بشير عبدالعال
Member
قوله تعالى :{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)}
قال الشعراوي رحمه الله...............
والاستفهام في قوله سبحانه : { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي } [ الفرقان : 17 ] يقول فيه بعض غير المؤهَّلين للفَهْم عن الله : أما كان يقول : أأضللتم عبادي؟ ونقول لهؤلاء : ليس لديكم الملَكَة اللغوية لفَهْمِ القرآن ، فأنت تستفهم عن الفعل إذا لم يكن موجوداً أمامك ، تقول : أبنيتَ البيت الذي أخبرتني أنك ستبنيه؟ فيخبرك : بنيتُه أو لم أَبْنِه ، أمَّا حين تقول : أبنيتَ هذا البيت؟ فالسؤال ليس عن البناء ، إنما عن فاعله ، أنت أم غيرك؟ لأن البناء قائم أمامك .
إذن : فَرْقٌ بين السؤال عن الحَدث ، والسؤال عن فاعل الحدث ، والضلال هنا موجود فعلاً ، فالسوال عن الفاعل { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل } [ الفرقان : 17 ] .
وسمَّاهم عباداً هنا مع أنهم ضالون؛ لأن الكلام في الآخرة ، حيث لم يَعُدْ لأحد اختيار ، الاختيار كان في الدنيا وعليه ميَّزنا بين العبيد والعباد ، أما في الآخرة فالجميع عبيد والجميع عباد ، فقد زال ما يُميِّزهم؛ لأنهم جمعياً مقهورون لا اختيارَ لأحد منهم .
قال السعدي رحمه الله.....
يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتبريهم منهم، وبطلان سعيهم فقال: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } أي: المكذبين المشركين { وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ } الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع لمن عبدهم: { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك أم ذلك من تلقاء أنفسهم؟
{ قَالُوا سُبْحَانَكَ } نزهوا الله عن شرك المشركين به وبرؤوا أنفسهم من ذلك، { مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا } أي: لا يليق بنا ولا يحسن منا أن نتخذ من دونك من أولياء نتولاهم ونعبدهم وندعوهم، فإذا كنا محتاجين ومفتقرين إلى عبادتك متبرئين من عبادة غيرك، فكيف نأمر أحدا بعبادتنا؟ هذا لا يكون أو، سبحانك عن { أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ } وهذا كقول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } الآية.
وقال تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ } { وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } فلما نزهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا: { وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ } في لذات الدنيا وشهواتها ومطالبها النفسية، { حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ } اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها، فحافظوا على دنياهم وضيعوا دينهم { وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا } أي: بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح لا يصلحون إلا للهلاك والبوار، فذكروا المانع من اتباعهم الهدى وهو التمتع في الدنيا الذي صرفهم عن الهدى، وعدم المقتضي للهدى وهو أنهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووجد المانع فلا تشاء من شر وهلاك، إلا وجدته فيهم، فلما تبرؤوا منهم قال الله توبيخا وتقريعا للعابدين { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } إنهم أمروكم بعبادتهم ورضوا فعلكم، وأنهم شفعاء لكم عند ربكم، كذبوكم في ذلك الزعم وصاروا من أكبر أعدائكم فحق عليكم العذاب، { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا } للعذاب عنكم بفعلكم أو بفداء أو غير ذلك، { وَلا نَصْرًا } لعجزكم وعدم ناصركم. هذا حكم الضالين المقلدين الجاهلين كما رأيت أسوأ حكم، وأشر مصير.
وأما المعاند منهم الذي عرف الحق وصدف عنه فقال في حقه: { وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ } بترك الحق ظلما وعنادا { نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } لا يقادر قدره ولا يبلغ أمره.
قال القرطبي رحمه الله............
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ كَانَتِ الْأَصْنَامُ الَّتِي تُعْبَدُ تُحْشَرُ فَكَيْفَ تَنْطِقُ وَهِيَ جَمَادٌ؟ قِيلَ لَهُ: يُنْطِقُهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يُنْطِقُ الْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ.
(وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) أَيْ فِي الدُّنْيَا بِالصِّحَّةِ وَالْغِنَى وَطُولِ الْعُمُرِ بَعْدَ مَوْتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) أَيْ تَرَكُوا ذِكْرَكَ فَأَشْرَكُوا بِكَ بَطَرًا وَجَهْلًا فَعَبَدُونَا مِنْ غَيْرِ أَنْ أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ. وَفِي الذِّكْرِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ عَلَى الرُّسُلِ، تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثَّانِي: الشُّكْرُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ.
