محمد البويسفي
New member
- إنضم
- 02/03/2006
- المشاركات
- 60
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
لأهمية المقالة العلمية و لمكانة صاحبها الشيخ الدكتورالشاهد البوشيخي ولأنها ألقيت في المغرب الأقصى بعيداً عن الإخوة في المشرق..لتعميم الفائدة اخترت نشرها هنا نقلا عن موقع الدرس القرآني.
[line]
بسم الله الرحمن الرحيم , وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "ربنا آتنا من لدنك رحمة و هيئ لنا من أمرنا رشدا".
أيها المهتمون بالدراسات الإسلامية و لا سيما القرآنية ,نحمد الله تعالى أن يسرنا هذا اللقاء فأن نشغل أساسا بالأولويات هذا في حد ذاته رشد منهجي , حين نفكر في أن تكون هناك ندوة موضوعها الأولويات مطلقا في البحث العلمي أو في غير العلمي , حين نفكر هذا التفكير نكون بإذن الله عزوجل داخلين ضمن الراشدين منهجياً.
أيها الحضور الكريم هذه الكلمة التي عبارة عن رؤوس أقلام ستدور على النقط الآتية :
أولا: مقدمة في أهمية العمل بالأولويات .
1 –الدين كله نظام من الأولويات .
إذا نظرنا إلى الدين نظرة أفقية و قد تم تنزله بعد أن قال الله عزوجل "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا" إذا نظرنا إليه في هذه الصورة التامة الكاملة نجده أيضا نظاما من الأولويات .
إذا نظرنا إليه في الصورة المنهجية أي في كيفية إحلال الله عزوجل له في الأرض في التجربة الأولى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نجده أيضا نظاما من الأولويات وحسبنا أن نشير إشارة فقط إلى الحديث جبريل عليه السلام المشهور.
حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أولا , ثم الإيمان ثانيا , ثم الإحسان ثالثا. وحين ذكر ما بداخل الإسلام , فذكر الأركان الخمسة أولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , ثم الصلاة , ثم الزكاة , ثم الصيام , ثم الحج . وحين ذكر ما ذكر أيضا في أمر الإيمان وأمر الإحسان كل ذلك على نظام الأولويات في العلاقة الكبيرة وفي العلاقات الصغيرة .
2 – أن العمل بالأولويات رشد منهجي .
أي أن الشخص الذي يروض نفسه ويحملها على أن تتعود هذا الضرب من السلوك , وهو أن تسير وفق نظام الأولويات , فيه الثابت وفيه متغير, إذا حمل الشخص نفسه على هذا ووطن نفسه عليه , فإنه يكون راشدا منهجيا ...
3 – شروط تحديد الأولويات .
ويمكن اختصارها في الفقه بأنواعه الثلاثة :
فقه الدين في كلياته ونظام أولوياته أفقيا وعموديا .
و فقه الواقع في القوى المكنة له , و البنية التي لهذه القوى التي تتدافع فيه , والتوجهات الكبرى التي إليها في تدافعها فيه و تستشرف المستقل .
فقه التنزيل في علاقته بالمنزل عليه فردا أو جماعة أو حالا أو عملا أو أي شيء إذا فقه هذا أمكن تحديد الأولويات بدقة , وهذا الفقه بأنواعه الثلاثة شرط صحة في تحديد الأولويات .
ثانيا: تحديد مفاهيم ألفاظ العنوان.
1 – مفهوم الأولويات :
واضح أنه جمع لأولوية و الأولوية مصدر صناعي من الأولى وهو الذي على غيره لسبب من الأسباب , و الأولوية التي يجب أن تقدم على غيرها لخصائص فيها بعد إمعان النظر فيها انطلاقا من فقه الدين,و فقه الواقع و فقه التنزيل.
2 –مفهوم البحث العلمي :
البحث بحث ,فيه كشف و فيه جهد يبذل لكشف الخبء .هذا الأصل في البحث .ووصف بالعلمية لأنه مقدمات و طرائق و نتائج كلها موزونة بميزان العلم , فالبحث العلمي إذن هو ذالك الدرس المنهجي مؤسس على صحة المنطلقات وصحة المقدمات , و صحة الطريقة بهدف الوصول إلى نتائج صحيحة .
إذا لم يكن هناك كشف في البحث عن الخبء فليس بحثا , وإذا لم يكن هناك كشف بطريقة منهجية فليس بحثا علميا.
3 – مفهوم الدراسات القرآنية: و هي كل الدراسات التي جعلت موضوعا لها القرآن الكريم و علومه ما يتصل بذلك , فكل تلك الدراسات هي من الدراسات القرآنية .
ثالثا : أولوية المصطلح القرآني
والأولوية الأولى في نظري هي أولوية المصطلح القرآني :
1- ماذا أقصد بالمصطلح القرآني ؟
إنه ذلك اللفظ الذي أكتسبه استعماله في القرآن الكريم دلالة التي له في اللسان العربي , فصار بذلك له مفهوم خاص ضمن رؤية القرآنية الشاملة , وصار بذلك التعبير عن ذلك المفهوم مصطلحا من المصطلحات القرآنية .وهذا الكلام مؤسس على :
أ- أن المصطلح ليس ضرورة أن يتفق عليه الناس ,كما هو سائد في تعريف المصطلح .إذ يمكن أن يكون هناك مصطلح يأتي من جهة ما جاهز الاصطلاحية .
ب- أنه في تاريخنا وعبر نصوص كثيرة وفي واقعنا وواقع غيرنا أيضا يوجد هذا الاستعمال للمصطلح إذ يوجد كثيرا مثل قولهم " هذه اللفظة في اصطلاح فلان".
