وعليكم السلام اختنا الكريمة:
نظرا لكون بحثي للدكتورة في سورة الانعام فيمكنني ان ألخص جواب ما تريدين بما يلي:
سميت هذه السورة بهذ الاسم لذكر حكم الله في الأنعام التي شرَّع فيها المشركون ما لم يشرعه الله ثم نسبوا تلك الأحكام لله قال تعالى:وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{136} . وقد عرفت في زمن الصحابة بهذا لاسم أيضا.
أما علاقة أول السورة بآخر آيتين فهو : في أول السورة بيان لحقيقة التوحيد المتمثلة بالحمد لله تعالى، حيث الحمد لا يكون إلا لمن تفرد بأحقية الحمد المطلق وهو الله تعالى ، ثم اتبعها ببيان اسباب استحقاقه تعالى لحمد ذاته العلية بأنه الذي خلق السماوات والارض والظلمات والنور وانهى الاية بتعجب ممن علم الخالق الحقيقي المستحق للحمد والعبادة ثم يعدل عنه إلى غيره. وبتقرير ذات الحقيقة يكون ختم السورة التي شُغلت من أولها إلى بآخرها بتقرير حقيقة التوحيد الخالص لله تعالى فقال تعالى في آخر السورة:قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ{164} وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{165.
وأما توسط قصة ابراهيم في السورة فذلك أن الله تعالى بعد أن بين أدلة التوحيد ومواقف النبي صلى الله عليه وسلم في صراعه مع الكفار لأجل هذه القضية، أتى بقصة ابراهيم كنموذج عملي في كيفية الاستدلال على التوحيد، وكيفية مواجهة اعداء هذه الدعوة الخالدة، ومن جهة ثانية أن ابراهيم والنبي عليهما الصلاة والسلام شخصيتان معلوماتان عند العرب المخاطبين بهذه الدعوة، فكأنه يقول لهم قد عرفتم محمدا وأمانته وصدقه ولم تستجيبوا له، فهاكم خبر ابراهيم عليه السلام الذي تدعون الافتخار بالانتساب اليه وكيف كان موحدا لله تعالى، وإن كنتم تستغربون من تبرؤ محمد من شرككم فهذا ابراهيم يتبرا من شرك ابيه وقومه. وبهذا تكون الحجة عليهم ابلغ.
واما سؤالك عن سبب تغير الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فهو أن كل خطاب منها كائن حسب ما قبله من موضوع ولأن شرح ذلك يطول أحيلك إلى تفسير الرازي ونظم الدرر للبقاعي لعلك تجدين الجواب الشافي، وإلا لاحقا يمكن أن اوافيك بالمطلوب جهد طاقتي. والله اعلم