أهمية تشييد مناهج صارمة في دراسة التاريخ والسيرة النبوية الشريفة

إنضم
18/12/2011
المشاركات
1,302
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
الإقامة
أنتويرب
بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي ولا رسول ولا إمام معصوم بعده وعلى آله وصحبه،،،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
أيها الأفاضل والفاضلات،
ربما لاحظتم كثير من الكتب التي يؤلفها مناهضي الدعوة الإسلامية تبدأ بسرد تاريخي واصفين المشهد العربي قبيل ويوم بداية الدعوة الإسلامية ثم سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يدّعون أن فهم هذا التاريخ وفهم هذه السيرة من شروط فهم الخطاب الإسلامي الديني والإجتماعي، وهذا حق يراد به باطل. أما الحق فهو معروف، وأما الباطل فالطرائق التي تسرد بها المعطيات كي تناسب دعاوى وشبهات تصل إلى الأرخنة تارة والإقتباسية تارة أخرى والحتمية تارة ثالثة وجميع هذه الأباطيل معا في كثير من الأحيان.
 
كتاب مناهج المستشرقين تناول هذه القضية ودحض بعض الدعاوى في هذا الشأن لكن دعني أتناول الأمور من الآخر كما يقولون، فماتودون لفت الإنتباه إليه هو أمر حقيقي، وجاد، ويصدقه ماصدر أخيرا عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية وهو كتاب مختصر تاريخ العالم تأليف إي إتش غومبريتش ، ترجمة د.إبتهال الخطيب، العدد400، بتاريخ مايو2013، وهو متاح على النت منذ أيام،(ارسلت لكم أخي شايب نسخة من الكتاب) ففي الفصل العشرون منه تحت عنوان لا إله إلا الله،ص159، تقرأ تحليل ساذج غاية في السذاجة للسيرة،(وفيه أخطاء كثيرة مع أن العرض تم في صفحات قلائل) إلا أنه صاحبه قال كلاما بعد ذلك عن فتوحات الإسلام انه:" لم يكن شيئا سيئا للغاية أن يؤسس العرب إمبراطوريتهم العظيمة ، لأنه عبر فتوحاتهم المختلفة اجتمعت آراء واكتشافات الفرس، والإغريق ، والهنود حتى الصينيين، في إمبراطورية واحدة"(ص166)
وقال انه لولا أن شارل مارتل انتصر لكنا صرنا جميعا مسلمين ، وقال:" تنقلت الإمبراطورية العربية من قوة إلى قوة، تنتشر نيرانها من مكة وفي كل الإتجاهات. وكأن محمدا قد ألقى شرارة متوهجة على الخريطة"(ص 164)، وهو الذي قال في نفس الكتاب عن كتابه هو نفسه:" الكتاب الذي بين يديك الآن مصنوع من الورق ، وهو إنجاز آخر ندين به للعرب، الذين تعلموا صناعته من أسرى الحرب الصينيين"(ص165)
إلا أنه -وبعد ذلك بسطور ثلاثة-وبدلا من إرجاع التعلم عن الطبيعة إلى آيات القرآن والتنبيه من خلالها على الأسباب والعلل والحكم في الكون، والدعوة إلى الملاحظة والحث على النظر وخلق المحاولة لتتبع القوانين وإستخلاص نتائج ومن ثم إختراع مبتكرات وأدوات.إلخ راح يقول عن المسلمين:" من أرسطو تعلموا الاهتمام بكل شيء في الطبيعة"(ص165)
ففضلا عن عدم إلمام المؤلف بمواضيع السيرة ووقائعها، نجد عدم الربط بين مؤثرات الدعوة الإسلامية القرآنية في العالم وفي الإمتداد الجغرافي الإسلامي العريض ، وبين الإنتاج الحضاري الذي نتج عن وجود هذا الدين العظيم في هذه الإمبراطورية-كما يعبرون عنها!-فهناك إنفصام إما متعمد وإما مشوب بالجهل والغفلة عن علاقة تلك السيرة والبناء الحضاري الذي تم على يد المستنون بسننها، ولاشك أن هناك أسباب عدة في هذا الخلل وذلك الفصام النكد، والذي لاتعقب عليه إصدارات الكتب هذه، مع أنه في متناولها، ومن ذلك عدم رؤية الروابط العميقة بين تلكم السيرة العظيمة ومقصدها في التاريخ ومقصد الوحي الذي صنعها وصنع قائدها ورسولها، وبين ماأنتج في ظل إنتاجها الحضاري القيمي العظيم.
إن الحائل دون ذلك هو النظرات العلمية والتاريخية، الإجتماعية والإنسانية الغربية، المادية، التي تقوم اليوم بالأرخنة المادية، (أو محاولات تطبيقها على القرآن والسيرة) تحت ظلال أهواء إيديولوجية، بعد أن ملت من الإقتصار على دعاوى الإقتباس وماشابهها من الدعاوى البيزنطية القديمة
 
إستلمت الكتاب أستاذنا الحبيب طارق - بارك الله فيك - وأما تاريخ الحضارة الإسلامية; أو التاريخ الإسلامي ككل; والتأريخ لها موضوع آخر لم أتطرّق إليه ولا أرى أن "التلاعب" بهذا التاريخ أو دراسة معطياته وفقا لإطار نظري (=بارادايم/باراديكم) مشحون بميولات ذاتية ومرتب على مسار خلفيات فكرانية - وإن كانت بأدوات منهجية تنسب للمنهج العلمي في شقه الأدبي - قد يشكل عائقا أمام المسلمين (الجدد) وغير المسلمين في فهم الإسلام كمعتقد ومنهج ودين. أشرت إلى تاريخ هو أهم من كل ذلك بكثير ألا وهو "التأريخ للسياق" أي السياق; العام بكل جوانبه الميدانية والمعنوية; الذي سبق البيان الإسلامي مرورا بفترة الدعوة إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
 
عودة
أعلى