ابو حيان

New member
إنضم
18 أبريل 2003
المشاركات
30
مستوى التفاعل
0
النقاط
6

السلام عليكم

كنا -ونحن في دار غربة- نتدارس بعض الآيات من سورة الأنبياء، وكنا نقرأ في التفسير الميسر، فلما قرأنا قوله تعالى ( لو أردنا أن تخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) قرأنا في تفسيرها :
لو أردنا أن نتخذ لهوًا من الولد أو الصاحبة لاتخذناه من عندنا لا من عندكم, ما كنا فاعلين ذلك; لاستحالة أن يكون لنا ولد أو صاحبة.
فأشكل علينا المراد من قوله ( من لدنا ) ولم نتستطيع فهم المعنى ، فرجعت إلى أقوال المفسرين رحمهم الله تعالى
فوجدت كثيرا من المفسرين يذكر أن المراد: لاتخذناه من عندنا من أهل السماء أو من الملأ الأعلى، وهذا جاء عن بعض السلف رحمهم الله تعالى ، كما رواه ابن جرير عن بعضهم، ولم يذكر ابن الجوزي غير هذا القول
قال ابن الجوزي :
قوله تعالى: {لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا } قال ابن جريج: لا تخذنا نساء أو ولدا من أهل السماء، لا من أهل الأرض. قال ابن قتيبة: وأصل اللهو: الجماع، فكني عنه باللهو، كما كني عنه بالسر، والمعنى: لو فعلنا ذلك لاتخذناه من عندنا، لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده،لا عند غيره.
وفصل ابن عاشور هذا المعنى فقال:
وجملة ((لو أردنا أن نتخذ لهوا)) مقررة لمعنى جملة ((وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين))، تقرير بالاستدلال على مضمون الجملة، وتعليلا لنفي أن يكون خلق السماوات والأرض لعبا، أي عبثا بأن اللعب ليس من شأننا أو على الفرض والتنازل لو أردنا اللهو لكان ما يلهو به حاصلا في أشرف الأماكن من السماوات فإنها أشد اختصاصا بالله تعالى إذ جعل سكانها عبادا له مخلصين، فلذلك عبر عنها باسم الظرف المختص وهو ((لدن)) مضافا إلى ضمير الجلالة بقوله تعالى من ((لدنا)) أي غير العوالم المختصة بكم بل لكان في عالم الغيب الذي هو أشد اختصاصا بنا إذ هو عالم الملائكة المقربين. فالظرفية المفادة من ((لدن)) ظرفية مجازية. وإضافة ((لدن)) إلى ضمير الجلالة دلالة على الرفعة والتفضيل كقوله تعالى ((رزقا من لدنا)) في سورة القصص وقوله تعالى ((وهب لنا من لدنك رحمة)) في آل عمران، أي لو أردنا أن نتخذ لهوا كان اتخاذه في عالم شهادتكم. وهذا استدلال باللزوم العرفي لأن شأن من يتخذ شيئا للتفكه به أن يستأثر به ولا يبيحه لغيره وهو مبني على متعارف عقول المخاطبين من ظنهم أن العوالم العليا أقرب إلى الله تعالى.
ولكن هذا المعنى فيه إشكال، لأن بعض كفار العرب يزعمون أن الملائكة أولاد الله، وهم من الملأ الأعلى ، ومعلوم أن السورة مكية والآيات بعدها تتحدث عن الملائكة، فلا شك أن الملائكة هم مقصودون أولا بهذه الآية .
أقصد أن لقائل من كفار العرب ان يقول : نحن نزعم أن الله –تعالى الله عن ذلك علوا كبير- اتخذ الملائكة أولادا وهم أشرف الخلق وهم أهل السماوات وأقرب الناس إليه فهم من لدنه.
ولذلك ذكر البغوي رحمه الله تعالى أن المراد بهذه الآية هم النصارى ، قال البغوي :
"لاتخذناه من لدنا "، أي من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض. وقيل: معناه لو كان جائزاً ذلك في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم ويستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه. وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بهذا وقال: " لاتخذناه من لدنا " لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده، لا عند غيره
لكن كون المراد بالآية النصارى فقط بعيد عن سياق الآيات والله أعلم.
و جاء في الطبري عن مجاهد أنه قال: (لاتّـخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا): من عندنا, وما خـلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا.
ولم أفهم مراد مجاهد رحمه الله تعالى .
ووجدت من أحسن العلماء مسلكا في هذه الآية ابن كثير رحمه الله تعالى ، فإنه ذكر أقوال السلف فيها ثم قال:
وهو كقوله تعالى: ((لو أراد الله أن يتخذ ولداً لا صطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار)) فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقاً ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو العزير أو الملائكة سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
فهو رحمه الله تعالى كما ترى فسرها بقوله تعالى : ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء )
لكن يبقى الإشكال الذي ذكرته قائما إذا فسرناها على هذا المعنى.
وإن فسرنها على القول الآخر الذي ذكره البغوي زال هذا الإشكال ، وهذا القول هو الذي فسر به ابن سعدي هذه الآية حيث قال بعبارة جميلة :
"لاتخذناه من لدنا" أي : من عندنا " إن كنا فاعلين " ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو ، لأن ذلك نقص ومثل سوء ، لا نحب أن نريه إياكم ، فالسموات والأرض اللذان بمرأى منكم على الدوام ، لا يمكن أن يكون القصد منهما العبث واللهو ، كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة وإقناعها بجميع الوجوه المقنعة ، فسبحان الحليم الرحيم ، الحكيم ، في تنزيله الأشياء منازلها .

