أسئلة عن القلب ..

تاج الروح

New member
إنضم
13/05/2007
المشاركات
92
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أحتاج مساعدتكم بارك الله بيكم

1- هل القلب الذي هو محل الفكر هو القلب العضوي أم غير ذلك ؟

2- إن كان القلب ليس القلب العضوي فما الجواب عن حديث :
أ) ( المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله التقوى هاهنا وأومأ بيده إلى القلب وحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم )

ب) ( إن في الجسد مضغة إذا صلحت .. ) الحديث.

جـ) حديث شق الصدر.

3- و إن كان القلب هو القلب العضوي فهل الأفعال التي نسبت إليه من الختم و الطبع والقفل عليه ، و الاكتساب و العمى هي على الحقيقة أم لا ؟

4- ما تفسير قوله تعالى: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" الحج : 46

جزاكم الله خيراً ..
 
أختنا الفاضله حفظها الرحمن قد يشفي تسألك هذا البيان الذي ذكره شيخنا الشيخ العثيمين رحمه الله رحمة واسعة ورفع درجته

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في قوله تعالى{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }الأنعام151


ما المراد بالعقل هنا‏؟‏

نحن نعلم أن العقل نوعان ‏:‏
[align=center]_عقل إدراك.
_ وعقل رشد.[/align]

فعقل الإدراك ما يدرك به الإنسان الأشياء، وهذا الذي يمر كثيرًا في شروط العبادات، يقول ‏:‏ من شرطها الإسلام والعقل والتمييز، هذا هو عقل الإدراك وضده الجنون‏.‏


والثاني عقل رشد‏.‏ بحيث يحسن الإنسان التصرف ويكون حكيمًا في تصرفه وضد هذا السفه لا الجنون‏.‏


فالمراد بالعقل بهذه الآية، المراد عقل الرشد لأنه لم يوجه إلينا الخطاب إلا ونحن نعقل عقل إدراك، لكن هل كان من وجه إليه الخطاب، يعقل عقل رشد‏؟‏ لا قد لا يعقل عقل الرشد، الكفار كلهم غير عقلاء عقل رشد كما قال الله تعالى في وصفهم‏:‏ ‏{‏بكم عمي فهم لا يعقلون‏}‏ ‏[‏سورة البقرة، الآية‏:‏ 171‏]‏ لكن ليس معناه ليس عندهم عقل إدراك بل قد يكون عندهم عقل إدراك قوي وذكاء مفرط لكن ليس عندهم عقل رشد‏.‏


وما هو العقل النافع للإنسان‏؟‏


عقل الرشد لأن عقل الإدراك قد يكون ضررًا عليه إذا كان ذكيًا فاهمًا ولكنه والعياذ بالله ليس عنده حسن تصرف ولا رشد في تصرفه وقد يكون أعظم من إنسان ذكاؤه دون ذلك وهنا نسأل عن مسألة كثر السؤال عنها هل العقل في الدماغ أو العقل في القلب‏؟‏


قال بعض الناس في القلب وقال بعض الناس ‏:‏ في الدماغ، وكل منهم له دليل، الذين قالوا ‏:‏ إنه في القلب قالوا ‏:‏ لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور‏}‏‏.‏ ‏[‏سورة الحج، الآية‏:‏ 46‏]‏‏.‏


قال‏:‏ ‏{‏قلوب يعقلون بها‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏تعمى القلوب التي في الصدور‏}‏‏.‏ إذًا العقل في القلب، والقلب في الصدر فكان العقل في القلب‏.‏


وقال بعضهم ‏:‏ بل العقل في الدماغ لأن الإنسان إذا اختل دماغه اختل تصرفه ولأننا نشاهد في الزمن الأخير نشاهد الرجل يزال قلبه ويزرع له قلب جديد ونجد عقله لا يختلف عقله وتفكيره هو الأول‏.‏ نجد إنسانًا يزرع له قلب شخص مجنون لا يحسن يتصرف، ويبقى هذا الذي زرع فيه القلب عاقلًا فكيف يكون العقل في القلب‏؟‏ إذًا العقل في الدماغ لأنه إذا اختل الدماغ اختل التصرف، اختل العقل‏.‏


