إتحاف أهل الايمان بدروس شهر رمضان (1) .. للشيخ صالح الفوزان

إنضم
02/02/2009
المشاركات
196
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ليبيا
[frame="7 80"][align=center]بسم الله

الحمدلله الذي شرع لعباده صيام شهر رمضان وجعله أحد أركان الإسلام والصلاة والسلام على نبينا محمد أفضل من صلى وصام وعلى آله وأصحابه البررة الكرام ، وبعد ،
فهذه دروس تتضمن التذكير بفضائل هذا الشهر المبارك والحث على الجد والاجتهاد فيه ، واغتنام أيامه ولياليه مع الإشارة إلى بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام والقيام ، قصدت بنقلها من أحد المواقع تذكير نفسي وإخواني سائلة الله أن ينفع بها من كتبها ومن قرأها ومن سمعها من المسلمين .



صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان



الدرس الأول

الدرس الأول في بيان متى فُرض صوم شهر رمضان على الأمة ؟

الحمد لله ذي الفضل والإنعام ، شرع الصيام لتطهير النفوس من الآثام ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، خير من صلى وصام ، وداوم على الخير واستقام ، وعلى آله وأصحابه زمن اقتدى به على الدوام ،

أما بعد قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " [البقرة 183]

والآيات بعدها ، فقد ذكر الله سبحانه في هذه الآيات الكريمة أنه كتب الصيام على هذه الأمة كما كتب على من قبلها من الأمم وكتب بمعنى فرض فالصيام مفروض على هذه الأمة وعلى الأمم قبلها .

قال بعض العلماء في تفسير هذه الآية : عبادة الصيام مكتوبة على الأنبياء وعلى أممهم من آدم إلى آخر الدهر .

وقد ذكر الله ذلك لأن الشيء الشاق إذا عم سهل فعله على النفوس وكانت طمأنينتها به أكثر . فالصيام إذا فريضة على جميع الأمم ، وإن اختلفت كيفيته ووقته ،

قال سعيد بن جبير : كان صوم من قبلنا من العتمة إلى الليلة القابلة ، كما كان في ابتداء الاسلام ، وقال الحسن : كان صوم رمضان واجبا على اليهود ، لكنهم تركوه وصاموا يوما في السنة زعموا أنه يوم غرق فرعون وكذبوا في ذلك ، فإن ذلك اليوم يوم عاشوراء ،
وكان الصوم أيضا واجبا على النصارى لكنهم بعد أن صاموا زمانا طويلا صادفوا فيه الحر الشديد فكان يشق عليهم في أسفارهم ومعايشهم ، فاجتمع رأي علمائهم ورؤسائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف فجعلوه في الربيع ، وحولوه إلى وقت لا يتغير ،ثم قالوا عند التحويل زيدوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا ، فصار أربعين
وقوله تعالى " لعلكم تتقون " أي بسبب الصوم ،
فالصوم يسبب التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات ،وقوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن" قيل هي أيام من غير رمضان وكانت ثلاثة أيام ، وقيل هي أيام رمضان ، لأنه بينها في الآية التي بعدها بقوله " شهر رمضان " .

قالوا وكانوا في أول الإسلام مخيرين بين الصوم والفدية لقوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم " [البقرة 184]

ثم نسخ التخيير بايجاب الصوم عينا بقوله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185] ،

وحكمة ذلك التدرج في التشريع والرفق بالأمة لأنهم لما لم يألفوا الصوم كان تعيينه عليهم ابتداء فيه مشقة ، فخيروا بينه وبين الفدية أولا ، ثم لما قوي يقينهم واطمأنت نفوسهم وألفوا الصوم وجب عليهم الصوم وحده ، ولهذا نظائر في شرائع الإسلام الشاقة ، فهي تشرع بالتدريج ،

لكن الصحيح أن الآية منسوخة في في حق القادر على الصيام ، وأما في حق العاجز عن الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فالآية لم تنسخ في حقهم ، فلهم أن يفطروا ويطعموا عن كل يوم مسكينا ، وليس عليهم قضاء .

أما غيرهم فالواجب عليهم الصوم ، فمن أفطر لمرض عارض أو سفر فإنه يجب عليه القضاء لقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " [البقرة 185]

وقد فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات وصار صوم رمضان حتما وركنا من أركان الإسلام من جحد وجوبه كفر ،ومن أفطر من غير عذر وهو مقر بوجوبه فقد فعل ذنبا عظيما يجب تعزيره وردعه وعليه التوبة إلى الله ، وقضاء ما أفطر .


هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[/align][/frame]
 
الدرس الثاني

الدرس الثاني

[frame="7 80"]
[align=center]الدرس الثاني

في بيان ما يثبت به دخول شهر رمضان المبارك

الحمد لله الذي جعل الأهلة مواقيت للناس ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان ـ أما بعد

قال الله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185] فقد أوجب الله سبحانه في هذه الآية على عباده صوم شهر رمضان كله من أوله إلى آخره ، وأوله

يعرف بأحد أمرين

الأمر الأول رؤية هلاله

لما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له " [أخرجه البخاري رقم 1900، ومسلم رقم 1080/8] وروى الإمام أحمد والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه " [أخرجه البخاري رقم 1906 ، ومسلم رقم 1080/3، واللفظ لهما وفيه عندهما زيادة وهي الجملة الأخيرة في الحديث السابق وهي قوله "فإن غم عليكم فاقدروا له " كما في البخاري " فإن أغمى عليكم فاقدروا له " وهي عند مسلم ] ،

وروى الطبراني عن طلق بن علي رضي الله عنه : أن الله جعل هذه الأهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا وإذا وإذا رأيتموه فأفطروا " [ أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 8/397 رقم 8237] وروى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما " جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوما لرؤيته وأفطروا لرؤيته " [أخرجه الحاكم في المستدرك 1/423 وأحمد في المسند 4/ 23 والدارقطني في سننه 2/163 وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي]

ففي هذه الأحاديث الشريفة تعليق وجوب صوم رمضان برؤية هلاله ، والنهي عن الصوم بدون رؤية الهلال ، وأن الله جعل الأهلة مواقيت للناس بها بها يعرفون أوقات عبادتهم ومعاملاتهم ، كما قال تعالى " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " [البقرة 189]

وهذا من رحمة الله بعباده وتيسيره لهم ، حيث علق وجوب الصيام بأمر واضح وعلامة بارزة يرونها بأعينهم ، وليس من شرط ذلك أن يرى الهلال كل الناس بل إذا رآه بعضهم ولو كان شخصا واحدا لزم الناس كلهم الصيام .

قال ابن عباس : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني رأيت الهلال ، يعني هلال رمضان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أتشهد أن لا إله إلا الله " قال نعم ، قال : يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا " رواه أبو داود .

وروى أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه " [أخرجه أبو داود رقم 2342]

الأمر الثاني

مما يثبت به دخول شهر رمضان إذا لم يُر الهلال إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ، قال عليه الصلاة والسلام " فإن غم عليكم فاقدروا له " متفق عليه ، ومعنى "غم عليكم " أي إذا غطى الهلال شيء حال دون رؤيته ليلة الثلاثين من شعبان ـ من غيم أو قتر ، فقدروا عدد شهر شعبان تاما بأن تكملوه ثلاثين يوما ،


كما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر " فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " متفق عليه ،ومعنى هذا تحريم صوم يوم الشك وقد قال عمار بن ياسر رضي الله عنه " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " [أخرجه أبو داود رقم 2334 والترمذي 686 والنسائي 2190 وابن ماجه 1645 وقال أبو عيسى الترمذي حسن صحيح ]

فالواجب على المسلم اتباع ما جاء عن الله ورسوله في صيامه وفي عبادته كلها ، وقد حدد الله ورسوله معرفة دخول شهر رمضان بإحدى علامتين ظاهرتين يعرفهما العامي والمتعلم : رؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ، فمن جاء بشيء يزعم أنه يجب به الصوم غير ما بينه الشارع فقد عصى الله ورسوله [وزاد على ما شرعه الله ورسوله وابتدع في الدين ماليس منه " وكل بدعة ضلالة " ] كالذي يقول إنه يجب العمل بالحساب الفلكي في دخول شهر رمضان ، هذا مع أن الحساب عرضة للخطأ وهو أمر خفي لا يعرفه كل أحد ،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

إني رأيت الناس في شهر صومهم وفي غيره أيضا منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض الجهال أهل الحساب من أن الهلال يرى أو لا يرى ، ويبني على ذلك إما في باطنه وإما في باطنه وظاهره حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب أنه يرى أو لا يرى فيكون ممن كذّب بالحق لما جاءه ، إلى أن قال فإنا نعلم بالاضطرار من دين الاسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الايلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز ، والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة ، وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا ولا خلاف حديث ـ انتهى [فتاوى شيخ الاسلام 25 / 131 ، 132]

وفي هذا مشقة على الأمة وحرج ، وقد قال الله تعالى " وما جعل عليكم في الدين من حرج " [الحج 78]

فالواجب على المسلمين الاقتصار على ما شرعه الله ورسوله ، كما يجب على المسلمين الاقتصار على ما شرعه الله في غير شأن الهلال ، والتعاون على البر والتقوى ، والله ولي التوفيق .





