إثبات الألف وحذفها وأثره في التفسير- دراسة في سورتي الفاتحة والبقرة

إنضم
07/08/2006
المشاركات
107
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
من أوجه القراءات القرآنية

إثبات الألف وحذفها وأثره في التفسير- دراسة في سورتي الفاتحة والبقرة

د. حسن عبد الجليل عبد الرحيم علي العبادلة

جامعة البلقاء التطبيقية – كلية أصول الدين الجامعية- قسم القراءات القرآنية- [email protected]

ملخص البحث :

من أوجه القراءات القرآنية

إثبات الألف وحذفها وأثره في التفسير

دراسة في سورتي الفاتحة والبقرة

أظهرت في هذا البحث المتواضع اللُّحمة الوشيجة بين القراءات القرآنية الكريمة والتفسير ، حيث بيَّنت من خلال الدراسة الموضوعية لآيات قرآنية كريمة في سورة البقرة كيف أن القراءات القرآنية الكريمة توسع المعنى وتظهره بأكمل وأجلى صورة ، وكأن كل وجه من أوجه القراءة آية مستقلة ، إلا أن المعنى الكلي للآية الكريمة لا يظهر إلا بالجمع بين القراءتين ، وهذا يدل على بلاغة القرآن الكريم وإيجازه ، وهو وجه من أوجه الإعجاز القرآني .

المقدمة :
الحمد لله الذي أنارت معرفتُه قلوبَ العارفين ، ومحقت أنوارُ هدايته ظلامَ الجاهلين ، وأشرق علمُه في صدورِ العلماءِ العاملين بصيرةً يهدون بها إلى الصراط المستقيم ، فقال سبحانه وتعالى: ) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ((108:يوسف) . والصلاة والسلام على رسوله الكريم ، سيدنا وحبيبنا محمد هادي الأمم ، وكاشف الغمم ، مبلّغ الرسالة ، ومؤدي الأمانة على وجهها الأتم ، وعلى آله الطاهرين ، وصحابته الغرّ الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبعد

فإن أهمية العلوم إنما تكون بمُتَضَمَّنِها ، وأهمها على الإطلاق ما يتعلق بكتاب الله عز وجل ، وعلم القراءات القرآنية من أوشج العلوم صلة بالقرآن الكريم ، لأنها تتضمن أوجه أدائه –قراءته– التي يفهم ويعلم بها القرآن الكريم ، إضافة لما تحويه من إثراء للمعاني القرآنية الكريمة . وهذا أمر لم يغفله العلماء المتقدمون رحمهم الله تعالى ، وحاولوا الإفادة منه في بعض الميادين ؛ فعلماء التفسير استشهدوا بالقراءات القرآنية في تفسيرهم للآيات القرآنية ، وعلماء الفقه استشهدوا ببعض أوجه القراءة القرآنية دليلا لما تبنوه من أحكام فقهية ... إلا أنهم لم يفردوا أثر القراءات القرآنية في التفسير ببحث مستقل ، وهذا لا يعد تقصيرا منهم ، بل كل واحد من العلماء يدلي بدلوه ويهب لأهل العلم ثمرة جهده في مجاله واختصاصه . وها أنا أدلي بدلوي وأحاول أن أضع لبنة متواضعة في هذا الصرح العلمي ، بهذا الموضوع الذي أتحدث فيه عن أثر القراءات القرآنية المتواترة في التفسير ، حيث بدأت بسورتي الفاتحة والبقرة ، فقمت باستخراج الآيات الكريمة التي تتنوع أوجه قراءتها ، وجمعت المادّة العلمية اللازمة لإتمام البحث ، لكنني وجدتها طويلة ، فقمت بتقسيم القراءات القرآنية الكريمة الواردة في هاتين السورتين إلى ثلاثة أقسام ؛ الأول يكمن تنوع القراءات فيه بتنوع الحركات ، نحو قوله تعالى :)فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ( و)فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ((الآية37:البقرة) . والثاني بإبدال الحروف ، نحو قوله تعالى: )وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً(و)ننشرُهَا((الآية259:البقرة) ، والثالث بإثبات الألف وحذفها. وقد أفردت كل قسم منها ببحث مستقل . وما سأبحثه الآن–بإذن الله تعالى – أحد هذه الثلاثة ، حيث تنوع القراءات يكون بإثبات الألف وحذفها .

أما منهجي في هذا البحث ؛ فإنني قمت بجمع الآيات القرآنية الكريمة التي تتنوع أوجه قراءتها بإثبات الألف وحذفها، ثم رتّبتها وفق ورودها في المصحف الشريف ، وأشرت إلى القراءات القرآنية الواردة فيها ، ثم أظهرت بعض أقوال أهل التفسير فيها ، واجتهدت رأيي في إظهار أثر الجمع بين القراءات في التفسير ، وما تؤديه من معاني إضافية . فإن أصبت فذلك الفضل من الله ، وإن أخطأت فمن نفسي وتقصيري .

المبحث الأول: قوله سبحانه وتعالى: )مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ((4:الفاتحة).

المسألة الأولى: القراءات الواردة في هذه الآية الكريمة

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى: )مالك( على وجهين بَيّنَهما أهل الاختصاص على النحو الآتي :

قال ابن مجاهد([1]) –رحمه الله - : ” اختلفوا في قوله )مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( في إثبات الألف وإسقاطها ؛ فقرأ عاصم ([2]) والكسائي([3]) ) مالك يوم الدين( بألف وقرأ الباقون )ملك( بغير ألف ... وحجة من قرأ مالك قوله تعالى: )قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ( (26:آل عمران) ولم يقل ملك الملك . ومالك أمدح من ملك لأنه يجمع الاسم والفعل ، وروى بسنده عن أبي عمرو([4]) قوله : مَلِك تَجْمَع مَالِكا و مَالِك لا يَجًمَع ملكا ، وحجة من قرأ ملك قوله تعالى: )مَلِكِ النَّاسِ((2:الناس) وقوله تعالى:) الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ((23:الحشر) “ ([5]).
المسألة الثانية: من أقوال المفسرين في هذه الآية

دارت أكثر أقوال المفسرين في بيانهم لمعنى هذه الآية الكريمة على بيان معنى كل وجه من أوجه القراءة الواردة فيها ، وبيان أي القراءتين أمدح في حق الله سبحانه وتعالى ، ويظهر ذلك جليا في أقوالهم ؛