ولكن بعض أهل العلم قال‏:‏ إن العقل في القلب ولا يمكن أن نحيد عما قال الله عز وجل لأن الله تعالى وهو الخالق وهو أعلم بمخلوقه من غيره كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير‏}‏ ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله‏)‏‏.‏ فالعقل في القلب والقلب في الصدر لكن الدماغ يستقبل ويتصور ثم يرسل هذا التصور إلى القلب، لينظر أوامره ثم ترجع الأوامر من القلب إلى الدماغ ثم ينفذ الدماغ إذًا الدماغ بمنزلة السكرتير ينظم المعاملات ويرتبها ثم يرسلها إلى القلب، إلى المسؤول الذي فوقه هذا القلب يوقع، يمضي، أو يرد ثم يدفع المعاملة إلى الدماغ والدماغ يأمر الأعصاب وتتمشى، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس وهو الموافق للواقع وقد أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله في كتبه، والإمام أحمد أشار إليه إشارة عامة فقال‏:‏ محل العقل القلب وله اتصال بالدماغ‏.‏ لكن التفصيل الأول واضح جدًا الذي يقبل الأشياء ويتصورها ويمحصها هو الدماغ ثم يرسل النتيجة إلى القلب ثم القلب يأمر إما بالتنفيذ وإما بالمنع لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ‏:‏ إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله‏] أهـ.‏


[align=left]فتاوى ابن عثيمين
المجلد السابع
( 189 من 380 )
[/align]
 
أختنا الفاضله حفظها الرحمن قد يشفي تسألك هذا البيان الذي ذكره شيخنا الشيخ العثيمين رحمه الله رحمة واسعة ورفع درجته


حفظك الرحمن وحماكِ أختي الكريمة ، ورحم الله الشيخ العثيمين ورفع قدره في عليين ..
ما ذكرته مهم ، وجدت هذه الفتوى أيضاً ، وبانتظار آراء الأخوة الفضلاء
 
المتتبع لاستعمال العقل فى القرآن يجده عمل وسيرورة أداء أو عمل وسلوك وليس مكان أو موضع يكون محل وعى أو فكر . ولذلك لانقول العقل فى القلب لأنه يفهم أن العقل عضو أو مكان بل نقول العقل من القلب أو القلب يعقل كما دلت آيات القرآن عليه .
" يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون "فهذه أعمال صدرت ممن تتحدث عنهم الآية ,سمع وعقلا ثم تحريفا على علم . " صم بكم عمى فهم لايعقلون "وهذه تحدد لوازم العقل . "وما يعقلها الا العالمون"فلا عقل الا بعلم فالعلم يسبق العقل ولابد منه وهذا يمثل الحد الفاصل بين عمل الدماغ وعمل القلب ولابد من معلوم حتى يعقل قبولا أو ردا. فالذى علم بعد أن شاهد وعاين وأحس وانتبه وادرك وعلم ثم خزن ماعلمه فى ذاكرته دون تبصر ودون تعقل ودون انتفاع به قد وصفه الله " مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا "
لابد من عقل ولابد للعقل من علم صحيح "والله أخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا "ولاتعقلون فلابد للعقل من علم " وجعل لكم السمع وا؟لأبصار والأفئدة "آلات لتحصيل العلم
والرد على شبهة زراعة القلب لم تغير من الأمر شيئا ,نقول بل هى قدمت الدليل على أنه هناك شيئ فوق القلب المادى وزراعة قلب صناعى قدم دليلا آخر حيث حدث أن الذين زرع لهم قد تغيروا تماما وفقدوا الكلام والفهم وقد تكتمت الدوائر الطبية هذا حتى يدرسوا لما حدث ذلك . وابحث على النت عن القلب الصناعى أو prosthetic heart تجد هذا وان كان فيه شيئ من التعمية خاصة من شركات أنفقت المليارات على الأبحاث ومازالت تأمل فى النجاح
أما نحن بفضل الله علينا نؤمن بكلام ربنا , لعلمنا أن روح القدس نزل على قلب الرسول بالقرآن فنعلم أن القلب كان موضع هذا الاتصال ونستنبط أن القلب هو موضع اتصال الروح بالبدن وتجربة القلب الصناعى الذى ذكرت قدمت دليلا قويا وفتحت مجالا أوسع للبحث " وهكذا نقرر أن العقل من الروح ويلزمه العلم الذى يقدمه الوعى والادراك بالحواس المعروفة
وندعو الباحثين لاثراء الموضوع حيث لازالت كثير من الأفكار تفتقد الا التأصيل مثل استعمال القلب والفؤاد فى القرآن , فقد دأبنا ودأبت معاجم اللغة على جعلهما مترادفين ولكن القرآن فرق بينهما "وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ان كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها " فالآية فرقت بين القلب والفؤاد
وكذلك اذا قررنا أن العقل من الروح فهل يجوز لنا أن نستخدم تعبير " علم الروح " قياسا على "علم النفس" المتعارف عليه بين الناس؟
 
