أهمية العناية بالعلوم الشرعية لطالب علم القراءات

ايت عمران

New member
إنضم
17/03/2008
المشاركات
1,470
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد؛ فدونكم ورقة عمل كنت تقدمت بها للملتقى العلمي الأول لطلاب الدراسات العليا بقسم القراءات بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، والذي كان موضوعه:
أهمية العناية بالعلوم الشرعية لطالب علم القراءات
وخصصت ورقتي للحديث عن أهمية العلوم الشرعية لطالب القراءات في مرحلة الدراسات العليا فقط.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله منزل القرآن، خالق الإنسان معلمه البيان، له الحمد الحسن على كل حال وفي كل زمان، وله الشكر الجميل على ما أولانا من سابغ النعمة وجميل الإحسان. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، على نبينا محمد خير ولد عدنان، وعلى آله وصحبه وكل من تبعهم بإحسان.
أما بعد؛ فقد رآى قسم القراءات ممثلا في رئيسه فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن علي السديس أن يطوق جيدي بدعوة كريمة إلى إلقاء ورقة عمل في هذا الملتقى المبارك، واقترح علي أن يكون عنوان الورقة هو:
أهمية العناية بالعلوم الشرعية لطالب الدراسات العليا
فلم أجد بدا من أن أتقلد هذا الطوق، وأكتب ما يسمح به الوقت والطوق، رغم أني لست أهل ذلك، ولا ممن يحسن السير في تلك المسالك، وأسأل الله العون والرشاد، والتوفيق والسداد.
هذا، وقد رأيت أن أطرق الموضوع من جهات أربع:
الأولى: العمل بأحكام الشرع.
الثانية: مقررات المرحلة.
الثالثة: التدريس.
الرابعة: الإقراء.
وإنما حصرته في هاته الجهات لظني أنها هي التي يمكن أن يتقلب بينها طالب الدراسات، فهو بين عمل بأحكام الشرع المخاطبِ بها في جهة، ودراسةِ ما ألزمه النظام به من مقررات في جهة ثانية، وتدريس ما تلقاه من علوم في جهة ثالثة، وإقراء ما تعلمه من قراءات في جهة رابعة. والجهة الأولى أعم، والجهات بعدها أخص منها كما هو ظاهر.
الجهة الأولى: العمل بأحكام الشرع
إن الله عز وجل لما خلق الخلق لم يتركهم هملا، بل أرسل إليهم رسلا، وكان مما أرسلوا به جميعا ما جاء في قول مرسِلهم جل وعلا: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء 25].
فتضمنت الآية بيان أهم ما جاء به الرسل، وهو توحيد الله عز وجل والأمر بعبادته وحده. وعبادته لا يمكن أن تكون عن جهل، بل لا بد معها من علم، ومن هنا تتضح أهمية معرفة علمين عظيمين لكل مسلم، بلهَ طالبَ علم، ذانك هما:
ــــ علم العقيدة.
ــــ علم الفقه.
فبعلم العقيدة يعرف الطالب ربه بأسمائه وصفاته، ويعرف أنه هو المستحق للعبادة؛ فلا يقع فيما يناقض ذلك من شرك وقبورية وغلو في المخلوقين.
وبعلم العقيدة يعرف قدر رسل الله عليهم السلام، ومكانة خاتمهم صلى الله عليه وسلم. وبعلم العقيدة يعرف مصير الإنسان بعد الموت، وما ينتظره يوم القيامة من حساب ثم جنة أو نار...
وبعلم العقيدة يعرف أهمية الإخلاص وضرورته فيلتزمُه، ويعرف خطورة الرياء وضرره فيجتنبُه، حتى لا يدخل في قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أكثر منافقي أمتي قراؤها" وهو حديث صحيح ورد عن أربعة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم[1].
قال الإمام البغوي في شرح السنة: "وقوله: أكثر منافقي أمتي قراؤها، فهو أن يعتاد ترك الإخلاص في العمل"[2].
