أسماء القرآن وأوصافه بين التوقيف والاجتهاد

إنضم
11/02/2005
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
هذه المسألة لم أجد أحداً تطرق إليها،أو تحدث عنها،عدا الأستاذ الدكتور:فهد الرومي-حفظه الله-،واقتصر على قول :«وأسماء القرآن الكريم وصفاته توقيفية لا نسميه ولا نصفه إلا بما جاء في الكتاب أو في السنة النبوية الشريفة»[دراسات في علوم القرآن27]. فاجتهدت في بحثها ودراستها،وهاهي الخلاصة:
ورد في كتاب الله تعالى ما يقارب الخمسين ما بين اسم ووصف لكتاب الله تعالى،بلْه ما اختلف فيه،أو ذكر أنه اسم أو وصف ولم يثبت أصلاً..وورد في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أحاديث فيها ذكر لأوصاف القرآن،ومن ذلك حديث الحارث الأعور قال: مَرَرْتُ في الْمَسْجِدِ فإذا الناس يَخُوضُونَ في الْأَحَادِيثِ فَدَخَلْتُ على عَلِيٍّ، فقلت: يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ألا تَرَى أَنَّ الناس قد خَاضُوا في الْأَحَادِيثِ،قال: وقد فَعَلُوهَا؟ قلت: نعم،قال: أَمَا إني قد سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ) فقلت: ما الْمَخْرَجُ منها يا رَسُولَ اللَّهِ ؟قال: (كِتَابُ اللَّهِ فيه نَبَأُ ما كان قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ ما بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ ما بَيْنَكُمْ وهو الْفَصْلُ ليس بِالْهَزْلِ من تَرَكَهُ من جَبَّارٍ قَصَمَهُ الله وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى في غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله وهو حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وهو الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وهو الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هو الذي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ ولا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ ولا يَشْبَعُ منه الْعُلَمَاءُ ولا يَخْلَقُ على كَثْرَةِ الرَّدِّ ولا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هو الذي لم تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حتى قالوا (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إلى الرُّشْدِ) من قال بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دَعَا إليه هَدَى إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) خُذْهَا إِلَيْكَ يا أَعْوَرُ. قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إلا من هذا الْوَجْهِ وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ وفي الحرث مَقَالٌ [سنن الترمذي 5/172 وضعفه الشيخ الألباني].
وحديث أبي الْأَحْوَصِ عن عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال: إن هذا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَتَعَلَّمُوا من مَأْدُبَتِهِ ما اسْتَطَعْتُمْ،إن هذا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ وَالنُّورُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ عصمه لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَنَجَاةٌ لِمَنْ اتَّبَعَهُ لَا يزيع فَيَسْتَعْتِبُ ولا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ ولا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ولا يَخْلَقُ عن كَثْرَةِ الرَّدِّ فاتلوه فإن اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ على تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ أَمَا اني لَا أَقُولُ ألم حرف وَلَكِنْ بِأَلِفٍ وَلَامٍ وَمِيمٍ) [رواه الدارمي في سننه2/523وغيره].
ولكن هل يتقيد بما ذكر في الوحيين فقط ويمنع إحداث زيادة عليها،أم هو خاضع لاجتهادات العلماء واستنباطات المتأملين،فمنهم من يسميه بالتوراة الحديثة،ومنهم من يصفه بـ(الجامع) ويريد جمعه لخيري الدنيا والآخرة...الخ.
والذي يظهر لي –والله أعلم- القول الأول،وذلك لأمور:
1/أنه إذا ورد في الوحيين أسماء أو أوصاف لشيء ما فالأولى الاقتصار عليها،وعدم تجاوزها؛ولذا عاب النبي صلى الله عليه وسلم على من سمى صلاة العشاء بالعتمة،وقد وردت في كتاب الله تعالى بهذا الاسم،فعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال: رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ على اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْعِشَاءِ فَإِنَّهَا في كِتَابِ اللَّهِ الْعِشَاءُ وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الْإِبِلِ) رواه الإمام مسلم.
2/أنه لم يرد وصف القرآن على لسان الصحابة –رضي الله عنهم- وذلك بعد البحث والمطالعة،إلا عن ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث السابق،وقد اختلف في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه،فبعضهم يرويه مرفوعاً كالحاكم في مستدركه[ح2040 ،1/741] وابن أبي شيبة في مصنفه [ح30008، 6/125]،وبعضهم موقوفاً كالدارمي في سننه [ح3315، 2/523] وعبد الرزاق في مصنفه [ح5998، 3/368] ...والأوصاف المذكورة في هذا الحديث قد وردت في حديث الأعور عن علي رضي الله عنه بنصها،أو بمعناها في بعض الجمل، وإن كان آخر الحديث يشهد له بالرفع حكماً؛لأنه لا يمكن أن يقال بالرأي وهي قول(أَمَا اني لَا أَقُولُ ألم حرف وَلَكِنْ بِأَلِفٍ وَلَامٍ وَمِيم) والله أعلم. مما يدل على الاكتفاء بما ورد عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك،وغيرهم من باب أولى.
3/قال الإمام الزركشي –رحمه الله- عن أسماء سور القرآن:«وينبغي البحث عن تعدد الأسامي:هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات ؟ فإن كان الثاني فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسمائها،وهو بعيد»[البرهان 1/270] وقال الإمام السيوطي –رحمه الله-: «وقد ثبت أن جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار..»[الإتقان1/166].
وأسماء القرآن تقاس على أسماء سور القرآن بجامع أن كليهما ورد له تسمية في الوحيين فيقتصر عليهما ولا يتجاوز إلى غيرهما. والله أعلم.
هذا ما توصلت إليه بعد البحث والدراسة،فإن وفقت وأصبت فمن الله وحده،وإن أخطأت أو زللت فمن نفسي والشيطان،وأستغفر الله وأتوب إليه..ويسعدني الزيادة والاستدراك على الموضوع حتى يكتمل]
 