فهاهو ابن جرير الطبري([6]) -رحمه الله- يقول : ” تأويل قراءة من قرأ ذلك )مالك يوم الدين( أن لله الملك يوم الدين خالصا دون جميع خلقه الذين كانوا قبل ذلك في الدنيا ملوكا جبابرة ينازعونه الملك ويدافعونه الانفراد بالكبرياء والعظمة والسلطان والجبرية ، فأيقنوا بلقاء الله يوم الدين أنهم الصَّغرة الأذلة وأن له دونهم ودون غيرهم الملك والكبرياء والعزة والبهاء ، كما قال جل ذكره وتقدست أسماؤه في تنزيله ) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ((16:غافر) فأخبر تعالى أنه المنفرد يومئذ بالملك دون ملوك الدنيا الذين صاروا يوم الدين من ملكهم إلى ذلة وصغار ، ومن دنياهم في المعاد إلى خسار . وأما تأويل قراءة من قرأ )مالك يوم الدين( فما حُدِّثنا به ... عن عبد الله بن عباس يقول : لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكما كملكهم في الدنيا ، ثم قال ) لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً((38:النبأ) وقال )وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ((108:طه) وقال )وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى((28:الأنبياء). - قال أبو جعفر- وأولى التأويلين بالآية وأصح القراءتين([7]) في التلاوة عندي التأويل الأول وهي قراءة من قرأ ملك بمعنى المُلك ؛ لأن في الإقرار له بالانفراد بالمُلك إيجابا لانفراده بالمِلك ، وفضيلة زيادة الملك على المالك إذ كان معلوما أن لا ملك إلا وهو مالك وقد يكون المالك لا ملكا “([8]) .

ولم يخرج الإمام البغوي([9]) – رحمه الله – عمّا أورده ابن جرير وإن قدم كلامه في هذا الموضوع بمقدمة تجمع بين وجهي القراءة حيث يقول :” قال قوم معناهما واحد مثل فرهين وفارهين وحذرين وحاذرين ومعناهما الرب ؛ يقال رب الدار ومالكها . وقيل المالك هو القادر على اختراع الأعيان من العدم إلى الوجود ولا يقدر عليه أحد غير الله . قال أبو عبيدة([10]) مالك أجمع وأوسع لأنه يقال مالك العبد والطير والدواب ولا يقال ملك هذه الأشياء ، ولأنه لا يكون مالك لشيء إلا وهو يملكه وقد يكون مَلَك الشيء ولا يملُكه ، وقال قوم : ملك أولى لأن كل ملك مالك وليس كل مالك ملكا ، ولأنه أوفق لسائر القرآن مثل قوله تعالى )فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ((114:طه) و )الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ((23:الحشر) و )مَلِكِ النَّاسِ((2:الناس) “([11]) .

وحاول بعض أهل التفسير الجمع بين القراءتين ، نحو ما فعل الشوكاني([12]) حيث يقول : ” اختلف العلماء أيّهما أبلغ ... والحق أن لكل واحد من الوصفين نوع أخصية لا يوجد في الآخر فالمالك يقدر على ما لا يقدر عليه الملك من التصرفات بما هو مالك له بالبيع والهبة والعتق ونحوها ، والملك يقدر على ما لا يقدر عليه المالك من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك وحياطته ورعاية مصالح الرعية فالمالك أقوى من الملك في بعض الأمور والملك أقوى من المالك في بعض الأمور . والفرق بين الوصفين بالنسبة إلى الرب سبحانه أن الملك صفة لذاته والمالك صفة لفعله“([13]) .

المسألة الثالثة: أثر القراءات في التفسير

إن تنوع القراءات القرآنية في هذه الآية الكريمة يظهر المعنى الكلي للآية الكريمة بأكمل وأجلى وجه ، وقد علم أهل التفسير أن تنوع القراءات يفضي إلى تنوع المعاني ولذلك راحوا يفاضلون بين القراءتين أيُّهما أمدح لله سبحانه وتعالى ، وهذا أمر لا ينبغي أن يكون – أقصد المفاضلة بين القراءات- لأن هذه الأوجه إنما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم . وحقيقة الأمر إن المعنى القرآني لا يكتمل إلَّا بالجمع بين القراءتين ولبيان ذلك أقول ؛

معلوم مما تقدم أن المَلِك هو الحاكم النافِذُ أمرُه والذي له الأمر المطلق دون غيره ، وأن المَالِك هو الذي ترجع له مِلكِيَّة الأعيان ، ويكون له حق التصرف فيها . وهذا الأمر هو لله سبحانه وتعالى في الدارين على الحقيقة ، يقول تعالى: ) إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ((67:يوسف) ،ويقول سبحانه :)فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ((114:طه) فالله سبحانه وتعالى هو الملك الحق في الدارين . وهو سبحانه مالك كل شيء يستخلف في مِلكه من يشاء من عباده يقول سبحانه وتعالى :)قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ((26:آل عمران)، وهذا الأمر على حقيقته في الدارين أيضا .

لكن يُرى في الدنيا من يوصف بهذا الوصف المذكور في الآية الكريمة -أقصد- ملك ومالك . وهذه الآية الكريمة –موضوع البحث- إنما تتحدث عن يوم مخصوص وهو يوم القيامة ، وهذا اليوم لا يشهد فيه ملك لا على الحقيقة ولا على المجاز إلّا الله سبحانه وتعالى ، وكذلك لا يشهد فيه مالك لا على الحقيقة ولا على المجاز إلا الله سبحانه وتعالى ، فملك هذا اليوم هو مالكه . ولأنه يشهد في الحياة الدنيا فرق بين الملك والمالك جاءت هذه الآية الكريمة في ذروة البلاغة مشيرة إلى قَصْرِ هاتين الصفتين على الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم .

ولو اقتصرت الآية الكريمة على جانب واحد من جوانب القراءة نحو ملك لجاز أن يطرح سؤال فمن مالكه ؟ أو هل هنالك مالك آخر في هذا اليوم ؟ ...

فانظر أخي الكريم وفقنا الله وإياك لكل خير كيف أن هذه الآية الكريمة بقراءتيها بَيَّنت أن الله سبحانه وتعالى هو الحاكم المطلق يوم القيامة ، والمالك المتفرد في ملكيّه هذا اليوم ، وحالت دون أن يَجِيشَ في النفس سؤال قد يُزِل الإنسانَ عن جادة الطريق .

المبحث الثاني: قوله سبحانه وتعالى

)يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ((9:البقرة) .

المسألة الأولى: القراءات الواردة في هذه الآية

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى :) يخدعون( من حيث إثبات الألف وحذفها ، وهذا ما أظهره أهل هذا الفن ، يقول ابن خالويه([14]) : ” قوله تعالى: ) وَمَا يَخْدَعُونَ ( يقرأ بضم الياء واثبات الألف ، وبفتح الياء وطرح الألف . فالحجة لمن أثبتها أنه عطف لفظ الثاني على لفظ الأول ليشاكل بين اللفظين ، والحجة لمن طرحها أن (فَاعَلَ) لا يأتي في الكلام إلا من فاعلين يتساويان في الفعل كقولك قاتلت فلانا وضاربته والمعنى بينهما قريب ألا ترى إلى قوله تعالى قاتلهم الله أي قتلهم فكذلك يخادعون بمعنى يخدعون“([15]) .