المتتبع لاستعمال العقل فى القرآن يجده عمل وسيرورة أداء أو عمل وسلوك وليس مكان أو موضع يكون محل وعى أو فكر . ولذلك لانقول العقل فى القلب لأنه يفهم أن العقل عضو أو مكان بل نقول العقل من القلب أو القلب يعقل كما دلت آيات القرآن عليه .
" يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون "فهذه أعمال صدرت ممن تتحدث عنهم الآية ,سمع وعقلا ثم تحريفا على علم . " صم بكم عمى فهم لايعقلون "وهذه تحدد لوازم العقل . "وما يعقلها الا العالمون"فلا عقل الا بعلم فالعلم يسبق العقل ولابد منه وهذا يمثل الحد الفاصل بين عمل الدماغ وعمل القلب ولابد من معلوم حتى يعقل قبولا أو ردا. فالذى علم بعد أن شاهد وعاين وأحس وانتبه وادرك وعلم ثم خزن ماعلمه فى ذاكرته دون تبصر ودون تعقل ودون انتفاع به قد وصفه الله " مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا "
لابد من عقل ولابد للعقل من علم صحيح "والله أخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا "ولاتعقلون فلابد للعقل من علم " وجعل لكم السمع وا؟لأبصار والأفئدة "آلات لتحصيل العلم

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
جزاك الله خيراً ونفع بك
لكن على ماذا اعتمدت بارك الله بيك في قولك أن العقل ليس في القلب بل نقول العقل من القلب ؟
أقصد هل هناك نصوص اعتمدت عليها حضرتك؟
والرد على شبهة زراعة القلب لم تغير من الأمر شيئا ,نقول بل هى قدمت الدليل على أنه هناك شيئ فوق القلب المادى وزراعة قلب صناعى قدم دليلا آخر حيث حدث أن الذين زرع لهم قد تغيروا تماما وفقدوا الكلام والفهم وقد تكتمت الدوائر الطبية هذا حتى يدرسوا لما حدث ذلك . وابحث على النت عن القلب الصناعى أو prosthetic heart تجد هذا وان كان فيه شيئ من التعمية خاصة من شركات أنفقت المليارات على الأبحاث ومازالت تأمل فى النجاح
للرد على هذه الشبهة ، أنقل لك قول الشيخ الدكتور خالد السبت وقد وضعه احد الأخوة في ملتقى أهل الحديث:
قال الشيخ الدكتور خالد السبت :

الأمرالأول: وهو تحديد المراد بالقلب : والمقصود بهذا الاستفهام هو بيان العضو المسئول عن التأثر والاستجابة الشعورية، وعن المحل الذي يحصل به التعقل والتفكير والفهم، وعن المحل الذي يحصل به العقل والتدبر والإخبات والتوكل والثقة، وما إلى ذلك من الأمور التي نجدها في قلوبنا .. هل هو القلب الذي في الصدر أم هو الدماغ ؟؟

أقول: القلب له معنيان [ انظر:المقاييس في اللغة] :
المعنى الأول: وهو أن هذه اللفظة تدل على خالص الشيء وشريفه، فالشيء الخالص الشريف يقال له قلب.
والمعنى الآخر: يدل على رد شيء على شيء من جهة إلى جهة، كما أقلب هذه الحقيبة أقول قلبتها، وقلبت الثوب.. فهذا من معاني القلب .

والمقصود هنا: هو المعنى الأول، فقلب الإنسان وقلب غير الإنسان سمي بذلك لأنه أخلص شيء فيه وأرفعه؛ لأن الخالص من كل شئ والأشرف من كل شيء يقال له: قلب .. إذًا : المراد بالقلب هنا هو المعنى الأول من هذين المعنيين .
ولربما قيل له قلب لكثرة تقلبه، فهو كثير التقلب بالخواطر والواردات والأفكار والعقائد، ويتقلب على صاحبه في النيات والإرادات كثيراً، كما أنه كثير التقلب من حال إلى حال، يتقلب من هدى إلى ضلالة، ومن إيمان إلى كفر أو نفاق، ولهذا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: [ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ] رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد. وذلك لكثرة تقلب هذا القلب .. وكما أنه يقال له الفؤاد ربما لكثرة تفؤده أي كثرة توقده في الخواطر والإرادات والأفكار .. والإنسان قد يستطيع أن يصم أذنه فلا يسمع، وقد يستطيع أن يغمض عينه فلا يبصر، ولكنه لا يستطيع أن يمنع قلبه من الفكر في الواردات والخواطر، فهي تعرض له شاء صاحبه أم أبى .. ولهذا قيل له فؤاد: } إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا[36] { [سورة الإسراء].
ومـا سمى القـلب إلا مـن تقلبه والرأي يصرف بالإنسان أطواراً