أراه بحثاً موفقاً والله أعلم

وأي توفيق كتوفيقك إلى التزام الكتاب والسنة و ترك كل مُحدث

جزاك الله خيراً

ولعلّك توافينا بما جمعته من تلك الاسماء الخمسين مأجوراً مشكوراً بإذن الله تعالى
 
شكر الله للأخوين الفاضلين،والشيخين الكريمين..
أما عن طلبك أخي فهي مضمنة في رسالتي الماجستير والتي بعنوان:أسماء القرآن وأوصافه في القرآن،وهي في طريقها إلى الطباعة قريباً بإذن الله تعالى ..يسر الله ذلك..
 
الحمد لله وحده، وله الفضل والمنة والصلاة والسلام على نبي الأمة أما بعد:
فأشكر الشيخ عمر على هذا البحث الجميل ولدي بعض المداخلات آمل أن يتسع لها الصدر لتحقيق التعاون وليكمل بعضنا بعضاً فإن المحاضرات والمناقشات الهادئة والهادفة من أعظم روافد التحصيل العلمي لدى المتحاضرين والمطالعين، إذا سلم المقصد وحسن الأسلوب
وقد تسمى هذه المداخلات فوائد إضافية ذات صلة بالموضوع:

المداخلة الأولى:
أنه ينبغي أن يفرق بين التسمية والوصف الذي يسمى الإخبار؛ فالإخبار عن القرآن الكريم بأوصاف تتوافق مع نصوص الوحي أمر جائز لا بأس به، وذلك لأمرين:
الأول: أن الإخبار عن الله تعالى إذا لم يخالف مقتضى النصوص ليس بتوقيفي كما هو متقرر في علم العقيدة؛ فكذلك الإخبار عن القرآن الكريم، لأنه صفة من صفاته الفعلية.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (ما يُطْلَقُ عليهِ في بابِ الأسماءِ والصفاتِ تَوْقِيفِيٌّ، وما يُطْلَقُ عليهِ مِن الإخبارِ لا يَجِبُ أن يكونَ تَوْقِيفِيًّا كالقديمِ والشيءِ والموجودِ والقائمِ بنفسِهِ؛ فهذا فصْلُ الخطابِ في مسألةِ أسمائِهِ هلْ هيَ توقيفيَّةٌ أوْ يَجوزُ أن يُطْلَقَ عليهِ منها بعضُ ما لم يَرِدْ بهِ السمْعُ) [بدائع الفوائد:1/62]
والمسألة فيها بحث طويل ليس هذا موضع بسطه، ولكن الخلاصة ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى، ويضاف إلى تمثيله مثل وصف الله تعالى بالشرف والسمو والأمانة ونحو ذلك مما لم يرد لفظه في النصوص ومعناه صحيح ينزه الله تعالى عن ضده.
وأولى منه إثبات عكس الصفات المنفية.
وكذلك: وصف صفات الله تعالى وأسمائه؛ فلو وصفت رحمة الله تعالى بوصف صحيح لا يخالف مقتضى الدليل الصحيح لم يكن في ذلك حرج، بل قد يكون مطلوبا حين يستفسر عن معناها ولذلك تكلم العلماء في شرح أسماء الله تعالى وصفاته وشرحوا ذلك بكلمات ليست توقيفية لكنها صحيحة تبين مقتضى الدليل الصحيح إما من جهة اللفظ وإما من جهة المعنى، وإما للرد على تأويلات أهل الأهواء، كوصف رحمة الله تعالى بأنها رحمة حقيقية رداً على من قال بأنها مجازية،وكذلك وصف كلامه جل وعلا بأنه بحرف وصوت، وأن ذاته تعالى بائنة عن خلقه ونحو ذلك، واستدل لذلك بعض العلماء بقوله تعالى: (سبحان الله عما يصفون، إلا عباد الله المخلصين) ومنهم من منع الاستدلال بهذه الآية وقال: عباد الله المخلصون لا يصفونه بغير ما وصف به نفسه، وكلا القولين راجعان إلى قول واحد والخلاف لفظي، وفي المسألة تفصيل أكثر.
والمقصود أن الوصف الصادق الذي فيه تمجيد ومدح وتحبيب للموصوف مقبول ما لم يخالف الدليل الصحيح، ويسميه العلماء باب الإخبار.
وتمجيد القرآن ووصفه هو من هذا الباب، فليس القرآن كتاباً مجرداً له أسماء وأوصاف محصورة لا يجوز أن يوصف بغيرها، بل إذا وصف بما يتوافق مع النصوص فلا بأس ولا حرج، مع الاعتقاد بأن أفضل وأبلغ ما وصف به القرآن هو ما وصفه الله تعالى به.