وبَيَّن ابن مجاهد أصحاب كل وجه حيث قال : ” قرأ نافع([16]) وابن كثير([17]) وأبو عمرو )وما يخادعون( بالألف والياء مضمومة ، وقرأ عاصم وابن عامر([18]) وحمزة([19]) والكسائي )وما يخدعون( بفتح الياء بغير ألف“([20]) .

وأشار ابن زنجله إلى أوجه القراءة الواردة في هذه الآية الكريمة، واحتج لكل وجه حيث قال : احتج أبو عمرو بأن قال إن الرجل يخادع نفسه ولا يخدعها ، قال الأصمعي ([21])ليس أحد يخدع نفسه إنما يخادعها . وحجة من قرأ بغير ألف أن الله أخبر عن هؤلاء المنافقين أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بقولهم آمنا بالله وباليوم الآخر فأثبت لهم مخادعتهم الله والمؤمنين ثم يخبر عنهم عقيب ذلك أنهم لا يخادعونه ولا يخادعون إلا أنفسهم فيكون قد نفى عنهم في آخر الكلام ما أثبته لهم في أوله ولكنه أخبر أن المخادعة من فعلهم ثم إن الخدع إنما يحيق بهم خاصة دونه([22]) .

المسألة الثانية: من أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة

دارت أقوال أكثر المفسرين في تأويل هذه الآية الكريمة على بيان معنى يخدعون و يخادعون ، وتنزيه الله سبحانه وتعالى أن يتحقق فيه معنى المخادعة ، ومنهم من جوَّز ذلك من حيث اللغة ، ومنهم من قال هذا مجاز والمراد يخدعون عباد الله ورسله ([23]) ، وفسَّر الإمام العكبري([24]) رحمه الله تعالى أوجه القراءات الواردة في هذه الآية الكريمة حيث قال : ” )وما يخادعون(أكثر القراءة بالألف وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين وهي على ذلك هنا ؛لأنهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبي يدور الخداع بينهما فهم يخدعون أنفسهم وأنفسهم تخدعهم . وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك سافر الرجل وعاقبت اللص . ويقرأ )يخدعون( بغير ألف مع فتح الياء...وأنفسهم نصب بأنه مفعول وليس نصبه على الاستثناء لأن الفعل لم يستوف مفعول له قبل إلا “([25]) .

المسألة الثالثة : أثر القراءات في التفسير

إن الجمع بين أوجه القراءات القرآنية الواردة في هذه الآية الكريمة يكشف النقاب عن حقيقة نفسية المنافقين وسفه عقولهم وذلك من عدة أوجه ؛ الأول منها أنهم يحاولون خداع الله سبحانه وتعالى المطلع على السرائر الذي لا تخفى عليه خافية ولا يكون ذلك منهم مرة واحدة بل يخادعون مرّة بعد مرّة مستمرين في هذا العمل وحقيقة الأمر أنهم في كل مرة يحاولون مخادعة الله إنما يخادعون فيها أنفسهم وهذا ما بيَّنته القراءة الأولى )وما يخادعون( ، والوجه الثاني أنهم يديمون مخادعة أنفسهم وفي هذا بيان لسخف عقولهم ؛ فالذي يكذب على نفسه مرة بعد مرة إنما هو سفيه لا عقل له يردعه عن مثل هذه الفعلة . والوجه الثالث هو تحقيق خداعهم لأنفسهم ، أي أن ثمرة المخادعة الطويلة تكون بتحقق انخداع أنفسهم بزيف أقوالهم وهذا ما تظهره القراءة الثانية )وما يخدعون( ، وتشير هذه القراءة أيضا إلى سفاهة عقول المنافقين فهم كالذي يكذب كذبة فيصدقها ، وهذه سفاهة ما بعدها سفاهة .

المبحث الثالث: قوله سبحانه وتعالى

)فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ( (36:البقرة) .

المسألة الأولى: القراءات الواردة في هذه الآية

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى )فأزلهما(من حيث إثبات الألف وحذفها على ما بيَّنه أهل الاختصاص ، يقول ابن خالويه : ” قوله تعالى)فأزلهما( يقرأ بإثبات الألف والتخفيف ، وبطرحها والتشديد . فالحجة لمن أثبت الألف أن يجعله من الزوال والانتقال عن الجنة ، والحجة لمن طرحها أن يجعله من الزلل وأصله فأزللهما فنقلت فتحة اللام إلى الزاي فسكنت اللام فأدغمت للمماثلة “([26]) .

وبيَّن ابن مجاهد أصحاب كل وجه فقال: ” قرأ حمزة وحده فأزالهما بألف خفيفة، وقرأ الباقون )فأزلهما( مشددة بغير ألف “([27]) .

المسألة الثانية: من أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة

تكاد تتفق مناهج المفسرين في بيان معنى هذه الآية الكريمة وإن تنوعت ألفاظهم بذلك ، ولعلمهم أن معنى الآية الكريمة يعتمد على القراءات الواردة فيها راحوا يفسرون معنى أزَلَّ و أَزَالَ ، ويبيّنون كيفية تحقق هذا الأمر وحقيقته . وفي ذلك يقول الإمام القرطبي -رحمه الله- : ” قرأ الجماعة )فأزلهما( بغير ألف من الزلة وهي الخطيئة أي استزلهما وأوقعهما فيها. وقرأ حمزة )فأزالهما( بألف من التنحية أي نحاها يقال أزلته فزال ...من الزوال أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية . قلت-القول للقرطبي- وعلى هذا تكون القراءتان بمعنى إلا أن قراءة الجماعة أمكن في المعنى([28]) ... وليس للشيطان قدرة على زوال أحد من مكان إلى مكان إنما قدرته على إدخاله في الزلل فيكون ذلك سببا إلى زواله من مكان إلى مكان بذنبه . وقد قيل إن معنى أزلهما من زل عن المكان إذا تنحى فيكون في المعنى كقراءة حمزة من الزوال... فأخرجهما تأكيد وبيان للزوال إذ يمكن أن يزولا عن مكان كانا فيه إلى مكان آخر من الجنة وليس كذلك إنما كان إخراجهما من الجنة إلى الأرض “([29]) .

المسألة الثالثة : أثر القراءات في التفسير

إن تنوع أوجه الأداء الوارد في هذه الآية الكريمة يثري المعنى القرآني ، بحيث يعطي صورة متكاملة لموضوع الآية الكريمة ، فالقراءة الأولى )فأزلّهما( تدل على أمرين ؛ الأول منهما : إن الشيطان -لعنه الله-لم يقصد النصيحة لسيدنا آدم وحواء عليهما السلام ، بل كَذَبَهما وقصد أن يخطّئهما ، وهذا ديدنه مع بني آدم كلهم يزيّن لهم كل الشهوات ليزلهم فتنزلق أقدامهم عن جادة الطريق . والثاني : إن الشيطان ليس له على بني آدم من سلطان إلّا أن يعدهم ويمنّيهم ، يقول الله سبحانه وتعالى: )وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ((22:إبراهيم).