وقد كثر الكلام في كتاب الله عز وجل، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم عن القلب،وهذا الحديث هل يراد به هذا العضو الصنوبري المعروف، أم أن المراد به الدماغ، أم أن المراد به معنى لطيفاً يتعلق بهذا العضو الصنوبري بحيث يقال:هو لطيفة ربانية لها بهذا القلب، وهو العضو الصنوبري الجسماني .. تعلق وثيق كما أن لها تعلقاً بالدماغ وبإشاراته الحسية والعصبية، وعلى نحو لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى .

وعقيدة أهل السنة والجماعة- وهو الذي دل عليه القرآن هو- أن العقول في الصدور، وليست في الأدمغة .. وأما الفلاسفة من القدماء وكما يقرره الأطباء في هذا العصر- إلا من رحم الله عز وجل- يقولون، ويقول الفلاسفة: إن العقل بالدماغ . وأما الذي عليه أهل السنة والجماعة هو أن العقل في القلب، وهو الذي دل عليه القرآن .
ومما يدل على ذلك حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ...] قَالَ أَنَسٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ. رواه مسلم وللبخاري نحوه .

فهذا واضح في الدلالة على أن المراد بالقلب هو القلب الذي في الصدر، فشق صدره فاستخرج قلبه، فأخرج منه تلك العلقة، وقال : [ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ]، فدل على أن الهدى والضلال يتعلق بهذا القلب الذي داخل الصدر، وهو هذا العضو الذي نعرفه جميعاً .

وقد ذكر جماعة من المفسرين هذه الحادثة حديث أنس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى:} أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ[1] {[سورة الشرح] . ففسروه بشق صدر النبي صلى الله عليه وسلم، واستخراج ذلك من قلبه .. وهذا الفعل الذي فعله جبريل عليه الصلاة والسلام يدل دلالة واضحة على أن هذا العضو في الإنسان به لطيفة غيبية تؤثر في أفعال الإنسان، فهذه العلقة التي استخرجها جبريل قد تكون حسية, مع أننا نعرف معنى العلقة وهي القطعة من الدم الجامد وهذا من الأمور الغيبية، والله عز وجل يقول:} فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[46] { [سورة الحج]. وما قال: ولكن تعمى القلوب التي في الأدمغة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [... أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ] رواه البخاري ومسلم. فقول النبي صلى الله عليه وسلم:[...مُضْغَةً...] نص في القلب الحسي اللحمي المعروف .. والمضغة هي القطعة من اللحم على قدر ما يمضغ ويقول الحافظ بن حجر رحمه الله في الفتح 1 / 211: ويستدل به- أي: الحديث- على أن العقل في القلب، والله عز وجل يقول:} أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا...[46] {[سورة الحج]. فجعل القلب محلاً للعقل. والنبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر التقوى أشار بيده صلى الله عليه وسلم إلى صدره كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا تَحَاسَدُوا- إلى أن قال- : التَّقْوَى هَاهُنَا- وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ...] رواه مسلم .. [التَّقْوَى هَاهُنَا] ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: [ التَّقْوَى هَاهُنَا] فيكون مشيراً إلى دماغه، كما يفعل كثير من الناس إذا أراد أن يشير إلى كمال عقله فإنه يشير إلى رأسه وهذا خطأ، الإشارة الصحيحة تكون بالإشارة إلى القلب الذي في الصدر؛ لأنه محل للعقل.

ومعلوم أن:' المرء بأصغريه'، وهما: قلبه ولسانه، ولا يقال: قلبه وعقله، أو يقال: لسانه وعقله، أو يقال: لسانه ودماغه، وإنما يقال: قلبه الذي هو محل للعقل .. أما الطب الحديث فهو لم يتوصل إلى حقيقة هذه القضية، ولن يتوصل إليها إطلاقاً لأنها من الأمور الغيبية .. ما الذي يؤثر على أعمال الإنسان المعنوية وإرادته، أين وكيف تقع أمور الخوف والرجاء والمحبة والرضا والسرور والانقباض وغير ذلك من الأمور كيف تقع للإنسان؟ لا يستطيع الطب أن يحدد ذلك، وإنما غاية ما يقرره الطب: أن المكان الذي يؤثر على الأفعال الحسية هو الدماغ، وهذا لا يمنع أن يكون للقلب تعلق بهذه الأمور، لكن الطب لم يتوصل إليها ومعلوم أن الطب يتعلق بالأمور التي يمكنه أن يصل إليها دون الأمور الغيبية؛ لأنه لا يطلع عليها إلا الله عز وجل.

