أمانة الله ...... وخلافة الإنسان لله في الأرض

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
الإنسان صار خليفة لله في الأرض بشيئين خصه الله بهما هما:
الأول: العقل.
الثاني: الإرادة.

وبهما حمل الإنسان أمانة الله التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال، قال الله عز وجل:
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}

فالإنسان بهما - العقل والإرادة - معا إنسان ، فإن هو عطلهما ، فقد خرج من كونه إنسانا إلى كائن له صورة إنسان، لكنه ليس من الإنسانية في شيء.

فمتى يعطل الإنسان عقله وإرادته؟

قبل ان نجيب عن ذلك نلفت النظر إلى أمر هام وهو:
ليس كل إنسان هو خليفة لله في الأرض؛
فليس كل إنسان أهلا لذلك الشرف.

إن خلافة الإنسان لله في أرضه تكون بأداء الأمانة التي حملها ، فإن هو ضيعها ، فقد تجرد من شرف هذه الخلافة.

فبعيد عن العقل وبعيد عن الحكمة أن يزعم زاعم أن:
- الكفار والمشركين خلفاء لله في أرضه.

- ولا أن يزعم زاعم أن الطغاة الجبارين البغاة الفاسدين المفسدين في الأرض خلفاء لله في أرضه.

- ولا ان يزعم زاعم أن الفسقة الفجرة المجرمين المفسدين في الناس والدين خلفاء لله في أرضه.

فليس من العقل ولا من الحكمة أن يزعم زاعم أن هذه الأصناف التي لها صورة بشرية خالية من أسباب الإنسانية هم خلفاء لله في أرضه.

وذلك لأن هذه الأصناف وَظَّفَت أمانة الله في غير ما خُلِقَت له، بل في نقيض وضِدِّ ما خُلِقَت له، فكيف يزعم زاعم أن هؤلاء بشر؟!

إنهم ليس لهم من الإنسانية إلا صورة الإنسان.
وهؤلاء تجردوا من إنسانيتهم بهواهم وباختيارهم.

والأصناف السابقة ليست هي فقط التي تجردت من إنسانيتها فهناك أصناف أخرى، من هؤلاء:

- صِنف يسلم عقله وإرادته لطاغية فاجر طمعا، فيتنازل عنهما طوعا لهذا الطاغية رغبة في عَرَض من الدنيا زائل.

- وصِنف آخر يترك عقله وإرادته ويُعَطِّلهما خوفا ورهبا، فيُسَلِّم نفسه لطاغية فاجر خوف بطشه، فيجعل من نفسه كلبا أمينا خادما لهذا الطاغية.

- وصِنف ثالث يقف بين الحق والباطل زاعما الحِياد، وهو أخو الباطل وداعمه وناصره، فلا حِياد بين حق وباطل،
فلابد من نصرة الحق، ولابد من دفع الباطل والمنكر،
فإلم يفعل الإنسان كان نصيرا داعما للباطل بحياده المزعوم وسكونه.
وكان مفرطا في أمانة الله التي حملها، فقد ترك إرادته باختياره، وضيع بعض بل أهم ما خُلِقَ له.

إن الإرادة والعقل هما عنصرا الإنسانية، بهما يكون الإنسان إنسانا، ومن دونها يجعل من نفسه كائنا يمشي ويدب على الأرض لكنه لا يبقى له من إنسانيته إلا الهيئة والصورة.

فإن شِئتَ أن تحيا الإنسان الذي كرمه الله، وجعله خليفة له في الأرض، فاحفظ لنفسك عقلك وقلبك وإرادتك ، واجعلهن تبعا لما خلقك الله لأجله، ألا وهو :
أن تعبد الله وحده ولا تعبد غيره.

وعبادة غير الله ليست بالشرك فقط، وإنما تكون بالشرك، وتكون بترك طاعة الله لأجل طاعة طاغية رغبا أو رهبا، أو باتباع فاسق فاجر لأجل الهوى والزيغ ، أو باتباع ضال منحرف جهلا وحماقة.

فإن النجاة والفوز إنما هما في رضا الله ، وإن سخط عليك الناس أجمعين.
وإن الخسران والضياع والهلاك في إرضاء الناس بسخط الله.

اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك ، لا نحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك.

بقلم:
د. محمد الجبالي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين أما بعد. .اﻻستاذ الفاضل أعتقد ان التفسير الراجح لمسألة الخلافة في اﻻرض ليس معناها ان اﻻنسان يخلف الله سبحانه انما البشر يخلف بعضهم بعضا..راجع الطبري وابن كثير والقرطبي
والله تعالى اعلم.
 
الأمر فيه خلاف وقد اخترت الرأي الآخر
فإن اللفظ في القرآن صريح:
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} [فاطر: 39]
وقال عز وجل : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ } [الأنعام: 165]
وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30]
وقال العزيز الجليل: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]

وبعيدا عن الجدال فقد ذهب العلماء في هذا الأمر مذهبين الأول ما ذكرته أنت ، والآخر ما اخترته أنا وملت إليه.
والسلام عليكم
 
عودة
أعلى