إشكال في كلام ابن عطية

روضة

New member
إنضم
06/01/2006
المشاركات
205
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الأردن
قال القاضي ابن عطية عند تفسيره قوله تعالى:

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67]

"وعلى كل وجه، فـ " اليمين " هنا و " القبضة " وكل ما ورد: عبارة عن القدرة والقوة، وما اختلج في الصدور من غير ذلك باطل، وما ذهب إليه القاضي من أنها صفات زائدة على صفات الذات قول ضعيف، وبحسب ما يختلج في النفوس التي لم يحضنها العلم".

[mark=#FFFF00]من يقصد بالقاضي؟؟
[/mark]
وبارك الله فيكم​
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

أما بعد :

فالمراد بالقاضي هنا هو : (( القاضي الباقلاني أبو بكر محمد بن الطيب )) المتوفى سنة 403هـ .

وللتأكد من ذلك انظر "تفسير ابن عطية" عند قوله تعالى : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا ... ) الآية .

حيث قال : [ وقال قوم من العلماء منهم القاضي ابن الطيب هذه كلها صفات زائدة على الذات ثابتة لله دون أن يكون في ذلك تشبيه ولا تحديد وذكر هذا الطبري وغيره ] .
 
دراسة الصفات

دراسة الصفات



مسألة صفات الباري تعالى من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وقال فيه وفي مثله (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله )، وقد مزج أدعياء العلم بين المعنى اللغوي لـ(تأويله) في الآية، وبين المعنى الاصطلاحي عند المتكلمين من "أهل السنة" وغيرهم. والصوا ب أن المنهي عنه هو ما وقع فيه كثير من أهل السنة وغيرهم من الفضلاء فيقومون بتصنيف الناس بحسب اجتهادهم في تفسير المتشابه. فمن لم يوافق اختيارهم في القول بأن مذهب السلف هو إثبات الظاهر مع نفي المماثلة بدّعوه وزنوه بما قرب من أسلات ألسنتهم . وقد يمكن تصنيف أقوال العلماء في معرفة مذهب السلف في المتشابهات بما فيها الصفات:
1- مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وعليه جماعة من فضلاء الحنابلة وأهل الحديث من قبلهم ، وعند هؤلاء ومقلديهم من المتأخرين ممن يكثرون في هذا المنتدى المبارك أن مذهب السلف هو إثبات الظاهر مع نفي المماثلة.
2- مذهب ابن الجوزي الحنبلي ومن وافقه من الفضلاء قديما وحديثا ، وعندهم أن مذهب السلف هو التوقف الكامل في المتشابهات من غير تأويل لأن التأويل ظن، ومن غير إثبات لأن الإثبات تجسيم ، قال ابن الجوزي(ومن أثبت فيسأل هل المراد من الإثبات حقيقة العضو أم لا، فإن قال نعم فهو تجسيم لأن الإشارة الحسية إليه جائزة، وإن قال لا ليس المراد حقيقة العضو فهو تأويل وإن زعم أنه لا يؤول"
3-المذهب الثالث هو تأويل المتشابهات وصرفها عن ظاهرها ، وهو مذهب جماعة من الفضلاء ، حيث اجتهدوا في تفسير المتشابه وتنزيه الباري تعالى عن الجسمية ، وقال بعضهم إن هذا هو مذهب السلف، فقال الغزالي غعلم أن مذهب السلف هو التأويل حيث كانوا يفهمون اللغة على السليقة فكانوا ينزهون الباري تعالى عن الجسمانية وإن لم ينقل عنهم صريح ذلك.


ويمكن أن نضيف هذا التعليق البسيط ،
لقد أساء كثير من معاصري أهل السنة من المطاوعة فهم هذه المسألة وقام بعض الداترة المتشددين لما يعتقدون أنه الحق ، إن لم يكن ابتغاء الفتنة كما قال تعالى، فقد أوقعوا كثيرين في الفتنة ، وقام بعض الأغرار بإعادة تصنيف علماء الإسلام بناء على قصورهم هم في علم أصول الدين ، وإدراك لمغزي المتكلمين ومقصدهم.
وأرى أن هذا الأمر يجب أن يوقف عند حده، وأنه قد أنى للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ.
ويمكن القول إن مسألة القول الفصل في معنى آيات الصفات والمتشابه عموماً مسألة من اختصاص علم التفسير واللغة ويجب تحذير المبتئين من طلبة العلم من الخوض فيها، فقد مر بي من عمره عشرون سنة يسأل عن جهبذ من جهابذة علماء الإسلام (كيف عقيدته؟( وعندما أتبين مقصده أراه يختزل العقيدة في موقف المسؤول عنه من هذه المسألة!
وأصدق إخوتي القول ما أظن الشيطان إلا قد وجد مرتعاً في الناس في هذه المسألة، وقد اشترك كثير من الدعاة ، ويعود ذلك في نظري القاصر إلى سببين أحدهما قصور في فهم المسألة وعدم اطلاع على كتب المسألة في مظانها بل تعصب بعض الناس لمجرد ذكر السلف وهي كلمة عامة لا يمكن قصرها على وجهة نظر معينة، والمسألة الأخرى هي ما حذر منه سلف العلماء من حب الرياسة والتصدّر ، أو كما قالوا (تزبب وهو حصرم).

