أهل القرآن بيت المقدس : من، متى، ولماذا؟. *

إنضم
29/03/2006
المشاركات
101
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
من، متى، ولماذا؟.
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾
وعن نبي الله صلى الله عليه وسلم قوله:
"أَلاَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ فَلاَ يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا.
قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ"!.
وعن أبي موسى الأشعري، قال: "إن بني إسرائيل كتبوا كتاباً فاتبعوه، وتركوا التوراة"..
وبعدما بات القرآن معطَّلاً مؤَخّراً، من الخاصة الدارسين، كما من العامة المتبعين؛ عكوفاً وانشغالاً بكتب الناس والعلماء أنفسهم، بشهادة علَمٍ كابن تيمية، إذ كتب في سجنه الأخير: "ندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن!". وهو من هو، في مكانة العلماء. فلا حاجة بعد "ندمه" إلى زيادة تدليل على الخرق والثلمة في العلاقة مع القرآن، عند كثير من العلماء والدارسين والدعاة، عدا عن العامة المقلدين؛ وزلة العالم الدارس أشد وقعاً!.
هذا، وما بتنا نراه من تقديم "متون" العلماء ونصوصهم وسطورهم، سواء بسواء مع كتاب الله وتنزيله، –مع تقديرنا وشكرنا لجهدهم-. فيكفي أن تنظر في رسالة دارس أو عالم، أو تسمعه واعظاً أو خطيباً، لترى اعتماده واقتباسه من "متون" العلماء –حرفاً حرفا، بالهيبة والإجلال- كما اقتباسه من كلام الله، بل هو أكثر وأسبق، حتى يظن المؤمن أن هذه "التنصيصات المتنية" هي من أصول الدين، لها ما للقرآن والنبي -صلى الله عليه وسلم- كِفلاً سواءً.

وحتى بات الدارس العالم، يجمع ويجمع من "كتب" العلماء، مستكثراً منها، مكاثراً بها، متقللاً زاهداً بكتاب الله!.
وليس هذا من النبوة ولا هدي أصحابها في شيء، بل هو الإحداث والتبديل بعينه. فبعد أن كان "الكتاب" متفرداً، صار شريكاً مزاحَماً، واحداً بين كثير!.

وهذا حذر الصحابة الأركان من قبل، وعن مثل هذا كانوا ينهون، فقد ورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أراد أن يكتب السنن –وهي أصل المسلمين بعد الكتاب، ولسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم-، فاستشار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال:

"إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً، كانوا قبلكم، كتبوا كتباً، فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً"!.
فانظر –حفظك الله- إلى فرقان الفاروق، وانظر كم عندنا من الكتب الملابسات المنازعات القرآن حظه!.
على أننا "أهل القرآن" نحمد الله، أن هيأ للمسلمين من حفظ لهم سنة نبيهم في الصحيح المسند.
وما ورد كذلك عن علي رضي الله عنه، قال:
"أعزم على من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإِنما هكذا الناس، حيث يتبعون أَحاديثَ علمائهم، ويتركون كتاب ربهم"!.
وما ورد كذلك، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أُتي بصحيفة فيها حديث، فدعا بماء فمحاها، ثم غسلها، ثم أمر بها فأحرقت، ثم قال:
"أُذَكِّرُ بالله رجلاً يعلمها عند أَحدٍ إلا أعلمني به، والله لو أَعلم أَنها بدار الهند لابتلغتُ إليها، بهذا هلك أهل الكتابِ قبلكم حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون".
وعن ابن سيرين كذلك، قال: "إِنما ضلت بنو إِسرائيل بكتب ورثوها عن آبائهم".
ثم نحن اليوم مثلهم، نتبع سننهم شبراً بشبر، فورثنا كتب التراث، حتى تضايقت أوقاتنا بالقرآن، وانصرفت هممنا إلى غيره من كتب العلماء والمصنفين والمفكرين.
فلأجل نصيحة لكتاب الله، قام "أهل القرآن"؛ ليرجع الناس إلى وصية نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه الأمناء، فيتخففوا من كل "المشارِكات الملابسات"، ويتكثروا من القرآن، جهدهم واستطاعتهم.
ولا نقصد بالمشارِكات الملابِسات، إلا تلك التي كرهها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونعَض عليها نحن اليوم بالنواجذ، من "الأمهات" و"المتون"، ومما نعظمه تعظيماً، فلعمرو الله ما أعقل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولعمرو الله كم عندنا مما يخشون ويكرهون، من المذاهب والفروع، ومن "أمهات الكتب" المزاحمة لأم الكتاب!. فأيم الله، ما كُتب كتاب إلا نازع القرآن، ولو أن تنظر فيه!. ومن ارتاب بقولنا، أو شك فيه، فليعد النظر في حديث نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:

"أَلاَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ فَلاَ يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا. قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ"!.
لأجل نصيحة الدين، يوم اجتمع نفر من المؤمنين على عهدٍ بينهم، في محراب بيت المقدس في المسجد الأقصى، في التاسع من ذي الحجة، يوم عرفة من عام 1425 للهجرة، نصرة لكتاب الله، وتقديمه ورفعته، على ما يزاحمه من متون الناس والمعلِِّمين والدارسين، وأن يُخرج القرآن من كهف الصرف، الذي حصره في التجويد والتزيين، دونما ورود لحوض الحياة فيه، واستبصار بسرجه ونوره وإمامته.

أو كمن جعله فقها يبساً، أحكاما وحدوداً، تاركاً هاجراً كثيره وثقيله من البينات والعبر والأمثال الشاملات المفصلات، فيكفي أن تقيس عدد كتب الفقه إلى ما سواها من عدد التدبر في العبرة والقصص، والذكر الحكيم!.

فجاء "أهل القرآن" لتتقدم كلمة الله على كلمات الناس، عالمهم وجاهلهم، إماماً كان أم تابعاً، وليصبح القرآن شاغل الناس الأول والأوسط والأخير، يتحلقونه كما تتحلق الإبل المساقي، فما لم يكن عند أبي بكر وعمر من "المصنفات"، فلا حاجة لـ"أهل القرآن" بها، إلا ما جُمع من صحيح السنة، فهو حق المؤمنين في البلاغ، ومن خالف هذه اليسيرة الكبيرة، فقد خالف صريح النبوة والكتاب، وما عليه الأصحاب، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، واتبع هواه، وزعم أن القرآن والسنة الخالصة، لا تهدي كفاية بذاتها، ولا يؤمَن على من استهدى بها، فلا بد لها من شريك معين!.

ثم ليتحمل كل مؤمن حظه من قراءته -هو بنفسه- لكلمة الله، فيقرأه بقلبه هو، وعينه هو ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. ناظراً متدبراً مجتهداً حياته كلها لكلمة الله، واهبة الحياة والنور، ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾. غير متعبدٍ لأحد سوى إلهنا وسيدنا العليم الحكيم، تقدست أسماؤه.