ج – أن كل المذاهب و التيارات عندنا و عند غيرنا,تأسست على نصوص بعينها ,استعمل أصحابها فيها ألفاظا بعينها ,صارت بعد ,لاستعمالهم إياها بمفاهيم معينة داخل الرؤية العامة التي قدموها للناس,صارت لها دلالات خاصة ,أي مفاهيم خاصة ,تبناها من جاء بعد واستعملها ,فهي في الحقيقة لم تصر مصطلحات بسبب الاستعمال الذي طرأ بعد – و إن كان ذلك أكد اصطلاحاتها - و لكن صارت مصطلحات لذالك التخصيص المفهومي الذي كان لها من قبل المؤسس.
و هذا كثير ,و في التيارات و الذاهب.. فأي كلام عندنا أو عند غيرنا هو مؤسس على هذا الكلام.
2 – لماذا المصطلح القرآني أولوية ؟
الأمر بسيط جدا , لأننا نحن الآن لا نفقه قرآننا و لا نفقه ديننا , و هذا عليه أمثلة كثيرة لدى النخبة و لدى العامة, و بتعبير القدماء لدى الخاصة و العامة , لقد بعدنا جدا عن كتاب ربنا , بعدنا على لمستوى الفهم , و بعدنا على المستوى العملي , و هو نتيجة لمستوى الفهم , و من ثم على مستوى الأحوال, نتيجة بعنا على المستوى الأعمال.
فلذلك وجب تجديد الفهم , من أجل تجديد العمل , من أجل تحسين الحال بصفة عامة.
نحن نحتاج إلى الدخول من باب الدخول "و إنما تؤت البيوت من أبوابها " فقبل أن ندخل إلى الجملة القرآنية , يجب أن نفتح باب الألفاظ القرآنية , إذ الجملة مكونة من ألفاظ وليس المقصود الألفاظ التي تكون في النص العادي ولكن المقصود الألفاظ المصطلحات التي تعبر عن مفاهيم والتي بها يتم الدخول إلى المفهوم الكلي ألنسقي للقرآن الكريم .
هناك نسق مفهومي لهذا الدين كامن في كتاب اله غز وجل وفي سنة رسول الله "ص" التي تبينه .
هو كامن يحتاج إلى تجلية جزئية والكلية.
هذا الأمر إذا لم يتم على وجهه الصحيح لم تتضح الصورة على وجهها الصحيح .
وقد تعرض المصطلح القرآني خلال أربعة عشر قرنا لاعتداءات متعددة بأشكال مختلفة صغرته , أو حرفته عن موضعه أو عن مفهومه أو جاءت ببدل عنه نهائيا وأهميته . وقد كان هذا كان موضوعا لعرض خاص قدم في جامعة الإمارات العربية المتحدة تحت عنوان :نحن والمصطلح القرآني".وذلك لبيان ماذا فعلنا عبر تاريخنا وفي واقعنا بالمصطلح القرآني .
3 - كيف ندرس المصطلح القرآني ؟
الأمر بسيط أيضا ,لأنه مسطرا في هذا الكتيب الصغير"القرآن الكريم والدراسة المصطلحية "وخلاصته بالإشارة أن الدراسة المصطلحية مدارها على خمسة أركان :
الإحصاء أولا للفظ ثم بعد ذلك الدراسة المعجمية له ثم بعد ذلك الدراسة المفهومة له ثم بعد ذلك عرضه على نمط خاص ببيان تعريفه وبيان صفاته بأنواعها وبيان علاقاته بأنواعها وبيان ضمائمه بأنواعها مشتقاته بأنواعها.
وأخير بالدخول إلى عالم قاضيات بأبعاده .
هذا الأمر في حد ذاته يحتاج إلى كلام طويل عريض ويكفي أن أقول : إن معهد الدراسات المصطلحية قد خصص لكل ركن من تلك الأركان دورة تدريبية كاملة فيها أشياء متعددة وأمور كثيرة .
رابعا :أولوية الهدى المنهاجي :
الأولوية الثانية هي أولوية الهدى ألمنهاجي .
1-ماذا أقصد بالهدى ألمنهاجي ؟
أقصد بالتحديد ما جعله الله عز وجل طلبا في قوله : "اهدنا الصراط المستقيم " ,وهو الطلب الوحيد الإجباري الذي للمؤمن في حياته كلها , في جميع صلواته ذلك بأن الفاتحة كما تعلمون مؤسسة على هذا الدعاء ما قبل "أهدنا" مؤسس له وما بعد" أهدنا" مفصل له وليس في الفاتحة دعاء إلا "أهدنا الصراط المستقيم " ما قبلها يؤسس لأدب الدعاء وما بعدها يفصل في هذا الدعاءُ .
وليس في الكتاب بعد إلا " الهدى" قال تعالى : "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه الهدى للمتقين" وقال أيضا "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس بينات الهدى والفرقان" وقال جل جلاله :"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"... إلى غير ذلك من الآيات.
فلذلك أقول :إني أقصد بالهدى المنهاجي تلك الطريقة المثلى للتفكير والتعبير والتدبير.
الفردي والجماعي في مختلف الأحوال هذا ما أقصد بالهدى المنهاجي.
2- لماذا الهدى المنهاجي ؟
لأننا بصدد الاستئناف الآن والعودة من جديد إن شاء الله تعالى في التاريخ عائدون... سنعود من جديد وستعود الأمة من جديد ," بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ " رواه مسلم.
هذه العودة لابد من تسريعها للتعجيل بتخليص العالم ولا يمكن تسريعها إلا بالاهتداء في الأمر كله للتي هي أقوم . ولذلك لابد من اكتشاف واستخلاص واستخراج الهدى المنهاجي من باطن الوحي ليستبين السبيل وليستقيم ويرشد السير .
