محمد عمر القاضى
New member
- إنضم
- 22/01/2011
- المشاركات
- 1
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
بسمالله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم اما بعد
فإن الناظر و المتأمل فى سورة الأحقاف و ما تحمله من معانى التوحيد ليجد من جملة المعانى التى يقرر الله تعالى بها معانى الوهيته و استحقاقه للعبادة ما بينه جل و علا من معانى ربوبيته لهذا الكون و ما يفعله و حده لاشريك له من الخلق و التدبير و هذا من اعظم الأدلة فى القران على توحيد الألوهية اعنى ان توحيد الربوبية من اعظم ادلة توحيد الألوهية وهذا متكرر فى كتاب الله كثيرا و منها هنا فى هذا الموضع الذى نبه فيه المولى جل و علا على هذا المعنى فقال تعالى قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) فقرر جل فى علاه انه متفرد بخلق السماوات و الأرض و انه لايشاركه فى ذلك احدمن خلقه و ان هذه الآله المزعومة التى يعبدها القوم من دون الله لا تملك مثقال ذرة من هذا الكونو لا تتصرف فى شىء من ذلك لذا قال الإمام ابن كثير فى تفسير هذه الآيات ما ملخصه ( و قُلْ أي: لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره: { أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ } أي: أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض، { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ } أي: ولا شرك لهم في السموات ولا في الأرض، وما يملكون من قطمير، إن المُلْك والتصرّف كله إلا الله، عز وجل، فكيف تعبدون معه غيره، وتشركون به؟ من أرشدكم إلى هذا؟ من دعاكم إليه؟ أهو أمركم به؟ أم هو شيء اقترحتموه من عند أنفسكم؟ ولهذا قال: { اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا } أي: هاتوا كتابا من كتب الله المنزلة على الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام، يأمركم بعبادة هذه الأصنام، { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } أي: دليل بَيِّن على هذا المسلك الذي سلكتموه { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي: لا دليل لكم نقليًا ولا عقليا على ذلك؛ ولهذا قرأ آخرون: "أو أثَرَة من علم" أي: أو علم صحيح يأثرونه عن أحد ممن قبلهم، كما قال مجاهد في قوله: { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } أو أحد يأثُر علما.
قُلْ } لهؤلاء الذين أشركوا بالله أوثانا وأندادا لا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قل لهم -مبينا عجز أوثانهم وأنها لا تستحق شيئا من العبادة-: { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ } هل خلقوا من أجرام السماوات والأرض شيئا؟ هل خلقوا جبالا؟ هل أجروا أنهارا؟ هل نشروا حيوانا؟ هل أنبتوا أشجارا؟ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك؟لا شيء من ذلك بإقرارهم على أنفسهم فضلا عن غيرهم، فهذا دليل عقلي قاطع على أن كل من سوى الله فعبادته باطلة.
ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال: { ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا } الكتاب يدعو إلى الشرك { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك، بل نجزم ونتيقن أن جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به، وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وكل رسول قال لقومه: { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } فعلم أن جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة وآراء كاسدة وعقول فاسدة. يدلك على فسادها استقراء أحوالهم وتتبع علومهم وأعمالهم والنظر في حال من أفنوا أعمارهم بعبادته هل أفادهم شيئا في الدنيا أو في الآخرة؟
فما عندهم علم بذلك فيخرجوه لنا , و لا أثرة من علم يعنى و لابقية من علم الأولين و قد ذكر القرطبى رحمه الله فائدة بديعه فى تفسيره
[FONT="]الثانية: قوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قراءة العامة {أَوْ أَثَارَةٍ} بألف بعد الثاء. قال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "هو خط كانت تخطه العرب في الأرض" ، ذكره المهدوي والثعلبي. وقال ابن العربي: ولم يصح. وفي مشهور الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك" ولم يصح أيضا.
قلت: هو ثابت من حديث معاوية بن الحكم السلمي، خرجه مسلم. وأسند النحاس: حدثنا محمد بن أحمد (يعرف بالجرايجي) قال حدثنا محمد بن بندار قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال: "الخط" وهذا صحيح أيضا. قال ابن العربي: واختلفوا في تأويله، فمنهم من قال: جاء لإباحة الضرب، لأن بعض الأنبياء كان يفعله. ومنهم من قال جاء للنهي عنه، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "فمن وافق خطه فذاك". ولا سبيل إلى معرفة طريق النهي المتقدم فيه، فإذا لا سبيل إلى العمل به. قال:
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصا ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وحقيقته عند أربابه ترجع إلى صور الكواكب، فيدل ما يخرج منها على ما تدل عليه تلك الكواكب من سعد أو نحس يحل بهم، فصار ظنا مبنيا على ظن، وتعلقا بأمر غائب قد درست طريقه وفات تحقيقه، وقد نهت الشريعة عنه، وأخبرت أن ذلك مما اختص الله به، وقطعه عن الخلق، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الأشياء المغيبة، فإن الله قد رفع تلك الأسباب وطمس تلك الأبواب وأفرد نفسه بعلم الغيب، فلا يجوز مزاحمته في ذلك، ولا يحل لأحد دعواه. وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهي. فإذ وقد ورد النهي فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب.
