أمثلة تطبيقية لإصول التفسير

أمثلة تطبيقية لإصول التفسير


  • مجموع المصوتين
    5
  • الاستطلاع مغلق .

البهيجي

Well-known member
إنضم
16/10/2004
المشاركات
2,401
مستوى التفاعل
70
النقاط
48
العمر
65
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين ورضي الله تعالى عن صحابته الكرام.
من خلال دراستي الجامعية الأولية ثم الدراسات العليا لمست بشكل كبير حاجة المكتبة القرآنية الى الأمثلة التطبيقية لإصول التفسير....فإن كل علم كلما زادت أمثلته التطبيقية زاد وضوحاً وترسخاً في عقول طلبة العلم ولكن نلاحظ ان الكتب المؤلفة في أصول التفسير القديمة والحديثة تفتقر الى الأمثلة التطبيقية فإن أهل العلم ينشطون في ذكر الأصول والقواعد ولكنهم يكسلون في ذكر الأمثلة وهي في غاية الأهمية لكي يتعلم طلبة العلم الأصل التفسيري وكيف يطبقونه؟
ولغرض المساهمة في تقليل هذه الفجوة في المكتبة القرآنية فإني أقترح على حضراتكم يا كرام ويا كريمات ...ان نتعاون على الكتابة في هذا العلم الشريف....ولكني هذه المرة لن أكتب حتى أرى رأيكم ومدى استعدادكم للتعاون معي لان الموضوع بحاجة الى جهد جماعي....فمثلا يذكر المشارك أصل تفسيري وأمثلة له من القرآن الكريم ....وفقنا الله تعالى واياكم.

الاستطلاع
أؤيد لكن لن أشارك
أؤيد وأشارك
لا أؤيد
لم أفهم المقصود

 
أؤيدك على ذلك ولكن لن أشارك لأني لازلت طالبة علم بمعنى أني مبتدأة معكم ولا أفهم كثيرا في هذا العلم وأتمنى أن أتعلم منكم وأستفيد.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاك الله تعالى خيرا الأخت الكريمة أم فضل على مرورك الكريم.
في ملتقانا المبارك بإذن الله تعالى مشاركة لطيفة للأستاذ الفاضل مولاي عمر بعنوان
( الحاجة الى علم أصول التفسير) وهي على الرابط التالي:
https://vb.tafsir.net/tafsir2621/#.WdwK5VRL-00

نقل الأستاذ مولاي عمر النص التالي:( والفراغ(المقصود هو فراغ المكتبة القرآنية من كتب أصول التفسير) الذي نتحدث عنه تشهد له نصوص عديدة : فإلى حدود القرن الثامن الهجري يطالعنا نص لسليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي الصرصري البغدادي المتوفى سنة 716هـ يقول فيه : " إنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير وما أطبق عليه أصحاب التفاسير، ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه ولا نحاه في ما نحاه ، فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق الناكبة عن جمر الطريق لوضع قانون يعول عليه ويصار في هذا الفن إليه " )
وهنا مسألة مهمة وهي ماهو تعريف أصول التفسير؟
هي القواعد والاسس التي يقوم عليها علم التفسير....منها ما يتعلق بالمفسر وما يستوجب ان يلتزم به....ومنها ما يتعلق بالتفسير من قواعد وطرق ومناهج(بحوث في أصول التفسير ومناهجه- الأستاذ فهد الرومي).
ونكمل لاحقا ان شاء الله تعالى.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم خيرا الاستاذ البهيجي
هل سيكون اختبار لمعرفة هل نحن مؤهليين لذلك او لا ( يمكن أن المشارك أن يضل الناس بدون ما يشعر و هو بحسب أن يحسن صنعا ... )

و السلام
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....أما بعد...جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ الكريم بهجة الرفاعي...ان الامر ليس بالصعوبة التي تتصورها...ولنضرب لذلك بعض الأمثلة التي توضح بعض أصول التفسير...فإن أهل العلم ذكروا ان التفسير ينقسم من حيث طرقه أي الوسائل المستخدمة في توضيح الآيات الكريمة الى تفسير القرآن بالقرآن...ولنأت الى تفسير سورة الفاتحة فإن الآية الأولى هي (بسم الله الرحمن الرحيم) قالوا ان الله تعالى بدأ بهذه الآية الكريمة لكي يعلم عباده ان يسموا بإسمه الكريم اذا بدأوا بكل أمر...هل لهذا الامر من شاهد قرآني يؤيد ذلك؟ نعم قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام:(( وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( 41 ) ) سورة هود
قال الطبري: .....كَقَوْلِ الْقَائِلِ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ فِي عَمَلٍ يَعْمَلُهُ : "بِسْمِ اللَّهِ" ....
اللهم يسر لنا طلب العلم ولجميع أعضاء هذا الملتقى.
 
قاعدة: لا يجوز "التأويل" إلا بدليل

هذه قاعدة عامة ومؤلف كتاب "قواعد التفسير عند مفسري الغرب الإسلامي خلال القرن السادس الهجري" د. مسعود الركيتي يقول بذلك أيضا إلا أنه خصصه، أي التعميم، عندما قال هذه قاعدة عامة لفهم النصوص العربية واستنباط المعاني منها، ومثّل لتخصيصه ذاك بالتفسير وأصول الفقه، ثم شرح الإختلاف بين الأصوليين والمفسرين في المراد بالظاهر في قاعدة لا يجوز العدول عن ظاهر القرآن إلا بدليل يجب الرجوع إليه. وأضاف غير أنه لا يفهم من الكلام أن الظاهر هو ذلك المعنى السطحي في الفهم ..(ص 113) . كيف تحدد هذا سطحي وهذا ليس كذلك؟ وعندما لا يكون سطحيا فما درجة العمق وبأي سلم سنقيس؟ هنا نتحدث عن قاعدة، بينما كان من الواجب أن تطرح مثل هذه الأسئلة على التفسير، لا على قاعدة خطيرة كهذه، وهي خطيرة لأن الذي يبنى عليه خطير وقد يصل إلى حد التكفير.

المهم، القاعدة عامة لمعالجة كل أشكال وتشكّلات التواصل مع الغير، مع كل التجليات المسموعة والملموسة والمرئية والمحسوسة، والنص بلغة لفظية كان أم بلغة إشارية، عربية وغير عربي، هو من التجليات .. لكن يبقى الإشكال في تحديد الظاهر، فكم يظهر الظاهر؟ هل يمكن للمؤوَّل أن يصبح ظاهرا، ويتحول الظاهر إلى مؤوَّل. هذه الأسئلة وغيرها تفيد شيئا هو أن هذه القاعدة فرعية غير أساسية، أي يجب أن تسند إلى أصل أعلى، فما هو ؟ إشكالية الظاهر هي في الحقيقة معضلة، فخذ مثلا واحد مصاب بالتوحد (autism)، وأزمة التوحد أنواع كثيرة أغلبها لا يمكن حتى للمختصين التعرف عليها بسهولة، هو شخص لا يتواصل بشكل عادي وفق العادات العامة في التواصل، إذ لا يتعامل إلا مع الظاهر المباشر المحسوس، أي أن كل كلام فيه شبهة عموم أو حذف أو إيجاز، أو غير ذلك ودع عنك طبعا المجاز بكل أنواعه، يعد مشكلة كبيرة جدا للمصاب بالتوحد؛ إذن: الظاهر هو ظاهر عند من؟ تحدث الدكتور مسعود الركيتي عن الإختلاف بين الأصوليين والمفسرين، كأنه لا وجود لهذا الإختلاف بين الأصوليين فيما بينهم!

