إشكال في آية إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ

إنضم
14/07/2004
المشاركات
19
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جاء في تفسير الطاهر بن عاشور مايلي

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)

وقد تقدمت عند قوله تعالي : { كان الناس أمّةً واحدةً } في سورة [ البقرة : 213 ] . فتفسر الأمّة في كل مقام بما تدل عليه إضافتها إلى شيء من أسباب تكوينها كما يقال : الأمّة العربيّة والأمّة الإسلاميّة .
ومعنى كونها واحدة أن يكون البشر كلّهم متّفقين على اتّباع دين الحق كما يدل عليه السياق ، فآل المعنى إلى : لو شاء ربك لجعل الناس أهل ملّة واحدة فكانوا أمّة واحدة من حيث الدّين الخالص .
وفهم من شرط ( لو ) أنّ جعلهم أمّة واحدة في الدّين منتفية ، أي منتف دوامها على الوحدة في الدّين وإنْ كانوا قد وُجدوا في أوّل النشأة متّفقين فلم يلبثوا حتّى طرأ الاختلاف بينَ ابنيْ آدم عليه السّلام لقوله تعالى : { كان النّاس أمّة واحدة } [ البقرة : 213 ] وقوله : { وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً فاختلفوا } في سورة [ يونس : 19 ] ؛ فعلم أنّ الناس قد اختلفوا فيما مضى فلم يكونوا أمّة واحدة ، ثم لا يدري هل يؤول أمرهم إلى الاتّفاق في الدّين فأعقب ذلك بأنّ الاختلاف دائم بينهم لأنّه من مقتضى ما جُبِلت عليه العقول .ولمّا أشعر الاختلاف بأنه اختلاف في الدّين ، وأنّ معناه العدول عن الحق إلى الباطل ، لأنّ الحق لا يقبل التعدّد والاختلاف ، عُقّب عموم { ولا يزالون مختلفين } باستثناء من ثبتوا على الدين الحق ولم يخالفوه بقوله : { إلاّ من رحم ربك } ، أي فعصمهم من الاختلاف .
وفهم من هذا أنّ الاختلاف المذموم المحذّر منه هو الاختلاف في أصول الدّين الذي يترتّب عليه اعتبار المخالف خارجاً عن الدين وإن كان يزعم أنّه من مُتّبعيه ، فإذا طرأ هذا الاختلاف وجب على الأمّة قصمه وبذل الوسع في إزالته من بينهم بكلّ وسيلة من وسائل الحقّ والعدل بالإرشاد والمجادلة الحسنة والمناظرة ، فإنْ لم ينجع ذلك فبالقتال كما فعل أبو بكر في قتال العرب الذين جحدوا وجوب الزكاة ، وكما فعل عليّ كرّم الله وجهه في قتال الحروريّة الذين كفّروا المسلمين . وهذه الآية تحذير شديد من ذلك الاختلاف .
وأما تعقيبه بقوله : { ولذلك خلقهم } فهو تأكيد بمضمون { ولا يزالون مختلفين } . والإشارة إلى الاختلاف المأخوذ من قوله : { مختلفين } ، واللاّم للتعليل لأنّه لمّا خلقهم على جِبِلّة قاضية باختلاف الآراء والنزعات وكان مريداً لمقتضى تلك الجبلّة وعالماً به كما بيّناه آنفاً كان الاختلاف علّة غائية لخلقهم ، والعلّة الغائية لا يلزمها القصر عليها بل يكفي أنها غاية الفعل ، وقد تكون معها غايات كثيرة أخرى فلا ينافي ما هنا قولُه : { وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون } [ الذاريات : 56 ] لأنّ القصر هنالك إضافيّ ، أي إلاّ بحالة أن يعبدوني لا يشركوا ، والقصر الإضافي لا ينافي وجود أحوال أخرى غير ما قُصدَ الردّ عليه بالقصر كما هو بيّن لمن مارس أساليب البلاغة العربية .
وتقديم المعمول على عامله في قوله : { ولذلك خلقهم } ليس للقصر بل للاهتمام بهذه العلّة ، وبهذا يَندفع ما يوجب الحيرة في التفسير في الجمع بين الآيتين .

