أغلوطة حداثية حول خلق القرآن

إنضم
18/12/2011
المشاركات
1,302
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
الإقامة
أنتويرب

الحداثوي الذي يتوسل بالمعتزلة يقدم قراءة لقضية خلق القرآن تختزل مقولة المعتزلة في الكلام الجدلي الذي غايته الدفاع عن العقائد المليّة بإيراد الحجج العقليّة، وكأن لا علاقة لهذه المقولة بالتصورات الإعتزالية للتوحيد، وقولهم في الصفات؛ ثم تقوم بعزل المقولة الإعتزالية عن السياق الإجتماعي وكأن لا علاقة لمقولاتهم بصراعات فكرانية مثل التأسيس العباسي (المُحتمل) لقطيعة فكرية مع تأويلات قامت عليها التيارات الموازية والمُعارضة أو تم توظيفها من أجل ذلك، وهو الأمر الذي يفسر لنا إهتمام هذا التيار الحداثوي في هذا العصر بإحياء بعض الإعتزاليات أو على الأقل وهو الحاصل إستخراج بعض الإعتزاليات من خلال قراءات تجزيئية، وإلا لا أدري ما علاقة الذي يريد الإنفصال التام عن التراث بالمعتزلة وأفكارهم. وكذلك قام بفصل المقولة عن الآليات التي أنتجتها حتى لا يتحول النقاش إلى الأصل، وهكذا يتم تصوير المعتزلة في خانة ضيّقة هي خانة الدفاع الفكري عن الفكر الديني.

ما رأيكم؟
 
تفصيل مبسط لمشكلة خلق القرآن يساعد على فهمها في سياقها التاريخي والعقدي

تفصيل مبسط لمشكلة خلق القرآن يساعد على فهمها في سياقها التاريخي والعقدي

أشكرك أخي الأستاذ شايب على هذا الموضوع.فهذا الموضوع قديم يتجدد وتحليله وبيان الصواب فيه مهم من نواح كثيرة. في الواقع هذه القصص التي توردها كتب الأدب المتعاطفة مع المعتزلة قد تكون مصطنعة فما ذكرتموه في التعليل صحيح وقد استحثني موضوعكم أن أقدم تفصيلا مبسطا لفهم قضية خلق القرآن التي لها ثلاث جوانب لا يمكن فهمها بدونها، وأعني بقولي لا يمكن فهمها بدونها أي لا يمكن مقاربتها في سياقها التاريخي والدلالي مع إنصاف جميع الأطراف إلا بها وهي:
1. أن "مخلوق" تعني محدث أي غير أزلي ولنطلق عليه المعنى(أ)
2. أن "مخلوق" تعني تنزيه الله عن التغير أي عن التنفس والكلام والنطق فخلق القرآن في قلب عبده، ولنطلق عليه المعنى(ب)
3. التوظيف السياسي لمحنة خلق القرآن التي حاول الأستاذ محمد عابد الجابري إلقاء الضوء عليها في كتابه "المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد" وقال إن السبب السياسي ما زال لُغزا من الألغاز وقد حاول استكشافه. ولنسمّه المعنى(ج).
فلابدّ لإزالة الأتربة عن معنى "خلق القرآن" من تكوين تصور عند المثقف المسلم المعاصر من الأمور الثلاثة للقضية.
ويبدو لي أن ما أشيع عن ابن كُلاّب الذي عناه المعرّي بقوله"