وتدل القراءة الثانية )فأزالهما( على أمرين أيضا ؛ الأول منهما : إن خروج سيدنا آدم وحواء عليهما السلام من الجَنّة كان بسبب فتنة إبليس لهما . والثاني منهما : إن هدف الشيطان المنشود هو إخراج الإنسان وتنحيته عن رحمة الله وجنَّته ، على نحو ما فعل مع سيدنا آدم وحواء عليهما السلام ، وهذا يوجب على الإنسان أن يحذر كل الحذر من فتن الشيطان ، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : )يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ((27:الأعراف).

المبحث الرابع: قوله سبحانه وتعالى

)وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ((51:البقرة).

المسألة الأولى: القراءات الواردة في هذه الآية

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى )واعدنا( من حيث إثبات الألف وحذفها ، وهذا ما بيَّنه أهل القراءات ؛ يقول ابن زنجلة : ” قرأ أبو عمرو )وإذ وعدنا( موسى بغير ألف ... وحجته أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين وأما الله جل وعز فإنه المنفرد بالوعد والوعيد ويقوي هذا قوله تعالى :)إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ( (22:إبراهيم). وقرأ الباقون )وإذ واعدنا( بالألف ، وحجتهم أن المواعدة كانت من الله ومن موسى فكانت من الله أنه واعد موسى لقاءه على الطور ليكلمه ويكرمه بمناجاته ، وواعد موسى ربه المصير إلى الطور لما أمره به ، ويجوز أن يكون المعنى على إسناد الوعد إلى الله ، نظير ما تقول : طارقت نعلي وسافرت والفعل من واحد على ما تكلمت به العرب “([30]) .

المسألة الثانية : من أقوال المفسرين في هذه الآية

أورد الإمام الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة قولا شافيا في بيان معاني القراءات الكريمة الواردة فيها حيث قال :” قرأ بعضهم )واعدنا( بمعنى أن الله تعالى واعد موسى ملاقاة الطور لمناجاته فكانت المواعدة من الله لموسى ومن موسى لربه ، وكان من حجتهم على اختيارهم قراءة واعدنا على وعدنا أن قالوا :كل إيعاد كان بين اثنين للالتقاء أو الاجتماع فكل واحد منهما مواعد صاحبه ذلك ... وقرأ بعضهم )وعدنا( بمعنى أن الله الواعد موسى والمنفرد بالوعد دونه ، وكان من حجتهم في اختيارهم ذلك أن قالوا إنما تكون المواعدة بين البشر فأما الله جل ثناؤه فإنه المنفرد بالوعد والوعيد في كل خير وشر ، قالوا : وبذلك جاء التنزيل في القرآن كله فقال جل ثناؤه :)إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ((22:إبراهيم). وقال :)وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ((7:الأنفال). . قالوا : فكذلك الواجب أن يكون هو المنفرد بالوعد في قوله)وإذ وعدنا موسى( . والصواب عندنا في ذلك من القول أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القراء وليس في القراءة بإحداهما إبطال معنى الأخرى وإن كان في إحداهما زيادة معنى على الأخرى من جهة الظاهر والتلاوة فأما من جهة المفهوم بهما فهما متفقتان ؛ وذلك أن من أخبر عن شخص أنه وعد غيره اللقاء بموضع من المواضع ، فمعلوم أن الموعود ذلك واعد صاحبه من لقائه بذلك المكان مثل الذي وعده من ذلك صاحبه ، إذا كان وعده ما وعده إياه من ذلك عن اتفاق منهما عليه . ومعلوم أن موسى صلوات الله عليه لم يعده ربه الطور إلا عن رضا موسى بذلك ، إذ كان موسى غير مشكوك فيه أنه كان بكل ما أمر الله به راضيا ، وإلى محبته فيه مسارعا ، ومعقول أن الله تعالى لم يعد موسى ذلك إلا وموسى إليه مستجيب . وإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن الله عز ذكره قد كان وعد موسى الطور ، ووعده موسى اللقاء ، وكان الله عز ذكره لموسى واعدا ومواعدا له المناجاة على الطور ، وكان موسى واعدا لربه مواعدا له اللقاء . فبأي القراءتين من وعد وواعد قرأ القارىء فهو الحق في ذلك من جهة التأويل واللغة مصيب لما وصفنا من العلل قبل ، ولا معنى لقول القائل : إنما تكون المواعدة بين البشر ، وأن الله بالوعد والوعيد منفرد في كل خير وشر . وذلك أن انفراد الله بالوعد والوعيد في الثواب والعقاب والخير والشر والنفع والضر الذي هو بيده وإليه دون سائر خلقه لا يحيل الكلام الجاري بين الناس في استعمالهم إياه عن وجوهه ، ولا يغيره عن معانيه “([31]).

المسألة الثالثة : أثر القراءات في التفسير

إن تنوع القراءات القرآنية الكريمة في هذه الآية الكريمة يظهر العديد من المعاني التي لم تكن لتظهر لو اقتصرت الآية الكريمة على وجه من القراءة دون غيره ؛ حيث دلَّت القراءة الأولى )وعدنا( على أن الله سبحانه وتعالى صاحب الأمر المطلق وهو الآمر وحده ، وهو الذي أكرم سيدنا موسى بهذا الوعد . ودلّت القراءة الثانية )واعدنا( على أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الوعد ، وقد أكرم سيدنا موسى عليه السلام بأن أشركه في المواعدة التي هي من جانبه امتثال لأمر الله سبحانه وتعالى ، ومن هذا الوجه تكون هذه الآية الكريمة ظاهرة في الثناء على سيدنا موسى عليه السلام بأنه استجاب وامتثل لأمر الله سبحانه وتعالى في كل ما أمره به .

المبحث الخامس: قوله سبحانه وتعالى

)بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ((81:البقرة).

المسألة الأولى:القراءات الواردة في هذه الآية

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى : )خطيئته( من حيث إثبات الألف وحذفها ، وهذا ما أظهره أهل هذا الفن ؛ يقول ابن زنجلة رحمه الله : ” قرأ نافع )وأحاطت به خطيئاته( بالألف . وحجته أن الإحاطة لا تكون للشيء المنفرد إنما تكون لأشياء ، كقولك أحاط به الرجال و أحاط الناس بفلان إذا داروا به ، ولا يقال أحاط زيد بعمرو . وحجة أخرى : جاء في التفسير قوله )بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئاته( أي الكبائر أي أحاطت به كبائر ذنوبه .