الأمر الثاني: أن أسماء القرآن الكريم ليست أسماء مجردة بل هي أسماء متضمنة لأوصاف فتسميته بالقرآن، والفرقان، والحق، ونحو ذلك هي أسماء وأوصاف لها مدلولاتها، وهذه الأوصاف يجوز أن يعبر عنها بما يبين معناها وإن لم تكن تلك الألفاظُ المفسِّرةُ توقيفيةً، وكذلك يجوز أن تترجم معاني هذه الأسماء إلى اللغات الأخرى، وهو أمر لا أعلم فيه خلافاً، ولو قيل بأن وصف القرآن توقيفي لم يجز ذلك!
فهذا يدل على أن وصف القرآن بما لا يخالف مقتضى الأدلة جائز لا حرج فيه.

المداخلة الثانية: قول الباحث الكريم: (وقال الإمام السيوطي –رحمه الله-: «وقد ثبت أن جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار..»[الإتقان1/166].
وأسماء القرآن تقاس على أسماء سور القرآن بجامع أن كليهما ورد له تسمية في الوحيين فيقتصر عليهما ولا يتجاوز إلى غيرهما. والله أعلم(.
قلت: السيوطي على جلالته وبراعته في جمع أقوال أهل العلم له أوهام كثيرة وإطلاقات لا تصح يخالفها هو في مواضع أخرى من كتبه.
لذلك ينبغي أن ينتفع بنقله وجمعه وتلخيصه، وينظر بعين بصيرة إلى حكمه في المسائل وإطلاقاته، فقوله: (وقد ثبت....إلخ) أين مستند هذا الثبوت؟!!
وليت أن الباحث الكريم استقرأ مناهج العلماء في تسميات السور وهل كانوا يراعون التوقيف فيها، قبل أن يعتبرَ كلام السيوطي دليلاً ويقيسَ عليه

وسأعدُّ موضوعاً جديداً بإذن الله تعالى في مناهج العلماء في تسمية السور من عهد ما قبل التدوين إلى عصرنا الحاضر، بشيء من التفصيل والتمثيل ومناقشة بعض المسائل المتعلقة بذلك.

لكني أحب أن أذكر ههنا بعض الفوائد التي ربما تجلي بعض الحقائق حول ما نحن بصدده:
فالسيوطي نفسه قال في نفس الكتاب [الإتقان:1/64]: على سبيل المثال: ( (عَمَّ) يُقَالُ لَهَا النَّبَأُ والتَّسَاؤلُ والـمُعْصِرَاتُ)
مع أن تسميتها في الأحاديث والآثار : سورة {عم يتساءلون}

وهذا بيانها بشيء من الاختصار
أولاً: الأحاديث
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ ابنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ(ت:235هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوصِ عَن أَبي إِسْحَاقَ عَن عِكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا شَيَّبَكَ؟ قال : (( شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلاتُ، وَ{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، وَ{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}))). [مصنف ابن أبي شيبة:7/201]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عليِّ بنِ أحمدَ ابْنُ طُولُونَ الصَّالِحِيُّ (ت: 953هـ) : (وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَالْحِلْيَةِ لأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ شِبْتَ؟ قَالَ: (( شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلاتُ، وَ{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، وَ{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ})) وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ). [الشَّذْرَةُ: 1/350]
قالَ محمَّدُ نَاصِرُ الدِّينِ الألبانيُّ (ت: 1421هـ): (أَخْرجَهُ التِّرْمِذِيُّ(2/225) و ابنُ سَعْدٍ في (الطَّبَقَاتِ:1/435) وأبو نعيم في (الحليةِ:4/350) و الحاكمُ (2/344) والضِّيَاءُ في (الأحاديثِ المختارةِ :66/75/1) مِن طريقِ شَيْبَانَ عن أبي إِسحاقَ عن عِكْرِمَةَ عن ابنِ عباسٍ قالَ : (( قالَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه : يا رسولَ اللهِ قد شبتَ؟ قال .. )) فَذَكَرَهُ، وقالَ الترمذيُّ : ((هَذَا حديثٌ حَسَنٌ غَريبٌ لا نَعْرِفُهُ من حديثِ ابنِ عباسٍ إلا مِنْ هَذَا الوَجْهِ)). قلت : قَدْ تَابَعَهُ أَبُو الأحوصِ عن أبي إسحاقَ الهَمْدَانيِّ به، أخرجَهُ الحاكِمُ ( 2 / 476) و قالَ :((صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ)) وَوافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وهوَ كَمَا قالا، وإِنْ كانَ قَدْ أُعِلَّ بالاختلافِ في إسنادِهِ). [السلسلة الصحيحة:2/676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت:911هـ): (وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ قَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَساً عَنْ مِقْدَارِ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ فأَمَرَ أَحَدَ بَنِيهِ فصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ أَوِ العَصْرَ، فقَرَأَ بِنَا {وَالمُرْسَلاتِ} و{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}). [الدر المنثور: 15/189]
وفي الباب حديث أبيّ بن كعب وهو موضوع وحديث أبي سعيد الخدري وفيه ضعف فلا أطيل بسردهما وما قيل فيهما

