د محمد الجبالي
Well-known member
[أم] التي بمعنى [بل] في القرآن الكريم:
"[أم] حرف عطف وله وجهان:
فمن الأول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِم} [الرعد: 16] أما الأولى فلأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، وأما الثانية فلأن المعنى على الإخبار عنهم باعتقاد الشركاء، قال الفراء يقولون: (هل لك قِبَلَنا حق أم أنت رجل ظالم؟) يريدون بل أنت رجل ظالم.
ومن الثاني: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (الطور89) تقديره: بل أله البنات ولكم البنون؟ إذ لو قدرتَ للإضراب المحض لزم المحال.
ومن الثالث: قولهم: (إنها لإبل أم شاء) التقدير: بل أهي شاء؟"[2].
أمثلة من القرآن الكريم لـ [أم] المنقطعة التي بمعنى [بل]:
[1] معجم المعاني، راجع هذا الرابط: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A3%D9%85/
[2] ابن هشام، جمال الدين أبو محمد عبدالله بن يوسف بن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق : د.مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، ط1، ص66، دار الفكر، بيروت، 1985.
[3] الشوكاني، فتح القدير، ج3، ص492.
[4] أبو السعود، ج7، ص245 / الشوكاني، ج4، ص442.
[5] الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج4، ص260.
[6] أبو حيان، محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي، البحير المحيط، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1422هـ - 2001م، ج8، ص22.
[7] أبو السعود، ج8، ص174.
[8] ابن عاشور، التحيري والتنوير، ج27، ص321.
"[أم] حرف عطف وله وجهان:
- [أم] الْمُتَّصِلَة: تَكُونُ مَسْبُوقَةً بِهَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ أو هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ، لارْتِبَاطِ مَا قَبْلَهَا بِمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْنَى وَهِيَ لِطَلَبِ التَّعْيينِ، كقول الله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ } [الأنبياء: 109] أَوْ للِتَّسْوِيَةِ كقول الله تعالى: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 10].
- [أم] الْمُنْقَطِعَة: تَكونُ حَرْفَ إِضْرَابٍ بِمَعْنَى [بَلْ]، وَتُسَمَّى الْمُنْقَطِعَةُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ:كقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي} (الرعد16)"[1]
فمن الأول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِم} [الرعد: 16] أما الأولى فلأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، وأما الثانية فلأن المعنى على الإخبار عنهم باعتقاد الشركاء، قال الفراء يقولون: (هل لك قِبَلَنا حق أم أنت رجل ظالم؟) يريدون بل أنت رجل ظالم.
ومن الثاني: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (الطور89) تقديره: بل أله البنات ولكم البنون؟ إذ لو قدرتَ للإضراب المحض لزم المحال.
ومن الثالث: قولهم: (إنها لإبل أم شاء) التقدير: بل أهي شاء؟"[2].
أمثلة من القرآن الكريم لـ [أم] المنقطعة التي بمعنى [بل]:
- قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (المؤمنون68-70)
- قول الله تعالى: { أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} (ص9-10)، [أم] منقطعة بمعنى [بل][4] وقد أفادت الانتقال، انتقلت من إنكار وتوبيخ إلى إنكار أشد وتوبيخ أعنف، والتقدير: بل أعندهم ...؟!، بل ألهم ....؟!
- {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} (الزخرف22). [أم] هي المنقطعة، أي: بل آعطيناهم كتاباً من قبل القرآن بأن يعبدوا غير الله؟! إنكار وتوبيخ.
- قول الله تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (الزخرف52-53)، قال الزمخشري في الكشاف: "ويجوز أن تكون منقطعة على: بل أأنا خير، والهمزة للتقرير"[5]، وقال أبو حيان في البحر: "{أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ}: الظاهر أنها [أم] المنقطعة المقدرة ببل والهمزة، أي بل أنا خير.. [أم] بمعنى بل، فيكون انتقل من ذلك الكلام إلى إخباره بأنه خير ممن ذكر"[6]، وذهب إلى ذلك الشوكاني، وابن عاشور، وغيرهم.
- { أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (القمر43-46). ذهب بعض المفسرين إلى أن [أم] في الآيتين (43، 44) منقطعة بمعنى [بل] التي تفيد الإضراب الانتقالي مجتمعة مع الاستفهام تبكيتا وتوبيخا، قال أبو السعود: "{ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ}إضرابٌ وانتقالٌ من التبكيتِ بما ذُكِرَ إلى التبكيتِ بوجهٍ آخرَ، أيْ: بل ألكم براءةٌ وأمنٌ من تبعاتِ تعملونَ من الكفرِ والمعاصِي وغوائلِهما في الكتبِ السماويةِ فلذلكَ تصرونَ على ما أنتُم عليهِ؟ وقولُه تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} إضرابٌ من التبكيتِ المذكورِ إلى وجهٍ آخرَ من التبكيتِ،... أي: بل أيقولونَ واثقينَ بشوكتِهم نحنُ أولُو حزمٍ ورأيٍ أمرُنا مجتمعٌ لا نُرامُ ولا نُضامُ من الأعداءِ لا نُغلبُ"[7].
- وفي قول الله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (الواقعة: 64)، وقوله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} (الواقعة: 59)، قال فيهما الشوكاني رحمه الله: "وَالْقَوْلُ فِي مَوْقِعِ [أَمْ] مِنْ قَوْلِهِ: {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} كَالْقَوْلِ فِي مَوْقِعِ نَظِيرَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ: {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} (الواقعة: 59) أَيْ أَنَّ (أَمْ) مُنْقَطِعَةٌ لِلْإِضْرَابِ"[8].
[1] معجم المعاني، راجع هذا الرابط: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A3%D9%85/
[2] ابن هشام، جمال الدين أبو محمد عبدالله بن يوسف بن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق : د.مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، ط1، ص66، دار الفكر، بيروت، 1985.
[3] الشوكاني، فتح القدير، ج3، ص492.
[4] أبو السعود، ج7، ص245 / الشوكاني، ج4، ص442.
[5] الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج4، ص260.
[6] أبو حيان، محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي، البحير المحيط، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1422هـ - 2001م، ج8، ص22.
[7] أبو السعود، ج8، ص174.
[8] ابن عاشور، التحيري والتنوير، ج27، ص321.