ذكرت مثال التوحد للإشارة إلى الجهل والعلم، الجهل درجات، والعلم كذلك. وعلم التفسير علم يبحث عن مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية، وهذه الطاقة معادن وأشكال وأنواع..

سنأخذ من مجال الشبهات، فيما أثير حول "جد الرب" {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا} ستظن أنها شبهة ساذجة أو ضعيفة أو سخيفة، حسب نوعية صاحب الشبهة، ولكن هي بالتأكيد وفي إطار "الظاهر" شبهة غريبة، وتستحق الكلمة مكانا في غريب القرآن، ولكن البحث في مثل هذه الأمور لا يكون من الجانب اللغويات التقليدية فقط ووبمعزل عن اللسانيات الحديثة، خاصة اللسانيات الاجتماعية والنفسية.

وبمثال آخر، الظاهر أن الشمس تشرق وتغرب، بالرؤية النسبية، ثم جاءت أدلة تثبت أن الأرض هي التي تدور فينتج عن دورانها ظاهرة الشروق وظاهرة الغروب؛ وهكذا تحول الظاهر إلى مؤول والمؤول إلى ظاهر. وهذا غير صحيح إلا بعد تحديد مجال القول فلكل قول مجاله الداخلي والخارجي، فالجملة في سياق فلكي شيء، وفي سياق آخر شيء آخر وهكذا. الشمس تغرب، نعم، لكن عند من؟ أي هل من قاعدة موضوعية يمكن الإحتكام إليها في تحديد الظاهر ؟

العربي عندما لا يريد أن يسمح لك بحرية الإختيار في المعنى سيقول لك ".. بكل ما تحمل الكلمة من معنى"، وتحولت كلمة حرفيا في الإنجليزية إلى أداة توكيد أن الكلام يجب أن يحمل على ظاهره، لكن مع الوقت وشيوع إستعمال هذه الأداة، حدث شيئا غريبا ومزعجا، فأصبحت literally تُستعمل في المجاز.

نعود إلى الكتاب ومع بعض من تطبيقات ابن العربي لتلك القاعدة في احكام القرآن:
قاعدة ظلت مصاحبة لابن عربي في تفسيره.. ومن المواضع التي نص فيها على هذه القاعدة:
في تفسيره للآية الكريمة {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} : في دستور في قصص القرآن : .. انظروا إليه، فما وافق منه ظاهر القرآن فهو صحيح، وما خالفه فهو باطل، وما لم يرد له فيه ذكر فهو محتمل، ربك أعلم به ..

{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} واختار علماؤنا التكبير المطلق، وهو ظاهر القرآن، وإليه أميل. والله أعلم. (ص 114)


كتاب الدكتور من هنا الرابط لتحميله:
قواعد التفسير عند مفسري الغرب الإسلامي خلال القرن السادس الهجري
https://www.library.tafsir.net/book/8051

وهناك رسائل أخرى، مثل:
- تطبيقات قواعد التفسير عند الإمام شهاب الدين الآلوسي من خلال تفسيره روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني جمعا ودراسة، لابن حامد الورتي.
- قواعد التفسير عند ابن جرير الطبري: دراسة وتطبيقات لسورتي الفاتحة والبقرة، لسعيد عبدالله سعيد الكثيري.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم خيرا الاستاذ البهيجي
لا اقدر التصويت لاني قمت به من قبل واريد أن أشارك معكم. توكلت على الله .. بسم الله ان شاء الله و باذن الله
و السلام
 
بارك الله فيك أخي البهيجي على هذه المبادرة التحفيزية .
توكلت على الله .أؤيد وأشارك بما وفقني الله إليه من جهد.
 
تطبيق قاعدة "الظاهر والتأويل" من خلال تفسير الإمام الطبري للآية الكريمة {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} من سورة آل عمران، مع تعليق.

قال أبو جعفر: وأولى التأويلات التي ذكرناها في هذه الآية بالصواب، تأويل من قال "يخرج الإنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء من النطف الميتة وذلك إخراج الحي من الميت ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء وذلك إخراج الميت من الحي".

وذلك أن كل حي فارقه شيء من جسده، فذلك الذي فارقه منه ميت. فالنطفة ميتة لمفارقتها جسد من خرجت منه، ثم ينشئ الله منها إنسانا حيا وبهائم وأنعاما أحياء. وكذلك حكم كل شيء حي زايله شيء منه، فالذي زايله منه ميت. وذلك هو نظير قوله {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون}.

وأما تأويل من تأوله بمعنى الحبة من السنبلة، والسنبلة من الحبة، والبيضة من الدجاجة، والدجاجة من البيضة، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن فإن ذلك، وإن كان له وجه مفهوم، فليس ذلك الأغلب الظاهر في استعمال الناس في الكلام. وتوجيه معاني كتاب الله - عز وجل - إلى الظاهر المستعمل في الناس، أولى من توجيهها إلى الخفي القليل في الاستعمال.


ولكن الظاهر في وقتنا المعاصر أنه لا الظاهر المستعمل في الناس "صحيح"، ولا الخفي القليل في الاستعمال "صحيح"، والغريب في تأويل الطبري ليس تصوره للحياة وبالتالي تعريفه للحياة ما هي، لكن في منهجيته العقلية لتعريف الحياة: "وذلك أن كل حي فارقه شيء من جسده، فذلك الذي فارقه منه ميت".. وهي محاولة محترمة، رغم بطلانها في إطار علم الأحياء (البيولوجيا) الحديث إذ النطفة حيوان منوي والحياة صفة ملازمة لكل متعضية بحكم التعريف. الغريب هنا ونحن نتحدث عن الظاهر في صلته بتصور علاقة الروح / النفس بالجسم وقتذاك، وهي علاقة حلول (الحياة) وافتراق (موت).

الظاهر أن الطبري أخطأ في التأويل، لكن ما الظاهر هنا ؟ في الحقيقة هو لم يخطئ لا في عصره ولا في عصرنا نحن، وذلك لأن معنى الحياة في علم الأحياء شيء لا يمكن تحديده بسهولة، فهناك تعريفات متعددة جلبت معها مشاكل عديدة، جعلت البيولوجيين مظطرين للإعتماد على الخصائص والوظائف في تعريف الحياة، رغم وجود حد عام هو أن الحياة "نظام فيزيقي-كيميائي مفتوح يتيح إمكانية تبادل المادة والطاقة مما يحقق الاستتباب والنمو والتكاثر والتطور". هذا من حيث الأحياء، أما معنى الحياة في الإستعمال القرآني، وفي الفقه والقانون وغيرها فكلام آخر. إذا التزمنا بالتعريفات البيولوجية في القانون الجنائي فإن "جريمة القتل" مجرد خرافة، وذلك لأن الجسم لا يموت ما بقيت السماوات والأرض، وبالتالي كل الناس كانيباليون، يأكلون لحوم بشر ماتوا منذ قرون.. لكن بعد أن تحولت أجسامهم إلى مركبات أخرى ينتهي بها المطاف إلى خضر وفواكه تأكلها، وماء تشربه، وهواء تستنشقه. وعليه لا أستبعد حصول سوء فهم كبير جدا من طرف الذين يعتقدون بعقيدة التناسخ لكلام قاله نبي من الأنبياء أو متصوف من المتصوفة عن الحياة والموت.

والخلاصة أن الظاهر مراتب، والتمييز بين الظاهر والخفي لا يحصل بشكل مستقل عن السقف المعرفي والمجال التأويلي والتغذية المرجعية.
 
سأعود إلى كتاب د. مسعود الركيتي، ومع قاعدة أخرى هي لا تصح دعوى النسخ في آية من كتاب الله إلا إذا صح التصريح بنسخها، أو انتفى حكمها من كل وجه.

