إشكال حول قراءة القرآن بالمعنى ، فهل من مجيب ؟

إنضم
04/04/2003
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد

فأشكر الله تعالى الذي هيأ لنا هذا المجلس القرآني والمنتدى التفسيري والذي جمع نخبة من المتخصصين في هذا الفن مما يعز توافره في منتدى آخر ، وهذا بدوره سيميز هذا المنتدى من حيث العمق والتأصيل والجدة ، والثقة بما يطرح فيه .

ثم أشكر من قام على هذا المنتدى فأقام بنيانه وشد أركانه ، حتى قام على ساقه ، وتألق سريعا ، وجمع بين نضارة المظهر وجودة المخبر ، وأرجو أن يكون له حظ كبير من قوله صلى الله عليه وسلم :" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ...الحديث " رواه مسلم .

ثم أنتقل إلى الموضوع فأطرح على الإخوة إشكالا حول مسألة قراءة القرآن بالمعنى ، فالمشهور عدم جواز ذلك ، والمسألة مشهورة في الحديث النبوي .
لكن وقفت على مايخالف ذلك في ظاهره :
1- عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: (غفوراً رحيماً) أو قلت: (سميعاً عليماً) أو قلت: (عليماً سميعاً) فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب" أخرجه أحمد 5/124، وأبو داود (1477) وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/ 1294 ، وفي تحقيق المسند 35/85 : إسناده صحيح على شرط الشيخين .

2- قال ابن حجر في الفتح 8/644 :" ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعا له " .

3- نقل الذهبي في السير 5/347 عن أبي أويس قال :" سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال : إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث ، إذا أصيب معنى الحديث ولم يحل به حراما ولم يحرم به حلالا فلا بأس ، وذلك إذا أصيب معناه ."

فأرجو من إخواني المتخصصين – ولست منهم – إفادتنا في ذلك .
وجزاكم الله خيرا
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]

اللهم إني أعوذ بك من العجب بما أحسن ، كما أعوذ بك من التكلف لما لا أحسن ، اللهم حبب إلينا الحق ، واعصمنا من الحيرة والشبهة ،و اجعل بيننا وبين الصدق سببا ، وحبب إلينا التثبت فيما نقول ونكتب.
أولاً : أرحب بالشيخ الكريم خالد الباتلي وفقه الله ، وكم نحن سعداء بمشاركته لنا في هذا الملتقى ، مما يعطي للملتقى نوعاً من الثقة بوجود أمثاله بين الأعضاء.

ثانياً: ذكرت - حفظك الله- مسألة (قراءة القرآن بالمعنى) ، وأن المشهور فيها عدم الجواز ، وشهرة هذه المسألة عند المُحدّثين ، وأنك وجدت ما يخالف – في ظاهره – هذا القول المشهور ، ونقلت جواب الإمام الزهري لأبي أويس عندما سأله عن جواز رواية الحديث بالمعنى فقال :( أن هذا يجوز في القرآن ، فكيف به في الحديث ، إذا أصيب معنى الحديث ، ولم يحل به حراماً ، ولم يحرم به حلالاً فلا بأس ، وذلك إذا أصيب معناه).
ونقلت – وفقك الله - قولاً لابن حجر العسقلاني يثبت فيه أن غير واحد من الصحابة كان يقرأ بالمترادف ولو لم يكن مسموعاً له.

فأذن لي يا أخي الكريم أن أشير إلى بعض المسائل التي ربما تكون جواباً للمسألة ، مع بقاء الباب مفتوحاً للإجابة من الأعضاء الكرام وفقهم الله جميعاً ، فلن أدعي أنني لن أترك مقالاً لقائل ، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً: يجب أن يكون نصب عين الباحث في الشبهات والدعاوى التي تتناول القرآن الكريم قوله تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر : 9]. وقوله تعالى:(إن علينا جمعه وقرآنه)[القيامة:17].
وقد ثبت بإجماع الأمة - كما نقله غير واحد من المفسرين ، ومنهم الباقلاني في الانتصار للقرآن - أن الله تعالى لم يرد بهاتين الآيتين أنه تعالى يحفظ القرآن على نفسه ولنفسه ، وأنه يجمعه لنفسه وأهل سماواته دون أهل أرضه ، وأنه إنما عنى بذلك أنه يحفظه على المكلفين للعمل بموجبه والمصير إلى مقتضاه ومتضمنه ، وأنه يجمعه لهم فيكون محفوظاً عندهم ومجموعاً لهم دونه محروساً من وجوه الخطأ والغلط والتخليط والإلباس.
وبهاتين الآيتين وجب القطع على صحة مصحف الجماعة ، الذي جمع في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وسلامته من كل فساد.وانتفاء كل شبهة ، وبطلان كل دعوى. ثقة منا في وعد الله سبحانه وتعالى وعد الله الذي لا يخلف وعده.
ثانياً : هذه المسألة التي ذكرتها – وفقك الله - مرتبطة بمسألة الأحرف السبعة ، بل هي متفرعة عنها ، ومبنية على قول بعض العلماء بأن المقصود بالأحرف السبعة هي (سبعة أوجه من المعاني المتفقة ، بالألفاظ المختلفة ، نحو : أقبل ، وهلم ، وتعال ، وعجل ، وأسرع ، وأنظر ، وأخر ، وأمهل ، ونحوه) . وكلام الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله في جامع البيان ربما أفاد هذا المعنى. فهو يستشهد عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:(يا عمر ، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل رحمة عذاباً ، أو عذاباً رحمة).

ثالثاً: أن تسمية هذه المسألة (جواز قراءة القرآن بالمعنى) قد ردها كثير من العلماء قديماً وحديثاً .
وممن رأيته ردها أبو بكر الباقلاني في كتابه الانتصار للقرآن 1/65 بقوله :(القراء السبعة متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم ، التي لا شكوك فيها ، ولا أنكرت عليهم ، بل سوغها المسلمون ، وأجازوها لمصحف الجماعة ، وقارئون بما أنزل الله جل ثناؤه ، وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه ، والقراءة به ، وأنه لا يجوز ولا يسوغ القراءة على المعنى دون اتباع لفظ التنزيل ، وإيراده على وجهه ، وسببه الذي أنزل عليه ، وأداه الرسول صلى الله عليه وسلم).
وكذلك الإمام ابن الجزري في النشر بقوله :(أما من يقول بأن بعض الصحابة ، كابن مسعود ، كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه. إنما قال : نظرت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم).
وردها القاضي أحمد بن عمر الحموي في كتابه القواعد والإشارات في أصول القراءات فقال :(أما ما نقل عن الصحابة بأنهم يجيزون القراءة بالمعنى دون اللفظ كالذي نسب لابن مسعود فلا يصح).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى 13/397 :(وأما من قال عن ابن مسعود أنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه ، وإنما قال : نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة ، وإنما هو كقول أحدكم : أقبل ، وهلم ، وتعال ، فاقرأوا كما علمتم ، أو كما قال).
فليست النظرية هنا مما يصح أن يسمى (القراءة بالمعنى) كما نفهمه مثلاً في رواية الحديث بالمعنى ؛ لأن (القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز ، والقراءات هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتبة الحروف أو كيفيتها من تخفيف أو تثقيل أو غيرهما).

