أقوال العلماء في إسماعيل بن عبدالرحمن المعروف بالسدي الكبير.

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محمد الأمين
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
م

محمد الأمين

Guest
إسماعيل بن عبد الرحمان السدي الكبير، مولى بني هاشم الكوفي. شيعي شتّام يطعن بأبي بكر وعمر. وهو غير محمد بن مروان السدي الصغير، الرافضي الكذاب.

اختلف عليه علماء الحديث: فمنهم من وثقه، ومنهم من كذبه، والأكثرون على ضعفه. ومثل هذا لا ينبغي أخذ الحديث عنه. ولكن قد نأخذ عنه التفسير اللغوي استئناساً فقط، ولا نجعله حجة في دين الله.

أثنى على تفسيره بعض السلف كإبراهيم النخعي والعجلي، وذمه بعضهم أيضاً. قال صالح بن مسلم: مررت مع ‏الشعبي على السدي وحوله شباب يفسر لهم القرآن، فقام عليه الشعبي فقال: «ويحاًَ للآخر، لو كنت نشواناً يُضرَبُ ‏على أستك بالطبل خيراً لك مما أنت فيه». قال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت الشعبي، وقيل له إن إسماعيل ‏السدي قد أعطي حظـاً من علم القرآن، فقال: «قد أعطي حظـاً من جهلٍ بالقرآن». قلت: تفسيره ‏إجمالاً جيد إلا أن فيه أمور باطلة أنكرها الشعبي وغيره. وروى العقيلي في الضعفاء (1\87) عن أحمد بن محمد قال: قلت لأبي عبد الله (أحمد بن حنبل): «السدي كيف هو؟». قال: «أخبرك أن حديثه لمقارب وأنه لحسن الحديث. إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه...» فجعل يستعظمه. قلت: «ذاك إنما يرجع الى قول السدي؟». فقال: «من أين، وقد جعل له أسانيد؟ ما أدري ما ذاك». وقال الطبري: «لا يحتج بحديثه». قلت ليته إذاً لم يحشو تفسيره بكلام السدي، إذ لعله ‏أخرج له أكثر من أي شخص آخر!‏

وكان السدي الكبير رافضياً يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ويشرب النبيذ ويكذب في الحديث. وإجمالاً فالسدي الكبير أثنى على عدالته القطان والنسائي وابن عدي وأحمد (في رواية). وجرحه أحمد (في رواية) وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي والعقيلي والساجي والطبري وشعبة. واتهمه بالكذب الحافظ السعدي وليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً) والمعتمد بن سليمان. قال ليث: «كان بالكوفة كذّابـان فمات أحدهما السـدّي والكلبي. وقال حسين بن واقد المروزي (قاضي فاضل): «قدمت الكوفة فأتيت السدي فينبغي عن تفسير آية من كتاب الله، فحدثني بها. فلم أتم مجلسي، حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فلم أعد اليه». وقال عنه الجوزجاني: «كذاب شتام». وقال العقيلي: «ضعيف، و كان يتناول الشيخين».

لكن السدي على كذبه وضلاله، كان رجلاً فصيحاً من العرب. وكان تفسيره اللغوي للقرآن موافق للغة العرب، فلذلك أثنوا عليه، لكنهم عابوا عليه أنه يضع لآراءه أسانيداً. وحكى الساجي عن أحمد قوله فيه: «إنه ليُحسن الحديث، إلا أن هذا ‏التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسناداً واستكلفه». فثبت أن ما ينسبه لإبن عباس وابن مسعود وغيرهم لا يصح، ‏وإن كان معناه إجمالاً صحيح، لموافقته للغة العرب. وقد أشار البيهقي إلى هذا الملحظ فقال في دلائل النبوة" (1\37) : «وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به ألفاظه، تشهد لهم به لغات العرب. وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط».

- أكثر ما يروى عن السدي من طريق: عمرو بن طلحة القناد (صدوق رافضي) عن أسباط بن نصر الهمداني (ضعيف) عن السدي. وهذا طريق ضعيف لا حجة فيه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم محمد الأمين وفقه الله وزاده من فضله ، أرغب - تكرماً منكم - توضيح مسائل :