ثانياً: الآثار
أثر ابن عباس
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوب ابنُ الضّريسِ البَجَلِيُّ (ت:294هـ): (أَخْبرنَا أَحمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ، قالَ: أَخبرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبدُ اللهِ بنُ أَبي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، قالَ: قالَ عُمَرُ بنُ هارُونَ قالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَطَاءٍ، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: « وكانَ أَوَّلَ مَا أُنزِلَ مِنَ القُرْآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ثُمَّ... ثُمَّ {سَأَلَ سَائِلٌ} ثُمَّ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ثُمَّ النَّازِعَات... فَهَذَا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَّةَ))....أَخْبَرنَا أَحْمَدُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ أَبي جَعْفَرٍ، قالَ: قالَ عَمْرو: حَدَّثَنِي ابنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِه). [فضائل القرآن:21]

- أثر عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت:911هـ): (وأخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: (( نَزَلَتْ سُورةُ {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} بمَكَّةَ ))). [الدر المنثور: 15/189]

- أثر الزهري رحمه الله
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ بنِ مَسْعَدَةَ الفَزَارِيُّ (ت: ): (حَدَّثَنَا إِبرَاهِيمُ بنُ الحُسَينِ، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الهُذَلِيُّ، ثَنَا الوَلِيدُ بنُ مُحَمَّدُ المُوَقّريُّ قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ قالَ: ((هَذَا كِتَابُ تَنزِيلِ القُرْآنِ، ومَا شَاءَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَعَلَمَ النَّاسُ مَا أُنزِلَ بِمَكَّةَ وَمَا أُنزِلَ بِالمَدِينَةِ؛ فَأَوَّلُ مَا أَنْزلَ اللهُ بِمَكَّةَ:[1] {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ثُمَّ... ثُمَّ [78] سُورَةَ {سَأَلَ سَائِلٌ}،ثُمَّ [79] سُورَةَ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ثُمَّ [80] سُورَةَ النَّازِعَاتُ))). [تنزيل القرآن للزهري:29-31]

- أثر أبي سليمان الداراني رحمه الله
قالَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المروَزِيُّ (ت:294هـ): (وَقَالَ أَبُو سُلَيمَانَ: (( مَا رَأَيْتُ أَحَداً الخوفُ عَليهِ أَظْهرُ عَلَى وَجْهِهِ والخشوعُ مِنَ الحَسَنِ بنِ حَيٍّ رَحِمَه اللهُ، قَامَ لَيلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ بـ{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} يُرَدِّدُهَا، ثُمَّ غُشِيَ عَلَيهِ، ثُمَّ عَادَ فَعَادَ إِليهَا فَغُشِيَ عَلَيهِ، فَلَمْ يَخْتِمْها حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ))). [مختصر قيام الليل:1/215]

فهذا اسم السورة زمن النبوة وزمن الخلافة الراشدة وزمن خلافة بني أمية، لم أجد أحداً سماها بغير ذلك مع أني رجعت لأكثر من ألف مرجع!
وهذا الاسم هو المشهور عند المحدثين والقراء الأول وعلماء اللغة المتقدمين
فأشهر من سَمَّى السُّورَةَ بهَذَا الاسْمِ:
مِنَ القُرَّاءِ: ابن مجاهد، وأبو علي الفارسي، وابن غلبون، وابن زنجلة، ومكي بن أبي طالب.
وَمِنَ المُفَسِّرينَ: أبو عبيدة،وهود بن محََكَّمٍ، وابن جرير (وسميت في بعض طبعاته بغير ذلك)، والقصاب، وابن أبي زمنين، والزمخشري، والخازن.
ومن المحَدِّثِينَ: والبخاريُّ، والنَّسَائِيُّ، والحاكم.
وَمِنَ الُّلغَوِيِّينَ: الفَرَّاءُ، وابْنُ المُبَارَكِ اليَزِيْدِيُّ، وابن الأنباري، والنحاس، وغلام ثعلب، وابن خالويه، والأزهري، وابن جني، والباقولي)
ولا أطيل عليكم بذكر المراجع، ومن أرادها فهي موجودة لدي

