.. لا ريب ان الالفاظ هي اداة القران في تعبيره فالناظر في القران والمتأمل في آياته يجب ان يستوعب دلالات معاني هذه الالفاظ وكيف استعملها القران ن خلال سبر اغوار المفردة بطول القران وعرضه فلا يكفي معرفة المعنى المعجمي للمفردة فقط اذ ان القران له استعمال خاص للمفردة العربية المكونة لآيات هذا الكتاب العزيز.
والدكتور فاضل السامرائي يعي هذا تماما لذلك افرد لهذه المفردة كتابا كاملا هو ( بلاغة الكلمة في التعبير القراني ) حيث كان دافعه لتأليف هذا الكتاب كما يقول " لم ار كتابا يبحث في المفردة في القران الكريم ويبوبها على موضوعات ويجمع ما تشابه من ذلك ويدرسه فحاولت ان اضع بداية متواضعة في هذا الموضوع "(1) وفي الكتاب عدة امور منها :-
الحذف والذكر
يقرر الدكتور فاضل السامرائي ان القران " يحذف من الفعل للدلالة على ان الحدث اقل مما لم يحذف منه وان زمنه اقصر ونحو ذلك فهو يقتطع من الفعل للدلالة على الاقتطاع من الحدث او يحذف منه في مقام الايجاز والاختصار بخلاف مقام الاطالة والتفصيل "(2) " ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)القدر4 وقوله (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِين تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ)الشعراء 221- 223فقال في هذه الايات (تَنَزَّلُ) في حين قال :( إِنَّ
(الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
فصلت 30 فقال في ايتي القدر والشعراء (تَنَزَّلُ) بحذف احد التاءين وقال في فصلت : (تتنزل ) من دون حذف وذلك والله اعلم ان التنزل في اية فصلت اكثر مما في الايتين الاخريين ذلك ان المقصود بها : ان الملائكة تنزل على المؤمنين عند الموت لتبشره بالجنة وهذا يحدث على مدار السنةفي كل لحظة ففي كل لحظة يموت مؤمن مستقيم فتتنزل لتبشره بالجنة فأعطى الفعل كل صيغته ولم بحذف منه شيئا واما لية الشعراء فان التنزل فيها اقل لان الشياطين لا تتنزل على كل الكفرة وانما تتنزل على الكهنة او على قسم منهم وهم الموصوفون بقوله (كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ) ولا شك ان هؤلاء ليسوا كثيرا في الناس وهم ليسوا بكثرة الاولين ولا شطرهم بل هم قلة فاقتطع من الحدث فقال : (تنزل) بحذف احد التاءين.وكذل ما في سورة القدر فان تنزل الملائكة انما هو في ليلة واحدة في العاموهي ليلية القدر فهو اقل من التنزل الذي يحدث باستمرار على من بحضره الموت فاقتطع من الحدث (3) ومثلها الفاظ (توفاهم/ تتوفاهم ) و( تفرقوا/تتفرقوا) و(تولوا /تتولوا) وغيرها (4) وليس الفعل بل واي كلمة تختلف عن اختها في زيادة حرف او نقصانه.
الابدال
وهو وضع مفردة بدلا عن مفردة اخرى شبيهه بها مثال ذلك مكة وبكة في قوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ) ال عمران 96 وفي الفتح(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) الفتح24 " فقال في اية ال عمان (بكة) وقال في الفتح (مكة) وسبب ايرادها بالباء في ال عمران ان الاية في سياق الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بالاسم (بكة) من لفظ ( البك) الدال على الزحام لانه في الحج يبك الناس بعضهم بعضا أي يزحم بعضهم بعضا وسميت (بكه) لانهم يزدحمون فيها وليس السياق كذلك في اية الفتح فجاء بالاسم المشهور لها اعني (مكة) بالميم.(5) ومشابه لذلك (بسطة/بصطة) و(اللائي/اللاتي ) وغيرها (6).
المترادفات
في القران الفاظ مترادفة كثيرة ولا يكفي المعنى المعجمي للتعليل نظر لتقارب المعنى لهذه المترادفات ولكن للدكتور فاضل السامرائي طريقته في تعليل الاختلاف بين المترادفات واختيار تلك المفردة عن غيرها فهو يلجأ للسياق وكذلك النسق التعبيرية وجو النص وما يناسبه من مترادفة وثالثة باحصاء اعداد تلك المفردة وكثرة ورودها في موضع عن اخر كعلة في مجيئها ومن ذلك الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال يقول الدكتور فاضل السامرائي " والذي استبان لي ان القران الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة او لما هو اصعب واشق مما يستعمل له (أتى) فهو يقول مثلا (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ) المؤمنون 27 وذلك لان المجيء فيه مشقة وشدة وقال (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) ق19 فاختار لما هو اصعب واشق (جاء) ولما هو ايسر (اتى) "(7) فهو لم يخلص الى الرأي الا بعد استقراء كل الايات التي المفردتين متكأ على معاجم الللغة ودلالات الالفاظ .. ومن ذلك الفرق بين أرسل وبعث " فالبعث قد يكون فيه معنى الارسال وقد يكون الانهاض فالمقام في سورة الشعراء مقام زيادة تحد وقوة مواجهة قال ملأ فرعون (وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ) فلم يكتفوا بالارسال بل ارادوا ان ينهضوا من المجتمع حاشرين علاوة على الرسل وهؤلاء من مهمتهم الاثارة وتهييج الناس على موسى وهذا المعنى لايؤديه لفظ (أرسل) "(8) الى غيرها من المترادفات ..