وقرأ الباقون )خطيئته(على التوحيد . وحجتهم أن الخطيئة ليست بشخص ، فإذا لم تكن شخصا واشتملت على الإنسان جاز أن يقال : أحاطت به خطيئته . وحجة أخرى : جاء في التفسير )من كسب سيئة( أي الشرك )وأحاطت به خطيئته( أي الشرك الذي هو سيئة “([32]) .

المسألة الثانية : من أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة

تنوعت أساليب المفسرين في بيان معنى هذه الآية الكريمة ، فمنهم من أوجز في تفسيره لها ومنهم من أسهب . ولأظهر المعنى متكاملا دون تكرار سأنظم عددا من أقوالهم في عبارة واحدة وأقول :

قوله تعالى )من كسب سيئة( السيئة الشرك وقيل السيئة الكبيرة ([33]) ، )وأحاطت به( الإحاطة الإحداق بالشيء من جميع نواحيه([34]) وقيل المعنى أحاطت بحسناته أي أحبطتها من حيث أن المحيط أكثر من المحاط به ، أو يكون معنى أحاطت به أهلكته([35])وقيل الإحاطة به أن يصرّ عليها فيموت غير تائب([36]) ، وقيل أي استولت عليه وشملت جملة أحواله حتى صار كالمحاط بها لا يخلو عنها شيء من جوانبه ، وهذا إنما يصح في شأن الكافر لأن غيره وإن لم يكن له سوى تصديق قلبه وإقرار لسانه فلم تحط الخطيئة به([37]) ، وقيل هو من وافى يوم القيامة وليست له حسنة بل جميع أعماله سيئات([38]) ، وقيل يجوز أن يحمل ذلك على من أتى السيئة مستحلا لها([39]) )خطيئته( الخطيئة الكبيرة([40]) و بالجمع الكثرة ([41]) نحو قوله تعالى )وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا((18:النحل) ، وقيل هي الكفر ([42]) ، وقيل كل عمل أوجب عليه النار([43]) .

المسألة الثالثة : أثر القراءات في التفسير

إن تنوع القراءات الوارد في هذه الآية الكريمة يظهر المعنى القرآني بأكمل وجه ؛ فهذه الآية الكريمة تُبَيِّن العَمَل الذي يُهْلِكُ صَاحِبَه ويدخله النار ، وقد ظهر من خلال القراءات القرآنية الواردة فيها أن هذا العمل قد يكون مفردا يبطل ما سواه ، كالكفر الذي يفسد باقي الأعمال يقول تعالى )أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( (19:التوبة) . وقد يكون متنوعا كارتكاب الفواحش عامة ، أو الحرص على الصغائر وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((... إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه - وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا -([44]) كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجئ بالعود حتى جمعوا سوادا فأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها ))([45]) .



المبحث السادس : قوله سبحانه وتعالى

)آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ((285:البقرة).

المسألة الأولى : القراءات الواردة في هذه الآية

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى )كتبه( من حيث إثبات الألف وحذفها وهذا ما أظهره أهل هذا الفن ؛ يقول ابن زنجلة : ” قرأ حمزة والكسائي )وكتابه( وحجتهما أن الكتاب هو القرآن فلا وجه لجمعه ، وحجة أخرى قال ابن عباس : الكتاب أكثر من الكتب . قال أبو عبيدة : أراد كل كتاب لله بدلالة قوله )فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ((213:البقرة) فوحد إرادة الجنس ، وهذا كما تقول كثر الدرهم في أيدي الناس تريد الجنس كله . وقرأ الباقون )وكتبه( وحجتهم ما تقدم وما تأخر ما تقدم ذكر بلفظ الجمع وهو قوله كل آمن بالله وملائكته وما تأخر ورسله فكذلك كتبه على الجمع ليأتلف الكلام على نظام واحد“([46]) .

المسألة الثانية : من أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة

تكاد عبارات المفسرين في هذه الآية الكريمة لا تختلف ، ولذلك رأيت أن أورد عبارة الإمام الطبري رحمه الله – التي هي جامعة لأقوال جُلِّ المفسرين- وأحيل إلى عدد من أقوالهم . يقول الإمام الطبري :” )وكتبه( على وجه جمع الكتاب ، على معنى : والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وجميع كتبه التي أنزلها على أنبيائه ورسوله ... )وكتابه( بمعنى والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وبالقرآن الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك )وكتابه( ويقول : الكتاب أكثر من الكتب . وكان ابن عباس يوجه تأويل ذلك إلى نحو قوله ) وَالْعَصْرِ+ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ((1-2:العصر) بمعنى جنس الناس ، وجنس الكتاب ، كما يقال: ما أكثر درهم فلان وديناره . ويراد به جنس الدراهم والدنانير “([47]) .

المسألة الثالثه: أثر القراءات في التفسير

إن القراءات القرآنية الكريمة الواردة في هذه الآية الكريمة تظهر عمق المعنى القرآني وسعة دلالته ؛ فالقراءة الأولى )كتبه( تدل على أن أصل الكتب السماوية واحد وهي كلها من عند الله سبحانه وتعالى ، فمن يؤمن بالله حقا فلابد أن يؤمن بجميع كتبه ، وقد غضب الله على من أنكر شيئا منها يقول تعالى: )وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ((113:البقرة) ، ومن هذه الكتب القرآن الكريم ، فلا يسمى مؤمنا من لم يؤمن بالقرآن الكريم الذي هو أحد الكتب الإلهية .

والقراءة الثانية )كتابه( تدل على أن مضمون هذه الكتب السماوية -في توحيد الله سبحانه وتعالى - كله واحد ، ولا تناقض بينها ، لذلك فإننا نجد القرآن الكريم يشير إلى الكتب التي أنزلت على الأنبياء السابقين بـ(أل) التي هي للعهد ، يقول تعالى : )وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ((53:البقرة) ،) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً((30:مريم) ، )كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ((213:البقرة) ، وهذا الكتاب هو نفسه الذي أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول تعالى: ) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ((3:آل عمران) . فمن لم يؤمن بالكتاب الذي أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يوصف بأنه مؤمن . وهذه القراءة فيها زيادة تخصيص بالقرآن الكريم ، وكأنه خلاصة الإيمان بالكتب السابقة ؛ فمن آمن بالكتب السابقة حقا فسيؤمن بهذا الكتاب الكريم، ومن لم يؤمن بهذا الكتاب فلم يكن قد آمن حقا بالكتب السابقة . وهذا ما أوصت به جميع الرسل أتباعها ، وقد أخذ الله سبحانه وتعالى عليهم الميثاق بذلك ، يقول تعالى : )وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ((81:آل عمران).

الخـاتمـة

الحمد لله الذي بفضله تتم النعمات ، وبنوره تنقشع الظلمات ، وبجوده وكرمه يُتجاوز عن الزلّات . أشكره سبحانه على ما يسره لي من إتمام هذا البحث ، وإظهاره إلى حيّز الوجود بما هو عليه الآن . وتوصلت في هذا البحث إلى أهم النتائج الآتية :

· للقراءات القرآنية الكريمة عميق الأثر في التفسير ؛ فبعض القراءات تؤكد الأخرى ، وبعضها يزيدها بيانا ، وبعضها يكسبها معاني جديدة .