3- كيف نستنبط الهدى المنهاجي ؟
لا سبيل إلى ذلك بغير الدرس والتدارس للقرآن الكريم :
أما الدرس فهو الصورة الفردية النافعة لصحبة القرآن ولن تكون ربانيا عن الحقيقة بغير الدرس للقرآن "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" ولكن الدرس وحده لا يفضي إلى كل النتائج المرجوة من صحبة القرآن .
وأما التدارس فهو الصورة الجماعة المثلى لصحبة القرآن كما جاء في الحديث الصحيح المشهور الذي تعرفون "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكره الله فيمن عنده " . رواه مسلم .
هذا الترقي في مقامات الفهم ومقامات العلم بالكتاب يبدأ بالتلاوة والتدارس فتنزل السكينة فإذا نزلت السكينة ازداد الإيمان "هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا أيمانا مع أيمانهم" ثم يكون غشيان الرحمة وإذا غشيت الرحمة أذهبت الاختلاف و جاءت بالائتلاف " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك " ثم يكون حفوف الملائكة وإذ ترقى الأمر إلى درجة حفوف الملائكة وإحاطتهم بالمتدارسين أدت المصاحبة لملائكة إلى تخلق بأخلاق الملائكة " والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"رواه أبو داود والترمذي .
والدرجة الرابعة : ذكر الله "ولذكر الله أكبر"أن يتأهل العبد نتيجة عروجه في هذه المقامات إلى حال أن يذكر في الملا الأعلى عند الله تعالى كما ذكر الأنبياء قبل عليهم الصلاة والسلام .
هذا التدارس إذن هو أسرع طريق لاستخلاص هذا الهدى واستنباطه وهو الشرط الذي يشير إلى الجهد الجماعي المشترك الذي لا تحصل تلك النتائج كلها إلا بوجوده .
خامساً : أولوية الأعجاز العلمي .
الأولوية الثالثة هي أولوية إعجاز العلمي .
1- ماذا أقصد بالإعجاز العلمي ؟
أقصد بالإعجاز العلمي ما يكتشفه بعض العلماء في القرآن الكريم مما يستحيل أن يصدر عن غير الله إبان نزوله القرآن الكريم وأقول "اكتشاف" لأن أمر الإعجاز ليس أمرا استنباطيا ولكنه أمر اكتشافي إذ هو موجود في الكتاب .
فأي صاحب تخصص علمي اكتشف شيئا أو أمرا في كتاب الله عز وجل تبين له بحكم تخصصه أن هذا الأمر الذي تحدث عنه الكتاب نزوله يستحيل أن يكون من بشر فقد اكتشف إعجازا علميا أي أمرا يعجز غير الله أن يصدر منه .
ولا أقصد بالعلم هنا المفهوم المعاصر المقصور على مجال العلوم المادية كما هو شائع اليوم .
كلا ثم كلا , إنما هو العلم بمفهومه الواسع الذي يبتدئ من الوحي أصلا "ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم " ثم العلوم الشرعية بكاملها المستنبطة من الوحي ثم العلوم الإنسانية بصفة عامة ثم العلوم المادية .
فصاحب العلوم الشرعية يكتشف الإعجاز التشريعي إذا تضلع في مجاله وفي تخصصه وغيره يكتشف غير ذلك . وكذلك صاحب العلوم الإنسانية وصاحب العلوم المادية .
فالإعجاز العلمي الذي أقصده عام وعملية فه عامة وليس كما يستعمل اليوم في الإعلام وغير الإعلام .
2- لماذا صار الإعجاز العلمي أولوية ؟
ذلك لرد الناس إلى الله تعالى بأسرع طريق لأنهم حين يتبين لهم بوضوح أن هذا الأمر وذاك مستحيل أن يقوله محمد "ص" ولا العرب . بل لا هو ولا هم ولا غيرهم من الأمم إذاك يقتنعون أن هذا القرآن ليس من عند غير الله .
فمثلا وقف بعض علماء الأجنة عند قوه تعالى : "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" تعجب من إشارة القرآن الكريم إلى هذه المرحلة العظيمة التي يمر بها الجنين فلا يبقى فيه إلا النسيج العظمي في الصورة الغضروفية أولا ثم بعد ذلك تكسى تلك العظام بأنسجة لحمية ثم ينفخ في الجنين بعد الروح فيصير خلقا آخر.
وبما أن علم تشريح الأجنة بكامله لم يظهر إلا منذ نحو قرن تقريبا ولم يكتشف هذه الحقيقة إلا حديثا فمن أخبر محمدا أو من أخبر غيره من بقية الأمم بشيء من هذا.
هذا الاكتشاف هو اكتشاف لإعجاز علمي في القرآن الكريم يثبت أن هذا القرآن ليس إن من عند الله تعالى .
3- كيف نكتشف الإعجاز العلمي؟
لابد أولا من تفوق في التخصص إذ القوة في التخصص أي تخصص في أي علم من العلوم تفضي بصاحبها إلى اكتشاف المجهول .
ثم أيضا التفوق في تذوق القرآن بما يستلزم ذلك من إتقان للغة العربية ومن علوم الآية بصفة عامة . ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
ثم بعد ذلك وقبل ذلك اليقين لأنه إذا حضر التفوق في التخصص والتفوق في التذوق ولم يحضر اليقين أي الإيمان بما في هذا القرآن إلى درجة اليقين فإنه لا يحصل الاهتداء " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء واللذين لا يومنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولائك ينادون من مكان بعيد" .
سادسا : أولوية إعداد النصوص
الأولوية الرابعة هي أولوية إعداد النصوص .
1- ماذا اقصد بإعداد النصوص ؟
المقصود بإعداد النصوص في هذه الإشارات هو تصييرها صالحة للاعتماد العلمي. ولا يكون ذلك إلا بالتوثيق والتحقيق والتكشيف .
