أبو عبد الله محمد مصطفى
New member
أقسام الاستفهام في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد فهذه رسالة مختصرة في أقسام الاستفهام في القرآن قال السيوطي رحمه الله : قال بعض الأئمة : وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام فإنما يقع في خطاب الله على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل ، وقد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازاً وألف في ذلك العلامة شمس الدين ابن الصائغ كتابا سماه روض الأفهام في أقسام الاستفهام قال فيه قد توسعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعان أو أشربته تلك المعاني ولا يختص التجوز في ذلك بالهمزة خلافاً للصفار :
الأول الإنكار والمعنى فيه على النفي وما بعده منفي ولذلك تصحبه إلا كقوله فهل يهلك إلا القوم الفاسقون وهل نجازي إلا الكفور وعطف عليه المنفي في قوله فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين أي لا يهدي ومنه أنؤمن لك واتبعك الأرذلون أنؤمن لبشرين مثلنا أي لا نؤمن أم له البنات ولكم البنون ألكم الذكر وله الأنثى أي لا يكون هذا أشهدوا خلقهم أي ما شهدوا ذلك وكثيراً ما يصحبه التكذيب وهو في الماضي بمعنى لم يكن وفي المستقبل بمعنى لا يكون نحو أفأصفاكم ربكم بالبنين الآية أي لم يفعل ذلك أنلزمكموها وأنتم لها كارهون أي لا يكون هذا الإلزام
الثاني التوبيخ وجعله بعضهم من قبيل الإنكار إلا أن الأول إنكار
إبطال وهذا إنكار توبيخ والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفي فالنفي هنا غير قصدي والإثبات قصدي عكس ما تقدم
ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضا نحو أفعصيت أمري أتعبدون ما تنحتون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين، وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت ووبخ على فعله كما ذكر ويقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع كقوله أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها
الثالث وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده قال ابن جني ولا يستعمل ذلك بهل كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام وقال الكندي ذهب كثير من العلماء في قوله هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم إلى أن هل تشارك الهمزة في معنى التقرير والتوبيخ إلا أني رأيت أبا علي أبى ذلك وهو معذور لأن ذلك من قبيل الإنكار ونقل أبو حيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون بهل إنما يستعمل فيه الهمزة ثم نقل عن بعضهم أن هل تأتي تقريرا كما في قوله تعالى هل في ذلك قسم لذي حجر
والكلام مع التقرير موجب ولذلك يعطف عليه صريح الموجب ويعطف على صريح الموجب فالأول كقوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل والثاني نحو أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما على ما قرره الجرجاني من جعلها مثل وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار والإنكار نفي وقد دخل على النفي ونفي النفي إثبات ومن أمثلته أليس الله بكاف عبده ألست بربكم وجعل منه الزمخشري ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير
الرابع التعجب أو التعجيب نحو كيف تكفرون بالله ما لي لا أرى الهدهد
وقد اجتمع هذا القسم وسابقاه في قوله أتأمرون الناس بالبر قال الزمخشري الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم ويحتمل التعجب والاستفهام الحقيقي ما ولاهم عن قبلتهم
الخامس العتاب كقوله ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله قال ابن مسعود ما كان بين إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين أخرجه الحاكم ومن ألطفه ما عاتب الله به خير خلقه بقوله عفا الله عنك لم أذنت لهم ولم يتأدب الزمخشري بأدب الله في هذه الآية على عادته في سوء الأدب
السادس التذكير وفيه نوع اختصار كقوله ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه
السابع الافتخار نحو أليس لي ملك مصر
الثامن التفخيم نحو ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
التاسع التهويل والتخويف نحو الحاقة ما الحاقة القارعة ما القارعة
العاشر عكسه وهو التسهيل والتخفيف نحو وماذا عليهم لو آمنوا
الحادي عشر التهديد والوعيد نحو ألم نهلك الأولين
الثاني عشر التكثير نحو وكم من قرية أهلكناها
الثالث عشر التسوية وهو الاستفهام الداخل على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم
الرابع عشر الأمر نحو أأسلمتم أي أسلموا فهل أنتم منتهون أي انتهوا أتصبرون أي اصبروا
الخامس عشر التنبيه وهو من أقسام الأمر نحو ألم تر إلى ربك كيف مد الظل أي انظر ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ذكره صاحب الكشاف عن سيبوبه ولذلك رفع الفعل في جوابه وجعل منه قوله فأين تذهبون للتنبيه على الضلال وكذا ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه
السادس عشر الترغيب نحو من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا هل أدلكم على تجارة تنجيكم .
السابع عشر النهي نحو أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه بدليل فلا تخشوا الناس واخشون ما غرك بربك الكريم أي لا تغتر .
الثامن عشر الدعاء وهو كالنهي إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى نحو أتهلكنا بما فعل السفهاء أي لا تهلكنا .
التاسع عشر الاسترشاد نحو أتجعل فيها من يفسد فيها
العشرون التمني نحو فهل لنا من شفعاء
الحادي والعشرون الاستبطاء نحو متى نصر الله
الثاني والعشرون العرض نحو ألا تحبون أن يغفر الله لكم
الثالث والعشرون التحضيض نحو ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم
الرابع والعشرون التجاهل نحو أأنزل عليه الذكر من بيننا
الخامس والعشرون التعظيم نحو من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه
السادس والعشرون التحقير نحو أهذا الذي يذكر آلهتكم أهذا الذي بعث الله رسولا ويحتمله وما قبله قراءة من فرعون
السابع والعشرون الاكتفاء نحو أليس في جهنم مثوى للمتكبرين
الثامن والعشرون الاستبعاد نحو وأنى له الذكرى
التاسع والعشرون الإيناس نحو وما تلك بيمينك يا موسى
الثلاثون التهكم والاستهزاء نحو أصلاتك تأمرك ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون
الحادي والثلاثون التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله كقوله أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار قال الموفق عبد اللطيف البغدادي أي من حق عليه كلمة العذاب فإنك لا تنقذه فمن للشرط والفاء جواب الشرط والهمزة في أفأنت دخلت معادة مؤكدة لطول الكلام وهذا نوع من أنواعها وقال الزمخشري الهمزة الثانية هي الأولى كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد
الثاني والثلاثون الإخبار نحو أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا هل أتى على الإنسان
تنبيهات
الأول
هل يقال إن معنى الاستفهام في هذه الأشياء موجود وانضم إليه معنى آخر أو تجرد عن الاستفهام بالكلية قال في عروس الأفراح محل نظر قال والذي يظهر الأول قال ويساعده قول التنوخي في الأقصى القريب إن لعل تكون للاستفهام مع بقاء الترجي قال ومما يرجحه أن الاستبطاء في قولك كم أدعوك معناه أن الدعاء وصل إلى حد لا أعلم عدده فأنا أطلب أن أعلم عدده والعادة تقضي بأن الشخص إنما يستفهم عن عدد ما صدر منه إذا كثر فلم يعلمه وفي طلب فهم عدده ما يشعر بالاستبطاء ، وأما التعجب فالاستفهام معه مستمر فمن تعجب من شيء فهو بلسان الحال سائل عن سببه فكأنه يقول أي شيء عرض لي في حال عدم رؤية الهدهد وقد صرح في الكشاف ببقاء الاستفهام في هذه الآية ، وأما التنبيه على الضلال فالاستفهام فيه حقيقي لأن معنى أين تذهب أخبرني إلى أي مكان تذهب فإني لا أعرف ذلك وغاية الضلال لا يشعر بها إلى أين تنتهي ، وأما التقرير فإن قلنا المراد به الحكم بثبوته فهو خبر بأن المذكور عقيب الأداة واقع أو طلب إقرار المخاطب به من كون السائل يعلم فهو استفهام يقرر المخاطب أي يطلب منه أن يكون مقرا به وفي كلام أهل الفن ما يقتضي الاحتمالين والثاني أظهر وفي الإيضاح تصريح به ولا بدع في صدور الاستفهام ممن يعلم المستفهم عنه لأنه طلب الفهم أما طلب فهم المستفهم أو وقوع فهم لمن لم يفهم كائنا من كان وبهذا تنحل إشكالات كثيرة في مواضع الاستفهام ويظهر بالتأمل بقاء معنى الاستفهام مع كل أمر من الأمور المذكورة انتهى ملخصاً .
