إشكالات حول ما يسمى بالتفسير الموضوعي

إنضم
26/10/2013
المشاركات
17
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
المدينة المنورة
إشكالات فيما يسمى بالتفسير الموضوعي
يُسمّى بالتفسير الموضوعي, والبحث فيه يكون بمعالجة موضوعٍ ما من خلال نصوص الكتاب والسنة, وأقوال الأئمة من السلف ومن بعدهم, ولا يرتكز على بيان المعنى المراد من الآيات, فكيف يصح تسمية ذلك تفسيراً؟
يشترطون فيه بحث موضوع ما من خلال آيات القرآن الكريم فقط, وهذا لا يصح في الشريعة, إذ أن السنة مفسرة للقرآن ومبينة له, فكيف يسوغ اشتراط ذلك؟
وكيف يمكن أن يكون الباحث مستوعباً لجميع حيثيات الموضوع إذا ما التزم بهذا القيد؟
والأدهى من ذلك أن جعلوا من أقسامه بحث موضوع ما من سورٍ معينة دون غيرها, وبحث موضوع ما من خلال سورة بعينها!
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين أما بعد.. الاستاذ الفاضل عمار...أخي الكريم هل يصعب عليك ان تقرأ كتابا عن التفسير الموضوعي...جميع ما ذكرته غير صحيح...ارجو من جنابكم ان تقرأ..أما اسئلتكم فأرجو ان توضح لي أين قرأتها؟وفقنا الله تعالى واياكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين أما بعد.. الاستاذ الفاضل عمار...أخي الكريم هل يصعب عليك ان تقرأ كتابا عن التفسير الموضوعي...جميع ما ذكرته غير صحيح...ارجو من جنابكم ان تقرأ..أما اسئلتكم فأرجو ان توضح لي أين قرأتها؟وفقنا الله تعالى واياكم.
في كلامك ما يستدعي مني نزولاً .... لكن سأعرض عنه وأقول سلام عليك وعفا الله عني وعنك, اقرأ هنا

التفسير الموضوعي.. وجهة نظر أخرى
التاريخ: 23/ 7/ 1433هـ الموافق 13/06/2012
عدد الزيارات: 2344
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلقد كثر القول من بعض المعاصرين في التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القديم، ورأوا أن عصر التفسير التحليلي - كما يسمونه - قد انتهى، وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حلُّ المشكلات، والإجابة عن المعضلات، وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر، وهذا ضرب من القول لا برهان له. بل هذا اللون من عرض الآيات والاستنباط منها مما يستفاد منه في المحاضرات والكلمات، والتفسير على الأسلوب المعهود باقٍ لا يمكن إزالته والبعد عنه.
ولا أدري لماذا يذهب من يصل إلى فكرة جديدة إلى نقد السابق أو نقضه لكي يُثبِت حُسْنَ ما عنده؟!
لماذا لا يكون المجدِّدُ في مثل هذه العلوم بانياً لا هادماً، ويكون ذاكراً لما فعله سلفه، مستوعباً لما قدَّموه مستفيداً مما طرحوه، ولا يكون ممن يرى إمكانية ترك السابق والإتيان بما لا يمتُّ لهم بصلةٍ؟
لماذا يَعرِضُ بعض الباحثين فكرته التي وصل إليها بالتضخيم، والتعميم، وبدعوى أن سلوكها هو الذي ينفع الأمة الآن، وهو المنقذ لها من مشكلاتها وهمومها.
إن هذه النظرة التي قد تصدر من بعض الباحثين من غير قصد يجب التنبيه عليها، وتصحيحها، كما يجب أن يُعلم أن تصحيحها والاستدراك عليها لا يعني التشنيع على أصحابها وإخراجهم من دائرة البحث العلمي، لكن الأمر يرجع إلى نقطتين:
الأول: انفعالات لا يمكن أن ينفكَّ عنها الناقد حينما يرى مثل هذه الأخطاء التي صارت تسري، ولا يرى من يقاومها، وهذه الانفعالات ردَّةُ فعلٍ على ما يقع من تلك الأخطاء، وكل ذلك راجع إلى الطبيعة البشرية التي فطر الله عليها الإنسان.
الثاني: أنَّ هذه الدعاوى كبيرة، وهي تُلزِم غيرها - فضلاً عن نفس طارحها - ما لا يلزم، بل قد تقام من أجل ذلك الندوات والمحاضرات، وتكتب الكتب والمقالات، وهي لا تستحقُّ هذا الزخم الهائل، ولو وُضِعت في مقامها لكان أولى.
