أصل الاختلاف عقدي

إنضم
31/07/2003
المشاركات
73
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غالبا ما نبدأ تفسير سورة ما بتفسير الإستعاذة والبسملة ، وكثيرا ما نذكر اختلاف النحويين في اشتقاق الاسم ، ونرجح كما رجحوا اشتقاقه من السمو ، لفساد قول من قال أنه مشتق من الوسم من حيث التصريف ، وقواعد العربية . دون الإشارة إلى أن الاختلاف في اشتقاق الاسم اختلاف عقدي ، وهو أن من قال باشتقاقه من السمو ، وهو العلو ، يقول : أنه تعالى لم يزل موصوفا قبل وجود الخلق ، ولا تأثير لهم في أسمائه ، ولا صفاته.
ومن قال أنه مشتق من الوسم ، يقول : كان الله في الأزل بلا اسم ، ولاصفة ، فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات ، وهو قول المعتزلة.
فمثل هذه المسائل التي تمر علينا ، ونجدها في كتب التفسير لابد من الوقوف عندها وتحريرها ، والتنبيه عليها ، بل التنبه لها ، وقل مثل ذلك في مسألة الاسم والمسمى والتسمية ، خاصة في التفاسير المعتمدة ، التي خالف فيها مؤلفوها القول الصحيح.
 
غير واضح عندي القول ب "أصل الاختلاف عقدي " بل هو لغوي أصلاً تم "عقدي " ثانياً إن صح لنا اعتبار ذلك من مسائل العقيدة 0
ودمتم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يكون الإختلاف لغوي إذا كان له فيها احتمال ، أما في حال مخالفة قواعد اللغة فلا خلاف، فالقول بأن اشتقاق الاسم من ((الوسم )) فاسد من حيث التصريف ، فلو كان صحيحا لقيل في التكسير: ( أوسام ) وفي التصغير : ( وسيم ) لأن التكسير والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها.
وهو مخالف لقواعد العربية ، إذ أن العرب غالبا ما يعوضون في غير محل الحذف ، فجعل همزة الوصل عوضا اللام في
( سمو ) ، موافق لهذا الأصل ، بخلاف ادعاء كونها عوضا عن الفاء في ( وسم )
 
القول بأن أصل الكلمة "وسم " هو قول الكوفيين ،ومروي عن أبي العباس ثعلب ،ومذكور في كتب "اللغة " ولم يقل أحد بفساده - فيما اطلعت عليه من كلام العلماء غير ابن الأنباري في كتابه "الإنصاف" وحكم عليه ب "الفساد " من جهة اللفظ لا المعنى فقال رحمه الله :"هذا - الاسم :وسم - وإن كان صحيحاً من جهة (المعنى ) إلا أنه فاسد من جهة اللفظ "اهـ ثم ذكر خمسة أوجه لفساده منها ما هو مذكور هنا 0
أما الزبيدي فقد حكم عليه ب "الضعف" وشتان بينهما 0
والغرض من هذا كله : أن القول بأنه "غير صحيح " غير دقيق ،خاصة وأن عبارتكم :"العرب غالبا ما يعوضون في غير محل الحذف " دليل على جعل هذا غير خطأ ،لأن هذا الحذف هو لغير علة صرفية استوجبته كما نص على ذلك الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد رحمه الله في تعليقه على كلام ابن الأنباري 0
وأياً كان القول في تصريف الكلمة فالذي أعرفه أن البحث "العقدي " فيها هو من حيث :هل الاسم هو المسمى أم غيره ؟وهي من مسائل المتكلمين ولا ينظر الباحثون فيها غالباً إلى تصريف الكلمة 0
والله أعلم0
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وضحت في بداية حديثي أننا في معرض تفسير البسملة ، كثيرا ما نذكر اختلاف النحويين في اشتقاق الاسم ، ونرجح كما رجحوا اشتقاقه من السمو ، لفساد قول من قال أنه مشتق من الوسم من حيث التصريف ، وقواعد العربية . دون الإشارة إلى أن الاختلاف في اشتقاق الاسم اختلاف عقدي ، وهو مبحث مذكور في كتب العقيدة، قال الباقلاني (ت 403 ) في كتاب: ( تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل ) : باب الكلام في الاسم ومما اشتقاقه؟ وهل هو المسمى أو غيره؟
قال: اختلف الناس في الاسم ومما اشتقاقه، فقال أهل الحق إنه مشتق من السمو ، وقالت المعتزلة وأهل الأهواء إنه مشتق من السمة ، وهي العلامة.ا. هـ
وقول من قال بصحة الاشتقاق من جهة المعنى في غير هذا المقام ، لا يعني صحته في كل مقام .
إذن المسألة أكبر من أن نمر عليها مرور الكرام !!
 