بوضوح وجلاء..
نريد لكل مستطيع ذي عقل وبصيرة، أن ينظر ويتدبر ويدّكر، بما أعطاه الله من العقل والقلب، غير معتكف ولا ملتجم بمقالة السالفين والآخَرين، دونما شك ولا طعن بخيرهم وصلاحهم!، فأن تطالع كتبهم شيء، وأن تتعبد بها شيء آخر، واستعباد العقل شر من استعباد الجسد!.
فلا ضير من مطالعة مقالة المؤمنين والعلماء، فلا بد فيها من علمٍ حق، كما لا تخلو من الزلل والخطأ، ولربما حوت فساداً فاحشاً!. فالتخفف منها والتكثّر من القرآن، هو الأصل عند "أهل القرآن".
فنريد أن نقرأ كلام الله من كتاب الله نفسه، لا من كتب الناس، ولو كانت مشيخة التفسير واُمهاتها، ثم إن عازنا شيء، تخيّرنا الأحسن، ولكن لا نبدأ بالكتب والتفاسير قبل النظر الخالص في كتاب الله!. فقد كان القرآن وكان محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن تفسير ولا مصنفات، وكانت كلمات النبي بذلاً للخاصة والعامة، وكان الخير تميماً عميماً. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾. ثم جاء التفسير، ودخله الزلل والخلل!.

فلا يُرجع للعالم إلا بما فاتنا من علم بـ"النص الخالص" لآيات الكتاب، أو سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما سوى ذلك فهو تأويله وفقهه ومذهبه، نأخذ ونترك بالميزان.
فإنما الكتاب والسنة عند "أهل القرآن" –حصراً-، هو ما جاء به نبينا الخاتم المعصوم -صلى الله عليه وسلم-، بغير تأويل من "أحد"، ولا تعليق ولا تفسير من أحد، ولا علاقة له البتّة بفقه الفقيه، ولا مذهبه، ولاتفسير المفسرين، فـ"المرفوع" إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- دين، و"الموقوف" على غير محمد -صلى الله عليه وسلم- ليس بدين!. "فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ"!.

ونريد أن يميّز الناس بين القرآن –كلام الله- كامل العلم والحكمة، عالم الغيب والشهادة، وبين تأويل المتأولين، واجتهاد المتفقهين، وتفسير المفسرين، -بلا استثناء بينهم-، لما يعتريها من قصور البشر وجهالة الإنسان، مهما بلغ أصحابها من العلم والإمامة، وفي أمهات التفسير شهادة على مثل ما نقول.
فأطر الناس على فهم أحد –دون إجماع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- هو من الإحداث في الدين، والعدوان على النبوة والكتاب، ولا يستثني "أهل القرآن" في ذلك أحداً أبداً.
ويشهد لنا مقالة إمام الحديث وغيره في عهد السابقين، شعبة بن الحجاج، قال: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة فى التفسير؟.
فنريد أن لا نقف عند موقفِ مَن سلف من الصالحين والمجتهدين من العلماء –محتفظين لهم بمقام محمود-، فما كان رسول الله ليمسك عن تأويل القرآن، ليفرض علينا أحد من الناس تأويل "أحد" من الناس.

فكم من مسألة ذات خطر في ذات الدين، نزل بها الناس عند "ظن" واحد من العلماء، التبست عليه، وزلّ بها، فتابعوه، وليس لهم ولا له فيها بينة ولا برهان، لا من نبوة ولا من كتاب، ثم صار الدين ما يقول، وصار فهمه ورأيه ديناً نصيباً من دين الله!.
فنريد لكل مؤمن ومؤمنة أن يقرأ كتاب الله بنفسه هو، بكل التعظيم والتمجيد والتقديس، مستجمعاً له كل مداركه، سمعاً وبصراً وفؤاداً، ناظراً وسائلاً ومشاركاً كل ذي علم، منزلاً قوله وقول غيره، عالماً أو غير عالم، إماماً أو مجتهداً، كائناً من كان، سلفاً أو خلفاً، أن ينزله القسطاس المستقيم، أن يُسأل عن بينة ما يقول، من كتاب الله أوحديث رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً * وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾.

وما سوى ذلك ممن لم يأت ببينة، فليس بشيء، قاله من قاله، والله لا يستحيي من الحق ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ﴾، ﴿إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾. "فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ"، كما بلغنا عن نبينا المعصوم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالحرمة عندنا لشخص العالم وشخص المؤمن، ولا حرمة لتقوّله ما لم يكن ببرهان، من النبوة والكتاب، ولا ثالث عندنا نحن "أهل القرآن"، إلا ما كان من إجماع الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين، على ما سلف لهم من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد أن علياً رضي الله عنه، كان يستحلف "أصحاب رسول الله"، فيما يحدثونه عنه ليتثبت في دينه، أثم نتبع كل ناعق بغير تبيان؟. فعلى الجميع البينة، وإن كانوا طباق ما بين السماء والأرض ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾.

وقد خلقك الله يوم خلقك فرداً، وهكذا ترجع إليه ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، فلا تجعل نفسك ظلاً لأحد!، فقد أخرجه الله كما أخرجك، لا تعلمون شيئاً، فتعلّمْ كما تَعَلم هو، ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، واستعن بالله ولا تعجز، وأكبر أهل العلم، دون أن تميت نفسك!، فطلب العلم فريضة على كل مسلم، كما جاء عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: "مَثَلُ أُمَّتِى مَثَلُ الْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ".

فمنهج القرآن قائم على الحث والبعث والإحياء والتبصير، بينما مناهج العلم اليوم، على الفرض والإملاء والتقليد والتلقين، فيُخرِج القرآن العلماء العمّال، وتُخرج "مناهج العلم"، نسلاً "نسخاً"، مقلدين معطَّلين.
فاحترم شخص المؤمن –عالماً أو غير عالم- وامتحن قوله، ولو كان إمام الأئمة، فلا نعلم معصوماً ولا نبياً بعد أحمد -صلى الله عليه وسلم-. ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾، فكذبت الأنس وكذبت الجن!، ومن لم يكذب فليس أقل من أن يزل ويخطئ، فتبين ثم تبين ثم تبين، ولو كانت من أئمة الدين ومشيخة الإسلام، فكل يؤخذ من فمه ويرد عليه، إلا إمام النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالتشدد في البينة في رواية الدين، أقوم وآمن من الاستحياء واللين. ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾.
كل هذا، ليكون السلطان كله للنبوة والكتاب، لا ينازعه فيه كتاب، ولو كان من صالح عن صالح، فلا ينبغي لمن يؤمن بالله ورسوله أن يُحيل أحداً على كتاب غير كتاب الله وسنة أحمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يحتج بكتاب العبد كما يُحتج بكتاب الله، إلا من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.

ولا ينشغل بكتب العبيد، كما ينشغل بكتاب الملك العظيم، إلا مفتون مصروف!.