الأولى : قولك :(شيعي شتام يطعن بأبي بكر وعمر). وقولك :(وكان السدي الكبير رافضياً يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، ويشرب النبيذ ويكذب في الحديث.) هل على ذلك بينة صادقة لا خلاف فيها ؟
وإن كان في الأمر خلاف فما هو الأليق في هذه الحالة عند العلماء ؟
والذي ذكره الدكتور محمد عطا يوسف في جمعه لتفسير السدي أنه :(لم يظهر اتهام السدي بالتشيع إلا في النصف الأول من القرن الثامن على لسان الذهبي (ت748هـ) فقال :(رُمي السدي بالتشيع) ، وتوسع ابن حجر من بعده فجاء بروايتين ، أولاهما عن الحسين بن واقد أنه جلس يستمع السدي ، حتى سمعه يتناول الشيخين فقام عنه ، والأخرى عن العقيلي قال : كان السدي يتناول الشيخين).
وجاء بعدهما الخزرجي ، والداودي فنقلا مقالة الذهبي فقط ، دون ذكر روايات أخرى تؤيدها.
وذهب العاملي إلى أبعد من ذلك فقال :(ذكره الشيخ - يقصد الطوسي - في رجاله في أصحاب علي بن الحسين ، وفي أصحاب الباقر ، وفي أصحاب الصادق ، إسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير).
وأما ما أورده الذهبي وابن حجر وغيرهما ، فلم أجد من نقاد الرواية الأوائل من أمثال البخاري وابن أبي حاتم وابن الأثير من ذكره ، وما كان هذا ليفوتهم دون النص عليه.
وهذا الأثر الذي أورده العاملي الشيعي المذهب ، قد رده شيعي آخر ، فقد قال الخوانساري في روضات الجنات :(وقد ذكره الطوسي - أي السدي - في جملة من روى عن الصادق ومن رجاله ، ولا يثبت عندي ذلك ، فلم يثبت رواية منه ولا من أمثاله عن أحد من أهل البيت المعصومين).
والرواية الوحيدة في تفسير السدي التي يمكن أن يفهم منها تشيعه هي عند تفسير قوله تعالى :(فما بكت عليهم السماء والأرض..) سورة الدخان آية 29 ، حيث قال :(لما قتل الحسين بن علي رضوان الله عليهما بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها).
وهذا الأثر عن السدي رواه الحكم بن ظهير ، الذي ذكره ابن حبان في المجروحين قائلاً :(كان يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات ، ويشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم). وكفى بهذا القول دلالة على دس هذا الأثر على السدي.
فالرواة لم ينصوا على تشيع السدي نصاً يطمئن إليه ، ولعل هذا الدس الذي وقع في تفسيره كان سبباً في هذه الشبهة). أهـ بتصرف من كتاب الدكتور محمد عطا يوسف . ص29-30

الثانية : إن أول من قدح في السدي الكبير هو الشعبي رحمه الله. والبخاري لم يعبأ بقدحه ، وروى في التاريخ الكبير عن مسدد عن يحيى قال : سمعت ابن أبي خالد يقول : السدي أعلم بالقرآن من الشعبي ! وروى البخاري كذلك في تاريخه عن ابن المديني عن يحيى القطان قال :(ما رأيت أحداً يذكر السدي إلا بخير ، وما تركه أحد).
ولذلك يقول أحمد شاكر في تعليقه على الخبر (168) من تفسير الطبري 1/157 :
(إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي : هو السدي الكبير ، قرشي بالولاء ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة ، من بني عبد مناف ، كما نص على ذلك البخاري في تاريخيه : الصغير : 141 - 142 ، والكبير 1 / 1 / 361 ، وهو تابعي ، سمع أنسًا ، كما نص على ذلك البخاري أيضًا ، وروى عن غيره من الصحابة ، وعن كثير من التابعين . وهو ثقة . أخرج له مسلم في صحيحه ، وثقه أحمد بن حنبل ، فيما روى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1 / 1 / 184 ، وروى أيضًا عن أحمد ، قال : "قال لي يحيى بن معين يومًا عند عبد الرحمن بن مهدي : السدي ضعيف ، فغضب عبد الرحمن ، وكره ما قال" : وفي الميزان والتهذيب "أن الشعبي قيل له : إن السدي قد أعطي حظًا من علم القرآن ، فقال : قد أعطي حظًا من جهل بالقرآن!".
وعندي أن هذه الكلمة من الشعبي قد تكون أساسا لقول كل من تكلم في السدي بغير حق . ولذلك لم يعبأ البخاري بهذا القول من الشعبي ، ولم يروه ، بل روى في الكبير عن مسدد عن يحيى قال : " سمعت ابن أبي خالد يقول : السدي أعلم بالقرآن من الشعبي" . وروى في تاريخيه عن ابن المديني عن يحيى ، وهو القطان ، قال : "ما رأيت أحدًا يذكر السدي إلا بخير ، وما تركه أحد" . وفي التهذيب : "قال العجلي : ثقة عالم بالتفسير راوية له" . وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند 807 . وتوفي السدي سنة 127هـ).أهـ