ومن العجيب أنَّ بعض الأفكار المهمة، لا تلقى مثل هذا الاهتمام.
إن التوازن والاعتدال في الطرح، وفي وضع الموضوعات في مواضعها مما يحسن أن نتناصح فيه، وأن لا يبخل بعضنا على بعض في ذلك؛ لأن من الطبيعة البشرية فيك أنك إذا اتجهت إلى موضوع لا ترى غيره، وغيرك يرى أوسع منك، مما قد يكون أولى مما أنت فيه، وهكذا.
التفسير الموضوعي نموذجاً
رأيت بعض الباحثين يرى أن دراسة القرآن على أسلوب التفسير الموضوعي ضرورة لازمة، ويقول - بعد ذكره لطريقة المفسرين السابقين -: (ولما كان ذلك كذلك كان السعي إلى منهج أشمل مطلوباً، وأبلغ حجة، وأبين طريقاً؛ منهج يقضي بالتوقف عن عملية التجزئة في تفسير آيات هذا الكتاب، والاتجاه به اتجاهاً موضوعياً ضرورة لازمة).
وقال في موطن آخر: (... غاية الأمر أنني أدعو إلى التوقف عن التعامل التجزيئي مع القرآن الكريم، والاتجاه إلى تفسير القرآن تفسيراً موضوعياً.
إنني أهدف إلى بيان أن التفسير الموضوعي للقرآن هو الأليق والأنسب والأولى بالاتباع في هذا العصر سواء في ذلك التفسير الذي يعالج وحدة الموضوع في القرآن، أو ذلك الذي يعالج وحدة الموضوع في السورة، وهو الأنسب للتدريس في المؤسسات والمعاهد العلمية...)
ويقول: (وحينما نقول: إن التفسير الموضوعي يجلي الحقائق القرآنية، ونعلم أن هذه الحقائق هي التي تهيئ فكر المسلم وقلبه للصلاح ندرك حينئذ أهمية التفسير الموضوعي ودوره في إحداث الوثبة الحضارية...)
ويقول آخر: (... لذا لا يمكن أن نجابه مشاكل العصر ومعطيات الحضارة إلا بأسلوب الدراسات الموضوعية للقرآن الكريم، أو بأسلوب التفسير الموضوعي).
وهذه المقولات من هؤلاء الفضلاء فيها تزيُّدٌ ظاهر، ودعوى عريضة تحتاج إلى برهان قوي، وحجة واضحة، ولو قيل: إن التفسير الموضوعي يمثل لبنة من لبنات معالجة شيء من القضايا والمشكلات بطريقة القرآن = لكان أقرب، لكن أن يكون هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل، والأولى، فذلك دونه خرط القتاد.
ملحوظات على التفسير الموضوعي
أولاً: إن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات، وليس من التفسير الذي هو بيان معني القرآن.
وبتأمُّلِ هذه الإضافة يظهر أن أمامك تفسيرًا جديدًا، أي بيان معانٍ جديدة للقرآن من طريق موضوعاته.
لكن حينما تكشف عن ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي ستجدُ أنها ترجِع إلى فوائد واستنباطات، وليس فيها بيان معني جديدة لآيات القرآن، وعلى هذا فنسبتها للتفسير غير دقيقة. بل الصحيح أنها (موضوعات قرآنية)، وهذا العنوان أدق من تسمية هذا اللون بالتفسير الموضوعي.
وما ذكرته لك هنا أرجو أن لا تتعجَّل بردِّه قبل أن تحدِّدَ معنى التفسير، وأن تطَّلِع على الإضافة التي أضافها من كتب في موضوع من الموضوعات باسم التفسير الموضوعي، ولك أن تتأمل إضافته، هل هي من باب التفسير، أو من باب الفوائد والاستنباطات؟
وحقيقة التفسير الموضوعي كما يأتي:
1ـ جمع متفرق من الآيات التي تتحدث عن موضوعٍ أو لفظة أو جملة [ يخرج عن هذا دراسة موضوع من خلال سورة ].
2ـ دراسة هذا المجموع بعد تبويبه.
3ـ استنتاج الفوائد، واستخلاص الهدايات والعِبَر من هذا المجموع.
