أنواع بيان القرآن للقرآن التي ذكرها الشنقيطي في مقدمة الأضواء

إنضم
06/05/2003
المشاركات
213
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
هذا ترتيب واختصار لأنواع بيان القرآن بالقرآن التي دبجتها يراعة الإمام الشنقيطي في مقدمة الأضواء أحببت إتحافكم به يا أهل الملتقى فدونكموها لكم غنمها وعلي غرمها والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

أنواع بيان القرآن للقـرآن:
ألوان بيان القرآن للقرآن كثيرة من أهمها مايلي:

1- بيان الإجمال الواقع بسبب اشتراك في اسم أو فعل أو حرف.
المشترك: هو اللفظ الدال على أكثر من معنى.
فمثال الأول:(الاشتراك في اسم) قوله تعالى:"وليطوفوا بالبيت العتيق". فالعتيق يطلق بالاشتراك على:القديم، وعلى المعتق من الجبارة، وعلى الكريم. ويدل للأول قوله تعالى:" إِنَّ أوَّلَ بيتٍ وُضِعَ للنّاسِ لَلذِي بِبَكّةَ مُبارَكاً".
ومثال الثاني:(الاشتراك في فعل) قوله تعالى :" ثمَّ الذِينَ كفَرُوا بِرَبهِم يَعدِلُون" فعدل تأتي بمعنى(سوّى) وتأتي بمعنى:(مال وصدّ) ويدل للأول قوله تعالى:"تاللهِ إن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ- إِذ نُسَويكُم بِرَبّ العَالمَين "،وقوله تعالى:"وَمِن النّاسِ مَن يتّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أندَاداً يحِبَّونَهُم كَحُبّ الله".
ومثال الثالث:(الاشتراك في حرف)قوله تعالى:"خَتمَ اللهُ عَلَى قلُوبِهِم وَعلَى سَمعِهم وَعلَى أبْصَارِهِم غِشَاوَة" فإن الواو في قوله:(وَعلَى أبْصَارهِم) محتملة للاستئناف وللعطف وقد بينت آية الجاثية أنها للاستئناف وهي قوله تعالى:"أفَرأيتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأضَلَّهُ الله عَلَى عِلمٍ وَخَتمَ عَلَى سَمعِهِ وَقَلبِهِ وَجَعَل عَلَى بَصرِه غِشَاوَة".
وكقوله:" فَامْسَحُوا بوجُوهِكُم وَأيدِيكُم مِنْه". فقيل(من) للتبعيض، ولذا اشترطوا صعيدا له غبار يعلق باليد، وقيل: هي لابتداء الغاية ولذا لم يشترطوا ماله غبار بل يجوز التيمم على الرمل والحجارة، وهذا أنسب لما بعده وهو قوله"مَا يُرِيدُ الله لِيَجعَلَ عَليكُم مِن حَرَج". أي:أيّ حرج. والتكليف بما له غبار فيه نوع من الحرج، لأن كثيرا من بلاد الله لايوجد فيها إلا الجبال والرمال.

2- بيان الإجمال الواقع بسبب إبهام في اسم جنس جمعا كان أو مفردا أو اسم جمع أو صلة موصول أو معنى حرف:
مثال الأول:( اسم الجنس الجمعي-وهو الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء-)قوله تعالى:"فَتلقَّى آدمُ مِن رَبهِ كَلِمَاتٍ فَتابَ عَلَيه "فأبهم الكلمات وذكرها في قوله"قَالا رَبنَا ظَلمنَا أنفُسَنَا وَإِن َلم تغفِر لَنَا وَترحَمنا لَنكُو نَنّ مِن الخَاسِرِين".