والإسناد الذي أكثر الطبري إيراده في تفسيره قال عنه أحمد شاكر 1/156 :( هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانًا في تفسير الطبري ، إن لم يكن أكثرها ، فلا يكاد يخلو تفسير آية من رواية بهذا الإسناد . وقد عرض الطبري نفسه في (ص 121 بولاق ، سطر : 28 وما بعده) ، فقال ، وقد ذكر الخبر عن ابن مسعود وابن عباس بهذا الإسناد : "فإن كان ذلك صحيحًا ، ولست أعلمه صحيحًا ، إذ كان بإسناده مرتابًا . . . . " . ولم يبين علة ارتيابه في إسناده ، وهو مع ارتيابه قد أكثر من الرواية به . ولكنه لم يجعلها حجة قط.
بيد أني أراه إسنادا يحتاج إلى بحث دقيق . ولأئمة الحديث كلام فيه وفي بعض رجاله . وقد تتبعت ما قالوا وما يدعو إليه بحثه ، ما استطعت ، وبدا لي فيه رأي ، أرجو أن يكون صوابًا ، إن شاء الله . وما توفيقي إلا بالله :
- أما شيخ الطبري ، وهو "موسى بن هارون الهمداني" : فما وجدت له ترجمة ، ولا ذكرًا في شيء مما بين يدي من المراجع ، إلا ما يرويه عنه الطبري أيضًا في تاريخه ، وهو أكثر من خمسين موضعًا في الجزئين الأول والثاني منه . وما بنا حاجة إلى ترجمته من جهة الجرح والتعديل ، فإن هذا التفسير الذي يرويه عن عمرو بن حماد ، معروف عند أهل العلم بالحديث . وما هو إلا رواية كتاب ، لا رواية حديث بعينه .

- "وعمرو بن حماد" : هو عمرو بن حماد بن طلحة القناد ، وقد ينسب إلى جده ، فيقال عمرو بن طلحة ، وهو ثقة ، روى عنه مسلم في صحيحه ، وترجمه ابن سعد في الطبقات 6 : 285 ، وقال : "وكان ثقة إن شاء الله" مات سنة 222 . وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3 / 1 / 228 ، وروى عن أبيه ويحيى بن معين أنهما قالا فيه : "صدوق" .

- أسباط بن نصر الهمداني : مختلف فيه ، وضعفه أحمد ، وذكره ابن حبان في الثقات : 410 ، و ترجمه البخاري في الكبير 1 / 2 / 53 فلم يذكر فيه جرحًا ، وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1 / 1 / 332 ، وروى عن يحيى بن معين قال : "أسباط بن نصر ثقة" . وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند ، في الحديث 1286)أهـ.

- أبو مالك: هو الغفاري ، واسمه غزوان . وهو تابعي كوفي ثقة . ترجمه البخاري في الكبير 4 / 1 / 108 ، وابن سعد في الطبقات 6 : 206 ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3 / 2 / 55 ، وروى توثيقه يحيى بن معين .

- أبو صالح : هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب ، واسمه باذام ، ويقال باذان . وهو تابعي ثقة ، رجحنا توثيقه في شرح المسند 2030 ، وترجمه البخاري في الكبير 1 / 2 / 144 ، وروى عن محمد بن بشار ، قال : "ترك ابن مهدي حديث أبي صالح" . وكذلك روى ابن أبي حاتم في ترجمته في الجرح والتعديل 1 / 1 / 431 - 432 عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي . ولكنه أيضًا عن يحيى بن سعيد القطان ، قال : " لم أرَ أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا ، ولم يتركه شعبة ولا زائدة ولا عبد الله بن عثمان" . وروى أيضًا عن يحيى بن معين ، قال : " أبو صالح مولى أم هانئ ليس به بأس ، فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء ، وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس ، لأن الكلبي يحدث به مرة من رأيه ، ومرة عن أبي صالح ، ومرة عن أبي صالح عن ابن عباس" . يعني بهذا أن الطعن فيما يروي عنه هو في رواية الكلبي ، كما هو ظاهر).
ثم يواصل الشيخ أحمد شاكر حديثه عن الإسناد فيقول :
(هذا عن القسم الأول من هذا الإسناد . فإنه في حقيقته إسنادان أو ثلاثة . أولهما هذا المتصل بابن عباس .
والقسم الثاني ، أو الإسناد الثاني : "وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود" . والذي يروي عن مرة الهمداني : هو السدي نفسه .

- ومرة : هو ابن شراحيل الهمداني الكوفي ، وهو تابعي ثقة ، من كبار التابعين ، ليس فيه خلاف بينهم .

- والقسم الثالث ، أو الإسناد الثالث : "وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" .

وهذا أيضًا من رواية السدي نفسه عن ناس من الصحابة .