رابعاً : أن المستشرقين هم الذين أثاروا هذه الشبهة في العصر الحديث ، وقد دلفوا من خلالها لاتهام القرآن بأنه قد دخله التحريف والتبديل ، لأنه يجوز لكل أحد أن يقرأ بما شاء ، حتى قال أحد كبارهم وهو بلاشير : فبالنسبة إلى بعض المؤمنين لم يكن نص القرآن بحرفه هو المهم وإنما روحه. وهذه النظرية (القراءة بالمعنى) تعد من أخطر النظريات ؛ لأنها تكل تحديد النص القرآني إلى هوى كل شخص وفهمه ، يثبته على ما يهواه!
وقد تبع هؤلاء المستشرقين بعض من أبناء المسلمين الذين لم يتدبروا القول ، فقد كتب الدكتور مصطفى مندور – عفا الله عنه – في بحث له بعنوان (الشواذ) وكان رسالة علمية مقدمة لكلية الآداب بباريس :(هنالك على الأخص نقطة وقع عليها اتفاق كثيرين هي أن القرآن ربما قرئ بأوجه كثيرة ، ولكن الأساس هو أن يحترم المعنى ..)
وقد استدل بقول عمر بن الخطاب : (والقرآن كله صواب ما لم تجعل مغفرة عذاباً ، أو عذاباً مغفرة ). وهو نفس معنى حديث أبي بن كعب الذي أوردته.
واستدل كذلك بقول عبدالله بن مسعود القريب منه :( لقد سمعت القراء ووجدت أنهم متقاربون فاقرأوا كما علمتم ، فهو كقولكم هلم وتعال).
واستدل كذلك بقصة كاتب الوحي عبدالله بن أبي السرح واستدل بعدها بقصص وأخبار استقاها من كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصبهاني ، وكلها من شواذ المسائل والأدلة ، واستدل كذلك ببعض القراءات التي مرجعها إلى الاختلاف في اللهجات الذي يحتمله الرسم العثماني.

فهؤلاء المستشرقون ظنوا – جهلاً منهم – أن للصحابة وللتابعين قدرة على التدخل في النص القرآني ، توضيحاً لما غمض منه ، أو إقامة لخطأ في شكله أو صيغته ، أو تضميناً لبعض الاتجاهات اللاهوتية كما يعبر المستشرقون!!
فالدافع للصحابة والتابعين في نظر المستشرقين إلى التغيير في النص القرآني هو غموض النص القرآني أحياناً ، أو أن القرآن فيه كلمات غير فصيحة فتم استبدالها بالأفصح ، أو استغلال القرآن لمصالحهم وأهدافهم الدينية!!
وهذا كله كما تلاحظ يدل على جهل عميق لدى هؤلاء المستشرقين ، أو حقد دفين ، أحدهما أو كلاهما!! لأن كل ما استشهدوا به على دعواهم هو من القراءات التفسيرية. وقد رد أبو حيان رحمه الله هذه الحجة عند تفسيره لقوله تعالى في سورة البقرة :(فأزلهما الشيطان عنها) عندما ذكر قراءة ابن مسعود (فوسوس لهما الشيطان عنها) : (وهذه القراءة مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه ، فينبغي أن تجعل تفسيراً. وكذا ما ورد عنه – أي ابن مسعود – وعن غيره مما خالف سواد المصحف).
ومعلوم أن ما خالف المروي من القرآن متواتراً ، أو ما اشتهر من السنة الصحيحة ، أو ما أجمع العلماء عليه مما يقلل الثقة بالرواية ، ويجعلها في عداد الروايات الواهية التي لا يحتج بها.
وأما استدلال بعضهم بالأحرف السبعة ونزول القرآن عليها على تجويز القراءة بالمعنى ، فهذا استدلال باطل ؛ لأن الأحرف السبعة لم تكن تتبع هوى الصحابة بحيث يقرأون كيف ما يشاءون كما صور ذلك المستشرقون كبلاشير وجولد زيهر ونولدكه ومن اغتر بكلامهم من الباحثين ، بل كانت في حدود المسموع المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو ما أجمع عليه العلماء المحققون. [انظر المدخل لأبي شهبة 207].
ولذا كانت إجابته صلى الله عليه وسلم لكل من عمر بن الخطاب ، وهشام بن حكيم عقب سماعه منهما سورة الفرقان على إثر الخلاف بينهما في الحرف (هكذا أنزل). والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما كما لايخفى عليكم.
يقول أبو شهبة رحمه الله:(وإن لنا لوقفة عند هذا الرأي الأخير ، المجوز لتبديل فواصل الآي بعضها ببعض مما هو من صفات الرب ، فإن هذا خلاف الإجماع ، ويؤدي إلى ذهاب الإعجاز ، فإن من إعجاز القرآن هذا التناسب والترابط القوي بين الآية وخاتمتها ، فلو جاز إبدال خاتمة بأخرى لعاد بالخلل على إعجاز القرآن).
وقال القاضي عياض رحمه الله نقلاً عن المازري :(وقول من قال المراد خواتيم الآي فيجعل مكان (غفور رحيم) (سميع بصير) فاسد أيضاً ؛ للإجماع على منع تغيير القرآن للناس).
فلا شك أن معنى القراءات الصحيحة في الآية الواحدة متقاربة ومنسجمة وغير متناقضة. ومما يؤكد أن مقصوده الاتباع في القراءة والتلقي لا الاجتهاد والتشهي قوله :(فاقرأوا كما عُلِّمتم) وهذا كله يبطل هذه الدعوى.
وقد استدلوا كذلك بموقف عبدالله بن المبارك - رحمه الله – أنه كان لا يرد على أحد حرفاً ، فلا دليل لهم فيه لجواز أن من كان يقرأ عليه كان يعتمد على قراءة صحيحة الرواية ، لذا فلا يجوز منه أن يرده عن قراءته السبعية بل يصحح لمن يخطئ في القراءة السبعية لا غير.