وقال العلامة الزمخشري في الفائق في غريب الحديث: "أراد بالنفاق الرياء؛ لأن كليهما إراءةُ في الظاهر غيرِ ما في الباطن"[3].
وبعلم الفقه يعرف كيف يعبد ربه بالصلاة والزكاة والصوم والحج وسائر شرائع الإسلام، وبه يعلم أيضا كيف يتعامل مع الخلق في بيعه وشرائه وذبائحه وصيده...
روى ابن المنذر بسنده عن الضحاك في قوله جلَّ وعزَّ: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَبِمَا كُنْتُمْ تعلمُونَ الْكِتَابَ} قال: حق على كل منتعلم القرآن أن يكون فقيها"[4].
وأذكركم هنا بحديث شريف تضمن هذا المعنى المنيف، ذلكم هو حديث ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَفَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ" متفق عليه[5].
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان وغيرهما من حديث معاوية رضي الله عنه: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" [6].
قال مكي في الرعاية:
"ينبغي لطالب القرآن أن يتعلم أحكام القرآن؛ فيفهم عن الله ما فرض عليه، ويَلْقَنَ ما خاطبه به؛ فينتفع بما يقرأ، ويعمل بما يتلو.
وأن يتعلم الناسخ والمنسوخ؛ فيعلم ما فُرِض عليه ممالم يفرض عليه، وما سقط العمل به مما العمل به واجب.
وأن يتعلمالفرائض والأحكام، فما أقبح حامل القرآن أن يتلو فرائضهوأحكامه عن ظهر قلب وهو لا يعلم ما يتلو، فكيف يعمل بما لا يفهم معناه، وما أقبح به أن يسأل عن فقه ما يتلو فلا يدريه، فما مَن هذه حالته إلا كمثل الحمار يحمل أسفارا.
وينبغي لطالب القرآن أن يعرف المكي والمدني...
ومن كمال حال طالب القرآن أن يعرف الإعراب وغريب القرآن؛ فذلك مما يسهل عليه معرفة معنى ما يقرأ، ويزيل عنه الشك في إعراب ما يتلو"[7].
والتفقه في الدين يشمل التفقه في أركان الإيمان وأركان الإسلام وركن الإحسان، إذ الدين يشمل هذه الثلاثة كما في حديث جبريل الطويل[8].
الجهة الثانية: مقررات المرحلة
عدد المواد التي تدرس في القسم في المرحلتين إحدى عشرة مادة، وكثير منها له علاقة وطيدة بعلوم شرعية أخرى، وإليكم هذه الأمثلة:
ــــ في مادة دراسة القراءات العشر الكبرى عرضا وتوجيها، وهي المادة التي تستأثر بحصص قياسية، يطالعنا الإمام ابن الجزري في مقدمة الطيبة بقوله:
فكل ما وافق وجه نحوي***.............إلخ.
وهنا يدخل الطلاب في بحث طويل عن الأسانيد والتواتر والشذوذ، وأقوال العلماء في ذلك، وأقوال الفقهاء في حكم القراءة بالشاذ في الصلاة وخارجَها، وقولهم في حكم من أنكر القراءات، وهلم جرا.
فإن كان طالب القراءات له اطلاع على علوم الحديث أعانه ذلك على فهم المراد من صحة السند وضعفه، وبصَّره بمدلول التواتر والشذوذ عند المحدثين، ومدى توافقه مع مدلولهما عند القراء.
وإن كان له اطلاع على أصول الفقه علم أن الأصوليين من أكثر الناس تطرقا إلى مبحث التواتر، وسهل عليه التعامل مع مصطلحاتهم في تناولهم ذلكم المبحث.
وإن كان له اطلاع على الفقه سهل عليه الرجوع إلى كتب الفقهاء لبحث حكم القراءة بالشاذ.
ــــ في مادة المدخل لدراسة القراءات يقابل الطالب مفردة من مفرداتها تحمل هذا العنوان: (دراسة موسعة لحديث: "إن هذا القرآن أنزل على سبعةأحرف"، وهذا يقتضي دراسة موسعة لطرقه وشواهده؛ لمعرفة ما صح من ألفاظه وما لم يصح، الشيء الذي له أثره البالغ في محاولة الوصول إلى المعنى الصحيح للحديث.
