أنفع وصية من شيخ الإسلام ابن تيمية لابن القيم في دفع الشبهات (وفوائد أخرى)

إنضم
23/04/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين ، وآله ، وصحبه ، والتابعين ، أما بعد :

فإن الاستفادة من تجارب العلماء من أَولَى ما يعتني به طالب العلم خاصة إن كانت لأكابر علماء السنة ، والمسألة في باب الاعتقاد ، وما أريد ذكره هنا هو ما يتعلق بموضوع الشبهات التي غدت في عصرنا كالريح تأتيك من كل مكان في كل مكان ! فإلى الله المفر .
وهذه فائدة أنقلها لك من تجربة الإمام ابن القيم نصحه بها شيخه الإمام ابن تيمية ، وأتبعها إن شاء الله ببعض النقول النافعة نفعني الله ، وإياك بما نقول ونسمع .
قال الإمام المحقق ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه عظيم النفع مفتاح دار السعادة 1/140:
[في شرحه لحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لكميل بن زياد النخعي ـ رحمه الله ـ ..]

وقوله " ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة"
هذا لضعف علمه ، وقلة بصيرته إذا وردت على قلبه أدنى شبهة قدحت فيه الشك والريب ؛ بخلاف الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ولا قدحت فيه شكا ؛ لأنه قد رسخ في العلم ، فلا تستفزه الشبهات ، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة .
والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه ، بل يقوى علمه ويقينه بردها ، ومعرفة بطلانها ، ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة ، فإن تداركها و إلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكا مرتابا .
والقلب يتوارده جيشان من الباطل:
جيش شهوات الغي .
وجيش شبهات الباطل .
فأيما قلب صغا إليها ، وركن إليها تشربها ، وامتلأ بها ، فينضح لسانه ، وجوارحه بموجبها ،
فإن أشرب شبهات الباطل = تفجرت على لسانه الشكوك ، والشبهات ، والإيرادات = فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه ؛ وإنما ذلك من عدم علمه ، ويقينه ، وقال لي شيخ الإسلام ـ رضي الله عنه ـ وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد ـ : لا تجعل قلبك للإيرادات ، والشبهات مثل السفنجة ، فيتشربها فلا ينضح إلا بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها ، فيراها بصفائه ، ويدفعها بصلابته ، و إلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات. أو كما قال .
فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .
وإنا سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها ، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل ، وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر ، فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس ، فيعتقد صحتها و أما صاحب العلم واليقين فإنه لا يغتر بذلك ، بل يجاوز نظره إلى باطنها ، وما تحت لباسها = فينكشف له حقيقتها .
ومثال هذا: الدرهم الزائف ، فإنه يغتر به الجاهل بالنقد نظرا إلى ما عليه من لباس الفضة ، والناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك ؛ فيطلع على زيفه .
فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضة على الدرهم الزائف ، والمعنى كالنحاس الذي تحته ، وكم قد قتل هذا الاغترار من خلق لا يحصيهم إلا الله .
وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر ، وتدبره رأى أكثر الناس يقبل المذهب ، والمقالة بلفظ ، ويردها بعينها بلفظ آخر ، وقد رأيت أنا من هذا في كتب الناس ما شاء الله ، وكم رد من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح .
= يتبع بإذن الله .
 
قال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله في شرح الطحاوية
شريط (10) دقيقة (34) ثانية (50) :
المعتصم هو :كتاب الله ، وسنة رسوله صصص ، إذا أشكل عليك أمر ، ولم تدركه بعقلك الناقص القاصر ؛ فاعتصم بحبل الله ، وبكتابه ، وحسبك حسبك .
وقبلها في شريط (8) دقيقة (23) ثانية (30)

