" إتحاف الأنام بما في الغنة من أحكام "

إنضم
09/04/2007
المشاركات
1,499
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
السلام عليكم
إخواني في الله .. هذا بحث في أحكام الغنة ولكني أذكر فيه ما اختلف فيه من الأحكام في الغنة ولا شك أنني استفدت مما كتبت سابقا في بعض قضايا التجويد المختلف فيها ، وفي بعض المسائل أحيانا أحيل إلي أحد الأبحاث من باب التوسعة في الحكم ، ونظرا لطول البحث سأضع البحث علي نظام الفقرات حتي يستطيع الإخوة قراءة البحث علي مهل .

وهذا البحث لا أشرح فيه أحكام النون الساكنة والتنوين ، فقد كتب الإخوة في هذا الموضوع بكثرة ومن أفضل الأبحاث التي قرأتها ـ في النون الساكنة والتنوين ـ بحثين لأخي وصديقي الشيخ سامح سالم عبد الحميد باسم (( القول المبين في أحكام النون الساكنة والتنوين مع التوجيه " وهو علي هذا الرابط ،
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=19545

والبحث الآخر :
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=11546

ويستحسن للقارئ أن يقرأ البحثين قبل قراءة هذا البحث وعنونته باسم " إتحاف الأنام بما في الغنة من أحكام "
وسأضع البحث لاحقا ـ إن شاء الله ـ

وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجه
والسلام عليكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبدذه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. أما بعد ...


فقد قمت بجمع هذا البحث وذكرت فيه جميع المسائل الخلافية التي ترتبط بحكم الغنة والأحكام التي فيها الغنة هي (( النون والميم المشدتان ،والإظهار​


والإدغام والإقلاب ، والإخفاء للنون الساكنة والتنوين ، والإدغام والإخفاء والإظهار للميم الساكنة ))​



وليس معني ذلك أنني أقوم بشرح أحكام النون الساكنة والتنوين أو أحكام الميم الساكنة ، ولكني ذكرت الخلافات التي أثبتها علماء هذا الفن ولو كان الخلاف لفظيا أو حقيقيا أوشاذا ، وحاولت الترجيح بحسب ما بدا لي ، وأيضا أذكر نوع الخلاف هل هو لفظي أو حقيقي أو ... ...​



ومن هذا البحث يعلم القارئ أن طريقة الأداء تختلف بين الأقطار ، ومن ثَم هناك بعض الخلاف الجائز والغير جائز ، أقصد أن الأمر في كثير من الأحكام فيه سعة ، ونصوص الأئمة ثابتة كما سنري ـ إن شاء الله ـ .​


وبعد هذه المقدمة إليك مضمون الموضوع ، ونبدأ بتعريف الغنة​



: تعريف الغنة لغة: قال صاحب لسان العرب​


الغُنَّة صوت في الخَيْشُوم وقيل صوت في هترخيمٌ نحوَالخياشيم تكون مننفس الأَنف وقيلا لغُنَّة أَن يجري الكلامُ في اللَّهاةِ وهيأَ قل من الخُنَّة المبرد الغُنَّة أَن يُشْرَبَ الحرفُ صوتَ الخيشوم والخُنَّة أَشد منهاوالترخيم حذف الكلام غَنَّ يَغَنُّو هو أغنُّ وقيل ا الأَغَنُّ الذي يخرج كلامه من خياشيمه وظبيأَ غَنُّ يخرج صوته من خَيْشومه..."13/315​



واصطلاحا : صوت أغن مركب في جسم النون ولو تنويناًوالميم مطلقاً - أي إن صوت الغنة صفة لازمة للنون والميم سواء كانتا متحركتين أوساكنتين مظهرتين أومدغمتين أومخفاتين" هدايةالقاري​


أحرف الغنة: النونالساكنةـولوتنويناـأوالمتحركةـكماسنبينهـ إن شاء ـوالميمكذلك .​


قال الخليل: النون أشد الحروف غُنَّةً." العين 1/342​



مخرج الغنة : قال في التمهيد : واعلم أن الغنة تخرج من الخيشوم، كما تقدم، والخيشوم خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم"​


قال المرصفي : المسألة الثالثة: في مخرج الغنة
أما مخرجها فمن الخيشوم كما تقدم في المخارج وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم. وقيل هو أقصى الأنف - أي إن صوت الغنة بجميع أحواله يخرج من الخيشوم ودليل ذلك أنه أمسك الأنف لا نحبس خروجه مطلقاً حتى في حال ضعفه عند تحريك النون والميم مخففتين أو سكونهما مظهرتين كما يشهد بذلك النطق."ا.هـ

قالوا عن النون :

قال البقاعي في نظم الدرر عند حديثه عن النون في تفسيره لقوله تعالي في أول سورة القلم "ن والقلم وما يسطرون " :"
ولما كان هذا الحرف آية الكشف للأشياء كان مخرجه أمكن المخارج وأيسرها وأخفها وأوسعها وهو رأس المقول ، فإنه يخرج مما بين طرف اللسان وفويق الثنايا من اللثة ، وهو أخرج من مخرج اللام ومن مخرج الراء أيضاً ، وتسمى هذه الحروف الثلاثة الزلقية مع بقية حروف « فر من لب » لأن طرف كل شيء زلقة ، والنون أمكنها في هذا المخرج وأشدها انطباقاً فيما بين اللسان واللثة ، وهو مما كرر مسماه في اسمه فانتهى إلى حيث ابتدأ ، واختص بكون عماده وقوامه الحرف الأقوى الأظهر ذا الرفعة والعلو وهو الواو والزلقية التي هو أحدها ضد المصمتة وهي أخف الحروف على اللسان وأكثرها امتزاجاً بغيرها ، وأما المصمتة فمنعت أن تنفرد بنفسها في لغة العرب في كلمة هي أكثر من ثلاثة أحرف ، بل لا بد أن يكون معها بعض الزلقية ، والألف خارجة عن الصنفين لأنها مجرد إهواء لا مستقر لها ، فقد ناسبت بمخرجها لسعته وخفته ووصفها بالزلاقة التي تقع لما اتصف بها من الحروف الكمال غنية عن سواها ولا يقع لما لم يخالطها كمال فيما ذكر ما ذكر من أن معناها البيان والإظهار ومن صفاتها الجهر وبين الشدة والرخاوة والانفتاح والاستفال ، والغنة الخارجة من الخيشوم إذا سكن ، وكل هذا واضح في العلم الذي له الاتساع والانتشار والتغلغل في الأشياء الباطنة ، ويشاركه الميم في الغنة كما أنه يشاركه في أن له حظاً من الظهور والنون وهو الأصل في الغنة كما أنه الأصل في الظهور لما له من العلو بالعماد ، وهو أيضاً من حروف الذبذبة والزيادة التي لا تستقر على حال فتقع مرة زوائد وأخرى أصولاً كما أن العلم أيضاً كذلك لا استقرار له بل مهما وسعته اتسع ، ومهما تركته اضمحل وانجمع ، وهو من حروف الأبدال التي تبدل من غيرها ولا يكون غيرها بدلاً منها فلازب ولازم الميم بدل من الباء بخلاف العكس كما أن العلم أصل يتبعه غيره ولا يكون هو تابعاً لغيره ، وهو من الحروف الصحيحة وليست معتلة ، والعلم جدير بهذا الوصف وهو إذا كان مخفي من الحروف المشربة ويقال لها المخالطة - بكسر اللام وفتحها ، وهي التي اتسعت فيها العرب فزادتها على التسعة والعشرين المستعملة وهي من الحروف الصم وهي ما عدا الحلقية ، سميت بذلك لتمكنها في خروجها من الفم واستحكامها فيه ، يقال للمحكم المصمت والعلم أشد ما يكون مناسبة لهذا الوصف ، فقد انطبقت بمخرجها وجميع صفاتها على العلم الذي هو مقصود السورة فتبين حقاً أنه مقصودها ، وأما رتبة القلم في بيان العلم وإظهاره وكشف خفاياه وأسراره وبثه وإشهاره فهي بحيث لا يجهلها أحد اتصف بالعقل ، ومما يختص به هذا الحرف أنه يصحب كل حرف لأن حده هو ما يعبر عنه التنوين الذي انتظامه بالحركات هو ما آيته العلم المكمل به الحياة التي هي آية ما يعبر عنه هذه الحركات ، فلما كانت هذه الحركات آية على ما هو الحياة كان التنوين عقبها آية على ما به كمال الحياة من العلم ، وهو سبب لما به القيام من الظهور ، ومن معناه اسمه تعالى النور ، ثم هو اسم لكل ما يظهر ما خفي باطناً كالعلم في الإدراك الذي تظهر حقائق الأشياء به ، وظاهراً كالنيرين للعيون ، وسائر الأنوار الظاهرة والباطنة ، وما هو وسيلة الظهور كالعيون مما به تشاهد الأشياء ويظهر به صورها ، والدواة التي منها مداد ما كتب بالقلم في العوالم أعلاها وأدناها وكل آلة يتوصل بها إلى إظهار صورة تكون تماماً كماء المزن الذي هو مداد كل شيء كوّن الله به الكائنات والبادئات « وجعلنا من الماء كل شيء حي » ومنه معنى النجم النباتي الذي هو للشجر بمنزلة الفول للبشر متلبساً بالنور - بالفتح - الذي فيه حظ من النور - بالضم - والذرء الذي هو ظاهر في نفسه مظهر لطرق الاهتداء ، وكذلك الأمر في النار المخلصة من رتبة ظلمتها التي هي غايتها بالرماد ، وابتداؤها بما يخرج منه من شج )) ا.هـ 9/ 115

الفرق بين الغنة والمد :
 
جزاك الله خيراً على هذا الجهد المتميز ، وأسأل الله تعالى أن يبلغك ما تسعى إليه وتريد ، إنه فعال لما يريد .
 