الإشكال فيما كتب الأحمر

وهل قوله تعالى ولذلك خلقهم أي خلقهم لرحمته أم للإختلاف
 
وهل قوله تعالى ولذلك خلقهم أي خلقهم لرحمته أم للإختلاف

أقوال العلماء في رجوع لفظ (ذلك) ثلاثة:
1- انه عائد غلى الاختلاف
2- أنه عائد إلى الرحمة
3- أنه عائد إليهما معاً

وحكى القولين الأولين الطبري وابن كثير وغيرهما , ورجح الطبري القول الثاني إذ يقول رحمه الله:
(قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : وللاختلاف بالشقاء والسعادة خلقهم لأن الله جل ذكره ذكر صنفين من خلقه : أحدهما أهل اختلاف وباطل والآخر أهل حق ثم عقب ذلك بقوله : { ولذلك خلقهم } فعم بقوله : { ولذلك خلقهم } صفة الصنفين فأخبر عن كل فريق منهما أنه ميسر لما خلق له.
فإن قال قائل : فإن كان تأويل ذلك كما ذكرت فقد ينبغي أن يكون المختلفون غير ملومين على اختلافهم إذ كان لذلك خلقهم ربهم وأن يكون المتمتعون هم الملومين ؟
قيل : إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبت وإنا معنى الكلام : ولا يزال الناس مختلفين بالباطل من أديانهم ومللهم إلا من رحم ربك فهذاه للحق ولعلمه وعلى علمه النافذ فيهم قبل أن يخلقهم أنه يكون فيهم المؤمن والكافر والشقي والسعيد خلقهم فمعنى اللام في قوله : { ولذلك خلقهم } بمعنى على كقولك للرجل : أكرمتك على برك بي و أكرمتك لبرك بي
)

وللقرطبي رحمه الله تعالى, كلام حسن جداً , زاد فيه القول الثالث على سابقيه ,عند الطبري حيث قال:
(وإنما قال : ( ولذلك ) ولم يقل ولتلك والرحمة مؤنثة لأنه مصدر وأيضا فإن تأنيث الرحمة غير حقيقي فحملت على معنى الفضل وقيل : الإشارة بذلك للاختلاف والرحمة وقد يشار بـ ( ذلك ) إلى شيئين متضادين كقوله تعالى : { لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك } ( الرقرة : 68 ) ولم يقل بين ذينك ولا تينك وقال : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } ( الفرقان : 67 ) وقال : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } ( الإسراء : 110 ) وكذلك قوله : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا } ( يونس : 58 ) وهذا أحسن الأقوال إن شاء الله تعالى لأنه يعم أي ولما ذكر خلقهم وإلى هذا أشار مالك رحمه الله فيما روى عنه أشهب قال أشهب : سألت مالكا عن هذه الآية قال : خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير أي خلق أهل الاختلاف للاختلاف وأهل الرحمة للرحمة وروي عن ابن عباس أيضا قال : خلقهم فريقين فريقا يرحمه وفريقا لا يرحمه قال المهدوي : وفي الكلام على هذا التقدير تقديم وتأخير المعنى : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ولذلك خلقهم وقيل : هو متعلق بقوله : { ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود } ( هود : 103 ) والمعنى : ولشهود ذلك اليوم خلقهم وقيل : هو متعلق بقوله : { فمنهم شقي وسعيد } أي للسعادة والشقاوة خلقهم)
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الفاضل محمود الشنقيطي شكرا على الرد الوافي ولكن لدي إستفسار حول الوقوف في هذه الآية


الوقوف في الآية


قال صاحب منار الهدى

خلقهم (تام) إن جعل قوله ولذلك خلقهم بمعنى وللاختلاف في الشقاء والسعادة خلقهم وإنَّ قدرته بمعنى وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ولذلك خلقهم على التقديم والتأخير كان الوقف على من رحم ربك كافياً وابتدأت ولذلك خلقهم إلى أجمعين ويكون الوقف على أجمعين كافياً قاله النكزاوي

هل من تفصيل أكثر في وجوه الوقف
 
السلام عليكم ورحمة الله
إذا سمحتم أريد فقط أن أنوّه إلى أمر هو أن الآية لا يمكن أن يكون فيها إشكال كما عنون الأخ السائل إنما الإشكال في فهمنا للآية ومحاولة معرفة معناها . فمن الأفضل عدم استعمال عبارة اشكال في آية كذا .
وجزاكم الله خيرا
 
عودة
أعلى