كل ما يخالف الحق أي نظرية ، أو استدلال يعارض به ما جاء عن الله ، ورسوله صصص = فهو باطل منذ الوهلة الأولى ، فكل ما يعارض الحق فهو باطل .
وليس بلازم أن يكون الإنسان عنده القدرة على تزييف تلك الشبهة ، ما يلزم .
المهم أن الحق عندي ثابت فما يدعى أن هذا يعارضه أو هذا يعرض كذا = فهو مردود مدفوع .
اعتصم بالحق ، واثبت على الحق ، واطرح كل ما خالفه .
أحببت أؤكد على هذا ، فهو ينفع المسلم ، ويريح باله ، عند ورود الشبهات على قلبه ، أو ورود الشبهات على أذنه وسمعه ، وقد انفتح على الناس أبواب شر في هذا العصر ممثلة في وسائل الإعلام ، وفي تلك الشبكة المعروفة بالإنترنت ، هي وسائل عظيمة الأثر في الخير والشر ، ولكن أكثر ما تستعمل في الشر لأن أكثر الناس على غير هدى ..
كونوا على حذر مما يطرح في هذه الوسائل ، فإن الآن أصبح الناس في فتنة ، فتنة مدلهمة أصبح كل مبطل يستطيع أن يتكلم ، المبتدع يتكلم ، والملحد يتكلم ، يطرح الشبهات ، المبتدع المعروف بالبدعة ، والمتسنن الذي ينتسب للسنة ، فإن من المنتسبين للسنة من تتسرب إليه أفكار ، وتوجهات فيحملها ، ويحمل لواءها = فيصير ـ والعياذ بالله ـ داعي فتنة سواء مما يتعلق بالاعتقادات ، أو السلوكيات .
ومن أخبث من ظهر من المنتسبين للسنة في هذا البلد من يعرف بـ "حسن بن فرحان المالكي" هذا الذي ينسب للسنة ، وطرحه ، وعرضه ، وكلامه = يكذب انتسابه ، فإنه اتخذ أئمة السنة هدفا له فيما يلقيه في محضراته في الأمكنة المشبوهة ، وفيما ينشره نشرا خاصا ، أو عاما ، فحذار من الاغترار به ، فكل من يتضامن معه ، أو يعتذر عنه = فهو متهم في دينه .. [ويراجع بقية كلام الشيخ على هذا الضال].
= يتبع بإذن الله
 
علق أخونا الشيخ حارث همام على هذا الموضوع في ملتقى أهل الحديث بقوله :

وهذه فائدة في التفريق بين الشبهة والاعتراض الصحيح:
لاشك أن الفوارق بين الحق والباطل كثيرة يراها من نوّر الله بصيرته بالعلم والإيمان، ولكن من أظهر ما يميز به الاعتراض الصحيح على القول المقرر بدليل عن الشبهة، هو أن الاعتراض الصحيح يكون محله صحة الدليل أو الاستدلال، موجهاً للنص أو ما استنبط منه، أما الشبهة فإنها تتوجه نحو القول المقرر بالأدلة الصحية الثابتة لتبطله بقياس أو إلحاق أو إلزام بقول آخر دون تعرض لصحة الدليل أو الاستدلال. فالشبهة اشتباه أو التباس بين أمرين يعجز البعض عن التفريق بينهما فيجمعهما في الحكم. مقدماً الرأي في حكمه على ما استقر بالشرع.

ولهذا نصح شيخ الإسلام تلميذه بأن يكون قلبه كالزجاج والزجاج صلب صاف، أما قوة القلب وصلابته فتكون باشتغال صاحبه في أعماله الظاهرة والباطنة فعمل القلب يمرن القلب كما يمرن عمل اليد الساعد فيشده ويقويه، وأما صفاؤه وبهاؤه فيكون بنور الوحي الذي يضيء له فينظر من خلاله، بخلاف الاسفنجة الفارغة غير المشبعة فإنها تمتص كل مايرد فلاقوة لها ولا صفاء مع خوائها، وهكذا القلب الخالي الذي لم يتشبع بنصوص الوحي، ولم يمرن عضلته بأعمال القلوب فتقوى.
 
قال العلامة الصفدي في الوافي 7/15-16
وسألته في سنة ثماني عشرة أو سبع عشرة وسبع مائة وهو بمدرسته بالقصاعين عن قوله تعالى (وأخر متشابهات) فقلت له: المعروف بين النحاة أن الجمع لا يوصف إلا بما يوصف به المفرد من الجمع بالمفرد من الوصف ؟
فقال: كذا هو .
فقلت: ما مفرد متشابهات ؟
فقال: متشابهة .
فقلت: كيف تكون الآية الواحدة في نفسها متشابهة ، وإنما يقع التشابه بين آيتين ؟
وكذا قوله تعالى (فوجد فيها رجلين يقتتلان ) كيف يكون الرجل الواحد يقتتل مع نفسه؟
فعدل بي من الجواب إلى الشكر ، وقال: هذا ذهن جيد ، ولو لازمتني سنة لانتفعت.