وأما قول الإمام الزهري رحمه الله أنه يجوز قراءة القرآن بالمعنى فضلاً عن الحديث النبوي ، فهذا اجتهاد منه رحمه الله ، وإلا فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرصون أن يرووا الحديث بلفظه ولا يجيزون روايته بالمعنى حتى إن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :(أو كما قال). محترزاً بذلك. خوفاً من أدائه على غير لفظه ، فإذا كان هذا موقفهم من الحديث النبوي الشريف فمن باب أولى القرآن الكريم. والإمام الزهري هو الذي روى حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم ، وفيه قول عمر وقول هشام (أقرأني رسول الله). وعلى هذا فيحمل قوله في الإجابة لأبي أويس على أن ذلك يجوز فيما نزل به الوحي من ذلك ، وأما أنه يجوز ذلك مطلقاً فلا.
وليتنبه إلى أن هؤلاء المستشرقين وأمثالهم قد استدلوا بقصص وروايات التقطوها من مصادر غير موثوقة كالأغاني للأصفهاني ، ومهما قيل في الثناء على هذا الكتاب بكونه من مصادر الشعر الجاهلي وقيمته الأدبية ، إلا إنه لا يصلح حجة وشاهداً في مثل هذه المسائل التي نحن بصددها.
كما أنهم قد داروا وحاموا حول ما نقل عن ابن شنبوذ ، وأبي بكر العطار الذين اهتما بشواذ القراءات ، وقد تعلق بأقوالهما جولد زيهر كثيراً وهذا شأن أهل الانحراف والهوى في كل زمان.
والمعروف أن هذين العالمين قد قوبلا بالإنكار الشديد من جمهور المسلمين ، وأقيمت عليهما الحجة ببطلان مذهبهما ، واستتيبا فرجعا عن أقوالهما ، بل وكتبت محاضر باستتابتهما بحضور العلماء.
فالأصل في الحرية في القراءة أن تكون مقيدة بالأثر والرواية ، وصحة النقل ، وبالاعتماد على المشافهة ، فللقارئ أن يختار ما يشاء من القراءات في حدود المقبول المتواتر منها ، وليس له تغيير شيء منها. بل عليه التقيد بما نقل منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما ما نقلته من قول ابن حجر أن الصحابة كانوا يقرأون بالمترادف ولو لم يكن مسموعاً؟ فإن ابن حجر رحمه الله ممن توسع في شرح حديث الأحرف السبعة في فتح الباري كثيراً وأتى فيه بنفائس قل أن تجدها مجتمعة عند غيره. ومنها جمعه الروايات لاختلاف القراء في سورة الفرقان ومحاولته العثور على سبب الخلاف بين عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنهم في القصة المشهورة ، ويا حبذا لو ناقش هذه النقطة أحد الباحثين على صفحات هذا الملتقى.
وأما قول ابن حجر ذلك فقد قاله على سبيل الايراد على القول الذي حققه وهو عدم جواز ذلك ، حيث قال بعد أن نقل كلاماً لأحد العلماء من كتاب أبي شامة المقدسي وهو قوله: أنزل القرآن أولاً بلسان قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء ، ثم أبيح للعرب أن يقرأوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب ، ولم يكلف أحد منهم الانتقال من لغته إلى لغة أخرى للمشقة ، ولما كان فيهم من الحمية ، ولطلب تسهيل فهم المراد . كل ذلك مع اتفاق المعنى. وعلى هذا يتنزل اختلافهم في القراءة ... وتصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا منهم.
قلت - أي ابن حجر :وتتمة ذلك أن يقال : إن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي ، أي إن كل أحد يغير الكلمة بمرادفها في لغته ، بل المراعى في ذلك السماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، ويشير إلى ذلك قول كل من عمر وهشام في حديث الباب : أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم).
ثم أورد ابن حجر إيراداً هو الذي ذكرته – حفظك الله – عنه فقال :(لكن ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعاً له).
وذكر أن ذلك كان سبباً في إنكار عمر على ابن مسعود قراءة (حتى حين ) بقوله :(عتى حين). وكتب عمر إليه : إن القرآن أنزل بلغة قريش ولم ينزل بلغة هذيل ، فأقرأ الناس بلغة قريش ولا تقرءهم بلغة هذيل. وكان ذلك قبل جمع عثمان كما هو ظاهر.
وقد أجاب ابن عبدالبر قديماً على هذا بأن هذا يحتمل أن يكون من عمر على سبيل الاختيار ، لا أن الذي قرأ به ابن مسعود لا يجوز. قال : وإذا أبيحت قراءته على سبعة أوجه أنزلت جاز الاختيار فيما أنزل.
وأجاب أبو شامة المقدسي على ذلك بقوله : ويحتمل أن كون مراد عمر ، ثم عثمان بقولهما (نزل بلغة قريش) أن ذلك كان أول نزوله ، ثم إن الله تعالى سهله على الناس فجوز لهم أن يقرأوه على لغاتهم على أن لا يخرج ذلك عن لغات العرب لكونه بلسان عربي مبين).
وهذا ظاهر فإن الأحاديث التي وردت في إباحة قراءة القرآن على سبعة أحرف كلها وردت في المدينة بعد الهجرة ، وأما في مكة فلم تكن مباحة ، لاتحاد الدار واللسان ، فهشام بن حكيم وأبوه رضي الله عنهما من مسلمة الفتح ، وكذلك حديث أضاة بني غفار الذي رواه أبي بن كعب ، وأضاة بني غفار على الصحيح موضع بالمدينة.
والذي دفع عمر إلى الإنكار على هشام بن حكيم - مع أنهما من قريش ولغتهما واحدة -هو أن عمر قد قرأ سورة الفرقان من قبل ، وظن أن تأخر إسلام هشام بن حكيم كان سبباً في جهله بالقراءة . وربما يكون أول سماع عمر لحديث الأحرف السبعة هو ذلك الوقت.
وقد ردد هذا القول المستشرق جولد زيهر كذلك كعادته في تتبع الشواذ من المسائل ، ومثل لذلك بمثال ، وهو قوله تعالى:(نفس عن نفس ) حيث قرأ أبو السرار الغنوي (نسمة عن نسمة).
وهذه قراءة شاذة ، لم تثبت قرآنيتها. وقارئها أبو السرار الغنوي من الذين لا يؤخذ لهم في القرآن برأي ، ولا يعد قولهم حجة.