فما لم يكن في حياة رسول الله، عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فليس من دين "أهل القرآن"، ومن كتب بعدها كتاباً فله أو عليه، وليس من دين الله في شيء، إنما الدين الوحي، نبوة أو كتاب.
﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾.
صلاح الدين إبراهيم أبو عرفة
بيت المقدس 1427
ـــــــــــــــــــــــ
* نقلاً عن موقعهم بتصرف خاص .
1430هـ
ن . س .أ / القدس .
 
الأخ الفاضل أبو محمد نائل


يبدو أن كاتب المقال بعيد عن واقع مسيرة التفسير المباركة. وليس هناك من أهل العلم الذين يعتد بهم من يقدس كلام البشر. ولكن الاستفادة من مسيرة التفسير عبر القرون لا بد منها ابتداء قبل أن ندلوا بدلونا. وهذا شأن كل علم.

ولا أكتمك أخي أنني عندما قرأت المقال شعرت بعدم ارتياح وشعرت وكأن ظلمات تظلل المعاني. وكنت قبل أن اقرأ المقال قرأت مقالاً لأخ كريم ينتقد فيه بعض التفاسير القديمة وسرني كلامه وشعرت بصدقه وإخلاصه. أما مقال الأخ صلاح فلم يزدني إلا ضيقا لما فيه من انتفاش وتهافت أسس.

ولا أكتمك أخي أني قرأت للأخ صلاح فوجدته بعيداً تماماً عن المزاعم التي يزعمها ووجدته يغرب في التفسير ويأتي بالأعاجيب التي يذهل لها كل صاحب فهم سوي. فأرجوك أن تبعد عنا مثل هذه المنغصات التي لا تزيد الإنسان إلا حيرة وبلبلة.
 
المقال باختصار شديد ضد قواعد العلم والتعلم ، بل هو ضد بعض توجيهات القرآن الكريم.

وفق الله الجميع للفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حق الفهم.
 
الأخ الفاضل أبو محمد نائل


يبدو أن كاتب المقال بعيد عن واقع مسيرة التفسير المباركة. وليس هناك من أهل العلم الذين يعتد بهم من يقدس كلام البشر. ولكن الاستفادة من مسيرة التفسير عبر القرون لا بد منها ابتداء قبل أن ندلوا بدلونا. وهذا شأن كل علم.

ولا أكتمك أخي أنني عندما قرأت المقال شعرت بعدم ارتياح وشعرت وكأن ظلمات تظلل المعاني. وكنت قبل أن اقرأ المقال قرأت مقالاً لأخ كريم ينتقد فيه بعض التفاسير القديمة وسرني كلامه وشعرت بصدقه وإخلاصه. أما مقال الأخ صلاح فلم يزدني إلا ضيقا لما فيه من انتفاش وتهافت أسس.

ولا أكتمك أخي أني قرأت للأخ صلاح فوجدته بعيداً تماماً عن المزاعم التي يزعمها ووجدته يغرب في التفسير ويأتي بالأعاجيب التي يذهل لها كل صاحب فهم سوي. فأرجوك أن تبعد عنا مثل هذه المنغصات التي لا تزيد الإنسان إلا حيرة وبلبلة.
الأخ الطيب أبو الحارث ..
قرأت ردك ولن أتعجل بالرد وأشكرك والمسلم حيث وقع نفع .
 
المقال باختصار شديد ضد قواعد العلم والتعلم ، بل هو ضد بعض توجيهات القرآن الكريم.

وفق الله الجميع للفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حق الفهم.
أخي محب القرآن تحية الإسلام وبعد ..
أرحب بدعائك لفهم القرآن أو للفهم عن الله ورسوله ..
لا أملك إلا الدعاء الى الله بأن نتحلى بالصبر وسعة الصدر وخدمة الإسلام وأن لا نميت التناصح بيننا .
 
أخي محب القرآن تحية الإسلام وبعد ..
أرحب بدعائك لفهم القرآن أو للفهم عن الله ورسوله ..
لا أملك إلا الدعاء الى الله بأن نتحلى بالصبر وسعة الصدر وخدمة الإسلام وأن لا نميت التناصح بيننا .

الأخ الفاضل أبو محمد
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم إن تعليقاتنا ما هي إلا من باب التناصح .

أما المقال ففيه تجني كبير ، وخلط عريض ، وحسن القصد لا يغني عن حسن العمل.

ولأن الوقت لا يتسع للرد على كل مافي المقال من التجني والخلط وعدم الفقه إلا إني أشير إشارات ، وهي كالتالي:


يقول الكاتب:
من، متى، ولماذا؟.
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) سورة الفرقان (30)"

هذه الآية في حق الكفار حيث أعرضوا عن سماعه ومحاولة فهمه ، كما قال الله تعالى عنهم :
(حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)) سورة فصلت

ولا شك أن كل صفة وصف الله بها الكفار وذمهم عليها فيها تحذير لأهل الإيمان من الاتصاف بها ، لكن تنزيلها على واقع المسلمين مباشرة من الخطأ الفادح وهذا المسلك هو الذي أودى بالكثير من طلبة العلم إلى الشطط في الأحكام.


يقول الكاتب:
وعن نبي الله صلى الله عليه وسلم قوله:
"أَلاَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ فَلاَ يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا.
قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ"!.


هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو.

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 774 :

و هو من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، يرويه عنه عمرو
ابن قيس الكندي ، رواه عنه جمع رفعه بعضهم و أوقفه بعضهم ، و هو في حكم المرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي ، و هم : أولا : يحيى بن حمزة : حدثني عمرو بن قيس الكندي قال : كنت مع أبي الفوارس و أنا غلام شاب ، فرأيت الناس مجتمعين على رجل، قلت : من هذا ؟ قالوا : عبد الله بن عمرو بن العاص ، فسمعته يحدث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره .
أخرجه الحاكم ( 4 / 554 ) و أورده
الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 326 ) مرفوعا عن عبد الله بن عمرو ، و قال : "
رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح "
. قلت : لعله عند الطبراني من طريق أخرى
غير طريق الكندي هذا ، و إلا فالهيثمي واهم في حشره إياه في جملة ( رجال الصحيح
) ! ثانيا : الأوزاعي عن عمرو بن قيس السكوني قال : خرجت مع أبي في الوفد إلى
معاوية ، فسمعت رجلا يحدث الناس يقول : " إن من أشراط الساعة .. " الحديث . قال
: فحدثت بهذا الحديث قوما و فيهم إسماعيل بن عبيد الله ، فقال : أنا معك في ذلك
المجلس ، تدري من الرجل ؟ قلت : لا ، قال : عبد الله بن عمرو .

أخرجه الحاكم أيضا ، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 13 / 593 - المدينة ) و قال الحاكم : "
صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . ثالثا : معاوية بن صالح قال : أخبرني عمرو
بن قيس الكندي قال : سمعت عبد الله ابن عمرو بن العاص قال : فذكره موقوفا بلفظ
: " .. كل كتاب سوى كتاب الله " .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 165/ 19395 ) : زيد بن الحباب قال : أخبرنا معاوية بن صالح ... رابعا : إسماعيل بن عياش عن عمرو بن قيس به إلى قوله : " و يخزن العمل " . أخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " ( ق 53 / 1 - 2 ) و البيهقي في " الشعب " ( 4 / 306 / 5199 )بتمامه .

