أيها الفضلاء .. ما رأيكم بهذا الكلام لابن عاشور - رحمه الله - ؟

رضا التومي

New member
إنضم
04/04/2006
المشاركات
28
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
السعودية-رفحاء
..

أهل التفسير , لقلـّة الزاد أشكل عليّ بعض هذا الكلام لابن عاشور - رحمه الله - في تفسيره لسورة الفاتحة و تحديدًا
عند قول الله تعالى : ( إياك نعبد و إياك نستعين ) . فبعد عدة مباحث أورد هذا الكلام عن العبادة :

( واعلم أن من أهم المباحث البحث عن سر العبادة وتأثيرها وسر مشروعيتها لنا وذلك أن الله تعالى خلق هذا العالم ليكون مظهرا لكمال صفاته تعالى : الوجود والعلم والقدرة . وجعل قبول الإنسان للكمالات التي بمقياسها يعلم نسبة مبلغ علمه وقدرته من علم الله تعالى وقدرته وأودع فيه الروح والعقل اللذين بهما يزداد التدرج في الكمال ليكون غير قانع بما بلغه من المراتب في أوج الكمال والمعرفة وأرشده وهداه إلى ما يستعين به على مرامه ليحصل له بالارتقاء العاجل رقي آجل لا يضمحل وجعل استعداده لقبول الخيرات كلها عاجلها وآجلها متوقفا على التلقين من السفرة الموحى إليهم بأصول الفضائل .
ولما توقف ذلك على مراقبة النفس في نفراتها وشرداتها وكانت تلك المراقبة تحتاج إلى تذكر المُجازي بالخير وضده شرعت العبادة لتذكـّر ذلك المُجازي لأن عدم حضور ذاته واحتجابه بسبحات الجلال يسرب نسيانه إلى النفوس كما أنه جعل نظامه في هذا العالم متصل الارتباط بين أفراده فأمرهم بلزوم آداب المعاشرة والمعاملة لئلا يفسد النظام ولمراقبة الدوام على ذلك أيضا شرعت العبادة لتذكر به على أن في ذلك التذكر دوام الفكر في الخالق وشؤونه وفي ذلك تخلق بالكمالات تدريجا فظهر أن العبادة هي طريق الكمال الذاتي والاجتماعي مبدأ ونهاية وبه يتضح معنى قوله تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فالعبادة على الجملة لا تخرج عن كونها محققة للمقصد من الخلق ولما كان سر الخلق والغاية منه خفية الإدراك عرفنا الله تعالى إياها بمظهرها وما يحققها جمعا لعظيم المعاني في جملة واحدة وهي جملة ( إلا ليعبدون )
وقريب من هذا التقرير الذي نحوناه وأقل منه قول الشيخ ابن سينا في الإشارات " لما لم يكن الإنسان بحيث يستقل وحده بأمر نفسه إلا بمشاركة آخر من بني جنسه وبمعاوضة ومعارضة تجريان بينهما يفرغ كل واحد منهما لصاحبه عن مهم لو تولاه بنفسه لازدحم على الواحد كثير وكان مما يتعسر إن أمكن وجب أن يكون بين الناس معاملة وعدل يحفظه شرع يفرضه شارع متميز باستحقاق الطاعة ووجب أن يكون للمحسن والمسيء جزاء من عند القدير الخبير فوجب معرفة المجازي والشارع وأن يكون مع معرفة سبب حافظ للمعرفة ففرضت عليهم العبادة المذكرة للمعبود وكررت عليهم ليستحفظ التذكير بالتكرير )

ما أشكل عليّ قمت بتلوينه باللون الأحمر . و هل ابن سينا الذي ذكره هو ابن سينا المعروف ؟

رفع الله قدركم و نفعكم و نفعنا بما تجودون به .

..
 