فالسدي يروي هذه التفاسير لآيات من القرآن : عن اثنين من التابعين عن ابن عباس ، وعن تابعي واحد عن ابن مسعود ، ومن رواية نفسه عن ناس من الصحابة .
وللعلماء الأئمة الأقدمين كلام في هذا التفسير ، بهذه الأسانيد ، قد يوهم أنه من تأليف من دون السدي من الرواة عنه ، إلا أني استيقنت بعدُ ، أنه كتاب ألفه السدي.
فمن ذلك قول ابن سعد في ترجمة "عمرو بن حماد القناد" 6 : 285 : "صاحب تفسير أسباط بن نصر عن السدي" . وقال في ترجمة "أسباط بن نصر" 6 : 261 : "وكان راوية السدي ، روى عنه التفسير" . وقال قبل ذلك في ترجمة "السدي" 6 : 225 : "إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، صاحب التفسير" . وقال قبل ذلك أيضًا ، في ترجمة "أبي مالك الغفاري" 6 : 206 : "أبو مالك الغفاري صاحب التفسير ، وكان قليل الحديث" .

ولكن الذي يرجح أنه كتاب ألفه السدي ، جمع فيه التفسير ، بهذه الطرق الثلاث ، قول أحمد بن حنبل في التهذيب 1 : 314 ، في ترجمة السدي : "إنه ليحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجئ به ، قد جعل له إسنادًا ، واستكلفه" . وقول الحافظ في التهذيب أيضًا 1 : 315 : "قد أخرج الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما ، في تفاسيرهم ، تفسير السدي ، مفرقًا في السور ، من طريق أسباط بن نصر عنه" .
وقول السيوطي في الإتقان 2 : 224 فيما نقل عن الخليل في الإرشاد : "وتفسير إسماعيل السدي ، يورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عباس . وروى عن السدي الأئمة ، مثل الثوري وشعبة . ولكن التفسير الذي جمعه ، رواه أسباط بن نصر . وأسباط لم يتفقوا عليه . غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي" . ثم قال السيوطي : "وتفسير السدي ، [الذي] أشار إليه ، يورد منه ابن جرير كثيرًا ، من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، و [عن] ناس من الصحابة . هكذا . ولم يورد منه ابن أبي حاتم شيئًا ، لأنه التزم أن يخرج أصح ما ورد . والحاكم يخرج منه في مستدركه أشياء ، ويصححه ، لكن من طريق مرة عن ابن مسعود وناس ، فقط ، دون الطريق الأول ، وقد قال ابن كثير : إن هذا الإسناد يروي به السدي أشياء فيها غرابة" .

وأول ما نشير إليه في هذه الأقوال : التناقض بين قولي الحافظ ابن حجر والسيوطي ، في أن ابن أبي حاتم أخرج تفسير السدي مفرقًا في تفسيره ، كما صنع الطبري ، في نقل الحافظ ، وأنه أعرض عنه ، في نقل السيوطي . ولست أستطيع الجزم في ذلك بشيء ، إذ لم أرَ تفسير ابن أبي حاتم . ولكني أميل إلى ترجيح نقل ابن حجر ، بأنه أكثر تثبتًا ودقة في النقل من السيوطي.
ثم قد صدق السيوطي فيما نقل عن الحاكم . فإنه يروي بعض هذا التفسير في المستدرك ، بإسناده ، إلى أحمد بن نصر : "حدثنا عمرو بن طلحة القناد حدثنا أسباط بن نصر ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، عن مرة الهمداني ، عن عبد الله بن مسعود ، وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" . ثم يصححه على شرط مسلم ، ويوافقه الذهبي في تلخيصه . من ذلك في المستدرك 2 : 258 ، 260 ، 273 ، 321 .
والحاكم في ذلك على صواب ، فإن مسلمًا أخرج لجميع رجال هذا الإسناد . من عمرو بن حماد بن طلحة القناد إلى مرة الهمداني . ولم يخرج لأبي صالح باذام ولا لأبي مالك الغفاري ، في القسم الأول من الإسناد الذي روى به السدي تفاسيره).
ــــــــــ
ثم علق الشيخ أحمد شاكر هنا على كلمة الإمام أحمد في تفسير السدي فقال :
(أما كلمة الإمام أحمد بن حنبل في السدي "إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به ، قد جعل له إسنادًا واستكلفه" فإنه لا يريد ما قد يفهم من ظاهرها : أنه اصطنع إسنادا لا أصل له ؛ إذ لو كان ذلك ، لكان -عنده- كذابًا وضاعًا للرواية .
ولكنه يريد -فيما أرى ، والله أعلم- أنه جمع هذه التفاسير ، من روايته عن هؤلاء الناس : عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ، ثم ساقها كلها مفصلة ، على الآيات التي ورد فيها شيء من التفسير ، عن هذا أو ذاك أو أولئك ، وجعل لها كلها هذا الإسناد ، وتكلف أن يسوقها به مساقًا واحدًا .
أعني : أنه جمع مفرق هذه التفاسير في كتاب واحد ، جعل له في أوله هذه الأسانيد . يريد بها أن ما رواه من التفاسير في هذا الكتاب ، لا يخرج عن هذه الأسانيد . ولا أكاد أعقل أنه يروي كل حرف من هذه التفاسير عنهم جميعا . فهو كتاب مؤلف في التفسير ، مرجع فيه إلى الرواية عن هؤلاء ، في الجملة ، لا في التفصيل .