خامسا : بشر : حدثني عمرو بن قيس به . أخرجه ابن عساكر . ( فائدة ) :
هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء
، و بخاصة منها ما يتعلق بـ ( المثناة ) و هي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره
الراوي ، و ما يتعلق به من الأحاديث النبوية و الآثار السلفية ، فكأن المقصود
بـ ( المثناة ) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين . التي صرفتهم مع تطاول
الزمن عن كتاب الله ، و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما هو مشاهد اليوم مع
الأسف من جماهير المتمذهبين ، و فيهم كثير من الدكاترة و المتخرجين من كليات
الشريعة ، فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب ، و يوجبونه على الناس حتى العلماء
منهم ، فهذا كبيرهم أبو الحسن الكرخي الحنفي يقول كلمته المشهورة : " كل آية
تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة ، و كل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ
" <1> . فقد جعلوا المذهب أصلا ، و القرآن الكريم تبعا ، فذلك هو ( المثناة )
دون ما شك أو ريب ."


ولا شك أن ما ذكره الألباني رحمه الله تعالى صحيح وواقع لكن لا يعنى هذا أن الأمة ليس فيها من يعتني بكتاب الله تعلما وتعليما وتفسيرا. ولو أنا نظرنا نظرة ضيقة لمعنى الحديث لقلنا أن الألباني رحمه الله تعالى قد اشتغل بغير القرآن .

ويقول الكاتب:
"وبعدما بات القرآن معطَّلاً مؤَخّراً، من الخاصة الدارسين، كما من العامة المتبعين؛ عكوفاً وانشغالاً بكتب الناس والعلماء أنفسهم، بشهادة علَمٍ كابن تيمية، إذ كتب في سجنه الأخير: "ندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن!". وهو من هو، في مكانة العلماء. فلا حاجة بعد "ندمه" إلى زيادة تدليل على الخرق والثلمة في العلاقة مع القرآن، عند كثير من العلماء والدارسين والدعاة، عدا عن العامة المقلدين؛ وزلة العالم الدارس أشد وقعاً!."

هذا كلام فيه شيء من الصحة ولكنه نظرة من جانب واحد ، ولنتأمل العبارة المنسوبة إلى ابن تيمة رحمه الله تعالى ، وننظر في نتاج بن تيمة ،ألم يكن كله في فهم القرآن والأحكام المستنبطة من القرآن؟ ألم يكن دفاعاً عن القرآن ؟
ويقول الكاتب:
"هذا، وما بتنا نراه من تقديم "متون" العلماء ونصوصهم وسطورهم، سواء بسواء مع كتاب الله وتنزيله، –مع تقديرنا وشكرنا لجهدهم-. فيكفي أن تنظر في رسالة دارس أو عالم، أو تسمعه واعظاً أو خطيباً، لترى اعتماده واقتباسه من "متون" العلماء –حرفاً حرفا، بالهيبة والإجلال- كما اقتباسه من كلام الله، بل هو أكثر وأسبق، حتى يظن المؤمن أن هذه "التنصيصات المتنية" هي من أصول الدين، لها ما للقرآن والنبي -صلى الله عليه وسلم- كِفلاً سواءً.

وحتى بات الدارس العالم، يجمع ويجمع من "كتب" العلماء، مستكثراً منها، مكاثراً بها، متقللاً زاهداً بكتاب الله!.
وليس هذا من النبوة ولا هدي أصحابها في شيء، بل هو الإحداث والتبديل بعينه. فبعد أن كان "الكتاب" متفرداً، صار شريكاً مزاحَماً، واحداً بين كثير!."

وهذا فيه شيء من التجني لأن الدارس والعالم أو الواعظ أو الخطيب الواعي الفقيه بما يقول إنما يورد أقوال العلماء لأنه قد استقر في ذهنه ومن خلال بحثه ودراسته أن هذه الأقوال إنما هي فهم صحيح لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وليس في هذا مزاحمة لكتاب الله.

ويقول الكاتب:
"وهذا حذر الصحابة الأركان من قبل، وعن مثل هذا كانوا ينهون، فقد ورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أراد أن يكتب السنن –وهي أصل المسلمين بعد الكتاب، ولسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم-، فاستشار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال:

"إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً، كانوا قبلكم، كتبوا كتباً، فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً"!.
فانظر –حفظك الله- إلى فرقان الفاروق، وانظر كم عندنا من الكتب الملابسات المنازعات القرآن حظه!.
على أننا "أهل القرآن" نحمد الله، أن هيأ للمسلمين من حفظ لهم سنة نبيهم في الصحيح المسند.
وما ورد كذلك عن علي رضي الله عنه، قال:
"أعزم على من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإِنما هكذا الناس، حيث يتبعون أَحاديثَ علمائهم، ويتركون كتاب ربهم"!.
وما ورد كذلك، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أُتي بصحيفة فيها حديث، فدعا بماء فمحاها، ثم غسلها، ثم أمر بها فأحرقت، ثم قال:
"أُذَكِّرُ بالله رجلاً يعلمها عند أَحدٍ إلا أعلمني به، والله لو أَعلم أَنها بدار الهند لابتلغتُ إليها، بهذا هلك أهل الكتابِ قبلكم حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون".
وعن ابن سيرين كذلك، قال: "إِنما ضلت بنو إِسرائيل بكتب ورثوها عن آبائهم".
ثم نحن اليوم مثلهم، نتبع سننهم شبراً بشبر، فورثنا كتب التراث، حتى تضايقت أوقاتنا بالقرآن، وانصرفت هممنا إلى غيره من كتب العلماء والمصنفين والمفكرين.
فلأجل نصيحة لكتاب الله، قام "أهل القرآن"؛ ليرجع الناس إلى وصية نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه الأمناء، فيتخففوا من كل "المشارِكات الملابسات"، ويتكثروا من القرآن، جهدهم واستطاعتهم.
ولا نقصد بالمشارِكات الملابِسات، إلا تلك التي كرهها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونعَض عليها نحن اليوم بالنواجذ، من "الأمهات" و"المتون"، ومما نعظمه تعظيماً، فلعمرو الله ما أعقل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولعمرو الله كم عندنا مما يخشون ويكرهون، من المذاهب والفروع، ومن "أمهات الكتب" المزاحمة لأم الكتاب!. فأيم الله، ما كُتب كتاب إلا نازع القرآن، ولو أن تنظر فيه!. ومن ارتاب بقولنا، أو شك فيه، فليعد النظر في حديث نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:"

وأنا هنا أسأل الكاتب:
كيف تجمع بين نقولك عن عمر وعلي رضي الله عنهما وقولك:
"على أننا "أهل القرآن" نحمد الله، أن هيأ للمسلمين من حفظ لهم سنة نبيهم في الصحيح المسند."
وهل كتب التفسير والفقه إلا نتاج النظر في الكتاب والسنة؟


يقول الكاتب:
"فجاء "أهل القرآن" لتتقدم كلمة الله على كلمات الناس، عالمهم وجاهلهم، إماماً كان أم تابعاً، وليصبح القرآن شاغل الناس الأول والأوسط والأخير، يتحلقونه كما تتحلق الإبل المساقي، فما لم يكن عند أبي بكر وعمر من "المصنفات"، فلا حاجة لـ"أهل القرآن" بها، إلا ما جُمع من صحيح السنة، فهو حق المؤمنين في البلاغ، ومن خالف هذه اليسيرة الكبيرة، فقد خالف صريح النبوة والكتاب، وما عليه الأصحاب، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، واتبع هواه، وزعم أن القرآن والسنة الخالصة، لا تهدي كفاية بذاتها، ولا يؤمَن على من استهدى بها، فلا بد لها من شريك معين!.

