أيهما أقوى الدعاء بلفظ الماضي أم بلفظ المضارع؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
سألني أخي:
أيهما أقوى في الدعاء:
[غفر الله لك] أم [ يغفر الله لك]؟
ولكي نقف على أيهما أقوى يجب أن نقف على دلالة الفعل الماضي ودلالة الفعل المضارع
إن الفعل الماضي: هو ما دل على حدوث فعل قبل زمن التكلم.
أما المضارع: فهو يدل على حدث في الحاضر أو المستقبل.
علما أن كلا منهما - باعتبار القرائن - قد يخرج عن هذه المعاني.

إن الفعل الماضي يدل على تحقق الفعل ووقوعه لذلك كان الدعاء به أقوى وآكد من الدعاء بالمضارع
ولكي نثبت ذلك تأملوا معي الدعاء في هاتين الآيتين:
الآية الأولى: قال الله تعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم معاتبا إياه عتاب المحبين قال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} [التوبة: 43]
فإن الله تعالى لما دعا لنبيه دعا له بلفظ الماضي : {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} للتأكيد على تحقق هذا العفو وأن العفو قد حدث.

الآية الثانية: دعا سيدنا يوسف لإخوته قائلا : [{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] } [يوسف: 92]
إن يوسف عليه السلام لما دعا لإخوته الذين فعلوا به ما فعلوا قال: [{يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}] لقد عفا يوسف عنهم { [لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ]} ثم سأل الله أن يغفر لهم : [{يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}]، ثم أكد أن مغفرة الله محققة بقوله:[{وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ]}.

والشاهد: أن الدعاء الأول الذي جاء بلفظ الماضي [{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ]} أقوى وآكد من الثاني
[{يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}] الذي جاء بلفظ المضارع.


وعلى هذا فإن دعاء [غفر الله لك] أقوى وآكد من دعاء [يغفر الله لك].
والله أعلم.
د. محمد الجبالي
 
علق أحد الأخوة وهو على علم دين فيما نحسبه جزاه الله خيرا
علق على تأويل (عفا الله عنك) كونه دعاء، فقال:
هو خبر.

ورددت عليه نعم هو ذا كما قلت، ولكن ذلك في اللغة مشهور.
افتتاح الكلام بقولنا: غفر الله لك، لم فعلت ذلك؟!
أو أصلحك الله، ...
أو غير ذلك من الصيغ الافتتاحية التي على هيئة الدعاء.

ولم يقتنع، ورأى أن فيها تجاوزا في حق الله عز وجل.
فقلت: اللغة وبلاغتها أرحب من ذلك وأوسع.
فقال: للبلاغة حدود.
فقلت: نعم، وتضييق أبوابها الفسيحة بإنكار المجاز مرفوض.
ومن المشهور في اللغة أن المتكلم قد يعبر عن نفسه بضمير الغائب تعظيما وتفخيما، فلعل (عفا الله عنك) من هذا الوجه.
فإن لم يكن فهي جملة افتتاحية إنشائية لفظا خبرية معنى.
والله أعلم
جزاكم الله خيرا
د. محمد الجبالي
 
عودة
أعلى