2- لماذا يجب إعداد النصوص ؟
لماذا لابد من إعداد النصوص : نصوص الدراسات القرآنية ؟ ذلك لتحقيق شرط العملية في مادة الخام والاستكمال الشخصية النصية لتخصص فتحضر المادة كلها لتعم الأحكام وتحضر موثقة محققة لتصح الأحكام وتحضر مكشفة ليسهل جمع ما تفرق من المادة الخام .
3- كيف تعد النصوص للدراسة ؟
المراحل الثلاث :
مرحلة توثيق النسبة أي توثيق نسبة النص إلى صاحبه .
ثم مرحلة توثيق المتن وهو ما يسمى بالتحقيق عادة لأنا نريد أن نستوثق من أن هذا النص لفلان . وإلا فجميع النتائج ستفسد سنحكم على عصرنا حكما غير صحيح أو على شخصية ما أو اتجاه أو تيار .. ثم ينبغي أن نستوثق من أن هذا النص هو أقرب شيء للنص الذي خرج من قلم صاحبه إن لم يكن يطابقه .
ثم مرحلة ثالثة ينبغي أن نخضع هذا النص لعملية تكشيف في مستوياتها الأربعة تكشيف أسماء الأعيان وتكشيف الموضوعات وتكشيف النقول وتكشيف المصطلحات . وفي ذلك الفوائد يطول الكلام فيها .
سابعا : أولوية تكميل أصول البيان
الأولوية الخامسة هي أولوية تكميل أصول البيان.
1- ما المقصود بأصول البيان ؟
أقصد بأصول البيان ما تعرفونه من أصول التفسير وأزعم أن لفظة البيان هي اللفظة الأنسب للمراد "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه " وهي اللفظة التي ترددت في القرآن كثيرا . أما التفسير فلم يرد إلا مرة واحدة وفي سياق بعينيه لا صلة له بهذا الموضوع .
2- لماذا أصول البيان ؟
السبب هو أن هذا الأمر لما يحسم فيه ولما يجمع حتى الساعة وينظم في صورة نظرية متكاملة لفهم القرآن حق الفهم . لقد خدم الحديث ، حديث رسول "ص" وخدم النحو وخدمت البلاغة حتى قالوا إنها علوم نضجت واحترقت . لكن علم بيان القرآن لم ينضج ولم يحترق, و ما زال الباب مفتوحا على مصراعيه.
وإني بحمد الله تعالى لعلى علم بما هو كائن.
فلماذا نكمل أصول البيان إذن , لأجل نقصانها في الواقع, ولضرورتها للاستنباط الصحيح .
3-كيف نكمل أصول البيان ؟
لابد أن نجمع المتفرق و هو في مقدمات أصول التفسير و في بواطن كتب التفسير و في كتب علوم القرآن بأشكالها و ألوانها و في كتب الأصول و في كتب اللغة و في غير ذالك.هو مفرق في عدد من العلوم. و القواعد الأصولية كثير منها أصول تفسيرية أي أصول بيانية.
ثم بعد ذالك لابد أن نخلص الملتبس و لابد أن نضيف الناقص.
و على سبيل المثال:فقد بقي جهد مدرستين خارج الإطار :جهد مدرسة المقاصد و جهد المدرسة الاجتماعية المعاصرة.فجهودهما مشتتة لما تجمع لتلحق بالضوابط العامة.
ثم من بعد ذالك لابد من عمليات للتمحيص و التقعيد و التصنيف قبل أن يصاغ كل الناتج في صورة نظرية شاملة كاملة.
ثامنا: خاتمة فيها قبل الأولويات
أولا: تكوين الأطر العلمية القوية الأمينة المؤهلة: و هذا أمر فيه كلام عريض لابد أن نحرس على أن ندفع بالمعدن الممتازة إلى مجال العلوم الشرعية"لأن التصفية بلغة اليوم تتم في التاسعة أي في نهاية مرحلة الإعدادي هناك" يصفى " العلم الشرعي "التصفية الجسدية ".أي إن خيرة العقول يذهب بها إلى اختصاص الرياضيات أو يذهب بها إلى العلوم التجريبية وما بقي يعطى للعلوم الأدبية وما يلحق بها من علوم شرعية على قاعدة " ويجعلون لله ما يكرهون".
فتكوين الأطر القوية الأمينة إذن لابد منه. و هو يبدأ باختيار المعدن الكريمة و تأهيلها التأهيل العالي . لابد من تحررنا من ضغط الخبز و من ضغط غير الخبز لابد من تحررنا من كل الضغوط لنستطيع أن نأتي بما ينفع الناس و يمكث في الأرض.
ثانيا : اعتماد العلمية والمنهجية و التكاملية في البحث:
العملية بشروطها التي أشير إليها قبل بأن نلتزم بصحة المقدمات و صحة الطريقة و صحة النتائج . و تبعا لذالك نهيئ ما يلزم لذالك.
و المنهجية تتجلى في أنك تسير بطريقة معينة انطلاقا من الجزئيات لتركيب الكليات و ترسم الطريق عبر مراحل يفضي بعضها إلى بعض.
و التكاملية تعني التنسيق في العمل و التكامل فيه, فإذا اشتغل مثلا بالأذن فينبغي أن يشتغل الآخر بالعين والآخر اليد و الآخر الرجل وهكذا.نحن بحاجة إلى التكامل في البحث . وإن هذه النقطة فيها نقص كبير و فيها كوارث ليس التكرار الكثير في البحوث الذي يقع حتى الكلية الواحدة و الشعبة الواحدة.