ثم ليتحمل كل مؤمن حظه من قراءته -هو بنفسه- لكلمة الله، فيقرأه بقلبه هو، وعينه هو ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. ناظراً متدبراً مجتهداً حياته كلها لكلمة الله، واهبة الحياة والنور، ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾. غير متعبدٍ لأحد سوى إلهنا وسيدنا العليم الحكيم، تقدست أسماؤه.

بوضوح وجلاء..
نريد لكل مستطيع ذي عقل وبصيرة، أن ينظر ويتدبر ويدّكر، بما أعطاه الله من العقل والقلب، غير معتكف ولا ملتجم بمقالة السالفين والآخَرين، دونما شك ولا طعن بخيرهم وصلاحهم!، فأن تطالع كتبهم شيء، وأن تتعبد بها شيء آخر، واستعباد العقل شر من استعباد الجسد!."

هذا كلام خطابي عجيب ولو أن المسلمين فعلوا ما أشار به الكاتب لخرجنا بمفاهيم ومدارس فقهية بعدد أنفاس المتدبرين والدارسين، ولوقعنا في شر مما حذر منه .

ولعل للكلام بقية

وفق الله الجميع لما فيه الخير
 
من، متى، ولماذا؟.
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾
وعن نبي الله صلى الله عليه وسلم قوله:
"أَلاَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ فَلاَ يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا.
قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ"!.
وعن أبي موسى الأشعري، قال: "إن بني إسرائيل كتبوا كتاباً فاتبعوه، وتركوا التوراة"..
وبعدما بات القرآن معطَّلاً مؤَخّراً، من الخاصة الدارسين، كما من العامة المتبعين؛ عكوفاً وانشغالاً بكتب الناس والعلماء أنفسهم، بشهادة علَمٍ كابن تيمية، إذ كتب في سجنه الأخير: "ندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن!". وهو من هو، في مكانة العلماء. فلا حاجة بعد "ندمه" إلى زيادة تدليل على الخرق والثلمة في العلاقة مع القرآن، عند كثير من العلماء والدارسين والدعاة، عدا عن العامة المقلدين؛ وزلة العالم الدارس أشد وقعاً!.
هذا، وما بتنا نراه من تقديم "متون" العلماء ونصوصهم وسطورهم، سواء بسواء مع كتاب الله وتنزيله، –مع تقديرنا وشكرنا لجهدهم-. فيكفي أن تنظر في رسالة دارس أو عالم، أو تسمعه واعظاً أو خطيباً، لترى اعتماده واقتباسه من "متون" العلماء –حرفاً حرفا، بالهيبة والإجلال- كما اقتباسه من كلام الله، بل هو أكثر وأسبق، حتى يظن المؤمن أن هذه "التنصيصات المتنية" هي من أصول الدين، لها ما للقرآن والنبي -صلى الله عليه وسلم- كِفلاً سواءً.

وحتى بات الدارس العالم، يجمع ويجمع من "كتب" العلماء، مستكثراً منها، مكاثراً بها، متقللاً زاهداً بكتاب الله!.
وليس هذا من النبوة ولا هدي أصحابها في شيء، بل هو الإحداث والتبديل بعينه. فبعد أن كان "الكتاب" متفرداً، صار شريكاً مزاحَماً، واحداً بين كثير!.

وهذا حذر الصحابة الأركان من قبل، وعن مثل هذا كانوا ينهون، فقد ورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أراد أن يكتب السنن –وهي أصل المسلمين بعد الكتاب، ولسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم-، فاستشار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال:

"إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً، كانوا قبلكم، كتبوا كتباً، فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً"!.
فانظر –حفظك الله- إلى فرقان الفاروق، وانظر كم عندنا من الكتب الملابسات المنازعات القرآن حظه!.
على أننا "أهل القرآن" نحمد الله، أن هيأ للمسلمين من حفظ لهم سنة نبيهم في الصحيح المسند.
وما ورد كذلك عن علي رضي الله عنه، قال:
"أعزم على من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإِنما هكذا الناس، حيث يتبعون أَحاديثَ علمائهم، ويتركون كتاب ربهم"!.
وما ورد كذلك، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أُتي بصحيفة فيها حديث، فدعا بماء فمحاها، ثم غسلها، ثم أمر بها فأحرقت، ثم قال:
"أُذَكِّرُ بالله رجلاً يعلمها عند أَحدٍ إلا أعلمني به، والله لو أَعلم أَنها بدار الهند لابتلغتُ إليها، بهذا هلك أهل الكتابِ قبلكم حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون".
وعن ابن سيرين كذلك، قال: "إِنما ضلت بنو إِسرائيل بكتب ورثوها عن آبائهم".
ثم نحن اليوم مثلهم، نتبع سننهم شبراً بشبر، فورثنا كتب التراث، حتى تضايقت أوقاتنا بالقرآن، وانصرفت هممنا إلى غيره من كتب العلماء والمصنفين والمفكرين.
فلأجل نصيحة لكتاب الله، قام "أهل القرآن"؛ ليرجع الناس إلى وصية نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه الأمناء، فيتخففوا من كل "المشارِكات الملابسات"، ويتكثروا من القرآن، جهدهم واستطاعتهم.
ولا نقصد بالمشارِكات الملابِسات، إلا تلك التي كرهها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونعَض عليها نحن اليوم بالنواجذ، من "الأمهات" و"المتون"، ومما نعظمه تعظيماً، فلعمرو الله ما أعقل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولعمرو الله كم عندنا مما يخشون ويكرهون، من المذاهب والفروع، ومن "أمهات الكتب" المزاحمة لأم الكتاب!. فأيم الله، ما كُتب كتاب إلا نازع القرآن، ولو أن تنظر فيه!. ومن ارتاب بقولنا، أو شك فيه، فليعد النظر في حديث نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:

"أَلاَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ فَلاَ يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا. قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ"!.
لأجل نصيحة الدين، يوم اجتمع نفر من المؤمنين على عهدٍ بينهم، في محراب بيت المقدس في المسجد الأقصى، في التاسع من ذي الحجة، يوم عرفة من عام 1425 للهجرة، نصرة لكتاب الله، وتقديمه ورفعته، على ما يزاحمه من متون الناس والمعلِِّمين والدارسين، وأن يُخرج القرآن من كهف الصرف، الذي حصره في التجويد والتزيين، دونما ورود لحوض الحياة فيه، واستبصار بسرجه ونوره وإمامته.

