نحن اليوم أحوج ما نكون لإثبات الهوية الإسلامية على صعيد أنفسنا أولا ثم المحيط الذي نعيش فيه ثانيا ثم العالم أخيرا ، وإثبات الهوية طبعا يكون من حيث السلوك وهذا بدوره نابع من فيض الإيمان القائم على العقيدة السليمة ، ومن حيث المنهجية الحياتية ومن حيث الرؤية ، بل حتى من حيث المظهر العام..وما هذه الحاجة الملحة لإثبات الهوية إلا لأن معالم المسلم قد تعرضت – ولازالت تتعرض- لعوامل تعرية إثر انفتاح الأمم والحضارات بعضها على بعض بقضها وقضيضها وغثها وسمينها فأثرت في جسم المجتمع المسلم باعتبار التناقض بين الرؤى والمنطلقات والغايات المحركة للمجتمع لكل حضارة ( الإسلامية والغربية ) فاضطربت حياة المسلم لهذا المدّ على حين فتور وهزال في المسلمين فأخذت المفاهيم الإنسانية والأسس الاجتماعية بل حركة حياة المجتمع المسلم ، أخذت منحى آخر قد لا يختلف عن منهجية الإسلام في ظاهره ، من حيث أنه لا يتفق مع المضمون الإنساني في الإسلام ولا يتفق مع رسالة الإنسان باعتباره حامل الأمانة وخليفة الله في الأرض ، فضلا عن اعتبار الأمة المحمدية خير أمة أخرجت للناس لماذا..ألأنها تخترع..لا..ألأنها تكتشف..لا..ألأنها تصنّع..لا..هي خير أمة للخير المكنون في ضميرها النابض ..وللنور المشع من وجدانها المشرق..للرسالة الإنسانية التي تحركها{تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}ثم عقب تعالى بذكر تلك الأمم وبنفس الآية{ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم}وهذه هي الغاية التي يريد الله من المسلم أن ينطلق بها وإليها وهذه هي هوية المسلم التي بها عزته{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}وبها علوه{وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} فصار إثبات الهوية هو إثبات للنفس أولا أنها ثبتت على مبدأ وإثبات للعالم أيضا أن الإسلام جوهرة مكنونة لا تؤثر بها عوامل التعرية مهما طال عليها الأمد ..