إنما الذي أوقع الناس في هذه الشبهة ، تفريق هذه التفاسير في مواضعها ، مثل صنيع الطبري بين أيدينا ، ومثل صنيع ابن أبي حاتم ، فيما نقل الحافظ ابن حجر ، ومثل صنيع الحاكم في المستدرك . فأنا أكاد أجزم أن هذا التفريق خطأ منهم ، لأنه يوهم القارئ أن كل حرف من هذه التفاسير مروي بهذه الأسانيد كلها ، لأنهم يسوقونها كاملة عند كل إسناد ، والحاكم يختار منها إسنادًا واحدًا يذكره عند كل تفسير منها يريد روايته . وقد يكون ما رواه الحاكم -مثلا- بالإسناد إلى ابن مسعود ، ليس مما روى السدي عن ابن مسعود نصًا . بل لعله مما رواه من تفسير ابن عباس ، او مما رواه ناس من الصحابة ، روى عن كل واحد منهم شيئًا ، فأسند الجملة ، ولم يسند التفاصيل) .


وقد التمس الشيخ أحمد شاكر العذر للسدي في ذلك فقال :
(ولم يكن السدي ببدع في ذلك ، ولا يكون هذا جرحًا فيه ولا قدحًا . إنما يريد إسناد هذه التفاسير إلى الصحابة ، بعضها عن ابن عباس ، وبعضها عن ابن مسعود ، وبعضها عن غيرهما منهم . وقد صنع غيره من حفاظ الحديث وأئمته نحوًا مما صنع ، فما كان ذلك بمطعن فيهم ، بل تقبلها الحفاظ بعدهم ، وأخرجوها في دواوينهم . ويحضرني الآن من ذلك صنيع معاصره : ابن شهاب الزهري الإمام . فقد روى قصة حديث الإفك ، فقال : "أخبرني سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله مما قالوا . وكلهم حدثني طائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصًا ، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني ، وبعض حديثهم يصدق بعضا " ، إلخ .

فذكر الحديث بطوله . وهو في صحيح مسلم 2 : 333 - 335 . ورواه الإمام أحمد والبخاري في صحيحه ، كما في تفسير ابن كثير 6 : 68 - 73 . ثم قال ابن كثير : " وهكذا رواه ابن إسحاق عن الزهري كذلك ، قال : " وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة ، وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة " . وإسناد ابن إسحاق الأخير في الطبري أيضًا . والإسنادان كلاهما رواهما ابن إسحاق عن الزهري ، في السيرة (ص 731 من سيرة ابن هشام) .
والمثل على ذلك كثيرة ، يعسر الآن تتبعها.
وقد أفادنا هذا البحث أن تفسير السدي من أوائل الكتب التي ألفت في رواية الأحاديث والآثار ، وهو من طبقة عالية ، من طبقة شيوخ مالك من التابعين.).أهـ كلام أحمد شاكر.

الثالثة : هل معنى قولك :(ومثل هذا لا ينبغي أخذ الحديث عنه ، ولكن قد نأخذ عنه التفسير اللغوي استئناساً فقط ، ولا نجعله حجة في دين الله). أن السدي ليس بحجة في اللغة إذا فسر القرآن الكريم بلغة العرب ؟ وإنما يستأنس به فقط ؟ وهذا إذا علمنا أنه قد توفي سنة 127هـ أو 128 هـ وهو داخل في عصر الاحتجاج اللغوي.

الرابعة : ما هي الأمور الباطلة التي أنكرها الشعبي وغيره في قولك :(قلت: تفسيره ‏إجمالاً جيد إلا أن فيه أموراً باطلة أنكرها الشعبي وغيره).أهـ فربما يكون الوهم والخطأ من غير السدي.

الخامسة : قولكم :(فثبت أن ما ينسبه لإبن عباس وابن مسعود وغيرهم لا يصح ، ‏وإن كان معناه إجمالاً صحيح ، لموافقته للغة العرب. وقد أشار البيهقي إلى هذا الملحظ فقال في دلائل النبوة" (1\37) : «وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به ألفاظه ، تشهد لهم به لغات العرب. وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط»).
لعل في توجيه الشيخ أحمد شاكر ما يخفف الحكم بعدم صحة أسانيده مطلقاً عن ابن عباس وابن مسعود .
السادسة : أنه قد قام الدكتور محمد عطا يوسف وفقه الله بتتبع تفسير السدي من كتب التفسير وجمعها في كتاب بعنوان :(تفسير السدي الكبير المتوفى سنة 128هـ). وقد طبع عام 1414هـ في دار الوفاء بمصر - المنصورة.
والله الموفق للصواب.
 