[align=justify]


الفرق بين الغنة والمد :



قال العلامة المسعدي تحت باب تنبيهات :



الأول : الغنة صوت يشبه صوت الغزال حين ضاع ولدها وهي صفة ذاتية للميم والنون ولو تنوينا قوية فيهما ومن ثم جذبتها حالة الإخفاء أو ما في حكمها من الإدغام بالغنة من مخرجهما الأصلي وحولتهما إلي الخيشوم علي الصحيح كما أن صفة المد جذبت الواو والياء من مخرجهما الأصلي وحولتهما إلي الجوف علي الصحيح قاله الناظم ـ رحمه الله ـ أما حالة الإظهار فلم تقو الغنة فيهما فلم تحولا حينئذ عن مخرجهما الأصلي ، وكذلك الواو والياء إذا لم يكونا حرفي مد لم يتحولا إلي الجوف لعدم المقتضي لذلك .



الثاني : الغنة تجري في الخيشوم كجريان المد في الجوف فمن ثم كانت الغنة شبيهة .



1. إن حروف المد تمنع الإدغام بخلاف حروف الغنة .


2. إن الغنة صفة ذاتية في حرفيها ، وأما المد فصفة ذاتية في بعض حروفه وهو الألف وعرضية الواو والياء إذا تحركتا مثلا .


3. حروف المد بمنزلة الحركة في الفصل بين الساكنين ، وحروف الغنة ليست كذلك فلا يقال في نحو :( أنت) وقفا مثلا : الغنة فصلت بين الساكنين ، إذ النون ساكنة والتاء ساكنة ، واجتماع الساكنين علي غير حده مرفوض في غير الوقف ، أما في الوقف فمغتفر (الحمد) وقفا .


4. لا يجوز مط الغنة في حرفيها كالمد في حروفه لعدم الرواية بذلك )) انتهي بتصرف نقلا عن كتاب الفوائد التجويدية " للشيخ عبد الرزاق علي موسي صـ 40



أقول : وقد زاد بعضهم بأن الغنة تتبع ما بعدها والمد تابع لما قبله ـ أي الألف ـ



وأما قوله " واجتماع الساكنين علي غير حده مرفوض في غير الوقف" هذا الكلام كلام النحاة ، ويقصدون بقولهم : علي غير حده " أن يكون الساكن الأول حرف مد مثل "الضالين " وأشباهها وصلا وهذا حده عندهم ،و(غير حده) يقصدون به أن يكون الساكنان حرفين صحيحين ـ أي ليس الأول حرف مد ـ ، وقد تواترت القراءات الصحيحة عن القراء بجواز اجتماع الساكنين علي غير حده مثل" نعما ـ بإسكان العين والميم الأولي المدغمة ـ ومثل تاءات البزي ، ويهدي وغيرها من الكلمات وقد وفينا هذه المسألة في بحث " رسالة فاصلة في التقاء الأحرف الساكنة " فراجعه



الإظهار:
معنى الإظهار في اللغة : البيان ،
وفي اصطلاح القراء :
إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحرف المظهر ـ وأحرفه ستة وهي : الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء ، فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الستة بعد النون الساكنة سواء أكانا في كلمة أم في كلمتين ـ أو بعد التنوين ، ولا يكونان إلا في كلمتين وجب إظهار هذه النون ، ووجب إظهار هذا التنوين ـو يسمى ذلك الإظهار : إظهارا حلقيا لخروج أحرفه من الحلق ـ وهذه الأحرف رتبت حسب مخارجها ، فالهمز والهاء يخرجان من أقصى الحلق ، والعين والحاء يخرجان من وسط الحلق ، والغين والخاء يخرجان من أدنى الحلق .)) انظر التحفة العنبرية




اختلفوا في عدد أحرف الإظهار:



فذكربعضهم : أنها ستة وهذا ما عليه الجمهور



وعند أبي جعفرالقارئ أربعة وجعل الخاءوالغين من حروف الإخفاء .



واختلف عن أبي جعفر في ثلاث كلمات "إن يكن غنيا أو فقيرا "النساء 135 و"فسينغضون " الإسراء 51 و"المنخنقة " المائدة 3 بلا خلاف من طريق الدرة في الثلاث كلمات "وبغين خا الاخفا سوي ينغض يكن منخنق ألا" وبالخلاف من طريق الطيبة فيهن. " لا منخنق ينغض يكن بعض أبي "


قال الداني في جامع البيان:" واختلف عن نافع عند ثلاثة أحرف منها وهي الهمزة والخاء والغين فروي ورش عنه أنه ألقي الهمزة علي النون الساكنة والتنوين وأسقطها من اللفظ لثقلها . وروي المسيبي عنه أنه أخفي النون والتنوين عند الخاء والغين في المتصل والمنفصل جميعا لقربهما من أقصي اللسان القاف والكاف ،وكذلك روي ابن شنبوذ عن أبي حسان عن أبي نشيط عن قالون ،ومحمد ابن سعدان عن أبي عمرو أنه أخفاها عند الخاء وحدها ،وبإظهارها عندهما قرأت إلا في رواية المسيبي وحده ..ـ ثم ذكر يكن وينغض دون ذكر المنخنقة.."صـ292،293

وقال في النشر : " وانفرد ابن مهران عن ابن بويان عن أبي نشيط عن قالون بالإخفاء أيضاً عند الغين والخاء في جميع القرآن ولم يستثن شيئاً واتبعه على ذلك أبو القاسم الهذلي في كامله." 2/79


أقول : والمعمول عن نافع الإظهار في الستة أحرف إلا ورشا نقل حركة الهمزة للنون كما سبق .




إذن في الإظهار الخلاف كالآتي:


1 ـ الجمهور علي الإظهار عند الستة أحرف


2 ـ ورش نقل الحركة عند الهمزة ولا يسكن النون والتنوين


3 ـ أبو جعفر أظهر في دون الخاء والغين


4 ـ ومحمد ابن سعدان عن أبي عمرو أنه أخفاها عند الخاء وحدها.​

5. وانفرد ابن مهران عن ابن بويان عن أبي نشيط عن قالون بالإخفاء أيضاً عند الغين والخاء في جميع القرآن ولم يستثن شيئاً واتبعه على ذلك أبو القاسم الهذلي في كامله .

أقول : وليس عليه العمل بالنسبة لقالون وأبي عمرو

[/align]
 
الغنة في حالة الإظهار :
اختلفوا هل الغنة موجودة في النون الساكنة والتنوين في حال إظهارها أم لا ؟

قال د/ حميتو :" وقد اختلف في بقاء الغنة في النون والتنوين عند الإظهار، والذي ذهب إليه أبو عمرو الداني وغيره بقاء الغنة قال في "الاقتصاد" : وإذا أظهرا كان مخرجهما من طرف اللسان مع صوت من الأنف"([1]).
وقال ابن أبي السداد في "شرح التيسير" : "وحقيقة الإظهار إنما تحصل بأن يلصق طرف اللسان في مقدم الفم، ولا بد معها من جريان صوت الغنة في الأنف"([2]).
وعموم قول أبي عمرو في "المنبهة" يدل على ما قاله في "الاقتصاد" و"ذهب إليه ابن أبي السداد، قال في ذلك : "واعلم هداك الله أن الغنة صوت من الأنف فكن ذا فطنة
إلى أن قال : والنون في النطق له صوتان*** صوت من الأنف وصوت ثان
مخرجه من داخل الخيشوم *** وهو الذي يفضي إلى الحلقوم
ومراد أبي عمرو بقوله : "إن الغنة من صفة النون "أنها داخلة في بنيتها التركيبية إذ لا تفارقها مظهرة ولا مدغمة.
وقال مكي في "الرعاية" في حديثه عن النون : "وهي متوسطة القوة، وفيها إذا سكنت غنة تخرج من الخياشيم، فذلك مما يزيد في قوتها، والخفيفة منها مخرجها من الخياشيم من غير مخرج المتحركة"([3]).
وقال أبو الفضل بن المجراد : "وكان الشيخ أبو القاسم ـ يعني الشاطبي ـ يقتضي أن لاغنة مع الإظهار لأنه قال في باب مخارج الحروف :
وغنة تنوين ونون وميم إن *** سكن ولا إظهار في الأنف يجتلي"

