أسلوب القرآن الكريم وأساليب الشعر والكهانة عند نصر حامد أبو زيد

إنضم
14/05/2012
المشاركات
1,111
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الأردن
قبل أسبوع من الآن مرت ذكرى وفاة نصر حامد أبو زيد عام 1431هـ = 2010م بفيروس غامض بعد عودته من أندونيسيا أفقده الذاكرة ثم أدخله في غيبوبة توفي بعدها.

ذاك الرجل زعم بأن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خيالات: " فالأنبياء والشعراء والعارفون قادرون دون غيرهم، على استخدام فاعلية المخيلة في اليقظة والنوم.. ". [1]

ربط الفرع بالأصل:
قارن كلامه بكلام المؤرخ الأمريكي ويل ديورانت: " إن الكاهن لم يخلق الدين خلقاً، لكن أستخدمه لأغراضه فقط، كما يستخدم السياسي ما للإنسان من دوافع فطرية وعادات؛ فلم تنشأ العقيدة الدينية عن تلفيقات أو ألاعيب كهنوتية، إنما نشأت عن فطرة الإنسان بما فيها من تساؤل لا ينقطع وخوف وقلق وأمل وشعور بالعزلة؛ نعم إنا لكاهن قد أضر الناس بإبقائه على الخرافة وباحتكاره لضروب معينة من المعرفة، لكنه مع ذلك عمل على حصر الخرافة في نطاق ضيق، وكثيراً ما كان يحمل الناس على إهمال شأنها، وهو الذي لقن الناس بداية التعليم والتهذيب، وكان بمثابة المستودع وأداة التوصيل بالنسبة للتراث الثقافي الإنساني المتزايد؛ وكان عزاء للضعيف في استغلال القوى له استغلالاً لم يكن عنهم نصرف ولا محيص؛ كما أصبح الفعل الفعال الذي أعان الدين على تغذية الفنون، وتدعيم بناء الأخلاق الإنسانية المترنح بدعامة من القوة العليا؛ فلو لم يجد الناس بينهم كاهناً لخلقوه لأنفسهم خلقاً ". [2]

كما قال أبو زيد: " القرآن لا يختلف عن بقية النصوص الأدبية، بدليل أن العرب لم يكونوا قادرين على استيعاب المغايرة بين القرآن وغيره، وكانوا يريدون جره إلى نصوصهم كالشعر والكهانة والسجع وغير ذلك ". [3]

ويرد عليه الأعلم منه بالكهانة والشعر وهو أنَيس الغفاري رضي الله عنه ـ شقيق أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ـ حين دخل مكة المكرمة وسمع القرآن الكريم من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاد إلى قبيلته غفار قائلاً: " يقولون: إنه شاعر وساحر ـ وكان أنيس شاعراً ـ.. لقد سمعت الكهان، فما يقول بقولهم، وقد وضعت قوله على إقراء الشعر، فوالله ما يلتئم لسان أحد أنه شعر، ووالله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون ". [4]

لقد كرر (أبو زيد) كلام بعض عوام المشركين بأن القرآن الكريم كلام شاعر ولكن بقالب آخر، بل كان بعض المشركين أصدق منه !! قال عتبة بن ربيعة ـ بعد أن سمع آيات من القرآن الكريم ـ: " والله قد سمعت قولاً ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا الكهانة ". [5]

كيف يؤمن مسلم (مثل نصر حامد أبو زيد) بأن القرآن الكريم جاء على نسق سجع الشعراء، وهو يقرر التبرؤ منهم ومن كلامهم ؟
قال تعالى في سورة الحاقة: " وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)" .
وهنا لفتة بيانية: فقد ذكَرَ الإيمان مع نفي الشاعرية، والتذكُّر مع نفي الكاهنية؛ لأن عدم مشابهة القرآن الشعر أمرٌ بيِّن، لا ينكره إلا معاند، فلا عُذرَ لمدَّعيها في تركِ الإيمان.. بخلاف مبايَنَته للكهانة، فإنها تتوقف على تذكُّر أحواله صلى الله عليه وسلم. [6]

ولله در ابن هانئ الأندلسي:
وَهَلْ يَسْتَوِيْ وَحْيٌ مِنَ اللّهِ مُنزَلٌ
وَقافِيةٌ فِي الغَابِرِينَ شَرُودُ ؟


----------------------------

1) مفهوم النص، نصر أبو زيد، ص59.
2) قصة الحضارة، ويل ديورانت 1 / 116.
3) انظر: المرجع السابق، ص156-157.
4) سير أعلام النبلاء للذهبي 2 /50.
5) البداية والنهاية، ابن كثير 3 /63.
6) روح المعاني، الآلوسي 16 /91.
 
جزاكم الله خيرا وللدكتور ابراهيم عوض حفظه الله كلام دقيق عند هذه المسألة ، ان كان هناك وقت سأعرضه هنا.
 
عودة
أعلى