أيها الآباء لأبنائكم عليكم حق

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
للأبناء حق على الآباء ، كما أن للآباء عليهم حق ، وقد راعى الإسلام حق الأبناء رعاية عظيمة لا يجدها الباحث في غير الإسلام ؛ لقد ذهبت هذه الرعاية بعيدًا إلى قبل أن يكون له وجود في الحياة .. بدءًا من اختيار الأم ، ثم عند الجماع ، ثم وهو جنين في بطن أمه ، ثم عند الولادة ، ثم في مرحلة الرضاع ، ثم في مرحلة الطفولة بعد الرضاعة ، مرورًا بمرحلة المراهقة ثم البلوغ ، ولا تنقطع صلة الحقوق بين الآباء والأبناء حتى يحول بينهما الموت ، على أمل لقيا في الآخرة بين الصالحين في الجنة : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } .
ولما أصبحنا في زمن ضاعت فيه الحقوق ، وتغيرت فيه الموازين ، وأُوثرت فيه الثقافات الدخيلة ؛ وجب على المسلمين أن يتناصحوا ، ويتكاتفوا لبيان الحق ، واستدراك الأمر .
اعلموا - رحمكم الله - أن حقوق الأبناء كثيرة ، لا تقتصر على الطعام والشراب واللباس وفقط ، وإن كانت هذه من الحقوق المهمة ، فهناك حقوق أخرى لا تقل عنها أهمية ، بل قد تزيد أهمية بعضها على هذه الحقوق ، وأهم ذلك تعليمه دينه والحفاظ على عقيدته ، والتنمية المستمرة لهذا عبر سني عمره ، فهذه هي النجاة لكم وله ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ؛ قال علي t : أدبوهم وعلموهم ؛ وقال ابن عباس : أي : اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، وأمروا أهلكم بالذكر ، ينجيكم الله من النار ؛ وقال بعض السلف : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه .
إن الأبوين بدافع من الفطرة يعتنون بأمور أبنائهم المادية ، ويطلبون لهم وسائل الراحة قدر الاستطاعة ؛ وهذا وإن كان جانبًا مهما في شأن التربية ؛ إلا أن الخوف على الأبناء من عذاب الله تعالى أهم وأجدر أن يهتم به الآباء .
حق الجنين
لا ولن تجد منهجًا اعتنى بالجنين كما اعتنى به الإسلام ؛ لأنه – إن صح التعبير – مشروع إنسان له الحق في الحياة إذا نفخ فيه الروح ؛ وإليك بعض أوجه من هذه العناية : أباح الإسلام الفطر للحامل في شهر رمضان إن كان للصيام أثر عليها أو على جنينها ، على أن تقضي ما أفطرته بعد ذلك ؛ قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْم وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنْ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ " .
ويُعِدُّ الإسلام الاعتداء على الجنين جناية ؛ ولهذا حرَّم إجهاض الجنين حفاظًا لحقه في الحياة ؛ فلا يجوز لأمه أن تتعاطى ما يسبب الإجهاض من عمل شاق أو شرب دواء أو نحو ذلك ، ولا يحل لأبيه أن يأمرها بذلك ؛ يقول الغزالي - رحمه الله : الإجهاض والوأد جناية على موجود حاصل ؛ وله مراتب : وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة ، وإفساد ذلك جناية ؛ فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش ، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشًا ؛ ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حيًّا .ا.هـ .
وجعل الإسلام دية للجنين على من يتسبب في إسقاطه ؛ ففي الصحيحين أنه اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا ؛ فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ .. الحديث وفيه دليل على وُجُوب الدِّيَة فِي الْجَنِين وَلَوْ خَرَجَ مَيِّتًا ؛ وهذا من أبلغ عناية الإسلام بالجنين .
وحفظ الإسلام حق الجنين في الميراث ، إذا مات أبوه وهو في بطن أمه ؛ فيتأخر توزيع تركة الميت ، حتى يأتي المولود فينظر أذكر أم أنثى ؟ ثم يقسم الميراث على أهله .
بل يدل على عظم عناية الإسلام بالجنين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخَّر رجم الغامدية التي أقرت بالزنى حتى تضع ولدها ؛ ثم أخَّرها حتى تفطمه ؛ رعاية لحق الجنين ثم رعاية لحق الوليد .
ألا فليشهد الثقلان بأن الإسلام هو دين حقوق الإنسان ، في عالم يدعي الحضارة والمدنية وحقوق الإنسان ، ثم هو يسعى لإقرار الإجهاض كحق للمرأة لتستمتع بحياتها في دنيا الشياطين .
 
عودة
أعلى