ــــ في مناهج المفسرين يجد الطالب من بين مفرادات المادة فقرتين تقولان:
(أشهر طرق الرواية عن ابن عباس وابن مسعود وأبي رضي الله عنهم).
(تبيان الرسول صلى اللهعليه وسلم للقرآن الكريم.(
وهذا عود على سابق لحث طلاب الدراسات العليا على الاهتمام بمصطلح الحديث وفقهه.
وبالمناسبة أستمنحكم هنيهة أسرد لكم فيها مثالا يليق بالمقام، ذلكم أنه قد كثر كلام المعاصرين عن التكبير في القراءة، فوجد فيهم من قال بضعفه[9]، بل وجد من قال ببدعيته[10]، وسبب ذلك اعتقادهم ضعف الحديث الوارد فيه؛ لأنه يدور على الإمام البزي، وهو ضعيف عند المحدثين، ولما كان شيخنا إيهاب ــــ حفظه الله ــــ له عناية بالحديث، وله ولع كبير بكتب القراءات، خصوصا مصادر النشر، وجد على متابعة صحيحة للإمام البزي في كتب القراءات، كغاية أبي العلاء[11] غابت عن من تكلم في هذا الحديث من المتخصصين في علوم الحديث[12].
ــــ في مادة تاريخ المصحف، تجد من بين مفرداتها: (أحكام تتعلق بالمصحف)، وتحتها:
ــــ أخذ الأجرة على كتابةالمصحف.
ــــ بيع المصحفوشراؤه.
ــــ كتابة الكافرللمصحف.
ــــ السفر بالمصحف إلى أرضالكفر.
ــــ مس المصحف من قبل الجنبوالحائض والمحدث حدثا أصغر.
ــــ الإمام ينظر في المصحف ويصلي به.
ــــ إكرام المصحف بتحريقه إذا تلف.
ــــ تحلية المصاحف بالذهبوزخرفتها.
وهذه ــــ كما ترون ــــ أحكام فقهية تباينت أدلتها، وكثر اختلاف العلماء فيها، فدراستها تستدعي من الطالب الإلمام بأسباب الخلاف، وطرق الاستدلال، وما إلى ذلك.
الجهة الثالثة: التدريس.
لا ريب أن أهم ثمرة من ثمرات العلم هو العمل به، وتقدم الكلام على سبيل العموم، وهنا أذكر ما هو أخص؛ تنبيها على أهميته وتعدي نفعه، ذلكم هو التدريس، قال الله عز وجل: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} البقرة 159.
فطالب الدراسات العليا يفترض فيه أن يتصدى للتدريس، وأعتقد أن الكثير من الزملاء يمارسونه الآن، وهذه مسؤولية عظيمة، يجب على من يضطلع بها أن يكون على دراية غير يسيرة بمختلف العلوم الشرعية.
ولا ينبغي أن يقول قائل: إنني سأُدرِّس مواد التخصص فحسب! فهذه مجرد تعِلَّة؛ لأنه ما من علم من علوم التخصص إلا وله بالعلوم الشرعية الأخرى وشائج تقوى وتضعف بحسبه، والتخصص الحق هو الأخذ من كل العلوم الشرعية بطرف، ومن علوم التخصص بالطرفين والوسط، ذلكم لأن العلوم الشرعية أشبه ما تكون بحلقات العِقد؛ بعضها آخذ بأعناق البعض.
ومن منطلق التجربة فالمدرس الذي هذه صفاته يستفاد منه مرتين:
يستفاد منه في المادة التي يدرسها؛ لأنه يكون أقدر على إفهام الطالب كل جزئيات المادة، سواء أكانت من صلب التخصص، أم كانت من مباحثِ علوم أخرى.