عبارة (من كل وجه) مثل عبارة (ظاهر القرآن) فما هو ظاهر للزمخشري قد لا يظهر لغيره والعكس صحيح، كذلك الوجوه أو الأوجه التي يُبطَل به النسخ لصالح الجمع، فالرازي مثلا يمكن أن يجمع عشرة أوجه، بينما لا يجد المفسر الآخر إلا وجها واحدا، والعكس صحيح، ويمكن أن تتعدد الأسباب من التزام المذهب والمعهود في المحيط المعروف إلى أشياء أخرى، حتى تخطى أحدهم الحاجز المئوي فيقول بمنسوخية أكثر من مائة آية. أما قوله (التصريح بنسخها) فمشكل لأن للنسخ معان كثيرة، لكن معنى النسخ في "نص القاعدة" منسوخ (مخصص) بعبارة إنتفاء الحكم، لكن عند التطبيق يبقى السؤال ما النسخ الذي يتم التصريح به ؟ هذا المبحث تكلمنا فيه كثيرا في هذا الملتقى، والمهم أن نتعامل مع القاعدة من باب المطالعة أو القراءة والمعرفة ليس إلا .. ثم هو المؤلف قام بتخصيص مطلب مستقل لتلك الإشكالية في قاعدة إذا تعارض النسخ والتخصيص فالقول بالتخصيص أولى (ص 144).

قاعدة لا تصح دعوى النسخ في آية من كتاب الله إلا إذا صح التصريح بنسخها أو انتفى حكمها من كل وجه.

1. معنى القاعدة
2. تطبيقاتها

المعنى
موضوع النسخ من الموضوعات التي تشعبت فيها الآراء وتضاربت فيها الأقوال، فمن العلماء من قالوا بالنسخ، ومنهم الذين نفوه جملة وتفصيلا.

بل ويختلف نظر القائلين به من القدامى والمحدثين ومنهم المكثر، ومنهم المقل، فابن حزم مثلا يقول في تعريفه له: "إنه بيان انتهاء زمان الأمر الأول فيما لا يتكرر".

.. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية التقعيد في موضوع النسخ حتى لا يلتبس النسخ بالتخصيص، أو الاشتراك، أو الإضمار، أو المجاز، ويقدم كل ما ذكر من التخصيص والاشتراك والإضمار والمجاز على النسخ ..
(ص 135-136).

تطبيقاتها
1. قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}
في المسألة الخامسة من تفسير هذه الآية، حكى ابن العربي الاختلاف في حكم الوصية على قولين:
الأول: إنها واجبة
الثاني: إنها منسوخة
والذين قالوا بنسخها اختلفوا؛ فمنهم من قال: نسخ جميعها؛ ومنهم من قال: نسخ بعضها، وهي الوصية للوالدين.

وللخروج من هذا الخلاف؛ قال ابن العربي: "والصحيح نسخها، وأنها مستحبة إلا فيما يجب على المكلف بيانه أو الخروج بأداء عنه، وعليه يدل اللفظ بظاهره".

وما ذهب إليه ابن العربي من النسخ والجزم بصحته هو الصحيح؛ للحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره، ونصه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع"
(ص 136-137).

ونستنتج أن ابن العربي لم يطبق تلك القاعدة بحذافيرها، في حين طبقها الطبري بشكل شبه كامل:
فإن قال: فإنك قد علمت أن جماعة من أهل العلم قالوا: الوصية للوالدين والأقربين منسوخة بآية الميراث؟

قيل له: وخالفهم جماعة غيرهم فقالوا: هي محكمة غير منسوخة. وإذا كان في نسخ ذلك تنازع بين أهل العلم، لم يكن لنا القضاء عليه بأنه منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها، إذ كان غير مستحيل اجتماع حكم هذه الآية وحكم آية المواريث في حال واحدة على صحة، بغير مدافعة حكم إحداهما حكم الأخرى - وكان الناسخ والمنسوخ هما المعنيان اللذان لا يجوز اجتماع حكمهما على صحة في حالة واحدة، لنفي أحدهما صاحبه.

وبما قلنا في ذلك قال جماعة من المتقدمين والمتأخرين.
(تفسيره 3/385)

وفي فتح الباري لابن حجر محاولة للإجابة على سؤال ما الناسخ:
وقيل: إن الآية مخصوصة لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وراثا، .. واختلف في تعيين ناسخ آية الوصية للوالدين والأقربين فقيل: آية الفرائض وقيل الحديث المذكور، وقيل دل الإجماع على ذلك وإن لم يتعين دليله..
http://www.islamweb.org/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=4993

وقال المكي الناصري:
ولا يستغربن السامع ذكر الوالدين هنا في سياق الوصية دون الإرث، فهناك من الوالدين من لا حق له في الإرث، وهناك من الأقارب من لا حق لهم فيه أيضا، مثال ذلك الأم الكتابية التي ليست على دين ابنها المسلم، والزوجة الكتابية التي ليست على دين زوجها المسلم، فهذه الأم لا ترث ابنها، وهذه الزوجة لا ترث زوجها، وإنما أباح الله في حق مثلهما الوصية دون الإرث، فيمكن لولد الأولى أو لزوج الثانية أن يوصي لها قبل وفاته بنصيب من ثروته، لكن يجب أن تكون هذه الوصية بالمعروف كما قال الله تعالى، أي بحيث لا تؤدي إلى الإجحاف بحقوق الورثة الشرعيين، وتكون في حدود الثلث الجائز فما دونه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاكم الله تعالى خيرا الأساتذة الكرام شايب وبهجة ومسعود وشكرا لمشاركتكم في الموضوع ...
بالنسبة للمشاركة الأولى للأستاذ شايب جزاه الله تعالى خيرا تكلم عن موضوع الظاهر والمؤول وكنت أتمنى ان نؤخر الكلام عن مثل هذا الموضوع لكونه من الأمور الصعبة..ولكن لا بأس ...ما قصده الأستاذ الكريم هو ان هناك آيات في القرآن الكريم واضحة ظاهرة للعيان نفهم معناها من فهمنا للغة العربية ...وهذا الامر يسمى بالظاهر
ولكن هناك آيات لا تفسر على ظاهرها لوجود دليل او سبب نزول أوضح ان تفسيرها كذا
ما هو المثل التطبيقي من القرآن على ذلك؟ قبل ذكر المثل...الامر بحاجة الى توضيح آخر،
ان اهل العلم من المتقدمين كانوا يعتبرون ان التفسير هو التأويل أي بنفس المعنى ولهذا تجد ان الامام الطبري يستخدم جملة يكررها في تفسيره وهي ( وبمثل هذا القول قال أهل التأويل) و( أولى الاقوال بتأويل الآية هو...) والمقصود هو التفسير او بيان معنى الآية...لكن عند المتأخرين إختلف استخدام كلمتي التفسير والتأويل والراجح عندهم هو ان التفسير هو بيان المعنى الظاهر وان التأويل صرف المعنى الى معنى آخر لوجود دليل أدى الى ذلك....ومثال ذلك هو تفسير سورة النصر..عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]، قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ: «مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟» قَالَ: «أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ» صحيح البخاري- كتاب التفسير-6- 179-برقم 4969.
وهنا نلاحظ ان من فسر(قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ) ذهب الى ظاهر الآية لانه لم يعلم
بالحديث أعلاه...ولكن ابن عباس ذهب الى تأويل الآية الى معنى آخر لعلمه بالحديث....والله تعالى أعلم.
 
طريقة أخرى للمشاركة، ما هي القواعد التي طبقها الإمام الطبري في تأويل سورة الكوثر؟
هذه المرة نبدأ من النص المفسر والمؤول ثم نستخرج القواعد.