فياليت مشائخنا يشرحون لنا معنى الآية ،ومعنى أقوال العلماء فيها، ويرشدوننا بارك الله فيهم ، فإن الثلج عندنا يتساقط، وكل شي بعده يبرد بل و يتجمد ، والله المسؤول أن لا يسري إلى عقولنا وأفهامنا شيئا من ذلك.


أخوكم
عبدالله
 
السلام عليكم

فياليت مشائخنا يشرحون لنا معنى الآية ،ومعنى أقوال العلماء فيها، ويرشدوننا بارك الله فيهم
 
الحمد لله

إن كنت فهمت كلامك جيدا و الاشكال الذي ذكرته فإليك هذه القاعدة النافعة

قال الشيخ الفاضل خلد بن عثمان السبت

قاعدة ......... الشرط لا يقتضي جواز الوقوع

وعزا القاعدة لابن كثير و الشنقيطي في الاضواء

ثم قال في توضيح القاعدة

قد يرد ذكر الشيء في سياق الشرط مع كونه ممتنع الوقوع مبالغة في البيان سواء في مقام الحجة و الرد أو غير ذلك

وضرب على ذلك أمثلة بالآية التي ذكرتها

و قوله تعالى في الانبياء ....ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون

و قوله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم و للانبياء من قبله

لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين

قل ان كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين / على احد التفسيرين

هذا.......اذا كنت فهمت عنك الاشكال الذي طرحته .....و الله اعلم
 
السلام عليكم

جزاك الله خير

يبدو اني لم أحسن عرض الإشكال.

الذي أشكل علي هو تفسير أكثر العلماء لقوله تعالى ( من لدنا ) بأن المراد : من عندنا من الملأ الأعلى.

لأنه على هذا التفسير ، ليس هناك حجة على المشركين الذين يدعون ان الله اتخذ ولدا من الملائكة، وسياق الآيات كما ترى فيهم.

أوضح أكثر:

سيقول المشرك للنبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع هذه الآية:
أنا يا محمد - اللهم صل وسلم عليه - أدعي أن الله اتخذ ولدا من لدنه ، اتخذ من الملائكة ولدا ، فيكف تقول إن الله تعالى يقول : لو أردت أن أتخذ ولدا لاتخذته من لدني؟



في نظري ، حتى تخرج من هذا الإشكال:

إما أن نقول ان الآية في النصارى الذين قالوا اتخذ الله المسيح ولدا ، كما ذكره البغوي، وهذا يضعفه سياق الآيات .
أو تفسر الآية بمعنى مختلف تماما عن هذا، كما فعل الشيخ ابن سعدي رحمه الله تعالى كما ترون في النقل عنه، مع أن المشهور عند المفسرين خلافه ، وأيضا اللغة لا تشاعد عليه ، لأنه يصعب أن نقول: ( من لدنا ) أي : لم نخبر به أحدا ولم نجعل أحدا يطلع عليه.

المرجو من المشائخ ان يبينوا أولا : هل الإشكال الذي طرحته في محله أم أني لم أفهم معنى كلام المفسرين ، وثانيا: هل التفسير الذي اختاره ابن سعدي سديد ، وثالثا: معنى تفسير مجاهد للآية.