ووأود أن أشير هنا إلى مسائل :
الأولى : أن من خير من ناقش حديث الأحرف السبعة من المتقدمين أبو شامة المقدسي رحمه الله في كتابه النفيس (المرشد الوجيز). ومن المتأخرين وجدت فيه كتابات كثيرة للشيخ مناع القطان ، والشيخ عبدالعزيز القارئ ، والشيخ حسن ضياء الدين عتر والشيخ عبدالله الجديع ، ومن أفضل من كتب فيه من المتأخرين الدكتور عبدالصبور شاهين وفقه الله في كتابه (تاريخ القرآن). وهنا مسألة يحسن الختام بها ، واعذروني على الإطالة أيها الإخوة فالحديث يسترسل بنا والفائدة هي الغاية وهي المسألة الثانية.

الثانية : وعد العلامة محمود شاكر رحمه الله بإخراج كتاب في موضوع (الأحرف السبعة) أتى فيه بما لم يأت به العلماء السابقون على حد قوله وسيأتي ، ولكنه لم يخرجه للناس. حيث قال في مقدمة تحقيقه للجزء السادس عشر من تفسير الطبري :
(وكان من قصة أول ما قطعني عن المضي في إصدار هذا الجزء في ميعاده سنة 1380 من الهجرة ، أني كنت حين بدأت نشر تفسير أبي جعفر الطبري ، على مثل حد السيف من التخوف لهذا الكتاب الجليل ، فأمسكت نفسي عن التعليق على بعض مسائله ، مخافة أن يزل القلم ، أو يزيغ بي الرأي. وكان مما أمسكت عنه يومئذ ما رآه أبو جعفر في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم :(أنزل القرآن على سبعة أحرف). وما قاله في شأن كتابة القرآن على عهد عثمان رضي الله عنهما.
وكان مما زادني إمساكاً عن الكتابة في ذلك أني خفت المؤونة على نفسي يومئذ ، وترهبت أن يعوق ذلك طبع الجزء الأول من التفسير ويؤخره زمناً يطول ، لأن هذا الفصل من كلامه يقع في مقدمة تفسيره...
ولما انتهيت إلى هذا الجزء السادس عشر ، وقفت على حديث ابن عباس الذي رواه أبو جعفر (رقم : 20410 ، 16/452 ، وهو : ساق الطبري بسنده عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها :(أفلم يتبين الذين آمنوا) قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس) وقد علق عليه محمود شاكر هناك تعليقاً نفيساً فليراجع)
وهو خبر يتلمس أمثاله أهل المطاعن في القرآن من المستشرقين وأشياعهم من ذوي الألسنة من أهل جلدتنا. ولما دارست الخبر وإسناده ، وأردت تخريجه وتوثيقه أو توهينه ، انتهى بي الرأي والمدارسة إلى مسألة (نزول القرآن على سبعة أحرف) ، وإلى ما كان من كتابة المصحف على عهد أبي بكر ، ثم كتابة المصحف الإمام على عهد عثمان رضي الله عنهما ، فانفتح لي باب عظيم من تحقيق القول فيهما ، أردت أن أجعله مقدمة لهذا الجزء.
فلما أوغلت في المدارسة والتثبت ، وبدأت أكتب ، اتسع القول وتشعب ، واحتاج الأمر إلى الفحص والتفتيش والتغيير والتبديل ، حتى صارت المقدمة كتاباً على حدة ، لا يمكن نشره في أول الجزء ، فرجعت أدراجي بعد أكثر من ثلاث سنوات قضيتها في تمحيص القول في الأحرف السبعة وكتابة المصحف الإمام ، إلى حيث وقفت ، فعدت إلى إتمام هذا الجزء ، ولكن الحوائل من يومئذ قامت بيني وبينه كالسدود ، وتتابعت العوائق المقضية في غيب الله ، حتى أذن الله بالفرج لأعود إلى إتمام طبعه.
ولكن كان مما ساءني بعد غياب لم أملك أمره ثلاث سنوات أخرى ، أني وقفت منذ أيام قلائل على كتاب لأحد أبنائنا ، صدر في زمان غيبتي ، عن تاريخ القرآن ، فوجدته تلقط فيه بعض ما سمعه من قولي في بيان الأحرف السبعة ، وفي كتابة القرآن على عهد أبي بكر ، وكتابة المصحف الإمام على عهد عثمان ، وذلك أني كنت أقرأ يومئذ ما أكتب منه على أصحابنا ، التماساً لتصحيح الرأي إن زاغ ، لأن أمر القرآن عظيم ، ولأني ابتدأت شيئاً لم أر أحداً من علمائنا سبقني إليه بحمد الله وحده.
ولم أكن أتوهم يومئذ أن أمانة المجالس قد رفعت . وليته أحسن إذا فعل ما فعل ، وكنت أتمنى له غير الذي اختار لنفسه ، وهكذا أهل زماننا أجد الناس اليوم يختارون شر الطريقين).
انتهى كلامه رحمه الله ، وليتني أظفر بذلك الكتاب الذي بدأه أو أجد خبره ، إذا لسافرت له الأسفار الطوال ، فكلام العلامة محمود محمد شاكر وأمثاله ككلام الأئمة المتقدمين أصحاب الرأي الثاقب ، الذين قل أن يتكرر مثالهم ، وقديماً قال المتنبي :
[align=center]وأفجعُ مَنْ فقدنا مَنْ وجدنا ** قبيل الفقد مفقودَ المثالِ[/align]

وأظن تلميذه الذي أشار إليه هو الدكتور عبدالصبور شاهين ، وفقه الله فهو كذلك من كبار العلماء المحققين. وإلى هنا يجب أن أقف ، وأستغفر الله من الزلل ، وأدعو الإخوة الكرام إلى التعقيب والإضافة فما تركته أكثر مما ينبغي قوله في هذا المقام.
 
أشكرك أخي أبا عبدالله على هذا البحث ، وجزاك الله خير الجزاء

ومن لطيف الموافقات أنني قرات قبل الأمس في ترجمة واصل بن عطاء رأس المعتزلة في السير 5/465 " قيل : كان يجيز التلاوة بالمعنى ، وهذا جهل "
 
فائدة :
مسألة الأحرف السبعة أشار إليها الشوكاني في (إرشاد الفحول) 1/175 وقال: وهذه المسألة محتاجة إلى بسط تتضح به حقيقة ماذكرنا ، وقد أفردناها بتصنيف مستقل فليرجع إليه "
وأفاد المحقق أن هذا التصنيف مازال في عداد المخطوطات .