· إن الفهم الصحيح والشمولي للآية القرآنية الكريمة يجب أن يكون بالجمع بين القراءات الواردة فيها .

وأوصي طلبة العلم أن تتضافر جهودهم ، في سبيل خدمة كتاب الله عزََّ وجل ، وإظهار أثر القراءات القرآنية في جميع المجالات ، العلمية والفقهية و البيانيّة ...

وختاما أسأل الله العلي القدير ، بفضله وجوده وكرمه ، أن يوفق كافة المسلمين إلى كل خير في دينهم ودنياهم .

حاشية التوثيقات

1. ابن مجاهد؛ الإمام المقرئ المحدث النحوي شيخ المقرئين أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد البغدادي مصنف كتاب السبعة ولد سنة خمس وأربعين ومائتين أخذ الحروف عرضا عن طائفة وانتهى إليه علم هذا الشأن وتصدر مدة وقرأ عليه خلق و كان ابن مجاهد صاحب لطف وظرف يجيد معرفة الموسيقى وكان في حلقته من الذين يأخذون على الناس أربعة وثمانون مقرئا توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاث مئة. محمد بن أحمد ابن عثمان الذهبي ( 673- 748هـ )، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ومحمد نعيم ، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1413هـ (ط9)، ج15، ص272- 273

2. عاصم المقرئ أبو بكر عاصم بن أبي النجود مولى بني جذيمة بن مالك بن نصر كان أحد القراء السبعة والمشار إليه في القراءات توفي بالكوفة سنة سبع وعشرين ومائة رحمه الله تعالى . محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي (ت354)، مشاهير علماء الأمصار، تحقيق: م. فلايشهمر، بيروت، دار الكتب العلمية، 1959م ، ج1 ، ص 165. وينظر أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر ابن خلكان (608-681هـ)، وفيات الأعيان وأنباء الزمان، تحقيق: د.إحسان عباس، بيروت، دار الثقافة، 1968م ، ج3 ، ص 9

3. علي بن حمزة بن بهمن بن فيروز الأسدي مولاهم الكوفي المعروف بالإمام المعلم المقرئ أخذ القراءة عن حمزة الزيات وقرأ النحو على معاذ ثم على الخليل ثم خرج إلى بوادي الحجاز ونجد وتهامة وكتب عن العرب كثيرا توفي بطوس سنة 189. محمد بن يعقوب الفيروز أبادي (729-817هـ)، البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، تحقيق: محمد المصري، الكويت، جمعية إحياء التراث الإسلامي، 1407هـ،(ط1)، ج1، ص 152-153

4. أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان التميمي ثم المازني البصري شيخ القراء والعربية وأمه من بني حنيفة مولده في نحو سنة سبعين وانتصب للإقراء في أيام الحسن البصري. قال أبو عبيدة :كان أعلم الناس بالقراءات والعربية والشعر وأيام العرب وفاته كانت في سنة أربع وخمسين ومائة. قال الأصمعي: عاش أبو عمرو ستا وثمانين سنة وقال خليفة بن خياط وقيل سنة سبع وخمسين ومائة. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج6،ص 407-410

5. أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي البغدادي ابن مجاهد (245-324هـ)، كتاب السبعة في القراءات، تحقيق: د.شوقي ضيف، القاهرة، دار المعارف، 1400هـ (ط2)، ص 104 . وينظر الحسين بن أحمد أبو عبد الله ابن خالويه (314-370هـ)، الحجة في القراءات السبع، تحقيق: د.عبد العال سالم مكرم، بيروت، دار الشروق،1401هـ(ط4)، ص62 ، وأبو زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، حجة القراءات ، تحقيق: سعيد الأفغاني، بيروت، مؤسسة الرسال، 14402هـ – 1982م (ط3)، ص 77-79 ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت444هـ)، الأحرف السبعة للقرآن، تحقيق: د. عبد المهيمن طحان ، مكة المكرمة ، مكتبة المنارة ، 1408هـ(ط1) ، ص48 ، و لداني.أبو عمرو عثمان بن سعيد (ت444هـ)، التيسير في القراءات السبع، تحقيق : أوتو تريزل، بيروت ، دار الكتاب العربي، 1984م (ط2)، ص18 ، ومحمد بن مكرم الأفريقي المصري ابن منظور (630-711هـ)، لسان العرب، بيروت ، دار صادر (ط1)، ج10 ،ص491

6. الحبر البحر الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ والمصنفات الكثيرة ، كان مجتهدا لا يقلد. قال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من محمد بن جرير. وقال أبو حامد الأسفرائني الفقيه: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرا. ومولده بآمل طبرستان سنة أربع وعشرين ومائتين وتوفي ليومين بقيا من شوال وكان ذا زهد وقناعه وتوفي ببغداد. كانت الأئمة تحكم بقوله وترجع إلى رأيه لمعرفته وفضله. جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره. عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي (1032-1089هـ)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، بيروت، دار الكتب العلمية، ج1، ص 260

7. أنبه هنا إلى أن منهج ابن جرير الطبري رحمه الله في ترجيح بعض أوجوه القراءة المتواترة على غيرها غير صحيح لأن كل الأوجه –المتواترة- مأخوذة من النبي صلى الله عليه وسلم وثابت عن رب العزَّة سبحانه وتعالى فلا يجوز لنا أن نصف وجها من القراءة أنه أصوب من الآخر ، بل كل هذه الأوجه في نفس الدرجة من الرفعة .

8. محمد بن جرير بن يزيد بن خالد أبو جعفر الطبري (224-310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر، بيروت، 1405هـ ، ج1، ص65

9. البغوي؛ الحسين بن مسعود بن محمد العلامة أبو محمد الفقيه الشافعي يعرف بابن الفراء ويلقب محيي السنة وركن الدين أيضا (ت561هـ) ، جاوز الثمانين، كان إماما في التفسير إماما في الحديث إماما في الفقه ، تفقه على القاضي حسين وسمع الحديث منه ومن أبى عمر عبد الواحد المليحي وأبي الحسن الداودي وطائفة آخرهم أبو المكارم فضل الله بن محمد النوقاني ، روى عنه بالإجازة وبقى إلى سنة ستمائة وأجاز للفخر على بن البخاري وله من التصانيف معالم التنزيل في التفسير، وشرح السنة ، والمصابيح، والجمع بين الصحيحين والتهذيب في الفقه وقد بورك في تصانيفه ورزق فيها القبول لحسن نيته وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة وكان قانعا ورعا يأكل الخبز وحده ثم عذل في ذلك فصار يأكله بزيت مات في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة وقد جاوز الثمانين الذهبي،سير أعلام النبلاء، ج19،ص 439-442 ، وينظر عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (849-911هـ)، طبقات المفسرين، تحقيق:علي محمد عمر ، القاهرة، مكتبة وهبة،1396هـ(ط1) ، ج1 ،ص49

10. أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي مولاهم البصري اللغوي العلامة الأخباري صاحب التصانيف روى عن هشام ابن عروة وأبي عمرو بن العلاء وكان أحد أوعية العلم قال ابن ناصر الدين حكى عنه البخاري في تفسير القرآن لبعض لغاته وكان حافظا للعلوم إماما في مصنفاته قال الدارقطني :لا بأس به إلا أنه يتهم بشيء من رأي الخوارج. قال الجاحظ لم يكن في الأرض جماعي ولا خارجي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة توفي سنة تسع ومائتين ولما مات لم يحضر جنازته أحد . محمد بن إسحاق أبو الفرج ابن النديم (ت385) ،الفهرست ، بيروت، دار المعرفة، 1398هـ-1978م ،ج،1ص79 ، وأحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي (ت463هـ)، تاريخ بغداد، بيروت، دار الكتب العلمية، ج13،ص257 ، وابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء الزمان، ج5،ص235 ، والذهبي، سير أعلام النبلاء، ج9، ص447 ، والدمشقي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج1، ص24

11. الحسين بن مسعود الفراء أبو محمد البغوي (ت516هـ)، معالم التنزيل، تحقيق: خالد العك ومروان سوار، بيروت، دار المعرفة، 1407هـ-1987م(ط2)، ج1،ص40 ، وينظر أبو جعفر احمد بن محمد بن إسماعيل النحوي النحاس (ت338هـ)، معاني القرآن الكريم، تحقيق: محمد علي الصابوني، مكة المكرمة، جامعة أم القرى، 1409هـ(ط1)، ج1،ص61-62 ، وأبو الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي (ت373هـ) ، تفسير السمرقندي، تحقيق: د.محمود مطرجي، بيروت، دار الفكر، ج1،ص41 ، وأبو البركات عبد الله بن أحمد ابن محمود النسفي، تفسير النسفي، دون دار نشر ،أو تاريخ طبع، ج1 ،ص7 ، وأبو السعود محمد بن محمد العمادي (ت951هـ)، إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج1،ص15

12. محمد بن علي بن محمد الشوكاني صاحب التصانيف قاضي الجماعة كان مولده يوم الاثنين الثامن والعشرين من ذي قعدة الحرام سنة اثنتين وسبعين بعد مائة وألف وكانت وفاته في شهر جمادي الآخرة في سنة خمسين بعد المائتين والألف . صديق بن حسن القنوجي (1248- 1307)، أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، تحقيق: عبد الجبار زكار ، بيروت، دار الكتب العلمية، 1978م ،ج3، ص201- 205

13. محمد بن علي الشوكاني ( 1173-1250هـ)، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، بيروت، دار الفكر، ج1،ص22 ، وينظر محمود أبو الفضل الألوسي (ت1270هـ)، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج 1،ص 83

14. ابن خالويه: الحسين بن أحمد بن خالويه أبو عبد الله النحوي اللغوي صاحب المصنفات أصله من همذان ثم دخل بغداد فأدرك بها مشايخ هذا الشأن كابن دريد وابن مجاهد وأبي عمر الزاهد واشتغل على أبي سعيد السيرافي ثم صار إلى حلب فعظمت مكانته عند آل حمدان وكان سيف الدولة يكرمه وهو أحد جلسائه وله مع المتنبي مناظرات وقد سرد له ابن خلكان مصنفات كثيرة منها كتاب ليس في كلام العرب وكان به داء كانت به وفاته عام 370هـ إسماعيل بن عمر الدمشقي أبو الفداء ابن كثير (774هـ)، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار الفكر، 1401هـ، ج 11 ، ص 297

15. ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع، ص 68

16. نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي مولاهم أبو رويم المقريء المدني أصله من أصبهان أحد الأعلام هو مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب أو حليف أخيه العباس وقيل له عدة كنى منها أبو نعيم وأشهرها أبو رويم قرأ على طائفة من تابعي أهل المدينة وقال أبو قرة موسى بن طارق سمعته يقول قرأت على سبعين من التابعين مات سنة تسع وستين ومئة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ) ،معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، تحقيق: بشار عواد معروف و شعيب الأرناؤوط وصالح مهدي عباس، بيروت، ، مؤسسة الرسالة، 1404هـ(ط1) ، ص107–111

17. عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان بن هرمز الإمام العلم مقرىء مكة وأحد القراء السبعة أبو معبد الكناني الداري المكي مولى عمرو ابن علقمة الكناني وثقه النسائي وعاش خمسا وسبعين سنة ولد بمكة سنة 48و مات سنة عشرين ومئة . ابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء الزمان، ج2،ص41، وينظر الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج5 ،ص 318-319

18. اليحصبي عبد الله بن عامر إمام أهل الشام في القراءة عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة أبو عمران قال ابن عامر قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان ولي قضاء دمشق بعد أبي إدريس الخولاني توفي ابن عامر سنة ثماني عشرة ومائة . الذهبي، معرفة القراء الكبار، ص82-86

19. حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام الحجة شيخ القراءة أبو عمارة التيمي مولاهم الكوفي الزيات ثقة توفي سنة ثمان وخمسين ومائة وله ثمان وسبعون سنة فيما بلغنا والصحيح وفاته في سنة ست وخمسين ومئة رحمه الله . الذهبي، سير أعلام النبلاء ،ج7 ،ص 90 -92

20. ابن مجاهد، كتاب السبعة في القراءات، ص 141 ، وينظر ابن زنجلة، حجة القراءات، ص 87

21. الأصمعي الإمام العلامة الحافظ حجة الأدب لسان العرب أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع البصري اللغوي الأخباري أحد الأعلام ولد سنة بضع وعشرين ومائة مات الأصمعي سنة خمس عشرة ومائتين وقال محمد ابن المثنى والبخاري سنة ست عشرة ويقال عاش ثمانيا وثمانين سنة رحمه الله . الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج10، ص175-176

22. ابن زنجلة ،حجة القراءات، ص 87

23. ينظر محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح أبو عبد الله القرطبي (ت671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني، القاهرة، دار الشعب، 1372هـ(ط2) ، ج1،ص195- 208 ، والبيضاوي (ت791هـ)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تحقيق: عبد القادر عرفات العشا حسونة، بيروت، دار الفكر، 1416هـ - 1996م ، ج1 ، ص162-164 ، وإسماعيل بن عمر الدمشقي أبو الفداء ابن كثير (774هـ)، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار الفكر، 1401هـ ،ج1 ،ص49 ، و أحمد بن محمد الهائم المصري شهاب الدين (815-853هـ)، التبيان في تفسير غريب القرآن، تحقيق: د.فتحي أنور الدابولي، دار الصحابة للتراث، القاهرة، 1992م (ط1) ، ج1 ،ص56 ، وابن منظور، لسان العرب، ج3 ،ص177 و ج8، ص 63 , و محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت721هـ)، مختار الصحاح، تحقيق: محمود خاطر، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون ، 1415هـ- 1995م ، ج1،ص72