ثانياً: إن التفسير الموضوعي (بأنواعه الثلاثة) يُدرس من خلال القرآن، فهو بحث قرآني بحت، ولكن الملاحظ في دراسة الموضوع من خلال القرآن أن كثيراً من الموضوعات لا يمكن بحثها من خلال القرآن فقط؛ لأنَّ صورة الموضوع لا تتمُّ بالنظر إلى القرآن فقط، بل لابدَّ من إضافة السنة وآثار السلف لبيان هذا الموضوع.
وعند تأمُّلِ بعض الموضوعات تجد أنها على ثلاثة أقسام:
الأول: قسم يمكن بحثه من خلال القرآن؛ لغزارة مادته، كإهلاك الأمم الكافرة من خلال القرآن.
الثاني: قسم لا يمكن بحثه من خلال القرآن لقلة مادته في القرآن؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الأسر وأحكامه، إذ الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن الأسير في القرآن قليل، وهو في السنة أكثر.
الثالث: قسم تكثر مادته في القرآن وفي السنة، ويكون في تخصيص دراسته في القرآن فقط قصور في تصوُّرِ الموضوع بشمولية، كموضوع العلم، وموضوع الجهاد، وغيرها كثير.
وقد يقول قائل: إن الغرض من دراسة الموضوع من خلال القرآن طرح طريقة القرآن فقط؟
فالجواب: ثُمَّ ماذا، أليس الباحث سيبني أحكاماً وفوائد؟
فإذا كان كذلك فلابدَّ أن يحتاج إلى مصادر أخرى في بحثه، ومن أهمها السنة النبوية، وإلا كان بحثاً ناقصاً بلا ريب.
ثالثاً: منْزلة السنة وأقوال السلف في التفسير الموضوعي:
لقد أثَّر عنوان هذا اللون، وهو التفسير الموضوعي على التعامل مع أهم مصدرين من مصادر التفسير، وإذا تأملت ما سطَّره منظرو التفسير الموضوعي، وجدت أنهم لا يمكن أن ينفكوا عن السنة أو آثار السلف، لكن ما مقامهما، وكيف يتعاملون معهما؟
أما السنة، فقد جعلوها شارحة للقرآن، ولا يصحُّ أن يُنشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة.
وهذا التقييد من جهة الافتراض صحيح، لكنه سيُفقِد البحث في الموضوعات كثيراً من الأمور المهمة بسبب الاقتصار على القرآن وحده، ولو رحتُ أضرب لك الأمثلة في ذلك لغدت كثيرةً لا حصر لها، ولأمثِّل لك بمثال واحدٍ يكون نبراساً لغيره.
لو بحثت موضوع الصلاة، وقلت (الصلاة في القرآن) فإنك لا تستطيع أن تتحدَّث عن موضوع مهمٍّ في الصلاة، وهو زمن فرضية الصلوات الخمس ومكان ذلك الفرض؛ لأنك لا تجدُ في القرآن ما يشير إلى ذلك البتة. ومن ثَمَّ فأنك لو جعلت من عناصر بحثك: (مكان فرض الصلاة) لكان خطأً عند أصحاب التفسير الموضوعي؛ لأنه لا يوجد في القرآن ما يشير إلى هذا الموضوع، والعناوين لابدَّ أن تكون مستوحاة من الآيات لا من غيرها.
ولقد ساق الاقتصار على دراسة الموضوع من خلال القرآن إلى خلل في التعبير يظهر من لوازمه أن الاعتماد على القرآن وحده يكفي في تصور موضوع من الموضوعات الإسلامية، يقول أحدهم: (إننا إذا أردنا أن نبني المجتمع المسلم، فيجب أن نقيمه على الأسس والأصول القرآنية. وأكثر الشعوب قد انحرفت - من حيث لا تدري - عن هذه الأسس والأصول في أكثر مجالات الحياة. ولن تتحقق لها السعادة إلا برجوعها إلى تلك الأسس والأصول التي بات الناس في غفلة عنها بقصد أو بغير قصد.
فلغياب كثير من أسس القرآن وأصوله عن فهم الناس وسلوكهم آثرنا أن يكون البحث في التفسير الموضوعي مقتصراً على القرآن الكريم فحسب، فإنه الوسيلة الوحيدة التي تصحح المواقف والمفاهيم المتعلقة بالوجود ودور الإنسان فيه، وما يتصل بذلك من حقائق ومبادئ) انتهى.