بارك الله فيك أخي المجلسي

عبدالله
 
أري أن الاشكال ليس في محله بالنسبة للآية لأن اشكالك بني علي تفسبر اللهو بالولد وهو غير صحيح حيث أن الآية والسابقة عليها تتكلم عن خلق السموات والأرض أنه ليس لعبا وليس لهوا وهذه السورة فرقت بين معني اللهو واللعب " ..يلعبون *لاهية قلوبهم ..."وان اعتمدنا قول القائل أن اللهو هو الولد فالآية تكون في هذه الحالة رد علي المشرك الذي قال باتخاذ الولد-اللهو- من الملأ الأعلي كيف بحرف لو الذي يفيد امتناع الجزاء لامتناع الشرط فالله لم يرد اتخاذ لهوا فكيف يدعي ذاك المشرك أن الله فعل اتخاذ ولد من الملأ الأعلي والله لم يرد ،ومعلوم أن الارادة قبل الفعل
ولو أردنا لفعلنا ولكن كيفما نشاء بما لايخطر علي تصوركم وليس كما تصفون بباطلكم
 
بارك الله فيك أخي مصطفى

أما كون تفسير اللهو بالولد غير صحيح ، لا أتفق معك ، لأن هذا هو تفسير العلماء ، صحيح أنه لا يقصر التفسير على الولد، لكن كون الولد داخل في اللهو المراد بالآية هذا لا أشك فيه، وهذا الذي درج عليه المفسرون ، وسياق الآيات يقتضيه، فالمراد : ما يتلهى به من الزوجة والولد وغير ذلك.

وأما بخصوص الإشكال؛ أعرف ان الله يتنزل في خطابه مع المشركين ليقيم الحجة عليهم، وأن الآية على سبيل الفرض والشرط ، والشرط لا يقتضي الوقوع ولا حتى جواز الوقوع، هذا ليس محل الإشكال، ولذلك قال تعالى في نهاية الآية ( إن كنا فاعلين ) : أي ما كنا فاعلين ذلك ولا ينبغي لنا ذلك ، تعالى الله علوا كبيرا.

الإشكال مرة أخرى هو أننا إذا فسرنا قوله تعالى ( من لدنا ) أي: من عندنا من الملأ الأعلى أو في أشرف الأماكن أو نحو ذلك من العبارات ؛ فما فائدة هذا التنزل في الخطاب مع المشركين الذين يقولون إن الله اتخذ من الملأ الأعلى أولادا ؟

وأظن والله أعلم أن هذا هو الذي جعل البغوي يصرف الآية إلى الرد على النصارى ، وهذا أيضا هو الذي جعل الشيخ ابن سعدي يعرض عن هذا القول في تفسيره للآية.

لكنك أخي قلت كلاما جميلا في آخر مشاركتك، قلت إن المراد:

" ولو أردنا لفعلنا ولكن كيفما نشاء بما لايخطر علي تصوركم وليس كما تصفون بباطلكم "

وهذا كلام واضح، وبه يذهب الإشكال، لكنك تكون فسرت قوله تعالى ( من لدنا ) أي : بقدرتنا وبطريقة لا تخطر على تصوركم.
وتكون أعرضت عن التفسير المشهور أن المراد ( من لدنا ) أي: من عندنا من الملأ الأعلى ، أو من العوالم المختصة بنا أو نحو ذلك مما جرى على هذا المعنى.



و هذا المعنى الذي ذكرته، لم أجد ذكره في كتب التفسير المشهورة إلا عند الشوكاني في فتح القدير، قال : ( من لدنا ) أي : من عندنا ومن جهة قدرتنا لا من عندكم.

وسؤالي الآن :
هل يطمئن المشائخ بارك الله فيهم لهذا التفسير - الذي ذكره الشوكاني -مع أنه خلاف المشهور عند العلماء ، أم أني لم أفهم كلام المفسرين فيها، أم أن لهم قولا آخر ؟

بارك الله فيك أخي مصطفى
وانتظر المزيد منك ومن المشائخ الكرام.


