إشكال فهمي في القرآن الكريم ..

إنضم
31/10/2010
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
أسعد الله جميع أوقاتكم بكل طاعة ,,
أنتم الصفوة ، و أنتم الثلة ، كذا أحسبكم و الله حسيبكم ..
إستفساري :
اشكل عليّ فهمي في بعض آيات القرأن الكريم ، لعلي أسرد بعضها تباعاً علّ الفائدة أن تعم و يحل الإشكال في الفهم ،
أولها :
يقول الله جل جلاله في سورة آل عمران (((فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا و الأخرة .... __ و أما الذين ءامنوا و عملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله ...))) الآيات من سورة آل عمران ..
لماذا قال الله تعالى في الكافرين (فأعذبهم) أي نسب العذاب إلى ذاته العلية مباشرة و أنه قائم عليه بنفسه ، و في المؤمنين قال (فيوفيهم) و لم يقل (فأوفيهم) ، علماً أن مفهومنا القاصر يقول في المكافأة ، الحق أن تكون (فأوفيهم) و أنه زيادة في الكرامة ، و في العقاب (فيعذبهم) و أن هذا زيادة في النكال و الإحتقار ...
س / ما الحكمة من تنوع الخطاب في الايتين ، و ما الحكمة من اختلاف الخطاب بعكس مفهومنا القاصر العاجز ؟
أعتذر ، و لكن اشكل فهمي و قصرت معرفتي ، بحثت عنها كثيراً و سألت الأكفاء المتخصصين فلم أجد جواباً مقنعاً ، قلت علي أن أجد هنا بُغيتي و مرادي ، و الله من وراء القصد و أسأله العلم و العمل ,
و جزاكم الله خيراً ..
محبكم [عبدالله العسيري]
 
التعديل الأخير:
أود أولا أن أرحب بك أخي عبد الله بين إخوانك في الملتقى، وأسأل الله أن يجعلك مباركا.

وما سألت عنه أخي الكريم هو من مقاصد الملتقى، إذ كلنا هنا للتدارس والتعلم والتدبر لكتاب الله تعالى والتخلق به.

وبخصوص ما سألت عنه فهو ما يسميه علماء البلاغة بأسلوب (الالتفات) وهو أسلوب بلاغي جاء في القرآن الكريم بصور متعددة، وتفننات بديعة، وقد كتبت فيه مؤلفات خاصة أشير إلى بعضها في الملتقى ويمكنك تحميلها من هنــا.
كما يمكنك أن تجد مزيدا عن هذا الأسلوب هنــا .

أما بخصوص الآيات المشار إليها -وبالمناسبة فليس في الآية الثانية جملة (ويزيدهم من فضله)- فقد أشار الألوسي رحمه الله إليه إشارة عابرة حين قال: " ولعل وجه الالتفات إلى الغيبة =الإيذان بأن توفية الأجر مما لا يقتضي لها نصب نفس لأنها من آثار الرحمة الواسعة، ولا كذلك العذاب" ا.هـ.

ولعل لدى الإخوة مزيد بيان ..
وفقك الله تعالى..
وأرحب بك مرة أخرى.​
 
يقول تبارك وتعالى:
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57))

يجب أن يلاحظ في المسألة أمران:
الأول السياق حيث استخدم ضمير الخطاب المفرد مع المسيح عليه السلام " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)"
فهذا أمر اقتضاه السياق ، وفيه أيضا تأكيد وحدانية الله ورد على من زعم أن الله ثالث ثلاثة.
الأمر الثاني :
لما كان المقام مقام التهديد والوعيد أضاف الباري تبارك وتعالى عذابهم إلى نفسه، ومن تولى الله عذابه فمن ينصره بعد ذلك ؟
أما الالتفات في الآية التي في حق المؤمنين على قراءة عاصم " فيوفيهم " فهو مشعر بمقام آخر يليق بحال المؤمنين المختلف عن حال ومقام المكذبين الظالمين.فكأنه ينقل السامع إلى مقام آخر يشعر بالأمن والتكريم بعيدا عن ذلك المقام المشحون بالتهديد والوعيد.
وأما على قراءة الجمهور " فنوفيهم" فهو مشعر بعظمة التكريم وعظمة مقدار الأجور التي أعدها الله لعباده المؤمنين.
هذا والله أعلى وأعلم.


 
أسلوب الالتفات في الخطاب؛ أبلغ في البشارة، وأزجر في النذارة، وتفنن في الفصاحة، والالتفات إلى صيغة الغائب في ذكر الإثابة للمؤمنين بقوله: (فيوفيهم) وذكر التعذيب للكافرين بقوله ( فأعذبهم) للاختلاف الظاهر بين حال المؤمنين وحال الكافرين، ولما كان سياق الحديث عن المخالفين قدمهم، وخاطبهم بقوله: (فأعذبهم) لبيان إذلالهم.​

وجاء في تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ أبو السعود (ت 951 هـ):
" ولعل الالتفاتَ إلى الغَيبة للإيذان بما بـين مصدري التعذيبِ والإثابةِ من الاختلاف من حيث الجلالُ والجمال، وقرىء فنُوفيهم جرياً على سَنن العظمةِ والكبرياء ". اهـ​

وجاء بالمتكلم وحده فقال ( فأعذبهم) وبالمتكلم المعظم نفسه بقوله: (فنوفيهم) اعتناءً بالمؤمنين، ورفْعاً من شأنهم؛ لمَّا كانوا مُعَظَّمِينَ عندَه" ذكره ابن عادل ( ت 880هـ ) في تفسيره اللباب في علوم الكتاب.​

وجاء في تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ):
" قال: { فأعذبهم } أسند الفعل إلى ضمير المتكلم وحده، وذلك ليطابق قوله: { فأحكم بينكم } وفي هذه الآية قال: فيوفيهم، بالياء على قراءة حفص، ورويس، وذلك على سبيل الالتفات والخروج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغيبة للتنوع في الفصاحة.
وقرأ الجمهور: فنوفيهم، بالنون الدالة على المتكلم المعظم شأنه، ولم يأت بالهمزة كما في تلك الآية ليخالف في الإخبار بين النسبة الإسنادية فيما يفعله بالكافر وبالمؤمن، كما خالف في الفعل، ولأن المؤمن العامل للصالحات عظيم عند الله، فناسبه الإخبار عن المجازي بنون العظمة ".اهـ​
 
شكراً الله لكم جميعاً ..
قضيتم النهمة و بسط الإشكال فجزاكم الله خيراً جميعاً ..
 
هو ما قاله الأستاذ العبادي (التفات) وهو من فنون البديع في البلاغة
وهو أيضا ما قاله الأستاذ أبوسعد، لكن صدّر كلامه بجملة
وسبب الالتفات هو:
 
عودة
أعلى