إتحاف المؤمنين بفائدة حديث : " بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ "

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
إتحاف المؤمنين بفائدة حديث : " بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ "
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ : ] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [ ، وَقَالَ : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ : يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ؛ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ " رواه أحمد : 2 / 328 ، ومسلم ( 1015 ) ، والترمذي ( 2989 ) ، والدارمي ( 2713 ) .

قوله e : " فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ " أي : من أين يستجاب لمن هذه صفته ؟ فهوَ استفهامٌ وقع على وجه التَّعجُّب والاستبعاد ، وليس صريحًا في استحالة الاستجابة ومنعها بالكلية ، والمراد أنه ليس أهلًا للإجابة .
وهَذَا الْحَدِيث أَحَد الْأَحَادِيث الَّتِي هِيَ قَوَاعِد الْإِسْلَام وَمَبَانِي الْأَحْكَام ، وفيه بيان أن الله طيبٌ ، يعني : منزَّه عن النقائص والعيوب ، أي : طيب في ذاته ، طيب في صفاته ، طيب في أفعاله ، فلله Y أنواع الكمالات في الذات والقول والفعل ، فكلامه U أطيب الكلام ، وأفعاله U كلها أفعال خير وحكمة .
ولكونه U طيبًا فلا يقبل إلا طيبًا ، أي : من الاعتقادات والأقوال والأفعال والأموال ؛ ولهذا فإنه U أمر المرسلين ومن آمنوا بهم بأكل الطيبات ، وشكره Y على ذلك ، وهذا الشكر هو عمل الصالحات ؛ لقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [ [ المؤمنون : 51 ] ؛ وقال للمؤمنين ] كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [ [ البقرة : 172 ] ؛ فدل هذا على أن الشكر هو العمل الصالح .
وَفِيهِ - كما قال النووي - رحمه الله : الْحَثُّ عَلَى الْإِنْفَاق مِنْ الْحَلَال ، وَالنَّهْي عَنْ الْإِنْفَاق مِنْ غَيْره ؛ وَأَنَّ الْمَشْرُوب وَالْمَأْكُول وَالْمَلْبُوس وَنَحْوهَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُون حَلَالًا خَالِصًا لَا شُبْهَة فِيهِ ، وَأَنَّ مَنْ أَرَادَ الدُّعَاء كَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِنَاءِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْره ؛ وفيه أن العبد إذا أنفق نفقة طيبة فهي التي تزكو وتنمو ، وأن الطعام اللذيذ غير المباح يكون وبالاً على آكله ولا يقبل الله عمله ( [1] ) ؛ ومن ذلك لا يجيب دعاءه في حال هو أحوج فيه إلى إجابة الدعاء ؛ وقال بعض السَّلف : لا تستبطئ الإجابة ، وقد سددتَ طرقها بالمعاصي ، وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال :
نحن نَدْعُو الإله في كُلِّ كَربٍ ... ثُمَّ نَنساهُ عِندَ كَشفِ الكُروبِ
كَيْفَ نَرجُـو إجابةً لدُعـاءٍ ... قَـدْ سَدَدْنا طرِيقَها بالذُّنوب


[1] - انظر شرح مسلم للنووي : 7 / 100 ، وشرح الأربعين له عند الحديث العاشر .
 
عودة
أعلى