ووضحت في حديثي أن الخلاف العقدي في المسألة هو :هل الاسم هو عين المسمى أم غيره 00
أما كلام الإمام الباقلاني رحمه الله هنا فينقض بوجود من يقول باشتقاق "الاسم " من "السمة " وليس هو من المعتزلة ،والله أعلم 0
إذن :البحث في كون :الاسم "من :سمو أو :وسم ، بحث تصريفي لا غير ،ويكون المعتزلة أو غيرهم رجحوا أنه "وسم " ليتفق ومذهبهم ،لا إنهم بنوا مذهبهم عليه 0والله أعلم0
 
مجرد وجهة نظر قابلة للأخذ أو الترك:
بعد ردح من الزمن يزيد عن عشرين سنة في البحث والتنقيب، أقول: ماذا يا أخي الكريم { أضواء البيان } لو ضربت صفحا عن تحليل مثل هذه الألفاظ المعتبرة ـ وأقول المعتبره ليقيني الذي لا يخالجه شك في ذلك .
ودخلت مباشرة في هدايات ما أنت بصدد تفسيره موضحا أسرار القرآن وأحكامه وفقهه ووصاياه ، وعرض الواقع على ميزان القرآن بقدر الطاقة البشرية بما ينفع العام والخاص ويبرز محتوى قوله تعالى تعالى{ هدى للمتقين} بدلا من الدخول في وجوه قد يكون مكانها أماكن أخرى من كتب العقيده أو اللغة البحتة { الاشتقاق} ومع تقديري لما كتب الأخ الفاضل{ أضواء البيان} فأنا مع الدكتور
المكرم السالم الجكني في قوله { وأياً كان القول في تصريف الكلمة فالذي أعرفه أن البحث "العقدي " فيها هو من حيث :هل الاسم هو المسمى أم غيره ؟وهي من مسائل المتكلمين ولا ينظر الباحثون فيها غالباً إلى تصريف الكلمة } وفق الله الجميع لقبول الهدى والحق وفعله.
علما أنني لا أستحي في مؤلفاتي من الجنوح ناحية الإحالة في المسائل التي لا أقول قتلت بحثا ، بل أقول خدمت واهتزت وربت، فأقول فيها مثلا: واشتقاق" اسم " قد وفاه فلان حقه في كتابه كذا وأنقله منه برمته أو أحيل عليه من باب إعطاء القوس باريها ثم أدلف إلى ما الناس في حاجة ماسة إلى تعلمه والتأثر به حياتياً.
وفي الختام أقول هذه مجرد وجهة نظر تحتوى كامل التقدير للجميع وعلى رأسهم الأخ الذي طرح القضية.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ الدكتور: الجكني حفظك الله ورعاك
فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: عبدالفتاح خضر حفظك الله ورعاك
اعترف أنني لم أوفق في اختيار العبارة الصحيحة ( أصل الإختلاف ) مع اقتناعي بضرورة التنبيه على مسألة الترجيح ، وما يترتب عليها من جهة العقيدة، خاصة وأن التعرض لهذه المسألة لايكاد يخلو منها كتاب من كتب التفسير ، وخصوصا في الدروس العلمية الخاصة بطلبة علم التفسير .
عموما اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية .
متعنا الله بعلمكم ، ونفعنا بتوجيهاتكم.
 
أخي -أو أختي - أضواء البيان ":وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
نحن في انتظار بقية المسائل في هذا الجانب المهم المتعلق بالتفسير وكتبه0
لكم كامل التحية والتقدير0
 
بسم الله الرحمن الرحيم
خلط العلوم بعضها مع بعض قد ينتج نتائج غير سليمة، والأمر كما قال صاحب السلم المنورق
فإن لازم المقدمات *** بحسب المقدمات آتي
جزاك الله خيرا " أضواء البيان" على هذا الاهتمام بعلوم اللغة العربية، ولابد في هذا الباب من التفريق بين الاشتقاق المادي واشتقاق التلازم، والغفلة عن هذا الفرق سيوقع في ضلال الأفهام وفي مزلة الأقدام، كنت أتصفح كتاب " بدائع الفوائد " للإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية فوقع نظري على هذه الفائدة
قال رحمه الله : " فائدة : اسم الله والإشتقاق
زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي أن اسم الله غير مشتق لأن الإشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الاشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالاشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل، ولكن الذين قالوا بالاشتقاق لم يريدوا هذاالمعنى ولا ألم بقلوبهم وإنما أرادواأنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائرأسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسم الله ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله، وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة وقول سيبويه إن الفعل أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء هو بهذا الإعتبار لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولا ثم اشتقوا منها الأفعال فإن التخاطب بالأفعال ضروري كالتخاطب بالأسماء لا فرق بينهما
فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى."
[align=left]بدائع الفوائد (1/20-27 )[/align]
 
عودة
أعلى