ثم شاع اختصار هذه التسمية فسميت {عم} وأشهر من سَمَّى السُّورَةَ بهَذَا الاسْمِ:
مِنَ القُرَّاءِ: أبو العلاء الكرماني، وابن الديبع.
وَمِنَ المُفَسِّرينَ: الحدادي، وبيان الحق النيسابوري.
ومن المحَدِّثِينَ: ابن عساكر، والهيثمي).
أما أكثر أسماء هذه السورة تداولا وشهرة عند العامة والخاصة فهو سورة {النبأ} ولم أجد له أثراً قبل زمن الخلافة العباسية، ومع ذلك تلقاه العلماء بالقبول من غير نكير حتى أدرج في أكثر طبعات المصاحف، ولا يحصى عدد من سمى السورة بهذا الاسم كثرة، وأشهر من سمَّى السورة بهذا الاسم:
مِنَ القُرَّاءِ: ابن غلبون في التذكرة، ومكي بن أبي طالب في تفسير المشكل، وأبو عمرو الداني، وابن شريح الرعيني، وأبو معشر الطبري، وابن بليمة، والفحام، وابن الباذش، وابن الأبزازي، والشاطبي، وشعلة، وأبو شامة، وابن الجزري.
وَمِنَ المُفَسِّرينَ: أبو الليث السمرقندي، والثعلبي، والخطيب الإسكافي، والماوردي، والواحدي، وأبو المظفر السمعاني، والبغوي،والكرماني، وابن العربي، وابن عطية، وابن الجوزي، والرازي، والبيضاوي، وابن كثير.
ومن المحَدِّثِينَ: ابن حجر، والعيني، والمناوي.
وَمنَ اللُّغَوِيِّينَ: الأخفش، وأبو عبيد، وابن قتيبة، والنحاس في القطع والائتناف، وقوام السنة الأصبهاني، وأبو البركات الأنباري، والعكبري).

ناهيك عمن سمى السورة بغير ذلك، كسورة التساؤل وسورة المعصرات وغير ذلك

فكيف نقول إن تسمية السور توقيفي، وأئمة الإسلام في شتى الأقطار على خلاف ذلك،
نعم ينبغي لنا أن نسمي السور بما سماها به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو أكمل في الاتباع، ولقد أحببت أن يراعي القائمون على مجمَّع طباعة المصحف الشريف ، ولو راعوه لأمكن تدارك الأمر ، ولاشتهرت التسمية النبوية للسورة في أقطار الأرض.
ولكن لما لم يرد دليل على تحريم التسمية بغير ذلك، وجرى عمل علماء الإسلام على عدم الإنكار في هذه المسألة وسعنا ما وسعهم من عدم الإنكار، وقبلنا ما قبلوه.

ونظير هذه المسألة مسألة بناء الكعبة فقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم زمن الفتح أن يعيد بناءها على قواعد إبراهيم عليه السلام، ومنعه أن القوم حديثوا عهد بالإسلام فخشي أن يعرضهم للفتنة، فلما كان زمن ابن الزبير أعاد بناءها على قواعد إبراهيم عليه السلام، فلما هدمها الحجاج أعاد بناءها عبد الملك بن مروان على بناء قريش ، فلما جاء زمن أبي جعفر المنصور أراد أن يعيدها على بناء ابن الزبير واستفتى الإمام مالك، فأفتاه أن يتركها على حالها لئلا تكون الكعبة لعبة بأيدي الحكَّام كلما جاء حاكم خالَف من قبله، فتركها وبقيت على ذلك إلى اليوم من غير نكير من العلماء، مع أن العلماء يعلمون ما كان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم من بنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام، ولكن منعهم ما منعه عليه الصلاة والسلام من خشية إحداث فتنة بين المسلمين.