ويستفاد منه في ما أسميه الربط بين العلوم الشرعية، فهو كلما مر عليه مصطلح من مصطلحات العلوم الأخرى عرفه، وربما استدل عليه بما يحفظه من متون، وهذه الطريقة من انفع ما يكون للمدرس والدارس، فهي بمثابة التطبيق لما يتلقياه من علوم.
يقول الإمام النووي رحمه الله في باب آداب المعلم تجاه المتعلم من المجموع: "وإذا وقعت مسألة غريبة لطيفة، أو مما يسئل عنها في المعاياة، نبهه عليها وعرَّفه حالها في كل ذلك، ويكون تعليمه إياهم كلَّ ذلك تدريجا شيئا فشيئا لتجتمع لهم مع طول الزمان جمل كثيرات"[13].
وأحوج ما يكون المدرس إلى ذلك إذا كان يدَرِّس الكتب، خصوصا الشروح، كشروح حرز الأماني، وشروح المقدمة الجزرية، وشروح الطيبة، وما إليها، إذ إنها محشوة بكل العلوم، وفي بعضها تعقيد في الصياغة قصد به تمرين الطالب على تفكيك العبارة.
الجهة الرابعة: الإقراء.
وهذه الجهة أخص من التي قبلها، وهي شديدة اللصوق بتخصص الطالب؛ من جهة أن كثيرا من عمره في الكلية يقضيه مع علم القراءات، والمفترض أن يكون أبرع فيه من غيره، وإذا كان كذلك ــــ وأرجو أن يكون الجميع كذلك ــــ فعليه أن يخرج زكاة ما برَع فيه.
والإقراء عمل شريف، ومجال خصب للتربية على الفضائل، وأفق رحب للدعوة إلى الله تعالى على نهج صحيح.
وحتى يكون المقرئ في الموعد لا بد أن يَعُب من العلوم الشرعية، إذ المهام الموكلة إليه جليلة، والمسؤولية الملقاة على عاتقه ثقيلة.
قال الإمام النووي رحمه الله في معرض حديثه عن آداب معلِّم القرآن في التبيان: "ينبغي أن يؤدِّب المتعلمَ على التدريج بالآداب السنية، والشيم المرضية، ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوِّدَه الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية. ويحرِّضَه بأقواله وأفعاله المتكررات، على الإخلاص والصدق وحسن النيات، ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات.."[14].
وقد كثر كلام العلماء على آداب المقرئين مع طلابهم، وسطروا ذلك في مقدمات دواوينهم، وربما أفردوه بتأليف من تآليفهم، وأتركهم ينوبون عني في الحديث، وأكتفي من أقوالهم بما يتماشى وموضوعنا هذا:
1ــــ قال الإمام ابن مجاهد رحمه الله: "فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات، العارف باللغات ومعاني الكلمات، البصير بعيب القراءات، المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يَفزع إليه حفاظ القرآن في كل مِصر من أمصار المسلمين"[15].
2 ــــ قال الإمام مكي ابن أبي طالب رحمه الله: "يجب على طالب القرآن أن يتخير لقراءته ونقله وضبطه أهل الديانة والصيانة والفهم في علوم القرآن، والنفاذ في علم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن, وصحةالنقل عن الأئمة المشهورين بالعلم.
فإذا اجتمع للمقرئ صحة الدين, والسلامة في النقل, والفهم في علوم القرآن، والنفاذ في علوم اللغة العربية, والتجويد بحكايةألفاظ القرآن, كمُلت حاله, ووجبت إمامته"[16].
3 ــــ وأشهر ما ورد في ذلك ما أعتقد أن جميعكم مرَّ به، إنه قول المحقق ابنِ الجزري رحمه الله في المنجد: "والذييلزم المقرئ أن يتخلق به من العلوم قبل أن يُنَصِّب نفسه للإشغال: أن يعلممن الفقه ما يصلح به أمر دينه, ولا بأس من الزيادة في الفقه, بحيث إنه يرشد طلبتهوغيرهم إذا وقع لهم شئ.
ويعلمَ من الأصول قدر ما يدفع به شبهة من يطعن فيبعض القراءات.