فلعلك تنشط لها ياأبا عبدالله بهمتك كما عهدناك
وفقك الله
 
جزاك الله خيرا يا شيخ : عبد الرحمن الشهري فقد كفيت ووفيت ,,, أحسنت بارك الله فيك ,,,

فالقضية لا تخرج عن مسأله القرأات القرأنية للمبررات السابقه ولحسم الموضوع ولا يفتح الباب حتي يقول الشخص في القرآن ما ليس منه , ثم نجلس نفكر في المعاني المترادفه هل ما قام به هذا القارى أو ذاك مرادف للآيه التي حذفها !
ولك أن تتصور لإمام ما يصلي بالناس وهو ممن يذهب هذا المذهب ويقرأ القرآن بالمترادف ماذا يمكن أن يحدث للناس خلفه !! فالمسألة لا تعدو أن تكون أنها أشتهرت عند السلف القراءة بالمترادف أو بالمعنى ويقصدون بذلك ولا ريب القرآات القرأنية المعروفه لدينا وأكبر دليل على ذلك صنيع السواد الأعظم منهم فكل السلف وعمومهم ألتزموا القرأات القرآنيه ولم يخرجوا عنها فالمسألة حينئذ أجماع منهم على عدم جواز الخروج عن هذه القرأات , ومن خالف في هذا الأمر فعليه الأثبات بالمتواتر بأن السلف يقرأون القرآن بالمترادف ـ حسب فهمه ـ في صلاتهم الجهرية وقيامهم في رمضان ,,, ودون ذلك كما يقال خرط القتاد ,,,,,,, هذا وجزاكم الله خيرا ولاأخينا عبد الرحمن الشهري خير الجزاء
والله أعلم

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
 
الحمد لله

أما الحديث المذكور فيتعلق بمسألة الأحرف السبعة وقد كفى فيها الشيخ عبدالرحمن وشفى ، وأما أثر الزهري فهذا اجتهاد منه رحمه الله وليس بحجة كما أشار إليه أيضا .
وأما مقولة ابن حجر فوقفت على جواب يمكن أن تخرج به ، أشار إليه السيوطي في : ( الإتقان في علوم القرآن - 1/ 208)
وحاصله أن ذلك يمكن تخريجه على إرادة التفسير وبيان المعنى ، وهو ما زيد في القراءات على وجه التفسير كقراءة سعد بن أبي وقاص < وله أخ أو أخت من أم > أخرجها سعيد بن منصور .
وقراءة ابن عباس < ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج > أخرجها البخاري .
وقراءة ابن الزبير < ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ما أصابهم > قال عمـر : فمـا أدري أكانت قراءتـه أم فسـر . أخرجه سعيد بن منصور، وأخرجه ابن الأنباري وجزم بأنه تفسير .
وأخرج عن الحسن أنه كان يقرأ < وإن منكم إلا واردها الورود الدخول > قال ابن الأنباري : قوله ( الورود الدخول ) تفسير من الحسن لمعنى الورود ، وغلط فيه بعض الرواة فألحقه بالقرآن .
قال ابن الجزري :" وربما كانوا يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا ، فهم آمنون من الالتباس ، وربما كان بعضهم يكتبه معه .
وأما من يقول إن بعض الصحابة كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب ." .
والله أعلم ،،
 
بارك الله فيك أخي خالد على هذه التعقيبات الموفقة . ويا حبذا لو اجتهد الإخوة الفضلاء ممن له صلة بالأخ الدكتور فهر محمود شاكر فيسألونه عن الكتاب الذي همَّ والده بإخراجه لولا ما رآه من تصنيف أحد تلاميذه كتاباً في (تاريخ القرآن) . هل يوجد لهذا الكتاب أثر في ما تركه محمود شاكر من تركة .
وأرجو أن أرى تعقيبات الإخوة الكرام على هذه المسألة المتلعقة بالأحرف السبعة .
 
رفع الإشكال:

رفع الإشكال:

* من التوجيهات الجيدة للحديث توجيه الإمام أبي عمرو الداني رحمه الله في كتابه: (المكتفى في الوقف والابتدا),

فقد جعل هذا الحديث أصلاً في الوقف والابتداء, فقال بعد أن ذكره بأسانيده:

(قال أبو عمرو: فهذا تعليم التمام من رسول الله صلى الله عليه وسلم, عن جبريل عليه السلام؛ إذ ظاهره دالٌّ على أنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذِكرُ النار والعقاب, ويفصل ممَّا بعدها إن كان بعدها ذكر الجنة والثواب, وكذلك يلزم أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة والثواب, ويفصل ممَّا بعدها أيضاً إن كان بعدها ذكر النار والعقاب, وذلك نحو قوله: {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}, هنا الوقف, ولا يجوز أن يوصل ذلك بقوله: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات}, ويقطع على ذلك, ويختم به الآية ..), إلى آخر كلامه رحمه الله, وقد أكمله بالاستدلال على هذا التوجيه وتأكيده. [المُكتفى ص:2- 5].

وهو كما ترى وجه قوي في معنى الحديث, بل قد يكون أولى ما حُمِلَ عليه, وفُسِّرَ به.

ومن ثَمَّ يكون الحديث خالصاً في ذكر الأحرف السبعة, والتمثيل على اختلافها, وأنها وإن تغايرت فهي كُلُّها كلام الله, مع التَّنَبُّه إلى أدب الوقف في جميعها, واستحضار معانيها حال التلاوة.

ويؤكد ذلك تبويب أبي داود رحمه الله على هذا الحديث بقوله: (باب أنزل القرآن على سبعة أحرف).
 