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/212 – 215 .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد فهذه رسالة مختصرة في أقسام الاستفهام في القرآن قال السيوطي رحمه الله : قال بعض الأئمة : وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام فإنما يقع في خطاب الله على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل ، وقد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازاً وألف في ذلك العلامة شمس الدين ابن الصائغ كتابا سماه روض الأفهام في أقسام الاستفهام قال فيه قد توسعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعان أو أشربته تلك المعاني ولا يختص التجوز في ذلك بالهمزة خلافاً للصفار :
الأول الإنكار والمعنى فيه على النفي وما بعده منفي ولذلك تصحبه إلا كقوله فهل يهلك إلا القوم الفاسقون وهل نجازي إلا الكفور وعطف عليه المنفي في قوله فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين أي لا يهدي ومنه أنؤمن لك واتبعك الأرذلون أنؤمن لبشرين مثلنا أي لا نؤمن أم له البنات ولكم البنون ألكم الذكر وله الأنثى أي لا يكون هذا أشهدوا خلقهم أي ما شهدوا ذلك وكثيراً ما يصحبه التكذيب وهو في الماضي بمعنى لم يكن وفي المستقبل بمعنى لا يكون نحو أفأصفاكم ربكم بالبنين الآية أي لم يفعل ذلك أنلزمكموها وأنتم لها كارهون أي لا يكون هذا الإلزام
الثاني التوبيخ وجعله بعضهم من قبيل الإنكار إلا أن الأول إنكار
إبطال وهذا إنكار توبيخ والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفي فالنفي هنا غير قصدي والإثبات قصدي عكس ما تقدم
ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضا نحو أفعصيت أمري أتعبدون ما تنحتون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين، وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت ووبخ على فعله كما ذكر ويقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع كقوله أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها
الثالث وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده قال ابن جني ولا يستعمل ذلك بهل كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام وقال الكندي ذهب كثير من العلماء في قوله هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم إلى أن هل تشارك الهمزة في معنى التقرير والتوبيخ إلا أني رأيت أبا علي أبى ذلك وهو معذور لأن ذلك من قبيل الإنكار ونقل أبو حيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون بهل إنما يستعمل فيه الهمزة ثم نقل عن بعضهم أن هل تأتي تقريرا كما في قوله تعالى هل في ذلك قسم لذي حجر
والكلام مع التقرير موجب ولذلك يعطف عليه صريح الموجب ويعطف على صريح الموجب فالأول كقوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل والثاني نحو أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما على ما قرره الجرجاني من جعلها مثل وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار والإنكار نفي وقد دخل على النفي ونفي النفي إثبات ومن أمثلته أليس الله بكاف عبده ألست بربكم وجعل منه الزمخشري ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير
الرابع التعجب أو التعجيب نحو كيف تكفرون بالله ما لي لا أرى الهدهد
وقد اجتمع هذا القسم وسابقاه في قوله أتأمرون الناس بالبر قال الزمخشري الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم ويحتمل التعجب والاستفهام الحقيقي ما ولاهم عن قبلتهم
الخامس العتاب كقوله ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله قال ابن مسعود ما كان بين إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين أخرجه الحاكم ومن ألطفه ما عاتب الله به خير خلقه بقوله عفا الله عنك لم أذنت لهم ولم يتأدب الزمخشري بأدب الله في هذه الآية على عادته في سوء الأدب
السادس التذكير وفيه نوع اختصار كقوله ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه
السابع الافتخار نحو أليس لي ملك مصر
الثامن التفخيم نحو ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
التاسع التهويل والتخويف نحو الحاقة ما الحاقة القارعة ما القارعة
العاشر عكسه وهو التسهيل والتخفيف نحو وماذا عليهم لو آمنوا
الحادي عشر التهديد والوعيد نحو ألم نهلك الأولين
الثاني عشر التكثير نحو وكم من قرية أهلكناها
الثالث عشر التسوية وهو الاستفهام الداخل على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم
الرابع عشر الأمر نحو أأسلمتم أي أسلموا فهل أنتم منتهون أي انتهوا أتصبرون أي اصبروا
الخامس عشر التنبيه وهو من أقسام الأمر نحو ألم تر إلى ربك كيف مد الظل أي انظر ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ذكره صاحب الكشاف عن سيبوبه ولذلك رفع الفعل في جوابه وجعل منه قوله فأين تذهبون للتنبيه على الضلال وكذا ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه
السادس عشر الترغيب نحو من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا هل أدلكم على تجارة تنجيكم .