ولما كانت حياة الإنسان الظاهرة متعلقة بالقلب والدماغ معاً على نحو ظاهر؛ فيمكن بذلك أن تتعلق إرادته وإحساساته بالقلب والدماغ معاً، فإن الإنسان لا يستطيع أن يعيش على نحو سوي إلا بسلامة قلبه ودماغه، فما المانع أن يكون بين قلبه ودماغه تعلق وثيق مؤثر على أفعاله وتصرفاته المعنوية وكذا ما نسميه بالأمراض القلبية والإحساسات والمشاعر الداخلية، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:' قِيلَ : إنَّ الْعَقْلَ فِي الدِّمَاغِ . كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَيَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : إنَّ أَصْلَ الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ فَإِذَا كَمُلَ انْتَهَى إلَى الدِّمَاغِ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الرُّوحَ الَّتِي هِيَ النَّفْسُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَهَذَا وَمَا يَتَّصِفُ مِنْ الْعَقْلِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا وَهَذَا لَكِنَّ مَبْدَأَ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فِي الدِّمَاغِ وَمَبْدَأَ الْإِرَادَةِ فِي الْقَلْبِ . وَالْعَقْلُ يُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ وَيُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ فَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ الِاخْتِيَارِيُّ أَصْلُهُ الْإِرَادَةُ وَأَصْلُ الْإِرَادَةِ فِي الْقَلْبِ وَالْمُرِيدُ لَا يَكُونُ مُرِيدًا إلَّا بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمُرَادِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ مُتَصَوِّرًا فَيَكُونُ مِنْهُ هَذَا وَهَذَا ' [الفتاوى 9 / 303 ] . ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:'الأفئدة هي العقول التي مركزها القلب على الصحيح وقيل الدماغ' [تفسير ابن كثير 4 / 508] .

فعلى كل حال: هذه الأدلة جميعاً تدل على أن محل الإرادات والخواطر وما يقع للإنسان من محبة وبغض ورضا وإنابة وما إلى ذلك أن محل ذلك جميعاً هو القلب .. وهذا القلب ليس ثمة مانع أن يكون له اتصال بالدماغ . الله عز وجل أعلم به ويدل على ذلك أن الإنسان إذا ضرب على دماغه لربما فقد عقله فهذا يدل على وجود نوع اتصال بينهما لكن ليس معنى ذلك أن محل العقل هو ذلك الدماغ فحسب، وإنما لهما اتصال، والقلب هو مستقر الإرادات، وهو محل هذه الأعمال التي نتحدث عنها.

بعد ذلك أقول: إذا كان القلب محل الإيمان والتقوى، أو الكفر والنفاق والشرك، وما إلى ذلك، فقد يسأل بعضكم: لو قطع قلب إنسان، ثم وضع له قلب إنسان كافر، فهل معنى ذلك أن هذا الإنسان سيتحول إلى عقيدة ذلك الكافر فيكون كافراً مثله ؟

الجواب: لا .. والطب الحديث له تجارب في ذلك لربما قطع قلب الإنسان مدة من الزمان ثم أعمل فيه محل هذا القلب مؤقتاً آلة تضخ الدم ريثما يوضع له قلب آخر وهذا شئ سمعته من بعض الأطباء المشتغلين بطب القلوب، وأيضاً جرب الأطباء استبدال القلب لربما نزعوا قلب رجل، ووضعوا فيه قلب رجل آخر فماذا كانت النتيجة ؟؟ قرأت في بعض التحقيقات والتقريرات الطبية في ذلك يقولون: إن الإنسان يعيش مدة محدودة ثم هو لا يكاد يتكلم ويتصرف ويعبر عن مكنوناته كما كان قبل ذلك، وإنما يغلب عليه لربما شئ من السكون والركود، ومن ثم لا يعرف كثيراً مدى التغير الذي حصل له بسبب تغير هذا القلب، والتأثر الذي ناله من صاحب ذلك القلب الذي نقل إليه، والذي أظنه- والله تعالى أعلم- هو أن الإنسان لا يتحول من الإيمان إلى الكفر، أو العكس، أو غير ذلك إذا نقل إليه قلب إنسان آخر، فلو جئنا بإنسان كافر ووضعنا له قلب إنسان مؤمن؛ فإن هذا الكافر إن قدر له أن يعيش ولو مدة محدودة، فإنه لا يتحول إلى إنسان مؤمن، وإنما يبقى على كفره، وتبقى له أرجاسه وأدناسه، وهكذا لو عكسنا القضية، ولكن لا يبعد أن يتأثر صاحبه بعض الأثر ,كيف لا والإنسان يتأثر بالمخالطة والنظر، ويتأثر بما يسمع، ويتأثر بالشم كما يتأثر بما يأكل، فأكل الحلال يؤثر بالإنسان كما يؤثر أكله الحرام في قلبه، كما أن اللغة أيضاً تؤثر في عقله وقلبه، ولذلك لما رأى الإمام أحمد رحمه الله ابنه عبد الله ترضعه جارية أخذه أخذة منها، ونزعه نزعاً شديداً ثم وضع أصبعه في فمه حتى استفرغ تلك الرضعة وقال لا آمن عليه من هذه الرضعة، ولما كبر عبد الله كان يعتريه شئ في بعض الأحيان، فكان الإمام أحمد يقول: 'لا آمن أن تكون من تلك الرضعة' . فلاحظ كيف تؤثر رضعة ! كيف تؤثر في هذا الإنسان، ولربما في سلوكه، وفي عقله، فكيف إذا نقل إليه قلب بكامله ؟!
هذا خلاصة ما أظنه في هذه المسألة التي طالما سأل الناس عنها، وهذا يدل على أن القضية ترتبط بهذا العضو الصنوبري، ولكنه ليس هو القلب وحده، وإنما يتعلق به أمر معنوي يتعلق به تعلقاً مباشراً، ولهذا قال بعضهم عن القلب: هو نور وضعه الله طبعاً، وغريزة يبصر به، ويعبر به، فهو نور في القلب كالنور في العين الذي هو البصر، فالعقل نور في القلب، والبصر نور في العين... هكذا قال بعض العلماء .[ انظر مفهوم العقل والقلب ص 266] .
وبغض النظر عن عبارة هذا القائل إلا أنه لاشك أن هذه القطعة يتعلق بها أمر معنوي، والدليل عليه هو الواقع الذي نشاهده .

لتحميل الكتاب ..
http://saaid.net/book/open.php?cat=82&book=1575
 
الأخت الفاضلة بارك الله فيك
لقد قصدت الصياغة اللغوية,لأا نقول العقل فىولكن قل من القلب حيث أن العقل ليس عضوا بل وظيفة
وكلامى ينصب على التسليم بعقيدة أهل السنة فى أنه من وظائف القلب
وأحاول تأصيل كيف يتم هذا من خلال المعطيات الآتية :
العضو الصنوبري فى الصدر -ربما - لا يكون بكامله هو المقصود حيث ثبت أن تغييره لايغير العقل والعواطف
النص يقول "مضغة اذا صلحت...... "والمضغة =قدر ما يمضغ ,اذن ليس العضو بكامله لأنه أكبر من ذلك
استبدال القلب الطبيعى بقلب صناعى أدى الى تغير كبير فى المتلقى
والسؤال :لماذا لم يتغير الشخص المتلقى لقلب من شخص آخر فى حين تغير المتلقى لقلب صناعى
اذن القلب الطبيعى فيه شيئ ليس فى الصناعى , اذن أنه ليس مجرد مضخة .فماذا عساه أن يكون فيه :قلت فى المداخلة أن آية"نزله روح القدس من ربك...." وآية"نزل به الروح الآمين على قلبك"اذن القلب فيه موضع اتصال الروح حيث أن أمين الوحى روح بل هو روح القدس ونزل على القلب

ولذلك فهذا الكلام صحيح:: "هذا خلاصة ما أظنه في هذه المسألة التي طالما سأل الناس عنها، وهذا يدل على أن القضية ترتبط بهذا العضو الصنوبري، ولكنه ليس هو القلب وحده، وإنما يتعلق به أمر معنوي يتعلق به تعلقاً مباشراً، ولهذا قال بعضهم عن القلب: هو نور وضعه الله طبعاً، وغريزة يبصر به، ويعبر به، فهو نور في القلب كالنور في العين الذي هو البصر، فالعقل نور في القلب، والبصر نور في العين... هكذا قال بعض العلماء .[ انظر مفهوم العقل والقلب ص 266] ."
ولكن نحاول فهم الكيفية والله أسأل الهدى والسداد
 
سلي هذا..

سلي هذا..

