر والأنور من الزهرة عند الرصد من الأرض.

6. إعجاز تكامل القراءات لوصف لمعان الزُهرة عند توقيت معين، فقراءة (دُري) بينت شدة اللمعان والبياض (الألبيدو) كالدُر، وأما قراءة (دريء) فبينت أنه ألمع أثناء اندفاعه طالعاً من أفق المشرق، فلمعان كوكب الزهرة يتفاوت في الشدة أثناء مساره الظاهري من المشرق للمغرب، ويكون ألمع عند أفق المشرق والمغرب.

اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك، وما كان من خطأ أو سهوٍ، أو زلل، أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء.

د. محمود عبدالله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر
 
المراجع العلمية:
Seager, S. (2010). Exoplanet Atmospheres. Princeton University Press. [للألبيدو وخصائص الزهرة]

Karttunen, H., et al. (2017). Fundamental Astronomy. Springer. [للقدر الظاهري للقمر والزهرة]

Williams, D. R. (2014). Moon Fact Sheet. NASA Goddard Space Flight Center. [لألبيدو القمر]

de Pater, I., & Lissauer, J. J. (2015). Planetary Sciences. Cambridge University Press. [لمقارنة الألبيدو بين الكواكب]

Hecht, E. (2017). Optics. Pearson Education. [لقانون العكس التربيعي وخصائص الضوء]

Mallama, A. (2012). Planetary Magnitudes and Phases. Icarus. [لأطوار الزهرة ولمعانها]

Swarovski, E. (2005). Crystal Optics in Lighting Design. Swarovski Crystal. [لخصائص الزجاج الكريستالي]

Lakhtakia, A. (1996). Fluorescent Glass and Its Applications. Journal of Luminescence. [للزجاج الفلوري]

Bass, M., et al. (2009). Handbook of Optics. Optical Society of America. [لخصائص الزجاج المصقول]

Allen, D. A. (1973). The Infrared Spectrum of Venus. Lunar and Planetary Institute. [لخصائص الزهرة]
 
الفرق بين الضياء والنور

 
فكرة البحث القادم بإذن الله مشتقة من البحثين اعلاه، وهي كالتالي؛

الكواكب، والنجوم، والمصابيح: وجهة نظر للنقاش

1. الكواكب مُصطلح عام لكل أجرام السماء الدُنيا، وبدون إشارة لفروقات بينها، مثل كونها منتجة للضوء أو غير منتجة، فقط تشير لُغةً لجسم مضيء، بدون تحديد لصفاته. وبذلك فقد أخطأ من ظن أن كواكب القُرآن تشير لجسم مُعتم فقط، وأخطأ من قال بأن الكواكب التي سجدت ليوسف مع الشمس والقمر هي كواكب المجموعة الشمسية فقط، وأن عدد كواكب المجموعة الشمسية مُحدد في القُرآن بالعدد ١١، وأن العلم لابد سيثبت يوماً ما أنها ١١.

2. مصابيح السماء مُصطلح خاص يشير للكواكب التي تنتج الضوء فقط، فلُغةً المصباح هو السراج، وذلك مثل مصباح زيت الزيتون في آية النور.

3. النجوم اسم عام لكل الأجرام التي تزين السماء في بعض السياقات، كذكر تسخير النجوم لنا، أو سجودها لربها. ولكن هناك سياقات قُرآنية تصف النجوم بصفات خاصة، فتقسمها لنوعين، فإذا وصفت بالطارق الثاقب فهي سُرُج مُنتجة للضوء، وإذا وُصفت بالخُنس الكُنس (الحركة التراجعية لبعض كواكب المجموعة الشمسية)، فهي نجوم دراري، أو كواكب دُرية منيرة كزجاجة المصباح في آية النور.

د. محمود عبدالله نجا
 
وبعد فهم أن المصابيح تعبر عن المُضيء بذاته، فلا يدخل فيها الأجرام المُعتمة، ينبغي أن نفهم لماذا ذكر الله لفظة الرجوم مع المصابيح ولم يذكر لفظة الشهب وهي الأكثر استعمالا في القُرآن

الفرق بين الشُهب والرجوم في القُرآن
عندما تُذكر الشُهب في القُرآن تكون مُرتبطة بالسماء بصفة عامة أو في سياق ذكر الكواكب (كل أجرام السماء)، بينما لفظة رجوم لم تذكر إلا مرة واحدة مقرونة بمصابيح السماء، ومصابيح السماء هي سُرُج كالشمس، أي هي النجوم بالتعريف العلمي الحديث. وما ينفصل عن النجوم ليس بالضرورة أجسام صُلبة يمكن تسميتها شهب، فلو ربط القُرآن بين المصابيح والشهب لكان هذا الربط غير علمي، فأغلب الشهب علمياً مصدرها أجسام صخرية صُلبة مُعتمة.

وعليه فربط الشهب بالسماء والكواكب، وربط الرجوم بمصابيح السماء هو من دقة القرآن وإعجازه، فالرجوم أعم وأشمل من الشُهب، فيمكن ان نقول كل شهاب هو من الرجوم، ولكن ليس كل رجم (مفرد رجوم) هو شهاب.

وهنا لابد من تساؤلات منطقية؛
1. هل هناك شهب تأتي من خارج المجموعة الشمسية (شُهب مُهاجرة)؟
2. ما هي أنواع الرجوم التي تنفصل عن النجوم؟
3. هل هناك نجوم تكون شُهب صُلبة؟
4. هل يمكن رجم شيطان بجزء من نجم أو حتى بنجم كامل؟
5. هل الشُهب والرجوم يمكنها التاثير على شيطان مخلوق من نار (مخلوق من طاقة)؟

بالله قبل أي اعتراض أرجو أن نقرأ عن الأشعة والمواد التي تنفصل عن النجوم في أثناء حياتها، وعن نواتج اصطدام النجوم، وعن النجوم الهاربة أو فائقة السرعة، ونقرأ عن مراحل موت النجوم، وانفجارها، وما ينشأ عن كليهما من نواتج مختلفة، بعضها أشعة وطاقة، وقد تكون أحياناً مواد صُلبة تصلح أن تكون شُهب.

د. محمود عبدالله نجا
 
عودة
أعلى