أو كمن جعله فقها يبساً، أحكاما وحدوداً، تاركاً هاجراً كثيره وثقيله من البينات والعبر والأمثال الشاملات المفصلات، فيكفي أن تقيس عدد كتب الفقه إلى ما سواها من عدد التدبر في العبرة والقصص، والذكر الحكيم!.

فجاء "أهل القرآن" لتتقدم كلمة الله على كلمات الناس، عالمهم وجاهلهم، إماماً كان أم تابعاً، وليصبح القرآن شاغل الناس الأول والأوسط والأخير، يتحلقونه كما تتحلق الإبل المساقي، فما لم يكن عند أبي بكر وعمر من "المصنفات"، فلا حاجة لـ"أهل القرآن" بها، إلا ما جُمع من صحيح السنة، فهو حق المؤمنين في البلاغ، ومن خالف هذه اليسيرة الكبيرة، فقد خالف صريح النبوة والكتاب، وما عليه الأصحاب، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، واتبع هواه، وزعم أن القرآن والسنة الخالصة، لا تهدي كفاية بذاتها، ولا يؤمَن على من استهدى بها، فلا بد لها من شريك معين!.

ثم ليتحمل كل مؤمن حظه من قراءته -هو بنفسه- لكلمة الله، فيقرأه بقلبه هو، وعينه هو ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. ناظراً متدبراً مجتهداً حياته كلها لكلمة الله، واهبة الحياة والنور، ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾. غير متعبدٍ لأحد سوى إلهنا وسيدنا العليم الحكيم، تقدست أسماؤه.

بوضوح وجلاء..
نريد لكل مستطيع ذي عقل وبصيرة، أن ينظر ويتدبر ويدّكر، بما أعطاه الله من العقل والقلب، غير معتكف ولا ملتجم بمقالة السالفين والآخَرين، دونما شك ولا طعن بخيرهم وصلاحهم!، فأن تطالع كتبهم شيء، وأن تتعبد بها شيء آخر، واستعباد العقل شر من استعباد الجسد!.
فلا ضير من مطالعة مقالة المؤمنين والعلماء، فلا بد فيها من علمٍ حق، كما لا تخلو من الزلل والخطأ، ولربما حوت فساداً فاحشاً!. فالتخفف منها والتكثّر من القرآن، هو الأصل عند "أهل القرآن".
فنريد أن نقرأ كلام الله من كتاب الله نفسه، لا من كتب الناس، ولو كانت مشيخة التفسير واُمهاتها، ثم إن عازنا شيء، تخيّرنا الأحسن، ولكن لا نبدأ بالكتب والتفاسير قبل النظر الخالص في كتاب الله!. فقد كان القرآن وكان محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن تفسير ولا مصنفات، وكانت كلمات النبي بذلاً للخاصة والعامة، وكان الخير تميماً عميماً. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾. ثم جاء التفسير، ودخله الزلل والخلل!.

فلا يُرجع للعالم إلا بما فاتنا من علم بـ"النص الخالص" لآيات الكتاب، أو سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما سوى ذلك فهو تأويله وفقهه ومذهبه، نأخذ ونترك بالميزان.
فإنما الكتاب والسنة عند "أهل القرآن" –حصراً-، هو ما جاء به نبينا الخاتم المعصوم -صلى الله عليه وسلم-، بغير تأويل من "أحد"، ولا تعليق ولا تفسير من أحد، ولا علاقة له البتّة بفقه الفقيه، ولا مذهبه، ولاتفسير المفسرين، فـ"المرفوع" إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- دين، و"الموقوف" على غير محمد -صلى الله عليه وسلم- ليس بدين!. "فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ"!.

ونريد أن يميّز الناس بين القرآن –كلام الله- كامل العلم والحكمة، عالم الغيب والشهادة، وبين تأويل المتأولين، واجتهاد المتفقهين، وتفسير المفسرين، -بلا استثناء بينهم-، لما يعتريها من قصور البشر وجهالة الإنسان، مهما بلغ أصحابها من العلم والإمامة، وفي أمهات التفسير شهادة على مثل ما نقول.
فأطر الناس على فهم أحد –دون إجماع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- هو من الإحداث في الدين، والعدوان على النبوة والكتاب، ولا يستثني "أهل القرآن" في ذلك أحداً أبداً.
ويشهد لنا مقالة إمام الحديث وغيره في عهد السابقين، شعبة بن الحجاج، قال: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة فى التفسير؟.
فنريد أن لا نقف عند موقفِ مَن سلف من الصالحين والمجتهدين من العلماء –محتفظين لهم بمقام محمود-، فما كان رسول الله ليمسك عن تأويل القرآن، ليفرض علينا أحد من الناس تأويل "أحد" من الناس.

فكم من مسألة ذات خطر في ذات الدين، نزل بها الناس عند "ظن" واحد من العلماء، التبست عليه، وزلّ بها، فتابعوه، وليس لهم ولا له فيها بينة ولا برهان، لا من نبوة ولا من كتاب، ثم صار الدين ما يقول، وصار فهمه ورأيه ديناً نصيباً من دين الله!.
فنريد لكل مؤمن ومؤمنة أن يقرأ كتاب الله بنفسه هو، بكل التعظيم والتمجيد والتقديس، مستجمعاً له كل مداركه، سمعاً وبصراً وفؤاداً، ناظراً وسائلاً ومشاركاً كل ذي علم، منزلاً قوله وقول غيره، عالماً أو غير عالم، إماماً أو مجتهداً، كائناً من كان، سلفاً أو خلفاً، أن ينزله القسطاس المستقيم، أن يُسأل عن بينة ما يقول، من كتاب الله أوحديث رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً * وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾.

وما سوى ذلك ممن لم يأت ببينة، فليس بشيء، قاله من قاله، والله لا يستحيي من الحق ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ﴾، ﴿إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾. "فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ"، كما بلغنا عن نبينا المعصوم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالحرمة عندنا لشخص العالم وشخص المؤمن، ولا حرمة لتقوّله ما لم يكن ببرهان، من النبوة والكتاب، ولا ثالث عندنا نحن "أهل القرآن"، إلا ما كان من إجماع الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين، على ما سلف لهم من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد أن علياً رضي الله عنه، كان يستحلف "أصحاب رسول الله"، فيما يحدثونه عنه ليتثبت في دينه، أثم نتبع كل ناعق بغير تبيان؟. فعلى الجميع البينة، وإن كانوا طباق ما بين السماء والأرض ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾.