لا أظن أن تلك المعلومة صحيحة، بأن السلف كانوا يستعملون التفسير والتأويل بنفس المعنى، رغم تكرارها على أسماعنا، لكنها مقولة غير مقنعة. القاعدة لا ترادف في القرآن الكريم، قاعدة مهمة جدا، فكلمة التفسير جاءت في القرآن، كذلك التأويل. قال ابن تيمية رحمه الله في مقدمة التفسير "فإن الترادف في اللغة قليل ، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر ، وإما معدوم ، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه ، بل يكون فيه تقريب لمعناه". والصحيح: الترادف في القرآن معدوم.

أما الظاهر على مستوى (المعنى) و (التفسير) فدرجات متنوعة تتنوع حسب الطاقة البشرية. هذا فقط، وإنما وضعت الظاهر مقابل المؤول إشارة إلى المعنى الإصطلاحي للتأويل، لا المعنى التجريبي ولا المعنى التحليلي التفسيري..

حياكم الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد....الأستاذ العزيز شايب غفر الله تعالى لنا ولكم ..من المعلوم عند أهل العلم التدرج مع طلبة العلم من الاسهل الى الأصعب...وعندما حددت انا معنى واحدا للتأويل فالغرض التسهيل...وبعد مراحل نوضح ان التأويل له معاني أخرى...
اما قولك:( لا أظن أن تلك المعلومة صحيحة، بأن السلف كانوا يستعملون التفسير والتأويل)
ما هو دليلكم على هذا الظن؟ وكيف توضح ما يقوله الطبري ( وتأويل الآية...)..ثم تحولت بعد ذلك الى موضوع النسخ!!! وليس من المصلحة الكلام حول النسخ من بداية شرح أصول التفسير....
وأرجو ان تجيبني على السؤال التالي: ما هي الفوائد والثمرات من دراسة أصول التفسير؟
وفقنا الله تعالى واياكم.
 
حياك الله أ. المحترم البهيجي.

بعض التعليقات خارج الموضوع، وسأعلق الآن لكن المزيد عن التأويل والنصائح والنسخ .. في مواضيع مستقلة أحسن .. والمهم:

قلت (وبعد مراحل نوضح ان التأويل له معاني أخرى) ليس الموضوع هنا حول التأويل فنكتفي بإشارات سريعة إلى ما يشبه ملخص معلومات.

قلت (ما هو دليلكم على هذا الظن؟) ذكرته: لا ترادف في القرآن.

قلت (وكيف توضح ما يقوله الطبري ( وتأويل الآية...)) بكلام الطبري (الرابط):
فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَأَحَقُّ الْمُفَسِّرِينَ بِإِصَابَةِ الْحَقِّ - فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ الَّذِي إِلَى عِلْمِ تَأْوِيلِهِ لِلْعِبَادِ السَّبِيلُ - أَوْضَحُهُمْ حُجَّةً فِيمَا تَأَوَّلَ وَفَسَّرَ ، مِمَّا كَانَ تَأْوِيلُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سَائِرِ أُمَّتِهِ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةِ عَنْهُ : إِمَّا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ ، فِيمَا وُجِدَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ ، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْعُدُولِ الْأَثْبَاتِ ، فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنْهُ النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى صِحَّتِهِ; وَأَصَحُّهُمْ بُرْهَانًا - فِيمَا تَرْجَمَ وَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ - مِمَّا كَانَ مُدْرَكًا عِلْمُهُ مِنْ جِهَةِ اللِّسَانِ : إِمَّا بِالشَّوَاهِدِ مِنْ أَشْعَارِهِمُ السَّائِرَةِ ، وَإِمَّا مِنْ مَنْطِقِهِمْ وَلُغَاتِهِمُ الْمُسْتَفِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ ، كَائِنًا مَنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُتَأَوِّلُ وَ الْمُفَسِّرُ، بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونُ خَارِجًا تَأْوِيلُهُ وَ تَفْسِيرُهُمَا تَأَوَّلَ وَ فَسَّرَ مِنْ ذَلِكَ ، عَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ ، وَالْخَلْفِ مِنَ التَّابِعَيْنِ وَعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ .

إذن التفسير عنده غير التأويل، ومع الإمام الزركشي تكتمل الصورة(الرابط):
ثُمَّ قِيلَ : التَّفْسِيرُ وَالتَّأْوِيلُ وَاحِدٌ بِحَسَبِ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَالصَّحِيحُ تَغَايُرُهُمَا .

إستعمال الطبري للتأويل الظاهر أنه في الغالب يتكلم في المعنى ويعمل الإجتهاد كثيرا عند الإختيار .. أما التفسير فأكثر ما يشتغل به هو في الألفاظ، ونقول أكثر لا كل بسبب التداخل أي لا يمكن الفصل التام بين المعنى والتفسير والتأويل (أنظر كتاب البرهان في علوم القرآن: فصل في أنواع علوم القرآن: النوع الحادي والأربعون معرفة تفسيره وتأويله ومعناه).

طبعا أنا أعرف تلك المعلومات من قبيل كيت وكيت عند السلف، لكن كيت وكيت عند الخلف، وفي الغالب هذه الكيتيات مجرد حكايات، تقال في سياق مذهبي، لا صلة له بالتاريخ ولا البحث العلمي المجرد، والبعض يخلط بين معنى اللفظ وإطلاقه ووضعه (مصطلحا).

كذلك لا ننسى أن التفسير كالتأويل مستويات، فكما " تتفاوت الأذهان ، وتتسابق في النظر إليه مسابقة الرهان " (العبارة هذه للزركشي؛ البرهان) في معرفة ظاهر اللفظ، كذلك تتفاوت الأفهام في معرفة ظاهر المعنى. وتأويله: ما هو تأويل عندي، هو تفسير عند غيري..

قلت (ثم تحولت بعد ذلك الى موضوع النسخ!!!) فأقول: لم أتحول، لأن التحول من شيء إلى شيء، إلا إذا كان هناك برنامج ما يحدد القواعد و"صيغة" القواعد و "تسلسلها" ويطالب بإحترام كل هذا وذاك. ثانيا، وهذا هو الأهم، أنا لم أتكلم في النسخ بل في قاعدة من قواعد التفسير تتعلق بالنسخ؛ والفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض.

قلت (من بداية شرح أصول التفسير) وهل نحن في موضوع نشرح فيه أصول التفسير، أم دعوة حرة (تفسيرها: دعوة مفتوحة. تأويلها: دعوة غير مغلقة بمصدر معين نأخذ منه القواعد وغير مغلقة بخطة عمل تبدأ بقاعدة أ تتبعها ب ..) للمشاركة في كتابة بعض الأمثلة التطبيقية لقواعد التفسير ؟

سألت (ما هي الفوائد والثمرات من دراسة أصول التفسير؟) فسؤال غير صحيح إذ لا يعقل دعوة مفتوحة للمشاركة وأنت لا تعرف الفائدة، الدينية (متعلقة بكل المعارف)، والمعرفية. لكن ربما السؤال هو: ما الفائدة عندي؟ طيب، إضافة للفائدة الدينية، هدفي من القراءة في هذا الفن هو الوصول إلى تصور عام للموضوع: هل هذه القواعد علمية وبالتالي محكمة ورصينة نقلا وعقلا، أم مجرد حكايات وإسقاطات وتقليد للأصوليين والمتكلمين. هل هذه القواعد فعلا شكلت إطارا منهجيا للمفسرين وطبقوها علميا، أم مجرد قيل وقال قواعد التفسير عند فلان؟ وأسئلة بالعشرات من هذا النوع ..