إذا كان يستطيع أخذ هذه الأمور من القرآن مباشرة فأين دور السنة؟
وهل يعني قوله هذا أن الناس قد فهموا أسس وأصول السنة، فلم يحتاجوا إلى تبيين ذلك لهم، وبقي عليهم بيان أسس وأصول القرآن فقط؟!
ألا يمكن أن يرد على هذا الكلام: ما الفرق بين القرآنيين الذي لا يرون الأخذ بالسنة لاعتقادهم باكتفاء القرآن ببيان كل شيء؟
إنني أقول بكل ثقة: إن من سلك في دراسة بعض الموضوعات الإسلامية الكبيرة أسلوب التفسير الموضوعي قد ألزم نفسه بما لا يلزم، وأدخلها في مضايق هو في غِنَىً عنها، فلماذا هذا التجزئة لمتلازمين لا ينفكان: الكتاب والسنة؟!
أما أقوال السلف (الصحابة والتابعون وأتباع التابعين) عندهم فهي كالسنة من جهة عدم إضافة عنوان بسبب قول من أقوالهم.
لكن الموضوع الذي لم يبينه أحد ممن اطلعت على كلامه في التفسير الموضوعي هو: كيف سيفهم معنى الآيات؟ هل سيعتمد على مصادر التفسير المعروفة، أو سيجتهد اجتهاداً خاصّاً خارج إطار هذه المصادر؟
لقد جاء الحديث عن الإفادة من تفسير السلف عند أصحاب التفسير الموضوعي كلاماً مبهماً مجملاً لا يدلُّ على الأسلوب الذي سيتعامل به هؤلاء مع أقوالهم التي لا يمكن لمفسِّر جاء بعدهم أن ينفك عنها البتة.
وقد جعلوا تفاسير السلف مادة للتوضيح لا يُستقى منها عناوين موضوعات في البحث، وهذا فيه انفكاك من أمر لا ينفك البتة، خصوصاً إذا كان البحث في دراسة (لفظة أو جملة من خلال القرآن).
فمثلاً، لو كنت تبحث في موضوع (القنوت في القرآن)، وجعلت من عناوينك الرئيسة:
القنوت: الطاعة الدائمة
ثمَّ استدللت بقوله تعالى: {كل له قانتون} [البقرة: 116]، فإن السؤال الذي سيرد هنا: من أين استقيت عنوانك هذا؟
فالجواب: إما أن يكون من دلالة اللغة، وإما أن يكون من تفسير المفسرين، وكلا المصدرين عندهم لا يُبنى منه عنوان.
ففي مثل هذه الحال، هل يمكن الانفكاك من تفسير السلف؟!
أعود فأقول: إن طريقة التفسير الموضوعي هذه فيها إلزامٌ بما لا يلزم.
وهناك مسألة أخرى في تفسير السلف لم يبيِّنها أصحاب التفسير الموضوعي، وهي: كيف يتعامل مع اختلاف السلف في تفسير لفظة أو جملة من آية؟
هل سيُعرضُ عن الاختلاف ويختار ما يراه متوجِّهاً مع بحثه؟
هل سيناقش الاختلاف، ثمَّ يرجِّح ما يظهر له؟
وهل سيكون ترجيحه هذا موضوعياً بحيث لا يكون للموضوع الذي اختاره تأثيرٌ على ترجيحه؟
وإذا كان الاختلاف من باب اختلاف التنوع الذي تحتمل الآية فيه الأقوال هل سيستدلُّ بها في مواضع متعدِّدة بحسب ما قيل في معناها من أقوال صحيحة؟
كل ذلك لم يُحرِّره أصحاب التفسير الموضوعي مع أنه لا يمكنهم أن ينفكَّوا عنه، وإنما اكتفوا من تفسير السلف بأن لا يضع عنواناً مأخوذاً من تفسيرهم.
رابعاً: إن من يقرأ ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي من جهتيه التنظيرية والتطبيقية سيجد عدم الاتفاق في كثيرٍ منه، فهذا يستدرك على هذا في التنظيرات، وذاك لا يرضى طريقة هذا في التطبيقات.
ولاشكَّ أن هذه الاستدراكات نابعة من جدَّةِ الموضوع، وعدم وضوحه منذ بداياته في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وهذا يعني أنَّ مجال الاستدراك لازال مستمرّاً.
خامساً: إن طريقة كتابة التفسير الموضوعي سواء أكان موضوعاً من خلال القرآن أم كان موضوعاً من خلال سورة غير متفقٍ عليها.