عبدالله
 
السلام عليكم

أتمنى من مشائخنا الكرام أن يفيدونا ولا يبخلوا علينا بما يستطيعون


جزاكم الله خيرا
 
وسؤالي الآن :
هل يطمئن المشائخ بارك الله فيهم لهذا التفسير - الذي ذكره الشوكاني -مع أنه خلاف المشهور عند العلماء ، أم أني لم أفهم كلام المفسرين فيها، أم أن لهم قولا آخر ؟
نرجو أن يمر أحد المشائخ الكرام علينا
 
السلام عليكم
عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير

أريد منكم بارك الله فيكم أن أعرف معنى الآية حتى أفهم كلام ربي وأنقل المعنى إلى إخواني الشباب الذين أتواصى معهم إن كان ملتقى أهل التفسير لا يجيب على سؤالي فأين أذهب ومن أسأل ؟

تعرفون ما ذا تحدثني نفسي:

تمنيت أني حصلت على ترقية حتى تنهال المشاركات بالتهاني علي

أو أني حصلت على مخطوطة صفراء فيها تفسير لبعض الآيات كتبت في القرن السابع أعرضها عليكم حتى تنهال المشاركات علي

أو كانت لدي فائدة أو "مملوحة" من نكت أهل العلم في التفسير وفي علوم القرآن لا يضر المسلم جهلها حتى تناقشوني فيها

أو أني أفهم في الطبعات والمقارنة بينها حتى أجد لي مكان بينكم



تريدون الحقيقة...

تمنيت أني كنت أنا هو عيد الأضحى حتى أجد 26 رد على مشاركتي






بارك الله في الجميع
ولك الشكر يا أخي مصطفى سعيد ويا أخي المجلسي الشنقيطي
 
الأخ الفاضل أبا حيان
لفت انتباهي كنيتك وهي عين كنية شيخي الذي صحبت تفسيره سنوات وهي من الكنى النادرة قديما وحديثا فحياك الله وبارك فيك وأعانك على الخير وطاعة الرحمن.
وأنا في الغالب حين أدخل الملتقى أذهب مباشرة إلى (بيتي) وأحيانا أمر مرورا عابرا في هذا البيت المبارك كما فعلت اليوم وقرأت موضوعك ولفت انتباهي مرة أخرى السؤال والتعليقات عليه، وأظن أن ما ذكره لك الأخ الفاضل مصطفى سعيد جيد ومناسب وكاف في تبيين معنى الآية وهي رد على المشركين الزاعمين أن الله اتخذ ولدا في أقوى صورة، فمنهم من زعم له الولد من البشر ومنهم من زعم له الولد من الملائكة، وهو سبحانه يرد عليهم بأنه لم يتخذ ولدا مطلقا لا من البشر ولا من الملائكة ولا من غير هؤلاء وهؤلاء.
وأرجو أن تراجع كلام أبي حيان في الآية وأنا الآن في موقع تفسيره بعيد عني وسأراجعه غدا بإذن الله، ولكني رغبت في كتابة التعليق اليوم لما قرأت رسالتك الأخيرة.
 
وهذا نص عبارة أبي حيان في تفسير الآية:
{ لو أردنا أن نتخذ لهواً } أصل اللهو ما تسرع إليه الشهوة ويدعو إليه الهوى، وقد يكنى به عن الجماع، وأما هنا فعن ابن عباس والسدّي هو الولد. وقال الزجاج: هو الولد بلغة حضرموت. وعن ابن عباس: إن هذا رد على من قال
{ اتخذ الله ولداً }
[البقرة: 116] وعنه أن اللهو هنا اللعب. وقيل: اللهو هنا المرأة. وقال قتادة: هذا في لغة أهل اليمن، وتكون رداً على من ادعى أن لله زوجة ومعنى { من لدنا } من عندنا بحيث لا يطلع عليه أحد لأنه نقص فستره أولى. وقال السدّي: من السماء لا من الأرض. وقيل: من الحور العين. وقيل: من جهة قدرتنا. وقيل: من الملائكة لا من الإنس رداً لولادة المسيح وعزير. وقال الزمخشري: بين أن السبب في ترك اتخاذ اللهو واللعب وانتفائه عن أفعالي أن الحكمة صارفة عنه، وإلاّ فأنا قادر على اتخاذه إن كنت فاعلاً لأني على كل شيء قدير انتهى. ولا يجيء هذا إلاّ على قول من قال: اللهو هو اللعب، وأما من فسره بالولد والمرأة فذلك مستحيل لا تتعلق به القدرة. والظاهر أن { أن } هنا شرطية وجواب الشرط محذوف، يدل عليه جواب { لو } أي إن كنا فاعلين اتخذناه إن كنا ممن يفعل ذلك ولسنا ممن يفعله. وقال الحسن: وقتادة وجريج { أن } نافية أي ما كنا فاعلين.
أرجو أن يكون واضحا ومجيبا عن التساؤلات بإضافته إلى ما سبق بيانه في المشاركات
 
عودة
أعلى