ما نقله الأخ أبو بيان عن أبي عمرو الداني من كتابه المكتفى [ص132 بتحقيق المرعشلي وهو أجود التحقيقات] ، وهو توجيه سديد موفق لهذا الحديث ، وتوظيف له في الوقف والابتداء دقيق ، لم أر من تنبه له غيره رحمه الله.
--
وجدت للدكتور عبدالجليل عبدالرحيم كلاماً جيداً عن القراءة بالمعنى التي هل أصل هذه المشاركة ، في كتابه (لغة القرآن الكريم) ص 155-175 وأورد فيها الحجج والبراهين ، لمن شاء منكم أن يستزيد من العلم حولها .
وقد استوقفني في أثناء مناقشته للأدلة حول (نظرية المعنى) - كما سماها المستشرقون الذين تعرضوا لها كبلاشير ونولدكه - ذكره لرسالة ماجستير لطالبة اسمها تغريد السيد عنتر بعنوان (أصوات المد في القرآن الكريم) تقدمت بها لكلية الآداب بالاسكندرية ، ورددت فيها أقوال آرثر جفري في مقدمته لكتاب المصاحف ، وما قاله غيره من المستشرقين عن العلة في اختلاف القراءات. وقد رد عليها محمد صادق عرجون رحمه الله وناقش أفكارها في الرسالة.
فهل اطلع أحد منكم على هذه الرسالة ؟
 
ومن الأمثلةِ على أصلِ هذه المشاركة ما قرأ به الأعمشُ عن أنس بن مالك لقوله تعالى:(لَو يَجِدُونَ مَلجأً أَو مَغاراتٍ أو مُدَّخلاً لَولَّوا إليهِ وهُمْ يَجْمَحون) فقد قرأها (يَجْمِزُون) فلما سُئِلَ قال : يَجْمَحُونَ ويَجْمِزون ويشتدُّون واحد.
وذهب الشهاب في حاشيته على البيضاوي 4/335 أن هذا من أنس تفسير لا قراءة فقال: وليس مراده أنه قرأ بالزاي كما توهم ، بل التفسير ، ورد الإنكار. وجَمَّازة : ناقة شديدة العدو».
قال ابن جني في المحتسب 1/296 :« ظاهرُ هذا أَنَّ السلف كانوا يقرأون الحرفَ مكان نظيره من غير أن تتقدم القراءة بذلك ، لكنَّه لِمُوافقةِ صاحبهِ في المعنى ، وهذا موضعٌ يَجِدُ الطاعنُ به - إذا كان هكذا - على القراءة مطعناً ، فيقول : ليست هذه الحروف كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كانت عنه لَمَا ساغ إبدالُ لفظٍ مكانَ لفظٍ ، إذ لم يثبت التخيير في ذلك عنه ، ولَمَا أُنكِرَ أيضاً عليه (يَجْمِزون».
إِلاَّ أَنَّ حسن الظنِّ بأَنسٍ يدعو إلى اعتقادِ تقدم القراءة بهذه الأحرف الثلاثة التي هي : يجمحون ويجمزون ويشتدون ، فيقول : اقرأ بأيها شئت ، فجميعها قراءة مسموعة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله عليه السلام : نزل القرآن بسبعة أحرف كلها شاف كاف».
فتضاف هذه إلى الأمثلة المتقدمة في المسألة ، ويكون اعتذار ابن جني مؤيداً لما تقدم لمكانة أبي الفتح غفر الله لنا وله في علم اللغة ومكانه من أبي علي الفارسي صاحب الحجة في القراءات الذي لم يصنف في الاحتجاج للقراءات مثله.
 
[align=justify]جاء في أجوبة الأستاذ الدكتور غانم بن قدوري الحمد التي أجاب فيها عن الأسئلة الموجهة إليه من شبكة التفسير ما نصه :

( وأنكر عدد من العلماء أن يكون الصحابة قد قرؤوا بالمعنى ، فقال أبو بكر بن الأنباري ( ت 327هـ) معلقاً على ما رواه الأعمش عن أنس من أنه قرأ ( وأصوب قيلاً) : " وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال : من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآن فهو مصيب إذا لم يخالف معنى ، ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له ، واحتجوا بقول أنس هذا ، وهو قول لا يعرج عليه ولا يلتفت إلى قائله ، لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها لجاز أن يقرأ في موضع ( الحمد لله رب العالمين ) : الشكر للباري ملك المخلوقين ، ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل جميع القرآن ، ويكون التالي له مفترياً على الله عز وجل ، كاذباً على رسوله – صلى الله عليه وسلم - .

ولا حجة لهم في قول ابن مسعود نزل القرآن على سبعة أحرف ، إنما هو كقول أحدكم : هلم وتعال وأقبل ، لأن هذا الحديث يوجب أن القراءات المأثورة المنقولة بالأسانيد الصحاح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا اختلفت ألفاظها واتفقت معانيها كان ذلك بمنزلة الخلاف في هلم وتعال و أقبل ، فأما ما لم يقرأ النبي – صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وتابعوهم – رضي الله عنهم – فإنه من أورد حرفاً منه في القرآن فقد بهت ومال وخرج من مذهب الصواب .

قال أبو بكر : والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في هذه الضلالة حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم ، لأنه مبني على رواية الأعمش عن أنس ، فهو مقطوع ليس بمتصل ، فيؤخذ به ، من قبل أن الأعمش رأى أنساً ولم يسمع منه([1]).

وأكد هذا المعنى أيضا أبو بكر الباقلاني ( ت 403هـ) وذلك حيث قال : " وكيف يجوز لقائل أن يقول : إن القراءة بالمعنى جائزة مع العلم بما كانوا عليه من المثابرة على نقل القرآن على ما سمعوا وشدة تحاميهم في ذلك وكثرة الروايات فيه ... ويدل على ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " رحم الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها ، فربُّ حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " فكيف يأخذ عليهم أن يؤدوا مقالته كما سمعوها منه ويبيح لهم مع ذلك نقل القرآن بالمعنى ؟ هذا ما لا يقول محصل (كذا)، وقد أجمع الكل ممن أجاز رواية الحديث [ بالمعنى] ومن لم يجز ذلك على منع قراءة القرآن بالمعنى ... ".([2])
[/align]
[line]

([1]) نقلاً عن : القرطبي : الجامع أحكام القرآن 19/41-42

([2]) نكت الانتصار ص 328- 329

رابط اللقاء : لقاء شبكة التفسير والدراسات القرآنية مع الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد
 
شيخنا الشهري حفظه الله
هل لك أن تدلني على كتاب (لغة القرآن الكريم) أين طبع ومتى وهل له وجود على الشبكة وهل هناك من كتب أخرى تحدثت عن هذا الموضوع بتوسع
وجزاك الله خيراً
 
كتاب لغة القرآن الكريم للدكتور عبدالجليل عبدالرحيم طبع قبل خمسة وعشرين عاماً ، ونسخه قليلة في المكتبات ، ولم أر منه إلا نسخاً معدودة . ولا أدري أين طبع ، وإن كنت أظنه طبع في مؤسسة الرسالة في بيروت عام 1402هـ . وأما هل له وجود على الشبكة فلا أدري .
وهل هناك من كتب أخرى تحدثت عن هذا الموضوع بتوسع ؟ نعم هناك كتب كثيرة تحدثت عن لغة القرآن الكريم من جوانب عديدة ، ومنها إضافة لهذا الكتاب :
- لغة القرآن الكريم في جزء عم للدكتور حسن نحلة ، أو محمد نحلة وهو كتاب ثمين .
- التفسير اللغوي للقرآن الكريم للدكتور مساعد الطيار . ويمكنك تحميله مصوراً من هنا .
وهناك كتب أخرى كثيرة ، ورسائل علمية جيدة ، وبحوث منشورة محكمة تدور حول هذا الموضوع المهم .
 