وأن يحصِّل جانبا من النحو والصرف, بحيث إنه يوجه ما يقع له منالقراءات, وهذان من أهم ما يحتاج إليه، وإلا يخطئ في كثير مما يقع من وقف حمزة، والإمالة, ونحو ذلك من الوقف والابتداء وغيره...
وليحصل طرفا من اللغة والتفسير..."[17].
4 ــــ وقال العلامة علي النوري الصفاقسي:
"ولا يجوز لأحد أن يتصدر للإقراء حتى يتقن عقائده ويتعلمها على أكمل وجه، ويتعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه، وما يحتاج إليه من معاملته. وأهم شيء عليه بعد ذلك:
أن يتعلم من النحو والصرف جملة كافية يستعين بها على توجيه القراءات.
ويتعلم من التفسير والغريب ما يستعين به على فهم القرآن، ولا تكون همته دنيئة؛ فيقتصر على سماع لفظ القرآن دون فهم معانيه"([18]).
خاتمة
بعد هذا العرض السريع أخلص معكم إلى النقاط التالية:
ــــ طالب القراءات محتاج إلى العلوم الشرعية الأخرى في كل أحواله.
ــــ تخصص القراءات له علاقة وطيدة بسائر العلوم الشرعية، مما يوجب على القراء أن يوسعوا مداركهم في تلك العلوم، ويأخذوا من كل بنصيب كاف.
ــــ المقرئ يجب أن يكون هو القدوة في الخير، والنبراس الذي يستضاء به، وعليه أن يساهم في تغيير الصورة النمطية الخطأ التي علقت بالقراء في كثير من البلدان، فيجد في التعليم ونفع الأمة، ويجتهد في الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة.
هذا ما تيسر جمعه في هذا الموضوع، وأسألكم الدعاء لي بأن يتجاوز الله عني، ويغفر لي زلاتي ويرحم وهني. وأشكركم على تحملكم ولطفكم، وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

[1] انظر السلسلة الصحيحة (750).
[2] شرح السنة 1/77.
[3] الفائق في غريب الحديث 4/11.
[4] تفسير ابن المنذر 1/268 رقم (645).
[5] رواه البخاري (1496) واللفظ له، ومسلم (130).
[6] رواه البخاري (3116) ومسلم (2436).
[7] الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة: 86، 87.
[8] رواه مسلم (102).
[9] كالشيخ الألباني الذي حكم على حديث التكبير بأنه منكر. انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم (6133).
[10] بدع القراء ص 20.
[11] غاية الاختصار في قراءة العشرة أئمة الأمصار (1/100، 101) و(2/719).
[12] انظر أجوبة القراء الفضلاء ص 45.
[13] المجموع شرح المهذب 1/33.
[14] التبيان في آداب حملة القرآن ص 41.
[15] كتاب السبعة ص 17.
[16] الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة: 89.
[17] منجد المقرئين: 50، 51، 52.
[18] غيث النفع في القراءات السبع ص 6، وهم مطبوع مع سراج القاري المبتدي لابن القاصح.
 
جهد مبارك جزاكم الله خيراً،
ونسأل الله أن ينتفع به طلاب علم القراءات ومعلِّميه.
 
أخي الحبيب أيت عمران هذه ليست ورقة كما أسميتها، بل هي شجرة شامخة الأغصان، باسقة الأفنان، يانعة الثمار، مُزدانةٌ بأطيب الأزهار، وقد صُلْتَ في خضم موضوعك وجُلت، وأجدت فيما قُلت، وطرقت باباً طالما ظلَّ مُغلَّقا، ووصلت حديثاً كان مُعلَّقا، فأسأل الله أن يزيدك توفيقاً إلى توفيق، وأن ينير بين عينيك مدرجة الطريق. وتقبل مني أخي فائق التقدير على ما سكبت أنامل فكرك من العذب النمير. ونحن إلى المزيد أشوق، وفي هوى ما يأتي من مشاركاتك أصبُّ وأعلق.
 
عودة
أعلى