وفقنا عز وجل لمراضيه وجعل مستقبل حالنا خيرا من ماضيه.


وللقراء من ذوي الميول لدراسة علم الكلام وأصول الدين في كليات الشريعة والفلسفة ، ولا سيما إخواننا في المغرب العربي من طلبة الدكتوراه ، حبذا التفكير في دراسة عن العلاقة بين نظرية المثل الإفلاطونية وبين مشكلة الصفات في علم الكلام في القرنين 2-3 للهجرة.
ومن وجد في نفسه الميل لذلك والرغبة في إلقاء الضوء فإني أعرض خدمته في المشاركة في التفكير في المسألة وما أستطيع إمداده به من مصادر.
 
أثابكم الله جميعاً على التعاون، والمساعدة، وأخص بالذكر الأستاذ أحمد المصري على حل الإشكال.
بارك الله فيكم
 
الأخ العزيز الدكتور عبدالرحمن الصالح رعاه الله ، أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للهداية للحق ، وأن يجنبنا طريق الضلال.
الذي أعرفه أنك متخصص في اللغة العربية في جانب أدب بعض العصور ، وأراك تتقحم في الكلام في مسائل العقائد المشكلة التي سوف لن تحسم على صفحات الملتقى ، بعد أن امتلأت بها كتب العقائد . وليتك تدع الكلام فيها لأهلها المشتغلين بها ، ولمواضعها المناسبة لها أيضاً . فإني أراك تبتسر الحديث وتوجزه في مقام لا يحتمله ، وتذكر تقسيمات غير مُسلَّمة ، وتقلل من شأن القائلين بالقول الأول -مع عدم التسليم بالتقسيم الذي ذكرته - وكأنهم مجرد شخصين هما ابن تيمية وتلميذه وبعض المعجبين وهذا فيه تبسيط شديد للمسألة ومخالف للحقيقة رعاك الله . ولو شئتُ أن أبسط الكلام في هذه المسألة لفعلتُ وما بي عجزٌ عن ذلك ، غير أنني أحرص أشد الحرص وأدعو الجميع من الزملاء الفضلاء إلى البقاء في دائرة الدراسات القرآنية قدر المستطاع ، حتى يبقى للموقع رونقه وبهاؤه .
وفقكم الله لكل خير .
 