وقد خلقك الله يوم خلقك فرداً، وهكذا ترجع إليه ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، فلا تجعل نفسك ظلاً لأحد!، فقد أخرجه الله كما أخرجك، لا تعلمون شيئاً، فتعلّمْ كما تَعَلم هو، ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، واستعن بالله ولا تعجز، وأكبر أهل العلم، دون أن تميت نفسك!، فطلب العلم فريضة على كل مسلم، كما جاء عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: "مَثَلُ أُمَّتِى مَثَلُ الْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ".

فمنهج القرآن قائم على الحث والبعث والإحياء والتبصير، بينما مناهج العلم اليوم، على الفرض والإملاء والتقليد والتلقين، فيُخرِج القرآن العلماء العمّال، وتُخرج "مناهج العلم"، نسلاً "نسخاً"، مقلدين معطَّلين.
فاحترم شخص المؤمن –عالماً أو غير عالم- وامتحن قوله، ولو كان إمام الأئمة، فلا نعلم معصوماً ولا نبياً بعد أحمد -صلى الله عليه وسلم-. ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾، فكذبت الأنس وكذبت الجن!، ومن لم يكذب فليس أقل من أن يزل ويخطئ، فتبين ثم تبين ثم تبين، ولو كانت من أئمة الدين ومشيخة الإسلام، فكل يؤخذ من فمه ويرد عليه، إلا إمام النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالتشدد في البينة في رواية الدين، أقوم وآمن من الاستحياء واللين. ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾.
كل هذا، ليكون السلطان كله للنبوة والكتاب، لا ينازعه فيه كتاب، ولو كان من صالح عن صالح، فلا ينبغي لمن يؤمن بالله ورسوله أن يُحيل أحداً على كتاب غير كتاب الله وسنة أحمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يحتج بكتاب العبد كما يُحتج بكتاب الله، إلا من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.

ولا ينشغل بكتب العبيد، كما ينشغل بكتاب الملك العظيم، إلا مفتون مصروف!.

فما لم يكن في حياة رسول الله، عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فليس من دين "أهل القرآن"، ومن كتب بعدها كتاباً فله أو عليه، وليس من دين الله في شيء، إنما الدين الوحي، نبوة أو كتاب.
﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾.
صلاح الدين إبراهيم أبو عرفة
بيت المقدس 1427
ـــــــــــــــــــــــ
* نقلاً عن موقعهم بتصرف خاص .
1430هـ
ن . س .أ / القدس .

بسم الله الرحمان الرحيم

لقد قرأت موضوعك جيدا و قد أعجني كثيرا قولك :

(وحتى بات الدارس العالم، يجمع ويجمع من "كتب" العلماء، مستكثراً منها، مكاثراً بها، متقللاً زاهداً بكتاب الله!.
وليس هذا من النبوة ولا هدي أصحابها في شيء، بل هو الإحداث والتبديل بعينه. فبعد أن كان "الكتاب" متفرداً، صار شريكاً مزاحَماً، واحداً بين كثير!.)

فأن أوافق كثيرا على ما جاء في كلامك و تحليلاتك ..و هذا واقع نراه و نلحظه في جميع أوساط المحتمعات الإسلامية .إلا من رحم ربك..أصبح الناس عامة يتهافتون على كل الكتب الإسلامية أو دينية ..و يتسابقون في اقتنائها ..خاصة تلك المتعلقة بمذهب كل واحد أو عالم أو واعظ كل طائفة ..!!!!
تعصب خطير جدا ظهر إلى الوجود وانتشر في الأوساط و في كل الشرائح ..؟؟
يفرحون..و يهللون لعلمائهم و مذهبهم و طوائفهم ..و لا يفرحون لكلام الله الذي أصبح مهجورا..
لاحظوا جيدا في خطب الجمعة لهذا الأسبوع مثلا.: كم هو عدد آيات الله المذكورة في كل خطبة ..؟؟ و بما ذا يفتتحون جل الخطباء خطبهم ..و ستعلمون حينها مقدار هجران كلام الله..؟؟ و هل يذكرون النبيئين ..و القصص القرآني.. في خطبهم .وووو؟؟

و لنا عودة في الموضوع بحول الله..
 
لاحظوا جيدا في خطب الجمعة لهذا الأسبوع مثلا.: كم هو عدد آيات الله المذكورة في كل خطبة ..؟؟ و بما ذا يفتتحون جل الخطباء خطبهم ..و ستعلمون حينها مقدار هجران كلام الله..؟؟ و هل يذكرون النبيئين ..و القصص القرآني.. في خطبهم .وووو؟؟

و لنا عودة في الموضوع بحول الله..

الأخ الفاضل بلفاع عد إلى ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وما صح عن الصحابة من الخطب وانظر كم فيها من القرآن الكريم.
خذ مثالاً خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة ويوم النحر وقل لنا كم فيها من الآيات؟

لماذا نهرف أحياناً بما لا نعرف؟
إن الله أمرنا بقوله :"وإذا قلتم فاعدلوا"
فلماذا الشطط في الأحكام ؟
 
الأخ الفاضل بلفاع عد إلى ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وما صح عن الصحابة من الخطب وانظر كم فيها من القرآن الكريم.
خذ مثالاً خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة ويوم النحر وقل لنا كم فيها من الآيات؟

لماذا نهرف أحياناً بما لا نعرف؟
إن الله أمرنا بقوله :"وإذا قلتم فاعدلوا"
فلماذا الشطط في الأحكام ؟

يا محب القرآن انا لست في صدد الكلام عن خطب الرسول أو التعليق عليها..فأنا أقصد و أعنيى بكلامي الجيل الصاعد من الوعاظ و الدعاة ..تابع بالله عليك خطب هذا الجمعة..و ستعلم أني (لا أهرف ..و لا اشطط..)و إلى الملتقى إن شاء الله
 
الأخ الكريم بلفاع






يبدو أنك لم تفهم مقصد الأخ محب القرآن، فأظنه يريد أن يقول لك إنّ خطب الرسول عليه السلام وكذلك الصحابة الكرام لم تكن تحتوي بالضرورة على الكثير من الآيات الكريمة.

المساجد في العالم الإسلامي تعد بالملايين. والخطباء درجات في العلم والخبرة والمقدرة والكفاية. ويغلب أن تكون الخطبة دقائق معدودات، ويغلب أن تتضمن آيات كريمة أو أحاديث شريفة.

من السهل على كل إنسان أن ينتقد وأن يصول ويجول مبرزاً للسلبيات، ولكن من الصعب أن نقدّم للناس الأفكار الإبداعية الأصيلة. وما أنصح به هنا أن نقدم للناس فهماً عميقاً فيه جدة وأصالة.
 
من السهل على كل إنسان أن ينتقد وأن يصول ويجول مبرزاً للسلبيات، ولكن من الصعب أن نقدّم للناس الأفكار الإبداعية الأصيلة. وما أنصح به هنا أن نقدم للناس فهماً عميقاً فيه جدة وأصالة.

بارك الله فيك أخي أبو عمرو

هذه مشكلتنا في هذا الزمن نضخم السلبيات وننفخ فيها وننسى أو نتجاهل الجوانب الإيجابية ، وهذا له أثره السيء وبخاصة حين يكون الحديث عن تأريخ الأمة وتراثها.