وطال البحث ولي عودة إن شاء الله تعالى
 
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه،
أما بعد: فهذا بعض ما كتبته يوما على هذا الرابط :http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6141
أولا : العلاقة بين الأسماء والمعاني:
قال ابن القيم : " فلما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالةً عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بـينها وبـينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبـي المحض الذي لا تعلّق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذٰلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثيرٌ في المسميات، وللمسميات تأثّر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:
[align=center]وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ *** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه.[/align]…ولما كان بـين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة، ما بـين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بـين الأرواح والأجسام، عبر العقل من كل منهما إلى الآخر، كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكاد يخطىء، وضدّ هذا العبور من الاسم إلى مسماه " (1)
ثانيا : اشتقاق الاسم ومدلوله عند الإمام البقاعي.
جرت عادة العلماء أن يتكلموا عن " الاسم " ، ومن أين اشتقاقه، والمسألة خلافية وقديمة بين أهل البصرة و الكوفة، وملخص ذلك ماذكره القرطبي في تفسيره حيث قال: " اختلفوا في اشتقاق الاسم على وجهين؛ فقال البصريون: هو مشتق من السُّمُوّ وهو العلوّ والرفعة، فقيل: اسم لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به. وقيل: لأن الاسم يسمو بالمسمّى فيرفعه عن غيره. وقيل: إنما سُمِّيَ الاسم اسما لأنه علا بقوّته على قسمي الكلام: الحرف والفعل؛ والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل؛ فلِعلُوّه عليهما سمى اسماً؛ فهذه ثلاثة أقوال. وقال الكوفيون: إنه مشتق من السِّمَة وهي العلامة؛ لأن الاسم علامة لمن وضع له؛ فأصل اسم على هذا «وسم».والأوّل أصح؛ لأنه يقال في التصغير سمي وفي الجمع أسماء؛والجمع والتصغير يردّان الأشياء إلى أصولها؛ فلا يقال:وسيم ولا أوسام "(2)
ولكن الإمام البقاعي أدرك أن المذهبين ليس بينهماتعارض بل هما يخدمان المقصود الذي يهدف إليه-والذي هومقصود السور، فنقل عن الأستاذ الحرالي – كما كان يحل له ان يلقبه-رأيا ثالثا يجمع بينهما فقال في تفسير قوله تعالى: " وعلم آدم الاسمآء كلها " الأسماء : وهو جمع اسم وهو ما يجمع اشتقاقين من السمة والسمو؛ فهو بالنظر إلى اللفظ وسم وبالنظر إلى الحظ من ذات الشيء سمو، وذلك السمو هو مدلول الاسم الذي هو الوسم الذي ترادفه التسمية- قاله الحرالي" (3)، ويضيف ناقلا عن الإمام أبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي في كتابه الزينة ليثبت هذا المعنى فيقول: ويقال إن الاسم مأخوذ من السمو وهو العلو والرفعة، وإنما جعل الاسم تنويهاً بالدلالة على معنى الاسم لأن المعنى تحت الاسم - هذا قول النحويين؛ والسمة تدل على صاحبها، لأنهما حرفان سين وميم، فالسين من السناء والميم من المجد وهو لب الشيء، فكأنه سمى اسماً لأنه يضيء لك عن لب الشيء ويترجم عن مكنونه، وليس شيء إلا وقد وسمه الله بسمة تدل على ما فيه من الجوهر؛ فاحتوت الأسماء على جميع العلم بالأشياء، فعلمها الله آدم وأبرز فضيلته على الملائكة عليهم السلام " (4)
ثالثا : العارف بالأسماء وبحقائقها ومدلولاتها هوالعالم بحق:
وتعلم الأسماء ومعرفة مدلولاتها هو العلم الحقيقي عند الإمام البقاعي ، وهو الذي خص الله عز وجل به آدم دون سائر المخلوقات " وعلم آدم الأسماء كلها " بينما خصت الملائكة بالإنباء " فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـؤُلاءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ، وهناتظهر براعة الإمام الحرالي الذي ينقل عنه الإمام البقاعي هذا المعنى النفيس بقوله في كتابه أصول الفقه:" وهو عند آدم علم وعند الملائكة، ومن لا يعلم حقيقة الاسم المعروض توقيف ونبأ . " (5)
رابعا : ليس في مقدور كل أحد أن يسمي.
اطلاق الأسماء ليس بالأمر السهل ولا الهين ولذلك يقول الإمام البقاعي رحمه الله: " وكما أنه ليس لكل أحد مُنّة أن يصف فكذلك ليس لكل أحد منة أن يسمي " (6)
ولذلك كانت تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض السور بأسماء مختلفة هو من باب العلم الذي علمه الله كما علم أباه-آدم عليه السلام- " وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً "[النساء: 113]
خامسا: تعدد الأسماء دال على شرف المسمى.
قال الامام البقاعي : " أنَّ الاسم دال على المسمى ، وأن تعدد أسماء الشيء دال على شرفه " (7)
سادسا: أسماء السور هل هو توقيفي أواجتهادي.
والمسألة أيضا قديمة، وقد ذكر العلماء في هذه المسألة قولين.
القول الأول : أنها توقيفية وهو رأي الطبري، والزركشي، والسيوطي، والكثير من أهل العلم
يقول الطبري :" لسور القرآن أسماء سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم" . (8)
ويقول الإمام الزركشي:" ينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات ؟ فإن كان الثاني ؛ فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها ، وهو بعيد " (9)
وقال السيوطي : "وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار" (10)
القول الثاني :وهو رأي عمر، وابن عباس ، وابن عمر رضي الله عنهم
وتسميتهم لسورة الحشر بسورة النضير ولسورة التوبة بأسماء تفوق العشرة وقد نقل الإمام السيوطي في الاتقان كلامهم (11)، أما الامام البقاعي فإنه لم يفصح عن مذهبه في المسألة مع أهميتها في اكتشاف مقصد السورة ومن ثم اكتشاف وجوه المناسبات بين آيها.
سابعا : نموذج (أسماء سورة البقرة)
1-البقرة : وقد ورد ذلك في أحاديث كثيرة . وهو أشهر أسمائها
2-الزهراء .
عن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ:" اقْرَأُوا الْقُرْآنَ. فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ. اقْرَأُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ. فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ.أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ. َوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ.تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَأُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ.فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ.وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ.وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ".قَالَ مُعَاوِيةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ.(12)
قال الإمام القرطبي : للعلماء في تسمية «البقرة وآل عمران» بالَّزهرَاوَيْن ثلاثة أقوال:
الأول: أنهما النّيِّرتان، مأخوذ من الزّهْر والزُّهْرَةِ؛ فإمّا لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما، أي من معانيهما.وإما لِما يترتب على قراءتهما من النور التامّ يوم القيامة، وهو القول الثاني.