يحسن لو جُمعت أقوال العلماء في هذه المسألة التي طرحها الأخ خالد ؛ ليتسنى بعد ذلك الحكم في هذهالمسألة ، وقد اطلعت في كتاب ابن عادل ( اللباب في تفسير الكتاب ) على القول الآتي :
(( حكى الزمخشريُّ : أن أنساً قرأ : » وأصوب قِيْلاً « فقيل : له : يا أبا حمزة إنما هي » وأقْوَمُ « ، فقال : إن أقوم ، وأصوب وأهيأ ، واحد ، وأنَّ أبا السرار الغنوي كان يقرأ : { فَحَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ } [ الإسراء : 25 ] - بالحاء المهملة - فقيل له : هي بالجيم فقال : جَاسوا وحاسوا واحد .
قال شهاب الدين : « وغرضه من هاتين الحكايتين ، جواز قراءة القرآن بالمعنى ، وليس في هذا دليل؛ لأنه تفسيرُ معنى ، وأيضاً ، فالذي بين أيدينا قرآن متواتر ، وهذه الحكاية آحاد ، وقد تقدم أن أبا الدرداء كان يُقْرِىءُ رجلاً ، { إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم طَعَامُ الأثيم } [ الدخان : 43-44 ] ، فجعل الرجل يقول : طعام اليتيم ، فلما تبرم منه قال : طعام الفاجر يا هذا ، فاستدل به على ذلك من يرى جوازه ، وليس فيه دليل ، لأن مقصود أبي الدرداء بيان المعنى فجاء بلفط مبين » .
قال الأنباري : وذهب بعض الزائغين إلى أن من قال : إن من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآنِ ، فهو مصيب إذا لم يخالف ولم يأت بغير ما أراد الله ، واحتجوا بقول أنس هذا ، وهذا قول لا يعرج عليه ، ولا يلتفت إلى قائله ، لأنه لو قرىء بألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها ، واشتملت على غايتها لجازأن يقرأ في موضع { الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } الشكر للباري ملك المخلوقين ، ويتسع الأمر في هذا ، حتى يبطل لفظ جميع القرآن ، ويكون التالي له مفترياً على الله - تعالى - كاذباً على رسوله صلى الله عليه وسلم ولا حجة لهم في قول ابن مسعود : « نَزلَ القرآنُ على سَبْعَةِ أحْرُفٍ ، إنما هو كقول أحدكم : تعلم ، وتعال ، وأقبل »؛ لأن هذا الحديث يوجب أن القراءات المنقولة بالأسانيد الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلفت ألفاظها ، واتفقت معانيها ، كان ذلك فيها بمنزلة الخلاف في « هَلُمَّ » ، وتعال ، وأقبل « ، فأما ما لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتابعوهم ، فإن من أورد حرفاً منه في القرآن بهت ، ومال ، وخرج عن مذهب الصواب ، وحديثهم الذي جعلوه قاعدتهم في هذه الضلالة لا يصححه أهل العلم . انتهى )) .
 
جزاك الله خيراً شيخنا الشهري
ولكن للتأكد هل هذه الكتب في قضية القراءة بالمعنى؟
فقد اطلعت على كتب الدكتور الطيار ولم أجد لهذه القضية وجود في كتابه
ودمتم سالمين
 
الأخ الكريم محمد الأبرش وفقه الله ورعاه
نعم الكتب التي ذكرتها لكم ليست في موضوع (قراءة القرآن بالمعنى ) ، وكنت أظنك تسألني عن الكتب التي تحدثت عن لغة القرآن الكريم بصفة عامة وبعض مباحثها الدقيقة . بل حتى كتاب (لغة القرآن الكريم) للدكتور عبدالجليل عبدالرحيم عرض لمسألة القراءة بالمعنى عرضاً مختصراً غير مفصل .
 
بارك الله فيك شيخنا الشهري
فهل من مرجع شاف في هذه المسألة الدقيقة؟
فإن الكثير من الآثار الواردة عن قراءات الصحابة توهم بأنهم كانوا يأخذون بهذا القول وحاشاهم من ذلك
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
هناك ملاحظة بسيطة في الموضوع وهي :
أن المقصود بجواز القراءة في المعنى هو أن القارئ إذا سبقه لسانه في القراءة في الصلاة فأبدل كلمة بكلمة ترادفها أو أدرج على لسانه كلمة بدل كلمة ، فصلاته صحيحة ولا حرج عليه ما لم يتغير المعنى ، أما إذا تغير المعنى كأن جعل أهل النار في الجنة ، أو العكس فالصحيح أن تبطل صلاته إذا لم يستدرك و يصحح التلاوة في الصلاة .

وأما تعمد التلاوة بالمعنى فلا اختلاف في عدم الجواز
 
بارك الله فيك شيخنا الشهري
فهل من مرجع شاف في هذه المسألة الدقيقة؟

كتب الباحثان الكريمان الأستاذ الدكتور أحمد خالد شكري ، والدكتور أحمد فريد أبو هزيم بحثاً علمياً بعنوان :(الرد الأسنى على من أجاز قراءة القرآن بالمعنى) نشر ضمن كتاب (في القراءات القرآنية) عن دار العلوم بالأردن . فيه تفصيل للرد على من أجاز قراءة القرآن بالمعنى .
 
بارك الله فيك يا دكتور عبد الرحمن فقد كفيت وشفيت
 
جزاك الله كل خير على هذه البشرى وسأحاول بإذن الله الحصول على الكتاب.
 
من التوجيهات الجيدة المتعلقة بهذه المسالة قول الراغب الأصفهاني رحمه الله في كتابه الفريد: محاضرات الأدباء 4/169, بتحقيق: د. رياض عبد الحميد مراد, عن دار صادر:
(وذكر بعض العلماء أن ابن عباس كان يُجَوِّز أن يُقرأ القرآن بمعناه. واستدلّ بما رُويَ عنه أنه كان يعلم رجلاً: {طعام الأثيم}(الدخان 44) فلم يكن يحسن الأثيم, فقال: (قل: الفاجر). وليس ذلك بشيء فيما ذكره جُلُّ العلماء؛ لأن ابن عباس أراد أن يُعَرِّفه الأثيم, فعَرَّفَه بمعناه لمَّا أعياه).
فيكون هذا الباب من قبيل بيان المعنى أثناء القراءة, كما كان في صحف عدد من الصحابة من كتابة المعنى مع الآيات.
 