و أخيرا استصحاب الرؤية الشاملة في المسألة العلمية بمعنى ألا ننظر إلى موضوعنا مجردا عن غيره أو إلى تخصصنا مجردا عن غيره أو إلى المكان الذي نبحث فيه مجردا عن غيره وهكذا...و هكذا..و بالله التوفيق
المصدر http://www.adarsalquran.net/
[line]
بسم الله الرحمن الرحيم , وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "ربنا آتنا من لدنك رحمة و هيئ لنا من أمرنا رشدا".
أيها المهتمون بالدراسات الإسلامية و لا سيما القرآنية ,نحمد الله تعالى أن يسرنا هذا اللقاء فأن نشغل أساسا بالأولويات هذا في حد ذاته رشد منهجي , حين نفكر في أن تكون هناك ندوة موضوعها الأولويات مطلقا في البحث العلمي أو في غير العلمي , حين نفكر هذا التفكير نكون بإذن الله عزوجل داخلين ضمن الراشدين منهجياً.
أيها الحضور الكريم هذه الكلمة التي عبارة عن رؤوس أقلام ستدور على النقط الآتية :
أولا: مقدمة في أهمية العمل بالأولويات .
1 –الدين كله نظام من الأولويات .
إذا نظرنا إلى الدين نظرة أفقية و قد تم تنزله بعد أن قال الله عزوجل "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا" إذا نظرنا إليه في هذه الصورة التامة الكاملة نجده أيضا نظاما من الأولويات .
إذا نظرنا إليه في الصورة المنهجية أي في كيفية إحلال الله عزوجل له في الأرض في التجربة الأولى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نجده أيضا نظاما من الأولويات وحسبنا أن نشير إشارة فقط إلى الحديث جبريل عليه السلام المشهور.
حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أولا , ثم الإيمان ثانيا , ثم الإحسان ثالثا. وحين ذكر ما بداخل الإسلام , فذكر الأركان الخمسة أولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , ثم الصلاة , ثم الزكاة , ثم الصيام , ثم الحج . وحين ذكر ما ذكر أيضا في أمر الإيمان وأمر الإحسان كل ذلك على نظام الأولويات في العلاقة الكبيرة وفي العلاقات الصغيرة .
2 – أن العمل بالأولويات رشد منهجي .
أي أن الشخص الذي يروض نفسه ويحملها على أن تتعود هذا الضرب من السلوك , وهو أن تسير وفق نظام الأولويات , فيه الثابت وفيه متغير, إذا حمل الشخص نفسه على هذا ووطن نفسه عليه , فإنه يكون راشدا منهجيا ...
3 – شروط تحديد الأولويات .
ويمكن اختصارها في الفقه بأنواعه الثلاثة :
فقه الدين في كلياته ونظام أولوياته أفقيا وعموديا .
و فقه الواقع في القوى المكنة له , و البنية التي لهذه القوى التي تتدافع فيه , والتوجهات الكبرى التي إليها في تدافعها فيه و تستشرف المستقل .
فقه التنزيل في علاقته بالمنزل عليه فردا أو جماعة أو حالا أو عملا أو أي شيء إذا فقه هذا أمكن تحديد الأولويات بدقة , وهذا الفقه بأنواعه الثلاثة شرط صحة في تحديد الأولويات .
ثانيا: تحديد مفاهيم ألفاظ العنوان.
1 – مفهوم الأولويات :
واضح أنه جمع لأولوية و الأولوية مصدر صناعي من الأولى وهو الذي على غيره لسبب من الأسباب , و الأولوية التي يجب أن تقدم على غيرها لخصائص فيها بعد إمعان النظر فيها انطلاقا من فقه الدين,و فقه الواقع و فقه التنزيل.
2 –مفهوم البحث العلمي :
البحث بحث ,فيه كشف و فيه جهد يبذل لكشف الخبء .هذا الأصل في البحث .ووصف بالعلمية لأنه مقدمات و طرائق و نتائج كلها موزونة بميزان العلم , فالبحث العلمي إذن هو ذالك الدرس المنهجي مؤسس على صحة المنطلقات وصحة المقدمات , و صحة الطريقة بهدف الوصول إلى نتائج صحيحة .
إذا لم يكن هناك كشف في البحث عن الخبء فليس بحثا , وإذا لم يكن هناك كشف بطريقة منهجية فليس بحثا علميا.
3 – مفهوم الدراسات القرآنية: و هي كل الدراسات التي جعلت موضوعا لها القرآن الكريم و علومه ما يتصل بذلك , فكل تلك الدراسات هي من الدراسات القرآنية .
ثالثا : أولوية المصطلح القرآني
والأولوية الأولى في نظري هي أولوية المصطلح القرآني :
1- ماذا أقصد بالمصطلح القرآني ؟
إنه ذلك اللفظ الذي أكتسبه استعماله في القرآن الكريم دلالة التي له في اللسان العربي , فصار بذلك له مفهوم خاص ضمن رؤية القرآنية الشاملة , وصار بذلك التعبير عن ذلك المفهوم مصطلحا من المصطلحات القرآنية .وهذا الكلام مؤسس على :
أ- أن المصطلح ليس ضرورة أن يتفق عليه الناس ,كما هو سائد في تعريف المصطلح .إذ يمكن أن يكون هناك مصطلح يأتي من جهة ما جاهز الاصطلاحية .
ب- أنه في تاريخنا وعبر نصوص كثيرة وفي واقعنا وواقع غيرنا أيضا يوجد هذا الاستعمال للمصطلح إذ يوجد كثيرا مثل قولهم " هذه اللفظة في اصطلاح فلان".
