إذا رأيت من يحتج عليك في مسائل القراءات بهذه الحجة فاعلم أنه لا يملك التصور الواضح...

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
إذا رأيت من يحتج عليك في مسائل القراءات بهذه الحجة فاعلم أنه لا يملك التصور الواضح لمسائل الأحرف والقراءات.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:
فأحيانا تذكر مسألة من المسائل وتؤيدها بالأدلة فيعترض معترض ويحتج بحجة.
وبمجرد ما تسمع هذه الحجة تدرك أن صاحبك لا يملك التصور الصحيح لمسائل الأحرف والقراءات وما أسرع ما تلتبس عليه المسائل.
هذه الحجة هي قوله: (أنت تخلط بين الأحرف السبعة والقراءات)
وهو بهذا يفرق بين الأحرف والقراءات فيجعل القراءات لا علاقة لها بالأحرف السبعة.
وهذا غريب جداً.

فإن مما هو معلوم ومشهور أن القراءات القرآنية المعروفة هي بعض من الأحرف السبعة, وهذا قول جماهير أهل العلم من السلف والخلف.

أما من يحتج على مخالفه بأنه قد خلط بين الأحرف السبعة والقراءات فهو يتصور أن الأحرف قد ذهبت جملة وتفصيلاً ولم يبق منها شيء حين كتب عثمان المصحف على حرف واحد.
ثم يظن أن القراءات كلها راجعة إلى حرف واحد.
ولو قيل له: ما دام الحرف واحداً فكيف حصل هذا الاختلاف بين القراء في الحروف والإعراب وغير ذلك من أنواع الاختلاف لما وجد إجابة على ذلك.
وربما يتصور أنه في الوقت الذي رخص فيه بالأحرف السبعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئ الصحابة بالقراءات المختلفة وأنه لا علاقة لهذا بهذا, فصار هناك أحرف سبعة وقراءات مختلفة جنباً إلى جنب.
وهذا التصور من أعجب ما يكون.

قال ابن الجزري في "النشر" (1/31): ذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة.

وقال في "منجد المقرئين" ص (181): "الذي لا يشك فيه أن قراءة الأئمة السبعة والعشرة والثلاثة عشر وما وراء ذلك بعض الأحرف السبعة من غير تعيين".

وقال مكي بن أبي طالب في "الإبانة" ص (32): "إن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن".

إذا التصور الذي لا يصح غيره أن القراءات القرآنية المعروفة إنما هي بعض من الأحرف السبعة التي كانت رخصة في صدر الإسلام ثم ألغاها عثمان رضي الله عنه, وبقي منها ما بقي وتناقلها القراء, ودونت وحفظت وبقيت.
واختفى كل ما يخالف رسم المصحف وكثير مما لا يخالف الرسم, لأنه لم ينقل.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين .
أما بعد جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذ الفاضل صالح الراجحي ان الموضوع الذي كتبته جيد جدا ومطلوب لإنه يتصدى لمسألة كبيرة في علوم القرآن ألا وهي العلاقة بين الأحرف السبعة والقراءات ولكي نفهم ما تذهب إليه أرجو من مقامكم أن تضرب لنا أمثلة لكي تتوضح الصورة وأن القرآن الكريم ضرب الأمثلة للناس لكي يفهمون المراد منهم والله تعالى اعلم .
 
أخي الكريم البهيجي
حياك الله وأهلاً ومرحباً بك

هذا توضيح مختصر:
في أخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل الناس في دين الله أفواجاً وكانوا قبائل وجماعات لهجاتها وطريقتها في الكلام مختلفة متباينة طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ربه أن يهون قراءة القرآن على أمته فجاءت الرخصة بأن يقرأ القرآن على أحرف كثيرة متنوعة, وكان الذي نزل به جبريل على النبي حرف واحد وهو بلغة قريش.
فكثرت القراءات وتنوعت, وكان منها ما يخالف رسم المصحف المعروف ومنها ما لا يخالف الرسم كالتقديم والتأخير والتخفيف والتشديد وإسناد الفعل إلى متكلم أو غائب إلى غير ذلك من أنواع الاختلاف.

وفي عهد عثمان اقتصر على حرف واحد وكتب المصحف عليه, وهو حرف قريش الذي به نزل القرآن.
ولأن الكتابة في ذلك الزمن لم تكن تنقط أو تشكل فقد صار الرسم قابلاً للاختلاف الذي لا يخرج عن رسم المصحف فبقي من الاختلاف في القراءة ما لا يتنافر مع رسم المصحف.
وتناقله القراء حتى وصل إلى القراء العشرة وغيرهم فاختار كل قارئ قراءة معينة من ذلك الاختلاف الكثير.
فكل القراءات إذاً مصدرها الرخصة بالأحرف التي أذن الله تعالى أن يقرأ القرآن بها.
فحين يختلف القراء مثلاً في قوله تعالى: (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) فيقرأها بعضهم (وقد خلقناك من قبل)
أو يختلفون في قوله تعالى: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) فيقرأها بعضهم (ينفطرن) بالنون.
فكل هذه القراءات مصدرها الرخصة بالقراءة على أحرف مختلفة.
فالقراءات إذاً كلها بقية من الأحرف السبعة.
 
يمكن الانتفاع - في هذا الموضوع - بالاطلاع على كتاب (القراءة المحفوظة)، المنشور في الملتقى على هذا الرابط:
 
عودة
أعلى