بارك الله فيك أختي الكريمة, وزادك علما وحرصا وتوفيقا..
ولكم أسعدتني هذه البشريات التي تتمثل في إطلاق الحرية لكم في تعلم وتعليم كتاب الله؛ بعد زوال أعداء الله وأعداء كتابه.
وبهذه المناسبة أقدم لكم بعض نصائحي المتواضعة ـ من خلال تجربتي في هذا المجال ـ لإنشاء حلقاتِ تحفيظٍ جديدة (خاصة وأنه لا يوجد لديكم نماذج سابقة لتستفيدوا منها).
*في البداية أحترم وأشيد بتعطشكم لدراسة علم التجويد , ولكني ومن وجهة نظري أرى ـ رغم أهمية هذا العلم ـ أن يخصص له حصة واحدة في الأسبوع خاصة مع المبتدئات, ولنركز الجهد الأكبر على الجانب النظري والتطبيقي لأنه هو الهدف والغاية من دراسة التجويد.
*لتكن البداية مع سورة الفاتحة ثم سورة الناس .. وهكذا.
*كما أقترح أن تعتمدوا في طرق تدريسكم على السماع من شيخ من القراء المُسجّل لهم, ثم الترديد الجماعيّ خلفه, كما يُطلب من الطالبات القيام بالسماع والترديد خلف أحد القراء كواجب منزليٍّ. (وفي حالة كون المعلمة ليستْ على المستوى المطلوب من الإتقان فيجب أن تحرص على هذه الطريقة أشد الحرص, لأننا لا نكتشف كمّ الأخطاء التي نقع فيها في التلاوة إلا حين نقرأ ونتلقى مشافهة على شيخ ماهر متقن. والمعلمة التي لم تحصل على هذا التلقين؛ وقد وجدتْ نفسها مضطرة لتتصدر تعليمَ كتاب الله لكثرة الطلب على ذلك؛ فلا مانع من قيامها بهذه المهمة؛ شريطة أن تعمل على تطوير نفسها. وإلى أن تتمكن من ذلك عليها ألا تتساهل في تلقين الطالبات الآيات بنفسها, لأن الطالبة سرعان ما تكون صورة شبه متطابقة من أستاذتها, من هنا كانت أهمية الاعتماد على المصاحف المسجلة في التعليم )
*إن تأجيل إعطاء الطالبات المبتدئات حصصا في التجويد لا يعني عدم طرح بعض المعلومات التجويدية عليهن, كلا .. بل أرى أن توضح لهن الأحكام بالتدريج وبطريقة مبسطة ومنذ أول آية يتعلمنها. فمثلا:
(( من أولى المعلومات التي تتلقاها المبتدئة في سورة الفاتحة: أن هناك شيء أسمه المد, وله حروف وهي: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها ....الخ, كما وأن للمد علامة (~), ونحن نمد بزمن نستخدم فيه أصابعنا بسطا أو قبضا, كما أننا نمد في أواخر بعض الكلمات دون وجود هذه العلامة؛ والسبب: أننا لو لم نمد في (العالمين, الرحيم , نستعين ...الخ) لاختفى حرف المد فتكون هكذا (العالمن, نستعن ..وهكذا) فنحن نقف على سكون؛ والحرف ما قبل الأخير الذي هو حرف المد هو أيضا ساكن؛ فأصبح عندي ساكنين, لذا لابد أن نمد حتى لا يختفي الأول منهما, ويسمى هذا: مد عارض للسكون.
وفي حالة وجود أي نوع من أنواع المد ( لوجود العلامة أو مد بسب التعرض للسكون) فإننا نتفق أن يكون مقدار المد أربع حركات دائما, ولكن هناك بعض الحالات يكون المد فيها ست حركات, وحين تأتي كلمة فيها مد ست حركات سأخبركن عنها, وأول مثال على ذلك: كلمة (ولا الضالين) ويسمى مد لازم ))
وفي سورة الناس تتعلم الطالبة مصطلح الغنة وزمنها, ومن كلمة (من شر) تتعلم الإخفاء وحروفه, وفي سورة الفلق تتعلم القلقلة وحروفها وطريقة تطبيقها. وهكذا , لذا أرى التمهل في تخصيص حصص للتجويد في بداية تعليم المبتدئات. كما أن التدرج في إعطاء المعلومات وتفاصيل المسائل التجويدية سيبسط الأمر للطالبة, كما أن هذه الطريقة بها الكثير من التشويق, وهي تشجع الطالبة وتمنحها فرصة لتعمل عقلها؛ فتطرح أسئلة متطلِّبة لمعرفة معلومات أكثر فأكثر في هذا العلم. وبالتالي ستترسخ المعلومات , وسنحصل على طالبة مجدة ومحبة لعلم التجويد.
*كما أنصح بعدم الإسراع في المنهج, فسورة الفاتحة وحدها يوجد في قراءتنا لها الكثير والكثير من الأخطاء, مع عدم إغفالنا لصعوبة تصحيح هذه الأخطاء بسب أنها مترسخة في الألسن منذ الصغر. فلابد من إعطاء الوقت الكافي لكل سورة؛ حتى ولو احتجّت بعض الطالبات على ذلك لكونهن يحفظن الكثير من أجزاء القرآن؛ فهذا لا يعني أن هذه الطريقة هي إضاعة للوقت؛ بل إن الثمار المرجوة من وراء التأني ستكون مبهرة بشكل لا يُتوقع بإذن الله.
*كما أعود وأؤكد على أهمية القراءة الجماعية ـ حبذا خلف المتقنات للتلاوة والتطبيق ـ لما في ذلك من فرض نغمة معيَّنة؛ وأداء معيَّن على الطالبات؛ يختفي معه الكثير من أخطاء الأداء التي تسببها اللهجة.
*وبالنسبة للمنهج فعلى المعلمة التدرج في زيادة مقدار الدرس الجديد, فسورة الفاتحة قد تستغرق يومين أو أكثر, ثم سورة الناس في يوم, ثم الفلق, فالإخلاص, فالمسد,كل واحدة في يوم, وبعد ذلك النصر والكافرون والكوثر في يوم, ثم الماعون وقريش .. وهكذا .
ولا مانع من التمهل أكثر لإعطاء فرصة أكبر للسورة التي لم تُتقن. وبعد مرور نصف الجزء يمكن البدء بحصص التجويد (وليكن تحفة الأطفال كما أشار عليك بذلك إخوننا الأفاضل) , وحين الانتهاء من جزء النبأ متزامنا مع الانتهاء من أغلب منهج التجويد يمكن للطالبات أن ينطلقن في الحفظ دون التقيد بالجماعة, كل طالبة حسب قدراتها ومهاراتها في الحفظ, على أن يحدد القدر الأقصى للحفظ الجديد يوميا, ولا تجتاز الطالبة المكان الذي وصلتْ إليه إذا وُجد لديها أخطاء في التطبيق حتى ولو أتقنتْ الحفظ, وأرى ألا يُتساهل في ذلك أبدا؛ لأجل مصلحة الطالبة أولا؛ ولضمان جودة المخرجات المرجوة من هذه الحلقات المباركة بإذن الله.
أسأل الله أن ييسر جميع أموركم, وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.