خط القران
ليس المقصود بعبارة (خط القران) هو الرسم العثماني انما المقصود طريقة القران المطردة في التعبير او السمة الغالبة على القران عند التعامل مع تلك اللفظة او غيرها ..
يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته " كل موضع ُذُكر في وصف الكتاب آتينا فهو ابلغ من كل موضع ُذكر فيه اوتوا لأن اوتوا قد يُقال اذ اولي من لم يكن منه قبول وآتيناهم يُقال فيمن كان فيه قبول "(9) فجاء الدكتور السامرائي من بعده ليعيد صياغة العبارات نفسها فيقول " القران الكريم يستعمل اوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح"(10) وبهذا التتبع لخط القران في التعبير سار الدكتور السامرائي ووسع الامر ومن ذلك " كل موضع في القران يذكر فيه المغفرة يجب ان يذكر فيه الذنوب والكافرين وفي سائر القران لما يضيف المغفرة للأجر الكبير لابد ان يسبقها او يأتي بعدها الذنوب او الكافرين "(11) ومن ذلك قوله " كل سورة بدأت بسبح الماضية (سبح) يجري فيها ذكر للقتال"(12) وغيرها كثير ....
الهوامش :
1/ بلاغة الكلمة في التعبير القراني للدكتور فاضل السامرائي ص7
2/نفسه ص11
3/نفسه ص12-13
4/ انظر بلاغة الكلمة الصفحات 13و24و50
5/ نفسه ص56
6/نفسه ص 56و ص62
7/ لمسات بيانية ص 97-98
8/ التعبير القراني ص330
9/مفردات غريب القران للراغب الاصفهاني ص18
10/برنامج لمسات بيانية قناة الشارقة الفضائية حلقة يوم 23/4/2007م
11/ برنامج لمسات بيانية يوم 19/3/2007 م
12/ برنامج لمسات بيانية يوم 15/2/2007 م
والدكتور فاضل السامرائي يعي هذا تماما لذلك افرد لهذه المفردة كتابا كاملا هو ( بلاغة الكلمة في التعبير القراني ) حيث كان دافعه لتأليف هذا الكتاب كما يقول " لم ار كتابا يبحث في المفردة في القران الكريم ويبوبها على موضوعات ويجمع ما تشابه من ذلك ويدرسه فحاولت ان اضع بداية متواضعة في هذا الموضوع "(1) وفي الكتاب عدة امور منها :-
الحذف والذكر
يقرر الدكتور فاضل السامرائي ان القران " يحذف من الفعل للدلالة على ان الحدث اقل مما لم يحذف منه وان زمنه اقصر ونحو ذلك فهو يقتطع من الفعل للدلالة على الاقتطاع من الحدث او يحذف منه في مقام الايجاز والاختصار بخلاف مقام الاطالة والتفصيل "(2) " ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)القدر4 وقوله (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِين تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ)الشعراء 221- 223فقال في هذه الايات (تَنَزَّلُ) في حين قال :( إِنَّ
(الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
فصلت 30 فقال في ايتي القدر والشعراء (تَنَزَّلُ) بحذف احد التاءين وقال في فصلت : (تتنزل ) من دون حذف وذلك والله اعلم ان التنزل في اية فصلت اكثر مما في الايتين الاخريين ذلك ان المقصود بها : ان الملائكة تنزل على المؤمنين عند الموت لتبشره بالجنة وهذا يحدث على مدار السنةفي كل لحظة ففي كل لحظة يموت مؤمن مستقيم فتتنزل لتبشره بالجنة فأعطى الفعل كل صيغته ولم بحذف منه شيئا واما لية الشعراء فان التنزل فيها اقل لان الشياطين لا تتنزل على كل الكفرة وانما تتنزل على الكهنة او على قسم منهم وهم الموصوفون بقوله (كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ) ولا شك ان هؤلاء ليسوا كثيرا في الناس وهم ليسوا بكثرة الاولين ولا شطرهم بل هم قلة فاقتطع من الحدث فقال : (تنزل) بحذف احد التاءين.وكذل ما في سورة القدر فان تنزل الملائكة انما هو في ليلة واحدة في العاموهي ليلية القدر فهو اقل من التنزل الذي يحدث باستمرار على من بحضره الموت فاقتطع من الحدث (3) ومثلها الفاظ (توفاهم/ تتوفاهم ) و( تفرقوا/تتفرقوا) و(تولوا /تتولوا) وغيرها (4) وليس الفعل بل واي كلمة تختلف عن اختها في زيادة حرف او نقصانه.