فاشترط أن تكون تلك الأحرف سواكن، وأن تكون غير مظهرات، هذا مقتضى كلام الفاسي وأبي شامة ومن تبعهما من شراحها في ذلك، وهو أيضا ظاهر كلام مكي في "التنبيه" "حيث قال:
" فأما النون في نفسها والتنوين إذا أدغمتهما فيما بعدهما فإنهما يصيران من مخرج الحرف الذي أدغما فيه لأنهما ينقلبان حرفا مثله، فأما إذا أظهرتهما فإن مخرجهما في حال الإظهار خاصة من مخرج النون المتحركة، وذلك من طرف اللسان بينه وبين فوق الثنايا العليا ومخرج النون الساكنة والتنوين في حال الإخفاء من الخياشيم لا غير ".
قال ابن المجراد:
"فجعل مخرج النون والتنوين في حال الإظهار من طرف اللسان خاصة ، فيظهر منه أن لا مخرج لهما في الخيشوم، وهو خلاف ما ذكر في "الكشف"كما نقلنا([4]).
"والصحيح ما قاله الشاطبي ومن وافقه، وقد نقل ذلك أبو شامة نصا عن الداني رحمه الله عند كلامه على بيت الشاطبي المذكور"([5]).
قلت: "إشارة ابن المجراد إلى ما نقله أبو شامة عند البيت المذكور للشاطبي حيث قال:
"وقوله" إن سكن ولا إظهار": بيان للحالة التي تصحب الغنة لهذه الأحرف، لأن هذه الحروف ليست لازمة للغنة لا تنفك عنها([6])، فقال : شرطها أن يكن سواكن، وأن يكن مخفيات أو مدغمات، إلا في موضع نصوا على الإدغام فيه يعبر عنه أو اختلف في ذلك على ما مضى شرحه في باب أحكام النون الساكنة والتنوين.
"فإن كن مظهرات أو متحركات فلا غنة..ثم قال :
"قال الشيخ أبو عمرو في شرح هذه الغنة المسماة بالنون الخفيفه : هذه النون التي مر ذكرها، فإن ذلك من الفم، وهذه من الخيشوم- قال: وشرط هذه أن يكون بعدها حرف الفم ليصح إخفاؤها، فإن كان بعدها حرف من حروف الحلق أو كانت آخر الكلام وجب أن تكون الأولى([7])، فإذا قلت "عنك" و"منك" فمخرج هذه النون من الخيشوم، وليست تلك النون في التخفيف([8])، فإذا قلت "من خلق" و"من أبوك" فهذه هي النون التي مخرجها من الفم، وكذلك إذا قلت "أعلن" وشبهه مما يكون آخر الكلام وجب أن تكون هي الأولى أيضا"([9]).)) ا.هـ
قال ابن الجزري في التمهيد :" وقد ذكر بعض القراء في كتبهم أن الغنة باقية فيهما، وذكر شيخ الداني، فارس بن أحمد، في مصنف له أن الغنة ساقطة منهما إذا أظهرا، وهو مذهب النحاة، وبه صرحوا في كتبهم، وبه قرأت على كل شيوخي ما عدا قراءة يزيد والمسيبي. ))
وعلق محمد مكي نصر علي هذا الخلاف قائلا :
قال المرعشي : ويمكن أن يكون النزاع لفظيا ، لأن من قال ببقائها أراد عدم انفكاك أصل الغنة عن النون ولو تنوينا، ومن قال بسقوطها أراد عدم ظهورها )) ا.هـ نهاية القول المفيد صـ158
اختلفوا في سبب الإظهار .
قال بعضهم : الإظهار هو الأصل ، لأن الأصل لا سبب له ، وذكر في تنبيه الغافلين عند حديثه عن الإظهار قال : و الإظهار هو الأصل .
وقال بعضهم سبب الإظهار التباعد في المخرج ، قال المالقي :" وأما الإظهار فلبعد المخرج . "
أقول : والذين ذكروا بُعد المخرج فلربما من باب تميم الفائدة ، حيث إنهم وجدوا لكل حكم سببا وعلة ، فمن هنا ذكروا سببا للإظهار . وإلا فالأحرف علي أصلها والإظهار أصل ، ويشكل أيضا غنة الخاء والغين عند أبي جعفر عند من قال بالبعد رغم ما تأولوه من قربهما من أقصي اللسان ، وأطلق بعضهم التقارب النسبي .قال الضباع في الإضاءة :" والإظهار هو الأصل لعدم احتياجه إلى سبب والإدغام فرعه لاحتياجه إليه كما سيأتي.‏
والله أعلم

[1]- نقله المنتوري في شرح ابن بري لوحة 205.

[2]- الدر النثير 3/137.

[3]-الرعاية 193.

[4]-يريد قوله في "الكشف" 1/163 "لأنك إذا أدغمت في حرفين فيهما غنة، وذلك الميم والنون، فبالإدغام تلزم الغنة، لأنهما باقية غير مدغمة، وبالإظهار أيضا تلزم الغنة، لأن الأول حرف تلزمه الغنة، ومثله الثاني، فالغنة لا بد منها ظاهزة أدغمت أو لم تدغم". يعني بذلك الإدغام في "من نور" "ومن ماء" ونحوهما.

[5]-إيضاح الأسرار والبدائع لابن المجراد لوحة 94.

[6]- هذا خلاف ما تقدم من قول مكي وأبي عمرو، وهو أيضا قول الأخفش كما قال أبو عمرو في المنبهة : "وزعم الأخفش أن الغنة... رغم بلفظ النون فاعلمنه"..

[7]- يعني النون المظمرة المعبر عنها بالخفيفة في اصطلاحهم.

[8]- في إبراز المعاني المطبوع "التحقيق" بقافين، وهو تصحيف كما يظهر، إذ المراد "التخفيف أي الإظهار.

[9]- إبراز المعاني 750.
 
الإدغام :

تعريف الإدغام : لغة الإدخال
اصطلاحا : قال د/ الجنابى " صاحب الدراسات اللغوية " : " . ولعل أول من عرّف الإدغام تعريفا يجمع بين وضوح الفكرة ودقة الصياغة " أبو بكر بن مجاهد " حيث قال : " الإدغام تقريب الحرف من الحرف إذا قرب مخرجه في مخارج اللسان كراهية أن يعمل اللسان في حرف واحد مرتين فيثقل عليه " ا . هــ صــ 46

حروف الإدغام : ستة أحرف ( النون والميم والياء والواو والراء واللام )

اختلفوا في عدد الأحرف : -
ذهبت طائفة : إلي أنّ أحرف الإدغام خمسة أحرف وأخرجوا (النون ) ...... قال الداني ـ في جامع البيان ـ: ( والحال الثانية ـ أي بعد حال الإظهار ـ : أن يكونا مدغمين بإجماع ، وذلك عند خمسة أحرف يجمعها قولك " لم يرو " اللام والراء والميم والياء والواو إذا كانت النون معهن من كلمتين لا غير ..ثم قال أبو عمرو : تدغم النون الساكنة والتنوين في ستة أحرف فيزيدون النون ... وزعم بعضهم أن مجاهد جمع الستة الأحرف في كلمة " يرملون " وذلك غير صحيح ... ثم قال أبو عمرو : إذ لا معني لذكرها معهن ، لأنها إذا أتت ساكنة ولقيت مثلها لم يكن بدًّ من إدغامها فيها صورة وكذلك التنوين كسائر المثلين إذا التقيا وسكن الأول منهما ... هذا مما لا خلاف فيه بين علمائنا من القراء والنحويين ، ولو صح أن ابن مجاهد جمع كلمة " يرملون " الستة أحرف لكان إنما جمع منها النون وما يدغم فيه ، سمعت أبا الحسن بن سليمان المقرئ يقول ذلك .) صـ293/ 294

قال المالقي في الدر النثير :" القسم الأول : المتفق علي الإدغام فيه ستة أحرف ...يجمعها علي هذا الترتيب قولك : نمل روي . صـ444

وقال آخرون مجموعة في كلمة " يرملون " كما قال ابن مجاهد وأنكرها الداني .
وهذا خلاف لفظي لأن الكل يقول بغنة النون مع النون سواء كان من باب الإدغام أم من باب المثلين الصغير

1. النون مع النون :
( من نّعمة ــ من نّبي )
اختلفوا هل الغنة في حالة الإدغام غنة الحرف الأول أم الثاني وهو المعبر عنهما بالكامل و الناقص ــ أم الغنة بينهما ؟؟

ذهب جماعة من القراء إلي أن الغنة المسموعة غنة النون الأولي ـ فيكون إدغاما ناقصا ــ ، وذهب آخرون إلي أن الغنة المسموعة غنة النون الثانية ـ فيكون إدغاما كاملا .

قال مكي في الرعاية :" إنهما يدغمان في النون والميم مع إظهار الغنة في نفس الحرف الأول فيكون ذلك إدغاما غير مستكمل التشديد لبقاء بعض الحرف غير مدغم وهو الغنة "صـ128 وقال ابن كيسان وغيره بكلام مكي

وقال أبو شامة : وأما عند النون والميم فهو إدغام محض لأن في كل واحد من المدغم والمدغم فيه غنة وإذا ذهبت إحداهما بالإدغام بقيت الأخرى .."صـ201
قال المرصفي :" ... اتفق أهل الأداء على أن الغنة الظاهرة في حالة إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء غنة المدغم وهو النون الساكنة والتنوين. وفي حالة إدغامها في النون غنة المدغم فيه وهو النون من ينمو. " ا.هـ

أقول : وقول المرصفي : وفي حالة إدغامها في النون غنة المدغم فيه وهو النون من ينمو. " فيه نظر لأنهم لم يتفقوا في هذه الحالة حيث ذهب فريق إلي أنه غنة النون الأولي وذهب الجمهور بأنها غنة الثانية . ومع كل فالخلاف لفظي لا يترتب عليه شئ من الجهة العملية .


والجمهور علي القول الثاني ـ إدغام كامل ـ وكذا في رسم المصحف وضعوا الشدة علي الحرف الثاني ..أفادني به الشيخ الجوهري ـ رحمه الله ـ وهذا إجماع من وضعوا التشكيل في المصحف .

وهناك قول ثالث في أن الغنة تكون بين الحرفين ولم يلق هذا القول اهتماما ، قال ا.د غانم قدوري :" وذكر مكي في كتابه الكشف فقال :" لكن الغنة ظاهرة مع اللفظ بالمشدد لا في نفس الحرف الأول كأنها بين الحرفين المدغمين " ا.هـ1/164

وأشار ابن الباذش في " الإقناع " فقال:" إن الغنة بين الحرفين وليست في نفس الحرف الأول " 1/253

ويمكن أن يكون هذا الكلام السابق قولا ثالثا في المسألة وقد علل د/ غانم قدوري لهذه الفكرة قائلا : " ولم تنل هذه الفكرة عند علماء التجويد إلا قليلا من الاهتمام ، على الرغم من أن بعضهم نص على أن الغنة الظاهر عند إدغام النون فى الواو والياء هى غنة النون ، لكن ذلك لم يكن في معرض الحديث عن الفكرة التي ذكر سيبويه . قال عبد الوهاب القرطبى " فالغنة تقدر باقية من النون ، وإن كانت قد انقلبت واوا أو ياء . ومثله ( أحطت ) و( فرطت )9 فإن الطاء تدغم بإبقاء شائبة منها مع أنها تنقلب تاء ، والإطباق لها للتاء .

وقال السمرقندى " وهذه الغنة التى بقيت مع الواو والياء غنة النون التنوين ، إذ لا غنة للواو والياء أصلا " وكان الدانى قد قال قولا عاما فى الغنة ، وهو " إذ غير ممكن أن تكون منفردة في غير حرف أو مخالطة لحرف لا غنة فيه ، لأنها مما تختص به النون والميم لا غير " الدراسات الصوتية صـ372
هذا القول وإن صلح في الواو والياء ولكنها غير صالحة في النون والميم بسبب الإدغام المحض والغنة الخارجة غنة أحدهما وارجع لقول أبي شامة السابق .

