أَسرار التنزيل

إنضم
17/09/2010
المشاركات
83
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
أرجى آية في كتاب الله
لفضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي حفظه الله




الله جل جلاله يُعبد خوفاً وطمعاً والرجاء فيما عنده أحد أركان الإيمان بالله الثلاثة وهي :
محبته سبحانه والخوف منه والرجاء في فضله .

وعلى هذا فمما عني به أهل التفسير والتحقيق في أي آية في كتاب الله أرجى ؟



فمن نظر من أهل العلم ما بينه الله في آية المداينة من الطرق الكفيلة بصيانة الدَّيْن من الضياع ولو كان الدّيْن حقيراً كما هو ظاهر الآية قالوا : " هذا من المحافظة في آية الدّيْن على مال المسلم مع العناية التامة بمصالح العبد المسلم فكيف إذاً بعناية اللطيف الخبير لعبده المسلم يوم القيامة وهو في شدة الحاجة إلى ربه؟ " لاريب أن ذلك أعظم وأولى .


وذهب شيخنا الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ إلى أن من أرجى آيات القرآن قوله تعالى في سورة فاطر : (( ثُمَّ أَوْرَثْنَاالْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ( 32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا )) .



قال رحمه الله : " والواو في (( يَدْخُلُونَهَا )) شاملة للظالم والمقتصد والسابق على التحقيق ولذا قال بعض أهل العلم حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين " أ هـ.



ونصّ رحمه الله في الموضع نفسه بأن وعد الله الصادق بالجنة في الآية شامل لجميع المسلمين .



ومن أهل العلم أيها المبارك من تأمل ما جاء في خبر الصديق مع مسطح بن أثاثة :



إذ أن أبا بكر الصديق لما أنزل الله براءة عائشة وكان مسطح ممن وقع في عرضها حلف ألا ينفع مسطحاً منافعه وكان ينفق عليه من قبل فأنزل اللطيف الخبيرقوله : (( وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُواالْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) (النور 22). وذهبوا إلى أن ما صنعه مسطح يحط النجم من قدره ومع ذلك عاتب الله الصديق في حقه وعظيم جرم مسطح وما وقع فيه إلا أن الله لم يبطل له ما سلف من عمل فسمّاه مهاجراً فدل ذلك كما نصَّ العلماء على أن هجرة مسطح في سبيل الله لم يحبطها قذفه لعائشة رضي الله عنها.



ومن هنا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن هذه أرجى آية في كتاب الله والحق أن مسلكهم في الاستدلال مسلك حسن وله حظ كبير من العقل والنقل.


ومن المهم أن ندرك أن ما وقع من مسطح إنما كان قبل أن ينزل القرآن ببراءة أُمِّنا رضي الله عنها ،أمّا وقد برّأها الله من فوق سبع سموات فإن قذفها بعد ذلك كفر بواح فمن هذا الذي يرد على الله قوله؟



أما القرطبي رحمه الله فقد ذكر في كتابه القيم الجامع لأحكام القرآن خبراً عن تدارس هذا الأمر بين الصحابة :



وأن الصديق رضي الله عنه يرى أن أرجى آية هي قول الله تعالى في فاتحة غافر : (( غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ )) وسِرُّ ذلك أن الله قدم قبول التوبة على غفران الذنوب وفي هذا بشارة للمؤمنين .



واختار عثمان رضي الله أن أرجى آية هي قول الله في سورة الحجر : (( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) .



بينما يرى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أرجى آية هي قول الله تعالى من سورة الزمر : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ..)) .



ثم قال الإمامالقرطبي رحمه الله معقباً :



وقرأت القرآن كله من أوله وآخره فلم أرى آية أحسن وأرجى من قول الله تعالى : (( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)) .
وصلّى الله وسلّم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين.
 
عودة
أعلى