عودة إلى الموضوع:
ما هي القواعد التي طبقها الإمام الطبري في تأويل سورة الكوثر؟
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ} يَا مُحَمَّدُ {الْكَوْثَرَ} وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْكَوْثَرِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الروايات..
وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِالْكَوْثَرِ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ: الروايات..
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ حَوْضٌ أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ: الروايات..

وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي، قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ اسْمُ النَّهَرِ الَّذِي أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ، وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْكَثْرَةِ لِعِظَمِ قَدْرِهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ؛ لِتَتَابِعِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ: الروايات.. (تفسير الطبري)

القاعدة التي طبقها الإمام الطبري في هذا التأويل هي إذا ثبت الحديث وكان نصا في تفسير الآية فلا يصار إلى غيره أي إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيق تفسيرا لبيان معنى الآية، فلا يقدم عليه غيره في التفسير، بل يعتبر هو الأصل في تفسيرها (ص 155 من كتاب الدكتور مسعود الركيتي، المشار إليه أعلاه).

تكلم ابن تيمية في تفسير الكوثر وقال: هو من الخير الكثير؛ وفي تأويل (الكوثر) قال: هو من الخير الكثير الذي آتاه الله في الدنيا والآخرة فمما أعطاه في الدنيا الهدى والنصر .. وأعطاه في الآخرة الوسيلة والمقام المحمود ... (مجموع الفتاوى).

لا تضاد هنا بين الطبري وابن تيمية لأن النهر، وكذا الحوض، من الخير الكثير. أما قول الطبري "وأولى هذه الأقول بالصواب" لأن الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم هي الأصل، خاصة وأن الروايات متتابعة في ذلك.

ونحن هنا نرى مشكلا ما، وكله يرجع إلى علمية القاعدة إذ أنها غير محكمة، بل صالحة للتوجه بها صوب الإختلاف.

المشكل الأول هو أن القاعدة لا تميز بين "التفسير النبوي" و "التفسير بالسنة".
ثانيا، عبارة "..كان نصا في تفسير الآية" حمالة أوجه، فما معنى النص؟ عبّر الدكتور مسعود الركيتي عن تلك العبارة بعبارة أخرى هي "وسيق تفسيرا لبيان معنى الآية" فما معنى "سيق"؟ نفترض أن القاعدة تتكلم عن "التفسير النبوي" فهذا لا يزيل الإشكال لأن السؤال هو: عن أي نوع من أنواع التفسير النبوي نتحدث؟
ثالثا، ما إتجاه تأثير وتأثر القاعدة بالقواعد الأخرى ؟
..

المشكل الثالث مشكل عام في (أصول التفسير) ولهذا أحسن الأستاذ مولاي عمر عندما قال:
كما ينطلق البحث من فرضية أخرى مفادها أن هذا العلم إن لم نقل أنه لم يقم بعد، فهو بدون أدنى تردد لا يزال في حاجة ماسة إلى جهود كثيرة لإبراز مباحثه والتعريف به وبلورته، وإخراجه في صورة علمية مرضية تليق بشرف مادته التي هي القرآن (الحاجة إلى علم أصول التفسير).

وطبق الإمام محمد بن جرير قاعدة لا يجوز العدول عن ظاهر القرآن إلا بدليل يجب الرجوع إليه (ص 113)، ودليله الروايات. دليل اختياره تتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن كل ذلك تم بمعزل عن قواعد أخرى تتعلق بالترجيح والتهذيب، والعموم يبقى على عمومه، والمطلق على إطلاقه ..

أما الشيخ ابن تيمية فقد قال ما قال لأنه جمع الروايات الصحيحة في تأويل (الكوثر)، ولم ير تعارضا بينها، أي أن الجمع عنده لم يتعذر، كما جمع بين المعنى والتفسير والتأويل.
معنى (الكوثر) شيء عظيم يتعلق ب ( ك ث ر) وما يدور في فلكها.
تفسير (الكوثر) من الخير الكثير الذي أوتي المخاطَب.
تأويل (الكوثر) من الخير الكثير في الدنيا هو.. وفي الآخرة هو..

وتبقى قاعدة أخرى لم يطبقها الطبري في تأويل (إنا أعطيناك) رغم أنه طبّقها في تأويل (الأبتر) إذ قال: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّ مُبْغِضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْأَقَلُّ الْأَذَلُّ، الْمُنْقَطِعُ عَقِبَهُ، فَذَلِكَ صِفَةُ كُلُّ مَنْ أَبْغُضُهُ مِنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ. أي طبق هنا قاعدة لغوية وفقهية العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ولم يناقش أصلا السؤال هل هي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبدون سؤال لا جواب، وبدون جواب لا نعرف دليل التخصيص من كل وجه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد ....الأستاذ الكريم شايب بارك الله تعالى بكم....ان ما ذهب اليه الامام الطبري هو ان التأويل بمعنى التفسير ولهذا تجده قال : ( تأول وفسر) فهو عطف التأويل على التفسير ولو كان يرى ان بينهما اختلاف لقال: تأول أو فسر....اما الامام الزركشي فهو من المتأخرين ورأيهم ان التأويل لا يطابق التفسير....اما بالنسبة للنسخ فلا شك انما قصدت القواعد الأصولية المتعلقة بالنسخ لأننا نتكلم عن أصول التفسير...
أما مشاركتكم الأخيرة فأرغب من حضرتكم ان توضحوا بشكل دقيق ومع الأمثلة لما ذكرته
بالعبارة التالية:(المشكل الأول هو أن القاعدة لا تميز بين "التفسير النبوي" و "التفسير بالسنة")
اما رغبتي في ان نكتب عن فوائد وثمرات علم أصول التفسير فهو لكي نستثير همة أعضاء الملتقى وتترسخ في عقولنا أساسيات هذا العلم الشريف.
وقد ذكر الأستاذ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار ما يلي:
أهداف مقرر أصول التفسير
يتوقع من الدارس في نهاية دراسته لهذا المقرر ان يكون قادرا على ان:
1- يعرف أصول التفسير، ويذكر تاريخها.
2- يقدر جهود العلماء في خدمة أصول التفسير.
3- يمتلك مهارات التعامل مع المصادر المعتمدة في تفسير القرآن.
4- يتعرف على طرق تفسير القرآن الكريم.
5- يعلل الاختلاف في تفسير القرآن، ويميز بين أنواعه.
6- يوظف ما تعلمه من قواعد التفسير في تفسير القرآن.
7- يوظف ما تعلمه من قواعد في الترجيح بين أقوال المفسرين.( التحرير في أصول التفسير- ص 9).

والله تعالى اعلم.

 
6- يوظف ما تعلمه من قواعد التفسير في تفسير القرآن.
نعم، هذا هو الموضوع، فإلى مثال جديد من الأمثلة التطبيقية لأصول التفسير.

قاعدة لا يجوز عطف الشيء على نفسه.

وعطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذكر لهما، والمغايرة على مراتب.

أعلاها أن يكونا متباينين ليس أحدهما هو الآخر ولا جزأه، ولا يعرف لزومه له كقوله‏:‏ ‏{‏خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏59‏]‏ ونحو ذلك، وقوله‏:‏‏{‏وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏98‏]‏، وقوله‏: ‏‏{‏وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏3، 4‏]‏، وهذا هو الغالب.