قال الشعراوي رحمه الله...............
والاستفهام في قوله سبحانه : { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي } [ الفرقان : 17 ] يقول فيه بعض غير المؤهَّلين للفَهْم عن الله : أما كان يقول : أأضللتم عبادي؟ ونقول لهؤلاء : ليس لديكم الملَكَة اللغوية لفَهْمِ القرآن ، فأنت تستفهم عن الفعل إذا لم يكن موجوداً أمامك ، تقول : أبنيتَ البيت الذي أخبرتني أنك ستبنيه؟ فيخبرك : بنيتُه أو لم أَبْنِه ، أمَّا حين تقول : أبنيتَ هذا البيت؟ فالسؤال ليس عن البناء ، إنما عن فاعله ، أنت أم غيرك؟ لأن البناء قائم أمامك .
إذن : فَرْقٌ بين السؤال عن الحَدث ، والسؤال عن فاعل الحدث ، والضلال هنا موجود فعلاً ، فالسوال عن الفاعل { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل } [ الفرقان : 17 ] .
وسمَّاهم عباداً هنا مع أنهم ضالون؛ لأن الكلام في الآخرة ، حيث لم يَعُدْ لأحد اختيار ، الاختيار كان في الدنيا وعليه ميَّزنا بين العبيد والعباد ، أما في الآخرة فالجميع عبيد والجميع عباد ، فقد زال ما يُميِّزهم؛ لأنهم جمعياً مقهورون لا اختيارَ لأحد منهم .
قال السعدي رحمه الله.....
يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتبريهم منهم، وبطلان سعيهم فقال: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } أي: المكذبين المشركين { وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ } الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع لمن عبدهم: { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك أم ذلك من تلقاء أنفسهم؟
{ قَالُوا سُبْحَانَكَ } نزهوا الله عن شرك المشركين به وبرؤوا أنفسهم من ذلك، { مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا } أي: لا يليق بنا ولا يحسن منا أن نتخذ من دونك من أولياء نتولاهم ونعبدهم وندعوهم، فإذا كنا محتاجين ومفتقرين إلى عبادتك متبرئين من عبادة غيرك، فكيف نأمر أحدا بعبادتنا؟ هذا لا يكون أو، سبحانك عن { أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ } وهذا كقول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } الآية.
وقال تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ } { وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } فلما نزهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا: { وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ } في لذات الدنيا وشهواتها ومطالبها النفسية، { حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ } اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها، فحافظوا على دنياهم وضيعوا دينهم { وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا } أي: بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح لا يصلحون إلا للهلاك والبوار، فذكروا المانع من اتباعهم الهدى وهو التمتع في الدنيا الذي صرفهم عن الهدى، وعدم المقتضي للهدى وهو أنهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووجد المانع فلا تشاء من شر وهلاك، إلا وجدته فيهم، فلما تبرؤوا منهم قال الله توبيخا وتقريعا للعابدين { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } إنهم أمروكم بعبادتهم ورضوا فعلكم، وأنهم شفعاء لكم عند ربكم، كذبوكم في ذلك الزعم وصاروا من أكبر أعدائكم فحق عليكم العذاب، { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا } للعذاب عنكم بفعلكم أو بفداء أو غير ذلك، { وَلا نَصْرًا } لعجزكم وعدم ناصركم. هذا حكم الضالين المقلدين الجاهلين كما رأيت أسوأ حكم، وأشر مصير.
وأما المعاند منهم الذي عرف الحق وصدف عنه فقال في حقه: { وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ } بترك الحق ظلما وعنادا { نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } لا يقادر قدره ولا يبلغ أمره.
قال القرطبي رحمه الله............
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ كَانَتِ الْأَصْنَامُ الَّتِي تُعْبَدُ تُحْشَرُ فَكَيْفَ تَنْطِقُ وَهِيَ جَمَادٌ؟ قِيلَ لَهُ: يُنْطِقُهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يُنْطِقُ الْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ.
(وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) أَيْ فِي الدُّنْيَا بِالصِّحَّةِ وَالْغِنَى وَطُولِ الْعُمُرِ بَعْدَ مَوْتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) أَيْ تَرَكُوا ذِكْرَكَ فَأَشْرَكُوا بِكَ بَطَرًا وَجَهْلًا فَعَبَدُونَا مِنْ غَيْرِ أَنْ أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ. وَفِي الذِّكْرِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ عَلَى الرُّسُلِ، تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثَّانِي: الشُّكْرُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ.