محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : كُلَّ شَرًّ فِي الْعَالَمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ قِسْمَيْنِ : إمَّا أَلَمٌ ، وَإِمَّا سَبَبُ الْأَلَمِ ؛ وَسَبَبُ الْأَلَمِ مِثْلُ الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَذَابِ ، وَالْأَلَمِ الْمَوْجُودِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَوْعِ عَدَمٍ ، فَكَمَا يَكُونُ سَبَبُهُ تَفَرُّقُ الِاتِّصَالِ ؛ وَتَفَرُّقُ الِاتِّصَالِ هُوَ عَدَمُ التَّأْلِيفِ وَالِاتِّصَالِ الَّذِي بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ الشَّرُّ وَالْفَسَادُ ؛ وَأَمَّا سَبَبُ الْأَلَمِ فَقَدْ قَرَّرْت فِي ( قَاعِدَةٍ كَبِيرَةٍ ) أَنَّ أَصْلَ الذُّنُوبِ هُوَ عَدَمُ الْوَاجِبَاتِ ، لَا فِعْلَ الْمُحَرَّمَات ؛ وَأَنَّ فِعْلَ الْمُحَرَّمَاتِ إنَّمَا وَقَعَ لِعَدَمِ الْوَاجِبَاتِ ، فَصَارَ أَصْلُ الذُّنُوبِ عَدَمَ الْوَاجِبَاتِ ، وَأَصْلُ الْأَلَمِ عَدَمَ الصِّحَّةِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ أَنْ يَقُولُوا : " وَنَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا " فَيَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّ النَّفْسِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهَا مِنْ ذُنُوبِهَا وَخَطَايَاهَا ، وَيَسْتَعِيذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ عُقُوبَاتُهَا وَآلَامُهَا ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ : " وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا " قَدْ يُرَادُ بِهِ السَّيِّئَاتُ فِي الْأَعْمَالِ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْعُقُوبَاتُ .... ( مجموع الفتاوى : 14 / 27 ، 28 ) .