ويليه أن يكون بينهما لزوم كقوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏42‏]‏، وقوله‏:‏‏ {‏وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏115‏]‏، وقوله‏: ‏‏{‏وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏136‏]‏، فإن من كفر باللّه فقد كفر بهذا كله، فالمعطوف لازم للمعطوف عليه، وفي الآية التي قبلها المعطوف عليه لازم، فإنه من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى فقد اتبع غير سبيل المؤمنين‏.‏ وفي الثاني نزاع، وقوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏42‏]‏ هما متلازمان، فإن من لبس الحق بالباطل؛ فجعله ملبوساً به، خفي من الحق بقدر ما ظهر من الباطل، فصار ملبوساً، ومن كتم الحق احتاج أن يقيم موضعه باطلا فيلبس الحق بالباطل؛ ولهذا كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل اللّه فلابد أن يظهر باطلاً‏.‏

من مجموع الفتاوى لابن تيمية.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ شايب وبارك بكم..
أنا أعتذر لقد أخطأت ...نعم العطف يتضمن الاختلاف...ولكني قصدت كلام الامام الطبري
فإن كلامه متداخل وأنظر الى الالفاظ التي سأجعلها داخل قوسين:
فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَأَحَقُّ (الْمُفَسِّرِينَ) بِإِصَابَةِ الْحَقِّ - فِي (تَأْوِيلِ) الْقُرْآنِ الَّذِي إِلَى عِلْمِ (تَأْوِيلِهِ) لِلْعِبَادِ السَّبِيلُ - أَوْضَحُهُمْ حُجَّةً فِيمَا (تَأَوَّلَ وَفَسَّرَ) ، مِمَّا كَانَ (تَأْوِيلُهُ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سَائِرِ أُمَّتِهِ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةِ عَنْهُ : إِمَّا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ ، فِيمَا وُجِدَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ ، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْعُدُولِ الْأَثْبَاتِ ، فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنْهُ النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى صِحَّتِهِ; وَأَصَحُّهُمْ بُرْهَانًا - فِيمَا تَرْجَمَ وَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ - مِمَّا كَانَ مُدْرَكًا عِلْمُهُ مِنْ جِهَةِ اللِّسَانِ : إِمَّا بِالشَّوَاهِدِ مِنْ أَشْعَارِهِمُ السَّائِرَةِ ، وَإِمَّا مِنْ مَنْطِقِهِمْ وَلُغَاتِهِمُ الْمُسْتَفِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ ، كَائِنًا مَنْ كَانَ ذَلِكَ (الْمُتَأَوِّلُ وَ الْمُفَسِّرُ)، بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونُ خَارِجًا (تَأْوِيلُهُ وَ تَفْسِيرُهُ)مَا (تَأَوَّلَ وَ فَسَّرَ) مِنْ ذَلِكَ ، عَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ ، وَالْخَلْفِ مِنَ التَّابِعَيْنِ وَعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ .
وان السيوطي تكلم عن هذا الامر فقال: (واختلف في التفسير أو التأويل، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٍ: هُمَا بِمَعْنًى: وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ قَوْمٌ حَتَّى بَالَغَ ابْنُ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ، فَقَالَ: قَدْ نَبَغَ فِي زَمَانِنَا مُفَسِّرُونَ لَوْ سُئِلُوا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ مَا اهْتَدَوْا إِلَيْهِ) الاتقان في علوم القرآن- النَّوْعُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: فِي مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ وَتَأْوِيلِهِ وَبَيَانِ شَرَفِهِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ-4- 192.
وأرجو من حضرتكم تقليل الاختلاف والنقاش لكي نتفرغ لتوضيح الأمثلة التطبيقية لاصول التفسير.
وقد ذكرت في مشاركة سابقة تعريف الأستاذ فهد الرومي لاصول التفسير، وقد ذكر الأستاذ مساعد الطيار التعريف التالي:
( أصول التفسير: الأسس العلمية التي يرجع اليها المفسر حال بيانه لمعاني القرآن، وتحريره للاختلاف في التفسير)
ومعنى ذلك ان أصول التفسير تستخدم في حالتين:
الأولى: في حالة بيان المعاني ابتداءً ، فمعرفته لاصول التفسير تمنعه من ان يأتي بمعنى ضعيف أو فاسد.
الثانية: في حال الاختيار او الترجيح بين الاقوال المختلفة، اذ الاختيار او الترجيح لا يكون الا عن علم بالقواعد العلمية وقرائن الترجيح، والا لم يكن مقبولا، وكان من القول على الله تعالى بغير علم) التحرير في أصول التفسير- ص 17.
وهنا سؤال مهم ماهو الفرق بين أصول التفسير وقواعد التفسير؟
ونكمل لاحقا ان شاء الله تعالى ...والله تعالى اعلم.


 
قَالَ الحَسَنُ بْنُ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيِّ: قَدْ نَبَغَ فِي زَمَانِنَا مُفَسِّرُونَ لَوْ سُئِلُوا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ مَا اهْتَدَوْا إِلَيْهِ .. يتكلم عن نوابغ في التفسير هم علماء في التفسير وأنا لست منهم في شيء فكيف أدعي النبوغ؟!! إذن، كيف تسألني عن الفرق بين أصول التفسير وقواعده، علما أن هذا السؤال أصعب من السؤال عن الفرق بين التأويل والتفسير؟! سؤالك غير أخلاقي البتة لأنك سألت بعد أن نقلت كلاما يجب أن يحول بيني وبين حتى مجرد التفكير في الإجابة، إلا أنك لم تنتبه ولم تشعر بذلك أخي البهيجي، وعليه سؤالك مشروع لا إعتراض عليه من باب لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.. ولربما شفع لي قول الإمام السيوطي أن ابن حبيب -رحمهما الله- بالغ في قوله ذاك، ولهذا سأقول شيئا مما أعلم، خاصة وأننا في ملتقى أهل التفسير، وأنا لا أظهر قولا في المسائل العلمية الدينية إلا في محيط أعلم أن فيه من سيتدخل بتوجيه أو تصويب أو تعليق أو مناقشة وما شابه، ثم حتى عندما أتكلم في محيط - يتألف من قراء ودارسين ومتخصصين - فإني أتكلم بلغة فكرية ثقافية، لا بلغة شرعية علمية، لما في استعمال اللغة الثانية من تعالم وتطفل وتعجرف، فنسأل الله السلامة والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. ألا فلتعلم أن هذا المنتدى واقع تحت رقابة الطلبة والأساتذة يتابعون ما يكتب ويقال، وينظرون في كيفية تعامل المهتمين والقراء والمتطفلين مع الدرس التفسيري، ليصلوا إلى فوائد جليلة وعظيمة تنير لهم الطريق نحو مدارسة المستعصى والمشكل ليقدموا حلولا وبخطاب ميسر يزيل الاشكالات ويبين الخلط ويكشف تأويل الجاهلين ويعيد الأمور إلى نصابها ..

أما بعد، فإني أنظر إلى (أصول التفسير) كما أنظر إلى (أصول الفيزياء fundamentals of physics) ولا فرق عندي إلا في موضوعات العلم، فعلم التفسير الشرعي يهتم بتفسير الكتاب المسطور، بينما يهتم علم الفيزياء بتفسير سورة من الكتاب المنظور وهو كتاب يتكون من سور شتى: الظواهر الفيزيائية والكيمياء والأحياء (الآفاق) وغيرها.. ولكل علم أصوله، تدور مع دوران تطبيقاته، في علاقات ديناميكية متبادلة، وهي خاصة وعامة، مثل أصول علم الأرض هي عامة، لكن لكل علم من علوم الأرض أصوله الخاصة مثل أصول الجغرافيا (ظواهر الأرض الطبيعية والبشرية) والايكولوجيا (البيئة) والجيولوجيا (طبقات الأرض) وعلم المحيطات وعلم المحيطات الجيولوجية .. وهلم جرا!