قول الدكتور: "لم يظهر اتهام السدي بالتشيع إلا في النصف الأول من القرن الثامن على لسان الذهبي ..." فيه تلبيس واضح ومكابرة أمام الحقائق. فالسدي رموه بالتشيع والرفض بعض أهل زمانه وشهدوا عليه بذلك، وهم ثقات. فكيف يزعم الدكتور هذا الزعم؟ وهذا كفيل بإسقاط ما قال عنه.

أما ترجيح الشيخ أحمد شاكر فمردود لأنه معروف بتساهله البالغ. وأي خلاف في الراوي يجعله رجلاً ثقة حتى وإن كان اعترف بنفسه أنه كذاب. لكن القاعدة عند علماء الجرح والتعديل أن الجرح مقدم على التعديل. وهذا متحقق هنا تماماً. والسدي الكبير أثبتوا عليه الرفض وأثبتوا عليه الكذب، وكلام الجارحين أكثر من كلام المعدلين. فلا شك في ترجيح الجرح على التعديل.
 
الشيخ عبد الرحمن الشهري حفظه ووفقه

ردي السابق كان مقتضباً لأني كنت على عجل، فبإمكانك حذفه، والاكتفاء بهذا الرد المفصل.

السدي الكبير شيعي لم يشكك أحد في ذلك. وقد شهد عليه علماء عصره بهذا، وهم أدرى به.

قال عنه الإمام العقيلي في كتابه الضعفاء: «ضعيف، و كان يتناول الشيخين».

وقال عنه الجوزجاني: «كذاب شتام».

وقال حسين بن واقد المروزي (قاضي فاضل): «قدمت الكوفة فأتيت السدي فسألته عن تفسير آية من كتاب الله، فحدثني بها. فلم أتم مجلسي، حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فلم أعد اليه».

وقال ليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً): «كان بالكوفة كذّابـان فمات أحدهما السـدّي والكلبي».

فقول الدكتور: "لم يظهر اتهام السدي بالتشيع إلا في النصف الأول من القرن الثامن على لسان الذهبي ..." فيه تلبيس واضح ومكابرة أمام الحقائق. فالسدي رموه بالتشيع والرفض بعض أهل زمانه وشهدوا عليه بذلك، وهم ثقات. فكيف يزعم الدكتور هذا الزعم؟ وهذا كفيل بإسقاط ما قال عنه.


أما ترجيح الشيخ أحمد شاكر فمردود لأنه معروف -رحمه الله- بتساهله البالغ. وأي خلاف في الراوي يجعله رجلاً ثقة حتى وإن كان اعترف بنفسه أنه كذاب. لكن القاعدة عند علماء الجرح والتعديل أن الجرح مقدم على التعديل. وهذا متحقق هنا تماماً. والسدي الكبير أثبتوا عليه الرفض وأثبتوا عليه الكذب، وكلام الجارحين أكثر من كلام المعدلين. فلا شك في ترجيح الجرح على التعديل.

وزعمه بأن كلمة الشعبي هي الأساس لا صحة لها. فالشعبي لم يتهمه بالرفض والكذب، وإنما أنكر عليه أمور باطلة في تفسيره. ولعل مما أنكره الإسرائيليات التي حشاها أو ربما روايته عن كذابين كأبي صالح أو ربما تصدره للعلم وليس بأهل له. أما باقي الأئمة فلم يكن عندهم التقليد سائداً. عدا أن منهم من سمع منه شتم الشيخين. وزعم الشيخ أحمد شاكر بأن البخاري لم يعبئ بهذا القول لا مستند له من الصحة. ومعلوم أن البخاري غالبا لا يورد في تراجم تاريخه إلا القليل من أقوال الجرح والتعديل.

وإجمالاً فالسدي الكبير أثنى على عدالته القطان والنسائي وابن عدي وأحمد (في رواية). وجرحه أحمد (في رواية) وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي والعقيلي والساجي والطبري وشعبة. واتهمه بالكذب الحافظ السعدي وليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً) والمعتمد بن سليمان.

فكما تلاحظ أن عدد الجارحين أكثر، وهو جرح مفسسر. ولا شك أنه ينبغ تقديمه على التعديل.

ملاحظات على كلام الشيخ أحمد شاكر:

عمرو بن حماد بن طلحة القناد صدوق رافضي. فهو من أهل الصدق لكن هذا دون التوثيق، حيث له مناكير ذكروا بعضها في ترجمته. وهو رافضي يشتم عثماناً.

أسباط بن نصر الهمداني أكثرهم ضعفوه، ويبدو أن عامة أحاديثه قد قلب أسانيدها.