استغفر الله واترك ما حكى لهمُ . أبو الهذيلِ وما قال ابن كُلّابِ​

هو جواب ضمني من ابن كلاب (إن صح ذلك عنه من الزعم ان كلام الله هو الله) أنه قد انزلق إلى هذا القول -وهو قطعا بدعة مقابلة- جواباً على ما شاع من حوار بين أبي العتاهية وغيره حين سأل أبا العتاهية آلقرآن مخلوق أم غير مخلوق؟ فيقول أبو العتاهية أتسألني عن الله أم عن غير الله؟ فيجيب سائله: "عن غير الله" ثم يكرر سؤاله فيكرر سؤاله وفي الثالثة قال لم تجبنيآلقرآن مخلوق أم غير مخلوق؟ فقال : قد أجبتك ولكنك حمار! فابو العتاهية الشاعر كان يعني أن ما سوى الله تعالى فمخلوق. فيبدو أن ابن كلاب أراد ان يقطع الطريق على من يحاج بهذه الحجة فقال : كلام الله هو الله.
فالمعنى أ. أي أن مخلوق تعني محدث معنى صحيح لكن التعبير عنه بمخلوق تعبير مبتدع فلماذا نصف المحدث بأنه مخلوق؟ وقد انتصر من علماء أهل السنة لكون القرآن محدث شيخ الإلام ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين. ولا يجوز أن يقال إن المعتزلة حين قالوا بأن القرآن مخلوق يعنون أنه محدث فقط فقد كان المعنى ب من مقتضيات مذهبهم أيضاً لأنهم يظنون أن تنزيه الله عن التغير والتنفس والنطق يستلزم القول بأن الله تعالى قد خلق القرآن في قلب نبيه صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف خلاف هذا القول قطعا لأن ه "خوضٌ في كيف" ونحن حين نقول إن القرآن كلام الله عز وجل لا نخوض في كيف وننكر تعيين أي كيفية لأنها قطعا قول على الله تعالى بغير علم. وإن كان الحامل لمن قال بالمعنى ب هو التنزيه عن التغير كما يعتقد فنحن نرجو الله له المغفرة غير أنا نقطع بضلاله وجنوفه عن الصواب، فالتنزيه مطلب نبيل لا يتوصل إليه بالخوض بكيف ٍ خلقٍ او غيره من الكيفيات.
وتوجد ملاحظة هاهنا ينبغي ايرادها ذلك أن التعبير عن مذهب السلف في القرآن هو أنه "محدث [أي غير أزلي]لا يوصف بمخلوق" ولماذا كان ينبغي أن يعبر عن عقيدة السلف بذلك فللأسباب الآتية:
- أن التعبير عن العقيدة الصحيحة بأنه "غير مخلوق" قد حمل بعض الناس على التطرف في الجانب المقابل فذهب وهمهم إلى أن القرآن أزلي. كالقول المعزو الى ابن كلاب بأن كلام الله هو الله. وهذا ضلال قطعا لأن الله تعالى ليس "نصّا لغويّاً". وهذا التوهم من أسبابه فهم عبارة "غير مخلوق" على إطلاقها. اعني دون التمييز بين المعنيين أ وب.