فبعضهم ينحى في الكتابة إلى الأسلوب الأدبي والخطابي، فتراه يقلِّب عبارته، ويبدي ويعيد في ألفاظ ينتقيها، ويطيل الكلام في موضوع يمكن إجماله في سطر ونصف السطر.
وقد اطَّلعت على رسائل سارت على هذا الأسلوب، فاستغربت القصد إلى هذا التطويل في العبارات لأجل إثبات قضية يمكن إثباتها وبيانها بأقل مما الحال عليه في هذه الرسائل، حتى ظهر لي أن هذا الأسلوب مقصودٌ لذاته، ولا تتمُّ الرسالة إلا به. وهذا - في الحقيقة - من الحشو الذي يمكن الاستغناء عنه.
وبعضهم ينحى إلى تقرير المسألة تقريراً علمياً مباشراً بلا حشو عبارات لا داعي لها، وهذا هو السبيل الأمثل في العلم، لأن الأساليب الخطابية والأدبية لا مدخل لها في إثبات المسائل العلمية، وإنما قد توجد فيها كوجود الملح في الطعام، فإذا زادت فسد الكلام كما يفسد بزيادة الملح الطعام.
سادساً: من طرائف ما وقع لي فيما يتعلق بهذا الموضوع أني كنت أتحدث مع أستاذ من أساتذة الثقافة الإسلامية في كلية الشريعة بالرياض، فقلت له: ألا يوجد موضوعات علمية قدِّمت لكم وصار بينكم وبين قسم الدعوة بكلية الدعوة والإعلام منازعة في الموضوع، هل هو من موضوعات الثقافة الإسلامية أو من موضوعات الدعوة الإسلامية؟
فقال لي: بل قد تكون المنازعة بين ثلاثة أقسام، وهي قسم القرآن وقسم الثقافة وقسم الدعوة، حينما يكون من موضوعات التفسير الموضوعي.
وأخيراً أقول: إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي، لا من جهة الاصطلاح، ولا من جهة التنظير والتطبيق. وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة، لكن بعد ترشيده وتسديده.
أسأل الله أن يجعل هذا الكلام من باب النصح والتصويب لا من باب التثريب، وأسأله أن يرينا - جميعاً - الحق حقّاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
(تعقيب تابع لنفس الموضوع)
أود أن أوضح فكرة الموضوع الذي طرحته بإجمال، فأقول:
أني لا أردُّ فكرة التفسير الموضوعي، لكن أودُّ أن يُعاد التفكير فيه من جهتين:
الأولى: تأصيل الموضوع:
بعد هذا المشوار الذي قام به أساتذتنا الكرام ممن ألَّف في التفسير الموضوعي فإنَّي أرى أنَّ مدارسة هذا الموضوع، وبعث البحث فيه، والخروج بنقاط جديدة أولى من تركه على ما هو عليه.
ومن يقرأ في تنظير التفسير الموضوعي وتطبيقاته يمكن أن ينسب كل طريقة إلى فلانٍ بعينه، فيقال: هذه طريقة فلان، وتلك طريقة علان...
ولأنه لا يكاد يتفق الذين كتبوا في هذا الموضوع في أفكاره وتنظيراته، فإني أتمنى أن يشارك الإخوة الكرام الذين كان لهم مشاركة دراسية أو تدريسية بأن يتحفوا قراء الملتقى بأفكارهم وملحوظاتهم.
وهناك بعض القضايا التي تحتاج إلى تحرير؛ إما لغموضها؛ كعناوين الموضوعات حين دراسة موضوع من خلال القرآن، وكيفية التعامل مع مصادر التفسير، وإما لعدم وجودها؛ ككيفية التعامل مع الاختلاف الوارد في التفسير.
ومن القضايا التي لم تلق عناية تامَّة من جهتي التنظير والتطبيق = دراسةُ لفظة أو مصطلح من خلال القرآن.
وعند دراسة هذا اللون من ألوان التفسير الموضوعي يحسن استعراض عدد من القضايا لها علاقة كبيرة به، وهي: معنى اللفظة في اللغة، وكيفية استعمالاتها إن وُجِدَ، ومعرفة علاقتها بعلم الوجوه والنظائر، والكليات التفسيرية لألفاظ القرآن.