الثالث: سُمّيتا بذلك لأنهما ٱشركتا فيما تضمنه ٱسم الله الأعظم، كما ذكره أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اسِمَ الله الأعظم في هاتين الآيتين "وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ" والتي في آل عمران " ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ" أخرجه ابن ماجه " (13)
3- سنام القرآن
- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل شيء سناماً وإن سنام القرآن البقرة وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام . " (14)
-عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً، واستخرجت " ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ " [آل عمران:2] من تحت العرش فوصلت بها ـ أو فوصلت بسورة البقرة ـ ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفرله، واقرؤوها على موتاكم " (15)
- روى الترمذي من حديث حكيم بن جبير وفيه ضعف عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل شيءٍ سنام وإن سنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي. " (16)
- عنْ عبدِاللَّهِ بن مسعود:" أنَّهُ قالَ: إنَّ لكلّ شيءٍ سَناماً، وإنَّ سنامَ القرآنِ سورةُ البقرةِ، وإنَّ لكلّ شيءٍ لُباباً، وإنَّ لبابَ القرآنَ المفصَّلُ. " (17)
قال ابن منظور: " سنام كل شيء أَعلاه؛ وفـي شعر حسَّان:
[align=center]وإِن سَنامَ الـمَـجْدِ من آلِ هاشِمٍ *** بَنُو بِنتِ مَخْزومٍ ووالدُك العَبْدُ [/align]
أَي : أَعلـى الـمـجد؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابـي :
* قَضى القُضاة أَنها سَنامُها * فسَّره فقال معناه خِيارُها لأَن السَّنام خِيارُ ما فـي البعير سَنَّم الشيءَ رَفَعَه " (18)
4- ذروة القرآن.
- حديث معقل بن يسار سبق ذكره: " البقرة سنام القرآن وذروته... " (19)
5- فسطاط القرآن.
- رواه الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : " السورة التي تذ كر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها ؛ فإن تعلمها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة " (20)
- روى الدارمي عَنْ خالدِ بنِ معدانَ قالَ:"سورةُ البقرةِ تعليمُهَا بركَةٌ وتركُهَا حسرةٌ، وَلاَ يستطيعُهَا البَطَلَةُ وهِيَ فُسطاطُ القرآنِ"(21)
الفُسْطاط هو بالضم والكسر: المدينة التي فيها مُجْتَمَع الناس. وكل مدينة فُسْطاط . وقال الزمخشري: هو ضَرْب من الابنْيِةَ في السَّفر دون السُّرادِق وبه سُمِّيت المدينه. ويقال لمِصْروالبَصْرة : الفُسْطاط " (22)
6- سيد ة سورالقرآن.
-عن علي مرفوعا: " سيدُ البشر آدمُ وسيد العربِ محمدٌ ولا فخرٌ وسيدُ الفُرس سلمانُ وسيدُ الرومِ صُهيبٌ وسيدُ الحبشةِ بلالٌ وسيد الجبال الطورُ وسيدُ الأيام يومُ الجمعة وسيدُ القرآنِ سورةُ البقرة وسيدُ البقرةِ آيةُ الكرسي ". (23)
فهل استطاع الإمام البقاعي أن يستفيد من هذه الأسماء ليستخرج المقصود من سورة البقرة ؟
نجد الإمام البقاعي يعدد أسماء سورة البقرة فيقول : " سورة البقرة : وتسمى : السنام ، والذروة ، والزهراء ، والفسطاط " (24)
وأما في كتابه التطبيقي- نظم الدرر- ، فهو لا يسردها كما فعل في مصاعد النظر، بل يذكر ها كلما احتاج إليها في اكتشاف المناسبة؛ فلا نراه يتعرض لتسميتها ب" البقرة " و" الزهراء " مع أن الأحاديث الواردة بذلك صحيحة ، ولم يتعرض لاسم الزهراء إلا حينما تعرض لتفسير سورة آل عمران ،والتي المقصود منها التوحيد حيث قال، وهي تشارك البقرة في هذا الاسم حيث قال :" والتوحيد موجب لزهرة المتحلي به فلذلك سميت الزهراء " (25).
وقد تعرض لأسمائها الأخر في تفسير قوله تعالى : " مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .... إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "(26)
ناقلا عن الاستاذ الحرالي قوله : " وذلك لأن هذه السورة هي فسطاط القرآن الجامعة لجميع ما تفصّل فيه؛ وهي سنام القرآن، وسنام الشيء أعلاه؛ وهي سيدة سور القرآن؛ ففيها لذلك جوامع ينتظم بعضها ببعض أثر تفاصيله خلالها في سنامية معانيها وسيادة خطابها . " (27)
وهو يرى رحمه الله أن سر تسميتها بـ" الفسطاط، والسنام "لكونها تضمنت :" خطابَ إجمال يناسب مورد السورة التي موضوعها إجمالات ما يتفسر فيها وفي سائر القرآن من حيث إنها فسطاطه وسنامه " (26)
ويعلن في آخر السورة عن ذلك النظام الذي تميزت به السورة ، ومطابقة اسم " السنام " لهذا النظام الموزع بقوله : " وسر ترتيب سورة السنام على هذا النظام أنه لما افتتحها سبحانه وتعالى بتصنيف الناس الذين هم للدين كالقوائم الحاملة لذي السنام فاستوى وقام ابتداء المقصود بذكر أقرب السنام إلى أفهام أهل القيام فقال مخاطباً لجميع الأصناف التي قدمها " يا أيها الناس اعبدوا ربكم "[البقرة: 21] واستمر إلى أن بان الأمر غاية البيان فأخذ يذكر مننه سبحانه على الناس... ، فلما تزكوا فترقوا فتأهلوا لأنواع المعارف قال معلياً لهم من مصاعد الربوبية إلى معارج الإلهية " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو "[البقرة: 163] ، فلما تسنموا هذا الشرف لقنهم العبادات المزكية.... فحث على أشياء أكثرها من وادي الإحسان الذي هو مقام أولي العرفان." (27)
وفي آخر تفسيره لسورة البقرة بين معنى كونها السنام بقوله: " فلذلك كانت سورة البقرة سناماً له والسنام أعلى ما في الحيوان المنكب وأجمله جملة وهو البعير، وكانت سورة آل عمران تاج القرآن والتاج هو أعلى ما في المخلوقات من الخلق القائم المستخلف في الأرض ظاهره وفي جميع المكون إحاطته؛ فوقع انتظام هاتين السورتين على نحو من انتظام الآي .... وكانت منزلة سورة آل عمران منزله تاج الراكب وكان منزله سورة البقرة منزلة سنام المطية؛ قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران "(28)
ـــــــــــــــــــ
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (2/323-324) .ط :الأولى(1419هـ،1998م) بيروت ، لبنان.
(2) الجامع لأحكام القرآن الكريم لأبي عبد الله القرطبي (4/5) طبعة دار الفكر(1415هـ-1995م)
(3) نظم الدررللإمام البقاعي (1/34)
(4) المرجع نفسه (1/35)
(5) ) المرجع نفسه (1/34)
(6) المرجع نفسه(1/36)، قال صاحب القاموس(ص: 1235: المُنَّةُ بالضم : القوة )
(7) مصاعد النظر(1/98)
(8) تفسير الطبري (1/100)
(9) البرهان في علوم القرآن ( 1/270)
(10) الاتقان في علوم القرآ ن (1/115)
(11) المرجع نفسه (1/117-123)
(12) رواه مسلم الحديث رقم( 804) وابن حبان (1/35) والحاكم في مستدركه(1/752)والطبراني في معجمه الأوسط(1/150) وأحمد(5/249) الطبراني في معجمه الكبير(8/118).
(13) تفسير القرطبي (4/5) طبعة دار الفكر (1415هـ-1995م)
(14) رواه ابن حبان في صحيحه (1/188)
(15) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(16) سنن الترمذي الحديث رقم (2878)
(17) رواه الدارمي رقم الحديث (3372)
(18) لسان العرب(12/306) النهاية في غريب الحديث لابن الاثير(2/409)
(19) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(20) في مسند الفردوس ص:55
(21) سنن الدارمي رقم الحديث (3371)
(22) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير(3/445)لسان العرب (7/372).
(23) مفاتيح الغيب للرازي (2/56)
(24) مصاعد النظر(2/48)
(25) نظم الدرر(2/2)
(26) نظم الدرر (1/139)
(27) نظم (1/274)
(28) المرجع نفسه(1/274)
 