توضيح للمعنى

توضيح للمعنى

بسم الله الرحمن الرحيم
"وذلك أن الله تعالى خلق هذا العالم ليكون مظهرا لكمال صفاته تعالى : الوجود والعلم والقدرة "
أخي كيف تعرفت على

وجود الله ـ عزوجل ـ اليس وجود المخلوقات والعالم بأسره دليل وجود الله عزوجل فكل وجود قائم بالله سبحانه وهو

تعالي القائم بذاته فهو الحي القيوم اليس ـ يرحمك الله ـ من أوجد هذا العالم قادرا على إيجاده أوليس الذي أعطى كل

شئ خلقه ثم هدى عالما سبحانه وتعالى

" ولما كان سر الخلق والغاية منه خفية الإدراك عرفنا الله تعالى إياها بمظهرها وما يحققها جمعا لعظيم المعاني في جملة واحدة وهي جملة ( إلا ليعبدون )

كيف عرفت سر وجودك أي السبب في ايجادك وهي العبادة الا بخبرالله الصادق في قيله " وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون " اذا هو تعالى الذي أظهر سر

الخلق اي سبب ايجادهم فكانت خفية لولاه سبحانه ما ظهرت وقد ظهرت في جمله " إلا ليعبدون " فهذه الكلمتين جمعت

مظهر العبادة ومايحققها والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .
 
التعديل الأخير:
السلام عليكم ، وكلَ عام وأنتم بخير :
إن ابن عاشور يقصد معنى جليلا في عبارته تلك التي وردت خلال تفسيرة لسورة الفاتحة ، فبعد أن تناول المعاني الظاهرة لقوله تعالى " إياك نعبد" ،غاص في معانيها الباطنة التي كثيرا ما تخفى إلا على أرباب السلوك ، والقرآن كما تعرفون يسعى إلى تربية النفوس المؤمنة والتدرج بها في مدارج الكمال ؛ ولايتم ذلك إلا بمعرفة كمالات الله في أوصافه وتجلياته في خلقه ،مما يدعو المؤمن ـ حقا ـ إلى حسن عبادته .
ولعل من أعظم تجليات الخالق ـ جل جلاله ـ في هذا الكون حسن نظامه ،واستواء ترتيبه ، مما يدفع هذه النفس إلى حسن العبادة ، وإلى الإحسان ، وهل يتم ذلك إلا بواسطة الجماعة المؤمنة ، فبذلك يكون التكامل بين أفرادها كما تمت بين كل عناصر هذا الكون المترامي الأطراف ، ولعل هذا هو سبب استعمال ضمير الجمع في تلك الآية .
هذا باختصار عمّا رامه ابن عاشور ـ رحمه الله ـ من تلك العبارة الراقية في معناها ومبناها .
نعم ، إن ابن سينا هو أبو علي ، الفيلسوف المعروف ،والطبيب المشهور ،له مؤلفات كثيرة في فنون شتى ،من أشهرها(القانون )في الطب ، و(الإشارات والتنيهات )وغيرهما .
يُحسب ابن سينا على الباطنية؛ وللشيعة الإمامية كلف به ، إذ تدرس كتبه في حوزاتهم ؛ أما عن استدلال ابن عاشور بكلام ابن سينا فهو من قبيل " الحكمة ضالة المؤمن" ، ولا يضيرذلك أمثالَ ابن عاشور لأنه خاض غمار الشريعة فروعَها وأصولَها ،ومنقولَها ومعقولَها ،فمثله يُؤمن عليه غائلة الهوى ، وضلالُ الابتداع ،والاصطدامُ مع أصول العقيدة الصحيحة .
إن سنحت لي الفرصة ـ إن شاء الله ـ في قابل الأيام ، فسوف أتكلم عن منهج ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير ) ، حتى نعرف الرجل ولا نظلمه ، وقد أنجزت ـ بفضل الله ـ رسالة ماجستير ـ في بيان منهجه الذي أتاح لي التعرف عليه بشكل واضح .
أخوكم محمد نذير الجزائري
 
عودة
أعلى