فما هو علم أصول الفيزياء؟ إنه فن: (أ) فكري فلسفي و (ب) علمي منهجي يبحث في تطبيقات علوم الفيزياء (الحركة / الميكانيكا، البصريات، الديناميكا الحرارية، الجاذبية، .. ) من أجل تقريب هذه العلوم في صيغة مدخل إليها، فهذه الأصول عبارة عن مقدمة في الفيزياء:
- مقدمة بفتح الدال أي أنها مقدمة على محتويات علوم الفيزياء.
- مقدمة بكسر الدال أي تقدم هذه المحتويات.
فتبين كيفية عمل المباحث الفيزيائية، أي كيف تشتغل.. وتستخلص النتائج لتكوين صورة عامة حول مواضيع ومباحث الفيزياء؛ وتستفز القارئ من خلال عرض إشكاليات السؤال الفيزيائي، وتصف مناهج الفيزيائين في طرح الأسئلة، ومناهج هذه العلوم بشكل عام،.. والنتيجة أو الزبدة هي المقدمة، وهي عبارة عن رخصة سياقة لمن يريد:
- أن يقرأ كتبا علمية في مباحث الفيزياء: كيف يقرأ ليفهم؟
- أن يشاهد برامج ومسلسلات وثائقية في الفيزياء: كيف يتلقى المعلومة ليفهم؟
- أن يدرس علوم الفيزياء: ما له وما عليه قبل أن يطرق باب الدرس العلمي المتخصص؟
- أن يمارس هذا العلم: ما المنهج العلمي العام والخاص الذي عليه الالتزام به ليمارس ويبدع في هذا المجال؟
وإذا جاء ببدعة ما في الفيزياء فكيف يحاكم بدعته قبل أن يحاكم، مثلا: ما هي الشروط الملزمة للإفتراض، لإجراء تجربة، للرد على إنشتاين ونظريته النسبية، لتطوير أو تحسين هذه النظرية أو تلك..

أي أن زبدة أصول الفيزياء هي تلك المقدمة والتي بدورها عبارة عن قواعد (ضوابط، وشروط، ومناهج..) لتأطير الإشتغال بالفيزياء قراءة ودراسة وبحثا وابداعا..

وبمثل الذي قلنا في أصول الفيزياء نقوله في أصول التفسير. أي أنه فن يبحث في علم التفسير بشكل عام: ما التفسير؟ ما طرق إشتغاله؟ ما طرق التفسير؟ ما مدارسه واتجاهاته؟ ما علاقته التفاعلية التبادلية مع علوم القرآن وعلوم الآلة؟ ما مناهج المفسرين؟ ما أنواعه، وأهميته، وخطورته، وتاريخه المتصل، .. أي البحث في الذي بنيت عليه وبه التطبيقات (علم التفسير) وبهذه الأسئلة يحاول هذا العلم صياغة رخصة السياقة لمن يريد قراءة التفاسير، الإختيار والترجيح فيها، ممارسته..

وعندما يقول قائل أريد أمثلة تطبيقية فهو يريد تلك المقدمة أو الزبدة أي تلك القواعد متجسدة في إختيار تفسير من التفسيرات بالنسبة للقارئ وفي الإختيار والتأويل بالنسبة للمفسر، لا الجانب النظري.

وأخيرا، يظهر لي أنك تستعمل ألفاظا لم تتبين منها بعد، وهذا ما ظهر لي من السؤال عن الفرق بين الأصول والقواعد، ومن التعليقات الخارجة على ما يتعلق بالأمثلة التطبيقية، ثم تقول لي (أرجو من حضرتكم تقليل الاختلاف والنقاش) هذا بعد أن جئتُ بأكثر من مثال تطبيقي!! أما ذكر الإختلاف أو إصطناعه بلغتي التي أستخدمها فأمر لابد منه، أي لابد من الإستشكال والمناقشة لأفتح الباب فأدفع من خلاله إلى مزيد من البحث، فيذهب المتابع إلى الكتاب الذي أنقل منه، ثم يبحث عن تطبيق للقاعدة المعنية من مصدر آخر، ويعود موجها وناصحا ومناقشا ومجادلا.. هذا الملتقى اسمه "الملتقى العلمي للتفسير و علوم القرآن" وليس بزاوية في مسجد لتلقين وتعليم البراعم شيئا من التفسير! وليس للإكتفاء بإعمال الكوبي-باست (قص ولصق) لما قاله فلان وعلان.. ومن يريد التعلم فقط من غير أسئلة ولا تدارس فليتفاعل مع المعلّم الأستاذ جمال القرش جزاه الله خيرا في مواضيعه عامة، وموضوعه (تطبيقات ميسرة للتدريب على قواعد الترجيح) بشكل خاص.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين ورضي الله تعالى عن صحابته الكرام.....اللهم يا أرحم الراحمين أرفق بنا وعلمنا ما جهلنا ويسر لنا العمل بما علمنا ...اللهم علمنا الحوار بخلق حسن ولا تجعلنا ممن ينطقون بالكلام الخشن..اللهم نعوذ بجلالك وقدرتك ان يضلنا الشيطان الرجيم ويوقع بيننا العداوة والبغضاء
اللهم بكرمك وعطفك لا تحملنا ما لا طاقة لنا به ...اللهم اننا شمرنا عن سواعد الجد لكي نتعلم تفسير كتابك الكريم فأمنن علينا بالعلم النافع وسددننا في فهم معانيه وتوضيح ما فيه ...اللهم زدنا علما بكتابك الكريم اللهم يامعلم آدم وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام علمنا ....أما بعد...فأرجو ممن يرغب في المشاركة معي في هذا الموضوع ان يتحلى بالصبر والتأني وان يتحاور بالكلام القويم وان لا يكتب ما يُثير الغضب والخصام...فمن لا يستطيع ذلك ...فلا يشارك!!!
سألت في مشاركتي السابقة...ما هو الفرق بين أصول التفسير وقواعد التفسير؟
قال الأستاذ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار:( وقد يُشتبه (أصول التفسير) بمصطلح (قواعد التفسير)، وقد كان السؤال الموجه الى شيخ الإسلام ابن تيمية عن ( قواعد كلية تُعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه، والتمييز في (منقول) ذلك و(معقوله) بين الحق وأنواع الاباطيل ، والتنبيه على الدليل الفاصل بين الأقاويل) وقد أجابه شيخ الإسلام بما هو من الأصول الكلية في علم التفسير ، فكانت أشبه بها من ان تكون قواعد، ولعل هذا ما دعا مفتي الحنابلة محمد جميل الشطي أن يُسميها ( مقدمة في أصول التفسير) لما طُبع الكتاب سنة 1355هجرية.
غير ان القواعد تندرج ضمن الأصول ، فكل قاعدة أصل، وليس كل أصل قاعدة ، وأول كتاب ظهر بهذا العنوان ( الفوز الكبير في أصول التفسير) لولي الله الدهلوي (ت 1176هجرية)( كتاب المحرر في أصول التفسير- هامش ص 17)
ويرى العبد الفقير والجاهل بالكثير من علوم القرآن: ان الأصل هو الأساس وان القواعد هي الضوابط...فمن أصول التفسير: مصادر التفسير والمقصود فيها الوسائل المستخدمة في التفسير ومنها تفسير القرآن بالقرآن ولهذا المصدر قواعد توضح كيف نستخدمه بحيث لا نقع بالخطأ ومنها( أي القواعد) (أن لكل لفظ معنى مخصوص به) ومثال ذلك ما وقع به الصحابة من فهم معنى (الظلم) فإنهم تصوروا انه ظلم النفس عند الوقوع بالمعاصي من قوله تعالى:
( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ( 82 ) ) الانعام
فإنهم قالوا: ومن فينا من لا يظلم نفسه ، فقال لهم: ألم تسمعوا الى قول لقمان لابنه:يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. فالمعنى المخصوص ان الله تعالى أراد بالظلم في آية الانعام ان معناه الشرك وليس كل ظلم.
والله تعالى اعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين أما بعد..الأساتذة الكرام في الاشراف الاعضاء الكرام العضوات الكريمات... لا استطيع الكتابة في هذا الموضوع الا اذا اجبتم على سؤالي وهو هل استحق من المدعو شايب أن يقول لي أن سؤالك غير اخلاقي ؟
وهل هذه الكلمة بسيطة بحيث لا تتدخل لجنة المشرفين ولم يعلق عليها أحد...هل وصل حال الحوار في ملتقى اهل التفسير الى هذا الحد من الضعف وقلة العلم..والى الله المشتكى.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين أما بعد..الأساتذة الكرام في الاشراف الاعضاء الكرام العضوات الكريمات... لا استطيع الكتابة في هذا الموضوع الا اذا اجبتم على سؤالي وهو هل استحق من المدعو شايب أن يقول لي أن سؤالك غير اخلاقي ؟
وهل هذه الكلمة بسيطة بحيث لا تتدخل لجنة المشرفين ولم يعلق عليها أحد...هل وصل حال الحوار في ملتقى اهل التفسير الى هذا الحد من الضعف وقلة العلم..والى الله المشتكى.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
الاخ البهيجي