تعليقاً على ما ذكره أخي الدكتور عبد الرحمن الصالح أقول :
دَرَجَ كثيرٌ مِمّن كتبَ في موضوع المحكم والمتشابه أنْ يجعلوا آياتِ الصفات مثالاً لتشابه القرآن بإطلاق ، وعلى رأسهم الزركشيُّ ، والسيوطيُّ ، وتوسّعَ في تقرير ذلك الزرقانيُّ ، وغيرهم، وكلُّ ذلك مبنيٌّ على مذهبِ أهل التأويلِ .
وقد تعقّبَ الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله مَن أطلق َالتشابه على آياتِ الصفاتِ ، وبيّنَ في غير ما موضعٍ مِن كتبه أنّ الواجبَ التفصيلَ فقال :" وبعض أهل العلم يظنّونَ أنّ في القرآنِ ما لا يُمكن الوصولُ إلى معناه فيكونُ مِن المتشابه المطلق ويحملونَ آيـاتِ الصفاتِ علىذلكَ ، وهذا مِن الخطأِ العظيمِ ، إذْ ليسَ مِن المعقولِ أنْ يقولَ تعالى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه}(صّ: من الآية29) ثم تُستثنى آياتُ الصفاتِ ؛ وهي أعظمُ وأشرفُ وأكثرُ مِن آياتِ الأحكامِ ، ولو قُلنَا بهذا القولِ لكانَ مُقتضاهُ أنّ أشرفَ ما في القرآنِ يكونُ خَفِيًّا ، ويكونُ معنى قوله{لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه}أيْ آياتِ الأحكامِ فقط ، وهذا غير مَعقولٍ بل جميعُ القرآنِ يُفهم معناه ؛ إذ لا يُمكن أنْ تكونَ الأمّةُ مِن رسولِ الله  إلى آخرِهَا لا تَفهمُ معنى القرآنِ ، وعلى رأيهم يكونُ الرسولُ  وأبو بكرٍ وعمر وجميع الصحابةِ يقرأونَ آياتِ الصفاتِ ، وهُم لا يفهمونَ معناها ، بل هي عندهم بمنزلةِ الحروفِ الهجائيّة أ ، ب ، ت ... والصوابُ : أنّه ليسَ في القرآنِ شيءٌ مُتشابهٌ على جميع ِالناسِ مِن حيثُ المعنى ، ولكن الخطأَ في الفهمِ ، فقد يَقْصُرُ الفهمُ عن إدراكِ المعنى أو يَفهمهُ على معنى خطأ ،وأمّا بالنسبةِ للحقائقِ فما أخبرَ الله به مِن أمر الغيبِ ، فَمُتَشابهٌ على جميعِ الناسِ ".
وفي موضع آخر قال :"مَن زعمَ أنّ آياتِ الصفاتِ مِن المتشابه على سبيل الإطلاقِ فقد أخطأَ والواجبُ التفصيلُ ، فنقول : إنْ أَرَدْتَ بكونها مِن المتشابهِ تشابهَ الحقيقةِ التي هي عليها فأنتَ مُصيبٌ ، وإنْ أَرَدْتَ بالمتشابهِ تشابهَ المعنى ، وأنّ معناها مجهولٌ لنا فأنتَ مُخطئٌ غايةَ الخطأَ ".
ولَخَّصَ الشيخُ رحمه الله رأيهُ عندما قالَ :" وأسماءُ الله وصفاته مِن المحكمِ في معناها ؛ لأنّ معناها مَعلوم ٌ، ومِن المتشابهِ في حقيقتها لأنّ حقائقها لا يعلمها إلاّ الله ".
وتقريرُ الشيخِ رحمه الله مَبنيٌّ على مذهب أهل السنّةِ والجماعة وطريقة سلفِ الأمّةِ في صفاتِ الله تعالى ، إذْ إنّ الواجب في الكلماتِ المحتملةِ أنْ يُستفسرَ عن المرادِ بها فإنْ أريدَ بها حقًّا قُبِلَ وإلاّ رُدَّ ، كما قرّرهُ شيخُ الإسلام ابن تيمية في رسالته : التدمريّة .
قـال ابنُ تيمية رحمه الله :" ما أعْلَمُ عن أحدٍ مِن سلفِ الأمّةِ ولا مِن الأئمّةِ لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنّه جعلَ ذلكَ – أيْ أسماء الله وصفاته – مِن المتشابهِ الداخلِ في هذه الآيةِ ونفى أنْ يعلمَ أحدٌ معناه ".
وقال ابنُ القيّم رحمه الله :" وقد تنازعَ الناسُ في المحكمِ والمتشابهِ تنازعًا كثيرا ، ولم يُعرف عن أحد مِن الصحابة قَطّ أنّ المتشابهاتِ آياتُ الصفات ، بل المنقولُ عنهم يدلُّ على خلافِ ذلكَ فكيفَ تكونُ آياتُ الصفاتِ متشابهةً عندهم وهم لا يتنازعونَ في شيءٍ مِنها ، وآياتُ الأحكامِ هي المُحْكَمَةُ ، وقد وقع بينهم النزاعُ في بعضها . وإنّما هذا قول بعض المتأخرينَ ".
 
هو القاضي الباقلاني المالكي والله اعلم
 
د.عبدالرحمن الصالح قال:


معاذ الله أن أسيء إلى مسلم، أو أنتهك الأخلاق التي يجب صيانتها، ورحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا


هذه هي أخلاق العلماء..بارك الله في علمكم د. عبد الرحمن صالح
 
أثني على ما ذكرته الأخت روضة حفظها الله من هذا الخلق النبيل للدكتور الفاضل عبد الرحمن الصالح ، وتلك سمة نجدها ـ ولله الحمد ـ في المشاركين لنا في هذا الملتقى ، ولا غضاضة في أن يقع الاختلاف والرد والتصويب ما دام في حدود الأدب العلمي الذي هو ـ بحق ـ سمة ظاهرة في أعضاء هذا الملتقى ، وكم نتمنى أن نبتعد عن الجدل الذي يفضي إلى ما لا نحبه جميعًا ، وأدعو الله أن ينير لنا طريقنا ، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
كما أشكر مشرفنا العزيز أبا عبد الله على متابعاته وتنبيهاته ، وحرصه على سلامة الملتقى من أن يقع فيه احتداد في الرأي ، وانتصار لفلان أو علان ، فالملتقى لأهل القرآن جعلنا الله جميعًا منهم .
 
عودة
أعلى