24. العكبري؛ أبو البقاء صاحب الأعراب واللباب عبد الله بن الحسين بن عبد الله الشيخ الضرير النحوي الحنبلي صاحب إعراب القرآن العزيز وكتاب اللباب في النحو وله حواش على المقامات ومفصل الزمخشري وديوان المتنبي وغير ذلك وله في الحساب وغيره وكان صالحا دينا مات وقد قارب الثمانين رحمه الله وكان إماما في اللغة فقيها مناظرا (538-616هـ) . ابن كثير، البداية والنهاية، ج 13،ص 85

25. أبو البقاء محب الدين عبد الله بن أبي عبد الله الحسين بن أبي البقاء العكبري (538-616هـ)، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق: علي محمد البجاوى، دار إحياء الكتب العربية ،ج1،ص 17

26. ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع، ص 74 ، وينظر ابن زنجلة ،حجة القراءات، ص 94

27. ابن مجاهد، كتاب السبعة في القراءات،ص 154

28. إن الذي أورده الإمام القرطبي رحمه الله في هذه المسالة غير صحيح فكلا القراءتين بنفس الفصاحة ولا يجوز أن نقدم قراءة على أخرى لأن كلا الوجهين مأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم

29. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج1،ص311-312 ، وينظر الطبري، جامع البيان، ج1 ،ص234- 235 ،مع التنبيه إلى أنه لا يتابع في ترجيحه بين القراءات المتواترة ورد بعضها ، وينظر العكبري، التبيان في إعراب القرآن، ج1، ص31 ، والبيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل ،ج1 ،ص297- 298 ، والنسفي، تفسير النسفي، ج1،ص 38 ، و عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي (ت876هـ)، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ج 1، ص 51

30. ابن زنجلة، حجة القراءات، ص 96 ، وينظر ابن مجاهد، كتاب السبعة في القراءات، ص155

31. الطبري، جامع البيان، ج 1،ص 279 ، وينظر البغوي، معالم التنزيل ،ج1،ص72 ، و عبد الرحمن بن علي ابن محمد ابن الجوزي (508-597هـ)، زاد المسير في علم التفسير، بيروت، المكتب الإسلامي، 1404هـ(ط3)، ج1،ص79 ، والعكبري، التبيان في إعراب القرآن، ج1 ،ص 36 ، والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج1، ص 394 ، والبيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج1،ص 323 ، وابن منظور،لسان العرب، ج3، ص 462

32. ابن زنجلة, حجة القراءات, ص102 ، وينظر ابن مجاهد، كتاب السبعة في القراءات، ص 162 ، و ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع، ص 83

33. ينظر البغوي، معالم التنزيل، ج1،ص89 ، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني (126-211هـ)، تفسير القرآن، تحقيق: د.مصطفى مسلم محمد، الرياض، مكتبة الرشد، 1410هـ (ط1) ، ج1،ص51 ، وسفيان بن سعيد ابن مسروق أبو عبد الله الثوري (ت161هـ)، تفسير سفيان الثوري، بيروت، دار الكتب العلمية، 1403هـ (ط1) ، ج1،ص47 ، وأبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي (508-597هـ)، نواسخ القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، 1405هـ (ط1)،ص 43

34. ينظر البغوي، معالم التنزيل، ج1 ،ص 89

35. ابن الجوزي، زاد المسير، ج 1،ص 108 , وابن كثير، تفسير القرآن العظيم ،ج 1، ص 120

36. ينظر البغوي، معالم التنزيل، ج1، ص 89 ، وابن كثير، تفسير القرآن العظيم ،ج 1 ، ص 120

37. البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج1، ص 352

38. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 1،ص 120

39. الجوزي، نواسخ القرآن، ص 43

40. ينظر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج2، ص 12 ، والصنعاني ،تفسير القرآن، ج1، ص 51

41. ينظر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج2 ،ص 12

42. البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج1، ص 352

43. الثوري، تفسير سفيان الثوري، ج1 ،ص47

44. ما بين الحاصرتين من كلام الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود راوي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

45. أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني (164-241هـ)، مسند الإمام أحمد بن حنبل ، مصر، مؤسسة قرطبة، ج1، ص402 ، وينظر أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (260-360هـ)، المعجم الأوسط ، تحقيق: طارق ابن عوض الله بن محمد و‏عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، القاهرة، دار الحرمين، 1415هـ، ج7،ص219 ، وعلي ابن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، القاهرة ، دار الريان للتراث , ‏ وبيروت ، دار الكتاب العربي، 1407هـ، ج10،ص189 ، وأبو بكر محمد بن هارون الروياني (ت307هـ)، مسند الروياني، تحقيق: أيمن علي أبو يماني، القاهرة، مؤسسة قرطبة، 1416هـ، (ط1)،ج2،ص216 ، ومحمد بن سلامة ابن جعفر أبو عبد الله القضاعي (ت454هـ)، مسند الشهاب ،تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1407هـ – 1986م، (ط2)،ج2، ص95 ، وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (384-458هـ)، شعب الإيمان، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، بيروت، دار الكتب العلمية، 1410هـ، (ط1)،ج5،ص456 ، وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمذاني (445-509هـ)، الفردوس بمأثور الخطاب، تحقيق: السعيد بن بسيوني زغلول، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986م (ط1)،ج1،ص380 ، و أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل الشافعي العسقلاني (773-852هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي ومحب الدين الخطيب، بيروت، دار المعرفة، 1379هـ، ج1 ،ص329

46. ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص152-153 ، وينظر ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع ،ص105 ، وابن مجاهد، كتاب السبعة في القراءات، ص 195

47. الطبري، جامع البيان ،ج3 ،ص152 ، وينظر ابن الجوزي، زاد المسير، ج1،ص 345 ، والنحاس، معاني القرآن،ج1،ص33، والبغوي،معالم التنزيل، ج1، ص271-273 ، والبيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل،ج1، ص585، والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج3،ص 428، والثعالبي،الجواهر الحسان في تفسير القرآن، ج4،ص 317- 318، والنسفي، تفسير النسفي، ج1،ص 139، والألوسي، روح المعاني، ج2، ص45

مجلة علوم انسانية السنة الرابعة: العدد 30: ايلول (سبتمبر) 2006 - 4
 
عودة
أعلى