ج – أن كل المذاهب و التيارات عندنا و عند غيرنا,تأسست على نصوص بعينها ,استعمل أصحابها فيها ألفاظا بعينها ,صارت بعد ,لاستعمالهم إياها بمفاهيم معينة داخل الرؤية العامة التي قدموها للناس,صارت لها دلالات خاصة ,أي مفاهيم خاصة ,تبناها من جاء بعد واستعملها ,فهي في الحقيقة لم تصر مصطلحات بسبب الاستعمال الذي طرأ بعد – و إن كان ذلك أكد اصطلاحاتها - و لكن صارت مصطلحات لذالك التخصيص المفهومي الذي كان لها من قبل المؤسس.
و هذا كثير ,و في التيارات و الذاهب.. فأي كلام عندنا أو عند غيرنا هو مؤسس على هذا الكلام.
2 – لماذا المصطلح القرآني أولوية ؟
الأمر بسيط جدا , لأننا نحن الآن لا نفقه قرآننا و لا نفقه ديننا , و هذا عليه أمثلة كثيرة لدى النخبة و لدى العامة, و بتعبير القدماء لدى الخاصة و العامة , لقد بعدنا جدا عن كتاب ربنا , بعدنا على لمستوى الفهم , و بعدنا على المستوى العملي , و هو نتيجة لمستوى الفهم , و من ثم على مستوى الأحوال, نتيجة بعنا على المستوى الأعمال.
فلذلك وجب تجديد الفهم , من أجل تجديد العمل , من أجل تحسين الحال بصفة عامة.
نحن نحتاج إلى الدخول من باب الدخول "و إنما تؤت البيوت من أبوابها " فقبل أن ندخل إلى الجملة القرآنية , يجب أن نفتح باب الألفاظ القرآنية , إذ الجملة مكونة من ألفاظ وليس المقصود الألفاظ التي تكون في النص العادي ولكن المقصود الألفاظ المصطلحات التي تعبر عن مفاهيم والتي بها يتم الدخول إلى المفهوم الكلي ألنسقي للقرآن الكريم .
هناك نسق مفهومي لهذا الدين كامن في كتاب اله غز وجل وفي سنة رسول الله "ص" التي تبينه .
هو كامن يحتاج إلى تجلية جزئية والكلية.
هذا الأمر إذا لم يتم على وجهه الصحيح لم تتضح الصورة على وجهها الصحيح .
وقد تعرض المصطلح القرآني خلال أربعة عشر قرنا لاعتداءات متعددة بأشكال مختلفة صغرته , أو حرفته عن موضعه أو عن مفهومه أو جاءت ببدل عنه نهائيا وأهميته . وقد كان هذا كان موضوعا لعرض خاص قدم في جامعة الإمارات العربية المتحدة تحت عنوان :نحن والمصطلح القرآني".وذلك لبيان ماذا فعلنا عبر تاريخنا وفي واقعنا بالمصطلح القرآني .
3 - كيف ندرس المصطلح القرآني ؟
الأمر بسيط أيضا ,لأنه مسطرا في هذا الكتيب الصغير"القرآن الكريم والدراسة المصطلحية "وخلاصته بالإشارة أن الدراسة المصطلحية مدارها على خمسة أركان :
الإحصاء أولا للفظ ثم بعد ذلك الدراسة المعجمية له ثم بعد ذلك الدراسة المفهومة له ثم بعد ذلك عرضه على نمط خاص ببيان تعريفه وبيان صفاته بأنواعها وبيان علاقاته بأنواعها وبيان ضمائمه بأنواعها مشتقاته بأنواعها.
وأخير بالدخول إلى عالم قاضيات بأبعاده .
هذا الأمر في حد ذاته يحتاج إلى كلام طويل عريض ويكفي أن أقول : إن معهد الدراسات المصطلحية قد خصص لكل ركن من تلك الأركان دورة تدريبية كاملة فيها أشياء متعددة وأمور كثيرة .
رابعا :أولوية الهدى المنهاجي :
الأولوية الثانية هي أولوية الهدى ألمنهاجي .
1-ماذا أقصد بالهدى ألمنهاجي ؟
أقصد بالتحديد ما جعله الله عز وجل طلبا في قوله : "اهدنا الصراط المستقيم " ,وهو الطلب الوحيد الإجباري الذي للمؤمن في حياته كلها , في جميع صلواته ذلك بأن الفاتحة كما تعلمون مؤسسة على هذا الدعاء ما قبل "أهدنا" مؤسس له وما بعد" أهدنا" مفصل له وليس في الفاتحة دعاء إلا "أهدنا الصراط المستقيم " ما قبلها يؤسس لأدب الدعاء وما بعدها يفصل في هذا الدعاءُ .
وليس في الكتاب بعد إلا " الهدى" قال تعالى : "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه الهدى للمتقين" وقال أيضا "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس بينات الهدى والفرقان" وقال جل جلاله :"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"... إلى غير ذلك من الآيات.
فلذلك أقول :إني أقصد بالهدى المنهاجي تلك الطريقة المثلى للتفكير والتعبير والتدبير.
الفردي والجماعي في مختلف الأحوال هذا ما أقصد بالهدى المنهاجي.
2- لماذا الهدى المنهاجي ؟
لأننا بصدد الاستئناف الآن والعودة من جديد إن شاء الله تعالى في التاريخ عائدون... سنعود من جديد وستعود الأمة من جديد ," بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ " رواه مسلم.
هذه العودة لابد من تسريعها للتعجيل بتخليص العالم ولا يمكن تسريعها إلا بالاهتداء في الأمر كله للتي هي أقوم . ولذلك لابد من اكتشاف واستخلاص واستخراج الهدى المنهاجي من باطن الوحي ليستبين السبيل وليستقيم ويرشد السير .
3- كيف نستنبط الهدى المنهاجي ؟
لا سبيل إلى ذلك بغير الدرس والتدارس للقرآن الكريم :
أما الدرس فهو الصورة الفردية النافعة لصحبة القرآن ولن تكون ربانيا عن الحقيقة بغير الدرس للقرآن "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" ولكن الدرس وحده لا يفضي إلى كل النتائج المرجوة من صحبة القرآن .
