أين رسل الله عليهم الصلاة والسلام من قوله تعالى:(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ )

البهيجي

Well-known member
إنضم
16/10/2004
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
82
النقاط
48
العمر
65
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آل بيته الطاهرين ورضي الله تعالى عن صحابته أجمعين.
أما بعد فقد تأملت في قوله تعالى:( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)) آل عمران
فقلت: أين رسل الله تعالى عليهم الصلاة والسلام من هذه الشهادة العظيمة ؟
قال الشوكاني(ت 1250هـ) رحمه الله تعالى :( وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أُولِي الْعِلْمِ هَؤُلَاءِ مَنْ هُمْ ؟ فَقِيلَ : هُمُ الْأَنْبِيَاءُ ، وَقِيلَ : الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، قَالَهُ ابْنُ كَيْسَانَ ، وَقِيلَ : مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ ، وَقِيلَ : الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ ، قَالَهُ السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ ، وَهُوَ الْحَقُّ إِذْ لَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ .

وَفِي ذَلِكَ فَضِيلَةٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ جَلِيلَةٌ ، وَمَنْقَبَةٌ نَبِيلَةٌ لِقُرْبِهِمْ بِاسْمِهِ وَاسْمِ مَلَائِكَتِهِ ، وَالْمُرَادُ بِأُولِي الْعِلْمِ هُنَا عُلَمَاءُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَتِهِمَا ، إِذْ لَا اعْتِدَادَ بِعِلْمٍ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْعِلْمِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ وَالسُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ ) فتح القدير- 209/1 .
فما هو الراجح من الأقوال؟ والله تعالى أعلم .


 
الأخ البهيجي .......لم ينته الأمر عند الإمام الشوكاني رحمه الله ...
فلقد ناقش ابن القيم رحمه الله هذه الآية في مدارج السالكين ....
وعلى أية حال فلا يمكن ألا يكون الرسل إلا على صدارة أهل العلم فهم قادة وسادة ..وهذا تعظيم لأهل العلم وتنبيه على خطورة مكانهم ومكانتهم .
قال ابن القيم رحمه الله :
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَهَادَةَ رُسُلِهِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَقُولُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ، وَهُمْ أَعْظَمُ شَهَادَةً مِنْ أُولِي الْعِلْمِ؟
قِيلَ: فِي ذَلِكَ عِدَّةُ فَوَائِدَ.
إِحْدَاهَا: أَنَّ أُولِي الْعِلْمِ أَعَمُّ مِنَ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ فَيَدْخُلُونَ هُمْ وَأَتْبَاعُهُمْ.
وَثَانِيهَا: أَنَّ فِي ذِكْرِ أُولِي الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَتَعْلِيقِهَا بِهِمْ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْعِلْمِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ، وَأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، كَمَا يُقَالُ: إِذَا طَلَعَ الْهِلَالُ وَاتَّضَحَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ يَرَاهُ، وَإِذَا فَاحَتْ رَائِحَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّمِّ يَشَمُّ هَذِهِ الرَّائِحَةَ، قَالَ تَعَالَى: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} [النازعات: 36] أَيْ كُلُّ مَنْ لَهُ رُؤْيَةٌ يَرَاهَا حِينَئِذٍ عِيَانًا، فَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْجُهَّالِ، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا مَا لَمْ يَعْلَمْهُ غَيْرُهُ، فَهُوَ مِنْ أُولِي الْجَهْلِ، لَا مِنْ أُولِي الْعِلْمِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَيُؤَدِّيهَا عَلَى وَجْهِهَا إِلَّا اتْبَاعُ الرُّسُلِ أَهْلُ الْإِثْبَاتِ، فَهُمْ أُولُو الْعِلْمِ، وَسَائِرُ مَنْ عَدَاهُمْ أُولُو الْجَهْلِ، وَإِنْ وَسَّعُوا الْقَوْلَ وَأَكْثَرُوا الْجِدَالَ.
وَمِنْهَا: الشَّهَادَةُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَهْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنَّهُمْ أُولُو الْعِلْمِ، فَشَهَادَتُهُ لَهُمْ أَعْدَلُ وَأَصْدَقُ مِنْ شَهَادَةِ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالْفِرْعَوْنِيَّةِ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ جُهَّالٌ، وَأَنَّهُمْ حَشَوِيَّةٌ، وَأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ، وَأَنَّهُمْ مُجَسِّمَةٌ وَنَوَابِتُ وَنَوَاصِبُ، فَكَفَاهُمْ أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ إِذْ شَهِدُوا لَهُ بِحَقِيقَةِ مَا شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَأَثْبَتُوا لَهُ حَقِيقَةَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَمَضْمُونَهَا، وَخُصُومُهُمْ نَفَوْا عَنْهُ حَقَائِقَهَا، وَأَثْبَتُوا لَهُ أَلْفَاظَهَا وَمَجَازَاتِهَا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين..أما بعد جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ الفاضل بشير عبد العال
أرجو من حضرتكم بيان الجزء والصفحة والطبعة لكتاب مدارج السالكين وفقنا الله تعالى وإياكم.
 
عودة
أعلى