السؤال الغير الاخلاقي هو السؤال عن الاشياء الشخصية و التي تعبر عن اخلاق السائل قبل الشخص الذي سئل...
فسؤالك هوفقط سؤال علمي هدفه الايضاح و التبيان...
° ما فهمته هو انك تريد تطبيق الاصل التفسيري من خلال الامثلة التطبيقية كما فعلت في المشاركة 5 [ بسم الله الرحمن الرحيم الاية ١] و المشاركة 20[ الدعاء من اجل الحوار الحسن ]
بدون ان نذهب بعيدا فان الاصل التفسيري هو موتق و معززفي الكتب من كبار العلماء و يكون مستمد من القرآن ....
هناك فرق بين علم لايعلمه الا القليل و علم لا ينتفع به الا القليل
فالهدف من الامثلة التطبيقية هو تطبيقها في المجتمع لما فيها خير وصلاح و إحياء بعض ما مات منذ قرون و تلك الامثلة صالحة لكل المستويات بما فيها الفكرية , الذهنية , التقافية و العمرية اما الاصل التفسيري فهو متوفر و مفعول في عدة كتب من قبل العلماء و مانحتاج هو تطبيق الامثلة التطبيقية لكي يصبح العلم الذي ينتفع به الا القليل ينتفع به الكثير...




قال تعالى (فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) سورة الانفال الاية1
قال الرسول صلى الله عليه و سلم :لا يحل لرجل أن يهجر أخاه المسلم
فوق ثلات..
قال الامام مالك رحمه الله "انما انا بشريخطئ و يصيب فا نظروا في رأي فكل ما وافق الكتاب و السنة فخدوه به و كل ما لم يوافق الكتاب و السنة فاتركوه
فلولا الاخ شايب ايضا لما كان وجود للمشاراكات السابقة القيمة...فنتمنى ان تستمروا في الكتابة خصوصا اذا كان هدفكما واحد

ونسأل الله ان يوفقكما ويوفقنا بما فيه خير


و الله اعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ البهيجي
لن اشارك معكم في الكتابة لسبب ما (لا علاقة له بما حصل مؤخرا)

وفقكم الله
 
جزاك الله خيرا أخي البهيجي على هذا الطرح، وإن كنت أخالفك الرأي في علة طرحك، حيث قلت:" فإن أهل العلم ينشطون في ذكر الأصول والقواعد ولكنهم يكسلون في ذكر الأمثلة.".

وقبل بيان وجه المخالفة أود أن أشير إلى أنه لا خلاف حسب علمي القاصر بين قواعد التفسير وأصوله، فمن حيث اللغة نعلم أن القاعدة هي الأصل الذي يقوم عليه غيره، إذا فقواعد الشيء أصوله، وفي الاصطلاح قواعد التفسير هي:" الأحكام الكلية التي يتوصل بها إلى استنباط معاني كلام الله تعالى وكيفية الاستفادة منها"، فهي الأصول والقواعد التي تحكم خطة المفسر وتحول بينه وبين الخطأ في الفهم والاستنباط وتعينه على أداء مهمة التفسير على أحسن وجه.

ومن صنف في هذا العلم لا يفرق بين القواعد والأصول-حسب علمي القاصر-، وعلى سبيل المثال يقول علامة الحجاز السعدي رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه "القواعد الحسان في تفسير القرآن":" أما بعد فهذه أصول وقواعد في تفسير القرآن الكريم، جليلة المقدار، عظيمة النفع، تعين قارئها ومتأملها على فهم كلام الله، والاهتداء به، ومخبرها أجل من وصفها . فإنها تفتح للعبد من طرق التفسير، ومنهاج الفهم عن الله: ما يغني عن كثير من التفاسير الخالية من هذه البحوث النافعة ." اهــ.

ولا بأس من التنبيه على علاقة قواعد التفسير أو أصول التفسير بعلوم القرآن، إنها علاقة الجزء بالكل، فعلم القواعد والأصول من أنواع علوم القرآن الكريم بل هو من أجل هذه العلوم كيف لا وهو كما أسلفت ينير الطريق أمام المفسر ويضبط سيره في مهمته.

أما بالنسبة لوجه المخالفة فهو أن العلماء الذين صنفوا في هذا العلم الجليل ألا وهو علم قواعد التفسير أو أصول التفسير لم يألوا جهدا في ذكر الأمثلة والنماذج التطبيقية لما يذكرونه من قواعد وأصول، فهذا العلامة عبد الرحمن السعدي يجمع في كتابه إحدى وسبعين قاعدة كلها بأمثلتها من القرآن الكريم، وإن كان جزءا منها يمكن أن يصطلح عليه بقواعد قرآنية، وأخرى فوائد ولطائف وأخرى قواعد فقهية، كما نبه عليه الدكتور خالد السبت حفظه الله تعالى.

ومن أمتع وأوسع ما ألف في هذا الباب: "قواعد التفسير جمعا ودراسة" للدكتور خالد السبت، وقد حوى ثمان وعشرين مقصدا، كل مقصد يتضمن مجموعة من القواعد، وقد اعتنى المؤلف عناية كبيرة بذكر الأمثلة التطبيقية حيث لا يكتفي في غالب الأحيان بمثال واحد أو مثالين.

وأخيرا أود أن أتقدم بالنصح لنفسي أولا ثم لإخواني في هذا الملتقى الكريم وهو أن نتحلى بأخلاق طالب العلم الذي يروم الحق ويصبو إليه، وأن يتخير كل واحد منا الألفاظ الحسنة في الحوار عملا بقول ربنا جل في علاه:" وقولوا للناس حسنا"، وبحديث رسولنا صلى الله عليه وسلم:" الكلمة الطيبة حسنة".
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين
جزاكما الله تعالى خيرا الأستاذ الفاضل بهجة والأستاذ الكريم ناصر على ما كتبتموه..
اللهم اني قد عفوت عن من أساء لي فاعفو عنه...
أخي العزيز ناصر...قبل أن أجيبك أرجو الاطلاع على الرابط التالي:
https://vb.tafsir.net/tafsir32692/#.WidHzraWa00
وفقنا الله تعالى واياكم.
 
عودة
أعلى