يتبع ..[/align]
[/frame]
 
الدرس الثالث

الدرس الثالث

[frame="7 80"][align=center]

الدرس الثالث

في فضائل شهر رمضان وما ينبغي أن يستقبل به

الحمد لله أهل علينا شهر الصيام ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، كانوا يفرحون بحلول شهر الصيام والقيام ، أما بعد

فإن الله سبحانه وتعالى اختص شهر رمضان من بين الشهور بفضائل عديدة ، وميزه بميزات كثيرة ، قال تعالى " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " [البقرة 185]

ففي هذه الآية الكريمة ذكر الله لشهر رمضان ميزتين عظيمتين

الميزة الأولى إنزال القرآن فيه ، لأجل هداية الناس من الظلمات إلى النور وتبصيرهم بالحق من الباطل بهذا الكتاب العظيم ، المتضمن لما فيه صلاح البشرية وفلاحها ، وسعادتها في الدنيا والآخرة .

الميزة الثانية ايجاب صيامه على الأمة المحمدية حيث أمر الله بذلك في قوله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185]

وصيام رمضان هو أحد أركان الإسلام ، وفرض من فروض الله معلوم من الدين بالضرورة وإجماع المسلمين ، من أنكره فقد كفر ، فمن كان حاضرا صحيحا وجب عليه صوم الشهر أداء ، كما قال الله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185]

فتبين أنه لا مناص من صيام الشهر ، إما أداء وإما قضاء ، إلا في حق الهرم الكبير ، والمريض المزمن ـ اللذين لا يستطيعان الصيام قضاء ولا أداء فلهما حكم آخر سيأتي بيانه إن شاء الله .

ومن فضائل هذا الشهر ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلّقت أبواب النار وصُفدت الشياطين " [أخرجه البخاري 1898 ، 1899 ، ومسلم 1079]

فدل هذا الحديث على مزايا عظيمة لهذا الشهر المبارك

الأولى أنه تفتح فيه أبواب الجنة ، وذلك لكثرة الأعمال الصالحة التي تشرع فيه ، والتي تسبب دخول الجنة ، كما قال تعالى " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " [النحل 32] .

الثانية إغلاق أبواب النار في هذا الشهر ، وذلك لقلة المعاصي التي تسبب دخولها ، كما قال تعالى " فأما من طغى * وءاثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى " [النازعات 37 ـ 39 ]

وقال تعالى " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا " [الجن : 23]

الثالثة أنه تصفد فيه الشياطين ، أي تغل وتوثق ، فلا تستطيع إغواء المسلمين وإغراءهم بالمعاصي ، وصرفهم عن العمل الصالح ، كما كانت تفعل في غير هذا الشهر ، ومنعها في هذا الشهر المبارك من مزاولة هذا العمل الخبيث إنما هو رحمة بالمسلمين لتتاح لهم الفرصة لفعل الخيرات وتكفير السيئات .

ومن فضائل هذا الشهر المبارك أنه تضاعف فيه الحسنات ، فروي أن النافلة تعدل فيه أجر الفريضة ، والفريضة تعدل فيه أجر سبعين فريضة ، ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار ،
وكان له مثل أجر ذلك الصائم من غير أن ينقص من أجره شيء ، وكل هذه خيرات وبركات ونفحات تحل على المسلمين بحلول هذا الشهر المبارك ،

فينبغي للمسلم أن يستقبل هذا الشهر بالفرح والغبطة والسرور ويحمد الله على بلوغه ويسأله الإعانة على صيامه وتقديم الأعمال الصالحة فيه ، إنه شهر عظيم ، وموسم كريم ،

ووافد مبارك على الأمة الإسلامية ، نسأل الله أن يمنحنا من بركاته ونفحاته ..

إنه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين ..




يتبع بإذن الله تعالى..[/align]
[/frame]
 
عودة
أعلى