يا أخي الكريم أمة بلا تأريخ وبلا تراث أمة بلا هوية.

وإن المرء ليصاب بالأسى والحزن حين يرى من يحاول تجاوز تأريخ الأمة وتراثها بدعوى التجديد تارة وبدعو التصحيح تارة.

وأنا لست ضد التجديد ولا ضد التصحيح ،بل هو مطلب و فريضة ، لكن ليس بالأسلوب الذي نراه اليوم والذي يريد أن يمسح ذاكرة الأمة.

وما ذكرته أخي الكريم هو الحق والصواب نريد أفكارا فيها إبداع مع المحافظة على الأصالة ، وهذا لا يكون إلا من عقليات ناضجة على دراية كافية بواقع الأمة وتأريخها.

وفق الله الجميع لما فيه الخير.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
الأخ الكريم بلفاع






يبدو أنك لم تفهم مقصد الأخ محب القرآن، فأظنه يريد أن يقول لك إنّ خطب الرسول عليه السلام وكذلك الصحابة الكرام لم تكن تحتوي بالضرورة على الكثير من الآيات الكريمة.

المساجد في العالم الإسلامي تعد بالملايين. والخطباء درجات في العلم والخبرة والمقدرة والكفاية. ويغلب أن تكون الخطبة دقائق معدودات، ويغلب أن تتضمن آيات كريمة أو أحاديث شريفة.

من السهل على كل إنسان أن ينتقد وأن يصول ويجول مبرزاً للسلبيات، ولكن من الصعب أن نقدّم للناس الأفكار الإبداعية الأصيلة. وما أنصح به هنا أن نقدم للناس فهماً عميقاً فيه جدة وأصالة.

بسم الله الرحمان الرحيم

سأرد على تعقيبكم يا أبو عمرو إن شاء الله.. بكل هدوء أرجو منكم التحلي بالصبر و لا داعي للتسرع و إصدار الأحكام ..

و لقد قلتم :

(يبدو أنك لم تفهم مقصد الأخ محب القرآن، فأظنه يريد أن يقول لك إنّ خطب الرسول عليه السلام وكذلك الصحابة الكرام لم تكن تحتوي بالضرورة على الكثير من الآيات الكريمة.)
أنا لا أسطيع أن أحكم على الخطب و ما روي عنها و وصل إلينا ..الله أعلم..فأنا لا أستطيع أن أكذب أو أؤكد ..فهذا ليس من اختصاصك و لا من اختصاصي..فهذا متروك للعلماء التقاة..أقول التقاة..

و أضفتم كذلك:أن

(المساجد في العالم الإسلامي تعد بالملايين. والخطباء درجات في العلم والخبرة والمقدرة والكفاية. ويغلب أن تكون الخطبة دقائق معدودات، ويغلب أن تتضمن آيات كريمة أو أحاديث شريفة.)

نعم انا متفق معك أن الخطباء في العالم درجات فعلا..و ليست القضية في الدقائق و لكن ماذا يقال في هذه الدقائق .؟ و ما ذا يتلقى المستمع في هذه الدقائق أو في هذه السويعات..؟؟
و الله تعالى يقول في محكم كتابه في شأن الدعوة إلى الله..:

ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل : 125]

لاحظ جيدا : سبيل ربك ..ما هو سبيل الله ؟ إنه القرآن..و أرجوك يا أبو عمرو أن لا تفهم أني في صدد نفي السنة !!! لا ..و ألف لا..فأنا من المواضبين لسنة رسولنا الكريم بحول الله و لا أريد أن أزكي نفسي ..

لاحظ جيدا (سبيل ربك) ثم في نفس الآية هناك (ضل عن سبيله) و السبيل دائما يأتي في القرآن بمعنى كلام الله

لاحظ جيدا :
قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف : 108]

و الله تعالى يقول لرسوله قل هذه سبيلي ..أدعو

..بمعنى ذلك اني أريد أن اوضح فقط أن الدعوة إلى الله تكون دوما وغالبا بكلام الله لأن كلام الله هو الذي يهدي وحده ..

إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي ...

وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي..

وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ ...

قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ .يَهْدِي بِهِ اللّهُ ...

ألا ترون أن كلام الله هو الذي يهدي . لأن فيه سر غيبي لا يعلمه إلا الله..فشتان بين كلام الله و كلام البشر..

و أخيرا قلتم لنا :
(من السهل على كل إنسان أن ينتقد وأن يصول ويجول مبرزاً للسلبيات، ولكن من الصعب أن نقدّم للناس الأفكار الإبداعية الأصيلة. وما أنصح به هنا أن نقدم للناس فهماً عميقاً فيه جدة وأصالة.[/QUOTE])

أنا لست هنا كي أنتقد بل أصوب بإذن الله ..و أحاور إخواني بما أوتيت من العلم القليل..
و هذا هو مفهومي الذي رجوت أن أبلغه و أوصله لكافة الناس..

و لكم منا جزيل الشكر يا أبو عمرو..و طيب الله أوقاتك
 
أشكر أخي أبا الحارث العمودي وأخي أبا سعد الغامدي على ما تفضلا به من التعقيب ، وقد سبق نقاش مثل هذه المقالات المتجاوزة لفهم العلماء والمنتقصة للتراث العلمي الأصيل بحجة الأخذ من الكتاب والسنة مباشرة دون واسطة.
نسأل الله للجميع الهداية للحق والصواب .
 
هذه المدرسة المنكرة لجهود من أوصل إليها علم الكتاب والنبوة، يتعلمون على مائدة قومٍ ثم يقلبونها فيفسدونها على من بعدهم، نُكرًا لجميل سلفهم وكفرا بنعمتهم عليهم.
قولوا بالله عليكم: كيف تعلّم هؤلاء؟ وممّن أخذوا فهمَ هذه المدارك؟ أليس من كتب العلماء مفسّري القرآن وشارحي السنة؟
ذكرني صنيعُهم بصنيع بعض الشذاذ من مدارس نحوية انتقدت مدارس النحو الأصيلة في تعاطيها مع كلام العرب ونظرية العامل المعتمدة في النحو كله، الذي به نضج علماؤنا كافة منذ ظهر النحو واكتمل، أمثال ابنِ مضاء الاندلسي قديما رحمه الله، إلى دعاة التجديد في دراسة النحو العربي المحدثين إلى مثل طه حسين وأتباعه ممّن أرادوا نقض ديوان العرب. فهؤلاء تشبّعوا بالعربية الفصيحة من موائد أولئك الأعلام، ثم قلبوا المائدة على من بعدهم لئلا ينهل منها، غفر الله لهم.
 
على كل حال، رجوت أن ينقل إلى الموضوع إلى (ملتقى الانتصار للقرآن الكريم)، فذلك أنسب، لأن منهجا كهذا يمنع الناس من فهم القرآن، ولو ظهر أنه ينافح عنه. والله المستعان
 
عودة
أعلى