وسألته في ذلك المجلس عن تفسير قوله تعالى (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) إلى قوله تعالى (عما يشركون) ؟
فأجاب بما قاله المفسرون في ذلك ، وهو آدم وحواء وأن حواء لما أثقلت بالحمل أتاها إبليس في صورة رجل وقال: أخاف من هذا الذي في بطنك أن يخرج من دبرك أو يشق بطنك ، وما يدريك لعله يكون بهيمة ، أو كلبا فلم تزل في هم حتى أتاها ثانيا ، وقال: سألت الله تعالى أن يجعله بشرا سويا ، وإن كان كذلك سميه عبد الحارث ، وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث ، فذلك قوله تعالى (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ) وهذا مروي عن ابن عباس .
فقلت له: هذا فاسد من وجوه:
لأنه تعالى قال في الآية الثانية (فتعالى الله عما يشركون) ، فهذا يدل على أن القصة في حق جماعة .
الثاني: أنه ليس لإبليس في الكلام ذكر.
الثالث: أن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها ، فلا بد وأنه كان يعلم أن إبليس الحارث. الرابع: أنه تعالى قال (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهو يخلقون) وهذا يدل على أن المراد به الأصنام ؛ لأن ما لما لا يعقل ، ولو كان إبليس لقال مَن التي هي لمن يعقل .
فقال: ـ رحمه الله تعالى ـ فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بهذا قصي ؛ لأنه سمى أولاده الأربعة عبد مناف وعبد العزى وعبد قصي وعبد الدار ، والضمير في يشركون له ، ولأولاده من أعقابه الذين يسمون ، أولادهم بهذه الأسماء ، وأمثالها.
فقلت له: وهذا أيضا فاسد ؛ لأنه تعالى قال (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) ، وليس كذلك إلا آدم ؛ لأن الله تعالى خلق حواء من ضلعه .
فقال: ـ رحمه الله تعالى ـ المراد بهذا أن زوجه من جنسه عربية قرشية ، فما رأيت التطويل معه .

وسألته في ذلك المجلس عن قول المتكلمين في الواجب والممكن ؛ لأنهم قالوا: الواجب: ما لا يتوقف وجوده على وجود ممكنة ، والممكن: ما يتوقف وجوده على وجود واجبه ؟
فقال: ـ رحمه الله ـ هذا كلام مستقيم .
فقلت: هذا القول هو عين القول بالعلة ، والمعلول .
فقال: كذا هو إلا أن ذلك علة ناقصة ، ولا يكون علة تامة إلا بانضمام إرادته ، فإذا انضمت الإرادة إلى وجود الواجب تعين وجود الممكن .
ثم اجتمعت به بعد ذلك مرات عديدة ، وكان إذا رآني قال:
أيش حس الإيرادات ؟!
أيش حس الأجوبة ؟!
أيش حس الشكوك ؟!
أنا أعلم أنك مثل القدر التي تغلي تقول: بق بق بق أعلاها أسفلها ، وأسفلها أعلاها لازمني لازمني تنتفع .

وكنت أحضر دروسه ويقع لي في أثناء كلامه فوائد لم أسمعها من غيره ، ولا وقفت عليها في كتاب رحمه الله تعالى . وعلى الجملة فما رأيت ، ولا أرى مثله في اطلاعه ، وحافظته ولقد صدق ما سمعنا به عن الحفاظ الأول ، وكانت هممه علية إلى الغاية ؛ لأنه كان كثيرا ما ينشد :
تموت النفوس بأوصابها * ولم تشك عوداها ما بها
وما أنصفت مهجة تشتكي * أذاها إلى غير أحبابها
وينشد أيضا :
من لم يُقد ويُدسُّ في خيشومِه * رهجُ الخميسِ فلن يقود خميسا
 
عودة
أعلى