النون الساكنة والتنوين مع الميم :

اختلفوا إذا أدغمنا النون في الميم هل ندغمها بغنة أم بغيرها ؟؟

ذهب جمهور أهل الأداء إلي أن الغنة باقية في هذه الحالة ـ أي إدغام بغنة عند ملاقاتهما للميم .
قال الداني : " ... فأما ما رواه محمد بن يونس عن ابن غالب عن الأعشى ، وما رواه الحسن بن داود عن محمد بن لاحق عن سليم من إدغام الغنة وإذهابها عند الميم ، فلا يصغي إليه إذ لا يطوع لسان به في الفطرة لطاقته مع خروجه مما انعقد عليه إجماع القراء والنحويين ." انظر جامع البيان للداني صـ 299/300

واختلفوا أيضا في الغنة نفسها هل هي غنة النون أم الميم ؟؟

قال الداني في جامع البيان : ومذهب أبي الحسن بن كيسان أن الغنة الظاهرة مع الإدغام هي غنة النون والتنوين لا غنة الميم ، لأنه إنما أجاز إدغامهما فيها من أجلها ، فلم يكن ليذهب ما أوجب الإدغام ، وتابعه ابن مجاهد علي ذلك ..ثم ذكر علة ابن مجاهد :لأن الميم غنة من الأنف ومن أجل الغنة أدغمت النون في الميم ، لأنها أختها فلا يقدر أحد أن يأتي ب"عمّن" بغير غنة لقلة غنة الميم يعني المنقلبة ..( ثم رجح الداني مذهب الجمهور بأنها غنة الميم) " صـ 298

قال ابن الجزري في التمهيد :" واختلف أهل الأداء في الغنة التي تظهر مع إدغام التنوين والنون في الميم، هل هي غنتهما أو غنته؟ فذهب ابن كيسان وموافقوه إلى أنها غنة النون. وذهب الداني وغيره إلى أنها غنة الميم. وبه أقول، لأن النون قد زال لفظها بالقلب، وصار مخرجهما من مخرج الميم، فالغنة له. " صـ 105

وقال صاحب هداية القاري :" واختلفوا في حالة إدغامهما في الميم فذهب بعضهم إلى أنها غنة المدغم وذهب آخرون إلى أنها غنة المدغم فيه وهو الميم لا غنة النون وهذا هو الصحيح المعول عليه وبه قال الجمهور وذلك لأن النون الساكنة والتنوين حالة إدغامهما في الميم انقلبا إلى لفظها وهذا واضح بأدنى تأمل عند النطق بنحو {مِّن مَّالِ ?للَّهِ} {مَثَلاً مَّا} والله أعلم."ا.هـ
والخلاف في ذلك لفظي ويترتب عليه خلاف في التسمية فقط ، فمن قال هي غنة الأولي عنده الإدغام ناقص ، والقائل بأنها الثانية عنده الإدغام كامل .
قال السمنودي : (ذَا نَاقِصٌ إِنْ يَبْقَ وَصْفُ المُدْغَمِ ** وَكَامِلٌ إِنْ يُمْحَ ذَا فَلْيُعْلَمِ )




النون الساكنة والتنوين مع النون من باب المثلين الصغير ، والنون الساكنة والتنوين مع الميم من باب المتجانسين الصغير ، والتجانس من جهة الصفة وليست من جهة المخرج لأنه صفاتهما واحدة قال الضباع :" المتجانسان هما الحرفان اللذان اتفقا مخرجا واختلفا صفة أو العكس " الإضاءة في أصول القراءة . والله أعلم

اتفقوا في إظهار النون الساكنة مع الميم في كلمة مثل :" شاة زنْما " ولا مثال لها في القرآن . وكذا لا مثال للتنوين قبل النون والميم في كلمة ، لأن التنوين لا يكون إلا آخرا .
فائدة :
قال المرصفي :" الأول: يستثنى من الإدغام بالغنة إدغام النون الساكنة في الواو في قوله تعالى: { يس (1) وَالْقُرْآنِ ?لْحَكِيمِ}. { ن? وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} عند من أظهر النون فيهما ومنهم حفص عاصم خلافاً للقاعدة السابقة ووفاقاً للرواية كما أنه استثنى من قاعدة اجتماع المدغم فيه في كلمة واحدة النون مع الميم من هجاء "طَسَمَ" فاتحة الشعراء والقصص فأدغمها كل القراء إلا حمزة وأبا جعفر فأظهراها خلافاً للقاعدة ووفاقاً للرواية كذلك." ا.هـ

والسلام عليكم



.
 
النون مع الياء والواو :
اتفقوا في إدغامهما من كلمتين ، واتفقوا أيضا في إظهارها من كلمة مثل :" صنوان ـ قنوان ـ بنيان ـ دنيا " ولا خامس لهما في القرآن مع مراعاة تصريفات بنيان
وهذا بخلاف الحكم في الحروف المقطعة مثل ( يس والقرآن ، ن والقلم ) وهذه تعد أحرفا وليست كلمات ، وألحق البعض هذه الأحرف المقطعة في أحكام النون الساكنة والتنوين كما سنري ـ إن شاء الله ـ
.قال المالقي في الدر النثير والعذب النمير .." "واعلم أنه لا خلاف في إظهار النون المتصلة بالياء والواو في كلمة، وكان ينبغي للحافظ أن يذكره في "التيسير" كما ذكره في غيره، ولا خلاف في إدغام ما عداها من سائر الأمثلة المذكورة وما أشبهها بعد النون المنفصلة والتنوين"أ.هـ .
وقال أبو وكيل في التحفة :
فإن تكن مع نونها متصلة ** كقوله" الدنيا" و"صنوان" اعرف
فحكمها الإظهار عند النقلة **مخافة الإلباس بالمضعف"

واختلفوا هل الإدغام فيهما بغنة أو بغير غنة ؟؟ .

ذهب الجمهور إلي إدغامها في الياء والواو بغنة إلا ما كان من خلف عن حمزة أدغمها فيهما بغير غنة قولا واحدا ، وذهب الضرير من طريق دوري الكسائي إلي إدغامها بغير غنة في الياء فقط . ـ من طريق الطيبة ـ .

ونقل الداني في جامع البيان عن خلاد أنه أدغم مثل الضرير . "
قلت: وما نقل عن خلاد غير معمول به .

وقال أيضا :" وزاد ابن كيسة عليهم فقال:" يفعل ذلك في النصب والخفض ، فأما الرفع فإنه يزيده إدغاما حتى يخيل إليك أنه ليس في الحرف تنوين رأسا مثل ( نذير وبشير ، وحميم وغساق) ." ا.هـ صـ296


واختلفوا في تسمية الإدغام بغنة فيهما ـ أي الواو والياء ـ :

قال بعضهم : إنه إدغام بغنة ، وقال آخرون : إنه إخفاء . والعمل علي الأول .

أدلة القائلين بأنه إخفاء :
قال أبو عمرو الداني في جامع البيان : فمن أبقي غنة النون التنوين مع الإدغام لم يكن ذلك إدغاما صحيحا في مذهبه ، لأن الإدغام الصحيح ألا يبقي فيه من الحرف المدغم أثرا ، إذا كان لفظه ينقلب إلي لفظ المدغم فيه ،ويصير مخرجه من مخرجه ، بل هو في الحقيقة كالإخفاء الذي يمتنع فيه الحرف من القلب لظهور صوت المدغم ،وهو الغنة ، ألا تري أن من أدغم النون والتنوين ولم يبق غنتهما قلبهما حرفا خالصا من غير جنس ما يدغمان فيه ، فعدمت الغنة بذلك رأسا في مذهبه إذ غير متمكن أن تكون منفردة في غير حرف أو مخالطة لحرف لا غنة فه ، لأنهما مما يختص به النون والميم لا غير .

وإذا كان كذلك صح أنه متي ظهرت الغنة مع اإدغام ، فالنون والتنوين لم ينقلبا حرفا خالصا ، وإذا امتنعنا من القلب الخالص امتنعنا من الإدغام التام إلا أنه لابد مع ذلك من تشديد يسير وهذا مذهب الحذاق من أئمتنا وأهل التحصل من النحويين ... ثم ذكر أبو عمرو "ألا تري الحسن بن داود كيف جمع بين ما يدغم فيه النون والتنوين ويبقي غنتهما وبين ما يخفيان عنده ولا يدغمان رأسا وأشار في العبارة وسوي بين حكمهما في النوعين وأطلق الإخفاء عليها في الضربين وذلك لما اشتركا فيهما في بيان الصوت وامتناع القلب وقد كشف ذلك ورفع الإشكال في حقيقته أحمد بن يعقوب التائب ، فقال عن نافع ومن تابعه علي بيان الغنة عند الياء والواو ويجعلون النون غنة مخفاة غير مدغمة لأنهم لو أدغموها لذهبت الغنة ، فصارت الياء والواو مشدّدتين لانقلاب النون ياء أو واوا واندغامها فهما .

