إرشاد الحيران بآيات القرآن

إنضم
05/07/2004
المشاركات
103
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
أنزل الله عز وجل هذا القرآن العظيم هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ففرق الله به بين الحق والباطل، ويهدي به من يشاء إلى صراط مستقيم.. وفي ظل التلبيسات والوساوس العريضة التي تحصل من أهل الغواية الضالين ومن المنافقين وإخوان الشياطين؛ يلتبس الأمر على كثير ممن لم يفقه كتاب الله عز وجل ويتيقن منهجه، مع أن آيات القرآن رايات في كشف هذا التلبيس، وهداية الخلق فيه إلى بيان الحق.
وأقترح أن يقدم الإخوة الفضلاء الذين لهم فهم في كتاب الله عز وجل وإدراك للواقع أسئلة تصور ما يكون من حال الملبسين وما يدور في أذهان الحيارى والمتشككين، ويجيبوا عليها بآيات القرآن الكريم، فإن في الجواب بآيات القرآن من التأثير في النفوس وإيقاظ القلوب ما ينبه الغافلين ويعيد الحيارى إلى الحق عن يقين، وما صنيع أبي بكر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وعن جميع الأصحاب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلا شاهد على ذلك، حينما قرأ عليه قول الله: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...) الآية، فانشرح صدر عمر لها، وكأن الآية لم تطرق سمعه من قبل.
ولعله بعد أن يرد كثير من الأسئلة وأجوبتها تقوم إدارة الموقع بتنقيحها ونشرها، ولعله أيضًا أن يستفيد منها جوال (تدبر) في نشرها للناس، مع أن الجوال يقوم بجهد مشكور في هذا الجانب.
مثال ذلك:
س: ما الذي يجعل بعض الضالين يتمسحون بمنهج السلف في أمور، مع أنهم كثيرًا ما يسعون في انتقاصه وانتقاضه؟!
ج: قال الله عز وجل: ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون. وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين. أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون).

وبانتظار مشاركات الإخوة. نفعنا الله بالقرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين، والحمد لله رب العالمين
 
لفتة لطيفة أبا عبدالله ، وعندي بعض الأسئلة ، سأذكر بعضها إن شاء الله في وقت قريب ، فقط احببت تسجيل شكري على هذه اللفتة اللطيفة.
 
شكر الله لك يا أبا عبد الله، وشوقتنا لما لديك..
 
س: أيعقل أن يكون فهم القلة لنصوص الكتاب والسنة وللأحكام الشرعية هو الصواب! وأن يكونوا على الحق والعالم كله على الباطل! بل أكثر العالم الإسلامي يسير على نمط والأقلية الذين يدعون السلفية يسيرون على نمط آخر يدعون فيه الأحقية، أي منطق هذا؟!
ج: قال الله عز وجل في أول سورة الرعد: (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) [الرعد: 1]، وتكاد أن تكون سورة الرعد جوابًا لهذا التساؤل، وقد جاءت بعد سورة يوسف التي جاء في ختامها: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ. وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ. وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ. وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [يوسف: 103-106].
وقال سبحانه: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) [المائدة: 49].
وقال سبحانه: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ) [الأنعام: 6]
وقال: (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ) [الصافات: 37].
 
هذه واحدة أبا عبدالله .. كنتُ كتبتها تعليقاً على قاعدة : {بل الإنسان على نفسه بصيرة}، وأن من تطبيقاتها: طريقة تعامل بعض الناس مع النصوص الشرعية!

فلربما بلغ البعضَ نصٌ واضح محكمٌ، لم يختلف العلماء في دلالته على إيجاب أو تحريم، أو تكون نفسه اطمأنت إلى حكمٍ ما، ومع هذا تجد البعض يقع في نفسه حرجٌ! ويحاول أن يجد مدفعاً لهذا النص أو ذاك لأنه لم يوافق هواه!
يقول ابن القيم رحمه الله : "فسبحان الله! كم من حزازة في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص وبودهم أن لو لم ترد؟ وكم من حرارة في أكبادهم منها، وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها؟"اهـ.
ولا ينفع الإنسان أن يحاول دفع النصوص بالصدر فالإنسان على نفسه بصيرة، وشأن المؤمن أن يكون كما قال ربنا تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء : 65]}.
يقول ابن الجوزي، في كتابه الماتع (صيد الخاطر) يقول رحمه الله، ـ وهو يحكي مشاعر إنسان يعيش هذه الحال مع النصوص الشرعية ـ:
"قدرتُ مرة على لذة ظاهرها التحريم، وتحتمل الإباحة، إذ الأمر فيها متردد، فجاهدت النفس فقالت: أنت ما تقدر فلهذا تترك! فقارِبِ المقدورَ عليه، فإذا تمكنتَ فتركتَ، كنت تاركاً حقيقة! ففعلتُ وتركتُ، ثم عاودت مرة أخرى في تأويل أرتني فيه نفسي الجواز ـ و إن كان الأمر يحتمل ـ فلما وافقتها أثّر ذلك ظلمه في قلبي؛ لخوفي أن يكون الأمر محرماً، فرأيت أنها تارةً تقوى عليّ بالترخص والتأويل، وتارةً أقوى عليها بالمجاهدة والامتناع، فإذا ترخصتُ لم آمن أن يكون ذلك الأمر محظوراً ، ثم أرى عاجلاً تأثير ذلك الفعل في القلب، فلما لم آمن عليها بالتأويل،... إلى أن قال : : فأجود الأشياء قطع أسباب الفتن، وترك الترخص فيما يجوز إذا كان حاملاً ومؤدياً إلى ما لا يجوز"انتهى كلامه رحمه الله.

والخلاصة ـ فيمن هذه حالة ـ : فتش عن قلبك .. وهل أنت مرتاح لاختيارك لهذا القول الفقهي أو ذاك؟ وأجب على مضمون هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {بل الإنسان على نفسه بصيرة}.
 
عودة
أعلى