وأما التدارس فهو الصورة الجماعة المثلى لصحبة القرآن كما جاء في الحديث الصحيح المشهور الذي تعرفون "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكره الله فيمن عنده " . رواه مسلم .
هذا الترقي في مقامات الفهم ومقامات العلم بالكتاب يبدأ بالتلاوة والتدارس فتنزل السكينة فإذا نزلت السكينة ازداد الإيمان "هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا أيمانا مع أيمانهم" ثم يكون غشيان الرحمة وإذا غشيت الرحمة أذهبت الاختلاف و جاءت بالائتلاف " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك " ثم يكون حفوف الملائكة وإذ ترقى الأمر إلى درجة حفوف الملائكة وإحاطتهم بالمتدارسين أدت المصاحبة لملائكة إلى تخلق بأخلاق الملائكة " والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"رواه أبو داود والترمذي .
والدرجة الرابعة : ذكر الله "ولذكر الله أكبر"أن يتأهل العبد نتيجة عروجه في هذه المقامات إلى حال أن يذكر في الملا الأعلى عند الله تعالى كما ذكر الأنبياء قبل عليهم الصلاة والسلام .
هذا التدارس إذن هو أسرع طريق لاستخلاص هذا الهدى واستنباطه وهو الشرط الذي يشير إلى الجهد الجماعي المشترك الذي لا تحصل تلك النتائج كلها إلا بوجوده .
خامساً : أولوية الأعجاز العلمي .
الأولوية الثالثة هي أولوية إعجاز العلمي .
1- ماذا أقصد بالإعجاز العلمي ؟
أقصد بالإعجاز العلمي ما يكتشفه بعض العلماء في القرآن الكريم مما يستحيل أن يصدر عن غير الله إبان نزوله القرآن الكريم وأقول "اكتشاف" لأن أمر الإعجاز ليس أمرا استنباطيا ولكنه أمر اكتشافي إذ هو موجود في الكتاب .
فأي صاحب تخصص علمي اكتشف شيئا أو أمرا في كتاب الله عز وجل تبين له بحكم تخصصه أن هذا الأمر الذي تحدث عنه الكتاب نزوله يستحيل أن يكون من بشر فقد اكتشف إعجازا علميا أي أمرا يعجز غير الله أن يصدر منه .
ولا أقصد بالعلم هنا المفهوم المعاصر المقصور على مجال العلوم المادية كما هو شائع اليوم .
كلا ثم كلا , إنما هو العلم بمفهومه الواسع الذي يبتدئ من الوحي أصلا "ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم " ثم العلوم الشرعية بكاملها المستنبطة من الوحي ثم العلوم الإنسانية بصفة عامة ثم العلوم المادية .
فصاحب العلوم الشرعية يكتشف الإعجاز التشريعي إذا تضلع في مجاله وفي تخصصه وغيره يكتشف غير ذلك . وكذلك صاحب العلوم الإنسانية وصاحب العلوم المادية .
فالإعجاز العلمي الذي أقصده عام وعملية فه عامة وليس كما يستعمل اليوم في الإعلام وغير الإعلام .
2- لماذا صار الإعجاز العلمي أولوية ؟
ذلك لرد الناس إلى الله تعالى بأسرع طريق لأنهم حين يتبين لهم بوضوح أن هذا الأمر وذاك مستحيل أن يقوله محمد "ص" ولا العرب . بل لا هو ولا هم ولا غيرهم من الأمم إذاك يقتنعون أن هذا القرآن ليس من عند غير الله .
فمثلا وقف بعض علماء الأجنة عند قوه تعالى : "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" تعجب من إشارة القرآن الكريم إلى هذه المرحلة العظيمة التي يمر بها الجنين فلا يبقى فيه إلا النسيج العظمي في الصورة الغضروفية أولا ثم بعد ذلك تكسى تلك العظام بأنسجة لحمية ثم ينفخ في الجنين بعد الروح فيصير خلقا آخر.
وبما أن علم تشريح الأجنة بكامله لم يظهر إلا منذ نحو قرن تقريبا ولم يكتشف هذه الحقيقة إلا حديثا فمن أخبر محمدا أو من أخبر غيره من بقية الأمم بشيء من هذا.
هذا الاكتشاف هو اكتشاف لإعجاز علمي في القرآن الكريم يثبت أن هذا القرآن ليس إن من عند الله تعالى .
3- كيف نكتشف الإعجاز العلمي؟
لابد أولا من تفوق في التخصص إذ القوة في التخصص أي تخصص في أي علم من العلوم تفضي بصاحبها إلى اكتشاف المجهول .
ثم أيضا التفوق في تذوق القرآن بما يستلزم ذلك من إتقان للغة العربية ومن علوم الآية بصفة عامة . ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
ثم بعد ذلك وقبل ذلك اليقين لأنه إذا حضر التفوق في التخصص والتفوق في التذوق ولم يحضر اليقين أي الإيمان بما في هذا القرآن إلى درجة اليقين فإنه لا يحصل الاهتداء " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء واللذين لا يومنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولائك ينادون من مكان بعيد" .
سادسا : أولوية إعداد النصوص
الأولوية الرابعة هي أولوية إعداد النصوص .
1- ماذا اقصد بإعداد النصوص ؟
المقصود بإعداد النصوص في هذه الإشارات هو تصييرها صالحة للاعتماد العلمي. ولا يكون ذلك إلا بالتوثيق والتحقيق والتكشيف .