الأخت الكريمة السائلة علمت أن الدكتور خالد الجبير له بحث منذ مدة طويلة في هذه المسائل فلو سألتيه قد تجدين عنده مايمكن أن يفيدك...
 
الأخت الكريمة السائلة علمت أن الدكتور خالد الجبير له بحث منذ مدة طويلة في هذه المسائل فلو سألتيه قد تجدين عنده مايمكن أن يفيدك...
حياك الله أختي الكريمة
كيف يمكنني الوصول للدكتور خالد الجبير حفظه الله ؟
عندي بعض محاضراته فقط
 
إن كنت في الرياض فهوعندكم في الرياض والوصول إليه ميسور وفقك الله وأعانك...
 
إن كنت في الرياض فهوعندكم في الرياض والوصول إليه ميسور وفقك الله وأعانك...
للأسف لست من سكان الرياض
لا بأس .. سأجد طريقة للوصول إليه
شكراً جزيلاً أختي الكريمة
حماكِ الله
 
هناك رسالة علمية من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عنوانها: (القلب في القرآن الكريم) أو (حديث القرآن عن القلب) من إعداد الدكتور: عادل الجهني...
لعل الأخت السائلة تجد فيها بغيتها إن شاء الله، فقد قرأت فيها مواضع عديدة، ووجدت الباحث بذل جهدا طيبا في بحث وتأصيل المسألة.
 
هناك رسالة علمية من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عنوانها: (القلب في القرآن الكريم) أو (حديث القرآن عن القلب) من إعداد الدكتور: عادل الجهني...
لعل الأخت السائلة تجد فيها بغيتها إن شاء الله، فقد قرأت فيها مواضع عديدة، ووجدت الباحث بذل جهدا طيبا في بحث وتأصيل المسألة.
حسناً ..
الموضوع باختصار ، أريد كل ما يتعلق بموضوع القلب والعقل ، جمعت نقولات كثيرة بمساعدة الأخوة الفضلاء من الألوكة وملتقى أهل الحديث ومن هنا أيضاً لكن أحتاج أن أعرف أكثر حول هذه المسألة
هل هذه الرسالة مطبوعة ؟ وأين يمكنني الحصول عليها ؟
جزاك الله خيراً
 
لي مداخلتان على هذا الكلام :
وعقيدة أهل السنة والجماعة- وهو الذي دل عليه القرآن هو- أن العقول في الصدور، وليست في الأدمغة .. وأما الفلاسفة من القدماء وكما يقرره الأطباء في هذا العصر- إلا من رحم الله عز وجل- يقولون، ويقول الفلاسفة: إن العقل بالدماغ . وأما الذي عليه أهل السنة والجماعة هو أن العقل في القلب، وهو الذي دل عليه القرآن .
ومما يدل على ذلك حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ...] قَالَ أَنَسٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ. رواه مسلم وللبخاري نحوه .
فهذا واضح في الدلالة على أن المراد بالقلب هو القلب الذي في الصدر، فشق صدره فاستخرج قلبه، فأخرج منه تلك العلقة، وقال : [ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ]، فدل على أن الهدى والضلال يتعلق بهذا القلب الذي داخل الصدر، وهو هذا العضو الذي نعرفه جميعاً .
الأولى :
ربط الدليل وهو الحديث الشريف بالقضية المراد الاستدلال عليها به غير واضح عندي فالحديث الشريف واضح الدلالة على أن الذي شق منه صلى الله عليه وسلم هو " القلب " وأن الذي أخذ منه صلوات الله وسلامه عليه هو " علقة " وليس في الحديث الشريف ذكر " العقل "ألبتة ، أم يا ترى هل يجوز لنا أن نقول :إن الملك لما شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم أخذ عقله ؟؟؟
الثانية :
لما ذا نجعل الاختلاف في المسألة هو اختلاف أو خلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الفلاسفة والأطباء ؟ أليس في الجانبين من يقول بقول الآخر ؟؟؟
وآمل التكرم بالتمعن في كلام الشيخ الإمام ابن عثيمين رحمه الله ففيه التصوير الحقيقي للخلاف وطرفيه كالتالي :
1-قال رحمه الله :
"
قال بعض الناس في القلب وقال بعض الناس ‏:‏ في الدماغ، وكل منهم له دليل،
فانظرإلى قوله " الناس " وقوله رحمه الله :"وكل منهم له دليل "
فالشيخ لم يجعل الخلاف لأهل السنة والجماعة مع غيرهم ، وإلا لو كان ذلك كذلك - حسب ما أفهم من منهج الشيخ رحمه الله لشار إليه للتحذير منه ولبيان خطورة وضلال ذلك ، ولكنه عبر ب " الناس " ومعلوم أن هذه العبارة عند العلماء الكبار لا يقصد بها العوام وإنما يقصد بها من ينتسب للعلم ، وأيضاً لاحظت أن الشيخ رحمه الله صرح بأن لكلا القولين دليلاً ، بغض النظر عن عدم صحة أحد الدليلين وهو ما سيشير إليه رحمه الله بعد قليل .
الثانية : الشيخ رحمه الله قال :
ولكن بعض أهل العلم قال‏:‏ إن العقل في القلب ولا يمكن أن نحيد عما قال الله عز وجل لأن الله تعالى وهو الخالق وهو أعلم بمخلوقه
ويفهم من كلامه أن بعض أهل العلم قال قولاً آخر ، ولم يقل عنهم الشيخ إنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة .
خلاصة القول :
يجب أن لا " نقحم " مذهب أهل السنة والجماعة في كل مسألة ، ولا أن نصور كل مسألة اجتهادية مختلف فيها بين قول أهل السنة وغيرهم ؟؟؟؟؟.
الخلاف الحقيقي بين أهل السنة والجماعة وبين الفلاسفة في " العقل " ليس من منظور هذه الجزئية وليس في " محل " العقل " بل هو في شيء أخطر من ذلك وأعظم ، يعرفه من عرف نظرية " العقل " في الفلسفة " تعالى الله عما يقول الفلاسفة وأذنابهم علواً كبيراً .
والله من وراء القصد .
 