الكذب ثابت عن أبي صالح، وقد قال ابن عدي عنه: «لم أعلم أحداً من المتقدمين رضيه». وقد تركه ابن مهدي، ونهى مجاهد (وهو أعلم الناس بابن عباس) عن تفسيره، مما يدلك على سوءه. وكان الشعبي يأخذ بأذنه ويهزها ويقول: «ويحك! تفسر القرآن، وأنت لا تحسن تقرأ؟! وضعف تفسيره مغيرة كذلك، وتعجب ممن يروي عنه. ورماه بالكذب النسائي والجوزقاني والأزدي، وهو في كل الأحوال لم يسمع من ابن عباس كما نص ابن حبان. ونقل سفيان عن الكلبي اعتراف أبي صالح له بأنه كذاب، وسفيان إمام يميز بين صدق الكلبي وكذبه. والحقيقة أن باذان متفق على ضعفه، وما وثقه إلا العجلي المعروف بتساهله.

أما تفسير الشيخ لقول أحمد بن حنبل فيظهر بطلانه لو قرأنا رواية أحمد بن محمد عنه وقد سبق ذكرها... لاحظ قوله: قلت: «ذاك (التفسير) إنما يرجع الى قول السدي؟». فقال: «من أين (إذاًَ)، وقد جعل له أسانيد؟ ما أدري ما ذاك».

فالإمام أحمد يرى أن ذلك التفسير يرجع بالنهاية لقول السدي وأن تلك الأسانيد مختلقة. ولو فرضنا صحة ما جاء بها الشيخ من أن تلك الأسانيد جمعية وقد اختلط كلام الرواة بعضهم ببعض، فهذا يثبت سقوط تفسير السدي كله، لأن كثيراً منه قد جاء عن باذان المتروك. فتأمل...
 
للفائدة :علق الشيخ أبو إسحاق الحويني في تحقيقه لتفسير ابن كثير على إسناد السدي الكبير في قرابة ثلاث صفحات 1/488-490 تعليقاً جيداً ، قال في آخره : وجملة القول : أن إسناد تفسير السدي جيد حسن . والله أعلم .

وقد ذكر الحافظ ابن حجر خلاصة القول فيه في كتابه : العجاب في بيان الأسباب 1/211 فقال: وهو كوفي صدوق .

ويبقى سؤال مهم أرجو من أهل الشأن الجواب الحق عنه ، وهو :
هل الجرح مقدم على التعديل دائماً ؟

وأختم بتنبيه لي وللإخوة طلبة العلم الذين يهتمون بدراسة الأسانيد والحكم على الرجال ، وهو : القصد القصد ، والتثبت التثبت . ولنتجنب إصدار الأحكام الصارمة النهائية - كما هو ظاهر من عنوان مقالة الأخ محمد الأمين -
أفلا يكفينا عرض أقوال أئمتنا في حاله ، ثم نحاول ترجيح ما نراه راجحاً منها ، من غير حاجة إلى الشدة والجرأة ، وكأننا ممن عاش مع الراوي وعرف مدخله ومخرجه ، ولم يخف عليه شيء من أمره .

وفقنا الله لما يحب ويرضى من أدب العلم ، وحسن القول .
 
أخي الفاضل

ترجح لي ضعفه للأسباب التالية:

1- الجارحون أكثر من المعدلين. ومعلومٌ أن الجرح مقدم على التعديل

2- كون الجرح شديد وصل لدرجة الاتهام بالكذب وليس مجرد وجود مناكير

3- كون السدي مبتدعاً رافضياً، وهي بدعة مغلظة، مع كثرة ما رواه في ما يدعم بدعته

4- غالب مرويات السدي هي في التفسير، ولم يتابع على كثير منها، وبخاصة مروياته عن مرة عن ابن مسعود
 
كنت قد ناقشت الأخ محمد فيما ذهب إليه ولا أؤيده فيه وسأنقل مقتطفات من ذلك فأقول

إيراد كلام ثلاثة هم: ابن واقد والجوزجاني والعقيلي كل على حده قد يوهم أنها أقوال كثيرة ،

لكن عند التحقيق هي طريق واحدة. مدارها على الجوزجاني واتهم بالنصب وقوله هذا لم يقبله الحافظ ابن حجر،

كما أنها معلولة لوجود مجاهيل في السند والعقيلي معذور لأنه رواها في الضعفاء ج 1 /ص 87 فقال:
حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال سمعت علي بن الحسين بن واقد يحدث عن أبيه قال قدمت الكوفة فأتيت السدي فسألته عن تفسير آية من كتاب الله فحدثني بها فلم أتم مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد اليه

وهذا السند وإن كان ظاهره الصحة إلا أنه معلول لأن الجوزجاني نفسه رواها في كتابه أحوال الرجال ص: 54

فقال: حدثت عن علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي قال قدمت الكوفة ومنيتي لقي السدي فأتيته فسألته عن تفسير سبعين آية من كتاب الله تعالى فحدثني بها فلم أقم من مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد إليه


وقوله حدثت تدل على أنه لم يسمع الحكاية من علي بن حسين، فهي حكاية مروية عن مجاهيل

وأذكر المهتمين بعلم العلل أنه كم من حديث كان ظاهره الصحة لكن لما تبين وجود واسطة مجهولة عللته، رده العلماء.