وقد أوضح صحة ذلك وأبانا على حقيقته عبارة المصنفين عن المدغم بغنة ابالأخفاء لا وعن المدغم بغنة الأخفاء وعن المدغم بغير غنة ا[الإدغام قال لى الحسن أبن على قال ثنا أحمد أبن نصر الأخفاء ما يبقا معه غنة قال ابن مجاهد فى كتاب قراءات نافع : كان نافع يدغم النون عند الميم والراء ويخفيها عند اللام والواو والياء وثنا أبو الفتخ فارس أبن أحمد قال ثنا عبد الباقي أبن الحسن المقرئ قال : والغنة أذا ثبتت فى الوصل يعنى غنة النون الساكنة والتنون لم يشدد الحرف ولفظه به بتشديد يسير وإذا حذفت الغنة شدد الحرف ،فإن قال قائل : إن محمد بن أحمد قال قد حدثكم عن ابن مجاهد أن الواو مع النون والتنوين مشددة لدخولها فيهما ، فلا بد من تشديهما ، فهذا يرد ما حكيته وقررت بصحته ؟ قلت : ليس يراد كذك إذا كان ما حكاه من التشديد للواو ، وإدخال النون والتنوين ، فيها إنما علي مذهب من ترك الغنة وأذهبها رأسا لا غير، وذلك مما لا خلاف فيه . " ا.هـ صـ 299

قال السخاوي :.. اعلم أن حقيقة ذلك في الواو والياء إخفاء لا إدغام وإنما يقولون له إدغام مجازا وهو في الحقيقة إخفاء على مذهب من يبين الغنة لأن ظهور الغنة يمنع تمحض الإدغام لأنه لا بد من تشديد يسير فيهما وهو قول الأكابر قالوا الإخفاء ما بقيت معه الغنة وأما عند النون والميم فهو إدغام محض لأن في كل واحد من المدغم والمدغم فيه غنة وإذا ذهبت إحداهما بالإدغام بقيت الأخرى وخلف أدغمهما عند الواو والياء بلا غنة كما يفعل عند اللام والراء فهو إدغام محض على قراءته وقوله دونها أي دون الغنة وفي اللغة حذف الغنة وإبقاؤها جائز عند الحروف الستة ويستثنى مما نسبه في هذا البيت إلى الكل وإلى خلف ما سبق ذكره من نوني يس ون والقلم ." 1/ 453
أدلة القائلين بأنه إدغام :
يقول ابن الجزري – رحمه الله:– فى تعليقه على هذا الكلام : ( هذا إدغام ناقص فهو بمنزلة حرف الإطباق ( أحطت) والدليل وجود التشديد إذ التشديد يمنع الإخفاء والإدغام عند من أذهب الغنة كامل أ . هـ النشر في القراءات العشر

وإلي هذا القول جنح كثير من العلماء وعليه العمل بالنسبة للتسمية
 
النون مع اللام والراء :
اتفقوا علي إدغام النون الساكنة والتنوين عند اللام والراء .. قال أبو الحسن النوري : "ويقع الخطأ في هذا الباب من أوجه :
منها إظهار النون الساكنة والتنوين عند الراء واللام نحو "من ربك" و"أمة رسولها" و"محمد رسول الله" "يكن له " "أندادا ليضلوا"، وهذا لا يقوله قارئ ولا نحوي." انظر النجوم الطوالع

اختلفوا في إدغام النون مع اللام والراء ، ذهب بعضهم إلي الإدغام فيهما بغنة ، وذهب آخرون إلي الإدغام بغير غنة ، وخص بعضهم اللام دون الراء وعكس بعضهم .

قال أبو شامة في إبراز المعاني :" وَكُلُّهُمُ التَّنْوينَ وَالنُّونَ ادْغَمُوا بِلاَ غُنَّةٍ فِي الّلاَمِ وَالرَّا لِيَجْمُلاَ
أي كل القراء أدغموهما في اللام والراء للقلب وأسقطوا غنة التنوين والنون منهما لتنزلهما من اللام والراء منزلة المثل لشدة القرب والضمير في ليجملا للام والراء أو التنوين والنون ولم يقيد النون في نظمه بالسكون اجتزاء بذكر ذلك في ترجمة الباب ولو قال وقد أدغموا التنوين والنون ساكنا لحصل التقييد ولم يضر إسقاط لفظ كل لأن الضمير في أدغموا يغني عنه )) ا.هـ 1/280

وقال في النشر في ثبوت الغنة للقراء :" ...(قلت) وقد وردت الغنة مع اللام والراء عن كل من القراء وصحت من طريق كتابنا نصاً وأداء عن أهل الحجاز والشام والبصرة وحفص. وقرأت بها من رواية قالون وابن كثير وهشام وعيسى بن وردان وروح وغيرهم...)) ا.هـ 2/82


قال أبوعمرو الداني في " جامع البيان " : (... وروي ابن شنبوذ عن أصحابه عن القواس والبزي إدغامها عند الراء وحدها ... ثم نقل عن ابن مجاهد قوله : لم أر من قرأت عليه عن ابن كثير يحصل هذا " صـ 294

وقال أيضا :" ... وروي محمد بن عمر الرومي الرومي عن اليزيدي عن أبي عمرو ( البصري ) " هدي للمتقين " يدغم التنوين عند اللام ويبقي غنة . قال ابن مجاهد ولم أر أحدا حكي عن أبي عمرو هذا " ا.هـ 296

وقال أيضا :" وروي الثعلبي عن ابن ذكوان عن ابن عامر أنه يظهر التنوين ـ أعني الغنة ـ عند الياء والواو ويدغمها عند اللام ، وكذلك روي الداجوني عن أصحابه أنه أدغم الغنة عند اللام وحدها وأظهرها عند ما عداها "ا.هـ297

وقال أيضا : " ...عن ابن عامر أنه كان يدغم النون عند الراء ويبينها عند الواو واللام والياء يريدان غنتهما .."صـ298

والخلاصة في هذه المسألة والذي عليه عمل القراء كالتالي :

ذهب جمهور القراء إلي عدم الغنة مع الراء واللام ، فشعبة وحمزة والكسائي وخلف في اختياره لعدم الغنة قولا واحدا .وإن كانت محكية عن شعبة في النشر.

وذهب جمهور القراء من المتأخرين إلي عدم الغنة أيضا عن الأزرق وهو معمول به عندهم.

والباقون بالخلاف ـ والوجهان صحيحان مقروء بهما ـ والأشهر عنهم عدم الغنة .


فائدة :
وقال في النشر:
" (الرابع) إذا قرئ بإظهار الغنة من النون الساكنة والتنوين في اللام والراء السوسي وغيره عن أبي عمرو فينبغي قياساً إظهارها من النون المتحركة فيهما نحو (نؤمن لك، زين للذين، تبين له) ونحو (تأذن ربك، خزائن رحمة ربي) إذ النون من ذلك تسكن أيضاً للإدغام، وبعدم الغنة قرأت عن أبي عمرو في الساكن والمتحرك وبه آخذ. ويحتمل أن القارئ بإظهار الغنة إنما يقرأ بذلك في وجه الإظهار أي حيث لم يدغم الإدغام الكبير والله أعلم."2/88

اختلفوا هل غنة النون الساكنة مع اللام في الموصولة والمقطوعة رسما أم في المقطوعة رسما فقط ؟
قال ابن الجزري في النشر :
" (الثالث) أطلق من ذهب إلى الغنة في اللام وعمم كل موضع وينبغي تقييده بما إذا كان منفصلاً رسماً نحو (فإن لم تفعلوا، أن لا يقولوا) وما كان مثله مما ثبتت النون فيه، أما إذا كان منفصلاً رسماً نحو (فإلم يستجيبوا لكم). في هود (ألن نجعل لكم) في الكهف. ونحوه مما حذفت منه النون فإنه لا غنة فيه لمخالفة الرسم في ذلك وهذا اختيار الحافظ أبي عمرو الداني وغيره من المحققين، قال في جامع البيان واختار في مذهب من يبقى الغنة مع الإدغام عند اللام ألا يبقيها إذا عدم رسم النون في الخط لأن ذلك يؤدي إلى مخالفته للفظه بنون ليست في الكتاب. قال وذلك في قوله (فإلم يستجيبوا لكم) في هود وفي قوله (ألن نجعل لكم موعداً) في الكهف (وألن نجمع عظامه) في القيامة قال وكذلك (ألا تعولوا؛ ألا يسجدوا لله، لا تطغوا) وما أشبهه مما لم ترسم فيه النون وذلك على لغة من ترك الغنة ولم يبق للنون أثراً قال وجملة المرسوم ذلك بالنون فيما حدثنا به محمد بن علي الكاتب عن أبي بكر بن الأنباري عن أئمته عشرة مواضع: أولها في الأعراف (أن لا أقول على الله إلا الحق، وأن لا تقولوا على الله إلا الحق) وفي التوبة (أن لا ملجأ من الله) وفي هود (وأن لا إله غلا هو، وأن لا تعبدوا إلا الله) في قصة نوح عليه السلام. وفي الحج (أن لا تشرك بي شيئاً) وفي يس (أن لا تعبدوا الشيطان) وفي الدخان (وأن لا تعلموا على الله) وفي الممتحنة (على أن لا يشركن بالله شيئاً) وفي ن والقلم على (أن لا يدخلنها اليوم) قال واختلفت المصاحف في قوله في الأنبياء (أن لا إله إلا أنت) قال وقرأت الباب كله المرسوم منه بالنون والمرسوم بغير نون ببيان الغنة، وإلى الأول اذهب (قلت) وكذا قرأت أنا على بعض شيوخي بالغنة ولا آخذ به غالباً ويمكن أن يجاب عن إطلاقهم بأنهم إنما أطلقوا إدغام النون بغنة. ولا نون في المتصل منه والله أعلم." 2/82

وتعقبه المتولي في الروض النضير بقوله : " وفي هذا الاختيار نظر لما أصله في النشر في مبحث ركنية اتباع الرسم قال : وقد يوافق بعض القراءات الرسم تحقيقا ويوافقه بعضه تقديرا نحو :" ملك يوم الدين " فانه كتب بغير ألف فى جميع المصاحف فقراءة الحذف تحتمله تحقيقا كما كتب" ملك الناس" وقراءة الألف تحتمله تقديرا كما كتب" ملك الملك" فتكون الألف حذف اختصارا ، ولا شك أن القراءة بالغنة في المتصل من قبيل الثاني فتحتمل الرسم تقديرا كما كتب نحو فإن لم تفعلوا ــ أن لا ملجأ ــ وأن لن يحور ـــ فتكون النون حذفت اختصارا ولولا اعتبار النون وأن لم ترسم لما شددت اللام وحذفت نون الرفع من نحو" أن لا تطغوا في الميزان" ولما نصب الفعل بالفتحة الظاهرة في نحو" لئلا يكون للناس" مع أن ذلك بإجماع وقال أيضا علي أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة ألا تري أنه لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء" تسئلنى" في الكهف وقراءة " وأكون من الصالحين" والظاء من" بضنين" ونحو ذلك من مخالف الرسم المردود فإن الخلاف في ذلك يغتفر إذ هو قريب يرجع إلي معني واحد وتمشية صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول
وذلك بخلاف زيادة كلمة أو نقصانها وتقديمها وتأخيرها حتي لو كانت حرفا واحدا من حروف المعاني فإن حكمه في حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته " ا . هــ

قال الضباع في الفوائد المهذبة :" ... وأطلق الحكم فى المقطوع والموصول أكثر المتقدمين وإليه جنح إمامنا المتولى ونصر القول به وعليه عملنا" ا.هـ
وأخذ بذلك أيضا صاحب كتاب فريدة الدهر .
والخلاف في هذه المسألة مازال موجودا وهناك من يقرئ بالمقطوع مثل اختيار ابن الجزري وقال الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف وهذا ما أختاره ، ثم قال : وقرأنا بالوجهين .
وهناك من يأخذ بالغنة في المقطوع والموصول ، والاختياران صحيحيان وجواز الاقراء بهما . والله أعلم .
والسلام عليكم
 
القلب :
تعريفه :
لغة : التحويل

واصطلاحا : جعل أو تحويل النون الساكنة والتنوين ميما مخفاة بغنة .
اتفقوا في حرفه وهو الباء فقط .