السابع عشر النهي نحو أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه بدليل فلا تخشوا الناس واخشون ما غرك بربك الكريم أي لا تغتر .
الثامن عشر الدعاء وهو كالنهي إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى نحو أتهلكنا بما فعل السفهاء أي لا تهلكنا .
التاسع عشر الاسترشاد نحو أتجعل فيها من يفسد فيها
العشرون التمني نحو فهل لنا من شفعاء
الحادي والعشرون الاستبطاء نحو متى نصر الله
الثاني والعشرون العرض نحو ألا تحبون أن يغفر الله لكم
الثالث والعشرون التحضيض نحو ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم
الرابع والعشرون التجاهل نحو أأنزل عليه الذكر من بيننا
الخامس والعشرون التعظيم نحو من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه
السادس والعشرون التحقير نحو أهذا الذي يذكر آلهتكم أهذا الذي بعث الله رسولا ويحتمله وما قبله قراءة من فرعون
السابع والعشرون الاكتفاء نحو أليس في جهنم مثوى للمتكبرين
الثامن والعشرون الاستبعاد نحو وأنى له الذكرى
التاسع والعشرون الإيناس نحو وما تلك بيمينك يا موسى
الثلاثون التهكم والاستهزاء نحو أصلاتك تأمرك ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون
الحادي والثلاثون التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله كقوله أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار قال الموفق عبد اللطيف البغدادي أي من حق عليه كلمة العذاب فإنك لا تنقذه فمن للشرط والفاء جواب الشرط والهمزة في أفأنت دخلت معادة مؤكدة لطول الكلام وهذا نوع من أنواعها وقال الزمخشري الهمزة الثانية هي الأولى كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد
الثاني والثلاثون الإخبار نحو أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا هل أتى على الإنسان
تنبيهات
الأول
هل يقال إن معنى الاستفهام في هذه الأشياء موجود وانضم إليه معنى آخر أو تجرد عن الاستفهام بالكلية قال في عروس الأفراح محل نظر قال والذي يظهر الأول قال ويساعده قول التنوخي في الأقصى القريب إن لعل تكون للاستفهام مع بقاء الترجي قال ومما يرجحه أن الاستبطاء في قولك كم أدعوك معناه أن الدعاء وصل إلى حد لا أعلم عدده فأنا أطلب أن أعلم عدده والعادة تقضي بأن الشخص إنما يستفهم عن عدد ما صدر منه إذا كثر فلم يعلمه وفي طلب فهم عدده ما يشعر بالاستبطاء ، وأما التعجب فالاستفهام معه مستمر فمن تعجب من شيء فهو بلسان الحال سائل عن سببه فكأنه يقول أي شيء عرض لي في حال عدم رؤية الهدهد وقد صرح في الكشاف ببقاء الاستفهام في هذه الآية ، وأما التنبيه على الضلال فالاستفهام فيه حقيقي لأن معنى أين تذهب أخبرني إلى أي مكان تذهب فإني لا أعرف ذلك وغاية الضلال لا يشعر بها إلى أين تنتهي ، وأما التقرير فإن قلنا المراد به الحكم بثبوته فهو خبر بأن المذكور عقيب الأداة واقع أو طلب إقرار المخاطب به من كون السائل يعلم فهو استفهام يقرر المخاطب أي يطلب منه أن يكون مقرا به وفي كلام أهل الفن ما يقتضي الاحتمالين والثاني أظهر وفي الإيضاح تصريح به ولا بدع في صدور الاستفهام ممن يعلم المستفهم عنه لأنه طلب الفهم أما طلب فهم المستفهم أو وقوع فهم لمن لم يفهم كائنا من كان وبهذا تنحل إشكالات كثيرة في مواضع الاستفهام ويظهر بالتأمل بقاء معنى الاستفهام مع كل أمر من الأمور المذكورة انتهى ملخصاً .
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/212 – 215 .