وهل المراد من البحث في هذا اللون معرفة مدلول اللفظة أو الجملة في القرآن فقط، أم المراد أوسع من ذلك، فتتم دراسة اللفظة من جهة موضوعها فتتحول إلى موضوع بدلاً من كونها لفظة أو جملة.
فلو قلت: (المكر في القرآن) فإن هذا الموضوع يمكن دراسته من جهة كونه مفردة، ومن جهة كونه موضوعًا.
ومن الدراسات القليلة والتي أرى أنها تمثِّل جزءًا كبيرًا من دراسة لفظة أو جملة من خلال القرآن الدراسات التي قام بها الأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات، فقد درس مصطلح (الذين في قلوبهم مرض) في القرآن، وظهر بنتائج جيِّدة بعد جمع الآيات ودراسة أقوال المفسرين فيها.
الثانية: من جهة التطبيق:
1 ـ الملاحظ أن أغلب الكتابات في التفسير الموضوعي جاءت على لونين:
الأول: دراسة موضوع من خلال القرآن، وهذا هو الأكثر في بحوث التفسير الموضوعي.
الثاني: دراسة موضوع من خلال سورة.
ولا تكاد تجد اتفاقًا في طريقة كتابة هذين اللونين، بل الاختلاف في طريقة العرض هي الأصل، فهل هذا الاختلاف مطلبٌ؟!
وإن لم يكن مطلبًا، فما هي الطريقة المبتغاة في كتابة التفسير الموضوعي؟
2 ـ الأسلوب المتبع في كتابة التفسير الموضوعي، هل يلزم أن تكون بالأسلوب الإنشائي؟ أم هذا الأسلوب مما يمكن الاستفادة منه، لكنه غير لازم.
وإنما أقول ذلك لأن كثيرًا ممن كتب في موضوعات التفسير الموضوعي يعتمد هذا الأسلوب الكتابي، حتى كاد أن يكون شرطًا في الكتابة فيه.
والمقصود الذي أريده أنه يمكن توصيل بعض الموضوعات بأسلوب علمي رصين من غير استعمال الأساليب الخطابية والإنشائية، فلم لا يُعمل به؟!
هذا باختصار ما أريد الحديث عنه، وما ذكرته من نقدٍ في المقال السابق فإني أرجو أن لا يُفهم منه أني لا أرتضي التفسير الموضوعي جملة وتفصيلاً، لا، بل المراد معالجة الموجود، وإعادة النظر فيه.
وكم أتمنى لو شارك الإخوة الكرام، ثمَّ يقوم أحدهم بتلخيص الأفكار المطروحة في هذا الموضوع، ثمَّ تُجعل في ملف خاصٍّ بها في هذا الملتقى، ليستفيد منها المعتنون بهذا الموضوع، والله الموفق.
 
أخي الفاضل
أنا درست التفسير الموضوعي في البكالوريوس والماجستير والدكتوراة
في ثلاث جامعات مختلفة
بل إن رسالتي في الماجستير دراسة موضوعية لآيات من القرآن الكريم
وأقوم منذ 8 سنوات بتدريسه لطلبة جامعة رابعة
وفيها كلها اعتماد على السنة النبوية في التفسير الموضوعي
بل إن الاستشهاد بالسنة في كثير منها طغى على الاستشهاد بالآيات
وإنك ستجد أمهات الكتب التي نظّرت للتفسير الموضوعي ككتب عبدالستار فتح الله السعيد والكومي والفرماوي ومصطفى مسلم وصلاح الخالدي كلها اعتبرت الاعتماد على وحي السنة أمراً لا مندوحة عنه.
وأتحدى أن يستخرج أحد رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراة في التفسير الموضوعي خلت من الاعتماد على السنة اعتماداً رئيساً
 
حيا الله الشيخ عبد الرحيم الشريف
الرسائل والتطبيقات جميعها لم تخل من الاعتماد على السنة وأنا لم أقل أنها خلت؛ وهو ما يتعارض مع تسمية هذا النوع من العلوم تفسيراً, ما دام أن المضمون هو معالجة موضوع ما من خلال نصوص الكتاب والسنة, فلماذا لا يقال موضوع كذا في الكتاب والسنة؟
لأنه لا يمكن أن يتناول أي موضوع من خلال القرآن دون السنة, فعند ما يقول قائل موضوع كذا في القرآن الكريم, بينما يكون المضمون دراسة الموضوع من خلال نصوص الكتاب والسنة, فما الداعي لاقتصاره على القرآن الكريم دون السنة في العنوان؟ وهل هذا العنوان يكون موافقاً للمضمون؟ بالتأكيد لا, ولذلك تجد رسائل كثيرة في قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى وغيرها بعنوان موضوع كذا في الكتاب والسنة, وهذا العنوان هو الأنسب لمثل هذه الرسائل.