اختلفو هل نطلق علي الحكم " الإقلاب " أم القلب ؟؟

قال صاحب النجوم والطوالع :" [1]- يذكره بعض القراء كابن الجزري في التمهيد 157 يلفظ الإقلاب ، وانتقد ابن المجراد ذلك وصحح ابن القاضي في الفجر اللغتين قال ابن المجراد : " والقلب مصدر قلب يقلب ولا يقال الإقلاب كما يقوله بعض عوام الطلبة، لأن الإقلاب وزنه إفعال بكسر الهمزة، وإفعال لا يكون مصدرا إلا لأفعل رباعيا مثل أظهر وأنذر ولم يسمع عن العرب "أقلب" رباعيا ، وإنما سمع ثلاثيا" إيضاح الأسرار والبدائع لوحة 93).

قال في الفجر الساطع : "وهذا مخالف لما يأتي إن شاء الله أنه يقال رباعيا نقله في "فتح الباري". ا.هـ

أقول : قال الحافظ في الفتح :" قَوْله ( عَنْ الْإِقْرَان )
كَذَا لِأَكْثَر الرُّوَاة وَقَدْ أَوْضَحْت فِي كِتَاب الْحَجّ أَنَّ اللُّغَة الْفُصْحَى بِغَيْرِ أَلِف ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ بِلَفْظِ " الْقُرْآن " وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد عَنْ شُعْبَة ، وَقَالَ عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر عَنْ شُعْبَة " الْإِقْرَان " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَوَقَعَ عِنْد جَمِيع رُوَاة مُسْلِم " الْإِقْرَان " وَفِي تَرْجَمَة أَبِي دَاوُدَ " بَاب الْإِقْرَان فِي التَّمْر وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة مَعْرُوفَة ، وَأَقْرَن مِنْ الرُّبَاعِيّ وَقَرَنَ مِنْ الثُّلَاثِيّ وَهُوَ الصَّوَاب ، قَالَ الْفَرَّاء : قَرَنَ بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَلَا يُقَال أَقْرَنَ ، وَإِنَّمَا يُقَال أَقْرَنَ لِمَا قُوِيَ عَلَيْهِ وَأَطَاقَهُ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) قَالَ : لَكِنْ جَاءَ فِي اللُّغَة أَقْرَنَ الدَّم فِي الْعِرْق أَيْ كَثُرَ فَيُحْمَل حَمْل الْإِقْرَان فِي الْخَبَر عَلَى ذَلِكَ ، فَيَكُون مَعْنَاهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْإِكْثَار مِنْ أَكْل التَّمْر إِذَا كَانَ مَعَ غَيْره ، وَيَرْجِع مَعْنَاهُ إِلَى الْقِرَان الْمَذْكُور . قُلْت : لَكِنْ يَصِير أَعَمّ مِنْهُ . وَالْحَقّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة مِنْ اِخْتِلَاف الرُّوَاة ، وَقَدْ مَيَّزَ أَحْمَد بَيْن مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ أَقْرَنَ وَبِلَفْظِ قَرَنَ مِنْ أَصْحَاب شُعْبَة ، وَكَذَا قَالَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَة الْقِرَان ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الشَّيْبَانِيِّ الْإِقْرَان ، وَفِي رِوَايَة مِسْعَر الْقِرَان .)) 15/ 355

وعلي ذلك جواز إطلاق قول الإقلاب عند ملاقاة النون الساكنة والتنوين للباء

اختلفوا : هل مع القلب غنة؟ أم لا ؟؟
ذهب جمهور العلماء ، بل كل من يعتد بقوله إلي أن النون الساكنة والتنوين في حالة القلب تجب فيه الغنة ، وهذا ما عليه جمهور القراء .
وخالف قوم فقالوا بالإظهار ـ أي بغير غنة ـ قال في النشر :" قلت : وقد زل بسبب ذلك قوم وأطلقوا قياس ما لا يروى على ما روي وما له وجه ضعيف على الوجه القوي كأخذ بعض الأغبياء بإظهار الميم المقلوبة من النون والتنوين .." 1/18

وهذا قول لا يعتد به وهو باطل لا محالة . لأنه قياس ما لا يروى على ما روي .

وهناك فرق بين قضية قلب النون وبين إخفائها ، فإذا التقت نون ساكنة أو تنوين مع باء نقلب النون باء ثم نخفي الميم المقلوبة وهذا محل النزاع ـ أي إخفاء النون بعد القلب لأن بعض القائلين بالإطباق ـ من غير فرجة ـ يستدلون بأقوال القراء بقلب النون الساكنة والتنوين ميما عند ملاقاتها للباء ، وتركوا قضية الإخفاء الذي بعد القلب ـ كما سنري بإذن الله ـ

قال في "الفجر الساطع" عند ذكر القلب : " تنبيه : قد بان من هذه النصوص أنه لا بد من القلب والإخفاء مع الغنة، فمن لم يأت بهما فقد أخل بالتلاوة وهو آثم فلا تجوز روايته، فقل من يتفطن لهذا فلا حول ولا قوة إلا بالله فقد عم الجهل وانتشر، وصار الحق منكرا"(180



قال المرصفي :" هذا: ولا يتحقق القلب إلا بثلاثة أعمال مأخوذة من التعريف ومن الدليل الآتي بعد وهي كالآتي:

الأول: قلب النون الساكنة أو التنوين أو نون التوكيد الخفيفة ميماً خالصة لفظاً لا خطًّا تعويضاً صحيحاً بحيث لا يبقى أثر بعد ذلك للنون الساكنة والمؤكدة والتنوين.

الثاني: إخفاء هذه الميم عند الباء.
الثالث: إظهار الغنة مع الأخفاء: والغنة هنا صفة الميم المقلوبة لا صفة النون والتنوين." ا.هـ
والسلام عليكم
 
كما عهدناها أبحاثك أطال الله في عمرك
بحث مميز وشامل بوركت
 
اختلفوا هل تقلب النون ميما أم تخفي دون قلب ؟

قال ابن مجاهد : والميم لا تدغم في الباء لكنها تخفى لأن لها صوتا من الخياشم تؤاخي به النون الخفية ... [1]
قال د/ غانم قدوري في كتابه " الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ":
ذكر ابن الباذش في الإقناع :" قال لي أبي ـ رضي الله عنه ـ زعم الفراء أن النون عند الباء مخفاة كما تخفي عند غيرها من حروف الفم وتأويل قوله أنه سمي البدل إخفاء وقد أخذ بظاهر عبارته قوم من القراء المنتحلين في الإعراب مذهب الكوفيين وتبعهم قوم من المتأخرين خلطوا بين مذهب سيبويه وعبارة الفراء من القلب والإخفاء فغلطوا "1/ 258

وذكر السيرافي أن الفراء قال :" العنبر وكل نون ساكنة قبل الباء مخفية ، أخفيت النون قبل الباء"

ثم قال د/ غانم قدوري::" ويفهم من قول السعيدي الآتي أنه يأخذ بمذهب الفراء قال :" فلما لقيت النون باء أمنوا الإدغام أو التشديد فأخفوها كإخفائها عند سائر الحروف وبقيت الباء مخففة علي جهتها " وقال في مكان آخر :" هي مثل إخفاء الميم عند الباء في قراءة أبي عمرو "



وكان السيرافي قد اعترض علي مذهب الفراء السابق حيث قال :" والذي قاله سيبويه والبصريون : إنها ميم وهو الصحيح ... فإن ادعي مدع أنها نون مخفاة غير بينة وهي ساكنة بعدها باء قيل له : اجعلها ميما ، فإذا جعلها ميما فانظر هل بينها وبين النون المخفاة فرق ؟ لا يوجد فرق بينهما إذا تأملته . وإذا كانت مخفاة مع الباء فهي بمنزلتها مع القاف والكاف ونحوهما والذي يسمع غير ذلك " صـ376



قلت : وكون اعتراض السيرافي علي قول الفراء فيه دلالة علي أن هناك من أخذ بظاهر قول الفراء وجعلوها إخفاء لا قلبا ، وهذا يفهم أيضا من قول والد ابن الباذش حين قال :" وقد أخذ بظاهر عبارته قوم من القراء المنتحلين في الإعراب مذهب الكوفيين وتبعهم قوم من المتأخرين خلطوا بين مذهب سيبويه وعبارة الفراء من القلب والإخفاء فغلطوا" وكونه ينسب فعلهم للخطأ ـ من وجهة نظره ـ دلالة واضحة علي أنهم كانوا ينطقونها بخلاف غنة النون بعد القلب ميما ـ أي كغنة النون الساكنة مع الحروف الخمسة عشر المعروفة بحروف الإخفاء ـ فإن قالوا : إن والد ابن الباذش خطأهم ؟ قلنا إن والد ابن الباذش نفسه فرق بين غنة النون الساكنة في حالة القلب ، وبين الميم التي بعدها باء ، انظر إلي ما ذكره ابن الباذش في الإقناع :" قال لي أبي ـ رضي الله عنه ـ:" ...وإنما ذكر سيبويه الإخفاء في النون دون الميم ولا ينبغي أن تحمل الميم علي النون في هذا .." إذن المقصود أن هناك من ينطقونها إخفاء مثل الأحرف الخمسة عشر ، وهناك من يفرق بين حكم القلب والميم الساكنة بعدها باء ، وهناك من يجعلهما شيئا واحدا .

إذن هناك خلاف قديم في طريقة أداء حكم القلب ، ولا يمكن أن نقول : إن الخلاف لفظي لقول ابن الباذش نقلا عن والده :" وإنما ذكر سيبويه الإخفاء في النون دون الميم ولا ينبغي أن تحمل الميم علي النون في هذا .." فإذا كنتم تقولون بأن غنة الميم مع الباء بغير كز ، فكيف تكون غنة القلب ؟؟ مع العلم بأن والد ابن الباذش غاير بينهما .



وهذا ما قاله أ.د/ جبل في كتابه " تحقيات في التلقي والأداء " حيث قال:" والذي أراه أن المجافاة بين الشفتين تصلح في الميم المنقلبة عن نون ، لأنها محافظة علي أصل الحرف ونحمل عليه تخصيصا ما كان يتمسك به الشيخ عامر عثمان من ضرورة المجافاة بين الشفتين عند نطق الميم الساكنة قبل الباء وذلك في حين أن المجافاة بين الشفتين في نطق الميم الأصيلة تفقد شطر ميميّتها وتجعلها نونا مخفاة ولم يقل أحد بذلك فلنوجه إله قول ابن الباذش " ولا ينبغي أن تحمل الميم علي النون " صـ76



وقال ا.د عبد الصبور شاهين في كتابه "علم الأصوات " عند حديثة عن القلب :" الرابع : الإقلاب وهو مع حرف واحد الباء ، وحينئذ تخفي مع النطق بما يقرب الميم ، أو مع النطق بها ميما ومع غنة مصاحبة " صـ124
وقوله : "تخفي مع النطق بما يقرب الميم " فيه دلالة علي الفرجة ومع إقراره أيضا للوجه الآخر ـ قلبها ميما ـ كما ذكر في النص" أو مع النطق بها ميما ومع غنة مصاحبة " وفيها أيضا الرد علي قول د/ جبل : في حين أن المجافاة بين الشفتين في نطق الميم الأصيلة تفقد شطر ميميّتها وتجعلها نونا مخفاة .." بل هي قريبة من الميم ولم تفقد الميم نطقها ، ولا هي كالنون المخفاة .
فيدل ذلك أن المجافاة بين الشفتين قول قديم في الإقلاب كما سبق في قول ابن الباذش تبعا لوالده وكذا الفراء والسعيدي كما يفهم من قولهم ، ولتعقيب والد ابن الباذش عليهما ، ووافقهم في القلب دون الإخفاء الشفوي أي أنها تقلب ميما ولكن غنتها لا تكون مثل غنة الميم عند الباء وهو ظاهر جلي ، وهذه نصوص قديمة لا يمكن ردها إلا بكلفة وتعسف وقد نهينا عنهما في شرعنا .



وذهب آخرون إلي حمل الميم علي النون وقالوا بعدم الفرق بينهما في الغنة وهي تؤدي بانطباق الشفتين ... وعند الحديث عن إخفاء الميم عند الباء سنتحدث عن أدلة الفريقين في إخفاء الميم .


http://vb.tafsir.net/#_ftnref1
 
[FONT=&quot]الإخفاء [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]لغة : الستر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]اصطلاحا: النطق بالحرف بصفة بين الإظهار والإدغام عاريا عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التشديد مع بقاء الغنة[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]حروفه مجموعة في أوائل هذه الكلمات[/FONT][FONT=&quot] :
[/FONT]
[FONT=&quot]صف ذا ثنا كم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جاد شخص قد سما[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]دم طيبا زد في تقي ضع ظالما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]اختلفوا في أحرف الإخفاء :[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] ذهب جمهور القراء إلي أنها خمسة عشر حرفا وذهب الإمام أبو جعفر إلي أنها سبعة عشر حرفا بإضافة الغين والخاء إلي أحرف الإخفاء ـ وقد سبق الكلام في حكم الإظهار ـ [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]اختلفوا في كيفية أداء غنة الإخفاء في النون الساكنة والتنوين مع حروف الإخفاء .
[/FONT]


[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] قال بعضهم : إنها تخرج من الأنف فقط ولا عمل للسان ـ أخذا بظاهر أقوال القدامي ـ ... وقال بعضهم : إن معتمد اللسان في الفم عند النطق بالنون المخفاة ينتقل إلي مخرج الحرف الذي بعده . ولننظر في أدلة الفريقين : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] قال د/ غانم قدوري بعد أن ذكر أقوال القراء في الإخفاء : إنه لا عمل للسان ..قال :" وقول علماء التجويد : إن النون المخفاة لا عمل للسان فيها لا يوضح بدرجة كافية وضع اللسان أثناء النطق بها . إلا أن عبد الوهاب القرطبي أماط اللثام عن ذلك الجانب الخفي من كلام علماء التجويد ...ثم نقل قوله قائلا :" ... ومعني خفائها ما قدمنا من اتصال النون بمخارج هذه الحروف واستتارها بها وزوالها ةعن طرف اللسان وخروج الصوت من الأنف من غير معالجة بالفم ، ولذلك إذا لفظ بها اللافظ وسد أنفه بان الاختلال فيها ، ولو تكلف متكلف إظهارها وأخرجها من الفم لأمكن ولكن بعلاج وهذا يبين بالمحنة ..... [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] وإنما أخفيت النون مع هذه الحروف لأنها حروف الفم ، والنون أيضا لها مخرج من الفم .
[/FONT]

[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]واستدل ا.د/غانم أيضا قائلا: إن القول بأن ( النون المخفاة تميل إلي مخرج الصوت الذي بعدها ) لا يتضح منه المقصود بهذا الميل ولا مقداره . بينما يقرر علماء التجويد أن معتمد اللسان في الفم عند النطق بالنون المخفاة ينتقل إلي مخرج صوت الذي بعدها ، فهو ليس مجرد ميل ، إنما انتقال إلي مخرج الصوت التالي كما يحدث عند الإدغام ، إلا ان الغنة باقية في الإخفاء بينما هي تزول في الإدغام . يؤكد ذلك ما نسمعه من نطق مجيدي قراءة القرآن الكريم اليوم .
[/FONT]


[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] وأقوال علماء التجويد التي نقلنا بعضها قبل قليل ، ونضيف إلي ذلك قول مكي :" الغنة التي في الحرف المخفي هي النون الخفية ، وذلك أن النون الساكنة مخرجها من طرف اللسان وأطراف الثنايا ومعها غنة تخرج من الخياشيم فإذا خفيت لأجل ما بعدها زال مع الخفاء ما كان يخرج من طرف اللسان منها وبقي ما كان يخرج من الخياشيم ظاهرا " الكشف 1/166
[/FONT]


[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] إن الدارس حين يتأمل نطق مثل " من قال " و"ومن كان " يجد معتمد النون قد انتقل من طرف اللسان إلي أقصاه حيث يعتمد للصوت التالي للنون . وكذلك الحال في مثل ( إن جاء ـ وإن شاء ) فإن معتمد اللسان لصوت النون ينتقل غلي مخرج الجيم والشين ومثل ذلك يحدث في مثل ( من تاب ـ ومن سأل ـ ومن فعل ) واللسان يعتمد للنون وللصوت الذي بعدها في كل ذلك اعتماده واحدة ، إلا أن الجزء الأول منها مصحوب بغنة هي بقية النون بينما الجزء الأخير من الاعتماد هو للصوت الذي يلي النون خاليا من الغنة ." ا.هـ بتصرف ( الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ) صـ378:380 [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] وتعقبه د/ محمد حسن جبل في كتابه ( تحقيات في التلقي والأداء ) قائلا :[/FONT]
[FONT=&quot]" أولا : القول بأن النون المخفاة إنما تكون غنة في الخياشيم فحسب ـ ونقل قول اللغويين ـ ( ثم ذكر د/ جبل أقوال سيبويه والمبرد وابن السراج وأبي حيان وغيرهم من اللغويين ـ والأقوال متشابهة وقريبة ونكتفي بقول سيبويه ـ :"[/FONT][FONT=&quot] وتكون النون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مع سائر حروف الفم حرفا خفيا مخرجه من الخياشيم وذلك أنها من حروف الفم وأصل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإدغام لحروف الفم لأنها أكثر الحروف فلما وصلوا إلى أن يكون لها مخرج من غير الفم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كان أخف عليهم ألا يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة وكان العلم بها أنها نون من ذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الموضوع كالعلم بها وهى من الفم لأنه ليس حرف يخرج من ذلك الموضوع غيرها فاختاروا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الخفة لذلك إذ لم يكن لبس وكان أصل الإدغام وكثرة الحروف للفم وذلك قولك : من كان[/FONT][FONT=&quot] .... [/FONT][FONT=&quot]ا.هـ 4/ 454[/FONT][FONT=&quot]

[/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] ..ثم عقب قائلا :" والمهم هنا أنه لم يذكر أحد من هؤلاء أو أولئك أن النون ينتقل مخرجها ـ عند الإخفاء ـ إلي مخرج الحرف الذي يليها كما أن أحدا منهم لم يذكر أن اللسان ( أو الفم كما يعبرون أحيانا ) عملا في إخراج النون المخفاة " صـ58
[/FONT]