- أن الذين قالوا بـ"ـخلق القرآن" بالمعنى ب وهم كل الجهمية ومن عبر من المعتزلة عن ذلك [وأظن أنا شخصيا أنه مذهب عموم المعتزلة] هو ضلال من حيث كونه خوضٌ في كيف والورع ومقتضى مذهب السلف أن لا يخوضوا في كيف
- فما حكم من قال بخلق القرآن وهل يصح تكفيره؟
من قال بالمعنى أ أي أنه يعني الإحداث فقط فهو مصيب في المعنى وقد ابتدع في التعبير فضلاله أقل.
ومن قال بالمعنى ب فقد ابتدع بالخوض في كيف ولا يسلم له أن التنزيه يقتضي ذلك فهذا تطرف في التنزيه يكاد يقود إلى التعطيل. ولكن هل هو مجتهد في فهم المتشابه؟ يصعب جدا صياغة قاعدة تجمع كل ما ذهب هذا المذهب ولكن يصعب في نفس الوقت الوصول بالنكير الى حد التكفير.
فكيف نحمل ما ورد من تكفير من قال بخلق القرآن من بعض علماء المئة الثالثة؟ نحمله إما على المبالغة في النكير لا يعنون به الخروج من الملة أو أنها منحولة على بعض العلماء الورعين ممن لم يكونوا يجرؤون على القول بلا علم في الأحكام فكيف يجزمون في شأن كهذا؟ أو على أنها تعبير سياسي ردا على المعنى ج، أو أن قائلها لم يكن يفهم مراد قوله.
وتفصيل المعنى جـ هو محاولة نظرية للوصول الى ما كان يدور في ذهن المامون حين حاكم بعض المحدثين وأجبرهم أن يقولوا بأن القرآن مخلوق وإشاعة انصاره أن هذا مقتضى التوحيد والتنزيه. فالنظرية خلاصتها أن الدولة كانت مشغولة بالرد على الفرس اللائذين بالإمامة وتقديس بعض العلويين وأنهم كانوا يقدمون الإيمان بخرافاتهم على العقل وهذا ما دعا المأمون الى إنشاء او إحياء "بيت الحكمة" والإنفاق على ترجمة كتب المنطق والفلسفة الإغريقية لإيجاد عقلانية (سلاح عقلي) يرد به الناس على الفرس الإمامية [الروافض]. ولأن الدولة لا تعلن أسرارها فقد عارض هذا الاتجاه علماء السنن والفقه والحديث فقالوا "كل الشر في علوم الأوائل" وعبروا عن ذلك شعرا فقال الشافعي:
كل العلوم سوى القرآن مشغلةٌ إلا الحديث وعلم الفقه في الدينِ
العلم ما كان فيه قال "حدثنا" وما سواه فوســــــواس الشياطين​
فلما ظهرت معارضتهم لاتجاه الدولة الثقافي الذي كان أصلا من أجلهم قال الجاحظ "لولا المتكلمون لهلكت العوامّ ولولا المعتزلة لهلك المتكلمون"، اضطرت الدولة [أو اختارت] أن تختلق مشكلة فكرية تصفي بها خصومها "المزعجين" او تكبتهم فقامت بمشكلة اكراه الناس على القول بخلق القرآن واتهمت من لم يقل بها بأن توحيده مخدوش وظهرت تلك الأقاويل التي تزعم ان النصارى حين قالوا كلمة الله غير مخلوقة أي أن المسيح أقنوم من اقانيم الله توازي القول أن القرآن كلام الله فالكلمة والكلام بمعنى.

هذا هو تفصيل القول في المسألة وأن الصواب فيها هو مذهب السلف أن القرآن كلام الله تعالى لا يوصف بمخلوق. لأنه الخلق بالمعنى أ ابتداع في اللفظ والتعبير وبالمعنى ب خوضٌ في الكيف ووادعاء للتنزيه يقود الى التعطيل وكلاهما ليس مذهب السلف ولا يجيزه الورع وبعد النظر. وأما المعنى جـ فقضية تاريخية علينا فقط محاولة فهمها لأن الفريقين ماتا وأفضيا إلى ما قدما.
بقيت نكتة صغيرة وهي لماذا امتصت مشكلة خلق القرآن طاقات الأمة لأزيد من ألف سنة واستعملها العلماء في التحاسد ضد بعضهم كما فعل محمد بن يحيى الذهلي مع البخاري رحمهما الله تعالى؟
الذي يظهر أن التعبير (غير مخلوق) تعبير غامض لم يحلل الى معانيه الثلاثة التي قدمتها ولم يكن بإمكان الناس ذلك في ذلك العصر فانشحنت العبارة عاطفيا مع ما صاحبها من تسييس ثم ظلت تتردد في الكتب الى ما قبل العصر الحديث.
 
أما فيما يخص قضية خلق القرآن فقد توقّفت في كلام بعض الحداثويين عند محاولة تقديم التعريف التجزيئي للمعتزلة من خلال القضية، وهذه المحاولة في نظري عبارة عن خطأ في مواجهة خطأ؛ أعني خطأ تقزيم المسألة في "الدفاع" مقابل خطأ التقزيم في "الإبتداع"، وبين الخانتين ضاعت محاولة فهم القضية فهما علميا وهو الفهم الذي ينبغي أن يضع المسألة في تاريخ، ليكون لها تاريخ، فتصبح قابلة للنطق، للكلام، لتقول لنا شيئا، حتى لا يكتفي القارئ بمجرد عمليات إستنطاقية. وهذا لن يساعد في فهم القضية لذاتها فقط، بل أيضا لمحاولة فهم إهتمام التوجه الحداثي والمعتزلة الجدد بها، والغاية الأولى أولى قصد التعرف على حقيقة فهم الحاجات الفكرانية المعاصرة لشيء تم في الماضي.

خطورة التقزيم في "الدفاع" تكمن كذلك في شعور، قد يولد عند من يكتفي بالقراءة التجزيئية، يؤدي إلى الطعن في معارضي المعتزلة وقتذاك وسيقرأ: مجموعة من المثقفين يدافعون عن الدين ومجموعة من المحدثين يتعاونون مع أعداء الدين في هدم الدين - سواء تم ذلك بشعور أو بلا شعور، فكيف عند إضافة قضية المحنة و الحكم بالتكفير إلى هذا التقابل؟ الشعور كهذا وحده يكفي كعائق منهجي معرفي أمام التفكير في تاريخ وملابسات ومناسبات "التكفير": هل كان من باب المبالغة في النكير، من باب سد الذريعة، من منطلقات عقدية لم تحترم لا السياق ولا الدوافع، أم ماذا؟ لا أظن سيفكر في مثل هذه الأسئلة وهي نفس الأسئلة التي نطرحها عند قراءة تكفير الإمام الغزالي لفيلسوفي المشرق.

والله أعلم.
 
جزاكم الله خيراً أ. شايب ود. عبدالرحمن:

سؤال بخصوص يوحنا الدمشقي،
أذكر بأني قرأت مرة لشخص اتهمه بأنه هو مصدر خرافة الغرانيق، ولكن لم يورد دليلاً..
فهل اطلعتم على تلك الفرية في كتبه؟
 
تم تغيير مشاركات الاستاذ شايب بناء على طلبه
وقد ارسل لي النصوص المراد وضعها وقال"[h=1]نص المشاركة الأولى والثانية.. ماعدا ذلك يُحذف"[/h] ففعلنا بحمد الله
 
أول مرة قرأت حول الغرانيق، فضيلة الدكتور الشريف، كان في الإعلام إثر الزوبعة التي أثارتها فتوى خمينية ضد سلمان رشدي. أما أنها خرافة لا أصل لها فاجتهاد وفي نظري هو الراجح، والرأي الآخر مرجوح، وحتى هذا الرأي المرجوح لم يؤول بطريقة صحيحة.

موضوع في الملتقى حول القصة: http://vb.tafsir.net/tafsir17052/#.VYxpmEa0ddg
 
ثمة ملاحظات عما ذكره د.الصالح
)أقدم تفصيلا مبسطا لفهم قضية خلق القرآن التي لها ثلاث جوانب لا يمكن فهمها بدونها، وأعني بقولي لا يمكن فهمها بدونها أي لا يمكن مقاربتها في سياقها التاريخي والدلالي مع إنصاف جميع الأطراف إلا بها وهي:
1. أن "مخلوق" تعني محدث أي غير أزلي ولنطلق عليه المعنى(أ)
2. أن "مخلوق" تعني تنزيه الله عن التغير أي عن التنفس والكلام والنطق فخلق القرآن في قلب عبده، ولنطلق عليه المعنى(ب)

تنزيه الله عن الكلام .....كيف هذا التنزيه هذه إساءة وتعطيل تجعلونه ابكمًا تعالى الله عما تصفون...
صفة الكلام
الكلام صفة من الله الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع

القرآن كلام الله تعالى قديم النوع حادث الآحاد
القرآن كلام الله تعالى قديم النوع حادث الآحاد


القرآن باعتباره كلام الله قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة: " وأن القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولًا وأنزله على رسوله وحيًا وصدقه المؤمنون على ذلك حقًا وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر وقد ذمّه الله وعابه وأوعده بسقر حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر لمن قال : (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر ولا يشبه قول البشر".
(الألباني، محمد ناصر الدين، العقيدة الطحاوية، شرح وتعليق، كتبه عبد المصور بن محمد ناصر الدين الألباني 1394ه، ص)10
 
أخي عبدالرحمن أتمنى أن تعيد قراءة مشاركة أخيك من جديد لأن ما ذكرته موجود ضمن المشاركة فيما يبدو لي مع الشكر
 
الشيخ الطاهر بن عاشور من تفسيره للآية {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا}:

هذا، واعلم أن مثبتي صفة الكلام قد اختلفوا في حقيقتها، فذهب السلف إلى أنها صفة قديمة كسائر صفات الله. فإذا سئلوا عن الألفاظ التي هي الكلام: أقديمة هي أم حادثة ؟ قالوا: قديمة، وتعجب منهم فخر الدين الرازي ونبزهم ولا أحسبهم إلا أنهم تحاشوا عن التصريح بأنها حادثة لئلا يؤدي ذلك دهماء الأمة إلى اعتقاد حدوث صفات الله، أو يؤدي إلى إبطال أن القرآن كلام الله، لأن تبيان حقيقة معنى الإضافة في قولهم: كلام الله، دقيق جدا يحتاج مدركه إلى شحذ ذهنه بقواعد العلوم، والعامة على بون من ذلك.

...

واعلم أن حقيقة الإلهية لا تقتضي لذاتها أن يكون الله متكلما كما تقتضي أنه واحد حي عالم قدير مريد، ومن حاول جعل صفة الكلام من مقتضى الإلهية على تنظير الإله بالملك بناء على أن الملك يقتضي مخاطبة الرعايا بما يريد الملك منهم، فقد جاء بحجة خطابية، بل الحق أن الذي اقتضى إثبات كلام الله هو وضع الشرائع الإلهية، أي تعلق إرادة الله بإرشاد الناس إلى اجتناب ما يخل باستقامة شئونهم بأمرهم ونهيهم وموعظتهم ووعدهم ووعيدهم، من يوم نهى آدم عن الأكل من الشجرة وتوعده بالشقاء إن أكل منها ثم من إرسال الرسل إلى الناس وتبليغهم إياهم أمر الله ونهيه بوضع الشرائع وذلك من عهد نوح بلا شك أو من عهد آدم إن قلنا إن آدم بلغ أهله أمر الله ونهيه.

فتعين الإيمان بأن الله آمر وناه وواعد وموعد، ومخبر بواسطة رسله وأنبيائه، وأن مراده ذلك أبلغه إلى الأنبياء بكلام يلقى إليهم ويفهمونه وهو غير متعارف لهم قبل النبوءة وهو متفاوت الأنواع في مشابهة الكلام المتعارف.

ولما لم يرد في الكتاب والسنة وصف الله بأنه متكلم ولا إثبات صفة له تسمى الكلام، ولم تقتض ذلك حقيقة الإلهية - ما كان ثمة داع إلى إثبات ذلك عند أهل التأويل من الخلف من أشعرية وماتريدية إذ قالوا: إن الله متكلم وإن له صفة تسمى الكلام وبخاصة المعتزلة إذ قالوا إنه متكلم ونفوا صفة الكلام. وأمر المعتزلة أعجب إذ أثبتوا الصفات المعنوية لأجل القواطع من آيات القرآن وأنكروا صفات المعاني تورعا وتخلصا من مشابهة القول بتعدد القدماء بلا داع، وقد كان لهم في عدم إثبات صفة المتكلم مندوحة؛ لانتفاء الداعي إلى إثباتها، خلافا لما دعا إلى إثبات غيرها من الصفات المعنوية، وقد حكى فخر الدين في تفسير هذه السورة إجماع الأمة على أن الله تعالى متكلم.

 
عودة
أعلى