الابدال
وهو وضع مفردة بدلا عن مفردة اخرى شبيهه بها مثال ذلك مكة وبكة في قوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ) ال عمران 96 وفي الفتح(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) الفتح24 " فقال في اية ال عمان (بكة) وقال في الفتح (مكة) وسبب ايرادها بالباء في ال عمران ان الاية في سياق الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بالاسم (بكة) من لفظ ( البك) الدال على الزحام لانه في الحج يبك الناس بعضهم بعضا أي يزحم بعضهم بعضا وسميت (بكه) لانهم يزدحمون فيها وليس السياق كذلك في اية الفتح فجاء بالاسم المشهور لها اعني (مكة) بالميم.(5) ومشابه لذلك (بسطة/بصطة) و(اللائي/اللاتي ) وغيرها (6).
المترادفات
في القران الفاظ مترادفة كثيرة ولا يكفي المعنى المعجمي للتعليل نظر لتقارب المعنى لهذه المترادفات ولكن للدكتور فاضل السامرائي طريقته في تعليل الاختلاف بين المترادفات واختيار تلك المفردة عن غيرها فهو يلجأ للسياق وكذلك النسق التعبيرية وجو النص وما يناسبه من مترادفة وثالثة باحصاء اعداد تلك المفردة وكثرة ورودها في موضع عن اخر كعلة في مجيئها ومن ذلك الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال يقول الدكتور فاضل السامرائي " والذي استبان لي ان القران الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة او لما هو اصعب واشق مما يستعمل له (أتى) فهو يقول مثلا (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ) المؤمنون 27 وذلك لان المجيء فيه مشقة وشدة وقال (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) ق19 فاختار لما هو اصعب واشق (جاء) ولما هو ايسر (اتى) "(7) فهو لم يخلص الى الرأي الا بعد استقراء كل الايات التي المفردتين متكأ على معاجم الللغة ودلالات الالفاظ .. ومن ذلك الفرق بين أرسل وبعث " فالبعث قد يكون فيه معنى الارسال وقد يكون الانهاض فالمقام في سورة الشعراء مقام زيادة تحد وقوة مواجهة قال ملأ فرعون (وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ) فلم يكتفوا بالارسال بل ارادوا ان ينهضوا من المجتمع حاشرين علاوة على الرسل وهؤلاء من مهمتهم الاثارة وتهييج الناس على موسى وهذا المعنى لايؤديه لفظ (أرسل) "(8) الى غيرها من المترادفات ..
خط القران
ليس المقصود بعبارة (خط القران) هو الرسم العثماني انما المقصود طريقة القران المطردة في التعبير او السمة الغالبة على القران عند التعامل مع تلك اللفظة او غيرها ..
يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته " كل موضع ُذُكر في وصف الكتاب آتينا فهو ابلغ من كل موضع ُذكر فيه اوتوا لأن اوتوا قد يُقال اذ اولي من لم يكن منه قبول وآتيناهم يُقال فيمن كان فيه قبول "(9) فجاء الدكتور السامرائي من بعده ليعيد صياغة العبارات نفسها فيقول " القران الكريم يستعمل اوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح"(10) وبهذا التتبع لخط القران في التعبير سار الدكتور السامرائي ووسع الامر ومن ذلك " كل موضع في القران يذكر فيه المغفرة يجب ان يذكر فيه الذنوب والكافرين وفي سائر القران لما يضيف المغفرة للأجر الكبير لابد ان يسبقها او يأتي بعدها الذنوب او الكافرين "(11) ومن ذلك قوله " كل سورة بدأت بسبح الماضية (سبح) يجري فيها ذكر للقتال"(12) وغيرها كثير ....
الهوامش :
1/ بلاغة الكلمة في التعبير القراني للدكتور فاضل السامرائي ص7
2/نفسه ص11
3/نفسه ص12-13
4/ انظر بلاغة الكلمة الصفحات 13و24و50
5/ نفسه ص56
6/نفسه ص 56و ص62
7/ لمسات بيانية ص 97-98
8/ التعبير القراني ص330
9/مفردات غريب القران للراغب الاصفهاني ص18
10/برنامج لمسات بيانية قناة الشارقة الفضائية حلقة يوم 23/4/2007م
11/ برنامج لمسات بيانية يوم 19/3/2007 م
12/ برنامج لمسات بيانية يوم 15/2/2007 م