[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر د/ جبل أقوال علماء التجويد والقراءات ـ ونأخذ قول مكي من القراء ـ :" [/FONT][FONT=&quot]قال مكي في الرعاية[/FONT][FONT=&quot]: " ......... [/FONT][FONT=&quot]فدل ذلك أن مخرج الغنة من الخيشوم ألا ترى أنك لو قلت: عنك ومنك فأمسكت أنفك عند[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اللفظ بذلك لتغير لفظ النون والتنوين لأنك قد حلت ـ بإمساك أنفك ـ بين الحرف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ومخرجه فعلمت من ذلك أن مخرج النون الخفيفة التي هي غنة في النون والتنوين من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الخياشيم. ا.هـ 114[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]وقال في قول عبد الوهاب القرطبي معلقا : [/FONT]
[FONT=&quot]1.[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]أنه لم يصرح أبدا بانتقال مخرج النون إلي مخرج الحرف التالي لها ، وإنما عبر " باتصال النون بمخارج هذه الحروف " [/FONT]
[FONT=&quot]2.[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]في كلام عبد الوهاب القرطبي أيضا تصريح بأنه لا عمل للسان في إخراج النون المخفاة وعبارته " ومعني خفائها هو ... وزوالها عن طرف طرف اللسان وخروج الصوت من الأنف من غير معالجة بالفم " فيه إخراج النون من غير عمل للسان . [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]3.[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]... مقصوده باتصال النون بمخارج هذه الحروف هو تزامن نطقها مع نطق غنة النون أو التنوين من الأنف ... لأن الصوت إذا جري أمكن اتصال الحرفين " أي أمكن نطق الحرف التالي قبل أن تنتهي غنة النون فيتزامنان جزئيا والتزامن اتصال بلا شك [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]4.[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]الإمام عبد الوهاب القرطبي إمام مسبوق بأئمة كبار . وقد قالوا بغير قوله فلا علينا أن نرد قوله ، وأن نرد فهم د/ غانم ـ رغم رصانة مباحثه عادة ـ لكن كل يؤخذ منه ويرد عليه . [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]5.[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]احتجاجه ب" ما نسمعه من مجيدي القرآن الكريم اليوم " [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]والرد عليه أننا نسمع ما يقولونه ولا نري كيفية إخراجهم للنون المخفاة [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر أدلة كثيرة أخذنا أهمها بتصرف من كتاب ( تحقيات في التلقي والأداء ) صـ 47:70 [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] أقول : والذي أميل إليه قول د/ غانم في هذه المسألة لعدة أمور منها : [/FONT]
[FONT=&quot]ـ أن كلام القرطبي ليس مخالفا لمن سبقوه ، ولكنه مبين له وموضح فقد زاد علي كلامهم قضية الانتقال أو الميل فلايرد قوله بمن سبقوه لعدم الخلف بل زيادة في التوضيح.
[/FONT]


[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ـ ومنها : أن ما نسمعه من القراء يوافق قول د/ غانم حيث يجعلون مع غنة الإخفاء فيها رائحة الحرف الذي بعد النون أو التنوين في مثل ( من ذا ، من فوقهم ، من شاء ، من جاء من ظلم ...) وقول د/ جبل : إننا نسمع ما يقولونه ولا نري كيفية إخراجهم للنون المخفاة " كلام غير مقبول لأن هذا النطق لا يتحقق لو جعلنا الغنة كلها من الخياشيم ، ولو جربنا في مثل " من ذا " تجد اللسان يقارب الاتصال بمخرج الذال ولو خرجت من الخياشيم فقط لم يتحقق هذا النطق فدل علي الميل. والله أعلم [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]ـ أما قولهم " لا عمل للسان " فقد أجاد في شرحها [/FONT][FONT=&quot]صاحب[/FONT][FONT=&quot] كتاب " نهاية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القول المفيد[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot] حيث قال :[/FONT][FONT=&quot]"[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لا يقال لابد من عمل اللسان في النون والشفتين فى الميم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مطلقا حتى في حالة الإخفاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والإدغام بغنة وكذا للخيشوم عمل حتى في حالة التحريك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والإظهار فلم هذا التخصيص ؟ لأنهم نظروا للأغلب فحكموا له بأنه المخرج فلما كان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأغلب فى حالة إخفائهما أو إدغامهما بغنة جعلوه مخرجهما حينئذ وإن عمل اللسان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والشفتان أيضا[/FONT][FONT=&quot].
[/FONT]
[FONT=&quot]ولما كان الأغلب في حالة التحرك والإظهار عمل اللسان والشفتين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جعلوهما المخرج وإن عمل الخيشوم حينئذ، أيضا أفاد بعضهم عن العلامة الشبراملسي مع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعض زيادة.[/FONT][FONT=&quot]"[/FONT][FONT=&quot] ا.هــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]

[/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]ومع هذا فالخلاف في المسألة خلاف معتبر وهناك بعض الشيوخ يخرجون الغنة من الأنف فقط ، والبعض يخرج مع الانتقال كما قدمنا وهو الأصوب والأَوْلي. [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
اختلفوا في تبعية الغنة لما بعدها من حيث التفخيم والترقيق:

ذهب فريق إلي أن الغنة ليست تابعة لما بعدها ، وأنها مرققة في كل حال ، وممن ذهبوا إلي هذا القول الشيخ الرحيمي الباكستاني حيث قال :" :" لا يوجد لتفخيم النون المخفي قبل الحروف المستعلية أثر ما في كتب المحققين كلا فكلا مثل نهاية القول المفيد ورعاية مكي والمنح الفكرية ونشر ابن الجزري والمقدمة الجزرية وإتحاف فضلاء البشر وجهد المقل وغير ذلك ، فالصواب أن النون حرف مستفل لا يجوز تفخيمه في كل حال ما . فقال الجزري :" فاعلم أن الحروف المستفلة كلها مرققة لا يجوز تفخيم شئ منها " النشر 1/ص 215

وما ذكره صاحب السلسبيل الشافي :

وفخم الغنة إن تلاها *** حروف الاستعلاء لا سواها

وصاحب لآلي البيان :
.... .... " وتتبع الألف*** ما قبلها والعكس في الغن ألف

فشذوذ وتفرد وحدوث ، وكل محدثة بدعة ، واتبعوا السواد الأعظم فإن الذئب يأخذ الشاذة والقاصية والناحية . ا.هـ
190
وذهب آخرون إلي تاثر الغنة بما بعدها لأن الغنة صفة للنون ، والنون تتأثر بما بعدها فتظهر أحيانا وتقلب وتخفي وتدغم بحسب ما بعدها ، وقد استفضت في هذه القضية في بحث " رسالة فاصلة في الرد علي منكري الغنة المفخمة " وأكتفي بقول ابن جني في تأثر النون بما بعدها قبل أن تصل النون لما بعدها :" قال ابن جنى : "وذلك لا ينكر أن يؤثر الشئ فيما قبله من قبل وجوده لأنه قد علم أن سيرد فيما بعد وذلك كثير ، فمنه أن النون الساكنة إذا وقعت بعدها " الباء " قلبت النون " ميما " في اللفظ وذلك نحو : " عمبر" في " عنبر " فكما لايشك في أن الباء في ذلك بعد النون وقد قلبت النون قبلها .... " الخصائص
2/326

فكيف تتأثر النون ولا تتأثر غنتها ؟؟

ولا يضر كونه لم يذكر في كتب القداميـ أي التفخيم ـ لأنهم تحدثوا عن قرب الحرف وبعده وما اخذه القراء عن شيوخهم ونقل إلينا كاف في إثبات التبعية للغنة قال الشيخ عبد الفتاح المرصفي : ...وبالاستقراء والتتبع وجدنا أن تفخيم الغنة يكون في المرتبة الثالثة وهي مرتبة المخفي وفي نوع الإخفاء الحقيقي منه وعند خمسة أحرف وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والقاف عند كل القراء: فالصاد نحو {وَلَمَن صَبَرَ}.{رِيحاً صَرْصَراً} والضاد نحو {لَمَنْ ضَرُّهُ} {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا}. والطاء نحو {وَإِن طَآئِفَتَانِ} {صَعِيداً طَيِّباً}. والظاء نحو {إِن ظَنَّآ} {ظِلاًّ ظَلِيلاً}. والقاف نحو {مِن قَبْلِهِمْ} {عَلِيمٌ قَدِيرٌ} ويزاد على هذه الأحرف الخمسة حرفان هما الغين والخاء المعجمتان في قراءة الإمام أبي جعفر المدني في نحو {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} {?عْبُدُواْ ?للَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـ?هٍ غَيْرُهُ} {مِّنْ خَيْرٍ} {إِنَّ ?للَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ}.

ويلاحظ أن التفخيم في الغنة كما ذكرنا خاضع لمراتب التفخيم السابقة بحسب حركة الحرف الواقع بعد الغنة كما يلاحظ مرتبة الكسر في ذلك وخاصة حرف الاستعلاء في نحو {وَإِن قِيلَ} عند الجميع ونحو {مِّنْ غِلٍّ} {مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} عند أبي جعفر فإن الغنة هنا تفخم تفخيماً نسبياً خلافاً لصاحب السلسبيل الشافي حيث قال بترقيقها وقد تقدم أن حرف الاستعلاء المكسور لا يرقق بحال بل يفخم تفخيماً نسبيًّا وهو الذي ارتضاه العلامة المتولي وقال به إلى آخر ما ذكرنا هناك.


وقد أشار صاحب لآلىء البيان إلى كيفية أداء الغنة مع حكم ألف المد بقوله:
*... ... وتتبع ما قبلها الألِفْ * والعكس في الغنِّ أُلِفْ*

كما أشار صاحب السلسبيل الشافي إلى أداء الغنة بقوله:

*وفخِّم الغُنَّة إن تلاها * حروفُ الاستعلاءِ لا سواها* "ا.هـ هداية القاري

إن تغير درجة الإخفاء بحسب البعد والقرب يؤدى إلي تغير بسيط فى الغنة تارة قريبة من الإظهار وتارة إلى الإدغام وتارة بين بين .. فما المانع أن تتأثر الغنة بما بعدها من الحروف ؟ فالغنة لها مخرج خاص بها تغاير سائر الصفات ، والغنة تارة تنتقل إلى الفم ، وتارة إلى الخيشوم ..
أما بقية الصفات فهي تتلبس بالحرف وليس للصفات الأخري مخرج مستقل مثل الغنة ، فدلت علي المغايرة .
. والله أعلم
 
السلام عليكم
أحسنتم شيخنا الكريم
هذا البحث من أفضل ما قرأت في أحكام الغنة
نفعنا الله بعلمكم وخلقكم
 
بسم الله ما شاء الله
جزاكم الله خير الجزاء شيخ عبد الحكيم
 
عودة
أعلى