الكلام في هذه المسألة وأمثالها مما يتعلق بجوانب لا سبيل إلى الوصول إلى معرفتها والوصول إليها لاستئثار الله بمعرفتها - (قل الروح من أمر ربي) - يكتنفه كثير من الفرضيات والغموض والإغراب الذي لا دليل قاطعاً عليه .
فالعقل والروح والقلب وحقيقة المقصود بها فيه مجال واسع للنظر والافتراض ، ولكن الجزم بقول دون آخر فيه مجازفة لاحتمال الأدلة .
وأذكر أنني اشتريت كتاباً عام 1413هـ بعنوان (النظرية الروحية) للدكتور راتب السمان ، أطال فيه الحديث عن حقيقة الروح ، وأنه وصل إلى أنها ليست (وهماً أو خيالاً أو صورة عقلية أو وصفاً ، بل هي شيء محدد له وجود مادي من نوع خاص ، وله تركيب وبنية محددة ، وله وظيفة وعمل محدد ، إن هذا الشيء هو شيء مختلف عن المادة والطاقة المعروفة ، وهو كنه أو مكونة ثالثة أخرى إضافية للمادة والطاقة ، وهذا الشيء هو الذي يقوم بالوظائف النفسية للكائنات الحية المختلفة ، من إدراك ووعي وتفكير ومتعة ، وتعلم وذاكرة ، وسلوك حركي وانفعالي ، وهو يسكن ضمن أو حول الكائنات التي تتمتع بالمظاهر النفسية السابقة (بعضها أو كلها) ويتشارك معها العمل والوظيفة بشكل محدد ، بحيث إن الكائنات المختلفة تقوم بوظيفة الاستقبال والإرسال من وإلى الروح ، وتقوم الروح بوظيفة وعي وخزن المعلومات والتفاعل معها وتحليلها وبناء وتركيب شكل الاستجابة اللازمة) .
وأذكر أنه شبه ذلك بجهاز الحاسب الآلي ، وأن الروح هي وحدة المعالجة المركزية التي يختصرونها بـ C P U . وأطال في الاستدلال والحديث ، وقد ناقش هذه المسألة من وجهة نظر عدد من التخصصات العلمية هي :
علم النفس ، وعلم النفس الحيوي ، والفيزيولوجيا العصبية ، وعلم الأعصاب السريري ، والجراحة العصبية ، وعلم الأمراض النفسية ، والفيزياء.
وقد كتب على الغلاف الداخلي لكتابه :
(إذا لم تكن لديك القدرة أو الوقت الكافي لقراءة هذه النظرية فالرجاء عدم انتقادها لأنه من الخطأ إبداء رأيك فيما لا تعرف عنه شيئاً) .
وأنا من هؤلاء فلم أقرأ الكتاب كاملاً ، ولذلك أدع الحكم عليه لمن فعل ذلك . ونسال الله أن يهدينا دوماً للعلم النافع في الدنيا والآخرة .
 
عودة
أعلى