قلت: ما اختاره هو قول الخطابي. قال الخطابي: قوله عليه السلام: "فمن وافق خطه فذاك" هذا يحتمل الزجر إذ كان ذلك علما لنبوته وقد انقطعت، فنهينا عن التعاطي لذلك. قال القاضي عياض: الأظهر من اللفظ خلاف هذا، وتصويب خط من يوافق خطه، لكن من أين تعلم الموافقة والشرع منع من التخرص وادعاء الغيب جملة - فإنما معناه أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم. وحكى مكي في تفسير قوله: [كان نبي من الأنبياء يخط] أنه كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى في الرمل ثم يزجر. وقال ابن عباس في تفسير قوله [ومنا رجال يخطون]: هو الخط الذي يخطه الحازي فيعطى حلوانا فيقول: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط الأستاذ خطوطا معجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين، فإن بقي خطان فهو علامة النجح، وإن بقي خط فهو علامة الخيبة. والعرب تسميه الأسحم وهو مشؤوم عندهم.[/FONT]
[FONT="]الثانية: قوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قراءة العامة {أَوْ أَثَارَةٍ} بألف بعد الثاء. قال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "هو خط كانت تخطه العرب في الأرض" ، ذكره المهدوي والثعلبي. وقال ابن العربي: ولم يصح. وفي مشهور الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك" ولم يصح أيضا.
قلت: هو ثابت من حديث معاوية بن الحكم السلمي، خرجه مسلم. وأسند النحاس: حدثنا محمد بن أحمد (يعرف بالجرايجي) قال حدثنا محمد بن بندار قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال: "الخط" وهذا صحيح أيضا. قال ابن العربي: واختلفوا في تأويله، فمنهم من قال: جاء لإباحة الضرب، لأن بعض الأنبياء كان يفعله. ومنهم من قال جاء للنهي عنه، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "فمن وافق خطه فذاك". ولا سبيل إلى معرفة طريق النهي المتقدم فيه، فإذا لا سبيل إلى العمل به. قال:
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصا ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وحقيقته عند أربابه ترجع إلى صور الكواكب، فيدل ما يخرج منها على ما تدل عليه تلك الكواكب من سعد أو نحس يحل بهم، فصار ظنا مبنيا على ظن، وتعلقا بأمر غائب قد درست طريقه وفات تحقيقه، وقد نهت الشريعة عنه، وأخبرت أن ذلك مما اختص الله به، وقطعه عن الخلق، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الأشياء المغيبة، فإن الله قد رفع تلك الأسباب وطمس تلك الأبواب وأفرد نفسه بعلم الغيب، فلا يجوز مزاحمته في ذلك، ولا يحل لأحد دعواه. وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهي. فإذ وقد ورد النهي فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب.
قلت: ما اختاره هو قول الخطابي. قال الخطابي: قوله عليه السلام: "فمن وافق خطه فذاك" هذا يحتمل الزجر إذ كان ذلك علما لنبوته وقد انقطعت، فنهينا عن التعاطي لذلك. قال القاضي عياض: الأظهر من اللفظ خلاف هذا، وتصويب خط من يوافق خطه، لكن من أين تعلم الموافقة والشرع منع من التخرص وادعاء الغيب جملة - فإنما معناه أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم. وحكى مكي في تفسير قوله: [كان نبي من الأنبياء يخط] أنه كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى في الرمل ثم يزجر. وقال ابن عباس في تفسير قوله [ومنا رجال يخطون]: هو الخط الذي يخطه الحازي فيعطى حلوانا فيقول: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط الأستاذ خطوطا معجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين، فإن بقي خطان فهو علامة النجح، وإن بقي خط فهو علامة الخيبة. والعرب تسميه الأسحم وهو مشؤوم عندهم.[/FONT]
[FONT="]الثالثة: قال ابن العربي: إن الله تعالى لم يبق من الأسباب الدالة على الغيب التي أذن في التعلق بها والاستدلال منها إلا الرؤيا، فإنه أذن فيها، وأخبر أنها جزء من النبوة وكذلك الفأل، وأما الطيرة والزجر فإنه نهى عنهما. والفأل: هو الاستدلال بما يسمع من الكلام على ما يريد من الأمر إذا كان حسنا، فإذا سمع مكروها فهو تطير، أمره الشرع بأن يفرح بالفأل ويمضى على أمره مسرورا. وإذا سمع المكروه أعرض عنه ولم يرجع لأجله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك". وقد روى بعض الأدباء:
الفأل والزجر والكهان كلهم ... مضللون ودون الغيب أقفال
وهذا كلام صحيح، إلا في الفأل فإن الشرع استثناه وأمر به، فلا يقبل من هذا الشاعر ما نظمه فيه، فإنه تكلم بجهل، وصاحب الشرع أصدق وأعلم وأحكم.[/FONT]
الفأل والزجر والكهان كلهم ... مضللون ودون الغيب أقفال
وهذا كلام صحيح، إلا في الفأل فإن الشرع استثناه وأمر به، فلا يقبل من هذا الشاعر ما نظمه فيه، فإنه تكلم بجهل، وصاحب الشرع أصدق وأعلم وأحكم.[/FONT]