ومثال الثاني:(اسم الجنس المفرد) قوله تعالى:"وَتمّت كَلِمةُ رَبكَ الحُسنَى عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا"فأبهم الكلمة هنا وبينها بقوله"وَنرِيدُ أن نمُنَّ عَلَى الذِينَ استُضْعِفُوا في الأرضِ وَنجعَلَهُم أئِمّةً وَنجَعلَهُم الوَارثِين- وَُنمكّنَ لَهُم في الأرض .." .

ومثال الثالث:(اسم الجمع-وهو ماليس له واحد في لفظه-)قوله تعالى:"وَنعَمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِين -كَذَلِك وَأوْرَثنَاهَا قَوماً آخرِين" فالقوم:اسم جمع وقد بينه في الشعراء بقوله"كَذَلِكَ وَأورَثنَاهَا بَني إِسْرَائِيل".

ومثال الرابع:(صلة الموصول) قوله تعالى:"صِرَاطَ الذينَ أنعَمتَ عَليهِم" بينه بقوله"أولَئِكَ الذِينَ أنعَمَ الله عَليهِم مِن النَّبيّينَ والصّدِيقِين…".

ومثال الخامس:(معنى حرف) قوله تعالى:"وَأنفَقُوا ممّا رَزَقنَاكُم" فإن لفظة (من) للتبعيض والبعض مبهم هنا مبين بقوله"وَيَسألُونَكَ مَاذا يُنفِقُون قُلِ العَفْو" والعفو الزائد عن الحاجة الضرورية.

ومثال السادس:(اللفظ الذي يطلق على المذكر والمؤنث) قوله تعالى:"وَإِذ قَتلتمُ نفساً" فإن النفس تُطلق على الذكر والأنثى وقد أشار تعالى هنا على أنها هنا "ذكر" حيث ذكر الضمير العائد إليها في قوله:"فَقُلنا اضْرِبُوهُ ببَعضِها".

3- بيان الإجمال الواقع بسبب احتمال في مُفسر الضمير:
مثاله: قوله تعالى:"وَإِنهُ عَلَى ذَلِكَ لَشهِيد" فيُحتمل عود الضمير على الرّب-سبحانه-وعلى الإنسان المذكور في قوله:(إِنّ الإنسَانَ لِرَبهِ لَكَنُود) والسّياق يدل على عوده على الإنسان لأنه قال بعده:"وَإِنه لحُبِّ الخيرِ لَشَدِيد"ولا خلاف بأن المراد به هنا هو الانسان.

4- صرف اللّفظ عن ظاهره لدليل:
يكون الظاهر المتبادر للأذهان من الآية غير مُراد بدليل قرآني على أن المراد غيره.
مثاله: قوله تعالى:"الطّلاقُ مَرّتان" فإن ظاهره المتبادر منه أن الطلاق كله محصور في المرّتين، ولكن بيّنت الآية بعدها أن المراد بالمحصور هنا هو الطّلاق الرّجعي.قال تعالى:"فِإنّ طَلقَهَا فَلا تحِلُّ لَهُ مَن بَعد حَتى تنكِحَ زَوجاً غَيرِه".

5- أن يذكر أمر ما في القرآن ثم يُبيّن في موضع آخر شيء يتعلق به .
كالمقصود منه أو سببه أو مفعوله أو صفته أو مكانه أو زمانه أو متعلقه أو كيفية وقوعه أو يأتي سؤال وجواب عنه أو حكمته أو هل تم الامتثال به أو يخبر بوقوع شيء ثم يُبيّن وقوعه):

فمثال الأول:(ذكر المقصود) قوله تعالى:"وَقَالُوا لَولا أٌنزِلَ عَلَيهِ مَلكٌ وَلو أَنزَلنَا مَلكَاً لَقُضِيَ الأَمر"فإنه بيّن في سورة الفرقان أن مرادهم بالمَلَك المقترح إنزاله أن يكون نذيرا آخر مع الرسول-صلى الله عليه وسلم-وذلك في قوله تعالى:"وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يأكُلُ الطَّعَامَ وَيمَشِي فِي الأسْوَاقِ لَولا اُنزِلَ إِليهِ مَلَكٌ فَيكُونَ مَعَهُ نَذِيرَا".

ومثال الثاني:(وهو السّبب) قوله تعالى:"يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتسْوَدُّ وُجُوه" فإنه أشار إلى سبب اسودادها بعدها بقوله:"فَأمَّا الذِين اسوَدَّت وُجُوهُهُم اكَفر تُم..الآية". وبقوله:"وَيومَ القِيَامَةِ تَرَى الذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُسْوَدَّة" وغيرها.

ومثال الثالث:(وهو ذكر المفعول الواحد) قوله تعالى:"إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبَرةً لِمَن يخشَى". فإنه لم يذكر مفعول"يخشى". وذكره في سورة هود بقوله:"إِن في ذلِكَ لآيةً لمَن خَافَ عَذَابَ الآخِرَة" فالآية الأولى في قصة فرعون وموسى ، والثانية كذلك وردت بعد قصة فرعون وموسى. ومثلها أيضا ما ورد في سورة الذاريات .
ومثال(المفعول الثاني) قوله تعالى:"ثُمّ اتخَذتُم العِجل" فإن المفعول الثاني لِ"اتخذ" محذوف في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر اتخاذ العجل إلهاً، وتقديره:(اتخذتم العجل إلها). ونكتة حذفه: التنبيه على أنه لا ينبغي أن يُتلفظ بأن عجلاً مصطنعاً إله. وقد أشار إلى هذا المفعول في سورة طه بقوله:"فَكَذلِكَ ألقَى السَّامِرِيّ _ فّاخْرَجَ لَهُم عِجلاً جَسَداً لُه خُوَار، فَقَالُوا هَذَا إِلهُكُم وِإلَهُ مُوسَى فَنَسِي".

ومثال الرابع:(وهو ذكر الصفة) قوله تعالى:"وَندْخِلُهُم ظِلاً ظَلِيلا" فقد بيّن بعض أوصاف الظلّ في قوله تعالى:" أُكُلهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا" وقوله:"وَظِلٍّ مَمدُود" وقد يذكر نقيض ذلك الوصف لضد ذلك الشيء كقوله في وصف ظل أهل النار:"انطَلِقُوا إلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَب – لاظَلِيلَ وَلايُغني مِنَ اللَّهَب".

ومثال الخامس:(وهو ذكر المكان) قوله تعالى:"الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِين" حيث بيّن في سورة الروم أن السّماوات والأرض مكانٌ لحمده، قال تعالى:"وَلَهُ الحَمدُ في السَّمَاوَاتِ وَالأرض".

ومثال السادس:(وهو ذكر الزمان) قوله تعالى:"لَهُ الحَمدُ في الأُولَى وَالآخِرَة" وقوله" وَلَهُ الحَمدُ في الآخِرَة" فبيّن أن الدنيا والآخرة زمان لحمده.

ومثال السابع:(وهو ذكر المتعلق) قوله تعالى:"وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أن يَكُفَّ بَأسَ الذِينَ كَفَرُوا..الآية". فإنه لم يبيّن هنا مُتعلق التحريض، ولكنه بيّنه في الأنفال بقوله:"وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتال".

ومثال الثامن:(وهو كيفية الوقوع) قوله تعالى:"وِإِذ وَاعَدنا مُوسَى أربَعِينَ لَيلَةً ثُمَّ اتخَذتُم العِجلَ مِن بَعدِه". فإنه لم يبين هنا كيفية الوعد بالليالي، هل كانت مجتمعة أم مُفرقة؟ وبيّنها في الأعراف بقوله:"وَوَاعَدناَ مُوسَى ثلاثِينَ لَيلَةً ثُمَّ أتمَمنَاهَا بِعَشرٍ فَتمَّ مِيقَاتُ رَبهِ أربَعِينَ لَيلَة".

ومثال التاسع:(وهو إتيان سؤال وجواب عنه) قوله تعالى:"مَالِكِ يَومِ الدِّين".فإنه لم يبيّن هنا. ووقع عنه سؤال وجواب في موضع آخر وهو قوله تعالى:"وَمَا أدرَاكَ مَايَومُ الدِّينِ- ثُمَّ مَا أدرَاكَ مَايَومُ الدِّين.."
وقوله:"الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين". فإن"العالمين"وقع عنه سؤال وجواب في موضع آخر وهو قوله:"قَالَ فِرعَونُ وَمَارَبُّ العَالمِينَ- قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَمَابَينَهُمَا إِن كُنتُم مُوقِنِين". وسؤال فرعون وإن كان في الأصل سؤالاً عن الرب سبحانه فقد دخل فيه الجواب عن المراد بالعالمين .

ومثال العاشر:(وهو ذكر الحكمة) قوله تعالى:"وَهُوَ الذِي جَعَلَ النُّجُومَ لِتهتدُوا بهَا". فإن من حِكم خلق النجوم تزيين السّماء الدّنيا ورجم الشّياطين بها كما قال تعالى:"وَلَقَد زَيَّنَا السَّماءَ الدُّنيَا ِبمَصَابِيحَ وَجَعَلنَاهَا رُجُومَاً لِلشَّياطِين". وقال:"وَلَقَد زَيَّنا السَّماءَ الدُّنيَا بِزِينَةِ الكَواكِبِ وَحِفظاً مِن كُلِّ شَيطَانٍ مَارِد".

ومثال الحادي عشر:(وهو هل تم امتثال الأمر والنهي أو حصل الشّرط) قوله تعالى لنبيّه –صلى الله عليه وسلم-والمؤمنين:"قُولُوا آمنَّا بِاللهِ وَمَا أنزِلَ إلينَا..".فقد بين في آخر السورة أنهم امتثلوا فقال:"آمَن الرَّسُولُ ِبما أنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنُون..".
ومثله أيضًا لكنه في النهي قوله تعالى:"وَقُلنَا لَهُم لاتعدُوا ِفي السَّبت" فقد بين أنهم لم يمتثلوا في قوله:"وَلَقَد عَلِمتُم الذِينَ اعتدَوا مِنكُم ِفي السَّبت.." وقوله:"وَاسأَلهُم عَنِ القَريةِ الّتِي كَانت حَاضِرَةَ البَحرِ إِذ يَعدُونَ ِفي السَّبت ". والمراد بعضهم.
ومثله أيضًا لكنه في حصول الشرط قوله تعالى:"وَلا يَزالُونَ يُقَاتِلُونكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دِينكُم إِنِ استطَاعُوا" فقد بين في أول المائدة أنهم لم يستطيعوا بقوله:"اليَومَ يَئِسَ الذِين كَفَرُوا مِن دِينكُم قَلا تخشَوهُم وَاخشَون".

ومثال الثاني عشر:(وهو أن يذكر أن شيئاً سيقع ثم يبيّن وقوعه بالفعل) قوله تعالى:"سَيَقُولُ الذِينَ أَشرَكُوا لَو شَاءَ اللهُ مَا أشرَكنَا" وصرّح في النحل بأنهم قالوا ذلك بالفعل بقوله:"وَقَالَ الذِينَ أشرَكُوا لَو شَاءَ اللهُ مَاعَبدنَا مِن دُونِه مِن شَيء".

6- أن يكون للفظٍ في الآية معنى غالب في القرآن فيجب تفسيره به وعدم إخراجه من معناه:
مثاله: قوله تعالى:"لأَغْلِبَنَّ أناَ وَرُسُلِي". فإن الغالب في القرآن استعمال (الغلبة) مرادا بها الغلبة بالسّيف والسّنان كما في قوله:"غُلِبَتِ الرُّوم". وقوله:"قُل لِلذِينَ كَفَرُوا سَتُغلَبُون..". وقوله:"وَإِن تكُن مِنكُم مائةٌ يَغلِبُوا ألفاً مِنَ الذِينَ كَفَرُوا". وعليه فيجب تفسير الغلبة في الآية الأولى بذلك، ومن قال: إنما المراد الغلبة بالحجّة والبرهان فهو صحيح لكن لا يجوز إخراج المعنى الغالب عن مراد الآية لأنه مما ورد به القرآن.
فإن كان المعنى المذكور متكرراً قصْده في القرآن إلا انه ليس أغلب من قصد سواه، فإنه دون الأول في الرتبة ،والاستدلال به استئناس،كإطلاق (الظلم) على الشّرك في قوله:"وَلمَ يَلبِسُوا إِيمَانهَم بظُلم"وقوله:"إِنَّ الشِّركَ لظُلمٌ عَظِيم".وقوله:"وَالكَافِرُونَ هُمُ الظا لمُون" .وورد مراداً به غير الشرك كقوله تعالى:"ثُمَّ أَورَثنا الكِتابَ الذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنا فَمِنهُم ظَالِمٌ لِنَفسِه.."

7- أن يحيل في آية على شيء ذُكر في آية أخرى . وهذا من صريح تفسير القرآن بالقرآن .
مثاله: قوله تعالى:"وَ قَد نزَّلَ عَلَيكُم ِفي الكِتابِ أن إِذا سَمِعتُم آياتِ اللهِ يُكفَرُ بهَا وَيُستهزَأ بهَا فَلاَ تقعُدُوا مَعَهُم". والمراد بما نزّل هو قوله في سورة الأنعام:"وَإِذا رَأيتَ الذِينَ يخُوضُونَ ِفي آياتِنَا فَأعرِض عَنهُم حَتى يخُوضُوا ِفي حَدِيثٍ غَيرِه".
ومثله: قوله تعالى:"وَعَلَى الذِينَ هَادُوا حَرَّمنَا مَا قَصَصنَا عَلَيكَ مِن قَبل"والمراد به ما في سورة الأنعام:"وَعَلَى الذِينَ هَادُوا حَرَّمنَا كُلَّ ذِي ظُفْر".
ومثله: قوله تعالى:"فِإذا تطَهَّرنَ فآتوُهُنَّ مِن حَيثُ أمَرَكُمُ الله". فإن محل الإتيان المحال عليه مذكور في موضعين.الأول:قوله بعد الآية:"نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوُا حَرثكَم أنى شِئتم". فقد بين أن موضع الإتيان هو مكان حرث الأولاد.وهو القبل دون الدبر. والثاني:قوله تعالى:"فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابتغُوا مَا كَتبَ الله لَكُم" أي جامعوهن وابتغوا ماكتب الله لكم أي ولتكن تلك المجامعة في محل ابتغاء الولد. وهو القُبل دون الدبر.

8- تفسير اللفظ إما بلفظٍ أشهر منه و أوضح عند السامع أو بذكر مقابلة الموضح له:
مثال الأول:قوله تعالى:"وَأمطَرنا عَلَيهِم حِجَارَة مِن سِجِّيل". فإنه بين في موضع آخر في القصة نفسها معنى السّجيل وذلك في قوله:"قَالُوا إِنَّا أُرسِلنَا إِلَى قَومٍ مجُرِمينَ- لِنُرسِلَ عَلَيهِم حِجَارَةٍ مِن طِين".
ومثال الثاني قوله تعالى:"اللهُ يَعلَمُ مَاتحَمِلُ كُل أنثى وَمَا تغِيضُ الأَرحَامُ وَمَا تزدَادُ وَكُل شَيءٍ عِندَهُِبمقدَار". فقد بان معنى"تغِيض" وهو تنقص لما ذكر مقابله وهو"تزدَاد".

9- أن يكون في الآية قرينة تدل على منع أحد المعاني أو ردِّ بعض الأقوال:
ومن أمثلته: قوله تعالى:"وَكَتبنَا عَلَيهِم فِيهَا أنَّ النَّفسَ بالنَّفس" فيرى أبو حنيفة-رحمه الله-أن عموم الآية يفيد أن المسلم يُقتل بالكافر، ويمنع منه قوله في آخر الآية"فَمَن تصَدَّق بهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه". فإنها قرينة على عدم دخول الكافر، لأن صدقته لا تكفر عنه شيئا، إذ لاتنفع الأعمال الصالحة مع الكفر.
ومثله أيضاً: قوله تعالى:"وَاتلُ عَليهِم نبأَ ابنَيْ آدمَ بالحَق.."قال الحسن:المراد بابني آدم رجلان من بني إسرائيل، ويمنع منه قوله في القصة:"فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبحَثُ فِي الأرضِ ليُريَهُ كَيفَ يُوَاريَ سَوءَةَ أخِيه". إذ فيها أن ذلك وقع في مبدأ الأمر قبل أن يعرف الناس كيفية دفن الموتى، أما في زمن بني إسرائيل فقد عُرف الدفن فلا يخفى على أحد.
ومثله أيضاً: قول بعضهم أن آية الحجاب:"وَإِذا سَألتُمُوهُنَّ مَتاعَاً فَاسأَلوُهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب". خاصّة بأزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-. فإن تعليله لهذا الحكم بقوله:"ذلِكُم أطْهُرُ لِقُلُوبكُم وَقُلُوبهِن". قرينة واضحة على قصد تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد أن غير أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-لاحاجة إلى طهارة قلوبهن ولا إلى طهارة قلوب الرجال من الريبة منهن.
ومثله: قول بعضهم أن ازواجـه-صلى الله عليه وسلم-غير داخـلات في أهـل بيته المذكورين في قوله"إِنمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِّجسَ أهَلَ البَيت". ويمنع منه: أن السّيــاق مصرِّح بدخولهن، لأنه ورد قبلها قوله"قُل ِلأزوَاجِكَ إِن كُنتنَّ ترِدن..". وبعدها قوله:"وَاذكُرنَ ما يتلى ِفي ِبيُوتِكُن..".

10- أن يذكر لفظ عام ثم يخصصه أو يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام في حكمه:
مثال الأول:قوله تعالى:"وَ المُطَلَّقاتُ يَترَبصنَ ِبأنفُسِهِنَّ ثلاَثةَ قُرُوء". فهذا حكم عام في جميع المطلقات، ثم أتى ما يخصص من هذا العام الحوامل وهو قوله تعالى:"وَأولاَتُ الأَحمَالِ أجَلُهنَّ أن يَضَعنَ حَملَهُن". فخصص من عموم المطلقات أولات الأحمال.

ومثال الثاني: قوله تعالى:"ذلِكَ وَمِن يُعَظِم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنهَا مِن تقَوَى القُلوُب". فقد صرح بدخول"البُدْن " في هذا العموم بقوله بعده:"وَالبُدنَ جَعلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِالله
 
بارك الله فيكم على هذه الفوائد وترتيبها يا دكتور محمد .
 
شكر الله لكم وبارك فيكم على هذه الفوائد
 
هل تتبع أحد من الباحثين أنواع بيان القرآن للقرآن تتبعاً تاماً، ورتبها في بحث كامل ؟
هذا موضوع جدير بالعناية لأن ما ذكره الشنقيطي هنا أمثلة معدودة على كل نوع من هذه الأنواع .
 
الحمد لله وبعد
بل أعتقد أنه - رحمه الله - لم يرد الحصر في مقدمة كتابه وكذلك الأمثلة قد يكون هناك شرح له لتزداد وضوحاً مع الشكر للدكتور على هذا الموضوع القيم.
 
عودة
أعلى