فالانتقاد هو للتسمية, وأما التطبيق في جميع الرسائل فيما أعلم فعلى دراسة المواضيع من خلال نصوص الكتاب والسنة.
 
يقول الدكتور مصطفى مسلم حفظه الله ونفعنا بعلمه والقارئين:
أما تعريف مصطلح "التفسير الموضوعي" بعد أن أصبح علمًا على لون من ألوان التفسير فقد تعددت تعاريف الباحثين المعاصرين له. منها:
- هو بيان ما يتعلق بموضوع من موضوعات الحياة الفكرية أو الاجتماعية أو الكونية من زاوية قرآنية للخروج بنظرية قرآنية بصدده.
- وعرفه بعضهم بقوله: هو جمع الآيات المتفرقة في سورة القرآن المتعلقة بالموضوع الواحد لفظًا أو حكمًا وتفسيرها حسب المقاصد القرآنية.
- وقيل: هو بيان موضوع ما من خلال آيات القرآن، الكريم في سورة واحدة أو سورة متعددة.
- وقيل: هو علم يبحث في قضايا القرآن الكريم، المتحدة معنى أو غاية، عن طريق جمع آياتها المتفرقة، والنظر فيها، على هيئة مخصوصة، بشروط مخصوصة لبيان معناها، واستخراج عناصرها، وربطها برباط جامع.
- وقيل: هو علم يتناول القضايا حسب المقاصد القرآنية من خلال سورة أو أكثر.
ولعل التعريف الأخير هو الأرجح، لخلوه عن التكرار ولإشارته إلى نوعيه الرئيسيين.
والتعاريف السابقة يغلب عليها طابع الشرح والتوضيح لمنهج البحث في التفسير الموضوعي.
مباحث في التفسير الموضوعي (ص: 16)
نجد في جميع هذه التعاريف, التأكيد على أن تكون الدراسة للموضوع من زاوية قرآنية, وهذا لا يصح لعدة أمور:
أولاً: أن هذا التقييد يحول دون استيفاء الدراسة للموضوع بالاتفاق.
ثانياً: أن أكثر الدراسات في التفسير الموضوعي لم تلتزم بهذا بهذا القيد, وهو ما أحدث بين المصطلح والدراسات التطبيقية فيه تبايناً جلياً.
 
أخي الفاضل
أنا درست التفسير الموضوعي في البكالوريوس والماجستير والدكتوراة
في ثلاث جامعات مختلفة
بل إن رسالتي في الماجستير دراسة موضوعية لآيات من القرآن الكريم
وأقوم منذ 8 سنوات بتدريسه لطلبة جامعة رابعة
وفيها كلها اعتماد على السنة النبوية في التفسير الموضوعي
بل إن الاستشهاد بالسنة في كثير منها طغى على الاستشهاد بالآيات
وإنك ستجد أمهات الكتب التي نظّرت للتفسير الموضوعي ككتب عبدالستار فتح الله السعيد والكومي والفرماوي ومصطفى مسلم وصلاح الخالدي كلها اعتبرت الاعتماد على وحي السنة أمراً لا مندوحة عنه.
وأتحدى أن يستخرج أحد رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراة في التفسير الموضوعي خلت من الاعتماد على السنة اعتماداً رئيساً
يقول الدكتور مصطفى مسلم حفظه الله ونفعنا بعلمه والقارئين
1- على الباحث في التفسير الموضوعي أن يجعل عناوين الأبواب والفصول من المادة القرآنية والعناصر البارزة فيه.
أما السنة المشرفة فدورها في التفسير الموضوعي التوضيح والبيان والاستدلال وذلك حفاظًا على قرآنية الموضوع.
وكذلك أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة اللغة، فكلها مادة للشرح والتوضيح والترجيح، ولا تشكل عناصر الموضوع الأساسية.
مباحث في التفسير الموضوعي (ص: 39).