شكر الله للشيخين مداخلتهما وفوائدهما التي استفدت منها في ما يتعلق بالمسألة،وفي خارجها..نفع الله بالجميع،،وبانتظار المزيد..
 

وسأعدُّ موضوعاً جديداً بإذن الله تعالى في مناهج العلماء في تسمية السور من عهد ما قبل التدوين إلى عصرنا الحاضر، بشيء من التفصيل والتمثيل ومناقشة بعض المسائل المتعلقة بذلك.
وفقك الله أخي عبدالعزيز ... متى نرى هذا البحث ، وأحسبه سيكون مفيداً جداً ، أرجو أ، يعينك الله على نشره قريباً فنحن له بالأشواق .


وطال البحث ولي عودة إن شاء الله تعالى
متى يا ترى ؟
 
وفقك الله أخي عبدالعزيز ... متى نرى هذا البحث ، وأحسبه سيكون مفيداً جداً ، أرجو أ، يعينك الله على نشره قريباً فنحن له بالأشواق .
متى يا ترى ؟

حياك الله أستاذنا الفاضل ، ولعل هذا من حسن ظنك بأخيك، لكن أرجو أن أستفيد من محلوظاتكم وملحوظات أمثالكم سددكم الله.
والموضوع نشرته في الملتقى بعد أسبوعين تقريباً من هذه المشاركة.
وتجده هنا
فوائد في تسمية السور

وهنا مناقشة لطيفة متعلقة بهذا الموضوع
هل أسماء السور توقيفية؟

وقد حرصت على جمع أقوال العلماء في أسماء السور وما يتعلق بها من مسائل بعمل مؤسسي شارك فيه نخبة من طلاب العلم ضمن مشروع جمهرة علوم القرآن الكريم ، وسنبدأ بإذن الله في الأسابيع القادمة بافتتاحه تدريجياً.
وهو عمل كبير تضمن آلاف النقول عن العلماء رحمهم الله، صنفت على العلوم والمسائل ورتبت حسب التسلسل التاريخي.
يسَّر الله إتمامه ونفع به، وأرجو أن تجدوا فيه ما يسركم.
 
وفقكم الله وفتح عليكم أخي عبدالعزيز ، وأشكرك على نشاطك وعملك في هذا المشروع الرائع ، وأسأل الله أن يزيدكم توفيقا وهداية . واعذرني فقد تشعبت موضوعات الملتقى فلم نعد نقدر على تذكر كل شيء .
وسأعيد قراءة هذه الموضوعات بتمعن إن شاء الله للاستفادة منها .
تقبل الله منكم .
 
عودة
أعلى