ثم إن ابن حجر لم يقبل هذه الرواية فقال رمي بالرفض بصيغة التمريض. وهذا خلاصة حكمه لا ما يسوقه .

أما العقيلي فمعذور لأن ما رواه ظاهر الصحة عنده

أما ابن واقد فلا تصح عنه كما حققت ذلك.

وقد ظهر لي قوة هذا التعليل بما ذكر هنا أن هذه التهمة لم يتعرض لها كبار النقاد القدامى مع أهميتها إن صحت كالبخاري وابن أبي حاتم والإمام أحمد وغيرهم

وبقية المناقشة تجدها على الرابط:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?threadid=13703
 
الحافظ السعدي ثقة ثبت لم يثبت عليه النصب. وقد صح عنده الإسناد، وهو كذلك.

أما قول ابن حجر "رمي بالرفض" فليست هذه صيغة تمريض كما يعلم هذا من لديه أدنى اطلاع على إسلوب ابن حجر في كتابه"التقريب". فعلى سبيل المثال: ها هو يقول عن الكلبي "رمي بالرفض" مع أن رفض الكلبي أشهر من نار على علم. بل هو يقول عن نفسه أنه سبئي (يعني من شيعة ابن سبأ اليهودي)!

مع العلم أن هذا الكلام الذي يذكره الأخ الراجي هو عن رفض السدي، وإلا فضعفه ثابت عليه وواضح كما سلف.
 
إسناد فيه مجاهيل لا يمكن أن يصح إلا إن ظهرت الواسطة فيه.

وبالنسبة لسؤال الأخ العبيدي:

هل الجرح مقدم على التعديل دائماً

أقول عند اجتماع الجرح والتعديل فقد اختار شيخ الإسلام تفصيلا حسنا فإن كان من جرح مجملا قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلا مفسرا لأنه قد ثبتت له رتبة الثقة فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي وهم أيقظ الناس فلا ينقض حكم أحدهم إلا بأمر صريح وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف لأنه إذا لم يعدل فهو حيز المجهول وإعمال قول المجرح فيه أولى من إهماله

تدريب الراوي ج: 1 ص: 308

أما بالنسبة لتقديم الجرح على التعديل فها هو ابن الصلاح يرد على ذلك، علما بأن السدي من رجال مسلم في الأصول، فقال:

عاب عائبون مسلما بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذين ليسوا من شرط الصحيح أيضا والجواب أن ذلك لأحد أسباب لا معاب عليه معها

أحدها أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده ولا يقال "إن الجرح مقدم على التعديل وهذا تقديم للتعديل على الجرح" لأن الذي ذكرناه محمول على ما إذا كان الجرح غير مفسر السبب فأنه لا يعمل به

ثم ذكر ثلاثة أوجه أخرى،


صيانة صحيح مسلم ص: 96

هذا إن قبلنا كون السدي من هذه الطبقة وإلا فهو ممن خرج لهم مسلم في الأصول، وكم من العلماء قد قبلوه وعدلوه، وأحد أصول ما اعتمد في تكذيبه ما يرويه الناس عن ليث وهو أضعف من السدي فقوله فيه مردود ولا كرامة.

وبقية أوجه التضعيف ذكر تفنيدها في المقال أعلاه.
 
1- الجرح في السدي مفسّر فهو المقدم هنا.

2- أما كونه من رجال مسلم فلا يفيده شيئاً. فقد روى مسلم عن ضعفاء في أصول صحيحه، وعاب عليه أبو زرعة هذا، فاعتذر بأنه أراد العلو، وما روى لهؤلاء الضعفاء إلا ما وافق حديث الثقات، بأن يكون الحديث معروفاً من طريق غيره لكنه ما وقت لمسلم إلا بنزول فعدل عنه. وابن لهيعة قد احتج به مسلم على ضعفه الشديد واختلاطه، لكن بما وافق الثقات فحسب.

3- إسناد الحافظ الجوزجاني متصل وهو أحياناً يعبر عن سماعه بقوله حَدَّثتُ وهي دلالة الاتصال.

4- ليث بن أبي سليم هو من أفاضل أهل السنة وإن كان حفظه ضعيفاً. فجرحه معتمد مقبول، وهو أحسن حالاً من السدي. ويكفي أن السدي قد جرح في عدالته واتهم، بينما ليث متفق على أنه رجل صالح عابد من أهل السنة لكن عابوا عليه ضعف الحفظ.
 
إسناد الحافظ الجوزجاني متصل وهو أحياناً يعبر عن سماعه بقوله حَدَّثتُ وهي دلالة الاتصال

هل لديك بينة على هذا؟
 
عودة
أعلى