هل يمكن استيفاء أي موضوع من المواضيع الشرعية مع التزام هذا القيد؟بكل تأكيد لا يمكن, فهناك من المواضيع ما لم يرد فيه من الآيات إلا بعدد أصابع اليدين, ولذلك لم يُلتزم بهذا القيد في غالب الرسائل. وتحسن الإشارة إلى أن الكلام هنا على مسائل علمية بحتة دون شخصنة, والعلماء الذين كتبوا في التفسير الموضوعي, لهم منا كل التقدير والاحترام والدعاء.
 
((إن تناول حديث سورة من سور القرآن وإفرادها بذلك في الموضوع الذي تتحدث عنه دون النظر إلى جميع القرآن, إنما هو تقاصر عن الهدف الحقيقي لما ينبغي أن تكون عليه فكرة التفسير الموضوعي)).
التفسير الموضوعي إشكالية المفهوم والمنهج ص(10) للدكتور سليمان الدقور.
 
يا شيخ عمار -وفقك الله- وددتُّ أنك لم تنتقد ( التفسير الموضوعي ) بهذا الأسلوب الموحي بالتخطئة العامة للمشتغلين به تأصيلاً وتطبيقاً، مع أن عامة أهل العلم في هذا العصر على قبوله في الجملة،وجود نماذج قيمة من الدراسات الموضوعية القرآنية.

وأنا مثل زميلي د. عبد الرحيم كتبتُ فيه رسالتي للماجستير(وهي مطبوعة) ودرَّسته في مرحلتي البكالريوس والماجستير، وكتبتُ فيه مقرراً دراسياً أرجو أن ينشر قريباً بعون الله.

لا شك أن هناك مبالغات في ذكر أهمية هذا الأسلوب الموضوعي، والتهوين من التفسير التحليلي، كما أن هناك مبالغات أخرى في تعداد مجالات الدراسة فيه، وهناك قصور في بعض الدراسات التطبيقية، لكن هذا لايعني إلغاء هذا المنهج أو الأسلوب أو الحكم الشامل على دراساته.
نحن بحاجة إلى أسلوب التفسير الموضوعي في هذا العصر ولاسيما في معالجة القضايا المعاصرة من خلال القرآن، كذلك في الخطب والمحاضرات والبرامج الإعلامية العرض الموضوعي أنسب من التحليلي.
أما قضية إلغاء السنة فهذا صحيح، فالسنة من أهم مصادر التفسير فيرجع إليها كما يرجع إلى غيرها من المصادر، لكن تبقى الصبغة الغالبة قرآنية، كما أن الدراسات في الحديث الموضوعي أو فقه السنة لاتلغي الآيات القرآنية وتهمل الاستدلال بها، لكن يكون التركيز على جمع الأحاديث وفقهها.
 
اللهم آمين, حفظكم الله د إبراهيم الحميضي.
ما ذكرته وسبقني إليه بعض المشايخ من الدقة في مطابقة مصطلح التفسير الموضوعي لمضمونه, ومراجعة بعض القيود والضوابط التي وضعت, لا يعني إلغاء هذا الفن أو التقليل من شأنه, وإنما هي دعوة إلى المهتمين بهذا العلم تدريساً وتأليفاً كفضيلتكم وفضيلة الشيخ عبد الرحيم الشريف إلى مراجعة هذه الضوابط والقيود, وتصحيح مواطن الخلل فيها, وهذا من أعظم ما يخدم هذا الفن, ويعين على اتضاح مسائله وانضباطها.
وهذا الكتاب من الدراسات النقدية في التفسير الموضوعي التي يمكن أن يستفاد منها
https://uqu.edu.sa/files2/tiny_mce/plugins/filemanager/files/4300109/searcher82.pdf
 
ألف الخطيب البغدادي رحمه الله كتابه اقتضاء العلم العمل لأجل بيان الغاية الأساس من العلم وهي العمل.
وكذلك علم التفسير الموضوعي ينبغي أن تكون غايته، عملياً، هي الوصول إلى معاني الدين والعمل بها.
ولذلك ينبغي على الباحثين أن يراعوا هذه الغاية من خلال طرحهم لهذا العلم.
دائماً أتذكر في شرح العقيدة الطحاوية مسألة الحرص على إطلاق الأسماء الواردة في الكتاب والسنة والتحذير من الإعراض عنها إلى أسماء مخترعة مجملة مثل الجهة والجسم وغيرها.
وعلى نفس الطريقة ينبغي الحذر هنا من إطلاق أسماء تجر إلى ترك السنة أو تغيير شيء من الشريعة.
جزاكم الله خيراً إخواني الكرام المشايخ والدعاة.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
عودة
أعلى