2- لماذا يجب إعداد النصوص ؟
لماذا لابد من إعداد النصوص : نصوص الدراسات القرآنية ؟ ذلك لتحقيق شرط العملية في مادة الخام والاستكمال الشخصية النصية لتخصص فتحضر المادة كلها لتعم الأحكام وتحضر موثقة محققة لتصح الأحكام وتحضر مكشفة ليسهل جمع ما تفرق من المادة الخام .
3- كيف تعد النصوص للدراسة ؟
المراحل الثلاث :
مرحلة توثيق النسبة أي توثيق نسبة النص إلى صاحبه .
ثم مرحلة توثيق المتن وهو ما يسمى بالتحقيق عادة لأنا نريد أن نستوثق من أن هذا النص لفلان . وإلا فجميع النتائج ستفسد سنحكم على عصرنا حكما غير صحيح أو على شخصية ما أو اتجاه أو تيار .. ثم ينبغي أن نستوثق من أن هذا النص هو أقرب شيء للنص الذي خرج من قلم صاحبه إن لم يكن يطابقه .
ثم مرحلة ثالثة ينبغي أن نخضع هذا النص لعملية تكشيف في مستوياتها الأربعة تكشيف أسماء الأعيان وتكشيف الموضوعات وتكشيف النقول وتكشيف المصطلحات . وفي ذلك الفوائد يطول الكلام فيها .
سابعا : أولوية تكميل أصول البيان
الأولوية الخامسة هي أولوية تكميل أصول البيان.
1- ما المقصود بأصول البيان ؟
أقصد بأصول البيان ما تعرفونه من أصول التفسير وأزعم أن لفظة البيان هي اللفظة الأنسب للمراد "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه " وهي اللفظة التي ترددت في القرآن كثيرا . أما التفسير فلم يرد إلا مرة واحدة وفي سياق بعينيه لا صلة له بهذا الموضوع .
2- لماذا أصول البيان ؟
السبب هو أن هذا الأمر لما يحسم فيه ولما يجمع حتى الساعة وينظم في صورة نظرية متكاملة لفهم القرآن حق الفهم . لقد خدم الحديث ، حديث رسول "ص" وخدم النحو وخدمت البلاغة حتى قالوا إنها علوم نضجت واحترقت . لكن علم بيان القرآن لم ينضج ولم يحترق, و ما زال الباب مفتوحا على مصراعيه.
وإني بحمد الله تعالى لعلى علم بما هو كائن.
فلماذا نكمل أصول البيان إذن , لأجل نقصانها في الواقع, ولضرورتها للاستنباط الصحيح .
3-كيف نكمل أصول البيان ؟
لابد أن نجمع المتفرق و هو في مقدمات أصول التفسير و في بواطن كتب التفسير و في كتب علوم القرآن بأشكالها و ألوانها و في كتب الأصول و في كتب اللغة و في غير ذالك.هو مفرق في عدد من العلوم. و القواعد الأصولية كثير منها أصول تفسيرية أي أصول بيانية.
ثم بعد ذالك لابد أن نخلص الملتبس و لابد أن نضيف الناقص.
و على سبيل المثال:فقد بقي جهد مدرستين خارج الإطار :جهد مدرسة المقاصد و جهد المدرسة الاجتماعية المعاصرة.فجهودهما مشتتة لما تجمع لتلحق بالضوابط العامة.
ثم من بعد ذالك لابد من عمليات للتمحيص و التقعيد و التصنيف قبل أن يصاغ كل الناتج في صورة نظرية شاملة كاملة.
ثامنا: خاتمة فيها قبل الأولويات
أولا: تكوين الأطر العلمية القوية الأمينة المؤهلة: و هذا أمر فيه كلام عريض لابد أن نحرس على أن ندفع بالمعدن الممتازة إلى مجال العلوم الشرعية"لأن التصفية بلغة اليوم تتم في التاسعة أي في نهاية مرحلة الإعدادي هناك" يصفى " العلم الشرعي "التصفية الجسدية ".أي إن خيرة العقول يذهب بها إلى اختصاص الرياضيات أو يذهب بها إلى العلوم التجريبية وما بقي يعطى للعلوم الأدبية وما يلحق بها من علوم شرعية على قاعدة " ويجعلون لله ما يكرهون".
فتكوين الأطر القوية الأمينة إذن لابد منه. و هو يبدأ باختيار المعدن الكريمة و تأهيلها التأهيل العالي . لابد من تحررنا من ضغط الخبز و من ضغط غير الخبز لابد من تحررنا من كل الضغوط لنستطيع أن نأتي بما ينفع الناس و يمكث في الأرض.
ثانيا : اعتماد العلمية والمنهجية و التكاملية في البحث:
العملية بشروطها التي أشير إليها قبل بأن نلتزم بصحة المقدمات و صحة الطريقة و صحة النتائج . و تبعا لذالك نهيئ ما يلزم لذالك.
و المنهجية تتجلى في أنك تسير بطريقة معينة انطلاقا من الجزئيات لتركيب الكليات و ترسم الطريق عبر مراحل يفضي بعضها إلى بعض.
و التكاملية تعني التنسيق في العمل و التكامل فيه, فإذا اشتغل مثلا بالأذن فينبغي أن يشتغل الآخر بالعين والآخر اليد و الآخر الرجل وهكذا.نحن بحاجة إلى التكامل في البحث . وإن هذه النقطة فيها نقص كبير و فيها كوارث ليس التكرار الكثير في البحوث الذي يقع حتى الكلية الواحدة و الشعبة الواحدة.
و أخيرا استصحاب الرؤية الشاملة في المسألة العلمية بمعنى ألا ننظر إلى موضوعنا مجردا عن غيره أو إلى تخصصنا مجردا عن غيره أو إلى المكان الذي نبحث فيه مجردا عن غيره وهكذا...و هكذا..و بالله التوفيق
المصدر http://www.adarsalquran.net/