يُرفع للفائدة ، بارك الله فيكم وجزاكم خيرا .
قال شهاب الدين : « وغرضه من هاتين الحكايتين ، جواز قراءة القرآن بالمعنى ، وليس في هذا دليل؛ لأنه تفسيرُ معنى ، وأيضاً ، فالذي بين أيدينا قرآن متواتر ، وهذه الحكاية آحاد ، وقد تقدم أن أبا الدرداء كان يُقْرِىءُ رجلاً ، { إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم طَعَامُ الأثيم } [ الدخان : 43-44 ] ، فجعل الرجل يقول : طعام اليتيم ، فلما تبرم منه قال : طعام الفاجر يا هذا ، فاستدل به على ذلك من يرى جوازه ، وليس فيه دليل ، لأن مقصود أبي الدرداء بيان المعنى فجاء بلفط مبين » .
شهاب الدين : هو السمين الحلبي ، وهذا النقل عن (الدر المصون) له [ 10 / 519 ] .
 
رفع د.حسن عبد الجليل عبد الرحيم العبادلة كتاب لغة القرآن لوالده رحمه الله على هذا الرابط .
http://vb.tafsir.net/tafsir26209/

وأما عن بحث الرد الأسنى على من أجاز قراءة القرآن بالمعنى للأستاذ الدكتور أحمد شكري و بمشاركة الدكتور أحمد فريد أبو هزيم.
فقد صدر عن دار العلوم بالأردن (الطبعة الأولى 2006) ضمن كتاب سلسة بحوث قيمة (1) في القراءات القرآنية .
وقد عرضه د. عبدالرحمن الشهري في هذه المشاركة .
http://vb.tafsir.net/tafsir8656/
 
السلام عليكم إخواني
لست من أهل الاختصاص و لذلك لم أفهم كيف قراءة و هو أب لهم لا تعد زيادة في القرإن و كيف قرأها الصحابي الجليل هكذا ؟!
أرجو إجابة مختصرة مبسطة جزاكم الله خيرا
 
كلمتان عن القراءة بالمعنى -والحكمة ضالة المؤمن - :
"هل يتوهم عاقل ترخيص النبي - صلى الله عليه واله وسلم - أن يقرأ القارئ " يس ، والذكر العظيم ، إنك لمن الانبياء ، على طريق سوي ، إنزال الحميد الكريم ، لتخوف قوما ما خوف أسلافهم فهم ساهون " سبحانك اللهم إن هذا إلا بهتان عظيم . وقد قال الله تعالى : " قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلاما يوحى إلي 10 : 15 " .
وإذا لم يكن للنبي أن يبدل القرآن من تلقاء نفسه ، فكيف يجوز ذلك لغيره ؟ انتهى من البيان للخوئي - ( 115)


وفي مناهل العرفان (1/ 189) :
وهاك برهانا آخر ذكره صاحب التبيان في مثل هذا المقام إذ يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم علم البراء ابن عازب دعاء فيه هذه الكلمة ونبيك الذي أرسلت فلما أراد البراء أن يعرض ذلك الدعاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ورسولك الذي أرسلت فلم يوافقه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بل قال له: "لا. ونبيك الذي أرسلت" . وهكذا نهاه عليه الصلاة والسلام أن يضع لفظة رسول موضع لفظة نبي مع أن كليهما حق لا يحيل معنى إذ هو صلى الله عليه وسلم رسول ونبي معا. ثم قال: فكيف يسوغ للجهال المغفلين أن يقولوا: إنه عليه الصلاة والسلام كان يجيز أن يوضع في القرآن الكريم مكان عزيز حكيم غفور رحيم أو سميع عليم. وهو يمنع من ذلك في دعاء ليس قرآنا والله يقول مخبرا عن نبيه: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} ولا تبديل أكثر من وضع كلمة مكان أخرى ا هـ بتصرف قليل.
 
السلام عليكم إخواني
لست من أهل الاختصاص و لذلك لم أفهم كيف قراءة و هو أب لهم لا تعد زيادة في القرإن و كيف قرأها الصحابي الجليل هكذا ؟!
أرجو إجابة مختصرة مبسطة جزاكم الله خيرا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي عبد الرحمن ، سأحاول تيسير الأمر عليك :
روينا عن جماهير الصحابة رضي الله عنهم ومنهم عثمان وأبيّ وابن عباس وعن جمهور التابعين والأئمة والقراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم )
ثم جاءنا رجل يقول سمعت ابن عباس يقرأ ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [وهو أب لهم] وأزواجه أمهاتهم )
فمهما كانت ثقتنا بهذا الرجل فإن مخالفته الجماهير التي روت القراءة عن عامة الصحابة وعن ابن عباس تحديدا - تجعلنا نرد روايته ونقول له أخطأت ولو كنت ثقة !
لا نستطيع قبول روايتك فقد روى لنا عامة تلاميذ ابن عباس عن ابن عباس نفسه وعن عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما تقول . فكيف نقبل روايتك وأنت واحد ؟!! ونرد رواية عامة الحفاظ والمتقنين !!؟. فالقراءة التي ذكرت لم تثبت أصلا لأنها رواية فرد واحد خالف بها الجماهير من الحفاظ ، وهذه المخالفة هي التي جعلتنا نرد رواية الواحد ولو كان ثقة ونصفها بأنها شاذة .
أخي عبد الرحمن :
وبالمثال يتضح المقال ، لنفرض يوم جمعة في المسجد الجامع ومن بين ألاف المصلين خرج أحد هم يقول إن الإمام قد زاد ركعة في الصلاة !! وذهبت تسأل الناس - وهم ألوف وفيهم العلماء والعامة والرجال والنساء- فكلهم يقول : صلى ركعتين لم تنقص ولم تزد.
فبقول من تأخذ ؟ أبقول الواحد المفرد الشاذ ؟ أم بقول الجماعة العظيمة المتفقة ؟.
هكذا نحن لا نقبل في القرآن إلا التواتر الذي يكون برواية جمع عظيم يستحيل عليهم الاتفاق على الكذب ونأمن منهم الوقوع مجتمعين في الخطأ .
 
عودة
أعلى